• If this is your first visit, be sure to check out the FAQ by clicking the link above. You may have to register before you can post: click the register link above to proceed. To start viewing messages, select the forum that you want to visit from the selection below.

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

رفع الوهم والإلتباس

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • رفع الوهم والإلتباس






    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله الذي هدى أولياءه إلى صراطه المستقيم، ووفقهم لمخالفة أصحاب الجحيم. فضلاً منه ونعمة والله ذو الفضل العظيم. أحمده سبحانه على فضله العميم, وأشكره وهو المستحق للحمد والشكر والتعظيم, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يهدي من يشاء ويضل من يشاء وهو العزيز الحكيم, وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله وخليله المصطفى الكريم, الذي حذَّر أمته من الفتن صغيرها وكبيرها حتى أبان الدين القويم والصراط المستقيم, وعلى آله وصحابته الغر الميامين ومن سار على دربهم إلى يوم الدين:
    أمابعـــــــــد:
    فإنَّ الناس كلما ابتعدوا عن عصر الرسالة والنبوة ازدادت عليهم الفتن وتلاطمت عليهم المحن وذلك لأنَّ الساعة لاتقوم إلاَّ على شرار الخلق كما ثبت ذلك عن نبينا صلى الله عليه وسلم من حديث عبد الله بن عمرو أنَّه قال: (( لا تقوم الساعة إلاَّ على شرار الخلق هم شر من أهل الجاهلية لا يدعون الله بشيء إلاَّ رده عليهم )).[1] بل وبين يدي الساعة تكثر الفتن مصداق ذلك ما أخرجه الترمذي[2] وغيره عن أنس بن مالك وغيره أنَّه قال: (( تكون بين يدي الساعة فتن كقطع الليل المظلم يصبح الرجل فيها مؤمناً, و يمسي كافراً, و يمسي مؤمناً, ويصبح كافراً يبيع أقوام دينهم بعرض من الدنيا )).
    قال الشيخ الألباني: (( صحيح )) [انظر حديث رقم: 2993 في صحيح الجامع].
    وإنَّ من الفتن التي ظهرت هذه الأيام وطل قرنها وهي كثيرة لا كثرها الله تلك التي عمت وطمت والتبس أمرها على كثير من الناس ألا وهي فتنة تلك البنت الصغيرة التي تدعى المعالجة, والطبيبة من غير علم, وتعلم للطب, وفنونه فحصل من ذلك شر عظيم, فيا ليت شعري كيف لوقد ظهر فيهم المسيح الدجال, وعظمت فتنته من إفراغ السحاب ماءها, وإخراج الأرض كنوزها, وإظهار ما يزعم أنَّها جنته, وناره, وادعائه إحياء الموتى, فياليت شعري ماحال, وما أمر الناس يومئذ, فاللهم سلم سلم, وقد طلب مني بعض الأفاضل حفظهم الله بيان ورد بعض شبه وحجج من يدافع ويروج لتلكم الكاهنة, فأحببت أن أقف بعض الوقفات في بيان دفع بعض الشبه التي يثيرها ويروج لها بعض المغرورين والمفتونين والمروجين لهذا الشر والله المستعان. وقد سميته: "رفع الوهم و الإلتباس عما خفي من فتنة كاهنة النشمة على الناس".
    فأقول مستعينا بالله معتمدًا عليه: معاشر المسلمين ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: (( من أتى كاهناً، فصدَّقه بما يقول؛ فقد كفر بما أنزل على محمد )) عند الإمام أحمد والأربعة[3] من حديث أبي هريرة رضي الله عنه, وصححه الألباني في [صحيح الجامع] رقم (5942 ).
    ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: (( مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَىْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاَةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً )), أخرجه مسلم عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - .[4]
    ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم - وقد سئل عن إتيان الكهان فقيل إنَّ قوماً منا يأتون الكهان قال -: (( فلا تأتهم )), أخرجه الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه من حديث معاوية ابن الحكم السلمي رضي الله عنه.[5]
    فهذه فتوى رسول الله صلى الله عليه وسلم فماذا بعد الحق إلاَّ الضلال, فكيف يطيب للمرأ أن يأتيهم ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( لاتأتهم )), وإنَّما دخل اللبس على بعض الناس فأجازوا لأنفسهم ولغيرهم هذا الفعل إمَّا بسبب ضعف توكلهم على ربهم وعدم صبرهم وتقواهم والله عزوجل يقول: (ومن يتق الله يجعل له مخرجا) [الطلاق: ٢](وألواستقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءغدقا)[16], و إمَّا بسبب ما يعرض عليهم من الشبة التي يلقيها الشيطان وأعوانه والله المستعان, فمن ذلك:
    قولهم: هذه كرامة جعلها الله في هذه الفتاة, فنقول والله المعين: إنَّ الكرامة كما عرفها أهل العلم: أمر خارق للعادة من قبل شخص غير مقارن لدعوى النبوة فما لا يكون مقروناً بالإيمان والعمل الصالح استدراج, وما قرن بدعوى النبوة معجزة .ا.هـ من التعاريف.[6]
    وفي فتاوى اللجنة الدائمة: (( الكرامة: أمرٌ خارق للعادة يظهره الله تعالى على يد عبد من عباده الصالحين حيًّا أو ميتًا؛ إكرامًا له، فيدفع عنه ضرًا، أو يحقق له نفعًا، أو ينصر به حقًّا )). [فتاوى اللجنة الدائمة] ( 1/388).
    فالكرامة إذاً أمرخارق للعادة, فهل فعل هذه الفتاة أمرخارق للعادة بحيث أنَّ هذا الأمر وهو المعالجة لا يستطيع عليه أحد أم أنَّه مما يمكن أن يناله من يسعى في طلبه وتعلمه, أمَّا الكرامة فإنَّ من أمثلتها ما ذكره الأئمة كالبخاري وغيره, وماذكره شيخ الإسلام رحمه الله تعالى فقال: (( في بيان بعض الكرامات ماحدث لعمران بن حصين ضي الله عنه حيث كانت الملائكة تسلم عليه؛ وكان سلمان وأبو الدرداء يأكلان في صحفة فسبحت الصحفة, أو سبح ما فيها, وعباد بن بشر, وأسيد بن حضير خرجا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة مظلمة فأضاء لهما نور مثل طرف السوط فلما افترقا افترق الضوء معهما. رواه البخاري وغيره. وخرجت أم أيمن مهاجرة وليس معها زاد ولا ماء فكادت تموت من العطش فلما كان وقت الفطر وكانت صائمة سمعت حساً على رأسها فرفعته فإذا دلو معلق فشربت منه حتى رويت وما عطشت بقية عمرها, وغير هذا كثير فهذه الكرامات لا تستطاع بحال من الأحوال بخلاف الطب والتطبيب, ثم لا تكون إلاَّ بسبب الإيمان والعمل الصالح.
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (( كَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ سَبَبُهَا الْإِيمَانُ وَالتَّقْوَى )) .ا.هـ من [مجموع الفتاوى] (11/287).
    وقال أيضاً في موضع آخر: (( كَرَامَاتُ الْأَوْلِيَاءِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ سَبَبُهَا الْإِيمَانَ وَالتَّقْوَى )).ا.هـ من [المجموع] (11/302).
    وقال الشيخ عبد الظاهر أبو السمح: (( الكرامات لا يملكها أحد لنفسه بل الله يكرم من يشاء من عباده بالإيمان والتقوى )). [الرسالة المكية]، (ص 25).
    وقال الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ: (( الكرامة: أمرٌ يجريه الله على يد عبده المؤمن التقي، إمَّا بدعاء أو أعمال صالحة، لا صنع للولي فيها، ولا قدرة له عليها )). [تيسير العزيز الحميد] ص (413).
    وفي فتاوى اللجنة الدائمة: (( الكرامة: أمرٌ خارق للعادة يظهره الله تعالى على يد عبد من عباده الصالحين حيًّا أو ميتًا؛ إكرامًا له، فيدفع عنه ضرًا، أو يحقق له نفعًا، أو ينصر به حقًّا )) [فتاوى اللجنة الدائمة] (1/388).
    ويقول الإمام الشافعي رحمه الله: (( إذا رأيت الرجل يمشي على الماء أو يطير في الهواء فلا تصدقه حتى تعرضه على الكتاب والسنة )).[7] فسببها إذاً الإيمان, والتقوى فقلي بربك كيف بلغت هذه الفتاة هذه المرتبة وهي لم يجر عليها قلم التكليف بعد, والله المستعان, وإنَّما هذا من تلاعب الشيطان وحيله في إغواء بني آدم, أليس هو القائل كما أخبر الله عنه:
    (قال ربي بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين,إلاعبادك منهم المخلصين) [الحجر: ٣٩-40].
    قال العلامة الشنقيطي رحمه الله: (( قال بعض العلماء: هذا قسم من إبليس بإغواء الله له على أنه يغوي بني آدم إلاَّ عباد الله المخلصين، ويدل له أنَّه أقسم بعزته تعالى على ذلك في قوله (فبعزتك لأغوينهم أجمعين)[ ص: ٨٢ ]. الآية، وقيل: الباء في قوله:(بماأغويتني) سببية.ا.هـ.[8]
    وأليس هو القائل:(قال فبماأغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم ,ثم لأتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولاتجدأكثرهم شاكرين)[ الأعراف: ١٦ - ١٧]، أليس هو القائل(قال أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتني إلى يوم القيامةلأحتنكن ذريته إلاقليلا)[ الإسراء: ٦٢].
    قال العلامة الشنقيطي رحمه الله: (( وهذا قاله إبليس قبل أن يقع ظناً منه أنَّه يتمكن من إضلال أكثر بني آدم، وقد بين تعالى أنَّه صدق ظنه هذا بقوله:(ولقدصدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلافريقا من المؤمنين) [ سبأ: 20] )) ا.هـ من [أضواء البيان] (2/276), فانضر إلى هذا الحرص الشديد والتفاني العجيب في إغواء بني آدم أفيأمن الإنسان بعد ذلك من كيده ومكره, وقد لبس وأضل وفتن أناساً كثراً بأعظم من هذا, من ذلك ما ذكره شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في كتابه الماتع "الفرقان" فقال رحمه الله: (( والأسود العنسي الذي ادعى النبوة كان له من الشياطين من يخبره ببعض الأمور المغيبة فلما قاتله المسلمون كانوا يخافون من الشياطين أن يخبروه بما يقولون فيه: حتى أعانتهم عليه امرأته لما تبين لها كفره فقتلوه. وكذلك مسيلمة الكذاب كان معه من الشياطين من يخبره. بالمغيبات ويعينه على بعض الأمور وأمثال هؤلاء كثيرون, مثل: الحارث الدمشقي الذي خرج بالشام زمن عبد الملك بن مروان وادعى النبوة وكانت الشياطين يخرجون رجليه من القيد وتمنع السلاح أن ينفذ فيه وتسبح الرخامة إذا مسحها بيده وكان يرى الناس رجالاً وركباناً على خيل في الهواء ويقول: هي الملائكة وإنَّما كانوا جناً ولما أمسكه المسلمون ليقتلوه طعنه الطاعن بالرمح فلم ينفذ فيه فقال له عبد الملك: إنَّك لم تسم الله فسمى الله فطعنه فقتله ".ا.هـ من [الفرقات بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان] ص (299-300) لشيخ الإسلام, وانظر لزاماً كتاب "إغاثة اللهفان" لتلميذ شيخ الإسلام وهو ابن القيم رحمه الله وكيف أنه لبس على فئام من الناس حتى أوردهم الموارد, والله المستعان .قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (( والشيطان يضل بني آدم بحسب قدرته ...والشيطان وإن أعان الإنسان على بعض مقاصده فإنَّه يضره أضعاف ما ينفعه, وعاقبة من أطاعه إلى شر إلاَّ أن يتوب الله عليه )).ا.هـ "الفرقان".[9]
    وَ( إِنَّ خَوَارِقَ الْعَادَاتِ لاَ تَدُل عَلَى عِصْمَةِ صَاحِبِهَا، وَلاَ عَلَى وُجُوبِ اتِّبَاعِهِ فِي كُل مَا يَقُول، لأَِنَّ بَعْضًا مِنْهَا قَدْ يَصْدُرُ عَنِ الْكُفَّارِ وَالسَّحَرَةِ بِمُؤَاخَاتِهِمْ لِلشَّيَاطِينِ، كَمَا ثَبَتَ فِي حَدِيثِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الدَّجَّال أَنَّهُ يَقُول لِلسَّمَاءِ: أَمْطِرِي فَتُمْطِرُ، وَلِلأَْرْضِ: أَنْبِتِي فَتُنْبِتُ وَأَنَّهُ يَقْتُل وَاحِدًا ثُمَّ يُحْيِيهِ، وَأَنَّهُ يَخْرُجُ خَلْفَهُ كُنُوزُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ )). [مجموع فتاوى ابن تيمية] (10 /431 ، 11 /214 ،271،274 ).
    فإن قيل ما مصلحة الشيطان بتلبسه بهذه الطفلة؟
    أقول الفائدة له عظيمة, وعظيمة جداً أليس قد جعل قلوب فئام من الناس تتعلق بل وتعتمد على غير خالقها ومدبر أمرهاسبحانه؟ أليس قد أوقع الناس في أمر خطير وعظيم ألا وهو الذهاب إلى الكهان والعرافين وقد سمعت حكم الرسول صلى الله عليه وسلم فيه؟ ألم يفتتن الناس بها غاية الإفتتان وغاية الفتنة؟ ألم يصرف الناس عن التوجه والإلتجاء إلى الله سبحانه إلى التوجه إلى مخلوق ضعيف مثله؟ فماذا بعد هذه الفائدة من فائدة؟.
    فإن قيل هي ليست كاهنة, ولا عرافة, ولا كذلك تتعامل بالسحر.
    أقول الكهانة: ادعاء علم الغيب بواسطة استخدام الجن، قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن في "فتح المجيد" رحمه الله تعالى: (( وأكثر ما يقع في هذا ما يخبر به الجن أولياءهم من الإنس عن الأشياء الغائبة بما يقع في الأرض من الأخبار فيظنه الجاهل كشفاً وكرامة، وقد اغتر بذلك كثير من الناس يظنون المخبر بذلك عن الجن ولياً لله وهو من أولياء الشيطان )).[10]
    قال البغوي رحمه الله تعالى: (( والعراف هو الذي يدعي معرفة الأمور بمقدمات يستدل بها على المسروق ومكان الضالة، وقيل هو الكاهن )).[11]
    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: (( العراف اسم للكاهن والمنجم والرمال ونحوهم ممن يتكلم في معرفة الأمور بهذه الطرق )).ا.هـ [12]
    وقال الإمام السيوطي رحمه الله تعالى في "شرحه لصحيح مسلم": (( أنَّ الكاهن يتعاطى الأخبار عن الكائنات في مستقبل الزمان, ويدعي معرفة الأسرار والعراف الذي يدعى معرفة الشيء المسروق ومكان الضالة ونحوهما )).ا.هـ.[13]
    وقال الإمام الشنقيطي رحمه الله تعالى: (( والعراف: هو الحازي والمنجم الذي يدعي علم الغيب، وهي العرافة وصاحبها عراف، وهو الذي يستدل على الأمور بأسباب ومقدمات يدعي معرفتها. وقد يعتضد بعض أهل هذا الفن في ذلك بالزجر والطرق والنجوم، وأسباب معتادة في ذلك، وهذا الفن هو العيافة بالياء، وكلها ينطلق عليها اسم الكهانة، قاله القاضي عياض.
    والكهانة: ادعاء علم الغيب.ا.هـ.[14]
    أقول: أليست تخبر عن بعض الأمور المغيبة كما ذكر هذا عنها, كنوع المرض, وبما تحدث به المريض, أو أخفاه من النقود وما شابه ذلك؟ وهذا من ادعاء علم الغيب, وهو في حقيقة الأمر أمر سهل لا صعوبة فيه لأنَّ الجني المتلبس بها يسأل قرين المريض بما حدث فيخبره ثم يخبر هو هذه الفتاة فيظن من نقص علمه وعقله أنَّ هذه كرامة ومنحة ربانية وحقيقتها لعبة شيطانية ومصيدة خبيثة يصطاد بها السذج من الناس ولاحول ولا قوة إلاَّ بالله,يقول الشيخ حافظ بن حكمي رحمه الله في كتابه معارج القبول ج1: ثم اعلم أن الكاهن وإن كان أصله ما ذكرنا_أي الرئي من الشياطين المسترقة السمع _فهو عام في كل من ادعى معرفة المغيبات ولو بغيره كالرمال الذي يخط بالأرض أو غيرها والمنجم الذي قدمنا ذكره أو الطارق بالحصى وغيرهم ممن يتكلم في معرفة الأمور الغائبة كالدلالة على مسروق ومكان الضالة ونحوها أو المستقبلة كمجئ المطر أو رجوع الغائب أو هبوب الرياح ونحو ذلك مما استأثر الله عز و جل بعلمه فلا يعلمه ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا من طريق الوحي كما قال تعالى (فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من أرتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا) الجن 26, ملائكة يحفظونه من مسترقي السمع وغيرهم( ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم وأحاط بما لديهم وأحصى كل شئ عددا الجن) 28 فمن ذا الذي يدعي علم ما استأثر الله بعلمه عن رسله من الملائكة والبشر كما قال تعالى عن نوح عليه السلام ولا أقول (لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب )هود31.ا.ه
    ويقول رحمه الله وهو يبين أوجه كفر الكاهن : الثامن وهو أعظمها تشبه بالله عز و جل في صفاته ومنازعته له تعالى في ربوبيته فإن علم الغيب من صفات الربوبيه التي استأثر الله تعالى بها دون من سواه فلا سمي له مضاهي ولا مشارك (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو)الأنعام 59( قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون )النمل 65(عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا )الجن27,(أم عندهم الغيب فهم يكتبون )الطور41,(أم عنده علم الغيب فهو يرى )النجم 35,ولسان حال الكاهن وقاله يقول نعم.ا.ه ج 1
    ومما يدل على تكهنها وشعوذتها أنَّها تسأل بعض المرضى عن أمهاتهم وهذا إنَّما يسأل عنه من كان له صلة بالتنجيم والعياذ بالله, وما عرف هذا الأمر قط إلاَّ عنهم فماذا يعني هذا؟!!, والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (( مَنِ اقْتَبَسَ عِلْمًا مِنَ النُّجُومِ اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنَ السِّحْرِ زَادَ مَا زَادَ )). أخرجه أبو داود[15] عن ابن عباس وحسنه الألباني رحمه الله.
    أفبعد هذا يقال أنَّها ليست بساحرة ولا كاهنة, فيا معاشر أهل الإسلام والإيمان والتوحيد اتقوا الله في عقيدتكم وتوحيدكم فوالله لإنَّ يموت المرأ في مرضه خير له من أن يبيع آخرتة بدنياه ولن تسلم له أمر دنياه.
    وبعظهم يستدل بقوله عليه الصلاة والسلام: (( تداووا عباد الله فإنَّ الله تعالى لم يضع داءً إلاَّ وضع له دواء غير داء واحد : الهرم )). أخرجه أحمد والأربعة وابن حبان وغيرهم[16] عن أسامة بن شريك, وقال الألباني في "صحيح الجامع": (( صحيح )) انظر حديث رقم: (2930).
    نقول: نعم, وبقول رسول الله صلى الله عليه وسلم نقول وإليه ندعو فإنَّه القائل كمى من حديث أبي الدرداء عند الإمام أبي داود[17]: (( إنَّ الله تعالى خلق الداء والدواء فتداووا ولا تتداووا بحرام )), وكذلك أخرجه الطبراني[18], قال الألباني (( صحيح )). انظر حديث رقم: (1762) في "صحيح الجامع", وقال البخاري رحمه الله تعالى في "صحيحه"[19]: (( وقال ابن مسعود رضي الله عنه: "إنَّ الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم" ))، قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري"[20]: (( أخرجه ابن أبي شيبة عن جرير عن منصور وسنده صحيح على شرط الشيخين )).
    فالذي أباح لنا التداوي هو الذي حرم علينا التداوي بالمحرم:(أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض) [البقرة: ٨٥] الآية, وقدعلمت حكمه عليه السلام في إتيان الكهان (( فلا تأتهم )), و(( لم تقبل له صلاة أربعيني ليلة )). هذا إذا لم يصدقهم أما إن حصل التصديق: (( فقد كفربماأنزل على محمد )).
    وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم [ رواه البخاري في " صحيحه " ( 6/247، 248 ) معلقًا من كلام ابن مسعود رضي الله عنه].
    وقال العلامة ابن باز رحمه الله تعالى: (( علاج المصروع والمسحور بالآيات القرآنية والأدوية المباحة لا حرج فيه؛ إذا كان ذلك ممن يعرف بالعقيدة الطيبة والالتزام بالأمور الشرعية.
    أما العلاج عند الذين يدعون علم الغيب أو يستحضرون الجن أو أشباههم من المشعوذين أو المجهولين الذين لا تعرف حالهم ولا تعرف كيفية علاجهم فلا يجوز إتيانهم ولا سؤالهم ولا العلاج عندهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً"؛ أخرجه مسلم في صحيحه، وقوله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَتَى كَاهِنًا أَوْ عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم" أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد جيد. ولأحاديث أخرى في هذا الباب كلها تدل على تحريم سؤال العرافين والكهنة وتصديقهم وهم الذين يدعون علم الغيب أو يستعينون بالجن ويوجد من أعمالهم وتصرفاتهم ما يدل على ذلك، وفيهم وأشباههم ورد الحديث المشهور الذي رواه الإمام أحمد وأبو داود بإسناد جيد عن جابر رضي الله عنه قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن النُّشْرة فقال: "هُوَ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ"، وفسر العلماء هذه النشرة بأنَّها ما كان يعمل في الجاهلية من حَلَّ السحر بمثله. ويلتحق بذلك كل علاج يستعان فيه بالكهنة والعرافين وأصحاب الكذب والشعوذة.
    وبذلك يعلم أن العلاج لجميع الأمراض وأنواع الصرع وغيره إنَّما يجوز بالطرق الشرعية والوسائل المباحة )) ا.هـ كلام العلامة ابن باز من "[21], وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى: (( التداوي بالمحرم لا يجوز لنهي النبي صلّى الله عليه وسلّم عن ذلك حيث قال: "تداووا ولا تداووا بحرام"، ولعموم الأدلة في تحريم المحرم، فهي عامة وليس فيها تفصيل، ولأنَّه لو كان فيه خير لم يمنع الله العباد منه، بل أحله لهم )) ا.هـ كلام ابن عثيمين من "الشرح الممتع كتاب الجنائز".[22]
    وقال العلامة الفوزان حفظه الله: (( ولا يجوز التداوي بمحرم؛ لما في "الصحيح" عن ابن مسعود رضي الله عنه؛ أنَّه قال: "إنَّ الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم"، وروى أبو داود وغيره عن أبي هريرة مرفوعاً: "إنَّ الله أنزل الدواء، وأنزل الداء، وجعل لكل داء دواء، ولا تداووا بحرام"، وفي "صحيح مسلم"؛ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال في الخمر: "إنَّه ليس بدواء ولكنه داء" )).ا.هـ كلام الفوزان من "الملخص الفقهي أحكام الجنائز".[23]
    وقد يقول قائل: لقد حصلت فائدة ومنفعة لبعض الناس.
    أقول: أولاً ليست المنفعة والفائدة هي الميزان في التحليل والتحريم وإنَّما الميزان هو الكتاب والسنة فالحلال ما أحل الله والحرام ما حرم الله أمَّا المنفعة والفائدة فليست مقياس فتأمل في الخمر والميسر ألم يقل الله فيهما(يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس )الأية[ البقرة: ٢١٩].
    والربا كذلك فيه منفعة للمرابي بربحه ما لا يضمن, ومع ذلك كان فعله محاربة لله جل وعلا (فأذنوابحرب من الله ورسوله)[البقرة: ٢٧٩].
    يقول العلامة التويجري رحمه الله: (( وليس كل ما فيه فائدة طبية يكون جائزاً من أجل تلك الفائدة. بل ينظر في الشيء فإن كان مباحًا جاز التداوي به وإن كان محرما حرم التداوي به وإن كان مكروهًا كره التداوي به والأمثلة على ذلك كثيرة )).ا.هـ من "الإيضاح والتبيين".[24]
    ثانياً: إنَّ كثيراً من تلك الشائعات والأراجيف من خبر أمرها وتفحص حالها وجدها مجرد شائعات لازمام لها ولاخطام بل ولا ساق لهل ولا سنام ووقت الفتن تكثر فيه الأراجيف والشائعات وما أعظم تأديب نبيناصلى الله عليه وسلم لنا بقوله: (( كفى بالمرأ إثماً أن يحدث بكل ما يسمع )). أخرجه أبو داوود[25] وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه. قال الشيخ الألباني: (( صحيح )). انظر حديث رقم: (4480) في "صحيح الجامع". فاليحذر العبد أن يكون داعية ومروجاً ومحسناً للشر والعياذ بالله.فيا عباد الله إنَّما هي نفس واحدة فلا يخاطرن المرأ بها فإنَّ العقبة كؤد والطريق طويل والمنزل إمَّا إلى جنة وإمَّا إلى نار فالحذر الحذر والتوبة التوبة قبل حلول الندم, أسأل الله أن يجنبنا وإياكم الفتن ماظهر منها وما بطن, وأن يرفع ضركل مريض وأن يعافي كل مبتلى إنَّه سميع مجيب.كان الإنتهاء من مراجعته 15ربيع الآخر 1434من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم.
    وكتبه أبوأسامة :محمدبن قاسم بن حسن المجيدي غفر الله ولوالديه ولجميع المسلمين,والحمدلله رب العالمين.



    [1]- رواه مسلم (1924).

    [2]- رواه الترمذي (2197).

    [3]- رواه أحمد (9532), وأبو داود (3904), رواه الترمذي (135), وابن ماجة (639), والنسائي في [الكبرى] (9017).

    [4]- رواه مسلم (2230).

    [5]- رواه مسلم (537).

    [6]- [التعريفات] للجرجاني برقم (1170).

    [7]- ذكره الحافظ ابن كثير في [تفسيره] (1/233).


    [8]- [أضواء البيان] (2/ 276).

    [9] - [الفرقان] ص (309). و[مجموع الفتاوى] (11/ 292).

    [10]- [فتح المجيد] ص (313).

    [11]- [شرح السنة] (12/ 182) للبغوي.

    [12]- [مختصر الفتاوي المصرية لابن تيمية] (1/ 144). للبعلي.

    [13]- [الديباج على مسلم] (4/ 173) للسيوطي.

    [14]- [أضواء البيان] (1/ 483).
    :

    [15]- أبو داود (3905), وهو أيضاً عند أحمد (2000), وابن ماجة (3726), وغيرهم.

    [16]- رواه أحمد (18477), وأبو داود (3855), والترمذي (2038), وابن ماجة (3436), وابن حبان (486), والنسائي في [الكبرى] (7553).

    [17]- رواه أبو داود (3874).

    [18]- رواه الطبراني في [المعجم الكبير] (20116).

    [19]- في "كتاب الأشربة" في باب " شراب الحلواء والعسل " رقم الباب (14).

    [20]- [فتح الباري] (10/ 79).

    [21]- [فتاوى إسلامية] (1/ 21) جمع المسند.

    [22]- [الشرح الممتع] (5/ 235).

    [23]- [الملخص الفقهي] (1/ 293).

    [24]- [الإيضاح والتبيين] (ص: 185).

    [25]- أبو داود (4992).
    التعديل الأخير تم بواسطة محمد بن قاسم بن حسن المجيدي; الساعة 17-03-2013, 09:37 AM.

  • #2
    جزاك الله أخي محمدًا على هذا البيان الجميل

    تعليق

    يعمل...
    X