الشيخ العلَّامة ربيع بن هادي المدخلي-حفظه الله احفظوا هذه القصَّة
(...قال: وحدَّثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقَزْوِينِيُّ أَيْضًا، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدَكَ الْقَزْوِينِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ يُوسُفَ الزِّمِّيَّ، يَقُولُ: بَيْنَا أَنَا قَائِلٌ فِي بَعْضِ بُيُوتِ خَانَاتِ مَرْوٍ فَإِذَا أَنَا بِهَوْلٍ عَظِيمٍ، قَدْ دَخَلَ عَلَيَّ، فَقُلْتُ: مَنْ أَنْتَ؟، قَالَ: لَيْسَ تَخَافُ يَا أَبَا زَكَرِيَّا؟، قَالَ قُلْتُ: فَنَعَمْ، مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: فقُمْتُ وَتَهَيَّأْتُ لِقِتَالِهِ، فَقَالَ: أنا أَبُو مُرَّةَ قَالَ: فَقُلْتُ: لَا حَيَّاكَ اللَّهُ، فَقَالَ: لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكَ فِي هَذَا الْبَيْتِ لَمْ أَدْخُلْ، وَكُنْتُ أَنْزِلُ بَيْتًا آخَرَ، وَكَانَ هَذَا مَنْزِلِي حِينَ آتِي خُرَاسَانَ قَالَ: قُلْتُ: مِنْ أَيْنَ أَتَيْتَ؟ قَالَ: مِنَ الْعِرَاقِ قَالَ وَقُلْتُ: وَمَا عَمِلْتَ بِالْعِرَاقِ؟ قَالَ: خَلَّفْتُ فِيهَا خَلِيفَةً، قُلْتُ: وَمَنْ هُوَ؟ قَالَ: بِشْرٌ الْمِرِّيسِيُّ، قُلْتُ: وَإِلَى مَا يَدْعُو؟ قَالَ: إِلَى خَلْقِ الْقُرْآنِ، قَالَ: وَآتِي خُرَاسَانَ فَأَخَلِفُ فِيهَا خَلِيفَةً أَيْضًا قَالَ: قُلْتُ: إِيشِ تَقُولُ فِي الْقُرْآنِ أَنْتَ؟، قَالَ: أَنَا وَإِنْ كُنْتُ شَيْطَانًا رَجِيمًا أَقُولُ: " الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ.
قال: وحَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْوَاسِطِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: كُنَّا نَقْرَأُ عَلَى شَيْخٍ ضَرِيرٍ بِالْبَصْرَةِ، فَلَمَّا أَحْدَثُوا بِبَغْدَادَ الْقَوْلَ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ قَالَ الشَّيْخُ: إِنْ لَمْ يَكُنِ الْقُرْآنُ مَخْلُوقًا، فَمَحَا اللَّهُ الْقُرْآنَ مِنْ صَدْرِي، قَالَ: فَلَمَّا سَمِعْنَا هَذَا مِنْ قَوْلِهِ تَرَكْنَاهُ وَانْصَرَفْنَا عَنْهُ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ مُدَّةٍ لَقِينَاهُ، فَقُلْنَا يَا فُلَانُ مَا فَعَلَ الْقُرْآنُ؟ قَالَ: مَا بَقِيَ فِي صَدْرِي مِنْهُ شَيْءٌ، قُلْنَا: وَلَا (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) قَالَ: وَلَا (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) إِلَّا أَنْ أَسْمَعَهَا مِنْ غَيْرِي يَقْرَؤُهَا)أهـ.
التعليق:
القصَّتان صحيحتان وقد يستغرب الإنسان ولكن ليس بغريب ولا بحديث، فهذا (يَحْيَى بْنَ يُوسُفَ الزِّمِّيّ) حكى هذه القصَّة-ويعني-حكيت عنه بإسناد صحيح، أنَّ الشيطان أتاه وهو في (مرو) في خان، يعني: كأنَّه منزل يشبه الفندق ينزل فيه يعني الغرباء والوافدين وكذا من هذا الصنف، قال له: ما تخاف مني؟، قال له أبو زكريا: لا ما أخاف منك ما أخاف، من أنت؟، (فَقَالَ: أنا أَبُو مُرَّةَ)-أنا الشيطان-، الشيطان الأكبر-لعنة الله عليه-.
(قَالَ قُلْتُ: فَنَعَمْ، مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: وَقُمْتُ وَتَهَيَّأْتُ لِقِتَالِهِ، فَقَالَ: أنا أَبُو مُرَّةَ قَالَ: فَقُلْتُ: لَا حَيَّاكَ اللَّهُ)، يعني: ثابت قوي الجأش، يمكن لو كان جبان تخور عليه قواه ويموت، الشيطان أمامه وكذا يخاف، الإنسان ما يقدر يواجه الجن، كثير من الناس لَمَّا يرى الجن يموت خوفًا، بعض الناس لا يستطيع يواجه الجن ويهزمها، ومنهم عمر بن الخطَّاب ما سلك فجًّا إلَّا سلك الشيطان فجًّا غير فجِّه.
ومنهم أبو هريرة-رضي الله عنه-أمسك الشيطان وهو يحثو من الطعام ويسرق أمسكه ثلاث مرَّات، ما يخاف!.
المؤمن القوي لا يخاف لا من الجن ولا من الإنس، لا يخاف إلَّا الله-تبارك وتعالى-، خاصَّة الخوف الشركي-نعوذ بالله-، فبعضهم يخاف الخوف الشركي من الأموات ومن الشياطين-ونعوذ بالله من البلاء-، فهذا لم يخف ثابت الجأش وقوي وقابل الشيطان هذه المقابلة،
(فَقَالَ) له الشيطان: (لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكَ) وهذا دليل أن الشيطان والجن لا يعلمون الغيب كما قال الله في قصَّة سليمان { فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ }سبأ {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ * تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ * يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ}الشعراء، كاذبون وهم كذَّابون بارك الله فيك.
لأنَّه يسرق يسمع الأخبار في السحاب أو في السماء ويأخذ-يخطف-الكلمة وينزل فيقرُّها في أذن الكاهن أو الساحر، فيضيف إليها مائة كذبة، هذا الذي يضيف يقال أنه الشيطان ويقال أنه الكاهن، وعلى كل حال: سواء الكاهن أو كان الشيطان، الساحر والكاهن اللذان يتلقيان من الشياطين الإفك والكذب كذَّابون، فإنَّ من روى حديثًا يرى أنَّه كذب فهو أحد الكذَّابين.
على كل حال: قال: (لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكَ فِي هَذَا الْبَيْتِ لَمْ أَدْخُلْ، وَكُنْتُ أَنْزِلُ بَيْتًا آخَرَ) ما هو في هذا المنزل، (وَكَانَ هَذَا مَنْزِلِي) يعني: هذا المنزل الذي أنت فيه أنزل فيه-كنت أنزل فيه-، (حِينَ آتِي خُرَاسَانَ فَقُلْتُ: مِنْ أَيْنَ أَتَيْتَ؟ قَالَ: مِنَ الْعِرَاقِ) قلت: الفتنة محتدمة فيها.
(قُلْتُ: وَمَا عَمِلْتَ بِالْعِرَاقِ؟ قَالَ: خَلَّفْتُ فِيهَا خَلِيفَةً) من الخلفاء قد يكون خلفاء الشياطين، (قُلْتُ: وَمَنْ هُوَ؟، قَالَ: بِشْرٌ الْمِرِّيسِيُّ) فدعاة البدع والضلال خلفاء الشيطان، والعلماء ورثة الأنبياء وخلفاؤهم إن شاء الله، ودعاة البدع والباطل والكفر والضلال خلفاء إبليس وجنوده، فاحذروا أن يكون أحد منكم من جند الشيطان أو من خلفائه-نسأل الله أن يحفظ علينا ديننا وأن يجنِّبنا الفتن والبدع، وأن ينزِّهنا من خلافة الشياطين-.
(قُلْتُ: إِلَى مَا يَدْعُو؟ قَالَ: إِلَى خَلْقِ الْقُرْآنِ) هذه وحدها مكسب كبير للشيطان وفيها معارك وفيها خلافة وفيها وفيها، هناك بدع أكبر منها-والعياذ بالله-يدعو إليها كثير من الناس، فتجد هذه واحدة من مئات البدع من بدعه-مع الأسف-، فهؤلاء أقوى وأعرك في الخلافة من بشر المريسي.
وأنا قلته لبعض المنافحين عن بعض أهل البدع المعاصرين، قلت له:ماذا تنقم على بشر المريسي وفي ماذا سقط عند الأمَّة سنِّيها وبدعيِّها؟، قال: لأنَّه كان يقول بخلق القرآن، قلت: فلان يشاركه في هذه القضية وعنده مئات أخرى-يعني-من البدع الكبرى أكبر من هذه كيف ما تهزك؟، شوفوا يا إخوان العمى!-أعوذ بالله من العمى والضلال-نعوذ بالله، أعوذ بالله من البلاء خاصَّة إذا كان هؤلاء مع بلائهم ينتمون إلى المنهج السلفي فإن الكارثة تتضخم جدًا والمصيبة تعظم إذا كان أنصار البدع الكبرى يدَّعون وينتسبون إلى المنهج السلفي فهذه والله كارثة على الأمَّة، وقد أضرُّوا كثيرًا بأنفسهم وبمن-يعني-تابعهم من الأغبياء والجهلة-نسأل الله العافية-.
(قَالَ: وَآتِي خُرَاسَانَ فأُخَلِفْ فيها خليفة) لأن هذا الشرق كما يقول: يطلع منه قرن الشيطان، ففي العراق وما وراءه-يعني-قرن الشيطان، بدعة الروافض والخوارج والمعتزلة والجهميَّة وغيرهم-ومنها خلق القرآن-كلها ذَرَّ قرنها من هذا المشرق الذي نسأل الله-تبارك وتعالى-أن يكفَّ شرَّه عن أمَّة الإسلام وعن الإسلام.
سأله: (قُلْتُ: إِيشِ تَقُولُ فِي الْقُرْآنِ أَنْتَ؟) إذا كان عندك هذا النشاط وخليفة من الخلفاء لهذه البدعة؟، أنت إيش رأيك فيها؟، ماذا تقول؟، ( قَالَ: أَنَا وَإِنْ كُنْتُ شَيْطَانًا رَجِيمًا أَقُولُ: (الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ)أهـ، يضحك على الناس فيضيِّعهم-بارك الله فيك-، {إِنَّ الشيطان يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ}فاطر نعوذ بالله.
طيب بعض الدعاة يقول لك: هو ما يؤمن بهذا! مثلًا: ما يقول: بوحدة الوجود؟، طيب يقول: ما يعتقد بوحدة الوجود، طيب ما يعتقدها يجوز ولكن! يدعو إليها! هو شيطان، هو شيطان-بارك الله فيك-، هو أخبث من هؤلاء الذين يقعون في بدعته، عرفتم؟.
يقولون لك: فلان ما يقول بوحدة الوجود، هو قالها، كتبها، سبق لسان وقلم، طيب إيش اللي خلَّاه يكتبها؟، يمدح أهلها، وإلى آخره؟، فإن كان يؤمن بها فهو منهم، وإن كان لا يؤمن بها فهو شرٌ منهم، من كيد الشيطان هذا، لا يؤمن بالمقولة: إن (القرآن مخلوق) ويدعو إليها وينشط لها وكذا وهو لا يؤمن بها!، فإذا كان مثلًا يدعو إلى الاشتراكية أو اليهودية أو النصرانيَّة ويمدحها ولا يؤمن بها! وهو لا يؤمن بها!، لأن بولص دعا إلى النصرانيَّة وهو لا يؤمن بها وهو أكفر منهم، هو لا يؤمن بأن عيسى بن الله أو ثالث ثلاثة أو هو الله، هو اللي وضع هذه العقائد وضعها وهو لا يؤمن بها، لكن هو أنجس وأكفر من النصارى.
فهكذا الذي يدعو إلى بدعة، يدعو إلى بدعة كفريَّة ولَّا غير كفريَّة هو شرٌ مِمَّن لا يدعو إليها مِمَّن اعتنقها ولا يدعو إليها، فهمتم هذا؟، فلان يقول لك: فلان ما يدعو إلى وحدة الوجود.
احكوا له القصة هذه، احفظوها تكون حجَّة عليه، وهي قصَّة صحيحة، فهمتم؟
(...قال: وحدَّثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقَزْوِينِيُّ أَيْضًا، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدَكَ الْقَزْوِينِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ يُوسُفَ الزِّمِّيَّ، يَقُولُ: بَيْنَا أَنَا قَائِلٌ فِي بَعْضِ بُيُوتِ خَانَاتِ مَرْوٍ فَإِذَا أَنَا بِهَوْلٍ عَظِيمٍ، قَدْ دَخَلَ عَلَيَّ، فَقُلْتُ: مَنْ أَنْتَ؟، قَالَ: لَيْسَ تَخَافُ يَا أَبَا زَكَرِيَّا؟، قَالَ قُلْتُ: فَنَعَمْ، مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: فقُمْتُ وَتَهَيَّأْتُ لِقِتَالِهِ، فَقَالَ: أنا أَبُو مُرَّةَ قَالَ: فَقُلْتُ: لَا حَيَّاكَ اللَّهُ، فَقَالَ: لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكَ فِي هَذَا الْبَيْتِ لَمْ أَدْخُلْ، وَكُنْتُ أَنْزِلُ بَيْتًا آخَرَ، وَكَانَ هَذَا مَنْزِلِي حِينَ آتِي خُرَاسَانَ قَالَ: قُلْتُ: مِنْ أَيْنَ أَتَيْتَ؟ قَالَ: مِنَ الْعِرَاقِ قَالَ وَقُلْتُ: وَمَا عَمِلْتَ بِالْعِرَاقِ؟ قَالَ: خَلَّفْتُ فِيهَا خَلِيفَةً، قُلْتُ: وَمَنْ هُوَ؟ قَالَ: بِشْرٌ الْمِرِّيسِيُّ، قُلْتُ: وَإِلَى مَا يَدْعُو؟ قَالَ: إِلَى خَلْقِ الْقُرْآنِ، قَالَ: وَآتِي خُرَاسَانَ فَأَخَلِفُ فِيهَا خَلِيفَةً أَيْضًا قَالَ: قُلْتُ: إِيشِ تَقُولُ فِي الْقُرْآنِ أَنْتَ؟، قَالَ: أَنَا وَإِنْ كُنْتُ شَيْطَانًا رَجِيمًا أَقُولُ: " الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ.
قال: وحَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْوَاسِطِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: كُنَّا نَقْرَأُ عَلَى شَيْخٍ ضَرِيرٍ بِالْبَصْرَةِ، فَلَمَّا أَحْدَثُوا بِبَغْدَادَ الْقَوْلَ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ قَالَ الشَّيْخُ: إِنْ لَمْ يَكُنِ الْقُرْآنُ مَخْلُوقًا، فَمَحَا اللَّهُ الْقُرْآنَ مِنْ صَدْرِي، قَالَ: فَلَمَّا سَمِعْنَا هَذَا مِنْ قَوْلِهِ تَرَكْنَاهُ وَانْصَرَفْنَا عَنْهُ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ مُدَّةٍ لَقِينَاهُ، فَقُلْنَا يَا فُلَانُ مَا فَعَلَ الْقُرْآنُ؟ قَالَ: مَا بَقِيَ فِي صَدْرِي مِنْهُ شَيْءٌ، قُلْنَا: وَلَا (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) قَالَ: وَلَا (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) إِلَّا أَنْ أَسْمَعَهَا مِنْ غَيْرِي يَقْرَؤُهَا)أهـ.
التعليق:
القصَّتان صحيحتان وقد يستغرب الإنسان ولكن ليس بغريب ولا بحديث، فهذا (يَحْيَى بْنَ يُوسُفَ الزِّمِّيّ) حكى هذه القصَّة-ويعني-حكيت عنه بإسناد صحيح، أنَّ الشيطان أتاه وهو في (مرو) في خان، يعني: كأنَّه منزل يشبه الفندق ينزل فيه يعني الغرباء والوافدين وكذا من هذا الصنف، قال له: ما تخاف مني؟، قال له أبو زكريا: لا ما أخاف منك ما أخاف، من أنت؟، (فَقَالَ: أنا أَبُو مُرَّةَ)-أنا الشيطان-، الشيطان الأكبر-لعنة الله عليه-.
(قَالَ قُلْتُ: فَنَعَمْ، مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: وَقُمْتُ وَتَهَيَّأْتُ لِقِتَالِهِ، فَقَالَ: أنا أَبُو مُرَّةَ قَالَ: فَقُلْتُ: لَا حَيَّاكَ اللَّهُ)، يعني: ثابت قوي الجأش، يمكن لو كان جبان تخور عليه قواه ويموت، الشيطان أمامه وكذا يخاف، الإنسان ما يقدر يواجه الجن، كثير من الناس لَمَّا يرى الجن يموت خوفًا، بعض الناس لا يستطيع يواجه الجن ويهزمها، ومنهم عمر بن الخطَّاب ما سلك فجًّا إلَّا سلك الشيطان فجًّا غير فجِّه.
ومنهم أبو هريرة-رضي الله عنه-أمسك الشيطان وهو يحثو من الطعام ويسرق أمسكه ثلاث مرَّات، ما يخاف!.
المؤمن القوي لا يخاف لا من الجن ولا من الإنس، لا يخاف إلَّا الله-تبارك وتعالى-، خاصَّة الخوف الشركي-نعوذ بالله-، فبعضهم يخاف الخوف الشركي من الأموات ومن الشياطين-ونعوذ بالله من البلاء-، فهذا لم يخف ثابت الجأش وقوي وقابل الشيطان هذه المقابلة،
(فَقَالَ) له الشيطان: (لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكَ) وهذا دليل أن الشيطان والجن لا يعلمون الغيب كما قال الله في قصَّة سليمان { فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ }سبأ {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ * تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ * يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ}الشعراء، كاذبون وهم كذَّابون بارك الله فيك.
لأنَّه يسرق يسمع الأخبار في السحاب أو في السماء ويأخذ-يخطف-الكلمة وينزل فيقرُّها في أذن الكاهن أو الساحر، فيضيف إليها مائة كذبة، هذا الذي يضيف يقال أنه الشيطان ويقال أنه الكاهن، وعلى كل حال: سواء الكاهن أو كان الشيطان، الساحر والكاهن اللذان يتلقيان من الشياطين الإفك والكذب كذَّابون، فإنَّ من روى حديثًا يرى أنَّه كذب فهو أحد الكذَّابين.
على كل حال: قال: (لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكَ فِي هَذَا الْبَيْتِ لَمْ أَدْخُلْ، وَكُنْتُ أَنْزِلُ بَيْتًا آخَرَ) ما هو في هذا المنزل، (وَكَانَ هَذَا مَنْزِلِي) يعني: هذا المنزل الذي أنت فيه أنزل فيه-كنت أنزل فيه-، (حِينَ آتِي خُرَاسَانَ فَقُلْتُ: مِنْ أَيْنَ أَتَيْتَ؟ قَالَ: مِنَ الْعِرَاقِ) قلت: الفتنة محتدمة فيها.
(قُلْتُ: وَمَا عَمِلْتَ بِالْعِرَاقِ؟ قَالَ: خَلَّفْتُ فِيهَا خَلِيفَةً) من الخلفاء قد يكون خلفاء الشياطين، (قُلْتُ: وَمَنْ هُوَ؟، قَالَ: بِشْرٌ الْمِرِّيسِيُّ) فدعاة البدع والضلال خلفاء الشيطان، والعلماء ورثة الأنبياء وخلفاؤهم إن شاء الله، ودعاة البدع والباطل والكفر والضلال خلفاء إبليس وجنوده، فاحذروا أن يكون أحد منكم من جند الشيطان أو من خلفائه-نسأل الله أن يحفظ علينا ديننا وأن يجنِّبنا الفتن والبدع، وأن ينزِّهنا من خلافة الشياطين-.
(قُلْتُ: إِلَى مَا يَدْعُو؟ قَالَ: إِلَى خَلْقِ الْقُرْآنِ) هذه وحدها مكسب كبير للشيطان وفيها معارك وفيها خلافة وفيها وفيها، هناك بدع أكبر منها-والعياذ بالله-يدعو إليها كثير من الناس، فتجد هذه واحدة من مئات البدع من بدعه-مع الأسف-، فهؤلاء أقوى وأعرك في الخلافة من بشر المريسي.
وأنا قلته لبعض المنافحين عن بعض أهل البدع المعاصرين، قلت له:ماذا تنقم على بشر المريسي وفي ماذا سقط عند الأمَّة سنِّيها وبدعيِّها؟، قال: لأنَّه كان يقول بخلق القرآن، قلت: فلان يشاركه في هذه القضية وعنده مئات أخرى-يعني-من البدع الكبرى أكبر من هذه كيف ما تهزك؟، شوفوا يا إخوان العمى!-أعوذ بالله من العمى والضلال-نعوذ بالله، أعوذ بالله من البلاء خاصَّة إذا كان هؤلاء مع بلائهم ينتمون إلى المنهج السلفي فإن الكارثة تتضخم جدًا والمصيبة تعظم إذا كان أنصار البدع الكبرى يدَّعون وينتسبون إلى المنهج السلفي فهذه والله كارثة على الأمَّة، وقد أضرُّوا كثيرًا بأنفسهم وبمن-يعني-تابعهم من الأغبياء والجهلة-نسأل الله العافية-.
(قَالَ: وَآتِي خُرَاسَانَ فأُخَلِفْ فيها خليفة) لأن هذا الشرق كما يقول: يطلع منه قرن الشيطان، ففي العراق وما وراءه-يعني-قرن الشيطان، بدعة الروافض والخوارج والمعتزلة والجهميَّة وغيرهم-ومنها خلق القرآن-كلها ذَرَّ قرنها من هذا المشرق الذي نسأل الله-تبارك وتعالى-أن يكفَّ شرَّه عن أمَّة الإسلام وعن الإسلام.
سأله: (قُلْتُ: إِيشِ تَقُولُ فِي الْقُرْآنِ أَنْتَ؟) إذا كان عندك هذا النشاط وخليفة من الخلفاء لهذه البدعة؟، أنت إيش رأيك فيها؟، ماذا تقول؟، ( قَالَ: أَنَا وَإِنْ كُنْتُ شَيْطَانًا رَجِيمًا أَقُولُ: (الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ)أهـ، يضحك على الناس فيضيِّعهم-بارك الله فيك-، {إِنَّ الشيطان يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ}فاطر نعوذ بالله.
طيب بعض الدعاة يقول لك: هو ما يؤمن بهذا! مثلًا: ما يقول: بوحدة الوجود؟، طيب يقول: ما يعتقد بوحدة الوجود، طيب ما يعتقدها يجوز ولكن! يدعو إليها! هو شيطان، هو شيطان-بارك الله فيك-، هو أخبث من هؤلاء الذين يقعون في بدعته، عرفتم؟.
يقولون لك: فلان ما يقول بوحدة الوجود، هو قالها، كتبها، سبق لسان وقلم، طيب إيش اللي خلَّاه يكتبها؟، يمدح أهلها، وإلى آخره؟، فإن كان يؤمن بها فهو منهم، وإن كان لا يؤمن بها فهو شرٌ منهم، من كيد الشيطان هذا، لا يؤمن بالمقولة: إن (القرآن مخلوق) ويدعو إليها وينشط لها وكذا وهو لا يؤمن بها!، فإذا كان مثلًا يدعو إلى الاشتراكية أو اليهودية أو النصرانيَّة ويمدحها ولا يؤمن بها! وهو لا يؤمن بها!، لأن بولص دعا إلى النصرانيَّة وهو لا يؤمن بها وهو أكفر منهم، هو لا يؤمن بأن عيسى بن الله أو ثالث ثلاثة أو هو الله، هو اللي وضع هذه العقائد وضعها وهو لا يؤمن بها، لكن هو أنجس وأكفر من النصارى.
فهكذا الذي يدعو إلى بدعة، يدعو إلى بدعة كفريَّة ولَّا غير كفريَّة هو شرٌ مِمَّن لا يدعو إليها مِمَّن اعتنقها ولا يدعو إليها، فهمتم هذا؟، فلان يقول لك: فلان ما يدعو إلى وحدة الوجود.
احكوا له القصة هذه، احفظوها تكون حجَّة عليه، وهي قصَّة صحيحة، فهمتم؟
تعليق