• If this is your first visit, be sure to check out the FAQ by clicking the link above. You may have to register before you can post: click the register link above to proceed. To start viewing messages, select the forum that you want to visit from the selection below.

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

اتحاف المتقين بفضيلة المرابطين

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • اتحاف المتقين بفضيلة المرابطين

    مقدمة الشيخ المجاهد الناصح الأمين /
    يحيى بن علي الحجوري حفظه الله
    تأليف
    أبي الفداء احمد بن عبدالله بن علي الأحمدي الحبيشي

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله
    هذه رسالة مفيدة وكلمات موفقة سديدة كتبها أخونا المفضال أحمد الأحمدي الحبيشي حفظه الله في فضيلةالرباط فوفق فيها وجزاه الله خيراً
    كتبه يحيى بن علي الحجوري
    24/ شعبان 1433هـ

    مقدمة المؤلف
    الحمد لله،والصلاة والسلام على رسوله وعلى آله وصحبه
    أما بعد:


    فإن نعم الله علينا كثيرة، وصدق الله إذ يقول : { وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ } [إبراهيم: ٣٤]، وقال: { وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ } [النحل: ٥٣]، ومن تلك النعم العظيمة نعمة الإسلام والسنة وطلب العلم، علم كتاب الله وسنة رسوله r والدعوة إليهما والجهاد، والرباط من أجلهما والتضحية في سبيلهما، فقد يسر الله الكريم I كتابة رسالة مختصرة في فضل الرباط في سبيل الله مشاركة ومساهمة في ميدان الدعوة إلى الله، لعل الله أن يجعلنا من الدعاة إليه المجاهدين في سبيله الذابين عن حياض شريعته، هذا وقد تطرقت في هذه الرسالة لبعض الكلام على الرافضة وبيان شيء من عوارهم، وأن الجهاد والرباط في دفع شرهم جهاد ورباط في سبيل الله من مات فيه يرجى له الشهادة ومن بقي نال الشرف والسيادة ,
    ومن باب قوله r: «لا يَشْكُرُ اللَّهَ مَنْ لا يَشْكُرُ النَّاسَ» فإنني أتقدم بالشكر الجميل لشيخي الجليل الناصح الأمين أبي عبد الرحمن يحيى بن علي الحجوري على تعليمه وتربيته لنا وصبره، وجهاده في سبيل الله، نسأل الله لنا وله العافية في الدنيا والآخرة.
    وكذلك الأخ المفضال الداعى الى الله أبو عبدالله طارق البعداني على تعاونه الكبير ونصحه الرشيد، وتنبيهه المفيد على هذه الرسالة، وأتقدم بالشكر الجميل لأخي وشقيقي ابوعبدالرحمن علي بن عبد الله الأحمدي حفظه الله الذي كان سبباً ومحفزاً ومعيناً ومشجعاً لنا على طلب العلم نسأل الله أن يصلح له ذريته ويعظم له أجر المثوبة وكذلك أشكر سائر إخواني الذين تعاونوا معي وأفادوني في هذه الرسالة، والقصد هو نفع المسلمين.
    فأسأل الله أن ينفع بها ويجعلها خالصًا لوجهه الكريم سبباً من أسباب ثباتنا على الدين ولقاء رب العالمين بقلب سليم.

    فأقول والله المستعان ومن بغيره استعان لا يعان، فإليك أخي الكريم "إتحاف المتقين بفضيلة المرابطين" .
    فإن المؤمنين تزيدهم الذكرى إيمانًا، والوعظ يقينًا وتبيانًا، وإن الله سبحانه يحب العابدين الصادقين المخلصين، ومن أجلهم خلق الجنة وزينها وأعد فيها ما أعد مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
    والعبادة كما عرفها شيخ الإسلام / : اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال، والأعمال الظاهرة والباطنة.
    ومن تلك العبادات وأجلها وأعظمها وأبركها وأنفعها وأعزها عند الله هي: عبادة الجهاد، والرباط في سبيل الله وابتغاء مرضاته، قال تعالى: ) إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة: ١١١].
    والجهاد والرباط من أعظم شعائر الإسلام، قال r : «رَأْسُ الأَمْرِ الإِسْلامُ، وَعَمُودُهُ الصَّلاةُ، وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الجِهَادُ»[1]
    وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: ٢٠٠] .
    وكلامنا في هذه الرسالة هو حول الرباط في سبيل الله، أما الجهاد ففضله معروف لكل المسلمين وأدلته معروفة متلوة ومسموعة، لكن أمر الرباط قد يُتساهل في فضله، ولا يعرف قدره وهو قرين الجهاد، فهذا تنبيه للمتقين في فضل المرابطين.

    معنى الربـــاط :
    قال الإمام ابن جرير الطبري / عند قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }آل عمران200: أي صابروا عدوي وعدوكم حتى يترك دينه لدينكم.[2]
    وقال الإمام القرطبي /: قال جمهور الأمة: رابطوا أعدائكم بالخيل كما يرتبطها أعدائكم، ومنه قوله تعالى { وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ } [الأنفال: ٦٠].[3]
    قال الخليل بن أحمد – أحد أئمة اللغة - : الرباط ملازمة الثغور.
    وقال ابن الأثير: الرباط في الأصل الإقامة على جهاد العدو في الحرب، وارتباط الخيل وإعدادها.[4]
    وقال القتيبي: أصل المرابطة أن يربط الفريقان خيولهم في ثَغْرٍ , كل منهما معدٌ لصاحبه، فسمي المقام بالثغور رباطًا، ومنه قوله r : «فذَالِكُمُ الرِّبَاطُ» فيكون الرباط مصدر (رابطت)، أي: (لازمتُ). [5]
    وقال في فتح الباري في معنى الرباط : ملازمة المكان الذي بين المسلمين والكفار وحراسة المسلمين منهم.
    قلت: فالرباط بهذه المعاني وغيرها هو الذي فيه الدرجات الرفيعة والأجور العظيمة في القرآن العظيم وفي سنة سيد المرسلين .




    الأدلة في فضل الرباط
    وقد جاء في فضل الرباط والجهاد أدلة كثيرة:
    قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }آل عمران200
    وقال تعالى: {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ }الأنفال60وفي قوله تعالى {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ اللّهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }التوبة19،
    عَنْ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ مِنْبَرِ رَسُولِ اللهِ r، فَقَالَ رَجُلٌ: مَا أُبَالِي أَنْ لا أَعْمَلَ عَمَلاً بَعْدَ الاسْلامِ إِلا أَنْ أُسْقِيَ الْحَاجَّ، وَقَالَ آخَرُ: مَا أُبَالِي أَنْ لا أَعْمَلَ عَمَلًا بَعْدَ الإِسْلامِ إِلا أَنْ أَعْمُرَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، وَقَالَ آخَرُ: الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ أَفْضَلُ مِمَّا قُلْتُمْ، فَزَجَرَهُمْ عُمَرُ، وَقَالَ: لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ عِنْدَ مِنْبَرِ رَسُولِ اللهِ r وَهُوَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، وَلَكِنْ إِذَا صَلَّيْتُ الْجُمُعَةَ دَخَلْتُ فَاسْتَفْتَيْتُهُ فِيمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ اللّهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }التوبة19، الآيَةَ إِلَى آخِرِهَا.[6]
    وعَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ: «كُلُّ مَيِّتِ يُخْتَمُ عَلَى عَمَلِهِ إلا الْمُرَابِطَ، فَإِنَّهُ يَنْمُو لَهُ عَمَلُهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَيُؤَمَّنُ مِنْ فَتَّانِ الْقَبْرِ».[7]
    قال القرطبي: وَفِي هَذَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الرِّبَاطَ أَفْضَلُ الأعْمَالِ الَّتِي يَبْقَى ثَوَابُهَا بَعْدَ الْمَوْتِ، كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ الْعَلاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ rأَنَّهُ قَالَ: «إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إلا مِنْ ثَلاثَةٍ إِلا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ انْفَرَدَ بِإِخْرَاجِهِ مُسْلِمٌ، فَإِنَّ الصَّدَقَةَ الْجَارِيَةَ وَالْعِلْمَ الْمُنْتَفَعَ بِهِ وَالْوَلَدَ الصَّالِحَ الذي يَدْعُو لأبَوَيْهِ يَنْقَطِعُ ذَلِكَ بِنَفَادِ الصَّدَقَاتِ وَذَهَابِ الْعِلْمِ وَمَوْتِ الْوَلَدِ. وَالرِّبَاطُ يُضَاعَفُ أَجْرُهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، لأَنَّهُ لا مَعْنَى لِلنَّمَاءِ إِلا الْمُضَاعَفَةُ، وَهِيَ غَيْرُ مَوْقُوفَةٍ عَلَى سَبَبٍ فَتَنْقَطِعُ بِانْقِطَاعِهِ، بَلْ هِيَ فَضْلٌ دَائِمٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَهَذَا لأنَّ أَعْمَالَ الْبِرِّ كُلَّهَا لا يُتَمَكَّنُ مِنْهَا إِلا بِالسَّلامَةِ مِنَ الْعَدُوِّ وَالتَّحَرُّزِ مِنْهُ بِحِرَاسَةِ بَيْضَةِ الدِّينِ وَإِقَامَةِ شَعَائِرِ الإسْلامِ. وَهَذَا الْعَمَلُ الَّذِي يَجْرِي عَلَيْهِ ثَوَابُهُ هُوَ مَا كَانَ يَعْمَلُهُ مِنَ الأعْمَالِ الصَّالِحَةِ.
    وعلم يعمل به بعد وفاته هو سببه في حياته، وولد صالح يدعوله بعد وفاته هو سببه في حياته . أ هـ [8]
    قال الطحاوي : في الجمع بين حديث سلمان في الرباط وأنه ينمو للميت فيه عمله إلى يو م القيامة، كيف ينمو له ما قد انقطع بموته وما صح عنه r في الحديث الآخر: «إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثلاثَ..» ، وما صح عنه r أيضًا فيمن سن سنةً حسنةً فعمل بها من بعده أن له أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينتقص من أجورهم شيء وهذه أعمال قد لحقت الميت زائدة على الثلاثة الأشياء المذكورات في انقطاع عمله بموته إلا منها؟ فقال- رحمه الله -: «هَذِهِ آثَارٌ مُؤْتَلِفَةٌ كُلُّهَا، لاخِلافَ وَلا تَضَادَّ فِيهَا ; لأنَّ حَدِيثَ سَلْمَانَ عَلَى عَمَلٍ مُتَقَدِّمٍ لِمَوْتِ الْمُرَابِطِ يَنْمُو لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ لِمَعْنًى يَتَوَفَّرُ لَهُ ثَوَابُهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُوَ عَمَلٌ قَدْ تَقَدَّمَ مَوْتُهُ. وَأَمَّا الْحَدِيثُ الآخَرُ فَالْمُسْتَثْنَى فِيهِ وَهُوَ أَعْمَالٌ تَحْدُثُ بَعْدَهُ مِنْ صَدَقَةٍ بِهَا عَنْهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ هُوَ سَبَبُهَا فِي حَيَاتِهِ , وَعِلْمٍ يُعْمَلُ بِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ هُوَ سَبَبُهُ فِي حَيَاتِهِ , وَوَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ هُوَ سَبَبُهُ فِي حَيَاتِهِ , وَكُلُّ هَذِهِ الأشْيَاءِ يَلْحَقُهُ بِهَا ثَوَابٌ طَارِئٌ خِلافَ أَعْمَالِهِ الَّتِي مَاتَ عَلَيْهَا، فَهُوَ فِي ذَلِكَ بِخِلافِ الْمَيِّتِ فِي رِبَاطِهِ الَّذِي يُعْطَى ثَوَابَ مَا قَدْ تَقَدَّمَ مَوْتُهُ مِنْ أَعْمَالِهِ الصَّالِحَةِ، لا ثَوَابَ أَعْمَالٍ تَحْدُثُ بَعْدَ وَفَاتِهِ. وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرَهُ فِيمَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَ وَفَاتِهِ , فَهِيَ مِنَ الْعِلْمِ الَّذِي كَانَ بثهٌ فِي حَيَاتِهِ , وَعُمِلَ بِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْحَدِيثِ الْمُسْتَثْنَى فِيهِ تِلْكَ الثَّلاثَةُ الأشْيَاءِ، فَبَانَ بِحَمْدِ اللهِ وَنِعْمَتِهِ أَنْ لا تَضَادَّ فِي شَيْءٍ مِنْ آثَارِ رَسُولِ اللهِ r، وَأَنَّهَا كُلَّهَا مُؤْتَلِفَةٌ غَيْرُ مُخْتَلِفَةٍ. وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ ». ا.ﻫ [9]

    وقال ابن عابدين:في قوله «جَرَى عَلَيْهِ عَمَلُهُ » : كُلُ مَنْ مَاتَ مُرَابِطًا أَنَّهُ يُجْعَلُ بِمَنْزِلَةِ الْمُرَابِطِ إلَى فَنَاءِ الدُّنْيَا فِيمَا يُجْرَى لَهُ مِنْ الثَّوَابِ؛ لأنَّ نِيَّتَهُ اسْتِدَامَةُ الرِّبَاطِ لَوْ بَقِيَ حَيًّا إلَى فَنَاءِ الدُّنْيَا وَالثَّوَابُ بِحَسَبِ النِّيَّةِ. اﻫ [10]
    وعن عثمان بن عفان قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِr يَقُولُ: «رِبَا طُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ يَوْمٍ فِيمَا سِوَاهُ ».[11]
    قال ابن تيمية[12]: فقد ذكر لهم عثمان هذا الحديث مع كونهم كانوا مقيمين عنده بالمدينة النبوية مقيمين في المسجد الذي قال فيه رسول الله r : « صَلاَةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلاَةٍ فِيمَا سِوَاهُ، إِلا المَسْجِدَ الحَرَامَ » .[13]
    فدل ذلك على أن تضعيف الصلاة لا يقاوم تضعيف اليوم الذي يعم جميع الأعمال فإن الجهاد يقاوم ما لا يمكن المداومة عليه من صيام وقيام كما في الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: قِيلَ لِلنَّبِيِّ r: مَا يَعْدِلُ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ قَالَ: «لا تَسْتَطِيعُونَهُ» ، قَالَ: فَأَعَادُوا عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلاثًا كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ: «لا تَسْتَطِيعُونَهُ» ، وَقَالَ فِي الثالثة: «مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ الْقَانِتِ بِآيَاتِ اللهِ، لا يَفْتُرُ مِنْ صِيَامٍ، وَلا صَلاةٍ، حَتَّى يَرْجِعَ الْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللهِ تَعَالَى».
    وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنِ النَّبِيِّ r قَالَ: «لَغَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ رَوْحَةٌ، خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا». [14]
    وعَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّr فِيمَا يَحْكِيهِ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ: «أَيُّمَا عَبْدٍ مِنْ عِبَادِي خَرَجَ مُجَاهِدًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي، ضَمِنْتُ لَهُ أَنْ أَرْجِعَهُ، إِنْ أَرْجَعْتُهُ بِمَا أَصَابَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ، وَإِنْ قَبَضْتُهُ غَفَرْتُ لَهُ وَرَحِمْتُهُ» .[15]
    وعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ: «مَنْ قَاتَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فُوَاقَ نَاقَةٍ فَقَدْ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ ومن سأل الله القتل من عند نفسه صادقاً ثم مات أو قتل فله أجر شهيد ومن جرح جرحاً أو نكب نكبة ً فإنها تجيء يوم القيامة كأغزر ما كانت لونها كالزعفران وريحها كالمسك , ومن جرح جرحاً ً في سبيل الله فعليه طابع الشهداء ». [16]
    وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ tقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ه: «لا يَجْتَمِعُ غُبَارٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَدُخَانُ جَهَنَّمَ فِي جَوْفِ عَبْدٍ ».[17]
    و عَنْ أَبِي نَجِيحٍ السُّلَمِيِّ t، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ: «مَنْ بَلَغَ بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَهُوَ لَهُ دَرَجَةٌ فِي الْجَنَّةِ».[18]
    قال الشوكاني رحمه الله : فيه دليل على عظم قدر الجهاد في سبيل الله فإن مجرد مس الغبار للقدم إذا كان من موجبات السلامة من النار، فكيف بمن يسعى ويبذل جهده، ويستفرغ وقته.[19]
    وعَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ t، - قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ: «مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَلَغَ الْعَدُوَّ أَخْطَأَ أَوْ أَصَابَ، كَانَ لَهُ كَعِدْلِ رَقَبَةٍ، وَمَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُسْلِمَةً، كَانَ فِدَاءُ كُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنْهُ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ، وَمَنْ شَابَ شَيْبَةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ، كَانَتْ لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» [20]
    وعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ t قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ: « إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُدْخِلُ بِالسَّهْمِ الْوَاحِدِ ثَلاثَةَ نَفَرٍ الْجَنَّةَ، صَانِعَهُ يَحْتَسِبُ فِي صَنْعَتِهِ الْخَيْرَ، وَالرَّامِيَ بِهِ، وَمُنْبِلَهُ. وَارْمُوا، وَارْكَبُوا، وَأَنْ تَرْمُوا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ تَرْكَبُوا. لَيْسَ مِنَ اللَّهْوِ إِلا ثَلاثٌ: تَأْدِيبُ الرَّجُلِ فَرَسَهُ، وَمُلاعَبَتُهُ أَهْلَهُ، وَرَمْيُهُ بِقَوْسِهِ وَنَبْلِهِ، وَمَنْ تَرَكَ الرَّمْيَ بَعْدَ مَا عَلِمَهُ رَغْبَةً عَنْهُ، فَإِنَّهَا نِعْمَةٌ تَرَكَهَا »، أَوْ قَالَ: كَفَرَهَا .[21]

    المجاهدون والمرابطون معانون
    والمجاهد في سبيل الله يعينه الله ويسدده ويوفقه، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: « ثَلاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَوْنُهُمْ: المُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالمُكَاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ الأَدَاءَ، وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ العَفَافَ ».[22]
    وفسر أبو أيوب الأنصاري t قول الله تعالى : { وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ }البقرة195 بترك الجهاد، فعَنْ أَسْلَمَ أَبِي عِمْرَانَ قَالَ: غَزَوْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ نُرِيدُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ، وَعَلَى الْجَمَاعَةِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، وَالرُّومُ مُلْصِقُو ظُهُورِهِمْ بِحَائِطِ الْمَدِينَةِ، فَحَمَلَ رَجُلٌ عَلَى الْعَدُوِّ، فَقَالَ النَّاسُ: مَهْ مَهْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، يُلْقِي بِيَدَيْهِ إِلَى التَّهْلُكَةِ، فَقَالَ أَبُو أَيُّوبَ: « إِنَّمَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِينَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ لَمَّا نَصَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ، وَأَظْهَرَ الإِسْلامَ قُلْنَا: هَلُمَّ نُقِيمُ فِي أَمْوَالِنَا وَنُصْلِحُهَا »، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ }البقرة195 فَالإلْقَاءُ بِالأَيْدِي إِلَى التَّهْلُكَةِ أَنْ نُقِيمَ فِي أَمْوَالِنَا وَنُصْلِحَهَا وَنَدَعَ الْجِهَادَ »، قَالَ أَبُو عِمْرَانَ: «فَلَمْ يَزَلْ أَبُو أَيُّوبَ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى دُفِنَ بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ» .[23]
    وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى t أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ: «الجَنَّةَ تَحْتَ ظِلاَلِ السُّيُوفِ».[24]
    وعَنْ أَبِي مُوسَى t أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ العُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ». [25]

    وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ يُكْلَمُ أَحَدٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ إِلا جَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَاللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ، وَالرِّيحُ رِيحُ المِسْكِ».[26]
    وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ t، عَنِ النَّبِيِّ r قَالَ: « لَيْسَ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ قَطْرَتَيْنِ وَأَثَرَيْنِ، قَطْرَةٌ مِنْ دُمُوعٍ فِي خَشْيَةِ اللَّهِ، وَقَطْرَةُ دَمٍ تُهَرَاقُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَأَمَّا الأَثَرَانِ: فَأَثَرٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَأَثَرٌ فِي فَرِيضَةٍ مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ ».[27]
    وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ t، عَنِ النَّبِيِّ r قَالَ: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَمُوتُ، لَهُ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ، يَسُرُّهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا، وَأَنَّ لَهُ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، إِلاَّ الشَّهِيدَ لِمَا يَرَى مِنْ فَضْلِ الشَّهَادَةِ، فَإِنَّهُ يَسُرُّهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا، فَيُقْتَلَ مَرَّةً أُخْرَى».[28]
    فضل ارتباط الخيل وما كان من بابه في سبيل الله
    عَنْ رَجُلٍ مِنَ الأنْصَارِ، عَنِ النَّبِيِّr قَالَ: «الْخَيْلُ ثَلاثَةٌ: فَرَسٌ يَرْبِطُهُ الرَّجُلُ فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَثَمَنُهُ أَجْرٌ، وَرُكُوبُهُ أَجْرٌ، وَعَارِيَتُهُ أَجْرٌ، وَعَلَفُهُ أَجْرٌ، وَفَرَسٌ يُغَالِقُ عَلَيْهِ الرَّجُلُ وَيُرَاهِنُ، فَثَمَنُهُ وِزْرٌ، وَعَلَفُهُ وِزْرٌ، وَفَرَسٌ لِلْبِطْنَةِ، فَعَسَى أَنْ يَكُونَ سَدَادًا مِنَ الْفَقْرِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى ».[29]
    عن أبي هريرةt، الحديث وفيه : « وَأَمَّا خَالِدٌ: فَإِنَّكُمْ تَظْلِمُونَ خَالِدًا، قَدِ احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْتُدَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ»[30]

    وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ t أَنَّ أُمَّ الرُّبَيِّعِ بِنْتَ البَرَاءِ وَهِيَ أُمُّ حَارِثَةَ بْنِ سُرَاقَةَ أَتَتِ النَّبِيَّ r، فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَلاَ تُحَدِّثُنِي عَنْ حَارِثَةَ، وَكَانَ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ أَصَابَهُ سَهْمٌ غَرْبٌ، فَإِنْ كَانَ فِي الجَنَّةِ صَبَرْتُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ، اجْتَهَدْتُ عَلَيْهِ فِي البُكَاءِ، قَالَ: «يَا أُمَّ حَارِثَةَ إِنَّهَا جِنَانٌ فِي الجَنَّةِ، وَإِنَّ ابْنَكِ أَصَابَ الفِرْدَوْسَ الأَعْلَى».[31]
    وعَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: سَأَلْنَا عَبْدَ اللهِ – ابن مسعود - عَنْ هَذِهِ الآيَةِ: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ }آل عمران169، قَالَ: أَمَا إِنَّا قَدْ سَأَلْنَا عَنْ ذَلِكَ،
    فَقَالَ: «أَرْوَاحُهُمْ فِي جَوْفِ طَيْرٍ خُضْرٍ، لَهَا قَنَادِيلُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ، تَسْرَحُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ شَاءَتْ، ثُمَّ تَأْوِي إِلَى تِلْكَ الْقَنَادِيلِ، فَاطَّلَعَ إِلَيْهِمْ رَبُّهُمُ اطِّلاعَةً» ،
    فَقَالَ: « هَلْ تَشْتَهُونَ شَيْئًا؟ قَالُوا: أَيَّ شَيْءٍ نَشْتَهِي وَنَحْنُ نَسْرَحُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ شِئْنَا، فَفَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا رَأَوْا أَنَّهُمْ لَنْ يُتْرَكُوا مِنْ أَنْ يُسْأَلُوا، قَالُوا: يَا رَبِّ، نُرِيدُ أَنْ تَرُدَّ أَرْوَاحَنَا فِي أَجْسَادِنَا حَتَّى نُقْتَلَ فِي سَبِيلِكَ مَرَّةً أُخْرَى، فَلَمَّا رَأَى أَنْ لَيْسَ لَهُمْ حَاجَةٌ تُرِكُوا ». [32]
    وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ t قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: « لَمَّا أُصِيبَ إِخْوَانُكُمْ بِأُحُدٍ جَعَلَ اللَّهُ أَرْوَاحَهُمْ فِي جَوْفِ طَيْرٍ خُضْرٍ، تَرِدُ أَنْهَارَ الْجَنَّةِ، تَأْكُلُ مِنْ ثِمَارِهَا، وَتَأْوِي إِلَى قَنَادِيلَ مِنْ ذَهَبٍ مُعَلَّقَةٍ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ، فَلَمَّا وَجَدُوا طِيبَ مَأْكَلِهِمْ، وَمَشْرَبِهِمْ، وَمَقِيلِهِمْ، قَالُوا: مَنْ يُبَلِّغُ إِخْوَانَنَا عَنَّا، أَنَّا أَحْيَاءٌ فِي الْجَنَّةِ نُرْزَقُ لِئَلا يَزْهَدُوا فِي الْجِهَادِ، وَلا يَنْكُلُوا عِنْدَ الْحَرْبِ، فَقَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: أَنَا أُبَلِّغُهُمْ عَنْكُمْ »، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ }آل عمران169، إِلَى آخِرِ الآيَةِ. [33]




    فضل من جهز غازيًا

    وعَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ t قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: «مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَجْرِ الْغَازِي شَيْئًا».[34]
    وكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ t يَقُولُ: «رِبَاطُ لَيْلَةٍ إِلَى جَانِبِ الْبَحْرِ مِنْ وَرَاءِ عَوْرَةِ الْمُسْلِمِينَ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُوافِقَ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فِي أَحَدِ الْمَسْجِدَيْنِ مَسْجِدِ الْكَعْبَةِ أَوْ مَسْجِدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ، وَرِبَاطُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ عِدْلُ السَّنَةِ، وَتَمَامُ الرِّبَاطِ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً» .[35]

    مسائل متعلقة بالربـاط
    مسألة : من هو المرابط في سبيل الله عند الفقهاء؟
    قال القرطبي : [36]: المرابط في سبيل الله عند الفقهاء هو الذي يشخص إلى ثغر من الثغور ليرابط فيها مدة ما . قاله محمد ابن المواز.
    وأما سكان الثغور دائمًا بأهليهم الذين يعمرون ويكتسبون هنالك فهم وإن كانوا حماة فليسوا بمرابطين . قاله ابن عطية.[37]
    وقال ابن خويز منداد – من أئمة المالكية - : وَلِلرِّبَاطِ حَالَتَانِ: حَالَةٌ يَكُونُ الثَّغْرُ مَأْمُونًا مَنِيعًا يَجُوزُ سُكْنَاهُ بِالأهْلِ وَالْوَلَدِ. وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَأْمُونٍ جَازَ أَنْ يُرَابِطَ فِيهِ بِنَفْسِهِ إِذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْقِتَالِ، وَلا يَنْقُلُ إِلَيْهِ الأهْلَ وَالْوَلَدَ لِئَلا يَظْهَرَ الْعَدُوُّ فَيَسْبِيَ وَيَسْتَرِقَّ.[38]
    مسألة : ما هو أفضل الرباط؟
    فائدة: وأفضل الرباط المقام بأشد الثغور خوفا؛ لأنهم أحوج، ومقامه به أنفع. قال أحمد: أفضل الرباط أشدهم كَلَبًا. [39]

    مسألة : أيهما أفضل المجاورة بمكة أم الرباط ؟
    مسألة: سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله[40]: هل الأفضل المجاورة بمكة؟ أو بمسجد النبي r؟ أو المسجد الأقصى؟ أو بثغر من الثغور لأجل الغزو؟
    فأجاب / :الحمد لله رب العالمين. المرابطة بالثغور أفضل من المجاورة في المساجد الثلاثة كما نص على ذلك أئمة الإسلام عامة.
    وقال أيضاً : ما أعلم في ذلك خلافا بين العلماء.[41]
    وليست هذه المسألة من المشكلات عند من يعرف دين الإسلام ولكن لكثرة ظهور البدع في العبادات وفساد في الأعمال صار يخفى مثل هذه المسألة عن كثير من الناس؟
    فالثغور هي البلاد المـتاخمة [42] للعدومن المشركين وأهل الكتاب التي يخيف العدو أهلها ويخيف أهلها العدو، والمرابطة بها أفضل من المجاورة بالحرمين باتفاق المسلمين، كيف والمرابطة بها أي في ثغور المسلمين فرض عين على المسلمين إما على الأعيان وإما على الكفاية.
    وأما المجاورة فليست واجبة باتفاق المسلمين. ( أ . هـ بتصرف)[43]
    أقوال السلف في الرباط:

    قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ t: «إِنَّ فَرَسَ المُجَاهِدِ لَيَسْتَنُّ فِي طِوَلِهِ، فَيُكْتَبُ لَهُ حَسَنَاتٍ». [44]
    وفي الصحيحين عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ t، قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ r فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ؟ قَالَ: « رَجُلٌ جَاهَدَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، وَرَجُلٌ فِي شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ: يَعْبُدُ رَبَّهُ، وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ ». [45]
    قال ابن تيمية - رحمه الله - : وكون رسول الله r والمهاجرين كان مقامهم بالمدينة أفضل على أحد قولي العلماء فإنهم كانوا بها مهاجرين مجاهدين مرابطين بخلاف مكة، حتى إن مالكًا مع فرط تعظيمه المدينة وتفضيله لها على مكة وكراهية الانتقال منها مما سئل عمَّن بدار وهو مقيم بالمدينة يأتي الثغور كالإسكندرية وغيرها، أجاب بأن عليه أن يأتي الثغور؛ لأن المرابطة بالثغور أفضل من مقامه بالمدينة.
    ولأن الجهاد والرباط تحقيق كون المؤمن مؤمنًا ولهذا روى مسلم في صحيحه عن النبي r أنه قال: «مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ، وَلَمْ يُحَدِّثْ بِهِ نَفْسَهُ، مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنْ نِفَاقٍ». وذلك أن الجهاد فرض على الكفاية فيخاطب به جميع المؤمنين عمومًا ثم إذا قام به بعضهم سقط عن الباقين.
    ولا بد لكل مؤمن أن يعتقد أنه مأمور به وأن يعتقد وجوبه وأن يعزم عليه إذا احتيج إليه وهذا يتضمن تحديث نفسه بفعله، فمن مات ولم يغز أو لم يحدث نفسه بالغزو نقص من إيمانه الواجب عليه بقدر ذلك فمات على شعبة نفاق.[46]
    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله - أيضاَ : ولهذا لما كان أهل البدع مهملين أمر الجهاد معظمين للزيارات استولى الكفار على كثير من الثغور حتى قتل ببيت المقدس وقتلوا فيه من المجاورين من شاء الله وكان قد جرت فيه بدع كثيرة.[47]


    الرباط شعار السلف الصالح
    قال ابن تيمية رحمه الله : وما زال خيار المسلمين من الصحابة والتابعين وتابعيهم من بعدهم من الأمراء والمشايخ يتناوبون الثغور لأجل الرباط.
    وكان هذا على عهد أبي بكر وعثمان أكثر ، وكان عمر من يسأله عن أفضل الأعمال إنما يدله على الرباط والجهاد كما سأله الحارث بن هشام وعكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أمية وسهيل بن عمرو وأمثالهم، ثم كان بعد هؤلاء خلافة بني أمية وبني العباس ولهذا يذكر من فضائلهم وأخبارهم في الرباط أمور كثيرة.[48]




    أهل الثغور اقرب الناس إلى الحق
    وكان ابن المبارك وأحمد ابن حنبل وغيرهم يقولون : إذا اختلف الناس في شيء فانظروا ما عليه أهل الثغور. [49]فإن الحق معهم؛ لأن الله يقول {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ }العنكبوت69
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وبالجملة، السكن بالثغور والرباط والاعتناء به أمر عظيم وكانت الثغور معمورة بخيار المسلمين علمًا وعملًا وأعظم البلاد إقامة شعائر الإسلام وحقائق الإيمان والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكان كل من أحب التبتل للعبادة والإنقطاع إلى الله وكمال الزهد والعبادة والمعرفة يدلونه على الثغور. أ . هـ [50]






    المرابطون من السلف

    قلت : هؤلاء بعض من عثرنا عليهم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من المؤمنين يرابطون في ثغور المسلمين.

    1. أبو الدرداء t الإمام القدوة قاضي دمشق صاحب رسول r عويمر بن زيد بن قيس، حكيم هذه الأمة وسيد القراء. كان الصحابة يقولون : أتبعنا للعلم والعمل أبو الدرداء قال يزيد بن معاوية : إن أبا الدرداء من العلماء والفقهاء الذين يشفون من الداء.[51]
    2. سلمان الفارسي t عاش في الجاهلية والإسلام وعمر طويلاً وكان من فضلاء الصحابة وخيارهم، يُضرب به المثل في البحث عن الحق، قال عنه رسول الله r : «لو كان الدين بالثرياء لناله رجال من فارس». ( ([52]
    3. أبو أيوب الأنصاري t الخزرجي النجَّاريُّ البدري، اسمه خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة بن عوف، السيد الكبير الذي خصه النبي r بالنزول عليه في بني النجار إلى أن بنيت حجرة أم المؤمنين سودة، وبنى المسجد الشريف، وشهد المشاهد كلها، وكان يرابط بالقسطنطينية وكان يقول في قوله تعالى : {انْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ }التوبة41: لا أجدني إلا خفيفًا أو ثقيلاً، وشهد حرب الخوارج مع علي . [53]
    4. الحارث بن هشام.
    5. عكرمة بن أبي جهل.
    6. صفوان بن أمية.
    7. سهيل بن عمرو.
    8. عطاء بن أبي رباح، مفتي الحرم أبو محمد القرشي، حج سبعين حجة وكان مفتي الحج، قال محمد بن عبد الله الديباج: ما رأيت مفتيًا خيرًا من عطاء إنما كان مجلسه ذكر الله لا يفتر وهم يخوضون فإن تكلم أو سئل عن شيء أحسن الجواب.
    9. أبي القاسم صاحب الإمام مالك، كان يرابط بالشام.
    10. عبد الله بن المبارك بن واضح، الإمام شيخ الإسلام، عالم زمانه، ورأس الأتقياء في وقته، من أقواله الجميلة: لا أعلم بعد النبوة أفضل من بث العلم، قال محمد بن الفضيل بن عياض: رأيت ابن المبارك في النوم، فقلت: أي العلم أفضل. قال: الأمر الذي كنت فيه، قلت: الرباط، والجهاد. قال: نعم. قلت: فما صنع بك ربك. قال: غفر لي مغفرة، ما بعدها مغفرة!. وكان رحمه الله يحج عامًا، ويجاهد عامًا ويتاجر عامًا.[54]
    11. الأوزاعي عبد الرحمن بن عمرو بن يحمد، شيخ الإسلام وعالم أهل الشام، كان يسكن بمحله الأوزاع وهي العقبة الصغيرة ظاهر باب الفراديس بدمشق، ثم تحول إلى بيروت مرابطًا بها إلى أن مات، من أقواله الجميلة: من أخذ بنوادر العلماء خرج من الإسلام، وقال : ما ابتدع رجل بدعة إلا سلب الورع، وقال: إن المسلم يقول قليلاً ويعمل كثيرًا، وإن المنافق يقول كثيرًا ويعمل قليلاً . قال محمد بن عبيد الطنافسي كنت عند سفيان الثوري فجاء رجل فقال: رأيت كأن ريحانة من المغرب رفعت، فقال إن صدقت رؤياك فقد مات الأوزاعي، فكتبوا ذلك فوجدوا كذلك في ذلك اليوم.[55]
    12. حذيفة المدغشي في زمن الأوزاعي يرابط بالشام.
    13. يوسف بن أسباط.
    14. أبو إسحاق الفزاري.
    15. مخلد بن الحسن.
    16. عبد الغني المقدسي: الإمام المحدث، كان يحدث وهو في الثغر.
    17. أبو الخير النيتاتي كان رجلاً فاضلاً، سكن تينات من أعمال حلب، يقال اسمه حماد له آيات وكرامات، تأوي إليه السباع وتأنس به، سكن ثغرطرسوس.[56]
    18. الحافظ المجود أبو سعيد أحمد بن أبي بكر محمد بن القدوة الكبير أبي عثمان بن سعيد بن إسماعيل الحيدي النيسابوري أحد أئمة الحديث.
    19. أبو محمد بن حزم الإمام الأوحد، البحر، ذو الفنون والمعارف أبو محمد علي بن أحمد بن حزم الفقيه الحافظ صاحب التصانيف ورأس في علوم الإسلام، متبحر في النقل، زهد في الرياسه ولزم منزله متكئًا على العلم، قال عنه أبو القاسم صاعد بن أحمد: كان ابن حزم أعلم أهل الأندلس قاطبة لعلوم الإسلام ا.ﻫ وكان شاعرًا بليغًا، ويتمنى الرباط والجهاد فمما قال في ذلك . [57]

    مُنَايَ مِنَ الدُّنْيَا علومٌ أَبُثُّهَا

    وَأَنْشُـرُهَا فِي كُلِّ بادٍ وَحَاضِرِ

    دعاءٌ إِلَى القُرْآنِ وَالسُّنَنِ الَّتِي تَنَاسَى رجالٌ ذِكْرُهَا فِي المحَاضِرِ


    وَأَلزمُ أَطرَافَ الثُّغُوْرِ مُجَاهِداً

    إِذَا هيعةٌ ثَارَتْ فَأَوَّلُ نَافِرِ

    لأَلْقَى حِمَامِي مُقْبِلاً غَيْرَ مدبرٍ بِسُمْرِ العَوَالِي وَالرِّقَاقِ البَوَاتِرِ

    كِفَاحاً مَعَ الكُفَّارِ فِي حَوْمَةِ الوَغَى

    وَأَكْرَمُ موتٍ لِلْفتى قَتْلُ كَافِرِ

    فَيَا رَبِّ لاَ تَجْعَلْ حِمَامِي بِغَيْرِهَا

    وَلاَ تَجْعَلَنِّي مِنْ قَطِيْنِ المَقَابِرِ






    باب فضل الحراسة
    عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ t قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ: « عَيْنَانِ لا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ».[58]
    وعن سَهْلِ ابْنِ الْحَنْظَلِيَّةِ، أَنَّهُمْ سَارُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ r يَوْمَ حُنَيْنٍ فَأَطْنَبُوا السَّيْرَ، حَتَّى كَانَتْ عَشِيَّةً فَحَضَرْتُ الصَّلاةَ، عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ r، فَجَاءَ رَجُلٌ فَارِسٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي انْطَلَقْتُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ حَتَّى طَلَعْتُ جَبَلَ كَذَا وَكَذَا، فَإِذَا أَنَا بِهَوَازِنَ عَلَى بَكْرَةِ آبَائِهِمْ بِظُعُنِهِمْ، وَنَعَمِهِمْ، وَشَائِهِمْ، اجْتَمَعُوا إِلَى حُنَيْنٍ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ r وَقَالَ: «تِلْكَ غَنِيمَةُ الْمُسْلِمِينَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ» ، ثُمَّ، قَالَ: «مَنْ يَحْرُسُنَا اللَّيْلَةَ؟» ، قَالَ أَنَسُ بْنُ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيُّ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «فَارْكَبْ» ، فَرَكِبَ فَرَسًا لَهُ فَجَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ r، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ r: «اسْتَقْبِلْ هَذَا الشِّعْبَ حَتَّى تَكُونَ فِي أَعْلاهُ، ولا نُغَرَّنَّ مِنْ قِبَلِكَ اللَّيْلَةَ» ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا، خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ r إِلَى مُصَلاهُ، فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: «هَلْ أَحْسَسْتُمْ فَارِسَكُمْ» ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَحْسَسْنَاهُ فَثُوِّبَ بِالصَّلاةِ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ r يُصَلِّي، وَهُوَ يَلْتَفِتُ إِلَى الشِّعْبِ حَتَّى إِذَا قَضَى صَلاتَهُ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَبْشِرُوا فَقَدْ جَاءَكُمْ فَارِسُكُمْ» ، فَجَعَلْنَا نَنْظُرُ إِلَى خِلالِ الشَّجَرِ فِي الشِّعْبِ، فَإِذَا هُوَ قَدْ جَاءَ حَتَّى وَقَفَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ r، فَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي انْطَلَقْتُ حَتَّى كُنْتُ فِي أَعْلَى هَذَا الشِّعْبِ حَيْثُ أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ r، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ اطَّلَعْتُ الشِّعْبَيْنِ كِلَيْهِمَا فَنَظَرْتُ، فَلَمْ أَرَ أَحَدًا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ r: «هَلْ نَزَلْتَ اللَّيْلَةَ؟» قَالَ: لا، إِلا مُصَلِّيًا أَوْ قَاضِيًا حَاجَةً، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ r: «قَدْ أَوْجَبْتَ فَلا عَلَيْكَ أَنْ لا تَعْمَلَ بَعْدَهَا».[59] **

    قال الإمام الشوكاني [60] عند قوله r : «عينان لا تمسهما النار»: المراد هنا حراسة الجيش يتولاها واحد منهم فيكون له ذلك الأجر لما في ذلك من العناية بشأن المجاهدين والتعب في مصالح الدين ولذلك قال في الحديث . وذكره.
    وقال عند قوله r «تحت ظلال السيوف»: الظلال جمع ظل، وإذا تدانى الخصمان صار كل واحد منهما تحت ظل سيف صاحبه لحرصه على دفعه عليه، ولا يكون ذلك إلا عند التحام القتال.
    قال القرطبي: وقولهr : « الجنَّة تحت ظلال السيوف »
    ؛ هذا من الكلام النفيس البديع ، الذي جمع ضروب البلاغة مع جزالة اللفظ ، وعذوبته ، وحسن استعارته ، وشمول المعاني الكثيرة ، مع الألفاظ المعسولة الوجيزة؛ بحيث يعجز فصحاء اللسْن البلغاء عن إيراد مثله ، أو أن يأتوا بنظيره وشكله . فإنه استفيد منه مع وجازته الحضّ على الجهاد ، والإخبار بالثواب عليه ، والحضّ على مقاربة العدو ، واستعمال السّيوف ، والاعتماد عليها ، واجتماع المقاتلين حين الزحف. [61]
    وقال ابن الجوزي: والمراد أن الجنة تحصل بالجهاد.[62]

    أحوال المرابطين في الرباط
    وكانوا على طريقين في الرباط:
    أحدها: أن يرابط كل قوم بأقرب الثغور إليهم ويقاتلون من يليهم كقوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ }التوبة123وهذا اختيار أكثر العلماء كالإمام أحمد وغيره، ولهذا كان أصحاب مالك كابن قاسم ونحوه يرابط بالثغور المصرية.
    والطريقة الثانية : المرابطة في أي ثغر من ثغور المسلمين كالشام ونحوها فكان عبد الله بن المبارك يقدم من خرسان فيرابط بثغور الشام وكذلك إبراهيم بن أدهم.
    كما كان يرابط بالشام الأوزاعي وحذيفة المدغشي ويوسف بن أسباط، وأبو إسحاق الفزاري ومخلد بن الحسين وأمثالهم...
    وكان المسلمون قد فتحوا قبرص في خلافة عثمان وبقيت تحت حكمهم أكثر من ثلاثمائة سنة.
    وكانت سيس ثغر المسلمين وطرسوس كانت من أسماء الثغور ولهذا تذكر في كتب الفقه المصنفة في ذلك الوقت وتولى قضاؤها أبو عبيد الإمام وصالح بن أحمد بن حنبل وغيرهما أ. هـ [63]


    أمور مهمة للمرابطين في ثغور المسلمين
    ومن أراد تمام الرباط ونجاح الجهاد والفوز بالدرجات فلا بد له من أمور يصحبها معه ويستقيم عليها ليلة ونهاره وفي كل أحواله .
    الأمر الأول : الإخلاص، وهو تصفية العمل وتنقيته من شوائب الشرك، فقد قال تعالى : {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً }الكهف110، وقال تعالى: {أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ }الزمر3
    هذا ولا بد في الجهاد والهجرة والرباط من النية الصالحة لله ومن أجل الله على ما يريد الله كما روى البخاري ومسلم من حديث عمر t : «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ».[64]
    وحديث أَبِي مُوسَى t، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ r عَنِ الرَّجُلِ يُقَاتِلُ شَجَاعَةً، وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً، وَيُقَاتِلُ رِيَاءً، أَيُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ r: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا، فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ».
    قال تعالى : {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }الأنفال39.
    وقال تعالى {أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ }الزمر3
    والجهاد والرباط عملٌ كبير يكبره ويعظمه الإخلاص لله سبحانه.
    فالإخلاص عزيز وعظيم لا تصلح الأعمال إلا به من صلاة وزكاة وجهاد وحج وعمرة وغيره ذلك من الأعمال إلا بهذا العمل الجليل وأن يصفوا القلب لله تعالى : {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }الأنعام162
    وقال تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ }الذاريات56
    وقال تعالى : { فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ }الزمر2
    فالإخلاص لب العبادات ولهذا إذا ذهب الإخلاص ذهب العمل وكان وبالاً على صاحبه، قال الله تعالى : «أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي، تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ ».[65]
    وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ r يَقُولُ: « إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لِأَنْ يُقَالَ: جَرِيءٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ». فهذا الحديث يجعل المسلم يخاف ويخلص في عمله لله ولا يريد أحدًا سواه فإذا تحقق الإخلاص لله رب العالمين فذلك نو على نور.
    فأبشر أيها المرابط الكريم بالأجر العظيم والنعيم المقيم من الرب الكريم {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ }الجمعة4
    ثانيًا : الإكثار من ذكر الله في سائر الأحوال سواء كنت في مترسك، أو في خيمتك، أو في ليلك، أو في نهارك، أو في حضرك، أو في سفرك، وعند المصاولة والمجاولة والمرابطة الزم الذكر والعبادة فهو القوة والعتاد وبه ينصر الله العباد فكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله؛ بسبب الصبر والمصابرة والذكر والمرابطة، وبه يتم الفلاح وبه يكون النصر والنجاح، قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ }الأنفال45. ولك الأسوة بنبي الأمة r فقد كان لا يهدأ لسانه ولا يفتر قلبه ولا يشغله شأنه عن ذكر الله سبحانه وتعالى فقد كان r يقوم الليل يصلي ويناشد ربه، ويسأله النصر سبحانه وتعالى كما هو معلوم يوم بدر.
    ومن أعظم الذكر ٍ: الدعاء، فهو السلاح الفتاك، والقوة الضاربة قال تعالى {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ }غافر60 . ، ودعاء المرابط والمجاهد مظنة الرجاء .
    لا تسألــن بني آدم حاجـةًُُ وسل الذي أبوابه لا تغلـق
    الله يغضب إن تركت سؤاله وبنيَّ آدم حين يُسأل يغضب

    وكان من دعاء النبي r في هذه المواطن «اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَابِ، سَرِيعَ الحِسَابِ، اللَّهُمَّ اهْزِمِ الأَحْزَابَ، اللَّهُمَّ اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ». [66]
    أتـهـزأ بالدعـاء وتـزدريـه

    ومـا تـدري بـما صنـع الدعـاء
    سهام الليل لا تخطئ ولكن لها أمد وللأمد انقضاء

    ومن لازم قرع الباب يوشك أن يفتح له.
    فكم جيوش هزمت وكم من أمم قصمت بسبب الدعاء ، فنسأل الله أن ينصر أهل السنة ويذل أهل الكفر والرفض والبدعة.
    ثالثًا : مما يصلح به الرباط ويرفع الله به علم الجهاد ويلم به شعف الكتائب والقواد ويجعل الله فيه النصر والإمداد
    السمع والطاعة لله ورسوله r ومن ولي أمر المسلمين وكان أميرًا عليهم في ميدان الجهاد وفي أماكن الرباط فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَt، عَنْ رَسُولِ اللهِ r أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللهَ، وَمَنْ أَطَاعَ أَمِيرِي فَقَدْ أَطَاعَنِي، وَمَنْ عَصَى أَمِيرِي فَقَدْ عَصَانِي» .[67]
    والهزيمة والفشل والضعف والخور يحصل في الصفوف وينخر في الجيوش بسبب المخالفة ولو كانت من رجل صالح.
    وتأمل قول الله تعالى {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }آل عمران165، أي كيف وقع هذا وهم مع الرسول r وصحبه الكرام فبين لهم الملك العلام فقال :
    (قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ ) [آل عمران: ١٦٥].
    فلا بد من السمع والطاعة ولا يمنع ذلك من المشاروة والمناصرة وتبادل الأراء فرب رأي سديدٍ يكون من ورائه الفتح العظيم بإذن الملك العليم ، قال تعالى : { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}وقال تعالى{ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ }الشورى38








    مسألة: هل يوجد رباط هذه الأيام؟
    الجـــواب : نعم، أي ثغر يخاف على المسلمين ودينهم وأموالهم وأهليهم فهو ثغر صالح للرباط والجهاد.
    ومن أعظم الثغور في هذا الزمن، وفي أرض اليمن الجبال المحيطة بدار التوحيد والسنة – دار الحديث بدماج- فهذه الجبال من أعظم ثغور الإسلام، كيف لا؟ والرافضة أعداء الإسلام منتهكين الأعراض، وقتلة الأبرياء مستبيحين الدماء محيطين بالدار وأهلها من كل جانب ويريدون الوقيعة بها متى سنحت لهم الفرصة وترقبوا الغفلة، وقد وقع ذلك منهم مرات وكرات ولكن {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ }الأنفال30 قال تعالى { كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ }المائدة64 ومن أعظم الثغور أيضًا في هذا الزمان أيضًا ثغر كتاف – القطعة - التي بها الأسود الأبيه والقبائل الوفية فهو ثغر عظيم وجهاد كبير للرافضة البغاة المعتدين الذين لم يريدوا البلاد بذاتها وإنما أرادوا هزيمة الدين وأهل الدين بفتوى العلماء الناصحين، وأهل الفقه والدين من قال الله فيهم: {وَتِلْكَ الأمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلا الْعَالِمُونَ }العنكبوت43
    فهنيئًا للمرابطين والمجاهدين في سبيل الله رب العالمين في هذه الثغور ضد الرافضة البغاة الملحدين .
    مسألة : لماذا نقاتل الرافضة؟
    أولاً: لأنهم يكذبون بالقرآن ويردون نصوصه،
    ويقولون : هو محرف. وهذا كفر؛ لأنه تكذيب بقول الله تعالى : {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }الحجر9 ، وإليك اعترافهم بالتكذيب فيما نقله الموسوي : والقرآن لا يحتاج لإثباته نص، ولكن كتب فقهائنا وأقوال جميع مجتهدينا تنص على أنه محرف، وهو الوحيد الذي أصابه التحريف من بين كل تلك الكتب.[68]
    وقد جمع المحدث النوري الطبرسي في إثبات تحريفه كتاباً ضخم الحجم سماه: (فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب) جمع فيه أكثر من ألفي رواية تنص على التحريف، وجمع فيه أقوال جميع الفقهاء وعلماء الشيعة في التصريح بتحريف القرآن الموجود بين أيدي المسلمين حيث أثبت أن جميع علماء الشيعة وفقهائهم المتقدمين منهم والمتأخرين يقولون إن هذا القرآن الموجود اليوم بين أيدي المسلمين محرف.
    قال السيد هاشم البحراني: وعندي في وضوح صحة هذا القول -أي القول بتحريف القرآن- بعد تتبع الأخبار وتفحص الآثار بحيث يمكن الحكم بكونه من ضروريات مذهب التشيع، وأنه من أكبر مقاصد غصب الخلافة فتدبر[69].أ.ﻫ


    قال الموسوي: وقرآن فاطمة هذا هو الذي يرون فيه الروايات، القصص، والحكايات فمن ذلك ما روى عن علي بن سعيد عن أبي عبد الله ؛، قال: «وعندنا والله مصحف فاطمة ما فيه آية من كتاب الله وأنه لإملاء رسول الله r وخط علي ؛ بيده» [70].
    وعن محمد بن مسلم عن أحدهما - عليه السلام -: «..وخلفت فاطمة مصحفاً، ما هو قرآن، ولكنه كلام من كلام الله أنزل عليها، إملاء رسول الله ه وخط علي »[71]
    فهذه الروايات تثبت عنهم تكذيب الله وتكذيب جبريل ؛ وتكذيب رسول الله r، والطعن فيه وأنه كتم بعض ما أنزل الله عليه ولم يبلغ، والله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ }المائدة67 ،
    وما حصل في هذا العصر من الرافضة الحوثة من دوس المصحف الكريم المنزَّل من عند رب العالمين لهو دليل واضح وبرهان فاضح على كفرهم وانسلاخهم من الإسلام، ودوسهم للمصحف لاعتقادهم أنه ليس كلام الله وأنه محرف ومبدل، والله يقول {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }الحجر9 ويقول :{لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ }فصلت42
    ثانيًا: لأنهم إباحية أشد من الإشتراكية الإلحادية، يستحلون الزنا ببنات المسلمين ويسمونه بغير اسمه، فتركوا الكلمة المستقبحة لدى العوام وأبدلوها بكلمة المتعة وهي الزنا تمامًا، وإليك ما يروون من الأكاذيب في فضل الزنا، فمن أقوالهم الكفرية: وقيل لأبي عبد الله : هل للمتمتع ثواب ؟ قال: « إن كان يريد بذلك وجه الله لم يكلمها كلمة إلا كتب الله له بها حسنة، فإذا دنا منها غفر الله له بذلك ذنباً، فإذا اغتسل غفر الله له بقدر ما مر من الماء على شعره» [72]
    ويكذبون عليه r بقوله : «من تمتع مرة أمن سخط الجبار، ومن تمتع مرتين حشر مع الأبرار، ومن تمتع ثلاث مرات زاحمني في الجنان»[73] **
    قال الله تعالى : {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً }الإسراء32 ، وهم يقولون : قربة وعبادة!، ثم قال تعالى :(إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً )، وهم يقولون : وفخرًا وعزًا! ،
    ثم قال تعالى: (وَسَاء سَبِيلاً) [الإسراء: ٣٢]، وهم يقولون أفضل طريقا! شقاق ومحادة، ومحاربة لله ودينه ورسوله وأوليائه.
    فيا أهل الدين والشيم، وأهل الغيرة والقيم أيكم يرضى أن تكون ابنته كذلك يلعب بها الكلاب، ويذرون عليها التراب بحجة التقرب لرب الأرباب. { قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ } التوبة 14
    قصة مؤلمة من سادات الرافضة:
    قال الموسوي: جاءتني امرأة تستفسر مني عن حادثة حصلت معها، إذ أخبرتني أن أحد السادة وهو السيد حسين الصدر كان قد تمتع بها قبل أكثر من عشرين سنة فحملت منه، فلما أشبع رغبته منها فارقها، وبعد مدة رزقت ببنت، وأقسمت أنها حملت منه هو إذ لم يتمتع بها أحد غيره.
    وبعد أن كبرت البنت وصارت شابة جميلة متأهلة للزواج، اكتشفت الأم أن ابنتها حبلى، فلما سألتها عن سبب حملها، أخبرتها البنت أن السيد المذكور استمتع بها فحملت منه، فدهشت الأم وفقدت صوابها، إذ أخبرت ابنتها أن هذا السيد هو أبوها وأخبرتها القصة. ا.ﻫ [74]
    ثالثًا: لأنهم يردون الرسالة النبوية ويكفرون أفضل البشرية وإليك نص الاعتراف من كتب الرافضة الخبثاء:
    قال الموسوي : إنهم لا يجتمعون مع أهل السنة على شيء[75]

    قال السيد نعمة الله الجزائري:
    «إنا لا نجتمع معهم -أي مع أهل السنة- على إله ولا على نبي ولا على إمام، وذلك أنهم يقولون: إن ربهم هو الذي كان محمد نبيه وخليفته من بعده أبو بكر.
    ونحن لا نقول بهذا الرب ولا بذلك النبي، بل نقول: إن الرب الذي خليفة نبيه أبو بكر ليس ربنا ولا ذلك النبي نبينا» [76]


    فصل كلام السلف في تكفير الرافضة
    قال عبد الرزاق : الرافضي عندي كافر. [77]
    وقال عبد الله بن أحمد : قلت لابي من الرافضة؟ قال : الذي يشتم ويسب أبا بكر وعمر.
    وقال الإمام أحمد عن الرافضة : هم الذين يتبرؤون من أصحاب محمد r ويسبونهم ويكفرون الأئمة إلا أربعة : علي وعمار والمقداد وسلمان، وليست الرافضة من الإسلام في شيء.
    وقال بشر بن الحارث: من شتم أصحاب محمد ه وإن صام وصلَّى وزعم أنه من المسلمين.
    وقال الأوزاعي : من شتم أبا بكر الصديق فقد ارتدَّ عن دينه وأباح دمه،
    وقال أبو بكر المرُّوذي : سألت أبا عبد الله - يعني أحمد – عمَّن شتم أبا بكر وعمر وعثمان وعائشة فقال: ما أراه على الإسلام.
    وقال الإمام مالك: الذي يشتم أصحاب النبي ه ليس له نصيب في الإسلام.
    وقال أبو طالب للإمام أحمد: الرجل يشتم عثمان؟ فقال: هذه زندقة .[78]
    وقال العلامة المفتي محمد بن إبراهيم آل الشيخ: ورافضة هذه الأزمان مرتدون عبدة أوثان...إلخ. ا.ﻫ [79]
    قال شيخ الإسلام : وأصل قول الرافضة أن النبي r نص على علي نصًا قاطعًا للعذر وأنه إمام معصوم ومن خالفه كفر، وان المهاجرين والأنصار كتموا النص وكفروا بالإمام المعصوم واتَّبعوا أهواءهم وبدَّلوا الدين وغيروا الشريعة وظلموا واعتدوا بل كفروا إلا ًنزراً قليلًا، ثم يقولون إن أبا بكر وعمر ما زالا منافقين.
    وحكى ذلك الإمام أبو الحسن الأشعري : "المقالات" (1/16) أن الرافضة مجمعون على هذا وأكثرهم يكفر من خالف قولهم ويسمُّون أنفسهم مؤمنين ومن خالفهم ويجعلون مدائن الإسلام التي لا تظهر فيها أقوالهم دار ردَّة أسوأ حالًا من مدائن المشركين والنصارى ولهذا يوالون اليهود والنصارى والمشركين على بعض جمهور المسلمين ومعاداتهم ومحارباتهم كما عرف من موالاتهم الكفار والمشركين على جمهور المسلمين ... ومنهم ظهرت أمهات الزندقة والنفاق كزندقة القرامطة الباطنية وأمثالهم.[80]
    وقال أيضًا في الصارم المسلول وهو يبين أنواع السابِّين – أي سابين الصحابة – أما من اقترن بسبِّه دعوى أن عليًا إله أو أنه كان هو النبي وإنما غلط جبريل في الرسالة فهذا لا شك في كفره بل لا شك في كفر من توقف في تكفيره وكذلك من زعم منهم أن القرآن نقص منه آيات وكُتمن أو زعم أن له تأويلات باطنة تُسقط الأعمال المشروعة ونحو ذلك وهؤلاء يُسمَّون القرامطة الباطنية ومنهم التَّناسخية فهؤلاء لا خلاف في كفرهم.
    ثم قال ابن تيمية : وأما من جاوز ذلك إلى أن زعم أنهم ارتدَّوا بعد رسول الله r إلا نفرًا قليلاً يبلغون بضعة عشر نفسًا أو أنهم فسقوا عامتهم فهذا لا ريب في كفره؛ لأنه تكذيب لما نصه القرآن في غير موضع من الترضى عنهم والثناء عليهم بل من يشك في كفر مثل هذا فإن كفره متعيِّن فإن مضمون هذه المقالة أن نقلة الكتاب والسنة كفار أو فساق وأن هذه الأمة التي هي: { خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ....الآية }آل عمران110وخيرها هو القرن الأول كان عامتهم كفارا أو فساقا ومضمونها أن هذه الأمة شر الأمم وأن سابقي هذه الأمة هم شرارها وكفر هذا مما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام.[81]
    قال علامة نجد في عصره الشيخ محمد بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن - رحمة الله عليهم جميعًا – معلِّقًا على كلام شيخ الإسلام، قال: فهذا حكم الرافضة في الأصل، وأما الآن، فحالهم أقبح وأشنع، لأنهم أضافوا إلى ذلك: الغلو في الأولياء، والصالحين من أهل البيت وغيرهم، واعتقدوا فيهم النفع والضر، في الشدة والرخاء، ويرون أن ذلك قربة تقربهم إلى الله، ودين يدينون به؛ فمن توقف في كفرهم والحالة هذه، وارتاب فيه، فهو جاهل بحقيقة ما جاءت به الرسل، ونزلت به الكتب، فليراجع دينه قبل حلول رمسه. أي قبره .[82]
    فائدة: وقال الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن ابا بطين – مفتي نجد في عصره - : والقرآن يرد على من قال: إن المقلد في الشرك معذور، فقد افترى وكذب على الله، وقد قال الله تعالى عن المقلدين من أهل {وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا }الأحزاب67 ،
    وقال سبحانه حاكيا عن الكفار قولهم: {بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ }الزخرف22
    وفي الآية {وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ }الزخرف23، واستدل العلماء بهذه الآية ونحوها، على أنه لا يجوز التقليد في التوحيد، والرسالة، وأصول الدين، وأن فرضاً على كل مكلف أن يعرف التوحيد بدليله، وكذلك الرسالة، وسائر أصول الدين، لأن أدلة هذه الأصول ظاهرة ولله الحمد، لا يختص بمعرفتها العلماء. أ.ﻫ من[83]


    حكم عوام الرافضة ؟

    سئل الإمام عبد العزيز بن باز - رحمه الله - هل يحكم بكفرهم جميعاً أو بعضهم ؟ فأجاب : المعروف أنهم كفار ، عباد لعلي t عامتهم وقادتهم ، لأنهم تبع القادة مثل كفار مكة ... تبع أبي جهل وتبع أبي لهب كفارهم تبعاً لهم , وعامتهم تبعهم ، لأنهم مقلدون لهم راضون بما هم عليه ...والرسول r قاتل الكفار ولا ميز بينهم , والصحابة قاتلوا الروم وقاتلوا الفرس ولا فصلوا بين العامة والخاصة ,لأن العامة تبع القادة , العامة تبع القادة .[84]
    فتوى العلامة الفوزان - حفظه الله –
    سئل ما حكم عوام الرافضة ؟هل حكمهم حكم علمائهم ؟ فأجاب : يأخواني اتركوا الكلام هذا , الرافظة حكمهم واحد , لا تفلسفون علينا , حكمهم واحد , كلهم يسمعون القرآن , كلهم يقرءون القرآن بل يحفظون القرآن أكثرهم , بلغتهم الحجة قامت عليهم الحجة , اتركونا من هذه الفلسفات وهذا الإرجاء الذي انتشرالآن في بعض الشبا ب والمتعالمين , اتركوا هذا , من بلغه القرآن فقد قامت عليه الحجة
    { ْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ }الأنعام 19نعم , إلى يوم القيامة . أهـ .
    قال الإمام مقبل بن هادي الوادعي – رحمه الله – والرافضة يعرف من خالطهم عداوتهم للإسلام ولهم مواقف يتعاونون فيها مع أعداء الإسلام على المسلمين .
    وقال أيضا : ومما ينبغي أن يعلم أن الرافضة لو تمكنت من أهل السنة - لا مكنهم الله – لستحلوا منهم ما لا يستحله اليهود والنصارى ومن شك في كلامي قرأ تاريخ الرافضة . **[85]

    وقال ابن القيم – رحمه الله – ومن جوز عليه - I - أن يعذب أولياءه مع احسانهم وإخلاصهم , ويسوي بينهم وبين أعدائه , فقد ظن به سوء الظن .
    وقال أيضاً : ومن ظن به I أنه يسلط على رسوله محمد r أعدائه تسليطاً دائماً مستمراً في حياته وفي مماته وابتلاه بهم لا يفارقونه فلما مات استبدوا بالأمر دون وصية وظلموا أهل بيته وسلبوهم حقهم وأذلوهم وكانت العزة والغلبة والقهر لأعدائه واعدائهم دائماً من غير جرم ولا ذنب لأولياءه وأهل الحق وهو يرى قهرهم لهم وغصبهم إياهم حقهم وتبديلهم دين نبيهم وهو يقدر على نصرة أولياءه وحزبه وجنده ولا ينصرهم ولا يديلهم بل يديل أعداءهم عليهم أبداً أو أنه لا يقدر على ذلك بل حصل هذا بغير قدرته ولا مشيئته , ثم جعل المبدلين لدينه مضاجعيه في حفرته تسلم أمته عليه وعليهم كل وقت كما تظنه الرافضة فقد ظن به أقبح الظن وأسوأه , سواء قالوا إنه قادر على أن ينصرهم ويجعل لهم الدولة والظفر أو أنه غير قادر على ذلك فهم قادحون في قدرته وحكمته وحمده وذلك من ظن السوء به ........ - إلى أن قال - وكل مبطل وكافر ومبتدع مقهور مستذل فهو يظن بربه ظن السوء ...... - إلى أن قال - فأكثر الخلق بل كلهم إلا من شاء الله يظنون بالله غير الحق ظن السوء ......- إلى أن قال - فليعتنِ اللبيب االناصح لنفسه بهذا االموضع وليتب إلى الله تعالى وليستغفره كل وقت من ظنه بربه ظن السوء , وليظن السوء بنفسه التي هي مأوى كل سوء ومنبع كل شر , المركبة على الجهل والظلم , فهي أولى بظن السوء من أحكم الحاكمين , وأعدل العادلين, وأرحم الراحمين , الغني الحميد , الذي له الغنى التام والحكمة التامة , المنزه عن كل سوء في ذاته وصفاته وأفعاله وأسمائه , فذاته لها الكمال المطلق من كل وجه , وصفاته كذلك , وأفعاله كذلك , كلها حكمة ومصلحة , ورحمة وعدل , وأسماؤه كلها حسنا . [86]
    فلا تظنن برك ظن سـوء فإن الله أولـــى بالجــــميل
    ولا تظنن بنفسك قط خيـراً وكيف بظالم جان جهـــول
    وقل يا نفس مأوى كل سوء أيرجى الخير من ميت بخيل
    وظن بنفسك السّوآى تجدها كذلك وخيرها كالمستحيل
    وما بك من تقى فيها وخير فتلك مواهب الرب الجليل
    وليس بها ولا منها ولكــن من الرحمن فالشكر للدليل
    (أهـ بتصرف) ([87])

    وسئل الإمام الشافعي - رحمه الله – أيهما أفضل للرجل أن يمكن أو يبتلى ؟ فقال : لا يمكن حتى يبتلى , والله تعالى إبتلى أولوا العزم من الرسل فلما صبروا مكنهم , فلا يظن أحد أنه يخلص من الألم البتة .[88]
    وقال الإمام الوادعي أيضا : والرافضة إذا هجموا على أهل السنة فيجوز لهم أن يقاتلوهم من باب المدافعة قال تعالى : { فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ }البقرة194
    وقال أيضاً : هم عندهم التقية , ولكن إذا سنحت لهم الفرصة يمكن أن يشققوا المصاحف ويدوسوها ويقتلوا المسلمين . أ هـ [89]




    فتوى اللجنة الدائمة في عوام الرافضة

    وقد سئلت اللجنة الدائمة أحسن الله إليها:
    سؤال: ما حكم عوام الروافض الإمامية الإثني عشرية؟ وهل هناك فرق بين علماء أي فرقة من الفرق الخارجة عن الملة وبين أتباعها من حيث التكفير أو التفسيق؟
    الجواب: من شايع من العوام إماما من أئمة الكفر والضلال، وانتصر لسادتهم وكبرائهم بغيا وعدوا - حكم له بحكمهم كفرا وفسقا، قال الله تعالى: {يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ ..}الأحزاب63... إلى أن قال {وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا }الأحزاب67واقرأ الآية رقم 165، 166، 167 من سورة البقرة، والآية رقم 37، 38، 39 من سورة الأعراف، والآية رقم 21، 22 من سورة إبراهيم، والآية رقم 28، 29 من سورة الفرقان، والآيات رقم 62، 63، 64 من سورة القصص والآيات رقم 31، 32، 33 من سورة سبأ، والآيات رقم 20 حتى 36 من سورة الصافات، والآيات 47 حتى 50 من سورة غافر، وغير ذلك في الكتاب والسنة كثير؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قاتل رؤساء المشركين وأتباعهم وكذلك فعل أصحابه ولم يفرقوا بين السادة والأتباع.
    وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
    اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
    عضو / عبد الله بن قعود عضو / عبد الله بن غديان
    نائب رئيس اللجنة /عبد الرزاق عفيفي
    الرئيس / عبد العزيز بن عبد الله بن باز

    فصل: الرافضة ليسوا من فرق الإسلام

    قال الإمام أبو محمد ابن حزم : وهو يرد على اعتراضين لأهل الكتاب على المسلمين في القرآن العظيم، قال: «وَأما قَوْلهم فِي دَعْوَى الروافض تَبْدِيل الْقرَاءَات فَإِن الروافض لَيْسُوا من الْمُسلمين إِنَّمَا هِيَ فرق حدث أَولهَا بعد موت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِخمْس وَعشْرين سنة وَكَانَ مبدؤها إِجَابَة من خذله الله تَعَالَى لدَعْوَة من كَاد الْإِسْلَام وَهِي طَائِفَة تجْرِي مجْرى الْيَهُود وَالنَّصَارَى فِي الْكَذِب وَالْكفْر وَهِي طوائف أَشَّدهم غلواً يَقُولُونَ بإلهية عَليّ بن أبي طَالب وإلهية جمَاعَة مَعَه وَأَقلهمْ غلواً يَقُولُونَ إِن الشَّمْس ردَّتْ على عَليّ بن أبي طَالب مرَّتَيْنِ فقوم هَذَا أقل مَرَاتِبهمْ فِي الْكَذِب أيستشنع مِنْهُم كذب يأْتونَ بِهِ وكل من يزجره عَن الْكَذِب ديانَة أَو نزاهة نفس أمكنه أَن يكذب مَا شَاءَ وكل دَعْوَى بِلا برهَان فَلَيْسَ يسْتَدلّ بهَا عَاقل سَوَاء كَانَت لَهُ أَو عَلَيْهِ وَنحن إِن شَاءَ الله تَعَالَى نأتي بالبرهان الْوَاضِح....»[90] ا.ﻫ

    وقال الإمام أبو المنصور عبد القاهر بن طاهر البغدادي (ت429) : «وهذه الفرقة ليست من فرق الإسلام».[91]
    وقال الإمام الرباني ابن قيم الجوزية: «وَأَمَّا غَالِيَّةُ الْجَهْمِيَّةِ فَكَغُلاةِ الرَّافِضَةِ، لَيْسَ لِلطَّائِفَتَيْنِ فِي الإسْلامِ نَصِيبٌ».[92]
    وقال العلامة محمد بن عبداللطيف : فكيف بالرافضة الذين اخرجهم أهل السنة من الثنتين والسبعين فرقة ؟ مع ما هم عليه من الشرك البواح من دعوة غير الله في الشدة والرخاء كما هو معلوم من حالهم. ا.ﻫ [93]


    سب الرافضة للصحابة رضي الله عنهم:

    أذكار الخميني بعد الصلاة هو السب والشتم لخيار الصحابة :
    أما تكفيرهم للصحابة فهذا واضح جلي وأمر ليس يخفى كالشمس في رابعة النهار ولا أطيل فشهادة الأعداء على أنفسهم أقوى حجة وأكبر برهان فقد روى الكليني في تكفير الصحابة أجمعين إلا ثلاثة عن أبي جعفر قال : «كان الناس أهل ردة بعد النبي r إلا ثلاثة المقداد بن الأسود، وسلمان الفارسي، وأبو ذر الغفاري». [94]
    قال الموسوي: لو سألنا اليهود: من هم أفضل الناس في ملتكم؟ لقالوا: إنهم أصحاب موسى.
    ولو سألنا النصارى: من هم أفضل الناس في أمتكم؟ لقالوا: إنهم حواري عيسى.
    ولو سألنا الشيعة: من هم أسوأ الناس في نظركم وعقيدتكم؟ لقالوا: إنهم أصحاب محمد r.
    إن أصحاب محمد هم أكثر الناس تعرضاً لسب الشيعة ولعنهم وطعنهم وبالذات أبو بكر وعمر وعثمان وعائشة وحفصة زوجتا النبي صلوات الله عليه، ولهذا ورد في دعاء صنمي قريش: (اللهم العن صنمي قريش -أبو بكر وعمر- وجبتيهما وطاغوتيهما، وابنتيهما -عائشة وحفصة..الخ) وهذا دعاء منصوص عليه في الكتب المعتبرة. وكان الإمام الخميني يقوله بعد صلاة الصبح كل يوم. [95]**
    وإليك ما قرره العلامة الشوكاني رحمه الله في هذا فهو خبير بهم فقد عاصرهم وخالطهم وعلم عنهم كثيرًا من حالهم فأهل مكة أدرى بشعابها :
    قال رحمه الله : وهكذا من ألقى مقاليد أمره إلى رافضي وإن كان حقيرا فإنه لا أمانة لرافضي قط على من يخالفه في مذهبه ويدين بغير الرفض بل يستحل ماله ودمه عند أدنى فرصة تلوح له لأنه عنده مباح الدم والمال وكل ما يظهره من المودة فهو تقيه يذهب أثره بمجرد إمكان الفرصة
    وقد جربنا هذا تجريبا كثيرا فلم نجد رافضيا يخلص المودة لغير رافضي وإن آثره بجميع ما يملكه وكان له بمنزلة الخول وتودد إليه بكل ممكن.
    ولم نجد في مذهب من المذاهب المبتدعة ولا غيرها ما نجده عند هؤلاء من العداوة لمن خالفهم ثم لم نجد عند أحد ما نجد عندهم من التجرئ على شتم الأعراض المحترمة فإنه يلعن أقبح اللعن ويسب أفظع السب كل من تجري بينه وبينه أدنى خصومة وأحقر جدال وأقل اختلاف ولعل سبب هذا والله أعلم أنه لما تجرؤا على سب السلف الصالح هان عليهم سب من عداهم ولا جرم فكل شديد ذنب يهون ما دونه. أ. ﻫ[96]

    فصل : كلام الشوكاني على الرافضة
    قلت: حتى علي t لم يسلم من سبهم، قال الإمام الشوكانيرحمه الله : وقد يقع بعض شياطينهم في علي حردا عليه وغضبا له حيث ترك حقه بل قد يبلغ بعض ملاعينهم إلى ثلب العرض الشريف النبوي صانه الله قائلا إنه كان عليه الإيضاح للناس وكشف أمر الخلافة ومن الأقدم فيها والأحق بها وأما تسرع هذه الطائفة إلى الكذب وإقدامهم عليه والتهاون بأمره فقد بلغ من سلفهم وخلفهم إلى حد الكذب على الله وعلى رسوله وعلى كتابه وعلى صالحي أمته ووقع منهم في ذلك ما يقشعر له الجلد وناهيك بقوم بلغ الخذلان بغلاتهم إلى إنكار بعض كتاب الله وتحريف البعض الآخر وإنكار سنة رسول الله r
    وجاوز ذلك جماعة من زنادقتهم إلى اعتقاد الألوهية في ملوكهم بل في شيوخ بلدانهم.
    ولا غرو فأصل هذا المظهر الرافضي مظهر إلحاد وزندقة جعله من أراد كيدا للإسلام سترا له فأظهر التشيع والمحبة لآل رسول الله r استجذابا لقلوب الناس لأن هذا أمر يرغب فيه كل مسلم وقصدا للتغرير عليهم ثم أظهر للناس أنه لا يتم القيام بحق القرابة إلا بترك حق الصحابة ثم جاوز ذلك إلى إخراجهم- صانهم الله - عن سبيل المؤمنين.
    ومعظم ما يقصده بهذا هو الطعن على الشريعة وإبطالها لأن الصحابة yهم الذين رووا للمسلمين علم الشريعة من الكتاب والسنة فإذا تم لهذا الزنديق باطنا الرافضي ظاهرا القدح في الصحابة وتكفيرهم والحكم عليه بالردة بطلت الشريعة بأسرها لأن هؤلاء هم حملتها الراوون لها عن رسول الله r.
    فهذا هو العلة الغائية لهم وجميع ما يتظاهرون به من التشيع كذب وزور ومن لم يفهم هذا فهو حقيق بأن يتهم نفسه ويلوم تقصيره ولهذا تجدهم إذا تمكنوا وصارت لهم دولة يتظاهرون بهذا ويدعون الناس إليه كما وقع من القرامطة والباطنية والإسماعيلية ومن نحا نحوهم فإنهم لما تمكنوا أظهروا صريح الكفر والزندقة....
    إلى أن قال: وبالجملة فإذا رأيت رجلا قد انتهى به الرفض إلى ذم السلف الصالح والوقيعة فيهم وإن كان ينتمي إلى غير مذهب الإمامية فلا تشك في أنه مثلهم في ما قدمنا لك.
    وجرب هذا إن كنت ممن يفهم فقد جربناه وجربه من قبلنا فلم يجدوا رجلا رافضيا يتنزه عن شئ من محرمات الدين كائنا ما كان ولا تغتر بالظواهر فإن الرجل قد يترك المعصية في الملأ ويكون أعف الناس عنها في الظاهر وهو إذا أمكنته فرصة انتهزها انتهاز من لا يخاف نارا ولا يرجو جنة ا.ﻫ[97]
    رابعًا : نقاتلهم لأنهم بغاة معتدون على الأديان والأعراض والدماء والأموال فالله يقول { فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ }البقرة194.
    ويقولI:(( وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ{41} إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ)) الشورى {42}
    وقال I : {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ }الحج39
    ويقولI: { ِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ }البقرة191
    ويقول r : «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ، أَوْ دُونَ دَمِهِ، أَوْ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ».
    فهؤلاء بغاة معتدون على الدين، والقرآن كما تقدم، وعلى الأعراض وما من قبيلة ولا أسرة ولا بيت في صعدة خصوصًا وفي اليمن عمومًا إلا وقد قتلوا منهم وبغواعليهم، وقتلوهم ظلمًا وعدوانًا.
    فانفروا معاشر المسلمين خفافًا وثقالًا ورجالاً وركبانًا ضد هؤلاء البغاة المجرمين.



    فصل: شهادة شيخ الإسلام ابن تيمية على
    زندقة الرافضة وإلحادهم

    قال رحمه الله : فالخوارج مع أنهم مارقون يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، وقد أمر النبي - r- بقتالهم، واتفق الصحابة، وعلماء المسلمين على قتالهم، وصح فيهم الحديث عن النبي - r- من عشرة أوجه رواها مسلم. [في صحيحه] روى البخاري ثلاثة منها ليسوا ممن يتعمد الكذب، بل هم معروفون بالصدق حتى يقال: إن حديثهم من أصح الحديث لكنهم جهلوا، وضلوا في بدعتهم، ولم تكن بدعتهم عن زندقة، وإلحاد، بل عن جهل، وضلال في معرفة معاني الكتاب.
    وأما الرافضة، فأصل بدعتهم عن زندقة، وإلحاد، وتعمد الكذب كثير فيهم ، وهم يقرون بذلك حيث يقولون: ديننا التقية، وهو أن يقول أحدهم بلسانه خلاف ما في قلبه، وهذا هو الكذب والنفاق، ويدعون مع هذا أنهم هم المؤمنون دون غيرهم من أهل الملة، ويصفون السابقين الأولين بالردة، والنفاق، فهم في ذلك، كما قيل: رمتني بدائها، وانسلت إذ ليس في المظهرين للإسلام أقرب إلى النفاق والردة منهم، ولا يوجد المرتدون، والمنافقون في طائفة أكثر مما يوجد فيهم. ا.ﻫ [98]
    وقال عنهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : فَإِنَّهُمْ أَعْظَمُ ذَوِي الأهْوَاءِ جَهْلًا وَظُلْمًا يُعَادُونَ خِيَارَ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ [تَعَالَى] مِنْ بَعْدِ النَّبِيِّينَ، مِنَ السَّابِقِينَ الأوَّلِينَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَالأنْصَارِ ، وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَرَضُوا عَنْهُ، وَيُوَالُونَ الْكُفَّارَ، وَالْمُنَافِقِينَ مِنَ الْيَهُودِ، وَالنَّصَارَى، وَالْمُشْرِكِينَ، وَأَصْنَافِ الْمُلْحِدِينَ كَالنُّصَيْرِيَّةِ، وَالإسْمَاعِيلِيَّةِ، وَغَيْرِهِمْ مِنَ الضَّالِّينَ ، فَتَجِدُهُمْ، أَوْ كَثِيرًا مِنْهُمْ إِذَا اخْتَصَمَ خَصْمَانِ فِي رَبِّهِمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَالْكُفَّارِ، وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِيمَا جَاءَتْ بِهِ الأنْبِيَاءُ، فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ، وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ - سَوَاءٌ كَانَ الاخْتِلافُ بِقَوْلٍ، أَوْ عَمَلٍ كَالْحُرُوبِ الَّتِي بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَهْلِ الْكِتَابِ، وَالْمُشْرِكِينَ - تَجِدُهُمْ يُعَاوِنُونَ الْمُشْرِكِينَ، وَأَهْلَ الْكِتَابِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَهْلِ الْقُرْآنِ.
    كَمَا قَدْ جَرَّبَهُ النَّاسُ مِنْهُمْ غَيْرَ مَرَّةٍ فِي مِثْلِ إِعَانَتِهِمْ لِلْمُشْرِكِينَ مِنَ التُّرْكِ، وَغَيْرِهِمْ عَلَى أَهْلِ الإِسْلامِ بِخُرَاسَانَ، وَالْعِرَاقِ، وَالْجَزِيرَةِ، وَالشَّامِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَإِعَانَتِهِمْ لِلنَّصَارَى عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِالشَّامِ، وَمِصْرَ، وَغَيْرِ ذَلِكَ فِي وَقَائِعَ مُتَعَدِّدَةٍ مِنْ أَعْظَمِهَا الْحَوَادِثُ الَّتِي كَانَتْ فِي الإسْلامِ فِي الْمِائَةِ الرَّابِعَةِ، وَالسَّابِعَةِ، فَإِنَّهُ لَمَّا قَدِمَ كُفَّارُ التُّرْكِ إِلَى بِلادِ الإِسْلامِ، وَقُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَا لا يُحْصِي عَدَدَهُ إِلا رَبُّ الأنَامِ كَانُوا مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلْمُسْلِمِينَ، وَمُعَاوَنَةً لِلْكَافِرِينَ ، وَهَكَذَا مُعَاوَنَتُهُمْ لِلْيَهُودِ أَمْرٌ شَهِيرٌ حَتَّى جَعَلَهُمُ النَّاسُ لَهُمْ كَالْحَمِيرِ.
    إلى أن قال: وَلِهَذَا كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْيَهُودِ مِنَ [الْمُشَابَهَةِ فِي الْخَبَثِ] ، وَاتِّبَاعِ الْهَوَى، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَخْلاقِ الْيَهُودِ، وَبَيْنَهُمْ وَبَيْنَ النَّصَارَى مِنَ الْمُشَابَهَةِ فِي الْغُلُوِّ، وَالْجَهْلِ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَخْلاقِ النَّصَارَى مَا أَشْبَهُوا بِهِ هَؤُلاءِ مِنْ وَجْهٍ، وَهَؤُلاءِ مِنْ وَجْهٍ، وَمَا زَالَ النَّاسُ يَصِفُونَهُمْ بِذَلِكَ.
    وَمِنْ أَخْبَرِ [النَّاسِ بِهِمُ] الشَّعْبِيُّ وَأَمْثَالُهُ مِنْ عُلَمَاءِ الْكُوفَةِ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: (مَا رَأَيْتُ أَحْمَقَ مِنَ الْخَشَبِيَّةِ لَوْ كَانُوا مِنَ الطَّيْرِ لَكَانُوا رَخَمًا([99]) ، وَلَوْ كَانُوا مِنَ الْبَهَائِمِ لَكَانُوا حُمُرًا، وَاللَّهِ لَوْ طَلَبْتُ مِنْهُمْ أَنْ يَمْلَئُوا لِي هَذَا الْبَيْتَ ذَهَبًا عَلَى أَنْ أَكْذِبَ عَلَى عَلِيٍّ [لأعْطَوْنِي، وَوَاللَّهِ مَا] أَكْذِبُ عَلَيْهِ أَبَدًا». ا.ﻫ[100]











    بعض حماقات الرافضة، وسخافة عقولهم، وفساد فطرتهم:

    قال شيخ الإسلام رحمه الله : وقد اتفق أهل العلم بالنقل، والرواية، والإسناد على أن الرافضة أكذب الطوائف، والكذب فيهم قديم، ولهذا كان أئمة الإسلام يعلمون امتيازهم بكثرة الكذب قال: أبو حاتم الرازي . سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول: قال أشهب بن عبد العزيز سئل مالك عن الرافضة، فقال: لا تكلمهم، ولا ترو عنهم، فإنهم يكذبون، وقال أبو حاتم: حدثنا حرملة [قال] سمعت الشافعي يقول: لم أر أحدا أشهد بالزور من الرافضة، وقال مؤمل بن إهاب : سمعت يزيد بن هارون يقول: يكتب عن كل صاحب بدعة إذا لم يكن داعية إلا الرافضة، فإنهم يكذبون، وقال محمد بن سعيد الأصبهاني : سمعت شريكا يقول: أحمل العلم عن كل من لقيت إلا الرافضة، فإنهم يضعون الحديث، ويتخذونه دينا، [وشريك هذا هو شريك بن عبد الله القاضي، قاضي الكوفة، من أقران الثوري، وأبي حنيفة، وهو من الشيعة الذي يقول بلسانه: أنا من الشيعة، وهذه شهادته فيهم] ، وقال أبو معاوية : سمعت الأعمش يقول: أدركت الناس، وما يسمونهم إلا الكذابين- أي الرافضة- ، يعني أصحاب المغيرة بن سعيد. ا.ﻫ [101]


    مسألة : جهاد الأعداء بأمرين:

    قال ابن القيم: ولما كان الجلاد بالسيف والسنان والجدال بالحجة والبرهان كالأخوين الشقيقين والقرينين المتصاحبين كانت أحكام كل [واحد] منهما شبيهة بأحكام الآخر ومستفادة منه.
    فالإصابة في الرمي والنضال كالإصابة في الحجة والمقال والطعن والتبطيل نظير إقامة الحجة وإبطال حجة الخصم [والدخول] والخروج نظير الإيراد والاحتراز [منه] وجواب [الخصم] والقِرْن عند دخوله عليك كجواب الخصم عما يورده عليك.
    فالفروسية فروسيتان فروسية العلم والبيان وفروسية الرمي والطعان.
    ولما كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أكمل الخلق في الفروسيتين فتحوا القلوب بالحجة والبرهان والبلاد بالسيف والسنان
    وما الناس إلا هؤلاء الفريقان ومن عداهما فإن لم يكن ردءا وعونا لهما فهو كلٌّ على نوع الإنسان.
    وقد أمر الله سبحانه وتعالى رسوله بجدال الكفار والمنافقين وجلاد أعدائه المشاقين والمحاربين فعلم أن الجلاد والجدال من أهم العلوم وأنفعها للعباد في المعاش والمعاد ولا يعدل مداد العلماء إلا دم الشهداء والرفعة وعلو المنزلة في الدارين إنما هي لهاتين الطائفتين وسائر الناس رعية لهما منقادون لرؤسائهما. "إعلام الموقعين" (1/157).


    إلى كم ينقسم الجهاد
    قال ابن القيم : وجهاد الدفع أصعب من جهاد الطلب فإن جهاد الدفع يشبه باب دفع الصائل ولهذا أبيح للمظلوم أن يدفع عن نفسه
    كما قال الله تعالى : {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج40]، وقال النبي r : « من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد » [أخرجه الترمذي (1421)، وأبو داود (1772)، وابن ماجه (2580)، والنسائي (495)، وأحمد (1/190) وغيرهم وظاهر سنده الصحة، والله اعلم].
    لأن دفع الصائل على الدين جهاد وقربة ودفع الصائل على المال والنفس مباح ورخصة فإن قتل فيه فهو شهيد، فقتال الدفع أوسع من قتال الطلب وأعم وجوبا ولهذا يتعين على كل أحد يقم ويجاهد فيه العبد بإذن سيده وبدون إذنه والولد بدون إذن أبويه والغريم بغير إذن غريمه وهذا كجهاد المسلمين يوم أحد والخندق ولا يشترط في هذا النوع من الجهاد أن يكون العدو ضعفي المسلمين فما دون فإنهم كانوا يوم أحد والخندق أضعاف المسلمين فكان الجهاد واجبا عليهم؛ لأنه حينئذ جهاد ضرورة ودفع لا جهاد اختيار؛ ولهذا تباح فيه صلاة الخوف بحسب الحال في هذا النوع.
    وأما جهاد الطلب الخالص فلا يرغب فيه إلا أحد رجلين إما عظيم الإيمان يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا ويكون الدين كله لله وإما راغب في المغنم والسبي، فجهاد الدفع يقصده كل أحد ولا يرغب عنه إلا الجبان المذموم شرعا وعقلا وجهاد الطلب الخالص لله يقصده سادات المؤمنين وأما الجهاد الذي يكون فيه طالبا مطلوبا فهذا يقصده خيار الناس لإعلاء كلمة الله ودينه ويقصده أوساطهم للدفع ولمحبة الظفر .اﻫ[102]( بتصرف )


    فصل في مدح القوة والشجاعة وذم العجز والجبن

    قال الله تعالى {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ }الأنفال60
    وقال تعالى: في حق المؤمنين {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ }الفتح29
    وقال فيهم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }المائدة54
    وقال تعالى :{وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً }النساء104 . ([103])
    وقالI : {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }آل عمران139
    وفي "الصحيحين" عن ابي هريرة عن النبي r أنه قال: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي [كل] خير أحرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز».
    وكان النبي r يتعوذ [بالله] من الجبن.[104]
    والجبن خلق مذموم عند جميع الخلق وأهل الجبن هم أهل سوء الظن بالله وأهل الشجاعة والجود هو أهل حسن الظن بالله كما قال بعض الحكماء في وصيته :«عليكم بأهل السخاء والشجاعة فإنهم أهل حسن الظن بالله». والشجاعة جنة للرجل من المكاره والجبن إعانة منه لعدوه على نفسه فهو جند وسلاح يعطيه عدوه ليحاربه به،و قد قالت العرب الشجاعة وقاية والجبن مقتلة، وقد أكذب الله سبحانه أطماع الجبناء في ظنهم أن جبنهم ينجيهم من القتل والموت فقال الله تعالى: {قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِّنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلا قَلِيلاً }الأحزاب16
    ولقد أحسن القائل :
    أقول لها وقد طارت شعاعا *** من الأبطال ويحك لن تراعي
    فإنك لو سألت بـقاء يــــــوم *** على الأجل الذي لك لن تطاعي
    فصبراً في مجال الموت صبراً *** فــما نيل الخـــلود بمستـــطاع[105]
    واعتبر ذلك [في معارك الحروب] بأن من يقتل مدبرا أكثر ممن يقتل مقبلا وفي وصية أبي بكر الصديق لخالد بن الوليد: «احرص على الموت توهب لك الحياة»[106]
    وقد قال خالد بن الوليد: «لقد طلبت القتل مظانه فلم يقدر لي إلا أن أموت على فراشي». [107]
    ولا ريب عند كل عاقل أن استقبال الموت إذا جاءك خير من استدباره ، وقد بين هذا حسان بن ثابت قائلا:


    ولسنا على الأعقاب تدمى كلومنا
    ولكن على أقدامنا تقطر الدما
    ولو لم يكن في الشجاعة إلا أن الشجاع يرد صيته واسمه عنه أذى الخلق ويمنعهم من الإقدام عليه لكفى بها شرفا وفضلا كما قال عمرو ابن براقه - وكان فاتكا مشهورا بالاقدام والثبات

    كذبتم وبيت الله لا تأخذونها *** مراغمة ما دام للسيف قائم
    متى تجمع القلب الذكي وصارما ***وأنفا حميا تجتنبك المظالم[108]

    ولقد احسن من قال :
    تجودُ بالنفس إن ظن البـخيل بها
    والجود بالنفس أقصى غاية الجود[109]

    فصل في شجاعة النبي وأصحابه

    فائــدة: الفرق بين القوة والشجاعة:
    قال ابن القيم : وكثير من اناس تشتبه عليه الشجاعة والقوة،وهما متغايران؛ فإنَّ الشجاعة هي: ثبات القلب عند النوازل؛ وإن كان ضعيف البطش. ا.ﻫ وانظر كتاب "الروح" للمؤلف ص352.
    وقد كان النبي r كما في مسلم عن أنس : «أشجع النَّاس»، ولهذا استفاد الصحابة من شجاعته وثباته، ولقد أخذ النصيب الأوفر والحظ الأكبر الخليفة الأول بعده: أبو بكر الصديق t.
    قال ابن القيم : وكان الصديق t أشجع الأمة بعد رسول الله rوكان عمر وغيره أقوى منه ولكن برز على الصحابة كلهم بثبات قلبه في كل موطن من المواطن التي تزلزل الجبال وهو في ذلك ثابت القلب ربيط الجاش يلوذ به شجعان الصحابة وأبطالهم فيثبتهم ويشجعهم ولو لم يكن له الا ثبات قلبه يوم الغار وليلته وثبات قلبه يوم بدر وهو يقول للنبي r : «يا رسول الله كفاك مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك» [110]
    وثبات قلبه يوم أحد وقد صرخ الشيطان في الناس بأن محمدا قد قتل ولم يبق أحد مع رسول الله r الا دون عشرين في أحد وهو مع ذلك ثابت القلب ساكن الجأش.
    وثبات قلبه يوم الخندق وقد زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر.
    وثبات قلبه يوم الحديبية وقد قلق فارس الاسلام عمر بن الخطاب t حتى إن الصديقt ليثبته ويسكنه ويطمئنه.
    وثبات قلبه يوم حنين حيث فر الناس وهو لم يفر.
    وثبات قلبه حين النازلة التي اهتزت لها الدنيا أجمع وكادت تزول لها الجبال وعقرت لها أقدام الأبطال وماجت لها قلوب أهل الإسلام كموج البحر عند هبوب قواصف الرياح وصاح لها الشيطان في أقطار الأرض أبلغ الصياح وخرج الناس بها من دين الله أفواجا وأثار عدو الله بها أقطار الأرض عجاجا وانقطع لها الوحي من السماء وكاد لولا دفاع الله لطمس نجوم الاهتداء وأنكرت الصحابة بها قلوبهم وكيف لا وقد فقدوا رسولهم من بين أظهرهم وحبيبهم وطاشت الأحلام وغشي الآفاق ما غشيها من الظلام واشرأب النفاق ومد أهله الاعناق ورفع الباطل رأسا كان تحت قدم الرسول صلى الله عليه وسلم موضوعا وسمع المسلمون من أعداء الله ما لم يكن في حياته بينهم مسموعا وطمع عدو الله أن يعيد الناس إلى عبادة الأصنام وأن يصرف وجوههم عن البيت الحرام وأن يصد قلوبهم عن الايمان والقرآن ويدعوهم إلى ما كانوا عليه من التهود والتمجس والشرك وعبادة الصلبان فشمر الصديق t من جده عن ساق غير خوار وانتضى سيف عزمه الذي هو ثاني ذي الفقار وامتطى من ظهور عزائمه جوادا لم يكن يكبو يوم السباق وتقدم جنود الاسلام فكان أفرسهم إنما همه اللحاق وقال والله لأجاهدن أعداء الإسلام جهدي ولأصدقنهم الحرب حتى تنفرد سالفتي أو افرد وحدي ولأدخلنهم في الباب الذي خرجوا منه ولأردنهم إلى الحق الذي رغبوا عنه فثبت الله بذلك القلب الذي لو وزن بقلوب الأمة لرجحها جيوش الإسلام وأذل بها المنافقين والمرتدين وأهل الكتاب وعبدة الأصنام حتى استقامت قناة الدين من بعد اعوجاجها وجرت الملة الحنيفية على سننها ومنهاجها وتولى حزب الشيطان وهم الخاسرون وأذن مؤذن الايمان على رؤوس الخلائق {وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ }المائدة56.
    هذا وما ضعفت جيوش عزماته ولا استكانت ولا وهنت بل لم تزل الجيوش بها مؤيدة ومنصورة وما فرحت عزائم اعدائه بالظفر في موطن من المواطن بل لم تزل مغلوبة مكسورة.
    تلك لعمر الله الشجاعة التي تضاءلت لها فرسان الأمم والهمة التي تصاغرت عندها عليات الهمم ويحق لصديق الأمة أن يضرب من هذا المغنم بأوفر نصيب وكيف لا وقد فاز من ميراث النبوة بكمال التعصب.
    وقد كان الموروث صلوات الله وسلامه عليه أشجع الناس فكذلك وارثه وخليفته من بعده أشجع الأمة بالقياس ويكفي أن عمر بن الخطاب t سهم من كنانته وخالد بن الوليد t سلاح من أسلحته والمهاجرون والأنصار أهل بيعته وشوكته وما منهم الا من اعترف أنه يستمد من ثباته وشجاعته.
    وقال: ولما كانت الشجاعة خلقا كريما من أخلاق النفس ترتب عليها أربعة أمور وهي:
    1. الإقدام في موضع الإقدام.
    2. والإحجام في موضع الإحجام.
    3. والثبات في موضع الثبات .
    4. والزوال في موضع الزوال
    وضد ذلك مخل بالشجاعة وهو إما جبن وإما تهور وإما خفة وطيش.
    وإذا اجتمع في الرجل الرأي والشجاعة فهو الذي يصلح لتدبير الجيوش وسياسة أمر الحرب.
    والناس ثلاثة: رجل ، ونصف رجل ، ولا شيء.
    فالرجل من اجتمع له إصالة الرأي والشجاعة فهذا الرجل الكامل كما قال أحمد بن الحسين المتنبي:
    الرأي قبل شجاعة الشجعان
    هـــــو أول وهي المحــل الثانـــي
    ٌفإذا هما اجتمعا لنفس مرة
    بلغت من العلياء كل مكان
    ونصف الرجل وهو من انفرد بأحد الوصفين دون الآخر.
    والذي هو لا شيء من عري من الوصفين جميعا.اﻫ [111]بتصرف من "الفروسية المحمدية" (471-472).

    آية في كتاب الله فيها تدبير الحروب بأحسن تدبير

    قال ابن القيم : ونختم هَذَا الْكتاب[112] بِآيَة من كتاب الله تَعَالَى جمع فِيهَا تَدْبِير الْحُرُوف بِأَحْسَن تَدْبِير وَهِي قَوْلهI : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ{45} وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ{46} [الأنفال: ٤٥ – ٤٦] ، فَأمر الْمُجَاهدين [فِيهَا] بِخَمْسَة أَشْيَاء مَا اجْتمعت فِي فِئَة قطّ إِلَّا نصرت وَإِن قلت وَكثر عدوها:
    أَحدهَا: الثَّبَات.
    الثَّانِي: كَثْرَة ذكره سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
    الثَّالِث: طَاعَته وَطَاعَة رَسُوله.
    الرَّابِع: اتِّفَاق الْكَلِمَة وَعدم التَّنَازُع الَّذِي يُوجب الفشل والوهن وَهُوَ جند يُقَوي بِهِ المتنازعون عدوهم عَلَيْهِم فَإِنَّهُم فِي اجْتِمَاعهم كالحزمة من السِّهَام لا يَسْتَطِيع أحد كسرهَا فَإِذا فرقها وَصَارَ كل مِنْهُم وَحده كسرهَا فَإِذا فرقها وَصَارَ كل مِنْهُم وَحده كسرهَا كلهَا.
    الْخَامِس: ملاك ذَلِك كُله وقوامه وأساسه وَهُوَ الصَّبْر.
    فَهَذِهِ خَمْسَة أَشْيَاء تبتنى عَلَيْهَا قبَّة النَّصْر وَمَتى زَالَت أَو بَعْضهَا زَالَ من النَّصْر بِحَسب مَا نقص مِنْهَا وَإِذا اجْتمعت قوى بَعْضهَا بَعْضًا وَصَارَ لَهَا أثر عَظِيم فِي النَّصْر وَلما اجْتمعت فِي الصَّحَابَة لم تقم لَهُم أمة من الأُمَم وفتحوا الدُّنْيَا ودانت لَهُم [الْعباد و] الْبِلاد وَلما تَفَرَّقت فِيمَن بعدهمْ وضعفت آل الأمر إِلَى مَا آل .
    وَلا حول ولا قُوَّة إِلا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم وَالله الْمُسْتَعَان وَعَلِيهِ التكلان وَهُوَ حَسبنَا وَنعم الْوَكِيل. ا.ﻫ[113]








    وبهذا تمت هذه الرسالة التي نسأل الله أن يجعل فيها الخير والبركة ونسأل الله الإخلاص في القول والعمل والثبات على دينه حتى الممات , هذا وإني أطلب من أخٍ رأى تنبيه أو تقصير فلينبه وجزاه الله خيراً فهذا جهد البشر يعتريه الضعف والخور { وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ } والحمد لله رب العالمين

    كتبه
    أبو الفداء/ أحمد الأحمدي الحبيشي
    تم الإخراج والمراجعة
    في الخميس 7 / رمضان / 1433هـ




    الفهرس
    الموضوع الصفحة
    معنى الربـــاط : 6
    الأدلة في فضل الرباط
    باب فضل ارتباط الخيل وما كان من بابه في سبيل الله
    فضل من جهز غازيًا
    مسائل متعلقة بالربـاط
    من هو المرابط في سبيل الله عند الفقهاء؟
    ما هو أفضل الرباط؟
    أيهما أفضل المجاورة بمكة أم الرباط؟
    أقوال السلف في الرباط:
    المرابطون من السلف
    أهل الثغور اقرب الناس إلى الحق
    باب فضل الحراسة
    أحوال المرابطين في الرباط
    مسألة: هل يوجد رباط هذه الأيام؟
    مسألة : لماذا نقاتل الرافضة؟
    فصل كلام السلف في تكفير الرافضة
    فصل: الرافضة ليسوا من فرق الإسلام
    سب الرافضة للصحابة رضي الله عنهم:
    فصل : كلام الشوكاني على الرافضة
    فصل: شهادة شيخ الإسلام ابن تيمية على زندقة الرافض وإلحادهم
    بعض حماقات الرافضة، وسخافة عقولهم، وفساد فطرتهم:
    مسألة : جهاد الأعداء بأمرين:
    إلى كم ينقسم الجهاد
    فصل في مدح القوة والشجاعة وذم العجز والجبن
    فصل في شجاعة النبي r وأصحابه
    آية في كتاب الله فيها تدبير الحروب بأحسن تدبير
    أحوال المرابطين في الرباط






    تم بحمد الله وتوفيقه
























    [1]رواه الترمذي من حديث معاذ ، وقال: حديث حسن صحيح.

    [2] تفسير ابن جرير عند هذه الآية

    [3] تفسير القرطبي عند هذه الآية

    [4] في النهاية

    [5]"النهاية" لابن الأثير مادة (ربط).

    [6] رواه الإمام مسلم في صحيحه برقم (1879)
    قلت : فالرباط إرهاب لأعداء الإسلام، وتوقيفهم عند حدهم، وحماية لأعراض المسلمين وأموالهم فهنيئًا للمرابطين في الشعاب، والجبال، والسهول والرمال يومًا بعد يوم، وشهرًا بعد شهر، وعامًا بعد عام، فطوبى لهم، قول رسول الله r : «رِبَاطُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَيْرٌ مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ، وَإِنْ مَاتَ جَرَى عَلَيْهِ عَمَلُهُ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُهُ، وَأُجْرِيَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ، وَأَمِنَ الْفَتَّانَ».[6]


    [7] رواه أحمد (6/20)، وأبو داود (2500)، والترمذي (1621)، والحاكم (2/144).

    [8] تفسير القرطبي

    [9] "مشكل الآثار" (3/89).

    [10] "رد المحتار" (2/524).

    [11] رواه أحمد (1/62)، والنسائي في "الكبرى (4378)، وفي "المجتبى (9/39).
    وحسنه العلامة الألباني / في "صحيح الترمذي (2/241). ولفظ أحمد : عَنْ أَبِي صَالِحٍ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي كَتَمْتُكُمْ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ r ، كَرَاهِيَةَ تَفَرُّقِكُمْ عَنِّي، ثُمَّ بَدَا لِي أَنْ أُحَدِّثَكُمُوهُ لِيَخْتَارَ امْرُؤٌ لِنَفْسِهِ مَا بَدَا لَهُ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ r يَقُولُ: « رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللهِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ يَوْمٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَنَازِلِ ».


    [12] وذكره شيخ الإسلام كما في "مجموع الفتاوى" (27/253) وما بعدها.

    [13] رواه البخاري (1190)، ومسلم (1394) عن أبي هريرة.

    [14] رواه البخاري (2792)، ومسلم (4873). والغدوة : هي السير في أول النهار إلى الزوال، والروحة: السير من الزوال إلى الليل.


    [15] رواه النسائي (6/18)، وهو حديث صحيح. قلت : فأي نعمة بعد هذا، وأي خير يريده المسلم بعد مغفرة الله ورحمته وجنته التي فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.


    [16] رواه أبو داود (2541)، والترمذي (1657)، والنسائي (6/25). وصححه الألباني قال الترمذي حدثنا أحمد بن منيع حدثنا روح بن عباده , حدثنا ابن جريج , عن سليمان بن موسى , عن مالك بن يخامر , عن معاذ ...فذكره ....................
    ..........قال أبو عبد الرحمن الوادعي – رحمه الله – هذا حديث صحيح على شرط البخاي / الصحيح المسند / مسند معاذ بن جبل
    ومعنى فواق: هي مقدار الحلبة من الناقة،
    - قلت : فكيف بمن يرابط الأيام الطوال، والشهور، والأعوام. في الصحاري والقفارِ والجبال حفاظاً على حوزة الإسلام ومعاقل الدين وأعراض المسلمين حتى إن تغبير القدم في الجهاد والرباط له ثواب عظيم. فعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَبْرٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ: «مَا اغْبَرَّتْ قَدَمَا عَبْدٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَمَسَّهُ النَّارُ». رواه البخاري (2811).............................
    ............فهنيئاً لك أخي المرابط إذا كان غبار الأقدام سبب للنجاة من النيران فكيف إذا إغبر الجسد كاملاً , وسهرت العينان في السبيل الرب المنان فالثواب أعظم والعطاء أكثر .


    [17] رواه النسائي (3112) وغيره.

    [18] رواه أبو داود (3965)، والنسائي (6/27)، وأحمد (19428)، وسنده صحيح.

    [19] "نيل الأوطار" شرح حديث عبدالرحمن بن جبر

    [20] رواه النسائي (3145) بسند صحيح.

    [21] أخرجه أبو داود (2513) وهو حديث حسن بمجموع طرقه وشواهده.

    [22] أخرجه الترمذي (1655)، والنسائي (6/61)، وابن ماجه (2518)، وغيرهم وإسناده قوي، وحسنه الإمام الوادعي رحمه الله.

    [23] رواه أبو داود (2512)، وغيره وإسناده صحيح. وهو في الصحيح المسند للإمام الوادعي من طريق يزيد بن أبي حبيب عن اسلم ابي عمران ...فذكره

    [24] رواه مسلم (1742).

    [25] متفق عليه خ(123)، م(4896).

    [26] متفق عليه. خ(237)، م (1876). ومعنى يكلم : أي يجرح ويسيل الدم من ذلك الجرح سواءٌ كان الدم قليل أو كثير والجرح صغير أو كبير

    [27] رواه الترمذي (1669).


    [28] البخاري (2795)، ومسلم (1877).

    [29] روى الإمام أحمد (16645) في مسنده , و قال الإمام الوادعي: حديث صحيح رجاله رجال الصحيح.

    [30] وروى البخاري برقم (1468)، ومسلم (983) وهذا لفظ مسلم
    قلت : أي : جعلها وقفًا في سبيل الله يستفيد منها المجاهدين فمن أوقف سلاحاً أو سيارة وما من شأنه الإستفادة منه في الجهاد والرباط والدعوة إلى الله فيرجى له هذا الخير العظيم


    [31] البخاري ( 2809)

    [32] رواه مسلم (1887).

    [33] رواه أبو داود (2520)، وأحمد (2388)، والحاكم (2/297-298) .

    [34] رواه ابن ماجه (2759)، وصححه الألباني

    [35] رواه سعيد بن منصور في "سننه" (2410)، وعبد الرزاق في "مصنفه" (9616)، وذكره شيخ الإسلام كما في "مجموع الفتاوى" (27/253) وما بعدها.

    [36] في "الجامع" (2/668) [ط/دار الحديث]

    [37] [المرجع السابق]

    [38] [المرجع السابق]

    [39] المغني لابن القدامة كتاب الجهاد ص20، [ط/ دار عالم الكتب].
    قلت : كلبًا: أي شدة على المسلمين .

    [40] كما في "مجموع الفتاوى" (27/24)

    [41] في موضع آخر منها (27 /51)

    [42] المقاربة

    [43] كما في "مجموع الفتاوى" (27/24)

    [44] كما في "مجموع الفتاوى" (27/24) وقد جاء مرفوعاً كما في مسلم عنه t
    ومعنى يستن : يمرح بنشاط، قال الجوهري: هو أن يدفع يديه ويطرحهما معًا.



    [45] متفق عليه , خ(2786) ، م(1888).

    [46] كما في "مجموع الفتاوى"

    [47] كما في "مجموع الفتاوى"

    [48] كما في "مجموع الفتاوى"

    [49] أي : من العلماء

    [50] كما في "مجموع الفتاوى"

    [51] [انظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء"].

    [52] [انظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء"].

    1. [انظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء"].



    [54] [انظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء"]

    [55] [انظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء"].

    [56] [انظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء"].

    [57] "السير" (18/184-212).

    [58] رواه الترمذي (1639)، وهو حديث حسن.

    [59] ذكره الشيخ مقبل الوادعي في الصحيح المسند
    ومعنى قد أوجبت أي : قد وجبت لك الجنة بسبب هذا العمل العظيم
    ** قلـــــت : أبعد هذه الأجور العظيمة والدرجات الرفيعة يتملص أحدٌ عن الحراسة أو يعتذر بأعذار واهية بحرٍ أو بردٍ أو غير ذلك والموفق من وفقه الله (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون) , فشمر أخـــي إلى هذا الخير العظيم والثواب الكبير إذا جاءت نوبتك ووقت حراستك من غير تواني بنية صادقة تريد وجه الله والدار الآخرة ولا تقل فلان لم يحرس وفلا ن ..... وأنا لن أحرس , بل كن قدوة لإخوانك ومن الله الثواب{وَمَا يَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلَن يُكْفَرُوْهُ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ }
    آل عمران115


    [60] "النيل" (14/20)

    [61] "المفهم" (3/736)

    [62] "كشف المشكل" (1/417)

    [63] "مجموع الفتاوى" (27/53).

    [64] متفق عليه

    [65] متفق عليه عن أبي هريرة ( حديث قدسي).

    [66] رواه مسلم عن عبد الله بن أبي أوفى.

    [67] مخرج في الصحيح

    [68] في كتابه "لله ثم للتاريخ"

    [69] (مقدمة البرهان، الفصل الرابع 49)
    قــلـت: هذه النصوص صريحة في ردهم القرآن وقد نقل الإجماع أن من رد حرفًا واحدًا من كتاب الله كفر، ولهذا قال الخوئي من أئمة الرافضة: عليكم بهذا القرآن حتى يظهر قرآن فاطمة .


    [70] "بحار الأنوار" (26/41).

    [71] "بحار الأنوار": (26/42).
    ** قلت : فهذا كاف في كفرهم ووجوب قتالهم وإخراجهم من جزيرة العرب.


    [72]"من لا يحضره الفقيه" (3/366).


    [73] المرجع السابق.
    ** قــلت: أي دين هذا، وأين العفة والصيانة والديانة من هؤلاء، كيف يعرفون أبنائهم، أخوالهم، أعمامهم، أجدادهم شبكة الأسرة وهم قد قطعوا أواصلها بالزنا، ويسمونه المتعة رغبة في الأجور ورفع الدرجات ونيل المثوبات. ولهذا يأتون بالزيانب إلى معسكراتهم ومجاهديهم ويزنون بهن ليلاونهارا ويغرونهنَّ بأنهن في سبيل الله .



    [74] في كتابه "لله ثم للتاريخ"
    فما يسمى هذا يا عباد الله أن يزني بالأم ثم يزني بالبنت وهم يسيرون على مذهب:
    أحل البنات مع الأمهـــات ** ومن فضله زاد حل الصبــي
    قلـــت : لو لم يكن في قتالهم إلا إقامة الحدود عليهم لما اقترفوه من المتعة، وقتل النفس المحرمة لكان ذلك قتالاً شرعيًا بل لو ترك أهل بلد أجمعين الأذان لجاز للإمام قتالهم، فكيف وهؤلاء قد تركوا الإسلام وأقبلوا على مساوئ الشيطان.


    [75] في كتابه "لله ثم للتاريخ"

    [76] "الأنوار الجزائرية" (2/278).
    قلت: فمن يعبدون إذًا ؟ وهم أتباع من إذن ؟ فإنه من المعلوم في دين الإسلام بالضرورة أن أبا بكر هو الخليفة بعد رسول الله r وإذا كان كذلك فهم يكذبون بالله ورسوله، ويكفرون بدينه الإسلام، وهذا كفر بواح، فليلحقوا بإخوانهم من المنافقين والكافرين والمشركين، ويريحوا المسلمين من التقية الكاسدة، والبضاعة الفاسدة.


    [77] سير أعلام النبلاء (14/178).


    [78] "السنة" للخلال (3/493) و"الإبانة" لابن بطة.


    [79] من فتاويه رقم (2038).

    [80] "مجموع الفتاوى" (3/356). قلت: فكيف بالذين أنكروا القرآن كلَّه واستبدلوه بقرآن فاطمة ووزعوه على الناس وقد حصل هذا في هذا الزمان من الرافضة الحوثية فهذا كافٍ في تكفيرهم وخروجهم عن ملَّةِ الإسلام ولا يجوز لمسلم الدفاع عنهم بعد هذا الكفر البواح والقول الصراح.


    [81] "مجموع الفتاوى"

    [82] "الدرر السنية" (8/450).
    هذا النقل مستفاد من رسالة : "بيان أن الرافضة جميعًا كفار". لأخينا الفاضل ابي العباس الشحري


    [83] "الدرر السنية" (10/391-394).

    [84] ( شريط 2 لكشف الشبهات )

    **[85] قلت : رحم الله العلامة الوادعي قد وقع ما تكلم به وحذر الأمة منه وهاكذا العالم يعرف الفتنة وهي مقبلة والجاهل لا يعرفها إلا وقد أدبرت , والعالم الحق هو الذي يظهر عند الفتن ويذب عن حياض الإسلام ويعلم المصالح ويدرأ المفاسد و يطبق الأحكام الشرعية على واقع الأمة الإسلامية ولا يتهيب من أعداء الإسلام وإن كثروا وكثرت عدتهم فلله الأمر من قبل ومن بعد فـ { كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ }البقرة249 وقال I : { فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ }آل عمران146ويجب على المسلم أن يحسن الظن بربه ولا يظننّ به إلا خيرا وأنه لن يترك عباده وأحبابه وأولياءه ويسلمهم إلى أعدائهم بل سينصرهم ويعينهم وإن حصل لهم من الإرهاصات والأتعاب في سبيله فلهم العاقبة وهاكذا كان أنبياء الله المرسليبن ومن تبعهم من الصحابة والتابعين {سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً }الفتح23 وقال r : ( قال الله عز وجل : أنا عند ظن عبدي فليظن بي ما شاء )


    [86] زاد المعاد المجلد الثالث صـــــ123 وما بعدها - طبعة دار الآثار

    [87] زاد المعاد المجلد الثالث صـــــ123 وما بعدها - طبعة دار الآثار

    [88] زاد المعاد المجلد الثالث صـــــ123 وما بعدها - طبعة دار الآثار

    [89] (من شريط نصيحتي لمن تاب من المكارمة وانظر الإلحاد الخميني 42 )

    [90] في كتابه الفِصَل في "الملل والأهواء والنحل" (2/78)
    بتصرف يسير , وانظر نحو هذا في "المحلى" المسألة (1820).

    [91] في (الفرق بين الفرق ) ص15

    [92] / في "مدارج السالكين" (1/362-363)

    [93] "الدرر" (8/440).

    [94] "روضة الكافي" (8/246).

    [95] قلت: شرع الله لنا على لسان نبيه r أذكار وأوراد نقولها بعد الصلاة شكرًا له سبحانه على ما وفق وأعان على أداء الفريضة وجبرًا لما حصل من النقص والخلل، وهؤلاء يستبدلون ذكر المنان بسبب أولياء الرحمن الصحابة الكرام.
    فيا معشر الرؤساء، يا معشر الملوك، يا معشر المسلمين، يا معشر القضاة والمسئولين، يا أهل الغيرة على الأعراض، يا معشر القبائل التي دامت الحرب بينها وبين قبائل أخرى عدة سنوات بسبب الأعراض، لماذا لا نقف جميعًا موقف الإنصاف وننظر نظر العدل. لو أن واحدًا سب أباه أو أمه ووصفوهما بالخناء والزنا والفجور، أجبني بالله عليك كيف يكون الجواب؟ وكيف يحصل الانتقام والغيرة، والشدة وقوة البأس وجمع الصف وإعلان الحرب ضد من استطالوا في أعراضنا ووقعوا في جنابنا؟ وهذا هو الواقع.
    فلماذا يا معشر المسلمين نغار على آبائنا ولا نغار على آباء الإسلام وحملة القرآن يوم أن يقال فيهم ما تقشعر منه الجلود مثل ما يقولون في عمر بن الخطاب كما رواه الشيعة في "الأنوار النعمانية" (1/63): «إن عمر بن الخطاب كان مصابًا بداء في دبره لا يهدأ إلا بما الرجال». كبرت كلمة تخرج من أفواههم، هذا وما تخفي صدورهم أكبر.
    فيا معشر المسلمين ما أعظم الغضب لله ومن أجل حرمات الله ولقد كان رسول الله r يغضب إذا انتهكت حرمات الله.
    اذا انتهكت مساجدنا إذا ديست مصاحفنا
    ولم تغضب فأخبرني متى تغضب
    إذا كان هذا الحقد على من قال الله فيهم {قَالَ اللّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }المائدة119.
    وقال تعالى {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }التوبة100.
    وقال رسول الله r: «لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ، ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ، وَلاَ نَصِيفَهُ».
    وقال رسول الله r : « وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لأمَّتِي، فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِي مَا يُوعَدُونَ ».
    فإذا كان هذا العداء لهؤلاء البررة والثلة المباركة بما سمعت ورأيت فكيف بغيرهم، ومن دونهم فهم لا يرضون عن أحد خالف نهجهم الوخيم وطريقهم السقيم ولو فعل معهم ما فعل وبذل لهم ما بذل.


    [96] في كتابه "أدب الطلب" (ص61)[الكتب العلمية].

    [97] المرجع السابق

    [98] "منهاج السنة" (1/68).

    ([99]) قال في لسان العرب : الرخم نوع من الطير، واحدته رخمة، يوصف بالغدر والقذر. وهو من لئام الطيور.

    [100] "منهاج السنة" (1/20).

    [101] "منهاج السنة" (1/61).

    [102] "الفروسية المحمدية" ص(121 - 124). [ط، عالم الفوائد].

    [103] أي لا تضعفوا.

    [104] [أخرجه البخاري (2668)، ومسلم (2706) من حديث أنس].

    [105] [انظر هذه الأبيات في عيون الأخبار(1/126)].


    [106] [انظر: "عيون الأخبار" لابن قتيبة (1/125)].

    [107] [أخرجه الطبراني وابن ساكر في "تأريخه" (16/269)، وقال الهيثمي في "المجمع" (9/350) : وإسناده حسن].


    [108] انظر "عيون الأخبار" (1/237).


    [109] انظر البيت فى"العقد الفريد" (1/146).


    [110] [أخرجه البخاري (4594)، ومسلم (1763)].

    [111] "الفروسية المحمدية" ص 466 - 472

    [112] وبه نختم رسالتنا هذه وبالله التوفيق

    [113]"الفروسية المحمدية" (505).

    كتبه
    أبو الفداء/ أحمد الأحمدي الحبيشي
    تم الإخراج والمراجعة
    في الخميس 7 / رمضان / 1433هـ

  • #2
    بارك الله فيك أبأ الفداء ونسأل الله أن يبارك في جهودك
    وجزى الله الأخ مصلح خيرا
    التعديل الأخير تم بواسطة أبو أحمد علي السيد; الساعة 19-10-2012, 08:37 PM.

    تعليق

    يعمل...
    X