]رسالة عاجلة إلى كل غيور على بيت الله
بيوت الله لم تُبنَ لذلك
إنما بُنيت لما بُنيت له
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا رب سواه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي اصطفاه واجتباه صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله ومن والاه.
أما بعد:
فإن أشرف البقاع على وجه الأرض بيوت الله (المساجد) لما رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: «أَحَبُّ الْبِلاَدِ إِلَى اللَّهِ مَسَاجِدُهَا وَأَبْغَضُ الْبِلاَدِ إِلَى اللَّهِ أَسْوَاقُهَا» قال العلماء: (وإنما كانت المساجد أحب البقاع إلى الله لأنها بيوت الطاعات ومحل القربات ومحط الرحمات والبركات) ولذا أمر الله بتعظيمها وإحياءها، وحياتها تكون بذكره سبحانه وتقديسه فيها والثناء عليه وإقامة الصلاة فيها وقراءة القرءان ونشر العلوم والاعتكاف فيها للانقطاع عن الخلق والاتصال به سبحانه، بهذا تُعمر بيوت الله وتُحيى وتُرفع وتُعظم، قال الله تعالى: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ﴾ [النور/36] قال ابن كثير رحمه الله تعالى: (أمر الله تعالى برفعها، أي بتطهيرها من الدنس واللغو والأفعال والأقوال التي لا تليق فيها).
ولهذا نهانا رسولنا –صلى الله عليه وآله وسلم- عن أفعال هي في الأصل حلال لكنها لا تليق ببيت الله لعظمته، مثل البيع والشراء والإيجار وإنشاد الضالة ورفع الأصوات والخصومة والجدل، ومن أكل ثوما أو بصلا أو كراثا ينهى عن الدخول فيها، لما تنبعث منه من الريح المكروهه، كل ذلك تعظيما لبيوت الله واحتراما لها إذ ليست مثل أي مكان!.
ولما سمع النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- رجلا ينشد ضالة في المسجد، فقال النبي –صلى الله عليه وآله وسلم- «لا وجدتَ، إنما بُنيت المساجد لما بُنيت له» رواه مسلم، قال الإمام النووي –رحمه الله تعالى- : (معناه إنما بنيت لذكر الله تعالى والصلاة والعلم والمذاكرة في الخير ونحوها) اهـ .
وهذا التفسير مأخوذ من قول النبي –صلى الله عليه وآله وسلم- كما في حديث الأعرابي الذي بال في المسجد، وفيه قال النبي –صلى الله عليه وآله وسلم-: «إنما هي –أي المساجد- لذكر الله عز وجل والصلاة وقراءة القرءان» رواه مسلم.
فعُلم أخي الكريم مما مضى أن للمساجد حرمة وشأن عظيم عند الله تعالى، فيجب علينا أن نعظم ما عظمه الله، وذلك بعمارتها بما سبق ذكره وتنزيهها مما لا يليق بها.
ومن هذا المنطلق أقول:
إن ما قام به إخواننا –حفظهم الله تعالى- في مسجد طيب ليلة الاثنين 13/12/1433هـ مما سموه (الحفل التكريمي الأول) وما جاء في بعض فعاليات هذا الحفل أمر لا يُشكرون علية حقيقة، حيث وقد حصل منهم -أصلحهم الله- في حق بيت الله أخطاء وزلات لا يجوز السكوت عنها، هذا من جهة ومن جهة أخرى يجب عليهم التوبة إلى الله تعالى منها، ومن جهة ثالثة نطالبهم ونطالب روَّاد المساجد الأخرى –حفظهم الله- أن لا يتكرر منهم هذا الفعل، وفقنا الله وإياهم لكل خير، وذلك لما سبق ذكره من حرمة المساجد ووجوب احترامها بالأدلة السابقة الذكر، التي تجعل من عقلها يرفع بيوت الله عن مثل هذه الاحتفالات وأرض الله واسعة، فهل ضاقت بنا المنازل والدور والساحات حتى نوقع أنفسنا في الحرج؟!.
وإليك أخي الحبيب أبرز ما حصل في هذا الحفل من أخطاء:
أولا: إذا تأملت –بارك الله فيك- في الإعلان والشعار الذي أُذيع ورُفِع وعُلِّق في المسجد، لوجدت ورأيت وسمعت كلمة (حفل) وأين مقر هذا الحفل؟! للأسف بيت الله، والله المستعان، وبيوت الله أرفع وأعظم من أن تُجعل أماكن للاحتفالات، أو لهذه التعابير الخاطئة، ولم تُبن المساجد لذلك (إنما بُنيت لما بنيت له) كما قاله النبي –صلى الله عليه وآله وسلم-.
والعاقل والله يمنعه الحياء أن يقول: أنا ذاهب أحضر احتفالا في المسجد، ابحثوا عن غير هذه التعابير –وفقكم الله- وافعلوها في غير بيوت الله، وإياكم والتقليد، والعبد المسلم يجب عليه أن يعبد ربه على علم وبصيرة.
ثانيا: وهو أسوأ ما فُعل في لهذا الحفل الخاطئ -هداهم الله- وهو التصوير بنوعيه الثابت والمتحرك، وربما دُفعت فيه أموال، وهذا الفعل محرم –أعني تصوير ما فيه روح-، لا يجوز فعله ولا تأييده في أي مكان كان، فكيف ببيوت الله المعظمة، والقول بتحريم ذلك ليس ببدعٍ من القول بل هو قول النبي –صلى الله عليه وآله وسلم- وإليك طرفا من ذلك:
قال –صلى الله عليه وآله وسلم-: «كل مصور في النار» رواه مسلم عن ابن عباس –رضي الله عنهما-.
وعن أبي جحيفة –رضي الله عنه- عن النبي –صلى الله عليه وآله وسلم-: «ولعن المصور» رواه البخاري.
وقال –صلى الله عليه وآله وسلم-: «أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون» متفق عليه عن ابن مسعود –رضي الله عنه-.
وهذه ألفاظ واضحة لا تحتاج إلى التفصيل المُحدث، الذي يُدفع به صريح قولِ النبي –صلى الله عليه وآله وسلم- وقولُ رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم- أحب إلينا من قول غيره، فلا يجوز أن نُصادم كلام رسولِ الله –صلى الله عليه وآله وسلم- بكلام البشر.
واقرأ للمزيد رياض الصالحين ففيه بوب النووي: (باب تحريم تصوير الحيوان، في بساط أو حجر أو ثوب أو درهم، أو مخدة، أو دينار، أو وسادة وغير ذلك، وتحريم اتخاذ الصورة في حائط وستر وعمامة وثوب ونحوها، والأمر بإتلاف الصور) وذكر –رحمه الله- تحت هذا الباب عشرة أحاديث فارجع إليها رعاك الله.
قال الإمام النووي –رحمه الله- في شرح مسلم: (قال أصحابنا وغيرهم من العلماء: تصوير صورة الحيوان حرام شديد التحريم وهو من الكبائر لأنه متوعد عليه بهذا الوعيد الشديد المذكور فى الأحاديث وسواء صنعه بما يمتهن أو بغيره فصنعته حرام بكل حال لأن فيه مضاهاة لخلق الله تعالى وسواء كان فى ثوب أو بساط أودرهم أو دينار أو فلس أو إناء أو حائط أو غيرها وأما تصوير صورة الشجر ورحال الإبل وغير ذلك مما ليس فيه صورة حيوان فليس بحرام ... ولا فرق فى هذا كله بين ما له ظل وما لا ظل له؛ هذا تلخيص مذهبنا في المسألة وبمعناه قال جماهير العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم) اهـ.
وإليك فتوى اللجنة الدائمة برئاسة الإمام ابن باز –رحمه الله-:
السؤال الأول من الفتوى رقم ( 2296 ) :
س1: ما حكم التصوير بالكاميرا صورا عائلية وما شابهها من أجل الذكرى والتسلية فقط لا غير؟
ج1: تصوير الأحياء حرام، بل من كبائر الذنوب سواء اتخذ المصور ذلك مهنة له أم لم يتخذها مهنة، وسواء كان التصوير نقشا أم رسما بالقلم ونحوه أم عكسا بالكاميرا ونحوها من الآلات أم نحتا لأحجار ونحوها.. إلخ، وسواء كان ذلك للذكرى أم لغيرها للأحاديث الواردة في ذلك، وهي عامة في أنواع التصوير والصور للأحياء ولا يستثنى من ذلك إلا ما دعت إليه الضرورة، وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو عضو نائب رئيس اللجنة الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان .. . عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز.
وقال الإمام الألباني –رحمه الله- : (ولا فرق في التحريم بين التصوير اليدوي والتصوير الآلي والفوتوغرافي بل التفريق بينهما جمود وظاهرية عصرية، وجمود لا يُحمد. كما بينته في كتابي " آداب الزفاف ") انظر السلسلة الصحيحة وتحذير الساجد.
وقال الإمام الوادعي –رحمه الله-: (الصورة من حيث هي صور ذوات الأرواح تعتبر محرمة سواء أكانت في ورقة أم في تلفزيون أم في فيديو، هذا الذي نعتقده وندين الله به) اهـ انظر إجابة السائل.
وقال العلامة الفوزان: عند حديث «كل مصور في النار»: (هذا الحديث فيه وعيد شديد ويشمل جميع أنواع التصاوير، سواء كان نحتا أو تمثالا، أو كان رسما على ورق أو على لوحات أو على جدران أو كان التقاطا بالآلة الفوتغرافية التي حدثت أخيرا، لأن من فعل ذلك يُسمى مُصَوِّراً، وفعله يُسمى تصويراً، فما الذي يخرجه من هذا الوعيد) اهـ.
وذكر في موضع آخر أن التفصيل الذي يأتي به بعضهم في التصوير: وقال: ما هذا إلا فلسفة يأتون بها وأقوالا يخترعونها، يريدون أن يخصصوا كلام رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- برأسهم ...الخ) انظر كتابه التوحيد.
وهناك فتاوى أخرى وإنما اختصرت خوف الإطالة والحليم تكفيه الإشارة.
وربما تجد صورا لبعض هؤلاء العلماء فليس معناه أنهم راضون به أو هم أقروا ذلك فكلامهم واضح والتصوير قد يقع بغير اختيار الشخص والله المستعان، بل ثبت عن بعضهم الإنكار لذلك، رحمهم الله تعالى ونفعنا بعلومهم.
ثالثاً: وهي تلي التي قبلها في الإساءة، وهي إدخال شاشة البروجكتر في المسجد، الأمر الذي ما كنا نتوقعه في يوم من الأيام أن يحصل من العوام، فللأسف اليوم أُدخل تحت نظر وإقرار بعض أئمة مساجد –هداهم الله تعالى- فإنا لله وإنا إليه راجعون، والنبي -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: «لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب أو صورة» متفق عليه عن أبي طلحة –رضي الله عنه-.
وقد وصل الحال ببعضهم أصلحهم الله في حفل لهم، أنهم وضعوا خلف المسرح في المسجد صورة مكبرة لأبي الحسن المصري، وما كان حاضرا في ذلك الحفل أو ذلك المُلتقى، فانظروا كيف يستدرج بهم الشيطان شيئا فشيئا حتى يفعلوا أشياء مستنكرة وهم لا يشعرون بنكارتها، بينما عامة الناس يلحظونها والله المستعان، فنسأل الله الثبات حتى الممات.
وللأسف تطور الأمر في بعض المساجد، فأدخلوا التلافز فيها لعرض الأفلام الإسلامية زعموا، فنخشى والله أن يتطور الأمر هنا.
رابعا: وهي من أسوأ ما فُعل، حينما طابت أنفسهم –هداهم الله- أن يُشغِّلوا في بيت الله الأناشيد، حتى اشمأزت قلوب الناس من هذا الفعل، واشمأز قلب كل من عنده غيرة على بيوت الله تعالى، وبيوت الله لم تُبن لذلك، ونقول لهم كما قال لنا ولهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم-: «إنما بنيت المساجد لما بنيت له» «إنما هي لذكر الله عز وجل والصلاة وقراءة القرءان» فأين غابت عنكم هذه الوصايا المحمدية النبوية الشريفة، فهلا رجعتم لرشدكم قليلا -وفقكم الله- ووقفتم وقفة اعتبار وتأمل وعتاب علَّ الله عز وجل أن يجعل في ذلك الخير والتوفيق.
صرنا نفعل ما كنا نُنكر، والله المستعان، أذكر قبل اثني عشر سنة عُملت أناشيد في هذا البلد –شبام- في مسجد، فاستنكر أهل السنة قاطبة هذا الفعل بل، خطب بعضهم في الإنكار على هذا الفعل، وهذا أيام قوة دعوة الإمام مقبل الوادعي –رحمه الله-، واليوم تُفعل هذه الأفاعيل ولا نسمع ما كنا نسمع، فإياك يا عبد الله والمجاملة على حساب دين الله.
وبالأمس القريب كنا وإياهم نُنكر على الصوفية إدخال الطبول في المساجد وترديد الأناشيد فيها، واليوم نتشبه ببعض أفعالهم، هذا والله ما يجوز، ولا يجوز السكوت عليه.
واليوم مَنصَه وورود وستائر وكراسي ولوائح وكيمرات، ما هذا؟! وإلى أين نحن ذاهبون؟! فيا إخواني في الله هذا نداء من محب لكم: تبرؤا من هذه الأفعال وتخلصوا منها حتى لا تتشوه دعوتنا فالأعداء متربصون بنا.
خامسا: نرى أنه قد صرفت أموال في غير ما ضرورة وحاجة، فما الداعي إخواني في الله للمنصَّة؟! وما الداعي للوائح والكتابات التي تكلف مبلغا من المال؟! وما الداعي لاستئجار المصورين إلى بيت الله؟! وما أشبه ذلك نرى أنه لو صُرفت هذه الأموال في حاجة المحتاجين كان نفعها أولى، لا بأس بتحفيز الناس على القرءان وتشجيع الحفاظ لكن بغير هذه التجاوزات –وفقكم الله- فأنا آمل أن تقبلوا مني هذا النصح، وإن صَغُر سني وقلَّت بضاعتي، ولكن سددوا وقاربوا والله تعالى يقول: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَاب﴾.
سادسا: أن هذه الأفعال الخاطئة، التي حصلت في بيت الله، للأسف يقودها أناس يعتبرون أنفسهم قدوةً للناس، والحق أنهم ما أحسنوا في هذه الأفعال كما تبين لك أخي القارئ مما تقدم ذكره من بيان الأخطاء التي وقعوا فيها، فلا ينبغي متابعتهم على ذلك، بل يجب نصحهم وهم أحرى إن شاء الله بقبول النصح، وابن آدم ليس معصوما من الخطأ، وليس عيبا أن يخطئ، إنما العيب الإصرار على الخطأ.
فإذا قلت: لماذا أخرجت هذه النصيحة لعامة الناس ولم تخصهم بها؟!.
الجواب: فعلتُ ذلك لأمور منها:
أولا: أن هذا الخطأ الحاصل مشترك فيه جماعة من الناس ليس واحد ولا ثلاثة ولا عشرة بل هم أكثر من ذلك، فحصرهم فيه نوع من الصعوبة.
ثانيا: أن هذه الأخطاء التي حصلت قد أذاعوها ونشروها ودعوا لحضورها، فكان لزاما نشر هذه النصيحة نظرا لانتشار هذا الخطأ للعام والخاص لكيلا يغتر بهذا الفعل أحد ، فليجدوا لي عُذرا إن شاء الله، والمؤمن ضالته الحق فمتى وجدها بادر إليها بغير تردد.
وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-: (إن المُظهر للمنكر يجب الإنكار عليه علانية).
ثالثا: أنني أردت أن تعُمَّ فائدة هذه النصيحة، ولا أقصد أصحاب شبام فحسب، ولا أصحاب مسجد طيب وحدهم، بل أردت تعميمها، لأن هذه الأخطاء –بعضها؛ ومثلها؛ وأكثر منها- قد حصلت في غير هذا البلد وهذا المسجد، وبقيادة رواد المساجد –هداهم الله-؛ فأردت أن ينتشر الخير ويعم النفع، حتى يغنينا ذلك عن تكرار النصيحة.
حيث وبيوت الله في هذا الزمان قد جُعِلت عند بعضهم، زبالات لأفكارهم، فتارة نسمع بافتتاح دورة خياطة في المساجد؛ وتارة دورة تعليم اللغة الإنجليزية؛ وتارة دورة في المناهج الدراسية داخل المساجد فتجد في أيدي الطلاب في المساجد كتب المدرسة بما فيها من صور بدل الكتب العلمية والمصاحف؛ والله كنا نستحي من قبل فعل ذلك واليوم يحصل هذا بإدارة المسجد والله المستعان؛ وهكذا جُعلت حيطان المساجد وسيلة لنشرة الأخبار اليومية والعالمية، بل والله فلقد رأيت أندية رياضية مصورة داخل المسجد؛ بل وتُعقد دورات رياضية ومباريات باسم المساجد وهكذا دواليك، وناهيك عن اتخاذ المساجد وسيلة للإلحاف في المسألة بطرق مختلفة وأساليب مُخترعة حتى زهد الناس في دعوتهم، وما بُنيت المساجد لذلك، ومن عجيب ما سمعت افتتاح معرض داخل مسجد.
وهكذا استُغلت بعض المنابر للدعوة للحزبية وتأجيج الفتن، فكان ينبغي أن تُتخذ للدعوة إلى الله فجُعلت للدعوة إلى المصالح الشخصية والسياسية؛ حتى ضاق الناس بهم ذرعا، فطردوا منهم من طردوا.
ومن عجائب الزمان، وعجائب الزمان لا تنقضي، أن تُجعل المساجد مواضع للضحك، بل والتمايل في الضحك، باسم محاضرة للداعي الفلاني –المنكت- فيحضر بعض الشباب لأجل الضحك، هكذا صرحوا فإذا رأيتهم والحالة هذه قلت كأنهم في مسرح، فإنا لله وإنا إليه راجعون، وذهبنا مرة دورة علمية في مسجد فقالوا كان عندنا في العام الماضي الداعي الفلاني وعمل لعبا ومزاحا ومسابقة ألعاب داخل المسجد –من يكتشف الكنز؟!-.
وإذا تتبعت أحوال هؤلاء لرأيت العجائب!!!.
فعلينا أحبتي في الله أن نهتم في مساجدنا بالعلم والقرءان وعلوم القرءان والسنة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والله المسلمون في الحقيقة ما عندهم وقت لهذه الاختراعات، في المساجد، حسبهم أن يقبلوا على العلم النافع والحفظ.
وبهذا القدر أكتفي ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ حرر يوم الأربعاء 15/12/1433هـ.
بيوت الله لم تُبنَ لذلك
إنما بُنيت لما بُنيت له
تأليف أبي إسحاق
أيوب بن محفوظ الدقيل
بمدينة شبام
-حرسها الله-
أيوب بن محفوظ الدقيل
بمدينة شبام
-حرسها الله-
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا رب سواه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي اصطفاه واجتباه صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله ومن والاه.
أما بعد:
فإن أشرف البقاع على وجه الأرض بيوت الله (المساجد) لما رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: «أَحَبُّ الْبِلاَدِ إِلَى اللَّهِ مَسَاجِدُهَا وَأَبْغَضُ الْبِلاَدِ إِلَى اللَّهِ أَسْوَاقُهَا» قال العلماء: (وإنما كانت المساجد أحب البقاع إلى الله لأنها بيوت الطاعات ومحل القربات ومحط الرحمات والبركات) ولذا أمر الله بتعظيمها وإحياءها، وحياتها تكون بذكره سبحانه وتقديسه فيها والثناء عليه وإقامة الصلاة فيها وقراءة القرءان ونشر العلوم والاعتكاف فيها للانقطاع عن الخلق والاتصال به سبحانه، بهذا تُعمر بيوت الله وتُحيى وتُرفع وتُعظم، قال الله تعالى: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ﴾ [النور/36] قال ابن كثير رحمه الله تعالى: (أمر الله تعالى برفعها، أي بتطهيرها من الدنس واللغو والأفعال والأقوال التي لا تليق فيها).
ولهذا نهانا رسولنا –صلى الله عليه وآله وسلم- عن أفعال هي في الأصل حلال لكنها لا تليق ببيت الله لعظمته، مثل البيع والشراء والإيجار وإنشاد الضالة ورفع الأصوات والخصومة والجدل، ومن أكل ثوما أو بصلا أو كراثا ينهى عن الدخول فيها، لما تنبعث منه من الريح المكروهه، كل ذلك تعظيما لبيوت الله واحتراما لها إذ ليست مثل أي مكان!.
ولما سمع النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- رجلا ينشد ضالة في المسجد، فقال النبي –صلى الله عليه وآله وسلم- «لا وجدتَ، إنما بُنيت المساجد لما بُنيت له» رواه مسلم، قال الإمام النووي –رحمه الله تعالى- : (معناه إنما بنيت لذكر الله تعالى والصلاة والعلم والمذاكرة في الخير ونحوها) اهـ .
وهذا التفسير مأخوذ من قول النبي –صلى الله عليه وآله وسلم- كما في حديث الأعرابي الذي بال في المسجد، وفيه قال النبي –صلى الله عليه وآله وسلم-: «إنما هي –أي المساجد- لذكر الله عز وجل والصلاة وقراءة القرءان» رواه مسلم.
فعُلم أخي الكريم مما مضى أن للمساجد حرمة وشأن عظيم عند الله تعالى، فيجب علينا أن نعظم ما عظمه الله، وذلك بعمارتها بما سبق ذكره وتنزيهها مما لا يليق بها.
ومن هذا المنطلق أقول:
إن ما قام به إخواننا –حفظهم الله تعالى- في مسجد طيب ليلة الاثنين 13/12/1433هـ مما سموه (الحفل التكريمي الأول) وما جاء في بعض فعاليات هذا الحفل أمر لا يُشكرون علية حقيقة، حيث وقد حصل منهم -أصلحهم الله- في حق بيت الله أخطاء وزلات لا يجوز السكوت عنها، هذا من جهة ومن جهة أخرى يجب عليهم التوبة إلى الله تعالى منها، ومن جهة ثالثة نطالبهم ونطالب روَّاد المساجد الأخرى –حفظهم الله- أن لا يتكرر منهم هذا الفعل، وفقنا الله وإياهم لكل خير، وذلك لما سبق ذكره من حرمة المساجد ووجوب احترامها بالأدلة السابقة الذكر، التي تجعل من عقلها يرفع بيوت الله عن مثل هذه الاحتفالات وأرض الله واسعة، فهل ضاقت بنا المنازل والدور والساحات حتى نوقع أنفسنا في الحرج؟!.
وإليك أخي الحبيب أبرز ما حصل في هذا الحفل من أخطاء:
أولا: إذا تأملت –بارك الله فيك- في الإعلان والشعار الذي أُذيع ورُفِع وعُلِّق في المسجد، لوجدت ورأيت وسمعت كلمة (حفل) وأين مقر هذا الحفل؟! للأسف بيت الله، والله المستعان، وبيوت الله أرفع وأعظم من أن تُجعل أماكن للاحتفالات، أو لهذه التعابير الخاطئة، ولم تُبن المساجد لذلك (إنما بُنيت لما بنيت له) كما قاله النبي –صلى الله عليه وآله وسلم-.
والعاقل والله يمنعه الحياء أن يقول: أنا ذاهب أحضر احتفالا في المسجد، ابحثوا عن غير هذه التعابير –وفقكم الله- وافعلوها في غير بيوت الله، وإياكم والتقليد، والعبد المسلم يجب عليه أن يعبد ربه على علم وبصيرة.
ثانيا: وهو أسوأ ما فُعل في لهذا الحفل الخاطئ -هداهم الله- وهو التصوير بنوعيه الثابت والمتحرك، وربما دُفعت فيه أموال، وهذا الفعل محرم –أعني تصوير ما فيه روح-، لا يجوز فعله ولا تأييده في أي مكان كان، فكيف ببيوت الله المعظمة، والقول بتحريم ذلك ليس ببدعٍ من القول بل هو قول النبي –صلى الله عليه وآله وسلم- وإليك طرفا من ذلك:
قال –صلى الله عليه وآله وسلم-: «كل مصور في النار» رواه مسلم عن ابن عباس –رضي الله عنهما-.
وعن أبي جحيفة –رضي الله عنه- عن النبي –صلى الله عليه وآله وسلم-: «ولعن المصور» رواه البخاري.
وقال –صلى الله عليه وآله وسلم-: «أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون» متفق عليه عن ابن مسعود –رضي الله عنه-.
وهذه ألفاظ واضحة لا تحتاج إلى التفصيل المُحدث، الذي يُدفع به صريح قولِ النبي –صلى الله عليه وآله وسلم- وقولُ رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم- أحب إلينا من قول غيره، فلا يجوز أن نُصادم كلام رسولِ الله –صلى الله عليه وآله وسلم- بكلام البشر.
واقرأ للمزيد رياض الصالحين ففيه بوب النووي: (باب تحريم تصوير الحيوان، في بساط أو حجر أو ثوب أو درهم، أو مخدة، أو دينار، أو وسادة وغير ذلك، وتحريم اتخاذ الصورة في حائط وستر وعمامة وثوب ونحوها، والأمر بإتلاف الصور) وذكر –رحمه الله- تحت هذا الباب عشرة أحاديث فارجع إليها رعاك الله.
قال الإمام النووي –رحمه الله- في شرح مسلم: (قال أصحابنا وغيرهم من العلماء: تصوير صورة الحيوان حرام شديد التحريم وهو من الكبائر لأنه متوعد عليه بهذا الوعيد الشديد المذكور فى الأحاديث وسواء صنعه بما يمتهن أو بغيره فصنعته حرام بكل حال لأن فيه مضاهاة لخلق الله تعالى وسواء كان فى ثوب أو بساط أودرهم أو دينار أو فلس أو إناء أو حائط أو غيرها وأما تصوير صورة الشجر ورحال الإبل وغير ذلك مما ليس فيه صورة حيوان فليس بحرام ... ولا فرق فى هذا كله بين ما له ظل وما لا ظل له؛ هذا تلخيص مذهبنا في المسألة وبمعناه قال جماهير العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم) اهـ.
وإليك فتوى اللجنة الدائمة برئاسة الإمام ابن باز –رحمه الله-:
السؤال الأول من الفتوى رقم ( 2296 ) :
س1: ما حكم التصوير بالكاميرا صورا عائلية وما شابهها من أجل الذكرى والتسلية فقط لا غير؟
ج1: تصوير الأحياء حرام، بل من كبائر الذنوب سواء اتخذ المصور ذلك مهنة له أم لم يتخذها مهنة، وسواء كان التصوير نقشا أم رسما بالقلم ونحوه أم عكسا بالكاميرا ونحوها من الآلات أم نحتا لأحجار ونحوها.. إلخ، وسواء كان ذلك للذكرى أم لغيرها للأحاديث الواردة في ذلك، وهي عامة في أنواع التصوير والصور للأحياء ولا يستثنى من ذلك إلا ما دعت إليه الضرورة، وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو عضو نائب رئيس اللجنة الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان .. . عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز.
وقال الإمام الألباني –رحمه الله- : (ولا فرق في التحريم بين التصوير اليدوي والتصوير الآلي والفوتوغرافي بل التفريق بينهما جمود وظاهرية عصرية، وجمود لا يُحمد. كما بينته في كتابي " آداب الزفاف ") انظر السلسلة الصحيحة وتحذير الساجد.
وقال الإمام الوادعي –رحمه الله-: (الصورة من حيث هي صور ذوات الأرواح تعتبر محرمة سواء أكانت في ورقة أم في تلفزيون أم في فيديو، هذا الذي نعتقده وندين الله به) اهـ انظر إجابة السائل.
وقال العلامة الفوزان: عند حديث «كل مصور في النار»: (هذا الحديث فيه وعيد شديد ويشمل جميع أنواع التصاوير، سواء كان نحتا أو تمثالا، أو كان رسما على ورق أو على لوحات أو على جدران أو كان التقاطا بالآلة الفوتغرافية التي حدثت أخيرا، لأن من فعل ذلك يُسمى مُصَوِّراً، وفعله يُسمى تصويراً، فما الذي يخرجه من هذا الوعيد) اهـ.
وذكر في موضع آخر أن التفصيل الذي يأتي به بعضهم في التصوير: وقال: ما هذا إلا فلسفة يأتون بها وأقوالا يخترعونها، يريدون أن يخصصوا كلام رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- برأسهم ...الخ) انظر كتابه التوحيد.
وهناك فتاوى أخرى وإنما اختصرت خوف الإطالة والحليم تكفيه الإشارة.
وربما تجد صورا لبعض هؤلاء العلماء فليس معناه أنهم راضون به أو هم أقروا ذلك فكلامهم واضح والتصوير قد يقع بغير اختيار الشخص والله المستعان، بل ثبت عن بعضهم الإنكار لذلك، رحمهم الله تعالى ونفعنا بعلومهم.
ثالثاً: وهي تلي التي قبلها في الإساءة، وهي إدخال شاشة البروجكتر في المسجد، الأمر الذي ما كنا نتوقعه في يوم من الأيام أن يحصل من العوام، فللأسف اليوم أُدخل تحت نظر وإقرار بعض أئمة مساجد –هداهم الله تعالى- فإنا لله وإنا إليه راجعون، والنبي -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: «لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب أو صورة» متفق عليه عن أبي طلحة –رضي الله عنه-.
وقد وصل الحال ببعضهم أصلحهم الله في حفل لهم، أنهم وضعوا خلف المسرح في المسجد صورة مكبرة لأبي الحسن المصري، وما كان حاضرا في ذلك الحفل أو ذلك المُلتقى، فانظروا كيف يستدرج بهم الشيطان شيئا فشيئا حتى يفعلوا أشياء مستنكرة وهم لا يشعرون بنكارتها، بينما عامة الناس يلحظونها والله المستعان، فنسأل الله الثبات حتى الممات.
وللأسف تطور الأمر في بعض المساجد، فأدخلوا التلافز فيها لعرض الأفلام الإسلامية زعموا، فنخشى والله أن يتطور الأمر هنا.
رابعا: وهي من أسوأ ما فُعل، حينما طابت أنفسهم –هداهم الله- أن يُشغِّلوا في بيت الله الأناشيد، حتى اشمأزت قلوب الناس من هذا الفعل، واشمأز قلب كل من عنده غيرة على بيوت الله تعالى، وبيوت الله لم تُبن لذلك، ونقول لهم كما قال لنا ولهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم-: «إنما بنيت المساجد لما بنيت له» «إنما هي لذكر الله عز وجل والصلاة وقراءة القرءان» فأين غابت عنكم هذه الوصايا المحمدية النبوية الشريفة، فهلا رجعتم لرشدكم قليلا -وفقكم الله- ووقفتم وقفة اعتبار وتأمل وعتاب علَّ الله عز وجل أن يجعل في ذلك الخير والتوفيق.
صرنا نفعل ما كنا نُنكر، والله المستعان، أذكر قبل اثني عشر سنة عُملت أناشيد في هذا البلد –شبام- في مسجد، فاستنكر أهل السنة قاطبة هذا الفعل بل، خطب بعضهم في الإنكار على هذا الفعل، وهذا أيام قوة دعوة الإمام مقبل الوادعي –رحمه الله-، واليوم تُفعل هذه الأفاعيل ولا نسمع ما كنا نسمع، فإياك يا عبد الله والمجاملة على حساب دين الله.
وبالأمس القريب كنا وإياهم نُنكر على الصوفية إدخال الطبول في المساجد وترديد الأناشيد فيها، واليوم نتشبه ببعض أفعالهم، هذا والله ما يجوز، ولا يجوز السكوت عليه.
واليوم مَنصَه وورود وستائر وكراسي ولوائح وكيمرات، ما هذا؟! وإلى أين نحن ذاهبون؟! فيا إخواني في الله هذا نداء من محب لكم: تبرؤا من هذه الأفعال وتخلصوا منها حتى لا تتشوه دعوتنا فالأعداء متربصون بنا.
خامسا: نرى أنه قد صرفت أموال في غير ما ضرورة وحاجة، فما الداعي إخواني في الله للمنصَّة؟! وما الداعي للوائح والكتابات التي تكلف مبلغا من المال؟! وما الداعي لاستئجار المصورين إلى بيت الله؟! وما أشبه ذلك نرى أنه لو صُرفت هذه الأموال في حاجة المحتاجين كان نفعها أولى، لا بأس بتحفيز الناس على القرءان وتشجيع الحفاظ لكن بغير هذه التجاوزات –وفقكم الله- فأنا آمل أن تقبلوا مني هذا النصح، وإن صَغُر سني وقلَّت بضاعتي، ولكن سددوا وقاربوا والله تعالى يقول: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَاب﴾.
سادسا: أن هذه الأفعال الخاطئة، التي حصلت في بيت الله، للأسف يقودها أناس يعتبرون أنفسهم قدوةً للناس، والحق أنهم ما أحسنوا في هذه الأفعال كما تبين لك أخي القارئ مما تقدم ذكره من بيان الأخطاء التي وقعوا فيها، فلا ينبغي متابعتهم على ذلك، بل يجب نصحهم وهم أحرى إن شاء الله بقبول النصح، وابن آدم ليس معصوما من الخطأ، وليس عيبا أن يخطئ، إنما العيب الإصرار على الخطأ.
فإذا قلت: لماذا أخرجت هذه النصيحة لعامة الناس ولم تخصهم بها؟!.
الجواب: فعلتُ ذلك لأمور منها:
أولا: أن هذا الخطأ الحاصل مشترك فيه جماعة من الناس ليس واحد ولا ثلاثة ولا عشرة بل هم أكثر من ذلك، فحصرهم فيه نوع من الصعوبة.
ثانيا: أن هذه الأخطاء التي حصلت قد أذاعوها ونشروها ودعوا لحضورها، فكان لزاما نشر هذه النصيحة نظرا لانتشار هذا الخطأ للعام والخاص لكيلا يغتر بهذا الفعل أحد ، فليجدوا لي عُذرا إن شاء الله، والمؤمن ضالته الحق فمتى وجدها بادر إليها بغير تردد.
وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-: (إن المُظهر للمنكر يجب الإنكار عليه علانية).
ثالثا: أنني أردت أن تعُمَّ فائدة هذه النصيحة، ولا أقصد أصحاب شبام فحسب، ولا أصحاب مسجد طيب وحدهم، بل أردت تعميمها، لأن هذه الأخطاء –بعضها؛ ومثلها؛ وأكثر منها- قد حصلت في غير هذا البلد وهذا المسجد، وبقيادة رواد المساجد –هداهم الله-؛ فأردت أن ينتشر الخير ويعم النفع، حتى يغنينا ذلك عن تكرار النصيحة.
حيث وبيوت الله في هذا الزمان قد جُعِلت عند بعضهم، زبالات لأفكارهم، فتارة نسمع بافتتاح دورة خياطة في المساجد؛ وتارة دورة تعليم اللغة الإنجليزية؛ وتارة دورة في المناهج الدراسية داخل المساجد فتجد في أيدي الطلاب في المساجد كتب المدرسة بما فيها من صور بدل الكتب العلمية والمصاحف؛ والله كنا نستحي من قبل فعل ذلك واليوم يحصل هذا بإدارة المسجد والله المستعان؛ وهكذا جُعلت حيطان المساجد وسيلة لنشرة الأخبار اليومية والعالمية، بل والله فلقد رأيت أندية رياضية مصورة داخل المسجد؛ بل وتُعقد دورات رياضية ومباريات باسم المساجد وهكذا دواليك، وناهيك عن اتخاذ المساجد وسيلة للإلحاف في المسألة بطرق مختلفة وأساليب مُخترعة حتى زهد الناس في دعوتهم، وما بُنيت المساجد لذلك، ومن عجيب ما سمعت افتتاح معرض داخل مسجد.
وهكذا استُغلت بعض المنابر للدعوة للحزبية وتأجيج الفتن، فكان ينبغي أن تُتخذ للدعوة إلى الله فجُعلت للدعوة إلى المصالح الشخصية والسياسية؛ حتى ضاق الناس بهم ذرعا، فطردوا منهم من طردوا.
ومن عجائب الزمان، وعجائب الزمان لا تنقضي، أن تُجعل المساجد مواضع للضحك، بل والتمايل في الضحك، باسم محاضرة للداعي الفلاني –المنكت- فيحضر بعض الشباب لأجل الضحك، هكذا صرحوا فإذا رأيتهم والحالة هذه قلت كأنهم في مسرح، فإنا لله وإنا إليه راجعون، وذهبنا مرة دورة علمية في مسجد فقالوا كان عندنا في العام الماضي الداعي الفلاني وعمل لعبا ومزاحا ومسابقة ألعاب داخل المسجد –من يكتشف الكنز؟!-.
وإذا تتبعت أحوال هؤلاء لرأيت العجائب!!!.
فعلينا أحبتي في الله أن نهتم في مساجدنا بالعلم والقرءان وعلوم القرءان والسنة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والله المسلمون في الحقيقة ما عندهم وقت لهذه الاختراعات، في المساجد، حسبهم أن يقبلوا على العلم النافع والحفظ.
وبهذا القدر أكتفي ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ حرر يوم الأربعاء 15/12/1433هـ.
تعليق