بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
ثم أما بعد :
كإن مما دندن به أبو العباس الشحري في نصيحته المزعومة ؛ أنه زعم وأشار إلى أن الحزبية لا تكون إلا بالفكر ، وأن الأعمال المجردة لا تؤدي إلى ذلك ، وهذا القول ليس بصحيح لدلالة القرآن والسنة وطريقة السلف ،فإن الله ـ عز وجل ـ أخبرنا في كتابه الكريم عن أناس ممن كان في غزوة تبوك مع النبي صلى الله عليه وسلم أنهم خاضوا وقالوا : ما رأينا أرغب بطونا ولا أجبن عند اللقاء من أصحاب محمد علي الصلاة وعلى آله وسلم ، وأنزل الله {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ }[التوبة :65-66]، مع أن بعضهم قد جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال يا رسول الله: "والله إنما كنا نخوض ونلعب " كما هو ظاهر القرآن ، وإنما أردنا يعني ـ كما يقالون ـ إمضاء الوقت في الطريق حتى لا نشعر بما فيها، فهم يعترفون بألسنتهم ،أنهم ماعتقدوا القول في قلوبهم وكان حكم الله ـ عز وجل ـ عليهم أنهم كفروا بعد إيمانهم ، وكما هو معلوم عند أهل السنة والجماعة أن الكفر يكون بالقول مجردًا ؛ كسب الله، وسب رسوله، وسب القرآن،وسب الدين ، أو دعاء غير الله بما لا يقدر عليه إلا الله ، وما في ذلك ، ويكون بالفعل مجردًا ؛ كالسجود لغير الله أو الذبح لغير الله وإن لم يعتقد ذلك في قلبه فهو كافر ،ويكون بالقلب مجردًا ؛كمن يعتقد أن أصحاب القبور لديهم قدرة تصرف في الكون أو غير الله له قدرة وتصرف ، أو أنهم ينفعون ويضرون من دون الله ـ عز وجل ـ أو يشك في الإسلام ، أو يشك في النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن هذا كفر بالقلب وإن لم يتلفظ بلسانه ولم تعمل جوارحه ، وقد يكفر بمجموعها ؛ يكفر قولا وفعلا واعتقادا.
فالقول بأن الحزبية لا تكون إلا مع الاعتقاد وإن لم يصرح هو بهذا ،لكن هو مُؤدى كلامه، هذا قول غير صحيح ، بل إن إخراج عمل القلب ، أو عمل الجوارح ؛ إخراج عمل الجوارح من الإيمان هو قول المرجئة ،هو قول المرجئة ، فالمرجئة عندهم من زنا وسرق وشرب الخمر وقتل وفعل وفعل كامل الإيمان مادام معتقدًا للإيمان بقلبه ،ولاَزِم قول هذا الرجل أنه إذا كان معتقدا السنة بقلبه أنه لا يضره ما يحصل منه من الأعمال المخالفة للكتاب والسنة ، فلو قطع له بطاقة انتخابية وانتمى إلى حزب الإخوان المسلمين بالفعل كذا يقول أن معكم يا أهل السنة أنا أعتقد ما تعتقدون وأدين بما تدينون ما عندي ؛ ما عندي فكر سيد قطب ولا حسن البنا ولا عندي فكر الخروج على الحكام ولا عندي شيء من ذلك ولكن أنا مع هؤلاء القوم ، أكثر سوادهم وأشاركهم في أمورهم نقول له أنت حزبي أنت حزبي بغض النظر عن النظر إلى فِكره أو النظر إلى اعتقاده، فكما أن التكفير يكون بالقول والفعل والاعتقاد هكذا البدعة كما ان الفسق يكون بالقول والاعتقاد ، فلابد الجمع بين المتماثلات والتفريق بين المختلفات ، فإن زعم أن الشيخ مقبل هو الذي قرر هذا كما أشار في نصيحته، فنقول : كما ذكرت الشيخ مقبل قال الحزبية : ولاء وبراء ضيق وفكر ، صحيح أن الولاء والبراء الضيق حاصل بالفكر ، فكون الحزب العدني وال بالعدني وعاد أهل السنة وتنكر لهذه الدار ، وحذر منها وحذر من علومها ، وكون عبيد تعصب له وحذر من هذه الدار وحذر من علومها وبدّع وفسّق بل وصل به الحد بالجكم بالردة وإن لم يصرح به لفظًا ،فمعناه أنه حكم باستتابته وإلا ضربت عنقه بالسيف ، كما هو أيضا قول الوصابي في التبديع والتفسيق والإشارة إلى التكفير إلى غير ذلك فهذه الأقوال ناتجة عن ولاء وبراء ضيِّق وفكر ، وإلا ما الذي جعلهم يقولون بهذا،ثم يُقال بأن الشيخ مقبل ـرحمه الله ـ لم يجعل كلمة فكر شرطًا من شروط الحزبية ، لم يجعل كلمة فكر شرطًا من شروط الحزبية وإنما هي كالمبينة أن الولاء والبراء الضيّق لأهل السنة يقع بسبب الأفكار المخالفة نبسبب الأفكار المخالفة وإلا أنتم تعلمون أن الاعتقادات القلبية والأمور الغيبية مردُّها إلى الله هو الذي يعلمها ولم نطّلع عليها وإنما نحن نحكم بظاهر ما يقع من القول من المخالفات الشرعية ، المخالفات للسنة النبوية ، المخالفات للطريقة المرضية ، هذا مختصر للرد على هذه الشبهة .
وأمّا قوله في مكان آخر بأن الشيخ يحيى ـ حفظه الله ـ هو يثني على الشيخ، لكن هذا الثناء مُؤداه إلى التلبيس ممن لا يُدرك الأمور فيقول إذن هذا منهم ويجلّهم ويحترمهم ، ومع ذلك قال كلمة الإنصاف،
قوله بأن الشيخ يحيى اصطلح مع الرافضة فكان يسعه أن يصطلح مع إخوانه هذا قياس مع الفارق ، وأنت يا من تدعي أنك من الأصوليين ينبغي لك أن تقيس قياسا منضبطا جليًا، هذا إذا قلنا بأن القياس من الأدلة الشرعية ، فالصلح مع الرافضة كان فيه نصر للإسلام و نصر للسنة، واله ـ عز وجل ـ سمى صلح الحديبية فتح ، ونحن نرى أن كثير مما وقع في هذه الحرب مع الرافضة، ومع من الصلح أعز الله به الإسلام والسنة كما هو شهادة بعض العلماء الذي الآن يتنكرون لطريق أهل السنة في دماج ولطريق الشيخ يحي ـ حفظه الله ـ وهو طريق سلفي أصيل ، طريق يسير على منهاج النبوة ؛مجتهدًا في ذلك هو وطلابه وتحري الدليل والأخذ به ولا يدّعون لنفسهم العصمة ؛فكل يصيب ويخطئ ويجهل ويعلم لكن يكفي أننا نريد الدليل فإذا ظهر الحق أخذناه وقبلناه .
الأمر الثاني أن الصلح مع الرافضة كان لصد شرهم ولبغيهم ولتأمين المسلمين في طرقهم .
الأمر الثالث أن الرافضة قوم كفار وقد اصطلح النبي صلى الله عليه وسلم مع الكفار .
الأمر الذي يليه أن الصلح الذي وقع بيننا وبين الرافضة لم يشمل أن نترك ماهم عليه وأن ترك ما نحن عليه بل لازلنا ننكر عليهم كفرهم وننكر عليهم بدعهم وننكر عليهم خروجهم وننكر عليهم ما يتعطوه ،
أمّا الصلح الذي تزعمون مع المشايخ ومع عبد الرحمن العدني فأنتم تريدون هدم الحق والسكوت عن الباطل وهذا لايكون ، ونحن إذا نظرنا إلى سير السلف الصالحين وجدنا أن المسلمين ربّما تصالحوا مع الكفار بينما لم نجد لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه صلحا مع الخوارج ، ففيه فرق بين الصلح مع البغاة والصلح مع أهل الكفر، الكافر كافر والبراءة منه حاصلة والصلح معه لكنف شره والباغي يجب ان يجزر وينهر حتى يتوب إلى الله ـ عز وجل ـ ممّا هو فيه ويرجع على الكتاب والسنة وإلى طريقة السلف.
وأيضًا مما يذكر هنا ان النبي صلى الله عليه وآله سلم لم يقع منه صلح مع المنافقين ، ونحن لا نتهمهم بالنفاق ، لكن نستدل بعمومات الشريعة وكما استدل العلماء على هجر أهل البدع بقصة كعب بن مالك رضي الله عنه و مرارة بن الربيع وهلال بن أمية ، فهكذا نقول ، النبي صلى الله عليه وسلم لم يقع منه صلح مع المنافقين ومازال يُحذر من شرورهم ، وما زال يحذر من مخالفاتهم ، مازال يُحذر من بدعهم وأقوالهم وهم يصلون خلفه وربما خرجوا معه لكن التحذير من الشر أمر مطلوب فقياس الصلح مع الرافضة كالصلح مع عبد الرحمن العدني ومن ولاه قياس مع الفارق .
ثم إن الصلح مع عبد الرحمن العدني مع ما هو عليه من الخنا ، مع ما هو عليه من البدعة /، مع ما هو عليه من الشر لا يجوز شرعا ، لا يجوز شرعا لأن الله ـ عز وجل ـ يقول :{ وَالصُّلْحُ خَيْرٌ}[النساء :128] ، والصلح خير ، والاجتماع مع أهل البدع ليس بخير و، وإنما يكون الصلح بكف الشر ، ثم أيضا إن الصلح معهم على هذا الطريق الذي يريدونه فيه تعمية الحق وفيه الإشادة بالباطل وفيه تقرير على الناس ، والله عز وجل ـ يقول :{ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}[الشورى :40]نفمن كان عفوه مُؤذِّيًا إلى غير الصلح والإصلاح فهذا عـــفو باطــــل ، ولا يجوز شرعًا ولا عُرفًا إلى غير ذلك ، فما بقي إلا إن أراد عبد الرحمن العدني (عبد الرحمن بن مرعي بن بريك ) هكذا ينبغي أن يُضاف حتى لا يتبجح بكلمة "العدني " ، نعم الصلح معه يكون بتوبته من الباطل ، بتوبته من الشر ، بتوبته منه البدعة ، وبتوبته من التعصيب ،والتكتيل ، بتوبته من تفريق السلفيين ، ثم يزعمون ويقولون ما هنا دليل على تحذيره ، وعلى تبديعه وتفسيقه كل هذه أدلة ثابتة إلا إذا كنتم تريدون دليل من القرآن نص ، نقول يا جماعة الله يقول : عبد الرحمن العدني حزبي!! ،هذا لا يكون فإن الوحي قد انقطع من السماء ، أو حديث !! هذا لا يكون ، ولكن الدليل عندكم يا معشر الأصوليين ،هو الموصل إلى المطلوب ، هو الموصل إلى المقصود فالأدلة الدالة على حزبية العدني مذكورة في غير ما كتاب ، وفي غير ما شريط ، وفي غير ما منشور ، أحيلكم على كتابي " الخيانة الدعوية حجر عثرة في الدعوة السلفية " وهكذا في الطبعة الأخيرة تضمّن "العون الباري في بيان حزبية ابني مرعي ومن جرى مجراهم ورد تخرصات عبيد الله البخاري " ، هذا ردّ مختصر لأننا نخشى أن ينفذ تلبيس هذا الرجل على بعض من لم يُحسن النظر في أدلة الكتاب والسنة وفي الجمع بين المتماثلات والتفريق بين المختلفات ،
وسبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك . اهـ
قام بتفريغه :أبو عبد الرحمن إبراهيم أوموسي غفر الله له ولوالديه
28 جمادى الأولى 1434 هـ
تعليق