الانتصار على الاختصار
وما في بيان محمد الملقب الإمام
من بغيٍ وأضرار
وما في بيان محمد الملقب الإمام
من بغيٍ وأضرار
أبو مالك فيصل بن يحيى بن مرشدالغولي البعداني
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله القائل : { يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ } [الصف:2-3 ]
والقائل : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَئَانُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } [ المائدة : 8 ]
وصلى الله وسلم على نبينا محمد القائل :( لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ) .
أما بعد :
قال العلامة ابن القيم في الفوائد صـ74 : اجتنب من يعادي أهل الكتاب والسنة لئلا يعديك خسرانه.
وقد ذكر ابن عساكر في تاريخ دمشق ج8صـ15: أن عقبة قال كنت عند أرطأة بن المنذر فقال بعض أهل المجلس : ما تقولون في الرجل يجالس أهل السنة ويخالطهم ؛ فإذا ذكر أهل البدع قال : دعونا من ذكرهم لا تذكروهم فقال أرطأة : هو منهم لا يلبس عليكم أمرة ؛ قال : فأنكرت ذلك من قول أرطأة ؛ فقدمت على الأوزاعي وكان كشافاً لهذه الأشياء إذا بلغته ؛ فقال صدق أرطأة , والقول ما قال هذا ينهى عن ذكرهم ومتى يحذروا إذا لم يشد بذكرهم .
قلت : السكوت والتضجر على أصحاب الأهواء علامة واضحة على وجود مرض خفي في الداخل.
وقد قال أبو بكر ابن عياش لما سئل عن السني من هو قال : السني الذي إذا ذكرت عنده الأهواء لم يغضب . فالواجب علينا قول الحق فالحق أحب إلينا من الرجال .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله في الفتاوى : من لم يقبل الحق ابتلاه الله بقبول الباطل . والله جل وعلا يقول :{بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ}[الأنبياء:18]. والله عز وجل يقول : { وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ...}[الكهف:29].
وإن من الباطل ما نراه ونسمعه من محمد الملقب بالإمام ومن المشايخ! الذين يزعمون أنهم يحرصون على الدعوة السلفية ؛ مع أن الواقع غير ذلك ؛ فالدعوة السلفية تقوم على تصفية وتربية, وتقوم أيضاً على التميز .
والدعوة السلفية تقوم على الإنصاف وعدم البغي لأنها دعوة رحمة للصغير والكبير وللحاكم والمحكوم .
والدعوة السلفية تقوم على التعاون والتناصر على الحق , ودفع الباغي بالحجة والبيان , وبالسيف والسنان ؛ لا كما نراه من محمد الملقب بالإمام ؛ ففي مركزه النطيحة والمتردية من الإخوان المسلمين , ومن أصحاب الجمعيات , ومن أصحاب أبي الحسن ؛ بل كل مطرود من دماج تراه مهرولاً إلى معبر , وإلى مفرق حبيش ؛ وهذا الفعل يدل على عدم التصفية والتربية .
وأيضاً ما نراه من البغي على إخوانهم في دماج فتارة يهرف الوصابي بما لا يعرف ؛ فإن سكت الوصابي؛ انتعش البرعي , وإن سكت الوصابي والبرعي ؛ شنشن الإمام وجاء بالغرائب والعجائب ؛ فتارة يؤصل أصولاً خلفية , وتارة يترجم ترجمة غير مرضية ولا سوية , وإن سكت هؤلاء ؛ تحرك البرامكة الذين هم كالخفافيش يتحركون في ظلام الليل ؛ وهم يتحركون تحت تلك الأسماء المستعارة ؛ وما أشبه فعلهم بأصحاب تنظيم القاعدة الذين لا يعرف لهم اسماً ولا نسباً إلا كنية مجهولة , فإن سكت البرامكة تحرك الدكاترة الذين لا نعرف ولا يعرف لهم في بلادنا اليمنية جهدٌ علمي في نشر سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحسبنا الله ونعم الوكيل .
وقد كتب الإمام محمد بن يحيى الذهلي إلى الإمام أبي زرعة الرازي فقال : اصبر فإن للباطل جولة ثم يضمحل .
ونحن نقول لشيخنا خليفة الإمام الوادعي ولإخواننا في دماج , ولأهل السنة كافة اصبروا وأقبلوا على العلم والدعوة ؛ فإن للباطل صولة وجولة ثم يضمحل ؛ وقد صال وجال الإخوان المسلمون وأفراخهم من أصحاب الجمعيات كما صال وجال أبو الحسن ثم اضمحلوا جميعاً وبقية قلعة الإسلام دار الحديث بدماج شامخة أمام هؤلاء وأمام بغي الرافضة , وما جاءت فتنة إلا رفع الله من شأنها , ومن شأن أصحابها .
وقد قرأت كلاماً لمحمد الملقب بالإمام في بيانه المسمى بـ : ((الاختصار لما في دعوة الحجوري من أضرار)) ؛ فرأيت فيه من التحامل ومن البغي ومن تقليب الحقائق ومن التمويه ما لا يليق بمثله مع ما نعرفه عنه من العبادة والزهد ؛ لكن من شؤم المعصية أنها تطفئ نور البصيرة ؛ فكان لزاماً علينا أن ننصر محمد الملقب بالإمام ببيان وتوضيح ما وقع فيه , وأن ننصر شيخنا يحيى بن علي الحجوري لأنه مظلومٌ ومبغيٌ عليه تقرباً إلى الله ثم براً بتلك الدار المباركة ؛ ثم بشيخنا مقبل رحمه الله، وبياننا هو نصحاً لمحمد الإمام لا تشفياً ولا انتقاماً والله من وراء القصد وإلى مفاد الرسالة.
وإليك أيها المنصف مقتطفات من كلام الشيخ الإمام مع بيان وجه الصواب :
قال محمد الملقب بالإمام: ( وقد جعل المشايخ المذكورون هذه الوصية نصب أعينهم فكلما حصلت فتنة بين أهل السنة في اليمن بذلوا جهودهم في حلها ) .
قلت : هذا الكلام غير صحيح فالمشايخ لم يضعوا هذه الوصية نصب أعينهم .
دليل ذلك - أولاً : أن شيخنا مقبل رحمه الله قال : وأوصيهم بالشيخ الفاضل يحيى بن علي الحجوري خيراً وأن لا يرضوا بنزوله عن الكرسي فهو ناصحٌ أمين .
وقد حصل أن الوصابي وغيره أرادوا أن يسحب الشيخ يحيى من على الكرسي , وأيضاً أنتم مقرون لمن يطعن فيه من اصحاب أبي الحسن مثل نعمان الوتر وغيره .
ثانياً : وقوله : ( فكلما حصلت فتنة بين أهل السنة في اليمن بذلوا جهودهم في حلها )
قلت : قد قال أبو الحسن بعد موت شيخنا مقبل : ذهب زمن الخوف . فكنتم أعوناً له فمنكم من كان يقول : أبو الحسن سني وإلى ذمتي . وهذا قولك يا شيخ محمد .
وقال البرعي : الذين يطعنون في أبي الحسن لا يستطيعون أن يدرسوا كتبه .
بل قد سطر البرعي ملزمة كاملة بعنوان : ( النصيحة والبيان ) وقال فيها في صــ4 : والانتقادات على أبي الحسن ليست نصيحة ولا رغبة في هدايته أو رجوعه إلى الحق ولكنها كانت لإحراق سمعة أبي الحسن بل لإخراجه عن أهل السنة .
وقال في صــ6 : وتتميماً لما مضى في بيان عدم الإنصاف وأن نصح أبي الحسن ليس مراداً لذاته ما رأيناه ولا نزال إلى الآن من أن طريقة النصح ليست شرعية لأنها تسلك مسلك التشهير والحرص على إحراق سمعة المنصوص ؛ لا أن يتوب إلى الله أو يرجع إليه ويزداد الأمر سوءاً إعجاب بعض المشايخ بهذا الأسلوب .
وقال في صــ10 : نعم الحي لا تؤمن عليه الفتنة إلا أننا لم نجد أبا الحسن مائلاً عن منهج أهل السنة ولا راغباً في سواه من المناهج المنحرفة .
قلت : في المقابل كانت لكم كلمات مقذعة في الشيخ يحيى وأنه وحده وأنه ....
وكنتم تطلبون من بعض الأشخاص أن يرد عليه كما صرح بذلك نعمان الوتر في ملزمة له بعنوان : ( إعلان النكير على ما جاء به البرعي من تنفير ) وهذا قول واضح يبين ما كنتم عليه .
فيا ترى هل هذه جهود لحل المشكلة أم لتوسيع دائرة الخلاف .
علماً أن أصحاب براءة الذمة تعصبوا لأبي الحسن بسبب جعجعتكم وعدم فصلكم في القضية وكيف تفصلون وأنتم لا تعرفون ما هي القواعد التي جاء بها أبو الحسن بل قد قال عبدالله بن عثمان الذماري : لقد وقعنا على أوراق ولم ندري على ماذا وقعنا !!! كما أخبرني بذلك الشيخ عدنان المصقري .
وبعد هذه الملزمة بأيام يخرج بيان المشايخ وأن أبا الحسن ليس من أهل السنة وأنه غير أمين وأن الشيخ مقبل رحمه الله أخبر بعضهم ؛ أنه يخشى على الدعوة من أبي الحسن , وأن أبا الحسن حزبي وإلى ذمة محمد الإمام .
وقوله : ( ومنذ سبع سنين تقريباً ظهر الخلاف بين الشيخ يحيى الحجوري والشيخ عبدالرحمن فبادر المشايخ وهم الشيخ محمد بن عبدالوهاب والشيخ البرعي والشيخ الصوملي والشيخ الذماري والشيخ الإمام إلى الإصلاح , فحصل الاجتماع في دار الحديث بدماج – حرسها الله وجمعنا بين الشيخين الحجوري والعدني وسمعنا من الطرفين وكان الصلح على أن الشيخ عبدالرحمن يوقف التسجيل في الفيوش لأمور رآها المشايخ وطلبوا من الشيخ يحيى سحب ما أنزله من كلام في الشيخ عبدالرحمن وطعن وتحزيب له فحصل أن الشيخ عبدالرحمن وقف التسجيل ولم يحصل من الشيخ يحيى سحب ما أنزله من الكلام عليه كما طلب المشايخ من الشيخ عبدالرحمن أن يعتذر للشيخ يحيى فلم يحصل الاعتذار في ذلك الوقت ) .
قلت : قرر الإمام في هذا الكلام أن الخلاف حصل مما قام به عبدالرحمن العدني من تسجيل لبعض الطلاب في دار الحديث بدماج ولا يخفى على إخواني أن هذا التسجيل هو بعينه ما يفعله الإخوان المسلمون من التكتيل قبل التثقيف .
وقد قال الشيخ العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني كما في شريط سلسلة الهدى والنور رقم (609 ) : منهج الإخوان المسلمين الآن ؛ هذا المنهج كما قلت لكم ءانفا قائم على أساس التكتيل , ثم التقصيص , ثم لا شيء من هذا التقصيص والواقع أكبر دليل على ذلك فاذا ما قامت طائفة كبيرة أو صغيرة من السلفيين حقا يتبنون نظام الإخوان المسلمين فى الدعوة فمصير ذلك ولابد ( ولتعلمن نبأه بعد حين ) أحد شيئين لا ثالث لهما :
إما أن يرجعوا رغم أنوفهم إلى أحضان الدعوة السلفية وذلك خير لهم وأبقى وأما أن يضيعوا هذا التراث الذى حصلوه فى تلك السنين بسبب انشغالهم بتطبيق منهج الإخوان المسلمين وهو التجميع والتكتيل.
وقال في شريط رقم ( 805 ) : وأنا أعرف بتجربتى الخاصة أن الإخوان المسلمين بِكَوْنِ دعوتهم دعوة عامة ليست مفصلة وليست على منهج السلف الصالح تجد الإخوان المسلمين فى بلد غير الإخوان المسلمين فى بلد آخر هم مسلمون إخوانيون لكن فقههم وعقيدتهم مختلفة جداً ؛ الإخوان لا ينهجون منهجا في تبنى الإسلام كلياً وإنما يَدْعون من يلتفون حولهم دعوة عامة وعلى قاعدة بدت لي تتلخص في : ( كتِّل ثم ثقِّف ).
قلت : وهذا ما حصل من عبدالرحمن فقبل بناء المسجد قام بتسجيل أسماء الطلاب في دماج إلى الفيوش .
فمن حق الشيخ يحيى النصح له ولأعوانه الذين كانوا يكتلون ويسجلون بل وصل بهم الحال إلى السخرية بالشيخ يحيى وبدروسه , ويسميه بعضهم بأسماء قبيحة , ومنهم من كان يحذر أيضاً من الدروس التي يلقيها الناصح الأمين .
وقوله : ( وطلبوا من الشيخ يحيى سحب ما أنزله من كلام وطعن وتحزيب له فحصل أن الشيخ عبدالرحمن وقف التسجيل ولم يحصل من الشيخ يحيى سحب ما أنزله من الكلام عليه ) .
قلت : يا للعجب منك يا شيخ محمد ما هذا التدهور والتلفيق في تلكم الفترة كان الشيخ يحيى مع عبدالرحمن مناصحاً له ولو قال لك قائل أذكر ملزمة واحدة تنص على حزبية عبدالرحمن في ذلك الوقت لكنت عاجزاً .
ولا يسعني في هذا المقام إلا أن أقول بقول ابن قتيبة – رحمه الله في مختلف الحديث صـ42 : (ومن أيقن أنه مسؤول عما ألف وعما كتب لم يعمل الشيء وضده ولم يستفرغ مجهوده في تثبيت الباطل عنده وأنشدني الرياشي:
ولا تكتب بخطــك غــير شيء .... يســرك في القيــامــة أن تراه.
يا شيخ محمد الحذر الحذر من رد الحق فقد قال ابن القيم في مفتاح دار السعادة صــ99 : ولهذا قيل من عرض عليه حق فرده فلم يقبله عوقب بفساد قلبه وعقله ورأيه .
يا شيخ محمد : عبدالرحمن العدني أحقر من أن تعصي الله من أجله وتقحم نفسك في باطل , وأنت ممن لا يخفى عليه قول النبي الله عليه وسلم :( من خاصم في باطل لم يزل في سخط الله ) وأيضاً قوله عليه الصلاة والسلام : ( انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً )
وقوله : ( كما طلب المشايخ من الشيخ عبدالرحمن أن يعتذر للشيخ يحيى فلم يحصل الاعتذار في ذلك الوقت ).
قلت :هذا الكلام في هذا الموطن غير صحيح لأن الواجب على عبدالرحمن التوبة والرجوع عما أحدثه من تكتيل وفتنة .
وقولك : ( فلم يحصل الاعتذار في ذلك الوقت ) يدل على أنه معاند غير نادم وهذا يدل أيضاً على فساد رأيه لأنه يأنف من الرجوع إلى الحق بعد ما تبين له وجه الصواب من الشيخ يحيى ثم منكم .
قال الربيع بن سليمان سمعت الشافعي يقول : ( ما أوردت الحق والحجة على أحد فقبلهما مني إلا هبته واعتقدت مودته ولا كابرني على الحق أحد ودافع الحجة إلا سقط من عيني ) .
وإذا كان في مجلسكم لم يعتذر فكيف تجزم بأنه وقف التسجيل وما هذه الثقة العمياء بعبد الرحمن أنه وقف التسجيل ؛ يا شيخ محمد أين الإنصاف ؟.
قال العلامة ابن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين ح3 /94 :
والله تعالى يحب الإنصاف بل هو أفضل حلية يتحلى بها الرجل خصوصاً من نصّب نفسه حكماً بين الأقوال والمذاهب وقد قال الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم : { فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ } [ الشورى : 15 ] فورثة الرسول صلى الله عليه وسلم منصبهم العدل بين الطوائف وأن لا يميل أحدهم مع قريبه وذي مذهبه وطائفته ومتبوعه بل يكون الحق مطلوبه يسير بسيره وينزل بنزوله يدين بدين العدل والإنصاف ويحكّم الحجة وما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه فهو العلم الذي شمّر إليه ومطلوبه الذي يحوم بطلبه عليه لا يثني عنانه عنه عدل عادل ولا تأخذه فيه لومة لائم ولا يصده عنه قول قائل ...) .
يا شيخ محمد : ذكر الذهبي في الميزان ح1/111 في ترجمة أحمد ابن عبد الله الحافظ أبو نعيم الأصبهاني فقال أحد الأعلام : ( صدوق تُكلم فيه بلا حجة , ولكن هذه عقوبة من الله لكلامه في ابن مندة بهوى ... ) .
وقال : قرأت بخط يوسف بن أحمد الشيرازي الحافظ , رأيت بخط ابن طاهر المقدسي يقول : أسخن الله عين أبي نعيم يتكلم في أبي عبد الله بن مندة وقد أجمع الناس على إمامته وسكت عن لاحق وقد أجمع الناس على أنه كذاب .
فيا شيخ محمد : أنتم تقولون عبد الرحمن العدني عنده بكرية جديدة وتقولون عنده أخطاء وتقول لي عبدالرحمن متحسن حاله ثم نجد منكم المجازفة وعدم الصدق في نقل الحقائق والدفاع عنه فيا سبحان الله .
وقوله : ( وبعد مدة من متابعة المشايخ لقضية الخلاف المذكور وإصرار الشيخ يحيى على تحزيب الشيخ عبد الرحمن رأوا أن يستدعوا الشيخ عبد الرحمن العدني للجلوس معه والنظر فيما ينسب إليه من الحزبية ...) .
قلت : كان هذا في عام 1428هـ وحال المشايخ في هذا كما قال القائل :
يحـللـــون بزعمـهــم عقـــــداً ..... وبالـذي وضعـــوه زادت العـقد
بل هم كما قال القائل :
أوردها سعـدٌ وسعـدٌ مشتمـــل ..... مـا هكـــذا يا سعــد تــورد الأبل
معلوم أن الشيخ قد قرر سابقاً أن عبدالرحمن قام بالتسجيل في دماج وأيضاً لم يعتذر عما حصل من فتنة بين الطلاب وهجر بل قد أخبرني الأخ الفاضل مرتضى العدني أن بعض أصحاب عبدالرحمن العدني كان يقول : ما نريد مشايخ بالجنبية ,ومع هذا نجد الشيخ محمد ينسب الإصرار للشيخ يحيى حفظه الله علماً أن الشيخ محمد ليس خبيراً بأفعال الحزبيين , فمن زمن قديم وهذا حاله وتأمل معي كيف كان موقفه من الإخوان المسلمين كان شيخنا مقبل يحذر منهم ومن دعوتهم وهو يحاضر عندهم هو وزوجته أم عبد الرحمن ولم يترك التعاون معهم إلا بعد أن تكلم عليه شيخنا مقبل رحمه الله .
وانظر إلى موقفه من أصحاب جمعية الحكمة فمعلوم أنهم كانوا حرباً على شيخنا بل كان بعضهم يطعن في شيخنا وفي الدار إلى حد يصل إلى البذاءة ولم يترك الشيخ محمد التعاون معهم إلا بعد أن قال الشيخ مقبل محمد الإمام لا يطلب عنده العلم فخرج من مركزه إلى دماج وإلى مأرب نيفاً وعشرين طالباً مع عوائلهم وكنت ممن خرج إلى دماج وبعد شهر من نزوح الطلاب من معبر أخرج الشيخ محمد ورقةً عنوانها : ( بداية الانحراف ) وتكلم على جمعية الحكمة والله المستعان .
ثم جاءت فتنة أبي الحسن فكان من المشايخ عجائب وغرائب وحصل أن الشيخ محمد كان يقول : أبو الحسن سني وإلى ذمتي . ولم يتراجع المشايخ إلا بعد أن زفر عليهم الشيخ ربيع فقالوا : أبو الحسن مبتدع .
ثم جاءت فتنة عبدالرحمن العدني فقال محمد الإمام : هذه بكرية جديدة .
وقال الصوملي : عبدالرحمن يريد أن يحرش بيني وبين المشايخ وقال أنا ضده وضد من يتكلم في دماج . وقال أيضاً : عبدالرحمن مدبر .
وقال الشيخ عبدالله بن عثمان الذماري : نحن لا نثني عليه ولا نذهب إليه ولا نستدعيه . وقال أيضاً : عبدالرحمن مخطئ .
وقال البرعي : الشيخ يحيى موجع ولم يتكلم إلا من شيء .
ومع ما قاله المشايخ في عبدالرحمن إلا أنهم يريدون من الشيخ السكوت ولم يقتصر الأمر على هذا بل حصل منهم التقعيد والتأصيل والمفاصلة من أجل عبدالرحمن فيا سبحان الله .
وقوله : ( رأوا ان يستدعوا الشيخ عبدالرحمن للجلوس معه والنظر فيما ينسب إليه من الحزبية )
قلت : من علم حجة على من لم يعلم , ورحم الله محدث الديار الشامية الإمام الألباني فقد ذكر في سلسلة الأحاديث الضعيفة 7/283 فقد ذكر أن الحافظ الجورقي قال عقب الحديث : فإنك ستعلم حينئذ مبلغ تعصب ابن التركماني في قوله تحت هذا الأثر في الجوهر النقي : ( وإن ضعفوا هذا الأثر من أجل أبي حنيفة فهو وإن تكلم فيه بعضهم فقد وثقه كثيرون وأخرج له ابن حبان في صحيحه واستشهد به الحاكم في المستدرك , ومثله في دينه وورعه وعلمه لا يقدح فيه كلام أولئك ( قلت : هذا تعطيل لعلم الجرح تعصباً للإمام ) فإن الجرح لا ينظر فيه إلى دين المجروح وورعه وعلمه ... ومن التعصب وقلب الحقائق أنه أشار إلى تقليل عدد المتكلمين فيه بقول بعضهم وكثرة الموثقين والحقيقة على العكس من ذلك تماماً ...الخ
قلت : هذا هو ما حصل في هذا الوقت كان الشيخ وغيره من مشايخ دار الحديث قد حكموا على عبدالرحمن بالحزبية , وخرجت حجج وبراهين على ذلك لكن كان المشايخ في وادٍ وتلك الحجج والبراهين في وادٍ وليت الأمر يقف عند ذلك بل بعد نزول البيان يتصل محمد بن عبدالوهاب بالشيخ يحيى ويقول : ( إنا والمشايخ ضدك ) فيا للعجب وبعد هذا يقول الشيخ محمد فأبى الشيخ يحيى إلا نقض الاتفاق والرد على البيان مما جعل الخلاف يشتد أكثر .
قلت : الذي جعل الخلاف يشتد أمور :
أولاً : إصرار عبدالرحمن على ما هو عليه .
ثانياً : تهديد محمد بن عبدالوهاب الوصابي .
ثالثاً : تجاهل المشايخ للردود العلمية واحتقار المخالف لهم واحتقار ما معه من علم وحجة .
وقوله : ( فتحمل المشايخ ما حصل من الشيخ يحيى ) .
قلت : هذا ليس بصحيح بل الشيخ هو الذي تحمل ما حصل من محمد بن عبدالوهاب ومن المشايخ من تهديد ووعيد .
وقوله : ( وبعد مدة ذهبنا للحج ؛ الشيخ يحيى والشيخ محمد بن عبدالوهاب والشيخ الذماري والبرعي والصوملي والإمام ولم يحج الشيخ عبدالرحمن ذلك العام فتواعدنا على أن نلتقي جميعاً عند والدنا الشيخ ربيع – حفظه الله فالتقينا عنده فقال الشيخ ربيع للشيخ يحيى : يا شيخ يحيى عبدالرحمن ما عنده حزبية نحن نعرف الرجل وقد زكاه شيخه الوادعي واختاره أن يكون من المشايخ الذين يرجع إليهم عند الفتن وكلاماً نحو هذا ثم وجه الشيخ ربيع كلاماً إلى المشايخ الحاضرين وقال ترون أن عبدالرحمن حزبي ؟ فالمشايخ قالوا : ما نرى عنده حزبية فقام الشيخ ربيع مع موافقة المشايخ له وطلب من الشيخ يحيى أن يتراجع عن كلامه في الحكم عليه بالحزبية).
قلت : في هذا الكلام أمور أولاً : قوله وبعد مدة هي في نفس العام 1428هـ .
ثانياً : قوله ذهبنا للحج ؛ الشيخ يحيى والشيخ محمد بن عبدالوهاب ...
هذا القول منك يدل على عدم الضبط وعدم نقل الحقائق والتكثر بالرجال لأن محمد بن عبدالوهاب في ذلك الوقت كان يقول في الشيخ ربيع وغيره جواسيس فلم يحضر معكم , ولو صدر هذا القول من شيخنا يحيى بن علي الحجوري لقلتم علامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر , لكن لما كان هذا القول من محمد بن عبدالوهاب لم نسمع منكم حساً ولا خبراً ؛ مع أن الإنصاف أن يعامل الناس معاملة واحدة , والتفريق بين الصغير والكبير من فعل اليهود لا من فعل من يخاف الله والدار الآخرة .
وقوله : ( فقال الشيخ ربيع للشيخ يحيى : يا شيخ يحيى عبدالرحمن ما عنده حزبية نحن نعرف الرجل وقد زكاه شيخه الوادعي واختاره أن يكون من المشايخ الذين يرجع إليهم عند الفتن).
قلت : هذا ليس بدليل على عدم حزبية عبدالرحمن وكون الرجل معروفاً عند الشيخ ربيع وقد زكاه شيخنا ؛ لأن أبا الحسن قد كان معروفاً عند الشيخ ربيع وزكاه شيخنا مقبل , واختاره من المشايخ الذين يرجع إليهم عند الفتن وما نفعه هذا أبداً .
إذاً العبرة بالحجة والبيان ومختصر البيان كافي لتحزيب عبدالرحمن وأهل الدار أعلم بما فيها ومن علم كان حجة على من لا يعلم .
وقوله : ( ثم وجه الشيخ ربيع كلاماً إلى المشايخ الحاضرين وقال ترون أن عبدالرحمن حزبي ؟ فالمشايخ قالوا : ما نرى عنده حزبية ) .
قلت : الحزبي ليس له قرون يعرف بها لكن له أعمال يعرف بها ؛ مثل التكتيل قبل التثقيف والولاء والبراء والوقيعة في الدار وفي شيخها خليفة الإمام الوادعي , والمشايخ لهم تخبطات مع الإخوان المسلمين ومع الجمعيات ومع أبي الحسن ؛ فكيف سيعرفون ما عند عبدالرحمن .
وإذا كان المشايخ لم يعرفوا ما عند الحوثيين من زيغٍ وإلحاد مع ما أحدثوه وقالوه فكيف بعبدالرحمن ويا ليت المشايخ سكتوا يوم أن كان أهل السنة يعانون من فراق أبنائهم وإخوانهم ويألمون لجراحهم وهم يخذلون ويؤصلون تلك القواعد التي فرح بها كل حزبي مريض .
حقيقة المشايخ لا يعرفون دائماً من أين تأكل الكتف , وإن جاءت الفتن ترى لهم مواقف عجيبة من تلكم المواقف :
لما تكلم أبو الحسن على المجمل والمفصل ذهب بعض أصحاب براءة الذمة إلى معبر من أجل أن يقنعهم الشيخ محمد الإمام والمشايخ حول هذه القاعدة ؛ لكن كانت المفأجاة أن الشيخ محمد الإمام قال يا توفيق نريد أن تبحث لنا هذه القاعدة !!!
وقوله : (وطلب من الشيخ يحيى أن يتراجع عن كلامه في الحكم عليه بالحزبية ) .
قلت : كيف يطلب من الشيخ يحيى أن يتراجع عن كلامه في الحكم عليه بالحزبية وعبدالرحمن لم يفعل شيء من التوبة والندم وإصلاح ما أفسده في دماج من فرقة وهجر كما قرر الشيخ محمد الإمام في اختصاره حيث قال : ( وطلب منا أننا إذا رجعنا إلى اليمن أن نستدعي عبدالرحمن ونطلب منه أن ينزل بياناً على أنه يبرأ إلى الله ممن يطعن في دماج وأنه لا يرضى بمن يطعن في الشيخ يحيى )
ففي الكلام المتقدم تعرف أيها القارئ أن الوضع قد وصل إلى الطعن في دماج وكذلك في الشيخ يحيى وقد حصل الهجر والتنافر والتدابر والتحذير ومع هذا لم يرفع المشايخ لهذه الأفعال رأساً .
فيا ترى بعد هذه الأفعال هل جعل المشايخ وصية الإمام الوادعي نصب أعينهم من أجل المحافظة على الدار, أم تركوا الحبل على الغالب ؟.
وقوله : ( فقبل الشيخ يحيى هذا الكلام في ذلك الوقت ) .
قلت : الشيخ يحيى يقول أنا سكت , والساكت لا ينسب له قول ولا رضا , وقد قال عليه أفضل الصلاة والسلام : ( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده , فإن لم يستطع فبلسانه , فإن لم يستطع فبقلبه ) .
وقوله : ( فوافق الشيخ عبدالرحمن على إنزال بيان حسب ما طلب منه الشيخ ربيع والمشايخ فما كان من الشيخ يحيى إلا أن نقضه بشريطين تكلم فيهما على المشايخ الذين نفذوا ما طلبه الشيخ ربيع وذكرهم بما ذكرهم من الطعن ) .
قلت : رحم الله الإمام الشوكاني فقد قال في كتاب أداب الطلب ج1ص118 : من الأسباب المانعة من الإنصاف ما يقع من المنافسة بين المتقاربين في الفضائل أو في الرئاسة أو الدنيوية فإنه إذا نفخ الشيطان في أنفهما وترقت المنافسة بلغت إلى حد يحمل كل واحد منهما على أن يرد ما جاء به الآخر إذا تمكن من ذلك وإن كان صحيحاً جارياً على منهج الصواب , وقد رأينا وسمعنا من هذا القبيل عجائب صنع فيها جماعة من أهل العلم صنيع أهل الطاغوت وردوا ما جاء به بعضهم من الحق وقابلوه بالجدال الباطل والمراء القاتل .
قلت : وهذا هو الحاصل فكل ما جاء الشيخ يحيى بدليل أو بشيء قابله المشايخ بالجدال الباطل والمراء القاتل , ولو قلنا يا شيخ محمد سمي لنا اسم هذه الأشرطة لما وجد إلى ذلك سبيل لكنه البغي والتلفيق كل ذلك من أجل من؟ .
يا شيخ محمد قد أصبحت كثير الوهم، والمعصية لها ظلمة وتطفئ نور القلب ؛ الشيخ يحيى لم يخرج شريطين وإنما أخرج مذكرة بعنوان : (التبيهات المفيدة على بيان المشايخ حفظهم الله في الحديدة ) .
من المؤسف أن محمد بن عبدالوهاب يحرض طلاب العلم وأصحاب البلاد في دماج على الشيخ يحيى مع علم الشيخ محمد الإمام بذلك ؛ لكن كانت أفعال محمد بن عبدالوهاب عند الإمام في خبر كان , ولم ينظر ولا ينظر ولا يسمع إلا إلى ما يصدر من خليفة الإمام الوادعي , فالذرة في نظر الشيخ محمد الإمام إن صدرت من شيخنا يحيى جبل والجبل إن صدر من محمد بن عبدالوهاب ومن عبدالرحمن ومن عبيد ومن البرامكة ذرة أو أقل من ذرة ؛ فيا سبحان الله .
وقوله : ( وفي هذا الوقت كان قد وقع الخلاف بين الشيخ محمد بن عبدالوهاب وبين الشيخ يحيى وبين الشيخ عبيد الجابري وبين الشيخ يحيى ) .
قلت : كل هذا بسبب تعصب محمد بن عبدالوهاب وعبيد لعبدالرحمن العدني .
وقوله : ( والمشايخ في اليمن سعوا في الصلح بين الشيخ يحيى وبين هؤلاء ) .
قلت : ( يا شيخ محمد قد اجتمعتم في معبر وأخرجتم بياناً واتصل الوصابي بالشيخ يحيى وقال : أنا والمشايخ ضدك , فكيف أنتم ساعون في الصلح ومحمد بن عبدالوهاب قد أصبح خصماً وهو بنظركم الوالد ؛ ثم هناك أمر آخر وهو أنكم عجزتم عن إقناع عبدالرحمن على الاعتذار عما أحدثه في دماج فكيف ستستطيعون إقناع الوصابي وعبيد ؛ ثم ما هذا التوافق بين الوصابي والمشايخ وعبيد ؟
ألم يكن الوصابي يقول في عبيد الجابري: جاسوس . وكان المشايخ غير راغبين عند أن اتصل بهم سالم بامحرز يستأذنهم في إخراج عبيد من أجل إقامة دورة علمية على حد زعمه عند عبدالله مرعي فكان الإمام والبرعي والوصابي والصوملي غير راغبين في خروجه وبعد أن أخرجه ذهب به إلى دماج وأكرمه الشيخ يحيى وأجلسه مع الطلاب كنتم غير راغبين في حضوره وبعد أن تغير وجاء بمعضلاته وهناته قام المشايخ معه وأصبحوا يحتجون به ويألمون عليه ويجعلونه طرفاً في النزاع فالله المستعان .
وقوله : ( وبعد نزول هذا البيان دعى الشيخ يحيى ومن معه إلى المفاصلة ) .
قلت : سبحانك هذا بهتانٌ عظيم الشيخ يحيى يحرص على جمع الكلمة , وعلى صغار طلبة العلم قبل كبارهم وواقع الحال أن الذي دعى إلى المفاصلة هو أنتم ؛ برهان ذلك كتاب الإبانة بما فيه من قواعد حزبية وإصرار الإمام على ما في هذا الكتاب من باطل .
وقبل الكتاب كان إخواننا يدعونكم إلى مساجدهم من أجل إقامة المحاضرات وكنت أنت على رأس من يدعوه إخواننا لكن لما حاضرت في مسجد الإمام الوادعي في تعز وأخبرك بعض أصحابك أن بعض الطلاب وزعوا منشورات فيها كلام على عبدالرحمن أو على الوصابي امتنعت عن إجابة أي شخص يدعوك كما أخبرتني بذلك عند أن دعوتني إلى معبر فقلت لك يا شيخ أنتم تقولون نحن محكمون والمحكم إذا كان محكماً لا بد أن ينزل عند الطرفين فقلت : لا كيف يوزع منشورات بحضورنا فقلت لك : وأصحاب عبدالرحمن يوزعون منشورات فيها طعن في الشيخ يحيى .
وقوله : ( فبدأت المفاصـلة واشتدت في المحافظــات الجنوبيـة , والمشـايخ يوصـون بالصبر, وبالمحافظة على الدعوة والأخوة ولا يرون المفاصلة أبداً وصاحب هذه المفاصلة تحذير الشيخ يحيى من حضور محاضرات المشايخ المذكورين آنفاً والتحذير من استدعائهم وكانت المفاصلة هذه سنة 1429هـ ) .
قلت : تقدم أن المشايخ هم الذين تركوا الحضور والاستجابة حتى لا يستغل حضورهم في نشر الملازم كما صرح لي الشيخ الإمام بذلك بحضور الأستاذ عارف الخولاني والأخ محمد الزبيدي والأستاذ حسن بن غانم وآخرون فلماذا يقول بعد ذلك والمشايخ لا يرون المفاصلة .
وهناك أمر آخر وهو أن لنا في المدن والقرى مساجد معروفة كان المشايخ يحاضرون بها وهي مرتبطة بدماج ومؤيدة لتحزيب عبدالرحمن فقام المشايخ بأمور :
أولاً : بإخراج من لم يأخذ بقولهم من المسجد إن استطاعوا كما حدث في صنعاء وغيرها من المدن.
ثانياً : اتخاذ مساجد أخرى مناوئة للمساجد الموجودة في المدن أو في القرى .
ثالثاً : إرسال طلاب علم من معبر أو غيره يناوئون إخواننا المتواجدون في بعض المساجد .
وقوله : ( وفي عام 1430هـ حج الشيخ البرعي والذماري والإمام وجلسوا مع الشيخ ربيع وطلبوا منه أن يطالب أصحاب شبكة الوحيين بسحب الكلام على الشيخ يحيى فكلمهم فأغلقوها مدة على مضض لأنهم قالوا أنتم تأمرون طرفاً بالإغلاق ولا تأمروا الطرف الآخر ومراد المشايخ تخفيف الخلاف ولكن دون جدوى ثم أعادوها بعد بضعة أشهر بحجة أن الطرف الآخر – يحيى ومن معه لم يتوقفوا ) .
قلت : معلوم أن أصحاب هذه الشبكة أغلبهم مجاهيل لا نعرف لهم أسماء إلى يومنا هذا ؛ ثم في هذا الكلام حجة كافية على أن المجهولين على صلة بالشيخ ربيع .
ثم من الذي جمعهم في ذلك الوقت وهل يصح الاحتجاج بأقوالهم .
قال ابن الصلاح في علوم الحديث صـ111 بعد أن تكلم على أقسام المجهول :
مجهول العدالة من حيث الظاهر والباطن جميعاً روايته غير مقبولة عند الجماهير .
وقال الشيخ الألباني في تمام المنة صـ281 في ترجمة أمية : هذا مجهول اتفاقاً فعاد الحديث إلى أنه عن مجهول ولا حجة في رواية المجهول عند المحدثين .
وقال الشوكاني في ارشاد الفحول صـ148 بعد أن ساق كلام العلماء على المجهول : والحق أنها لا تقبل رواية مجهول العين ولا مجهول الحال لأن حصول الظن بالمروي لا يكون إلا إذا كان الراوي عدلاً وقد دلت الأدلة من الكتاب والسنة على المنع من العمل بالظن كقوله سبحانه :{ إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً }[ يونس : 36 ] وقوله :{ وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ }[ الإسراء : 17 ] وقد قام الإجماع على قبول رواية العدل فكان كالمخصص لذلك العموم فبقي من ليس بعدل داخل تحت العمومات وأيضاً قد تقرر عدم قبول رواية الفاسق ومجهول العين أو الحال يحتمل أن يكون فاسقاً وأن يكون غير فاسق فلا تقبل روايته مع هذا الاحتمال لأن عدم الفسق شرط في جواز الرواية فلا بد من العلم بوجود هذا الشرط وأيضاً وجود الفسق مانع من قبول روايته فلا بد من العلم بانتفاء هذا المعنى .
قلت : وقد جاء في مقدمة مسلم صـ15 أن محمد بن سيرين قال : لم يكونوا يسألون عن الإسناد فلما وقعت الفتنة قالوا : سموا لنا رجالكم فينظر إلى أهل السنة فيأخذ حديثهم وينظر إلى أهل البدع فلا يأخذ حديثهم .
وفي صـ12 قال عبدالله بن عباس : لما ركب الناس الصعب والذلول لم نأخذ من الناس إلا ما نعرف.
وفرق كبير بين شبكة العلوم الخالية من المجاهيل وبين شبكة ممتلئة بالمجاهيل وفرق أيضاً بين طلاب علم من أقرانك وإخوانك في دماج وبين هؤلاء المجاهيل ؛ لا سواء .
يا شيخ محمد قال العلامة ابن القيم في بدائع الفوائد ج3صـ180 : حذاري حذاري من أمرين لهما عواقب أحدهما : رد الحق لمخالفة هواك فإنك تعاقب بتقليب القلب , ورد ما يرد عليك من الحق رأساً ولا تقبله إلا إذا برز في قالب هواك .
شيخ محمد لما لم تقرأ تلك الردود العلمية في شبكة العلوم وتقارن بينها وبين تلك الردود في شبكة الوحلين التي أصبحت كالغراب يتتبع الجيف .
وقوله :( ثم أعادوها بعد بضعة أشهر بحجة أن الطرف الآخر – يحيى ومن معه لم يتوقفوا).
قلت : لو كانوا على حق ما حذفوها لأن الردود العلمية من النصيحة لله ولرسوله ولعامة المسلمين ونحن نتقرب بها إلى الله لأن الباطل لا يذهب إلا إذا تكلم أهل الحق .
وقد قال العلامة الشيخ ابن باز كما في مجموع فتاوى ومقالات ابن باز ج3صـ104 : إنما يعمله أهل الباطل وينشطون عند اختفاء العلم وظهور الجهل وخلو الميدان ممن يقول قال الله وقال الرسول فعند ذلك يستأسدون ضد غيرهم وينشطون في باطلهم بعدم وجود من يخشونه من أهل الحق والإيمان وأهل البصيرة .
وذكر الإمام ابن وضاح في البدع صـ7 : أن أسد بن موسى كتب إلى أسد بن الفرات :
اعلم أي أخي أن ما حملني على الكتاب إليك ما ذكر أهل بلادك من صلاح ما أعطاك الله من إنصافك وحسن حالك مما أظهرت من السنة وعيبك لأهل البدع وكثرة ذكرك لهم وطعنك عليهم فقمعهم الله بك وشد بك ظهر أهل السنة وقواك عليهم بإظهار عيبهم والطعن عليهم فأذلهم الله بذلك وصاروا ببدعتهم مستترين فأبشر أي أخي بثواب ذلك واعتد به أفضل حسناتك من الصلاة والصيام والحج والجهاد وأين تقع هذه الأعمال من إقامة كتاب الله وسنة رسوله .
فقارن يا شيخ محمد بين هذا الكلام وبين ما قررته آنفاً .
وقوله : ( وبعد هذا الكلام حصل الكلام من الشيخ ربيع على الحجوري وقال فيه وفي المتعصبة معه يسيرون على طريقة الحدادية وقال مرة أخرى : هم حداديون فرد عليه الشيخ يحيى بردود تزيد في الفتنة لما فيها من التجاوزات والمشايخ في اليمن يأملون أن الشيخ يحيى يصحح سيره ) .
قلت : وكأن الشيخ محمد الإمام لا يدري ما يخرج من رأسه فقد نقل أن الشيخ ربيع يقول في شيخنا يحيى وفي إخوانه وطلابه من أهل السنة : حداديون . فلما دافع الشيخ يحيى عن نفسه وعن إخوانه بدون تبديع ولا تفسيق قال الشيخ محمد : هذا الدفاع من التجاوزات .
قال أبو محمد بن حزم في الفصل ج5 صـ74 : لا يدرك الحق من طريق البرهان إلا من صفا عقله ونفسه من الشواغل ... ونظر من الأقوال كلها نظراً واحداً واستوت عنده جميع الأقوال ثم نظر فيها طالباً لما شهدت البراهين الراجعة رجوعاً صحيحاً غير مموه ضرورياً إلى مقدمات مأخوذة من أوايل العقل والحواس غير مسامح في شيء من ذلك فهذا مضمون له بعون الله عز وجل والوقوف على الحقائق والخلاص من ظلمة الجهل وبالله التوفيق .
قلت : يا شيخ محمد كلامك المتقدم فيه تأويل وتمويه وهذا الكلام ليس بجديد فقد قاله أبو الحسن المأربي فكان الشيخ ربيع وكنتم مجمعين على أن هذا القول باطل وكان الشيخ ربيع ممن رد عليه وحسبت عليه خطأ من أخطأئه .
يا شيخ محمد هذه دعوة بلا برهان وما كان بلا برهان فهو باطل والله جل وعلا يقول : {قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ} [ البقرة : 111 ] .
ولا يسعني إلا أن أنقل ما قاله الإمام الذهبي في السير ج10صـ9 : قلَّ من برز في الإمامة ورد على من خالفه إلا عودي نعوذ بالله من الهوى .
وذكر أيضاً في الجزء السابع صـ40: ولو صح عن مالك تناوله من ابن إسحاق، فلربما تكلم الإنسان، فيرمي صاحبه بشيء واحد، ولا يتهمه في الأمور كلها. قال: وقال إبراهيم بن المنذر: عن محمد بن فليح : نهاني مالك عن شيخين من قريش، وقد أكثر عنهما في ( الموطأ ) ، وهما ممن يحتج بهما، ولم ينج كثير من الناس من كلام بعض الناس فيهم، نحو ما يذكر عن إبراهيم من كلامه في الشعبي، وكلام الشعبي في عكرمة، وفي من كان قبلهم، وتناول بعضهم في العرض والنفس، ولم يلتفت أهل العلم في هذا النحو إلا ببيان وحجة، ولم تسقط عدالتهم إلا ببرهان ثابت وحجة والكلام في هذا كثير.
يا شيخ محمد قال الذهبي رحمه الله ج10صـ58 في ترجمة الشافعي : من زعم أن الشافعي يتشيع فهو مفتري لا يدري ما يقول .
ورب جرح يؤذي صاحبه ولا يؤذي المجروح .
قال الذهبي رحمه الله في السير ج9 صـ518 في ترجمة محمد بن صالح المصري : وقد سمع منه النسائي ولم يحدث عنه ووقع بينهما وآذاه أحمد بن صالح فآذى النسائي نفسه بوقوعه في أحمد .
وقال في الميزان ج3 صـ391 في ترجمة قيس بن أبي حازم : أجمعوا على الاحتجاج به ومن تكلم فيه فقد آذى نفسه نسأل الله العافية وترك الهوى .
وقد قال الذهبي كما في السير ج10صـ9: لسنا ندعي في أئمة الجرح والتعديل العصمة من الغلط النادر، ولا من الكلام بنفس حاد فيمن بينهم وبينه شحناء وإحنة .
وقد قال المتنبي :
وعين الرضا عن كل عيبٍ كليلة ..... كما أن عين السخط تبدي المساويا
فتبديع الشيخ ربيع ووصفه للشيخ يحيى ومن معه مغفور عند الإمام وردود الشيخ يحيى ودفاعهم عن أنفسهم كبيرة من الكبائر .
قال محمود الوراق :
وأبى فمـــــا يرضيـــــه إلا ذلتـي ..... وذهـــاب أمــوالي وقطــع لســـاني
وقد قال السخاوي رحمه الله في فتح المغيث ج4صـ350 : واحذر أيها المتصدي لذلك المقتفي فيه أثر من تقدم من غرض أو هوى يحملك كل منهما على التحامل والانحراف وترك الإنصاف أو الإطراء والافتراء فذلك شر الأمور التي تدخل على القائم بذلك الآفة.
وقوله : ( والمشايخ في اليمن يأملون أن الشيخ يحيى يصحح سيره ) .
قلت : هناك مثالاً عربياً وهو قولهم : رمتني بدائها وانسلت .
وما أشبه أقوال الإمام في اختصاره بما قاله ابن عبدالبر في بهجة المجالس صـ120 : رفع رجل من العامة ببغداد إلى بعض ولاتها على جارٍ له أنه يتزندق ؛ فسأله الوالي عن قوله الذي نسبه به إلى الزندقة فقال : هو مرجئي قدري ناصبي رافضي من الخوارج يبغض معاوية بن الخطاب الذي قتل علي بن العاص فقال له ذلك الوالي : ما أدري على أي شيء أحسدك أعلى علمك بالمقالات أم على بصرك بالأنساب .
والمشايخ لهم خلطٌ وخبط مع الإخوان المسلمين وبالأخص الشيخ محمد فقد كان الشيخ مقبل يحذر من الإخوان المسلمين وهو يحاضر هو وزوجته عندهم ولم يترك المحاضرات عندهم إلا بعد أن حصل له ما حصل من الشيخ مقبل ’ وكان الشيخ مقبل يحذر من أصحاب جمعية الحكمة والمشايخ يجتمعون معهم في معبر حتى قال عنهم الشيخ مقبل : مغفلون . وكان شيخنا مقبل رحمه الله يدعو إلى التصفية والتربية ومركز الشيخ محمد خليط إلى اليوم من الإخوان المسلمين ومن الجمعيات ومن أصحاب أبي الحسن , وإذا كان الرافضة قد فعلوا ما فعلوا في دماج وفي كتاف وكان الشيخ محمد هو والمشايخ في اليمن ممن يخذل عن قتالهم في كتاف بعد صدور فتوى من كبار أهل العلم في المملكة وأن قتالهم من أفضل القربات .
فيا ترى هل يريد المشايخ من الشيخ يحيى أن يسير بسير القواعد الموجودة في كتاب الإبانة المأخوذة من كتاب علي الحلبي؟!!.
ويا للعجب يوم أن يبدع الحلبي بسبب كتابه ويسكت الساكتون عن الإمام مع أن مدلول الكتابين واحد .
وقوله : ( وتكلم الشيخ محمد بن هادي على الشيخ يحيى بسبب تكلمه في الشيخ ربيع وغيره فتكلم عليه الشيخ يحيى بما يزيد في الفتنة ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى ج28 صـ16 : وإذا وقع بين معلم ومعلم أو تلميذ وتلميذ أو معلم وتلميذ خصومة ومشاجرة لم يجز لأحد أن يعين أحدهما حتى يعلم الحق فلا يعاونه بجهل ولا بهوى بل ينظر في الأمر فإذا تبين له الحق أعان المحق منهما على المبطل سواء كان المحق من أصحابه أو أصحاب غيره ؛ وسواء كان المبطل من أصحابه أو أصحاب غيره فيكون المقصود عبادة الله وحده وطاعة رسوله ؛ واتباع الحق والقيام بالقسط قال الله تعالى :{ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلى بِهِما فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً }[ النساء : 135 ] يقال : لوى يلوي لسانه : فيخبر بالكذب . والإعراض : أن يكتم الحق؛ فإن الساكت عن الحق شيطان أخرس . ومن مال مع صاحبه - سواء كان الحق له أو عليه - فقد حكم بحكم الجاهلية وخرج عن حكم الله ورسوله والواجب على جميعهم أن يكونوا يداً واحدة مع المحق على المبطل فيكون المعظم عندهم من عظمه الله ورسوله والمقدم عندهم من قدمه الله ورسوله والمحبوب عندهم من أحبه الله ورسوله والمهان عندهم من أهانه الله ورسوله بحسب ما يرضي الله ورسوله لا بحسب الأهواء .
قلت : ورحم الله العلامة الألباني ففي مقدمة سلسلة الأحاديث الضعيفة ج1صـ28 قال : كَثيراً ما يسألني بعضهم عن سبب الشدة التي تبدو أحياناً في بعض كتاباتي في الرد على بعض الكاتبين ضدي؟ وجواباً عليه أقول:
فليعلم هؤلاء القراء أنني بحمد الله لا أبتدئ أحداً يرد علي ردّاً علميّاً لا تَهَجُّمَ فيه ، بل أنا له من الشاكرين ، وإذا وُجِدَ شيءٌ من تلك الشدة في مكان ما من كتبي . فذلك يعود إلى حالة من حالتين:
الأولى : أن تكون ردّاً على مَن رد علي ابتداء ، واشتط فيه وأساء إلي بهتاً وافتراءً . كمثل أبي غدة، والأعظمي الذي تستر باسم أرشد السلفي! والغماري، والبوطي، وغيرهم؛ كالشيخ إسماعيل الأنصاري غير ما مرة، وما العهد عنه ببعيد! ومثل هؤلاء الظلمة لا يفيد فيهم- في اعتقادي- الصفح واللين، بل إنه قد يضرهم، ويشجعهم على الاستمرار في بغيهم وعدوانهم. كما قال الشاعر:
إِذا أَنْـتَ أَكْــــرَمْـــتَ الكَــرِيـمَ مَـــلَكْتَــــهُ .... وإنْ أَنْــــتْ أَكْــــــرَمْ اللَّئيـــمَ تَمَــــــرَّدَا
وَوَضْعُ النَّدَى في مَوْضِع السَّيْفِ بالعُلَى .... مُضِر كَوَضْعِ السَّيْفِ في مَوْضِعِ النَّدَى
بل إن تحمُلَ ظلم مثل هؤلاء المتصدرين لِإرشاد الناس وتعليمهم، قد يكون أحياناً فوق الطاقة البشرية، ولذلك جاءت الشريعة الِإسلامية مراعية لهذه الطاقة، فلم تقل- والحمد لله- كما في الِإنجيل المزعوم اليوم: "مَن ضربك على خدك الأيمن. فأدِرْ له الخد الأيسر، ومن طلب منك رداءك؛ فأعطه كساءك "! بل قال تعالى: [ فمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فاعْتَدُوا عليهِ بِمِثْلِ ما اعْتَدَى علَيْكُمْ ] هو، وقال: [ وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها ]، وأنا ذاكر بفضل الله تعالى أن تمام هذه الآية الثانية: [ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ*وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ * إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُور ]، ولكني أعتقد أن الصفح المشكور، والصبر المأجور. إنما هو فيمن غلب على الظن أن ذلك ينفع الظالم ولا يضره، ويعزُّ الصابر ولا يذله. كما يدل على ذلك سيرته - صلى الله عليه وسلم - العمليَّة مع أعدائه، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أشد الناس عذاباً يوم القيامة رجل قتل نبيّاً أو قتله نبي ".انظر " الصحيحة " (281) .
وأقل ما يؤخَذُ من لهذه الآيات ونحوها أنها تسمح للمظلوم بالانتصار لنفسه بالحق دون تعدّ وظلم. كقوله تعالى: [لَا يُحِبُّ اللهُ الجَهْرَ بالسُّوء مِنَ القَوْلِ إِلا مَنْ ظُلِمَ ]، والسنة تؤكد ذلك وتوضحه. كمثل قوله - صلى الله عليه وسلم - لعائشة حين اعتدت إحدى ضرَّاتِها عليها: "دونَكِ فانْتَصري ". قالت: فأقبلت عليها حتى رأيتها قد يبس ريقها في فيها، ما ترد علي شيئاً، فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يتهلل وجهه.
رواه البخاري في "الأدب المفرد"، وغيره؛ بسند صحيح، وهو مخرج في المجلد الرابع من "الصحيحة" (1862) .
فأرجو من أولئك القراء أن لا يبادروا بالِإنكار، فإني مظلوم من كثير ممَّن يدَّعون العلم، وقد يكون بعضهم ممَّن يُظَنُّ أنه معنا على منهج السلف، ولكنه- إن كان كذلك- فهو ممن أكل البغضُ والحسدُ كبدَه؛ كما جاء في الحديث: "دبَّ إليكم داءُ الأمم قبلَكم: الحسد، والبغضاء، هي الحالقة. حالقة الدين، لا حالقة الشعر". وهو حديث حسن بمجموع طريقيه عن ابن الزبير وأبي هريرة.
فأرجو من أولئك المتسائلين أن يكونوا واقعيين، لا خياليين، وأن يرضوا مني أن أقف في ردِّي على الظالمين مع قول رب العالمين: "وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ المُعْتَدينَ " .
قلت : وما الفرق بين قول الشيخ الألباني إنني بحمد الله لا أبتدئ أحداً بردٍ عليّ علمياً لا تهجم فيه بل أنا له من الشاكرين وبين ما يفعله ويقوله الشيخ يحيى بن علي الحجوري القائل : أنا لا أبتدئ أحداً بردٍ , وقال : هاتوا لي شخصاً بدأته أنا , والقائل : أنا أنقاد إلى الحق بشعرة , والقائل : أنا أدعوا من خالفني إلى التحاكم إلى الكتاب والسنة .
وقوله : ( والمشايخ استمروا على ما يرون من الصبر والمحافظة على الدعوة والأخوة ) .
قلت : نقل الشيخ محمد باجمال في كشف الأستار أن الصوملي قال له وهو في بيته عام 1430هـ : أنه قال للمشايخ يا مشايخ اعقلوا الشيخ يحيى يرى أن عبدالرحمن حزبي ونحن ما تبين لنا أنه حزبي لا داعي أن تدافعوا عنه إن كان عبدالرحمن يتكتم على شيء فبدفاعكم عنه سيتكتم أكثر وإذا تكتم طالت الفتنة أكثر .
فيا ترى هل حافظ المشايخ على الدعوة أم على عبدالرحمن
وقد أثبت الشيخ الصوملي أنهم يدافعون عن عبدالرحمن ؛ وهذا هو الحق
فمن أجل عبدالرحمن أصل الإمام كتاب الإبانة ووافقه المشايخ وقدموا له
ومن أجل عبدالرحمن قال الوصابي للشيخ يحيى : أنا ضدك ,
ومن أجل عبدالرحمن نعق عبيد ؛
فعبدالرحمن أحدث فتنة في دماج وفي خارج دماج واختلف الناس ودخلت بينهم العداوة والبغضاء والفرقة وهذا الفعل من الخلاف المذموم الذي لم يعرف المشايخ حقيقة وأبعاد هذا الخلاف إلى يومنا هذا .
قال الإمام الشاطبي في الإعتصام ج1 صـ734 : فلما حدثت الأهواء المردية ، التي حذر منها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وظهرت العداوات وتحزب أهلها فصاروا شيعاً ، دل على أنه إنما حدث ذلك من المسائل المحدثة التي ألقاها الشيطان على أفواه أوليائه.
قال : كل مسألة حدثت في الإسلام واختلف الناس فيها ولم يورث ذلك الاختلاف بينهم عداوة ولا بغضاء ولا فرقة ، علمنا أنها من مسائل الإسلام . وكل مسألة حدثت وطرأت فأوجبت العداوة والبغضاء والتدابر والقطيعة ، علمنا أنها ليست من أمر الدين في شيء ، وأنها التي عنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بتفسير الآية.
وذلك ما روي عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: « قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عائشة { إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً } [الأنعام: 159] من هم؟ - قلت : الله ورسوله أعلم. قال: هم أصحاب الأهواء وأصحاب البدع وأصحاب الضلالة من هذه الأمة» الحديث الذي تقدم ذكره.
قال: فيجب على كل ذي عقل ودين أن يجتنبها، ودليل ذلك قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا } [آل عمران: 103] فإذا اختلفوا وتعاطوا ذلك ، كان لحدث أحدثوه من اتباع الهوى .
هذا ما قاله . وهو ظاهر في أن الإسلام يدعو إلى الألفة والتحاب والتراحم والتعاطف ، فكل رأي أدى إلى خلاف ذلك فخارج عن الدين . وهذه الخاصية قد دل عليها الحديث المتكلم عليه ، وهي موجودة في كل فرقة من الفرق المتضمنة في الحديث.
وقوله : ( وسعى المتعصبون للشيخ يحيى بالتشويه والطعن في المشايخ المذكورون عند مشايخ السنة في أرض الحرمين وغيرها ) .
قلت : يقول الله جل وعلا في كتابه الكريم : (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً ) [ الكهف : 5] فمن الذي أوغر صدر الشيخ ربيع على الشيخ يحيى ومن الذي يأخذ بعض الكلمات أو بعض الأخطاء ويعطيها الشيخ الفوزان طلاب الشيخ يحيى أم أصحاب عبدالرحمن .
ولم يقف الأمر على البرامكة أصحاب الحزب الجديد فحسب فهذا البرعي الذي فرغ أشرطة لنعمان الوتر إلى جواله ودخل إلى مكة وكلما جلس إلى شخص ممن يعرفه قال : اسمع إلى أخطاء الحجوري وكان هذا الفعل قبل أن يتراجع نعمان الوتر إليهم لأن نعمان كان منافحاً ومن كبار أصحاب أبي الحسن وكان البرعي يقول قبل أن يدخل إلى المملكة : الحجوري تاج على رأس كل سني .
وأخبرني شايف الخطيب أن البرعي كان يقول : سنعادي ونوالي من أجل الحجوري .
قلت : هذا القول في اليمن فمن الذي سعى إلى التشويه ؛ ثم قول الإمام سعى المتعصبون فيها إساءة إلى طلاب العلم ؛ لأن أهل السنة يدورون مع السنة حيث دارت .
وقد قال المعلمي- رحمه الله في التنكيل : من أوسع أودية الباطل الغلو في الأفاضل .
فحاشى أهل السنة من التعصب من أجل شخص وحاشى أهل السنة من الطعن في مسلم بغير حق .
يا شيخ محمد : الذين تصفهم بالمتعصبين بعضهم من طلاب الإمام الوادعي من أقرانك ؛ وهذا ينافي ما أوصاكم به شيخنا رحمه الله , وإياك والتشبع بما لم تعطى .
كتبه /أبو مالك فيصل بن يحيى بن مرشدالغولي البعداني
بتاريخ : 29 / جمادى الثاني / 1434 هـ
تعليق