بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبيه ورسوله المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين ،
وبعد :
بينما كنت أقلب صفحات كتاب (قمع المعاند وزجر الحاقد الحاسد) لعلامة اليمن المجدد أبي عبدالرحمن مقبل بن هادي الوادعي -رحمه الله- مررت على قصة (عبدالله بن غالب) مع العلامة الوادعي -رحمه الله- وعبدالله بن غالب هذا كان من طلاب الإمام الوادعي -رحمه الله-
إلا أنه كما قال الإمام الوادعي : (من الشباب الذين مسخهم أصحاب سلفية عبدالرحمن عبدالخالق ) .
كان عبدالله بن غالب هذا يثني على شيخه ثناءاً عظيماً ويثني على دار الحديث بدماج نثراً ونظماً ، بل كان يغلو في مدح شيخه حتى قال الوادعيٌ -رحمه الله- عن أحدى قصائد ابن غالب (وهذه قصيدة أخرى وفيها من الغلو ما فيها وأنا لا أوافقُ على ما فيها) ومن نماذج ثنائه على شيخه قوله :
يا ناهلاً من علوم الشرع مستبقاً *** وناهماً لكتاب الله معتنقاً
وناجماً من لواء الشام في يمن *** قد أحرز السبق في ذا العصر وانطلقا
وصاول الرفض حتى داس نحلته *** وألبس الرفض ثوباً دامياً خلقاً
بنى بدماج داراً للعلوم وقد *** أضحى به العلم في الآفاق منبثقا
لم يجعل الدجل بين الناس ديدنه *** بل كان خير صدوق عفة وتقى
فصار ملء عيون الناس وادحرت *** عنه الوشاة وكان الحق ما نطقا
حييت من علم فذٍ سما شرفا *** واستجمع المجد من أطرافه ورقا
والله ما عرفت همدان فضلكم *** وانت خير بكيل كلهم خلقا
.......................
قد صار زهدك عنواناً عرفت به *** وصار جودك في أوساطنا خلقا
...............
لم تخش في الله جباراً لسلطته *** إذا تعد حدود الله أو أبقا
ولا أقمت بنا الدنيا إذا هدرت *** حقوق نفسك شأن البعض إن حنقا
وما عرفت إلا زاهداً ورعاً *** وما رأيتك إلا ضاحكاً طلقاً
وقال في مدح دار الحديث :
شغفت بالعلم فاخترت العكوف له *** فصار دارك للتحقيق منطلقا
وذكر الشيخ مقبل ثناء ابن غالب على دار الحديث فقال :(وذكر أنه ذهب إلى نجد وإلى القصيم ولم يجد مثل هذه المدرسة )
ثم ظهرت من ابن غالب أمور فحاول الشيخ تحمله وإصلاحه فلم يستطع ثم قام بطرده ، قال الشيخ (وتحملناه لذكائه فلم نستطع ثم طردناه ، بعد أن طردناه مكث ما شاء الله ورأيت قصيدة له في الرد على الشيعة وقلت مثل هذا ينبغى أن يغض الطرف عنه أرجع يا عبدالله ابن غالب ورجع عبدالله ابن غالب )
رجع ابن غالب إلى دار الحديث بدماج فماذا كان ؟
قال الوادعي رحمه الله (ثم خرجت رحلة مكثت فيها قدر شهر ما رجعت إلا والأخوة قد أنقسموا إلى حزبين عبدالله مع طائفة وطائفة أخرى فبقيت قدر شهر لعلي أعالج الموضوع ولا نحتاج إلى طرد ثم اضطررنا للطرد مرة أخرى )
فكان ماذا بعد هذا ؟ أنقلب التلميذ عدواً لشيخه ومعلمه وصار المادح ذاماً لمربيه وناصحه وصار يتملق عند المشايخ ببلاد الحرمين ويحط من قدر الشيخ عندهم قال العلامة الوادعي (إننا ذكرنا هذا الشريط من أجل النصح لأصحاب الفضيلة العلماء أن يحذروا فالرجل متملق غاية التملق )
وقال أيضاً لما ذكر قصيدة ابن غالب في مدحه (وهذه قصيدة أخرى وفيها من الغلو ما فيها وأنا لا أوافقُ على ما فيها لكن أكتبها كما قلت من أجل أن يعلم أصحاب الفضيلة الذين يزورهم عبدالله بن غالب )
وذكر الشيخ رحمه الله في موضع آخر أنه ما تكلم فيه إلا من أجل يحذره العلماء قال الشيخ رحمه الله (فليس من باب الرد على عبدالله ابن غالب وذنوبي أكثر لكن من باب تحذير أفاضل العلماء منه ومن أمثاله )
أقول : لقد صار التلميذ عاقاً فقد أخرج شريطاً يرد به على شيخه ونظم قصيدة في هجاء الشيخ وذمه فكان يقول: (إن الشيخ يحسدني ويردد :
وإذا أراد الله نشر فضيلة طويت *** أتاح لها لسان حسود )
فقال الشيخ راداً عليه (بالله يا عبدالله بن غالب أنحسدك على النوم تحت البطانية وانت في المكتبة ، الناس يحققون وانت تأخذ البطانية وتلتحف بها ، أنحسدك يا بني على ضياع الوقت من دماج إلى صنعاء إلى تعز إلى جدة إلى القصيم إلى الرياض إلى الإحساء إلى كثير من البلاد هذا أمر يا بني لا تحسد عليه على أي شيء نحسدك وفقنا الله وإياك فكن متأدباً )
ورمى الشيخ في قصيدته بأمور : أن الشيخ طاغٍ وباغٍ ومغرور وأن أراءه طائشة وأن لا يرفق بطلابه وأنه يطعن فيهم بقلمه ولسانه وأنه يطرد كل من خالف هواه إلى غير ذلك من الطعون التي تدل على الخسة ورقة الديانة وانعدام المرؤة وإلا فأين هو وأمثاله من قول النبي صلى الله عليه وسلم (مَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ)
أهكذا المكافأة لشيخك يا ابن غالب ؟
وقد رد الوادعي رحمه الله على أراجيف وشائعات وأكاذيب ابن غالب بكلمات عظيمة ومؤثرة يبكي الإنسان عند قراءتها ويتعجب والله أشد العجب من تنكر هؤلاء للحق والحقائق ومن جرأتهم وايغالهم في الكذب وتقليب الحقائق يقول الإمام الوادعي رحمه الله : (فأنا لا أبالي إذا تُكُلِمَ في وأقول ذنوبي أكثر هذا لم يعثر إلا على شيء يسير من ذنوبي وذنوبي أكثر لكن السنة أرى أنه واجبٌ علي أن أدافع عنها ما استطعت والحمد لله قد جُبلت على بغض الحزبية ) ويقول : (دعوة ملأت الدنيا لا بحولنا ولا بقوتنا ثم بعد ذلك الحمد لله المؤلفات والأشرطة والخير الكثير وطلبة العلم من فضل الله )
وقال : (نحن نأسف أن ينضم أُناس يدعون بالسلفية مع الأعداء على إخوانهم ، دعوة أهل السنة يبغضها الشيوعيون والبعثيون والناصريون وجهلة الإخوان المسلمين والشيعة والصوفية ثم بعد هذا نسمع إخواننا الذين يسمون بسلفيين يهاجمون إخوانهم )
ويقول الشيخ لابن غالب (فأين أشرطتك يا عبدالله في الرد على الشيوعيين والبعثيين والناصريين الذين احتلوا البلاد وحاربوا دين الله ؟ أهبتهم ؟ واستضعفت شيخك ومعلمك الذي استفدت منه كثيراً من العبارات الموجودة في الشريط وصار حالي وحالك كما قال الشاعر :
أعلمه الرماية كل يوم *** فلما أشتد ساعده رماني
فكم علمته نظم القوافي *** فلما قال قافية هجاني
والله الموعد )
و قال الشيخ رحمه الله (ونحن لم نطرد الإخوة ولم نفارق الأخوة إلا من أجل الحزبية ، لم نفارقهم من أجل الدنيا ولم نفارقهم لأجل أن نكون الرؤساء عليهم لكن فارقناهم من أجل الحزبية ، والخلاف بيننا وبينهم من قبل أن تنشأ جمعية الحكمة من قبلها بأربع أو خمس سنين منذ أتى عبدالله السبت من الكويت فما زال الخلاف من ذلك الوقت وأنا أغض الطرف وأقول لعل ولعل فاضطررنا إلى البيان )
أقول ختاماً : قد ذهبت ردود وأراجيف وتشغيبات ابن غالب أدراج الرياح وبقي ما ينفع الناس من العلم والخير وبقيت سيرة الشيخ وبقي ذكره في الناس قال تعالى (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ)(فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ)وهذه القصة ذكرتها وذكرت بها لما فيها من أحداث وأحوال تشابه الأحداث والأحوال التي نعيشها اليوم ، وهذه دعوة مني لإخواني
للمشاركة في استخلاص فوائدها وربطها بالحال ، والله الهادي إلى سواء السبيل
كتبه :: أبوعكرمة وليد بن فضل المولى الخالدي
18 / جمادي الآخر / 1434 هـ
تعليق