بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تعالى (وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ)ومن هذه البشريات ما حصل لإخواننا الأبطال الذين قتلوا في حرب الرافضة الأخيرة من إخراجهم بعد سنة وسبعة أشهر تقريباً من دفنهم فوجدوا كما هم.
أحببت أن أذكر شيئاً من حال شهداء أحد الذين استخرجوا بعد فترة من دفنهم فوجدوا كما هم لنعرف وجه المشابه بينهم وبين شهداء دماج-فيما نحسبهم- رحمهم الله.
فهذا الذي حصل لهم فيه إقامة الحجة على أعداء هذا الدار في كل مكان والذين كانوا يخذلون عن الجهاد ضد الرافضة وفيه تثبيت للمؤمنين والله المستعان.
وسبحان الله بينما الكبكة من (علماء)! اليمن يجتمعون في معبر-والظاهر أنهم اجتمعوا ليخرجوا بياناً جديداً يحذرون فيه من دماج ومن الشيخ يحيى- أظهر الله هذه الكرامة لأهل دماج فلم نحِس لهولاء الكبكة من أحد ولم نسمع لهم ركزا والحمد لله.
وإلى مقصودنا من ذكر بعض الأحاديث.
قال الإمام البخاري رحمه الله في "الصحيح"(1351) قال: حدثنا مسدد، أخبرنا بشر بن المفضل، حدثنا حسين المعلم، عن عطاء، عن جابر رضي الله عنه، قال: لما حضر أحد دعاني أبي من الليل، فقال: ما أراني إلا مقتولا في أول من يقتل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وإني لا أترك بعدي أعز علي منك، غير نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن علي دينا فاقض، واستوص بأخواتك خيرا، «فأصبحنا، فكان أول قتيل ودفن معه آخر في قبر، ثم لم تطب نفسي أن أتركه مع الآخر، فاستخرجته بعد ستة أشهر، فإذا هو كيوم وضعته هنية غير أذنه»
وقال عبد الرزاق في "المصنف"(9602) عن ابن عيينة، عن أبي الزبير قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: " لما أراد معاوية أن يجري الكظامة قال: من كان له قتيل فليأت قتيله، - يعني قتلى أحد - قال: فأخرجهم رطابا يتثنون قال: فأصابت المسحاة رجل رجل منهم، فانفطرت دما" قال: فقال أبو سعيد: «لا ينكر بعد هذا منكر أبدا»
وهذا اسناد صحيح وأبو الزبير قد صرح بالسماع من جابر.
وقال الإمام مالك في "الموطأ"(1704) قال: عن عبد الرحمن بن أبي صعصعة، أنه بلغه «أن عمرو بن الجموح وعبد الله بن عمرو الأنصاريين ثم السلميين كانا قد حفر السيل قبرهما، وكان قبرهما مما يلي السيل، وكانا في قبر واحد وهما ممن استشهد يوم أحد فحفر عنهما ليغيرا من مكانهما، فوجدا لم يتغيرا، كأنهما ماتا بالأمس، وكان أحدهما قد جرح فوضع يده على جرحه، فدفن وهو كذلك. فأميطت يده عن جرحه، ثم أرسلت فرجعت كما كانت، وكان بين أحد، وبين يوم حفر عنهما ست وأربعون سنة»
قلت: وهذا مرسل جيد يستأنس به.
قال ابن عبد البر في "التمهيد"(19/241) هذا هو الصحيح والله أعلم أنهم استخرجوا بعد ست وأربعين سنة لأن معاوية لم يجر العين إلا بعد اجتماع الناس عليه خليفة وكان اجتماع الناس عليه عام أربعين من الهجرة في آخرها وقد قيل عام إحدى وأربعين وذلك حين بايعه الحسن بن علي وأهل العراق فسمي عام الجماعة وتوفي سنة ستين.
وقد روى أبو مسلمة سعيد بن يزيد عن أبي نضرة عن جابر أنهم أخرجوا بعد ستة أشهر فإن صح هذا فمرتين أخرج والد جابر من قبره وأما خروجه وخروج غيره في حين إجراء معاوية العين فصحيح.
كيف كان حال عمرو بن الجموح رضي الله عنه قبل قتله.
قال الإمام أحمد في "المسند"(22553) حدثنا أبو عبد الرحمن المقري، حدثنا حيوة قال: حدثنا أبو صخر حميد بن زياد، أن يحيى بن النضر حدثه، عن أبي قتادة أنه حضر ذلك قال: أتى عمرو بن الجموح إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أرأيت إن قاتلت في سبيل الله حتى أقتل أمشي برجلي هذه صحيحة في الجنة؟، وكانت رجله عرجاء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نعم» . فقتلوه يوم أحد هو وابن أخيه ومولى لهم، فمر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «كأني أنظر إليك تمشي برجلك هذه صحيحة في الجنة» . فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بهما وبمولاهما فجعلوا في قبر واحد.
قال البخاري رحمه الله في "الأدب المفرد"(296) حدثنا عبد الله بن أبي الأسود قال: حدثنا حميد بن الأسود، عن الحجاج الصواف قال: حدثني أبو الزبير قال: حدثنا جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سيدكم يا بني سلمة؟» قلنا: جد بن قيس، على أنا نبخله، قال: «وأي داء أدوى من البخل؟ بل سيدكم عمرو بن الجموح» ، وكان عمرو على أصنامهم في الجاهلية، وكان يولم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تزوج.
قال الألباني رحمه الله: صحيح.
قلت وعمرو بن الجموح رضي الله عنه هو الذي قتل ابنُه معاذُ بن عمرو بن الجموح أبا جهل يوم بدر وأخذ سلبه.
قال الإمام البخاري: حدثنا مسدد، حدثنا يوسف بن الماجشون، عن صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، عن جده، قال: بينا أنا واقف في الصف يوم بدر، فنظرت عن يميني وعن شمالي، فإذا أنا بغلامين من الأنصار - حديثة أسنانهما، تمنيت أن أكون بين أضلع منهما - فغمزني أحدهما فقال: يا عم هل تعرف أبا جهل؟ قلت: نعم، ما حاجتك إليه يا ابن أخي؟ قال: أخبرت أنه يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي نفسي بيده، لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا، فتعجبت لذلك، فغمزني الآخر، فقال لي مثلها، فلم أنشب أن نظرت إلى أبي جهل يجول في الناس، قلت: ألا إن هذا صاحبكما الذي سألتماني، فابتدراه بسيفيهما، فضرباه حتى قتلاه، ثم انصرفا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبراه فقال: «أيكما قتله؟»، قال كل واحد منهما: أنا قتلته، فقال: «هل مسحتما سيفيكما؟»، قالا: لا، فنظر في السيفين، فقال: «كلاكما قتله، سلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح»، وكانا معاذ ابن عفراء، ومعاذ بن عمرو بن الجموح"
ذكر فضيلة من فضائل عبد الله بن حرام رضي الله عنه والتي نرجوا أن يكون لإخواننا الذين قتلوا في دماج نصيب منها
قال الإمام مسلم رحمه الله حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري، وعمرو الناقد، كلاهما عن سفيان، قال: عبيد الله، حدثنا سفيان بن عيينة، قال: سمعت ابن المنكدر، يقول: سمعت جابر بن عبد الله، يقول: لما كان يوم أحد، جيء بأبي مسجى، وقد مثل به، قال: فأردت أن أرفع الثوب، فنهاني قومي، ثم أردت أن أرفع الثوب، فنهاني قومي، فرفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو أمر به فرفع فسمع صوت باكية أو صائحة، فقال: «من هذه؟» فقالوا بنت عمرو، أو أخت عمرو، فقال: «ولم تبكي؟ فما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفع»
والحمد لله رب العالمين.
تعليق