بيان الاتفاق
بين تأصيلات فركوس وأبي الحسن والحلبي
أهل البدعة والشقاق
كتبه
أبو حاتم يوسف بن العيد بن صالح العنابي الجزائري
بسم الله الرحمن الرحيم
بين تأصيلات فركوس وأبي الحسن والحلبي
أهل البدعة والشقاق
كتبه
أبو حاتم يوسف بن العيد بن صالح العنابي الجزائري
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إلهٰ إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران:102].
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا الله الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ الله كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء:1].
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ الله وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب:70،71].
أما بعد:
فيقول الله تعالى في كتابه الكريم: (كَذَلِكَ مَآ أَتَى الذين مِن قَبْلِهِمْ مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ قَالُواْ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ أَتَوَاصَوْاْ بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ) [الذاريات:52-53].
فبين الله عز وجل أن سبب تواطئ أهل الباطل على الباطل وعداوة أهل الحق ليس هو التواصي به، لاختلاف أزمنتهم وأمكنتهم، ولذلك أضرب بقوله: (أَتَوَاصَوْاْ بِهِ) عن تواصيهم بذلك إضراب إبطال، وبين بأن الذي جمعهم على ذلك هو مشابهة بعضهم لبعض في الطغيان، فقال: (بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ)؛ فهذا الموجب الذي جمعهم على عداوة الحق وأهله.
وقد أوضح تعالى هذا المعنى في سورة البقرة في قوله: (كَذَلِكَ قَالَ الذين مِن قَبْلِهِمْ مِّثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ) [البقرة:118].
وهذا يدل على أن أهل الباطل إنما تتشابه تأصيلاتهم؛ لأن قلوب بعضهم تشبه قلوب بعض في الزيغ والانحراف، فتشابهت مقالاتهم في رد الحق لأجل تشابه قلوبهم. ( )
وبيّن تعالى ذلك أيضا في آيات كثيرة.
فقَالَ تَعَالَى: (كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ).
وَقَالَ تعالى: (مَا يُقَالُ لَكَ إلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ).
وَقَالَ تعالى: (يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ).
وأخرج مسلم (2638) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف»، وجاء عن عائشة رضي الله عنها عند البخاري (3336) معلقا، ووصله في «الأدب المفرد» (900).
وهذا الائتلاف عام، يشمل ائتلاف القلوب، والأقوال، والأبدان.
والبدعي لا بد أن يظهر ألفته لمن هم على شاكلته من أهل البدع والأهواء، وميله إليهم بالقول أو البدن، اللذين هما دليلان على تآلف القلوب.
كما أنه لا بد أن يظهر عداوته للحق وأهله بالقول، أو مباينة أهل الحق بالأبدان، اللذين هما دليلان على ما يكنه في قلبه من بغض وعداوة لأهل الحق.
ولذا قال بعض السلف: (يتكاتم أهل الأهواء كل الشيء إلا التآلف والصحبة) الإبانة الكبرى لابن بطة برقم (510) وغيره.
وقال الأوزاعي: (من ستر عنا بدعته لم تخفَ عنا ألفته) (الإبانة برقم420).
وعن يحيى بن سعيد القطان قال: لما قدم سفيان الثوري البصرة، جعل ينظر إلى أمر الربيع -يعني ابن صبيح- ، وقدره عند الناس، سأل : أي شيء مذهبه؟ قالوا : ما مذهبه إلا السنة، قال : من بطانته؟ قالوا : أهل القدر قال : هو قدري.
قال الإمام ابن بطة رحمه الله: رحمة الله على سفيان الثوري، لقد نطق بالحكمة فصدق، وقال بعلمٍ فوافق الكتاب والسنة، وما توجبه الحكمة ويدركه العيان، ويعرفه أهل البصيرة والبيان، قال الله عز وجل: (ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم). «الإبانة لابن بطة» (1/144).
وقال العلامة النجمي رحمه الله في رده على أبي الحسن ذاكرا بعض الأدلة على تبديعه: (وتواطئك مع المبتدعة حيث تمدحهم وتثني عليهم وتنسجم معهم، ولكنك تعادي السلفيين وتتكلم فيهم) الفتاوى الجلية (ص215).
................................
رابط تحميل الرسالة كاملة من الخزانة العلمية
رابط تحميل الرسالة كاملة من الخزانة العلمية
تعليق