التمايز عن المبطلين منهج القرآن والسُّنَّة الصحيحة المعتبرة
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه أمّا بعد :
فإنَّ القرآن والسُّنَّة منهج متكامل معصوم يتفيء المؤمنون ضلاله ويعيشون مستمسكين بأحكامه عاملين بها فإذا كان ذلك كذلك فشى في الأمّة الخير وعمَّ الصلاح وساد القبيلة أخيارها ومن بين تلك الأحكام التي جاء بها كتاب ربنا سبحانه وسنة نبينا صلى الله عليه وسلّم هو التمايز عن أهل الباطل ومفاصلتهم وعدم الركون إليهم حيث قال سبحانه في كتابه العزيز : {وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ }هود113
وقال سبحانه في موضع آخر من كتابه : {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ }الأنعام68
وقال سبحانه مبرِّئاً نبيه صلى الله عليه وسلَّم ممن اتخذ دينه شيعاً وأحزاباً : {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ }الأنعام159
وقال سبحانه منزّهاً عباده المؤمنين أن يوالوا أولياء الشياطين ومن حادَّ الله ورسوله : {لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }المجادلة22
وقال سبحانه في براءة نبيه صلى الله عليه وسلم من دين الكافرين : قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ{1} لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ{2} وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ{3} وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ{4} وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ{5} لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ{6}
هذه الآيات وغيرها كثير دالة بصريحها على منهج التمايز عن المبطلين وإنَّ القرآن العظيم هو كتاب ميّز الله فيه بين الحق والباطل وفرّق فيه بين منهج الحق والهداية ومنهج الضلال والغواية لذلك كان كتاب الله سبحانه وتعالى –ولا زال – كتاباً عظيماً يحمل بين جنباته منهجاً علمياً رصيناً في أهميَّة التمايز عن منهج أهل الغي والضلال ولأنَّ دين الإسلام دين حق وعدل كان من رغب عنه لم – ولن – يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً لقوله سبحانه {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ }آل عمران85
فابتغاء دين غير دين الإسلام علامة الزندقة المكشوفة عياذاً بالله تعالى ومن هنا كانت المساواة بين دين الإسلام وغيره من الأديان إلحاد عن الحق والهدى وعلامة الردِّة المستقلة الواضحة التي لا يستريب المؤمن الصادق منها البتة .
فما نسمعه من دعوات وحدة الأديان والمساواة بينها أو دعاوى التقريب بين الأديان أو المقاربة في الأفكار فإنه منهج فاسد خبيث يسعى للخلط بين الحق والباطل وهدم منهج التمايز عن أهل الكفر والضلال والبدع بل والمعاصي .
وإنَّ هذا المنهج الخبيث يتزعمه أُناس ممن أشربت البدع في قلوبهم حتى جرّت بعضهم إلى الزندقة والكفر عياذاً بالله تعالى فلا نعجب فإن من علامة قبول الحسنة الحسنة بعدها ومن علامة عدم قبول الحسنة السيئة بعدها فهؤلاء لمّا كان انتسابهم إلى السُنَّة وأهلها مجرّد ادّعاء كشف الله أمرهم وهتك سترهم لأنَّ الله تعالى قال : {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }الحجر9 فحفظ الله لدينه يقتضي هتك أستار من أراد به شراً وضلالاً وهذا من رحمة الله تعالى بالمسلمين أنه يهتك ستر من أراد بدينهم سوءاً ويهيء لهم علماء أجلاء ينفون عن دينهم تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين .
فلا ينبغي أبداً الاعتراض على من هتك أستار أهل الباطل بحجّة وبيان وإن كان هؤلاء المهتوكة أستارهم ممن سمت أقدارهم وعلا شأنهم وكان لهم من الأتباع ما تكتض به المساجد فإنَّ على الحق نجم يتلألئ ولا يقاوم صاحب الحجة الناصح لدين الله تعالى بهذه الحجج الواهية المنكسرة من أنَّ فلاناً صاحب قدم راسخة في المنهج والعقيدة حتى أصبح عند بعضهم (غلوٌ في الاتباع()) فحذار حذار من هذا المنهج الفاسد.
أما من السُّنَّة النبويّة المشرّفة المعتبرة فقد جاءت أحاديثه صلى الله عليه وسلم كثيرة متوافرة في تقرير هذا المنهج الأصيل وتطبيقه تطبيقاً عملياً وحثِّ أصحابه عليه وذلك بتمايزه عن الكافرين وهجرته من دارهم وجهاده المرير لهم والنيل منهم خير منال كل ذلك تثبيتاً لمنهج التمايز عن المبطلين وعلى هذا سار من بعده أصحابه وأئمّة الإسلام يشيدون لنا مجداً أضعناهُ وذلك يتمثل بجهاد المبطلين بالحجّة والبيان وهو ما يقوم به علماء الإسلام من الرد على أهل الباطل إذ هو جهاد علي الرتبة ونفاح عن السنة الغراء يسجَّل في صحائف الغيارى الذابين عن السنة وأهلها السادين لثغور الإسلام .
فأي جهادٍ أعظم من أن يجاهد المرء بسيفه وسنانه وقلمه وبيانه إذ هو شرف عظيم ما جمعه الله لقوم في عصرنا إلا لأهل السُّنة في دار الحديث العامرة السلفية بدمّاج رحم الله بانيها وأعز الله قدر خليفته إلى يوم الدين فقد جمع الله لهم بين جهاد المبطلين على اختلاف صنوفهم وجهادهم لزنادقة الرافضة بالسيف والسنان إذ قد أهلك الله على أيديهم عدداً كبيراً من رؤوس الزندقة وأتباعهم وأبلى أهل السنة في تلك المعارك الضارية بلاءاً حسنا على قلة عتادهم وضعف أسلحتهم إلا أنّ ترسيخ مبدأ التمايز عن المبطلين والتصفية والتربية حققت لهم إنجازاً عظيماً أراهم الله تعالى ثمرته في حياتهم قبل مماتهم.
وإنَّ السلفي المنصف يرى أن الشيخ يحيى – وفقه الله – ومن معه يتكلمون في أُناس ينالهم من الكلام فيهم الأذى الكثير والمعارضة الشديدة ولكنهم لمّا علموا أنَّ هذه الأمة لن يكتب لها التمكين ولا الظفر ولا النصر ولا التقدم إلا بالتمايز عن المبطلين اتخذوا ذلك منهجاً في حياتهم وأصبحوا يرون فيه صلاحاً للأُمة مرتقب قدومه لا محال بل لقد أتى هذا المنهج أُكله الطيب وثمرته الحسنة إذ أنَّ أهل الباطل ترتعد فرائصهم وضاقوا بهذا المنهج ذرعاً حتى أصبحوا يسمونه منهج التجريح والتقبيح وأنه فرق بين الناس .
ونحن نقرُّ بأنَّ منهج الجرح والتعديل والتمايز عن المبطلين فرّق بين النّاس ولكنه فرّق بالحق لا بالباطل كما فرّق النبي صلى الله عليه وسلم بين الكفر والإسلام وتنازعت قريش حتى وصل الأمر إلى أن تنقسم عائلة في أرض المعركة قسم في صف المسلمين وقسم في صف الكفر والزندقة فهل يقال إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم فرَّق الأمة؟!
فعليكم أخوتي بهذا المنهج السلفي الأصيل فإنه والله منهج النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ولا أستريب في ذلك طرفة عين ولا أدنى ذلك .
ولا أنسى في الختام أن أذكر شخصاً عزيزاً تمثّل بهذا المنهج ألا وهو الشيخ العالم الراحل سعيد بن دعّاس المشوشي اليافعي – رحمه الله – فقد كان ممن أُبلي بنصرة السُّنَّة والذب عنها بقاله وفعاله وبنانه حتى توفاه الله على أيدي زنادقة الحوثيين عليهم الغضب والسام والسخط فقد تمثَّل الشيخ سعيد بن دعاس منهج التمايز عن المبطلين وظهر ذلك جلياً في كتاباته وفي محاضراته وختمه أخيراً بأنَّ جاد بنفسه نصرةً للمنهج الحق وإعلاءاً لكلمة الله تعالى أسأل الله أن يجمعنا به في الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحَسُن أولئك رفيقاً وسبحانك اللهمَّ وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أنمار ليث صلاح الجميلي
العراق – محافظة صلاح الدين الخميس 1 محرّم 1434 هــ
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه أمّا بعد :
فإنَّ القرآن والسُّنَّة منهج متكامل معصوم يتفيء المؤمنون ضلاله ويعيشون مستمسكين بأحكامه عاملين بها فإذا كان ذلك كذلك فشى في الأمّة الخير وعمَّ الصلاح وساد القبيلة أخيارها ومن بين تلك الأحكام التي جاء بها كتاب ربنا سبحانه وسنة نبينا صلى الله عليه وسلّم هو التمايز عن أهل الباطل ومفاصلتهم وعدم الركون إليهم حيث قال سبحانه في كتابه العزيز : {وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ }هود113
وقال سبحانه في موضع آخر من كتابه : {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ }الأنعام68
وقال سبحانه مبرِّئاً نبيه صلى الله عليه وسلَّم ممن اتخذ دينه شيعاً وأحزاباً : {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ }الأنعام159
وقال سبحانه منزّهاً عباده المؤمنين أن يوالوا أولياء الشياطين ومن حادَّ الله ورسوله : {لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }المجادلة22
وقال سبحانه في براءة نبيه صلى الله عليه وسلم من دين الكافرين : قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ{1} لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ{2} وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ{3} وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ{4} وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ{5} لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ{6}
هذه الآيات وغيرها كثير دالة بصريحها على منهج التمايز عن المبطلين وإنَّ القرآن العظيم هو كتاب ميّز الله فيه بين الحق والباطل وفرّق فيه بين منهج الحق والهداية ومنهج الضلال والغواية لذلك كان كتاب الله سبحانه وتعالى –ولا زال – كتاباً عظيماً يحمل بين جنباته منهجاً علمياً رصيناً في أهميَّة التمايز عن منهج أهل الغي والضلال ولأنَّ دين الإسلام دين حق وعدل كان من رغب عنه لم – ولن – يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً لقوله سبحانه {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ }آل عمران85
فابتغاء دين غير دين الإسلام علامة الزندقة المكشوفة عياذاً بالله تعالى ومن هنا كانت المساواة بين دين الإسلام وغيره من الأديان إلحاد عن الحق والهدى وعلامة الردِّة المستقلة الواضحة التي لا يستريب المؤمن الصادق منها البتة .
فما نسمعه من دعوات وحدة الأديان والمساواة بينها أو دعاوى التقريب بين الأديان أو المقاربة في الأفكار فإنه منهج فاسد خبيث يسعى للخلط بين الحق والباطل وهدم منهج التمايز عن أهل الكفر والضلال والبدع بل والمعاصي .
وإنَّ هذا المنهج الخبيث يتزعمه أُناس ممن أشربت البدع في قلوبهم حتى جرّت بعضهم إلى الزندقة والكفر عياذاً بالله تعالى فلا نعجب فإن من علامة قبول الحسنة الحسنة بعدها ومن علامة عدم قبول الحسنة السيئة بعدها فهؤلاء لمّا كان انتسابهم إلى السُنَّة وأهلها مجرّد ادّعاء كشف الله أمرهم وهتك سترهم لأنَّ الله تعالى قال : {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }الحجر9 فحفظ الله لدينه يقتضي هتك أستار من أراد به شراً وضلالاً وهذا من رحمة الله تعالى بالمسلمين أنه يهتك ستر من أراد بدينهم سوءاً ويهيء لهم علماء أجلاء ينفون عن دينهم تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين .
فلا ينبغي أبداً الاعتراض على من هتك أستار أهل الباطل بحجّة وبيان وإن كان هؤلاء المهتوكة أستارهم ممن سمت أقدارهم وعلا شأنهم وكان لهم من الأتباع ما تكتض به المساجد فإنَّ على الحق نجم يتلألئ ولا يقاوم صاحب الحجة الناصح لدين الله تعالى بهذه الحجج الواهية المنكسرة من أنَّ فلاناً صاحب قدم راسخة في المنهج والعقيدة حتى أصبح عند بعضهم (غلوٌ في الاتباع()) فحذار حذار من هذا المنهج الفاسد.
أما من السُّنَّة النبويّة المشرّفة المعتبرة فقد جاءت أحاديثه صلى الله عليه وسلم كثيرة متوافرة في تقرير هذا المنهج الأصيل وتطبيقه تطبيقاً عملياً وحثِّ أصحابه عليه وذلك بتمايزه عن الكافرين وهجرته من دارهم وجهاده المرير لهم والنيل منهم خير منال كل ذلك تثبيتاً لمنهج التمايز عن المبطلين وعلى هذا سار من بعده أصحابه وأئمّة الإسلام يشيدون لنا مجداً أضعناهُ وذلك يتمثل بجهاد المبطلين بالحجّة والبيان وهو ما يقوم به علماء الإسلام من الرد على أهل الباطل إذ هو جهاد علي الرتبة ونفاح عن السنة الغراء يسجَّل في صحائف الغيارى الذابين عن السنة وأهلها السادين لثغور الإسلام .
فأي جهادٍ أعظم من أن يجاهد المرء بسيفه وسنانه وقلمه وبيانه إذ هو شرف عظيم ما جمعه الله لقوم في عصرنا إلا لأهل السُّنة في دار الحديث العامرة السلفية بدمّاج رحم الله بانيها وأعز الله قدر خليفته إلى يوم الدين فقد جمع الله لهم بين جهاد المبطلين على اختلاف صنوفهم وجهادهم لزنادقة الرافضة بالسيف والسنان إذ قد أهلك الله على أيديهم عدداً كبيراً من رؤوس الزندقة وأتباعهم وأبلى أهل السنة في تلك المعارك الضارية بلاءاً حسنا على قلة عتادهم وضعف أسلحتهم إلا أنّ ترسيخ مبدأ التمايز عن المبطلين والتصفية والتربية حققت لهم إنجازاً عظيماً أراهم الله تعالى ثمرته في حياتهم قبل مماتهم.
وإنَّ السلفي المنصف يرى أن الشيخ يحيى – وفقه الله – ومن معه يتكلمون في أُناس ينالهم من الكلام فيهم الأذى الكثير والمعارضة الشديدة ولكنهم لمّا علموا أنَّ هذه الأمة لن يكتب لها التمكين ولا الظفر ولا النصر ولا التقدم إلا بالتمايز عن المبطلين اتخذوا ذلك منهجاً في حياتهم وأصبحوا يرون فيه صلاحاً للأُمة مرتقب قدومه لا محال بل لقد أتى هذا المنهج أُكله الطيب وثمرته الحسنة إذ أنَّ أهل الباطل ترتعد فرائصهم وضاقوا بهذا المنهج ذرعاً حتى أصبحوا يسمونه منهج التجريح والتقبيح وأنه فرق بين الناس .
ونحن نقرُّ بأنَّ منهج الجرح والتعديل والتمايز عن المبطلين فرّق بين النّاس ولكنه فرّق بالحق لا بالباطل كما فرّق النبي صلى الله عليه وسلم بين الكفر والإسلام وتنازعت قريش حتى وصل الأمر إلى أن تنقسم عائلة في أرض المعركة قسم في صف المسلمين وقسم في صف الكفر والزندقة فهل يقال إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم فرَّق الأمة؟!
فعليكم أخوتي بهذا المنهج السلفي الأصيل فإنه والله منهج النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ولا أستريب في ذلك طرفة عين ولا أدنى ذلك .
ولا أنسى في الختام أن أذكر شخصاً عزيزاً تمثّل بهذا المنهج ألا وهو الشيخ العالم الراحل سعيد بن دعّاس المشوشي اليافعي – رحمه الله – فقد كان ممن أُبلي بنصرة السُّنَّة والذب عنها بقاله وفعاله وبنانه حتى توفاه الله على أيدي زنادقة الحوثيين عليهم الغضب والسام والسخط فقد تمثَّل الشيخ سعيد بن دعاس منهج التمايز عن المبطلين وظهر ذلك جلياً في كتاباته وفي محاضراته وختمه أخيراً بأنَّ جاد بنفسه نصرةً للمنهج الحق وإعلاءاً لكلمة الله تعالى أسأل الله أن يجمعنا به في الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحَسُن أولئك رفيقاً وسبحانك اللهمَّ وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أنمار ليث صلاح الجميلي
العراق – محافظة صلاح الدين الخميس 1 محرّم 1434 هــ
تعليق