سنّة الخلفاء الرّاشدين هي طريقتهم الموافقة لسنّة رسول الله صلي الله عليه وسلم.
بسم الله الرّحمن الرّحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي سيّد المرسلين نبيّنا محمّدٍ وعلي آله وصحبه أجمعين:
أمّا بعد: فقد كثر الكلام في هذه الأيّام فهم قول النّبيّ صلي الله عليه وسلم ( عليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الرّاشدين) وهل للخليفة الرّاشد سنّة مستقلة عن سنّة رسول الله صلي الله عليه وسلم ؟ علماً بأنّ السنّة وحيٌ من الله سبحانه وتعالي فأردت أن أنقل بعض كلام أهل العلم القائلين بأنّ سنّة الخلفاء الرّاشدين هي طريقتهم الموافقة لسنّة رسول الله صلي الله عليه وسلم وليس لهم سنّة مستقلة ومخالفة لسنّة رسول الله صلي الله عليه وسلم.
قال الإمام الصنعانيّ رحمه الله تعالى:( فإنه ليس المراد بسنة الخلفاء الراشدين إلا طريقتهم الموافقة لطريقته صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم من جهاد الأعداء وتقوية شعائر الدين ونحوها، فإن الحديث عام لكل خليفة راشد لا يخص الشيخين، ومعلوم من قواعد الشريعة أن ليس لخليفة راشد أن يشرع طريقة غير ما كان عليها النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم ثم عمر رضي الله عنه نفسه الخليفة الراشد سمي ما رآه من تجميع صلاته ليالي رمضان بدعة ولم يقل: إنها سنة فتأمل على أن الصحابة رضي الله عنهم خالفوا الشيخين في مواضع ومسائل، فدل أنه لم يحملوا الحديث على أن ما قالوه وفعلوه حُجَّة، وقد حقق البرماوي الكلام في شرح ألفيته في أصول الفقه مع أنه قال: إنما الحديث الأول يدل أنه إذا اتفق الخلفاء الأربعة على قول كان حُجَّة لا إذا انفرد واحد منهم. والتّحقيق أن الاقتداء ليس هو التقليد بل هو غيره كما حققناه في شرح نظم الكافل في بحث الإجماع.)
ففي كلام الإمام الصنعانيّ أمورٌ :
الأول: المراد بسنّة الخلفاء الرّاشدين طريقتهم الموافقة لطريقة رسول الله صلي الله عليه وسلم.
الثّاني: أنّ الحديث عامّ في الشيخين أبي بكرٍ وعمر وكلّ خليفة راشدٍ.
الثّالث: من قواعد الشريعة أن ليس لخليفة راشد أن يشرع طريقة غير ما كان عليها النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وسلم.
الرّابع: البرماويّ قال: إنما الحديث الأول يدل أنه إذا اتفق الخلفاء الأربعة على قول كان حُجَّة لا إذا انفرد واحد منهم وكذا صوّب الإمام الوادعيّ وقال به تلميذه الشيح يحيى حفظه الله فلا معني ولا قيمة لكلام مجاهيل سحاب والجاهل الذي يكرّر أخطأ الإمام الوادعيّ من أنت حتي تتطاول علي الجبال ؟!!
قال الإمام صالح بن محمد العمريّ الفلانيّ (وقال يحيى بن آدم لا تحتاج مع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قول أحد وإنما يقال سنة النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما ليعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم مات وهو عليها
أقول: وعلى هذا ينبغي أن يحمل حديث عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي فلا يبقى فيه إشكال في العطف فليس للخلفاء سنة تتبع إلا ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم
وعن مجاهد ليس أحد إلا يؤخذ من قوله ويترك من قوله إلا النبي صلى الله عليه وسلم وروي معناه عن الشعبي). ايقاظ همم أولي الأبصار ص77
وللإمام الشوكانيّ رحمه الله كلام عظيم يبيّن فيه أنّ الحجّة هي كتاب الله وسنّة رسوله صلي الله عليه وسلم وليس في كلام أحدٍ من المخلوق سوى رسول الله حجّة علي الخلق .
قال رحمه الله تعالي وهو يتكلم عن قول الصحابي هل هو حجّة أم لا؟ :
( والحق: أنّه ليس بحجّة فإنّ الله سبحانه لم يبعث إلى هذه الأمة إلا نبيّنا محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وليس لنا إلّا رسول واحد، وكتاب واحد، وجميع الأمة مأمورة باتّباع كتابه، وسنة نبيّه، ولا فرق بين الصحابة وبين من بعدهم، في ذلك، فكلهم مكلفون بالتكاليف الشرعيّة، وباتباع الكتاب والسنة، فمن قال: إنها تقوم الحجة في دين الله عز وجل بغير كتاب الله، وسنة رسوله، وما يرجع إليهما، فقد قال في دين الله بما لم يثبت، وأثبت في هذه الشريعة الإسلامية شرعا لم يأمر الله به، وهذا أمر عظيم، وتَقَوُلٌ بالغ فإنّ الحكم لفرد أو أفراد ٍمن عباد الله بأنّ قوله، أو أقوالهم حجّة على المسلمين يجب عليهم العمل بها وتصير شرعاً ثابتاً متقرراً تعم به البلوى، مما لا يدان الله عز وجل به، ولا يحل لمسلم الركون إليه، ولا العمل عليه،
فإنّ هذا المقام لم يكن إلا لرسل الله، الذين أرسلهم بالشرائع إلى عباده لا لغيرهم، وإن بلغ في العلم والدين و عظم المنزلة أيّ مبلغ، ولا شك أنّ مقام الصّحبة مقام عظيم، ولكن ذلك في الفضيلة، وارتفاع الدّرجة، وعظمة الشّأن، وهذا مسلّم لا شكّ فيه، ولهذا صار مدّ أحدهم لا تبلغ إليه من غيرهم الصدقة بأمثال الجبال، ولا تلازم بين هذا وبين جعل كل واحد منهم بمنزلة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حجية قوله، وإلزام الناس باتباعه، فإن ذلك مما لم يأذن الله به، ولا ثبت عنه فيه حرف واحد.
وأما ما تمسك به بعض القائلين بحجية قول الصحابي، مما روي عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال:" أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم" فهذا لم يثبت قط، والكلام فيه معروف عند أهل هذا الشأن، بحيث لا يصح العمل بمثله في أدنى حكم من أحكام الشرع، فكيف مثل هذا الأمر العظيم والخطب الجليل، على أنه لو ثبت
من وجه صحيح لكان معناه أن مزيد عملهم بهذه الشريعة المطّهرة، الثابتة من الكتاب والسنة، وحرصهم على اتباعها، ومشيهم في طريقتها، يقتضي أنّ اقتداء الغير بهم في العمل بها، واتباعها هداية كاملة؛ لأنه لو قيل لأحدهم لِمَ قلت كذا أو لِمَ فعلت كذا، لَمْ يعجز من إبراز الحجة من الكتاب والسنة، ولَمْ يتلعثم في بيان ذلك.
وعلى مثل هذا الحمل يحمل ما صح عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من قوله: " اقتدوا باللذين من بعدي؛ أبي بكر وعمر وما صح عنه من قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين الهادين"
فاعرف هذا، واحرص عليه، فإن الله لم يجعل إليك وإلى سائر هذه الأمة رسولا إلا محمدا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم يأمرك باتباع غيره، ولا شرع لك على لسان سواه من أمته حرفا واحدا ولا جعل شيئًا من الحجة عليك في قول غيره، كائنا من كان.)2/997
تحقيق سام بن العربي _دار الفضيلة.
فهذا كلام عظيم النفع فتدبره وفّق الله للخير.
فيا لله العجب هل الإمام الشوكانيّ رافضيّ يطعن الصحابة والخلفاء الرّاشدين ؟
أم تقولون أخطأ الإمام الشّوكانيّ ومن وافقه يطعن في عثمان والخلفاء الرّاشدين والصّحابة أجمعين نعوذ بالله من سوء القصد مع سوء الفهم .
قال الطوفيّ (المسألة «التاسعة: اتفاق الخلفاء الأربعة» بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم مع مخالفة غيرهم لهم «ليس إجماعاً، وكذا» اتفاق الشيخين «أبي بكر وعمر، وأولى» ، أي: إذا لم يكن اتفاق الأربعة إجماعاً، فقول اثنين منهم أولى أن لا يكون إجماعا ودليل ذلك ما سبق من أن العصمة تثبت لمجموع الأمة، وهؤلاء بعضها.
قوله: «والخلاف عن أحمد فيهما يفيد أنه حجة» يعني أن أحمد - رحمه الله - نقل عنه الخلاف في المسألتين، فقيل عنه انعقاد الإجماع باتفاق الأربعة، وباتفاق الشيخين فقط، وهو قول القاضي أبي حازم في اتفاق الأربعة، ويلزمه القول بذلك في الشيخين أيضاً.
وحجة هذا القول قوله - صلى الله عليه وسلم - : «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ» ، وقوله - صلى الله عليه وسلم - : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر ، ولو لم تقم الحجة بقولهم، لما أمرنا باتباعهم.
والجواب: أن سنة الخلفاء الراشدين إن كانت هي سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فلا اختصاص لهم بها، وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودينه دل على اعتبار قول جميع الأمة لا بعضها، وإن كانت غير سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
لم تعتبر، فكان الإجماع الذي دل عليه الدليل السمعي أولى بالاتباع، وإن سلمنا اعتبار سنتهم، فإما أن لا تعتبر سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع سنتهم، أو تعتبر معها، فإن لم تعتبر، لزم استقلال سنتهم بالصواب، مع مخالفتها سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وهو باطل بإجماع. وإن اعتبرت معها سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، لم تستقل سنتهم بإصابة الحق، لأن ما اعتبر له سببان، أو علق على سببين، لم يحصل بأحدهما.).ا.ه شرح مختصر الرّوضة 3/99
فهذا الطوفيّ ينقل الإجماع على عدم استقلال سنّة الخلفاء الرّاشدين وأنّها إذا خالفت سنّة رسول الله لاتكون صوابا ومن قال بصوابها فقوله باطل !!
فهل هو يطعن في الصحابة ما لكم كيف تحكمون؟
قال صاحب تحفة الأحوذي(قلت: ليس المراد بسنة الخلفاء الراشدين إلا طريقتهم الموافقة لطريقته صلى الله عليه و سلم قال القارىء في المرقاة : فعليكم بسنتي أي بطريقتي الثابتة عني واجبا أو مندوبا وسنة الخلفاء الراشدين فإنهم لم يعملوا إلا بسنتي فالإضافة إليهم إما لعملهم بها أو لاستنباطهم واختيارهم إياها انتهى كلام القارى
ثم قال بعد أن نقل كلام الصنعاني المتقدم(فإذا عرفت أنه ليس المراد بسنة الخلفاء الراشدين إلا طريقتهم الموافقة لطريقته صلى الله عليه و سلم لاح لك أن الاستدلال على كون الأذان الثالث الذي هو من مجتهدات عثمان رضي الله عنه أمرا مسنونا ليس بتام ألا ترى أن بن عمر رضي الله عنه قال الأذان الأول يوم الجمعة بدعة
فلو كان هذا الاستدلال تاما وكان الأذان الثالث أمرا مسنونا لم يطلق عليه لفظ البدعة لا على سبيل الإنكار ولا على سبيل غير الإنكار فإن الأمر المسنون لا يجوز أن يطلق عليه لفظ البدعة بأي معنى كان فتفكر)ا.ه
فهل نقول لهؤلاء الأعلام إنّهم يطعنون في الخلفاء الرّاشدين وأنّهم روافض أو خوارج
فما هذه الأحكام القاسيّة وما المراد منها .
ومن بين هؤلاء ثلاثة من أعلام اليمن الميمون الصنعانيّ والشوكانيّ والوادعيّ ووافقهم شيخنا الحجوريّ وهو رابعهم وبلديّهم وأكثرهم يصحّحون أثر ابن عمر رضي الله عنه ويحملونه علي البدعة الشرعية ولا يستلزم ذلك تبديع الخليفة الرّاشد كما ذكره الإمام الوادعيّ فهل هم طاعنون كلهم لعثمان رضي الله عنه ظالمون له وأنتم تنصرونه !!
فندائي لأهل السنّة في كلّ مكان قاطبة ولأهل السنّة في اليمن خاصة أن يدافعوا
عن أئمتهم من هؤلاء الغلاة الحدّاديّة الذين يطعنون ويلمزون في هؤلاء الأئمة تارة بالتكفير وأنّهم يطعنون الصحابة وتارة بالتبديع وتارة أن أخطأوا.
فقد بدأت الجرأة في الكلام علي الإمام الوادعيّ فالله الله في الذبّ عن هذا الإمام .
والله المستعان.
بسم الله الرّحمن الرّحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي سيّد المرسلين نبيّنا محمّدٍ وعلي آله وصحبه أجمعين:
أمّا بعد: فقد كثر الكلام في هذه الأيّام فهم قول النّبيّ صلي الله عليه وسلم ( عليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الرّاشدين) وهل للخليفة الرّاشد سنّة مستقلة عن سنّة رسول الله صلي الله عليه وسلم ؟ علماً بأنّ السنّة وحيٌ من الله سبحانه وتعالي فأردت أن أنقل بعض كلام أهل العلم القائلين بأنّ سنّة الخلفاء الرّاشدين هي طريقتهم الموافقة لسنّة رسول الله صلي الله عليه وسلم وليس لهم سنّة مستقلة ومخالفة لسنّة رسول الله صلي الله عليه وسلم.
قال الإمام الصنعانيّ رحمه الله تعالى:( فإنه ليس المراد بسنة الخلفاء الراشدين إلا طريقتهم الموافقة لطريقته صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم من جهاد الأعداء وتقوية شعائر الدين ونحوها، فإن الحديث عام لكل خليفة راشد لا يخص الشيخين، ومعلوم من قواعد الشريعة أن ليس لخليفة راشد أن يشرع طريقة غير ما كان عليها النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم ثم عمر رضي الله عنه نفسه الخليفة الراشد سمي ما رآه من تجميع صلاته ليالي رمضان بدعة ولم يقل: إنها سنة فتأمل على أن الصحابة رضي الله عنهم خالفوا الشيخين في مواضع ومسائل، فدل أنه لم يحملوا الحديث على أن ما قالوه وفعلوه حُجَّة، وقد حقق البرماوي الكلام في شرح ألفيته في أصول الفقه مع أنه قال: إنما الحديث الأول يدل أنه إذا اتفق الخلفاء الأربعة على قول كان حُجَّة لا إذا انفرد واحد منهم. والتّحقيق أن الاقتداء ليس هو التقليد بل هو غيره كما حققناه في شرح نظم الكافل في بحث الإجماع.)
ففي كلام الإمام الصنعانيّ أمورٌ :
الأول: المراد بسنّة الخلفاء الرّاشدين طريقتهم الموافقة لطريقة رسول الله صلي الله عليه وسلم.
الثّاني: أنّ الحديث عامّ في الشيخين أبي بكرٍ وعمر وكلّ خليفة راشدٍ.
الثّالث: من قواعد الشريعة أن ليس لخليفة راشد أن يشرع طريقة غير ما كان عليها النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وسلم.
الرّابع: البرماويّ قال: إنما الحديث الأول يدل أنه إذا اتفق الخلفاء الأربعة على قول كان حُجَّة لا إذا انفرد واحد منهم وكذا صوّب الإمام الوادعيّ وقال به تلميذه الشيح يحيى حفظه الله فلا معني ولا قيمة لكلام مجاهيل سحاب والجاهل الذي يكرّر أخطأ الإمام الوادعيّ من أنت حتي تتطاول علي الجبال ؟!!
قال الإمام صالح بن محمد العمريّ الفلانيّ (وقال يحيى بن آدم لا تحتاج مع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قول أحد وإنما يقال سنة النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما ليعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم مات وهو عليها
أقول: وعلى هذا ينبغي أن يحمل حديث عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي فلا يبقى فيه إشكال في العطف فليس للخلفاء سنة تتبع إلا ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم
وعن مجاهد ليس أحد إلا يؤخذ من قوله ويترك من قوله إلا النبي صلى الله عليه وسلم وروي معناه عن الشعبي). ايقاظ همم أولي الأبصار ص77
وللإمام الشوكانيّ رحمه الله كلام عظيم يبيّن فيه أنّ الحجّة هي كتاب الله وسنّة رسوله صلي الله عليه وسلم وليس في كلام أحدٍ من المخلوق سوى رسول الله حجّة علي الخلق .
قال رحمه الله تعالي وهو يتكلم عن قول الصحابي هل هو حجّة أم لا؟ :
( والحق: أنّه ليس بحجّة فإنّ الله سبحانه لم يبعث إلى هذه الأمة إلا نبيّنا محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وليس لنا إلّا رسول واحد، وكتاب واحد، وجميع الأمة مأمورة باتّباع كتابه، وسنة نبيّه، ولا فرق بين الصحابة وبين من بعدهم، في ذلك، فكلهم مكلفون بالتكاليف الشرعيّة، وباتباع الكتاب والسنة، فمن قال: إنها تقوم الحجة في دين الله عز وجل بغير كتاب الله، وسنة رسوله، وما يرجع إليهما، فقد قال في دين الله بما لم يثبت، وأثبت في هذه الشريعة الإسلامية شرعا لم يأمر الله به، وهذا أمر عظيم، وتَقَوُلٌ بالغ فإنّ الحكم لفرد أو أفراد ٍمن عباد الله بأنّ قوله، أو أقوالهم حجّة على المسلمين يجب عليهم العمل بها وتصير شرعاً ثابتاً متقرراً تعم به البلوى، مما لا يدان الله عز وجل به، ولا يحل لمسلم الركون إليه، ولا العمل عليه،
فإنّ هذا المقام لم يكن إلا لرسل الله، الذين أرسلهم بالشرائع إلى عباده لا لغيرهم، وإن بلغ في العلم والدين و عظم المنزلة أيّ مبلغ، ولا شك أنّ مقام الصّحبة مقام عظيم، ولكن ذلك في الفضيلة، وارتفاع الدّرجة، وعظمة الشّأن، وهذا مسلّم لا شكّ فيه، ولهذا صار مدّ أحدهم لا تبلغ إليه من غيرهم الصدقة بأمثال الجبال، ولا تلازم بين هذا وبين جعل كل واحد منهم بمنزلة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حجية قوله، وإلزام الناس باتباعه، فإن ذلك مما لم يأذن الله به، ولا ثبت عنه فيه حرف واحد.
وأما ما تمسك به بعض القائلين بحجية قول الصحابي، مما روي عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال:" أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم" فهذا لم يثبت قط، والكلام فيه معروف عند أهل هذا الشأن، بحيث لا يصح العمل بمثله في أدنى حكم من أحكام الشرع، فكيف مثل هذا الأمر العظيم والخطب الجليل، على أنه لو ثبت
من وجه صحيح لكان معناه أن مزيد عملهم بهذه الشريعة المطّهرة، الثابتة من الكتاب والسنة، وحرصهم على اتباعها، ومشيهم في طريقتها، يقتضي أنّ اقتداء الغير بهم في العمل بها، واتباعها هداية كاملة؛ لأنه لو قيل لأحدهم لِمَ قلت كذا أو لِمَ فعلت كذا، لَمْ يعجز من إبراز الحجة من الكتاب والسنة، ولَمْ يتلعثم في بيان ذلك.
وعلى مثل هذا الحمل يحمل ما صح عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من قوله: " اقتدوا باللذين من بعدي؛ أبي بكر وعمر وما صح عنه من قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين الهادين"
فاعرف هذا، واحرص عليه، فإن الله لم يجعل إليك وإلى سائر هذه الأمة رسولا إلا محمدا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم يأمرك باتباع غيره، ولا شرع لك على لسان سواه من أمته حرفا واحدا ولا جعل شيئًا من الحجة عليك في قول غيره، كائنا من كان.)2/997
تحقيق سام بن العربي _دار الفضيلة.
فهذا كلام عظيم النفع فتدبره وفّق الله للخير.
فيا لله العجب هل الإمام الشوكانيّ رافضيّ يطعن الصحابة والخلفاء الرّاشدين ؟
أم تقولون أخطأ الإمام الشّوكانيّ ومن وافقه يطعن في عثمان والخلفاء الرّاشدين والصّحابة أجمعين نعوذ بالله من سوء القصد مع سوء الفهم .
قال الطوفيّ (المسألة «التاسعة: اتفاق الخلفاء الأربعة» بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم مع مخالفة غيرهم لهم «ليس إجماعاً، وكذا» اتفاق الشيخين «أبي بكر وعمر، وأولى» ، أي: إذا لم يكن اتفاق الأربعة إجماعاً، فقول اثنين منهم أولى أن لا يكون إجماعا ودليل ذلك ما سبق من أن العصمة تثبت لمجموع الأمة، وهؤلاء بعضها.
قوله: «والخلاف عن أحمد فيهما يفيد أنه حجة» يعني أن أحمد - رحمه الله - نقل عنه الخلاف في المسألتين، فقيل عنه انعقاد الإجماع باتفاق الأربعة، وباتفاق الشيخين فقط، وهو قول القاضي أبي حازم في اتفاق الأربعة، ويلزمه القول بذلك في الشيخين أيضاً.
وحجة هذا القول قوله - صلى الله عليه وسلم - : «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ» ، وقوله - صلى الله عليه وسلم - : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر ، ولو لم تقم الحجة بقولهم، لما أمرنا باتباعهم.
والجواب: أن سنة الخلفاء الراشدين إن كانت هي سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فلا اختصاص لهم بها، وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودينه دل على اعتبار قول جميع الأمة لا بعضها، وإن كانت غير سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
لم تعتبر، فكان الإجماع الذي دل عليه الدليل السمعي أولى بالاتباع، وإن سلمنا اعتبار سنتهم، فإما أن لا تعتبر سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع سنتهم، أو تعتبر معها، فإن لم تعتبر، لزم استقلال سنتهم بالصواب، مع مخالفتها سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وهو باطل بإجماع. وإن اعتبرت معها سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، لم تستقل سنتهم بإصابة الحق، لأن ما اعتبر له سببان، أو علق على سببين، لم يحصل بأحدهما.).ا.ه شرح مختصر الرّوضة 3/99
فهذا الطوفيّ ينقل الإجماع على عدم استقلال سنّة الخلفاء الرّاشدين وأنّها إذا خالفت سنّة رسول الله لاتكون صوابا ومن قال بصوابها فقوله باطل !!
فهل هو يطعن في الصحابة ما لكم كيف تحكمون؟
قال صاحب تحفة الأحوذي(قلت: ليس المراد بسنة الخلفاء الراشدين إلا طريقتهم الموافقة لطريقته صلى الله عليه و سلم قال القارىء في المرقاة : فعليكم بسنتي أي بطريقتي الثابتة عني واجبا أو مندوبا وسنة الخلفاء الراشدين فإنهم لم يعملوا إلا بسنتي فالإضافة إليهم إما لعملهم بها أو لاستنباطهم واختيارهم إياها انتهى كلام القارى
ثم قال بعد أن نقل كلام الصنعاني المتقدم(فإذا عرفت أنه ليس المراد بسنة الخلفاء الراشدين إلا طريقتهم الموافقة لطريقته صلى الله عليه و سلم لاح لك أن الاستدلال على كون الأذان الثالث الذي هو من مجتهدات عثمان رضي الله عنه أمرا مسنونا ليس بتام ألا ترى أن بن عمر رضي الله عنه قال الأذان الأول يوم الجمعة بدعة
فلو كان هذا الاستدلال تاما وكان الأذان الثالث أمرا مسنونا لم يطلق عليه لفظ البدعة لا على سبيل الإنكار ولا على سبيل غير الإنكار فإن الأمر المسنون لا يجوز أن يطلق عليه لفظ البدعة بأي معنى كان فتفكر)ا.ه
فهل نقول لهؤلاء الأعلام إنّهم يطعنون في الخلفاء الرّاشدين وأنّهم روافض أو خوارج
فما هذه الأحكام القاسيّة وما المراد منها .
ومن بين هؤلاء ثلاثة من أعلام اليمن الميمون الصنعانيّ والشوكانيّ والوادعيّ ووافقهم شيخنا الحجوريّ وهو رابعهم وبلديّهم وأكثرهم يصحّحون أثر ابن عمر رضي الله عنه ويحملونه علي البدعة الشرعية ولا يستلزم ذلك تبديع الخليفة الرّاشد كما ذكره الإمام الوادعيّ فهل هم طاعنون كلهم لعثمان رضي الله عنه ظالمون له وأنتم تنصرونه !!
فندائي لأهل السنّة في كلّ مكان قاطبة ولأهل السنّة في اليمن خاصة أن يدافعوا
عن أئمتهم من هؤلاء الغلاة الحدّاديّة الذين يطعنون ويلمزون في هؤلاء الأئمة تارة بالتكفير وأنّهم يطعنون الصحابة وتارة بالتبديع وتارة أن أخطأوا.
فقد بدأت الجرأة في الكلام علي الإمام الوادعيّ فالله الله في الذبّ عن هذا الإمام .
والله المستعان.
تعليق