"زحف الجيش السلفي
في غزو
محمد بن عبد الوهاب الوصابي
الخلفي"
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وسلم تسليمًا، ورضي الله عن الصحب أجمعين، ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد.
فقد قال الله -تعالى-: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}
فما أن حصل الصلح بين أهل السنة والرافضة في فتنتهم، وأخذ أهل السنة يلتقطون أنفاسهم إلَّا وخرجت فتنة على إثرها ترققها، ألا وهي فتنة محمد بن عبد الوهاب الوصابي العبدلي، صاحب الحديدة، الذي يريد أن يحاصر دار الحديث السلفية بدماج حصارًا معنويًّا، حيث تكلَّم بكلام فيه بغيٌ على تلك الدار، فما كان من أهل السنة إلا أن أعادوا لُبْسَ لأَمَة القتال مرة أخرى، وانتدب إخوان كثر للرد عليه فقاتلوه وأثخنوه.
غير أن هذا القتال في هذه الفتنة إنما هو باللسان والبيان والحجة والبرهان، وهكذا كان رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وأصحابه ينتقلون من جهاد إلى جهاد، ويأبى الله إلا ذلك لِمَا يريده بهم من الخير، قال -تعالى- عن غزوة أحد التي أُصيب المسلمون فيها بما أُصيبوا به، وعن غزوة حمراء الأسد التي تلتها:
{وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّه لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ * الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَاتَّقَواْ أَجْرٌ عَظِيمٌ * الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ * إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}
وقد قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله تعالى- في تفسيره، عند تفسير قوله -تعالى-:
{الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَاتَّقَواْ أَجْرٌ عَظِيمٌ}
قال: "وقوله -تعالى-: {الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ}
هذا كان يوم حمراء الأسد، وذلك أن المشركين لما أصابوا ما أصابوا من المسلمين كرُّوا راجعين إلى بلادهم، فلما استمروا في سيرهم تندَّموا لِمَ لا تَمَّمُوا على أهل المدينة، وجعلوها الفَيْصَلة، فلَمَّا بلغ ذلك رسولَ الله ندب المسلمين إلى الذهاب وراءهم ليرعبهم ويريهم أن بهم قوة وجَلَدًا، ...
فانتدب المسلمون على ما بهم من الجراح والإثخان طاعة لله –عز وجل- ولرسوله -صلى الله عليه وسلم- ...
إلى أن قال:
"وقال البخاري: حدثنا محمد بن سلام، حدثنا أبو معاوية عن هشام عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنها- {الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} الآية، قالت لعروة:
يا ابن أختي! كان أبواك منهم الزبير وأبو بكر -رضي الله عنهما- لما أصاب نبيَّ الله ما أصابه يوم أحد، وانصرف عنه المشركون، خاف أن يرجعوا، فقال:
"مَن يرجع في أثرهم"
فانتدب منهم سبعون رجلًا، فيهم أبو بكر والزبير -رضي الله عنهما-.
هكذا رواه البخاري منفردًا به بهذا السياق"
انتهى كلام الحافظ -رحمه الله تعالى-.
قلت: وقد قال مسلم -رحمه الله- في كتاب الجهاد والسير من صحيحه، حديث رقم (1769) :
وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن العلاء الهمداني كلاهما عن ابن نمير، قال ابن العلاء: حدثنا ابن نمير، حدثنا هشام عن أبيه عن عائشة قالت: أُصيب سعد يوم الخندق، رماه رجل من قريش، يقال له ابن العَرِقَة، رماه في الأكحل، فضرب عليه رسول الله خيمة في المسجد يعوده من قريب، فلما رجع رسول الله من الخندق وضع السلاح فاغتسل، فأتاه جبريل وهو ينفض رأسه من الغبار، فقال: وضعت السلاح؟ والله ما وضعناه، اخرج إليهم، فقال رسول الله:"فأين؟"
فأشار إلى بني قريظة، فقاتَلَهم رسول الله، فنزلوا على حكم رسول الله، فرد رسول الله الحكم فيهم إلى سعد، قال:
فإني أحكم فيهم أن تُقْتَل المقاتِلة، وأن تُسْبَى الذرية والنساء، وتُقسَمَ أموالهم.
قلت: وقد وَعَدَ الله بهداية المجاهدين فيه سبله، فمَن كان مجاهدًا في الله، فإنه مهديٌّ، بخلاف المتخاذلين عن الجهاد المخذلين لغيرهم عنه، فإنهم محرومون من هذا التوفيق ومن تلك الهداية، قال -تعالى-:
{إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّه وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ}
وقال:{إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّه وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ * كَتَبَ اللَّه لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّه قَوِيٌّ عَزِيزٌ}
ومِن جنس الجهاد في الله جهاد أهل الأهواء والأخطاء والأدواء، ودَفْع شبههم ودحرهم، وتثبيت المؤمنين.
هذا، وقد وقفت على كلامٍ لذاك الوصابي مسموعًا ومقروءًا، فرأيتُ أن أُسهِم بسهمي بين السهام، فوضعت هذا الرد عليه نصرة للحق، ودحضًا للباطل وابتغاءً للأجر، وقد سميته:
في غزو
محمد بن عبد الوهاب الوصابي
الخلفي"
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وسلم تسليمًا، ورضي الله عن الصحب أجمعين، ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد.
فقد قال الله -تعالى-: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}
فما أن حصل الصلح بين أهل السنة والرافضة في فتنتهم، وأخذ أهل السنة يلتقطون أنفاسهم إلَّا وخرجت فتنة على إثرها ترققها، ألا وهي فتنة محمد بن عبد الوهاب الوصابي العبدلي، صاحب الحديدة، الذي يريد أن يحاصر دار الحديث السلفية بدماج حصارًا معنويًّا، حيث تكلَّم بكلام فيه بغيٌ على تلك الدار، فما كان من أهل السنة إلا أن أعادوا لُبْسَ لأَمَة القتال مرة أخرى، وانتدب إخوان كثر للرد عليه فقاتلوه وأثخنوه.
غير أن هذا القتال في هذه الفتنة إنما هو باللسان والبيان والحجة والبرهان، وهكذا كان رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وأصحابه ينتقلون من جهاد إلى جهاد، ويأبى الله إلا ذلك لِمَا يريده بهم من الخير، قال -تعالى- عن غزوة أحد التي أُصيب المسلمون فيها بما أُصيبوا به، وعن غزوة حمراء الأسد التي تلتها:
{وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّه لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ * الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَاتَّقَواْ أَجْرٌ عَظِيمٌ * الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ * إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}
وقد قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله تعالى- في تفسيره، عند تفسير قوله -تعالى-:
{الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَاتَّقَواْ أَجْرٌ عَظِيمٌ}
قال: "وقوله -تعالى-: {الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ}
هذا كان يوم حمراء الأسد، وذلك أن المشركين لما أصابوا ما أصابوا من المسلمين كرُّوا راجعين إلى بلادهم، فلما استمروا في سيرهم تندَّموا لِمَ لا تَمَّمُوا على أهل المدينة، وجعلوها الفَيْصَلة، فلَمَّا بلغ ذلك رسولَ الله ندب المسلمين إلى الذهاب وراءهم ليرعبهم ويريهم أن بهم قوة وجَلَدًا، ...
فانتدب المسلمون على ما بهم من الجراح والإثخان طاعة لله –عز وجل- ولرسوله -صلى الله عليه وسلم- ...
إلى أن قال:
"وقال البخاري: حدثنا محمد بن سلام، حدثنا أبو معاوية عن هشام عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنها- {الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} الآية، قالت لعروة:
يا ابن أختي! كان أبواك منهم الزبير وأبو بكر -رضي الله عنهما- لما أصاب نبيَّ الله ما أصابه يوم أحد، وانصرف عنه المشركون، خاف أن يرجعوا، فقال:
"مَن يرجع في أثرهم"
فانتدب منهم سبعون رجلًا، فيهم أبو بكر والزبير -رضي الله عنهما-.
هكذا رواه البخاري منفردًا به بهذا السياق"
انتهى كلام الحافظ -رحمه الله تعالى-.
قلت: وقد قال مسلم -رحمه الله- في كتاب الجهاد والسير من صحيحه، حديث رقم (1769) :
وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن العلاء الهمداني كلاهما عن ابن نمير، قال ابن العلاء: حدثنا ابن نمير، حدثنا هشام عن أبيه عن عائشة قالت: أُصيب سعد يوم الخندق، رماه رجل من قريش، يقال له ابن العَرِقَة، رماه في الأكحل، فضرب عليه رسول الله خيمة في المسجد يعوده من قريب، فلما رجع رسول الله من الخندق وضع السلاح فاغتسل، فأتاه جبريل وهو ينفض رأسه من الغبار، فقال: وضعت السلاح؟ والله ما وضعناه، اخرج إليهم، فقال رسول الله:"فأين؟"
فأشار إلى بني قريظة، فقاتَلَهم رسول الله، فنزلوا على حكم رسول الله، فرد رسول الله الحكم فيهم إلى سعد، قال:
فإني أحكم فيهم أن تُقْتَل المقاتِلة، وأن تُسْبَى الذرية والنساء، وتُقسَمَ أموالهم.
قلت: وقد وَعَدَ الله بهداية المجاهدين فيه سبله، فمَن كان مجاهدًا في الله، فإنه مهديٌّ، بخلاف المتخاذلين عن الجهاد المخذلين لغيرهم عنه، فإنهم محرومون من هذا التوفيق ومن تلك الهداية، قال -تعالى-:
{إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّه وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ}
وقال:{إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّه وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ * كَتَبَ اللَّه لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّه قَوِيٌّ عَزِيزٌ}
ومِن جنس الجهاد في الله جهاد أهل الأهواء والأخطاء والأدواء، ودَفْع شبههم ودحرهم، وتثبيت المؤمنين.
هذا، وقد وقفت على كلامٍ لذاك الوصابي مسموعًا ومقروءًا، فرأيتُ أن أُسهِم بسهمي بين السهام، فوضعت هذا الرد عليه نصرة للحق، ودحضًا للباطل وابتغاءً للأجر، وقد سميته:
تعليق