الدلائل
على أن ما قاله البرعي
إرجاف لا إنصاف
وتتضمَّن
بيان مواقف القوم المُزرية
ذكر الثمار الزهية لجبهة كتاف السلفية
كشف تلبيس البرعي وتقليبه للحقائق
تأليف
أبي إسحاق الشبامي
أيوب بن محفوظ الدقيل
على أن ما قاله البرعي
إرجاف لا إنصاف
وتتضمَّن
بيان مواقف القوم المُزرية
ذكر الثمار الزهية لجبهة كتاف السلفية
كشف تلبيس البرعي وتقليبه للحقائق
تأليف
أبي إسحاق الشبامي
أيوب بن محفوظ الدقيل
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، أما بعد:
فيقول الله تعالى في كتابه الكريم ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ المُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ﴾ [محمد/31].
ويقول الله تعالى ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا المُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ [التوبة/16]
وقال تعالى ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ﴾ [آل عمران/142]
ففي هذه الآيات بيان أن الله سبحانه وتعالى شرع الجهاد ليحصل به هذا المقصود الأعظم، وهو أن يتميز الصادقون من الكاذبين والمؤمنون من المنافقين والرافعون لراية الجهاد من القاعدين المخذلين، فالجهاد في سبيل الله أعظم امتحان يمتحن الله به عباده، فتظهر نتائج الامتحان للناس رأي العين، ويتميز الخبيث من الطيب، ويُعرف الأبطال من الجبناء، ويعرف الراغبون في الآخرة من الراغبين في الدنيا، ويُفضح ويتميز من كان مندسا مستترا، إلى غير ذلك من النتائج التي تنتج عند إعلان الجهاد في سبيل الله.
وعند حصول الفتن والمحن والابتلاءات تظهر العجائب وتحصل أشياء لم تكن في الحسبان فالفتن نباشة.
ومن تلك الفتن التي ابتلي بها أهل اليمن (فتنة الرافضة) والمعروفون هنا في اليمن باسم (الحوثيين) فمرات يعتدون على الحكومة ويصطدمون معها وتارة يعتدون على القبائل فتنشب بينهم الحروب وتارة مع الإخوان المسلمين ومرة اعتدوا على السعودية فتورطوا فذاقوا الويل بسبب ذلك، وأخيرا تجمعوا وجمعوا وأجمعوا أمرهم على الفتك بأهل السنة في اليمن ابتداء بقلعة السنة والعلم والدين (دار الحديث بدماج) فكانت فيها نهايتهم وهلاكهم.
فبدأوا بالحصار الظالم الغاشم الذي دام أكثر من سبعين يوما ليوهنوا أهل دماج ﴿ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ﴾ [آل عمران/146] ثم ثنَّوا بالقنص من جميع الجهات ليخضعوا لهم، فلم يرضوا بالخضوع إلا لله وحده، فثلثوا بالقصف العشوائي الإجرامي بشتى أنواع السلاحِ الثقيل، بما في ذلك من مدافع ودبابات، وسفكوا الدماء البريئة، وعثوا في دماج الفساد، كل ذلك ليستسلموا لهم ﴿وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب/22].
حتى قتلوا أكثر من سبعين قتيلا من طلاب العلم وحفاظ القرآن وبين القتلى أيضا نساء وأطفال، بل حتى الرُّضع والبهائم ما سلمت من نار الرافضة الحوثيين أخزاهم الله.
ما هي الجناية التي ارتكبها أهل دماج حتى استحقوا هذا العذاب كله من هؤلاء الأنذال ومن تعاون معهم ومهد لهم وأقرَّهم؟!
الجواب: ليس إلا لأجل عقيدتهم الصافية وعلمهم الوافر ودعوتهم التي بلغت الآفاق، إذ لم يغتصبوا أراضي ولا أموال ولم يحتلوا شيئا من الأقطار ولم يسفكوا دماء معصومة ولم ينازعوا أحدا على المناصب ولم يؤججوا نار الفتن بل هم من السابقين المبادرين لإطفائها، وتالله ما عندهم فراغ لذلك كله بل لا يرون شرعية ذلك كله.
فلما ضاق الحال بأهل دماج وبلغت القلوب الحناجر وسالت الدماء واشتد الجوع وصرخت النساء والأطفال والشيوخ والعجائز والمرضى والجرحى، استنصروا بإخوانهم المسلمين ليُخلصوهم من وحوش الرافضة الذين مسُخت فطرهم.
فانقسم الناس مع ذلك الحال وتجاه هذا الاستنصار إلى أقسام:
فمنهم من قام مناصرا بنفسه وماله ﴿فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ﴾ [الأحزاب/23].
ومنهم من قام مناصرا بنفسه وخلف متاع الدنيا خلف ظهره لم تطب له الحياة وإخوانهم في هذه الحالة، استجابة لأمر الله ﴿وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ﴾ [الأنفال/72].
نظروا نظرة في حالة إخوانهم ونظرة أخرى في قوله تعالى ﴿وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرا﴾ [النساء/75] فلم تهنأُ لهم الحياة. فاندفعوا للقتال والنصرة.
ومنهم من غاب بجسده، لكنه حضر بماله وأنفق في سبيل الله فاستطاع أن ينال من أجر هذا الجهاد لقول النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: «مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَقَدْ غَزَا» فبذل ما استطاع حتى لا يفوته فضل الغزو في سبيل الله.
ومنهم من حبسه العذر ومنعته القدرة وقلوبهم تلتهب يتمنون أن يكونوا مع المناصرين، فأجرهم معلوم كما قال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- لما رجع من غزوة تبوك: «إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا وَلاَ قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلاَّ كَانُوا مَعَكُمْ» . قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ قَالَ «وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ، حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ».
ومنهم من حرم نفسه الخير وتخلف لغير عذر وقعدوا عن الجهاد والنصرة وقالوا ﴿شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا﴾ وما ندري كيف هم صانعون، وهل آلمهم هذا الذنب، واستغفروا عليه وعزموا على أن لا يرجعوا إليه ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾.
ومنهم طائفة تخلفوا لغير عذر، ولم يكتفوا بهذا الذنب حتى أضافوا إليه التخذيل والتثبيط عن الجهاد والنصرة، ووقفوا على الطريق فقطعوها على بعض من أراد الجهاد والنصرة، ولم يكتفوا بهذا فحسب بل جندوا أنفسهم للتنفير من جبهة الأنصار، ولم يقفوا عند هذا الحد بل قاموا بزرع الهيبة للرافضة فعظموا أمرهم وهولوا مصيبتهم، فأحسنوا الظن فيهم وأساءوا الظن بأهل السنة، فكانوا دعاية لهم كما سنبينه إن شاء الله.
ولم يكتفوا بهذا فحسب بل جادلوا عنهم فخطبوا في حرمة دمائهم وأعراضهم، واختلفوا مع المسلمين من أجلهم والله عز وجل يقول ﴿فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا﴾ [النساء/88] وسبب نزول هذه الآية ما جاء في الصحيحين عن زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ - رضي الله عنه – قال:ُ لَمَّا خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - إِلَى أُحُدٍ رَجَعَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَتْ فِرْقَةٌ نَقْتُلُهُمْ . وَقَالَتْ فِرْقَةٌ لاَ نَقْتُلُهُمْ . فَنَزَلَتْ ﴿فَمَا لَكُمْ فِى الْمُنَافِقِينِ فِئَتَيْنِ﴾ وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه آله وسلم - « إِنَّهَا تَنْفِى الرِّجَالَ كَمَا تَنْفِى النَّارُ خَبَثَ الْحَدِيدِ ».
بل آل الأمر ببعضهم إلى أن وقع في شباك الإرجاء وهو يتفانى في الجدل عنهم، فإنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم إنا نعوذ بك من الحور بعد الكور.
فانفتحت على أهل السنة جبهتان في آن واحد، جبهة الحوثيين بصب النار علينا، وجبهة المخذلين القاعدين العاجزين المرجفين قُطّاع الطريق، وكلٌ من الجبهتين مدين للآخر.
فما ظنك بهم؟ ومن يا تُرى هم؟!
إنهم قوم لا تعجب إذا قلت لك كانوا من طلاب دماج؛ فصاروا من أشد الناس حقدا عليها وعلى أهلها، حتى حملهم هذا الحقد على مخالفة المعقول والمنقول لمقاضاة أغراضهم وشفاء صدورهم، هذه الطائفة يتزعمها رجلان أحدهما يُقال له محمد الريمي صاحب معبر والآخر البرعي عبد العزيز صاحب مفرق حبيش.
الناس في واد، وهؤلاء يهيمون في وادي الحقد والغل والانتصار للنفس؛ الناس يسعون لإغاثة المظلومين في دماج، وهؤلاء يسعون في التخذيل والذبذبة والتناقضات والتلبيس وتقليب الحقائق؛ ومواقف مزرية عافانا الله وإياكم منها، أبانوا أنفسهم للناس، وترجموا لأنفسهم ترجمة مفصلة أعرتهم للداني والقاصي والقريب والبعيد والصغير والكبير والذكر والأنثى فأراحونا ﴿وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِم﴾ [الحج/18].
ويصدق فيهم قول من قال:
ما يبلغ الأعداء من جاهل
ما يبلغ الجاهل من نفسه
ولله سبحانه وتعالى الحكمة البالغة في صرف مثل هؤلاء عن ساحات القتال، فلعل ضررهم الحاصل منهم الآن أهون على أهل السنة من أضرارهم إذا دخلوا معنا لقول الله تعالى: ﴿لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ﴾ [التوبة/47] فالله عز وجل أرحم بعباده من أنفسهم فيختار لهم ما هو أصلح لهم لعلمه سبحانه بعواقب الأمور.
وكان من آخر مخازيهم وفضائحهم ما تكلم به المدعو (عبد العزيز البرعي) فتكلم بكلام يستحي منه العاقل فضلا عن العالم أو طالب العلم ولكن صدق الصادق المصدوق صلى الله عليه وآله وسلم «« إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ إِذَا لَمْ تستح فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ » أخرجه البخاري عن أبي مسعود عقبة بن عامر.
فنشر هذا المدعو البرعي في 18/شوال/1433هـ كلاما ينبئ عن حقد ومرض في القلوب ثم زخرف هذا الكلام بقوله (كلمة إنصاف في موقف مشايخ أهل السنة في حرب كتاف).
التلبيس يبدأ من العنوان
فيبدأ التلبيس وتقليب الحقائق من العنوان، وتالله ما قاله أولا وآخراً إرجاف بعيد عن الإنصاف كما سنبينه إن شاء الله، ولكن لابد من زخرفة القول وتزيين الباطل ليكون له رواجا عند أمثالهم ومن يغتر بهم ليُكفِّر عن مواقفه السيئة التي حطت من قدرهم عند أتباعهم ومقلديهم فكيف بغيرهم، وهذه عادة إبليس اللعين وأولياؤه إلى قيام الساعة من الإنس تزيين الباطل وإظهاره بمظهر الحق.
ولقد تلفظ في كلمته هذه -أصلحه الله- بكلام ظن أنه أَمْتَن من كلامه السابق فقال: (ومن سجل كلاما لي ونشره فإنه كلام في هاتف، ليس في محاضرة ولا خطبة وهو الذي قام بتسجيله ليس أنا) فيعني أن كلامي الآن الذي اجتهدت في تحضيره وكتابته واستغرق مدة من الزمن هو المعتمد، أما ما نتكلم به في الهواتف فلا نرتضيه.
وما الفرق بين كلام الهاتف والدرس وبين كلام المحاضرة؟!
أو ليس الله سائلك عن ذلك كله ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾.
لو عملت يا برعي بقول النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ» سواء في هاتف أو في ورق لكان نافعا لك.
ومع ذلك يا برعي فلقد ساء ظنك، فهذه الكلمة أسوأ من سابقاتها، فلقد حلّيتها بالإصرار على الخطأ والتلبيس وتقليب الحقائق والإرجاف، ثم جزمت أن هذا الكلام يقربك إلى الله تعالى فقال (ونرى أن الذي قلناه هو الذي يقربنا إلى الله عز وجل) ﴿سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ﴾.
ومن الكذب والتلبيس في هذا العنوان: الإطلاق والتفخيم بقوله (مشايخ أهل السنة) حيث يتبادر للسامع والناظر أن مشايخ أهل السنة قاطبة في اليمن وغيره في جانب، وأهل كتاف في جانب آخر معاكس، ثم لا يخلو هذا الإطلاق من تعظيم أنفسهم وتضخيمها ونفخها وهم والله ليسوا في هذه المنزلة ومواقفهم في الفتن واضطرابهم خير شاهد على ذلك، وأين جهودك العلمية يا برعي وكتاباتك النافعة، أم أنك مشغول بقضايا اللجنة الرباعية المحدثة.
فالصواب فيهم أنها لجنة رباعية محدثة شكلت نفسها لا يصدر أحدهم في أمر حتى يتم اللقاء والاتفاق، فإن تم اللقاء في اليمن وإلا انتظروا حتى يجتمعوا في الحج أو في العمرة، وأهل السنة منهم براء فيما أحدثوه، وإذا تكلموا فهم يمثلون أنفسهم لا يمثلون غيرهم.
وفي سياق كلامه قال: (إننا لدينا ما نستطيع أن نقوله، فلِمَ لم نقله؟! لم نقله بل وتركنا الكلام حفاظا على سمعة الدعوة وجمعا للكلمة وبعدا عن الصراع، ولا يليق أن يكون إخواننا في نحر العدو، ونحن نفتح الصراع والجدال والأخذ والرد ولهذا كان الجواب الآن بعد أن انتهت جبهة كتاف)
وباختصار احتوى هذا الكلام على التلبيس ما يلي:
* زعم أنه لم يقل شيئا حفاظا على الدعوة، وقد قال وقال، وشهد على نفسه في كلامه أن قال، وشهد عليه طلابه ومحبيه، كيف لا وهو يقول (كنا نقول.. لهم وكنا نقول لهم.. ومن استفتيناه أفتيناه.. ).
ثم كيف يسوغ لهم السكوت وهم لا يرون في الجبهة نفعا بل ضررا، فهذا إن صح، فهو من السكوت على الباطل وهذا ليس من منهاج النبوة، يا أصحاب تقرير المصالح والمفاسد.
* وزعم أن ذلك غير لائق، ولكنه في الحقيقة فقد فعل غير اللائق في هذه الحرب كما فعلوه في الحرب السابقة، نحن في صراع مع كلاب الرافضة وهم في شغل شاغل يعجنون خبز الإبانة التي ناوأوا بها أصول أهل السنة وقصدوا بها الطعن فيهم، ففضحوا بذلك في شبكة العلوم فأرادوا أن يستدركوا ذلك الخطأ في هذه الفتنة فلم يتمالكوا أنفسهم.
أهل السنة في صراع مع الرافضة وهؤلاء فتحوا لأهل السنة جبهة صراع أخرى أوجعوا قلوب أهل السنة فإنا لله وإنا إليه راجعون.
* ثم زعم أنه أخرج هذا الكلام وأنه الآن فور انتهاء الحرب، وإذا نظرت إلى تأريخ هذه الكلمة وجدتها متأخرة جدا بعد وقوف الحرب بأكثر من شهرين؛ فلماذا تأخرت هذه المدة كلها، فهل رسالة ماجستير، أم أن العرض على اللجنة الرباعية هو الذي أخرها.
* ومن الكذب قوله (بعد أن انتهت جبهة كتاف) والجبهة يعلم هو يقينا أنها لم تنته بعد، ولا زالت قائمة، رباط وتدريب ولا زال الكلاب لم ينتهوا بعد من تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، ولأنك قلت (هؤلاء أهل غدر) فلا يمكن أن نعطيهم فرصة لا بغدرة ولا بغدتين ولا ثلاث في العمر وليس في السنة، وسيأتي الرد على هذه المقالة وما تحتويه من مخاطر.
إليك خلاصة القضية يا برعي بغير فلسفة
وبغير تشدق وفلسفة، القضية وخلاصتها عند عوام الناس فضلا عن خواصهم كما يلي:
أن الحوثيين الأنذال الأرجاس الرافضة اعتدوا على أهل السنة وطلاب العلم في دماج وحاصروهم وقتلوهم، فلم يتمكن أهل دماج من دحرهم لأنهم محيطون بهم من كل جانب، وما كانوا مستعدين بعدة كافية، ولكن دافعوا ودفعوا بقدر استطاعتهم، فاستنصر أهل دماج بإخوانهم المسلمين لينقذوهم من وحشية الرافضة الحوثيين، فقام من وفقه الله لذلك بواجب النصرة ليدفعوا –لا ليطلبوا- عن أهل دماج خبث المفسدين انتصارا لله وللمؤمنين والمستضعفين، فقامت جبهة كتاف استجابة لنداء الله وصراخ المظلومين، فوفقهم الله لذلك وأعانهم ونصرهم وأعانهم على ما قصدوه، وجرَّعوا الحوثيين مرارة الحرب وأذاقوهم لباس الموت ولقنوهم درسا مفاده (دماج ليست سهلة كما تظنون) فهزم الله الحوثيين وخُذلوا وأُذلوا وقُتلوا تقتيلا، حتى انسحبوا من دماج، وخضعوا لمطالب المناصرين التي يُكَف بها بإذن الله رجس الحوثيين وضررهم على أهل دماج، وتضْمن بإذن الله عدم الاعتداء على أهل القرآن والسنة مرة أخرى في دماج وخارج دماج، فأعز الله أهل دماج خاصة وأهل السنة عامة في كل مكان على أيدي الأنصار في هذه الجبهة، ورفع الله قدر دماج وأهلها عالميا، وفرح الناس عموما بهذا النصر وشرق بذلك الحاقدون المخذلون فأرادوا أن يهمشوا جهود أهل كتاف وأرادوا أن يفصلوا كتاف عن دماج وسيأتي بيان ذلك وإيضاحه إن شاء الله في باب بيان تلبيس البرعي وتقلبه للحقائق ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾ [الصف/8].
هذه هي الخلاصة الواضحة بغير لبس لا تحتاج إلى فلسفة البرعي ولا إلى حذلقة محمد الريمي.
اعتراضاتكم يا برعي عند التأمل فيها خدمة للحوثيين وضرر علينا
فما من خطوة يقدم عليها أهل السنة تجاه العدوان الحوثي إلا قام البرعي وأصحابه معترضين ومخذلين ومخطئين، فما هو الدافع لكم يا برعي على هذا الحال؟!.
لا نستطيع أن نقول: إنها المحبة للحوثيين، فلا زلنا نحسن الظن بكم، أم هل الدافع لكم العداوة والبغضاء لأهل دماج ومحبيهم، وهذا اللائق بكم لا تفسير لها إلا ذلك، ولأننا لم نر لكم شيئا من المواقف المشرفة فيما يحصل لدماج من أذىً من أعداءها.
وللاستعلام تأمل معي ما أسوقه لك الآن في بيان أن اعتراضات القوم فيها إحسان للحوثيين وإساءة لنا، وحيث نلاحظ في اعتراضاتكم إساءة ظنٍ بأهل السنة وإحسان ظن بالحوثيين:
أولا: جمع أهل السنة وعامة المسلمين في اليمن قافلة إغاثية تحتوي على الدواء والغذاء للمنكوبين في دماج، فقال البرعي وأصحابه معترضين: هذا خطأ!!.
فمن المستفيد من هذا الاعتراض، أهم أهل السنة أم الحوثيون، وهل في هذا ضرر على أهل دماج أم فيه نفع لهم؟!.
وما هو الصواب إذاً أيها البرعي
الجواب: قال البرعي المحنك: (تُجمع هذه الأموال وتُرسل للحجوري؛ والحجوري –بدوره- يقوم بشراء الغذاء ولو بالأثمان الباهضة) وبهذا تنتهي التمثيلية ويُحل الإشكال.
أقول: نعوذ بالله من الخذلان، ونعوذ بالله من عمى البصائر، سعى أهل السنة وبذلوا أقصى الجهود لإيصال الغذاء الضروري لإنقاذ إخوانهم وإغاثتهم، فكان الأولى تقدير مساعيهم وشكرهم والدعاء لهم بالتوفيق لا القيام لهم على الطريق، لكنها الضغائن تُستخرج، عند اشتداد المرض نسأل الله السلامة والعافية.
وقفة مع اقتراح البرعي المحنك
قال البرعي:(تُرسل الأموال....الخ)
أقول: هذا الكلام والرأي الأرعن من البرعي -أصلحه الله- ما صدر منه إلا لأربعة احتمالات لا غير:
أولاها: إذا أحسنا الظن به أن البرعي وأصحابه لم يكونوا يعرفون ما يحصل لنا ونحن في الحصار الشديد المطبق، بحيث لو بذلنا ذهبا لكان غير نافع، بل قد بُذل ما هو أغلى من الذهب وهو الدم فلم يُغن شيئاً، فيأتي البرعي وبكل سخافة يقول: أرسلوا لهم الأموال وهم يشترون، إذاً فلسنا في حصار.
مع أن البرعي الـ.... يزعم أنه على معرفة تامة بما يحصل، وتواصل مستمر بدماج، ولم يُسم لنا رجاله، فلا ندري مع من يتواصل فيقلب له الحقائق، أو أنها تصله كما هي فيقلبها هو، أو يسمعها مقلوبة.
ولعله يتواصل مع أضرابه وأمثاله الـ.... الذين يسميهم أهل دماج العجائز الذين لم يشاركوا في الحرب، بل حتى للصلاة لا يخرجون، إلا إذا وقفت الحرب أو جاءت شيء من اللجان –وما ندري هل معهم فتوى من البرعي والريمي، أم ماذا؟!- فماذا عسى أن يفيده هؤلاء؟.
ثانيها: أن البرعي وأصحابه لم يكونوا مقتنعين الاقتناع التام أن هناك حصار مطبق –وإلا لما قال ما قال- وكأنهم تأثروا بالإعلام الحوثي المزدوج مع إعلام فارس مناع الذين يشيعون أحيانا أن لا حصار ومرَّات يُعلنون عن فك الحصار.
ثالثها: أن هذا الكلام صدر من البرعي وأصحابه احتقارا واستهزاء وسخرية ولنا قوله تعالى ﴿إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ﴾ يا برعي نحن مُحاصرون مُحاربون، لا بأس عليكم خذوا مالا واشتروا ﴿فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ فهذا كمن يقول للمصاب بالشلل لا بد أن تقوم.
رابعها: أو أن هذا الكلام السقيم قيل عن حماقة وسفهٍ والأحمق لا سبيل للجواب عليه.
ولماذا لم تقم أنت يا برعي بدهائك وذكائك الفائق بشراء الطعام لنا بالأثمان الباهضة التي وقعت في يدك، ولعلك تظن أننا نعيش وسط سوق مذبح بصنعاء، والذي منعنا من الشراء إنما هي الأثمان الباهضة.
أبعلم تقول هذا أبن لي
أم بجهل فالجهل خلق السفيه
ثانيا: لما عمل كلاب الرافضة تلك المجزرة في محرم وتابعوا بعدها المجازر، قام أنصار الله –نحسبهم كذلك والله حسيبهم- بالانتصار للمظلوم بملاحقة الحوثيين وتأديبهم.
اعترض البرعي وأصحابه على ذلك؛ وقالوا هذا خطأ خطأ، إلى أين أنتم ذاهبون هذه كتاف ما هي لعبة، كتاف كاسمها؛ أتخوضون حربا غير مدروسة القضية ما هي سهلة ما رايح تنجحوا ...الخ البقبقة).
فما العمل يا برعي؟ أنترك إخواننا تحت سطوة الأنذال؟! فأجاب بكل سخافة (إخواننا لهم الله) ونحن في أوج المعركة وصاحبه الريمي وعلى المنبر: (نحن لا نستحل دماء الرافضة ولا أموالهم ...).
يا برعي –هداك الله- إخواننا استنصرونا أفلا نناصرهم؟ لا، لا تتحركوا التحرك خطأ التحرك يضر لا ينفع، وفي الأخير ستخرجون بقتلى وجرحى وأيتام وأرامل وثكلى.
ثالثا: اعتراضهم علينا في دماج أو في كتاف، عدم قبولنا لمطالب الحوثيين التي مضمونها ومفادها: القضاء علينا واستئصالنا من جذورنا، فسماه هؤلاء المعترضون الـ... (عدم القبول للصلح، لماذا لا تقبلوا، ولماذا لا تصالحوهم وقد رضوا بالصلح). فكأن هؤلاء موكلون بالإلحاح علينا لنرضى بالهلاك لأنفسنا، وسيأتي إن شاء الله تفصيل الرد على ذلك في بيان التلبيس.
رابعا: عندما أصر أنصار الله في كتاف على إلزام الحوثيين بالشروط التي تقطع الطريق بإذن الله على الحوثي للنيل من دماج مرة أخرى، فلما أنهكتهم الحرب ولقنهم أنصار الله دروسا وافقوا على الشروط ووقعوا عليها –وتم الصلح-.
اعترض الحاقدون ولم يفرحوا بذلك فقالوا: ألم نقل لكم اقبلوا الصلح من قبل، -وهذا من التلبيس وسيأتي بيانه –وفروق بين الصلح الأول والثاني، ولكنه التلبيس- ماذا فعلتم، غير أنكم قُتلتم وجرحتم وصار منكم أيتام وأرامل.
سبحان الله فرح المسلمون بنصر الله، وهؤلاء كأنهم شرقوا بذلك، فلم تظهر منهم بشائر الخير، ولا علامات الفرح، بل التحزين والتنديم والتشويه و... . فإنا لله وإنا إليه راجعون.
فما رأيكم يا أهل السنة في مثل هؤلاء لا يطمئن لهم حال ولا يهدأ لهم بال على أي حال يحصل لكم يا أهل السنة، وكأنهم لن يطمئنوا حتى يصير أهل السنة مذللين للحوثيين، وقد صرح بعض أتباعهم بنحو ذلك ودعوا على أهل السنة بالهلاك على أيدي الرافضة.
ولما كانت مساعيهم هذه مبنية على الاعتراضات والتخذيلات، وكانت ظاهرها فيها خدمة للحوثيين، إذ أن مطالب هؤلاء المخذلين الحاقدين هي أماني الحوثيين، رحب بهم خادم الحوثيين فارس مناع محافظ صعدة آنذاك، في إذاعة الحوثيين وأثنى عليهم، وأشاد بهم، وعلى أنهم سيأتون مع بعض اللجان العميلة للحوثيين، وكل اللجان على هذا الحال، إلا لجنة حسين الأحمر، ولكن ما ندري لماذا لم يأتوا وكيف تم التوافق والتواصل، وهذا الترحاب والحفاوة لم تأت عن فراغ ولكن عن شيء ومقابل، وما الذي فعلوه باليسير، ولو تمكن الحوثي لشكر هؤلاء بملء فيه.
لا تفسير لمواقفهم إلا تحسين صورتهم للحوثيين وعملاءهم وإساءة علاقتهم بأهل السنة وعامة الناس فإنا لله وإنا إليه راجعون، فتأملوا يا أيها العُقلاء.
فأقول: وتالله لو عُرضت هذه الاعتراضات والتخذيلات والتهويلات على أناس عقلاء، ولم يسم لهم من هم، لقالوا: (قد يكون هؤلاء مندسون بينكم للعمل لصالح الحوثي باسم أهل السنة فاحذروهم)
ثم لا يستحي هذا الحاقد ويتجرأ على الله ويقول: (نحن قلنا هذا ونرى أن الذي قلناه هو الذي يقربنا إلى عز وجل) وسيأتي الرد على ذلك، وتالله ما هذه المواقف والأقوال إلا أنها حسَّنت من صورتكم عند الحوثيين، ورفعت من شأنكم عند عملاء الحوثيين، كيف لا وأنتم تحسنون الظن بهم وتسيؤونه بأهل السنة، وكيف لا، وأنتم بذلتم قصارى جهدكم لتكفوا أيدي أهل السنة عنهم، كيف لا وأنتم نصبتم شباك الشبه للصد عن النصرة، والحوثيون نصبوا النقاط العسكرية للصد عن ذلك، كيف لا وأنتم تطالبوننا بالتوقيع على ما يطالبنا به الحوثيون.
فهذه المواقف بقدر ما قربتكم منهم بقدر ما أبعدتكم عن أهل السنة والمُحبين للخير.
ماذا حقق الأنصار في كتاف؟
الجواب: إن من يُتابع الأحداث، لم يكن في حاجة لطرح هذا السؤال لاتضاح الحقائق وظهورها، أما من أعمى الله بصيرته وملأ قلبه الحقد، تعامى عن رؤية الواضح، وتجاهَلَ المعلوم ﴿وَمَا تُغْنِي الْآَيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ ولنا أن نتمثل بقول من قال:
وليس يصح في الأذهان شيء
إذا احتاج النهار إلى دليل
فالمكابر المعاند لا يمكن أن يقبل منك ما هو أوضح من النهار، لأن الكبر والعناد يُعمي نسأل الله السلامة والعافية.
ولابد أن نجيب عن هذا السؤال حتى نقطع الطريق على هؤلاء الملبسين الذين يدندنون بذلك
أولاً: نقول لكم أيها المخذلون الحاقدون: لمن توجهون هذا السؤال؟ فإن تم توجيهه لمن كان على شاكلتكم أجابكم بمضمون ما عندكم، فلا فائدة لطرحه، والواقع أنكم أنتم الذين طرحتم السؤال وأنتم أجبتم بمقتضى هواكم لا بمقتضى الواقع.
ثانياً: نقول لكم حَقُّ هذا السؤال أن يُطرح على أهل الشأن ومن يكون عنده الجواب، وهم طائفتان: المظلومون وهم أهل دماج، والمناصرون وهم أهل كتاف، عندهم لا غير ستجد بإذن الله، ما يشفيك لأن القضية قضيتهم والحرب ساحتهم وسيوفهم التي تقطر، وهناك طائفة ثالثة عندها الجواب أيضا لكن إن صادقونا وسيأتي ذكرهم ولنبدأ بالمظلومين ونوجِّه لهم هذا السؤال:
ماذا فعل لكم يا أهلَ دماج أهلُ كتاف
سألْنا أهل دماج والكاتب واحد منهم فأجابوا:
1) نصرنا الله بهم. 2) ونفس الله عنا بسببهم، وفرج كربتنا بقيامهم. 3) شعرنا بالعزة والقوة عندما قاموا. 4) أحسسنا بالأنس وغمرت قلوبنا الطمأنينة، وعلمنا أن لنا إخوانا لا يُمكن أن يسلمونا أو أن يتخلوا عنا مهما حصل لهم ما حصل. 5) خفف الله عنا بهم أثقالا من حمل الرافضة. 6) شُغل الحوثيون بهم فانصرفوا عنا. 7) لم نكن نتوقع أو يخطر على بالنا قيام هذه الجبهة، وكنا نقول (الفرج قريب) ولا ندري كيف يكون ولكن ثقةً بالله، فلما قامت هذه الجبهة فرحنا بها فرحا طارت بها قلوبنا وأحسنَّ الظن بالله ورجونا أن الفرج سيكون بها فكان الأمر كذلك. 8) أعطانا الله بها قوةً في معنوياتنا ورفعة في همتنا وأحسسنا بالنصر. 9) وقال المظلومون من أهل صعدة: وجدنا بها –أي بجبهة كتاف- طريقا وفرصة للانتقام منهم وقتالهم. 10) جاءت هزيمة كلاب الرافضة في دماج من جرَّآء وجرعات هذه الجبهة، حتى طالبوا بالصلح هم وتنازلوا عن جميع مطالبهم التي كنا قد وافقنا على بعضها، وانسحبوا من المواقع حولنا مع هدم المتارس فيها، فلله دركم يا أهل كتاف.
هذا بعض ما استفدناه من أهل كتاف، سائلين الله عز وجل أن يرفع قدرهم في الدنيا والآخرة وأن يغفر لشهدائهم وأن يشفي جرحاهم وأن يثبت أقدامهم وأن يثبتهم بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
إخوانكم أهل دماج
فأرجوا من البرعي وأصحابه أن يتأملوا في هذا الخطاب لعل الله أن ينفعهم به.
وننتقل الآن إلى أهل كتاف.
فماذا حققتم من خير يا أهل كتاف
وجهت هذا السؤال لأحد الأمراء هناك فخط لي بيده جوابا مختصرا على عُجالة فقال:
من ثمار هذه الجبهة المباركة ما يلي:
1) دعوة أصحاب القرى المجاورة دعاة أهل السنة للإقامة عندهم بعد أن كانوا نافرين عن أهل السنة. 2) عداوة العامة للحوثيين بعد أن كانوا يحسنون بهم الظن. 3) من أعظم الأمور كسر شوكة الحوثيين وإهانتهم، ويظهر هذا بأمور: أ) قتل كثير من قادتهم وسادتهم. ب) قتل كثير من أفرادهم حتى صارت مواقعهم في الأيام الأخيرة خاوية، حتى لجأوا إلى وضع الأطفال في المواقع. ج) ظهور جبنهم وفرارهم في جميع المعارك التي حصلت سواء هجموا هم أو هَجم عليهم أهل السنة. د) نزع هيبتهم من صدور أهالي صعدة وعلموا أنهم ليس عندهم إلا الإرهاب الإعلامي فقط. هـ) رفع معنويات القبائل وتشجيعهم على قتال الرافضة سواء من شارك في حرب كتاف أو من يعد العدة مستقبلا. 4) فَرَحُ المجاهدين بتوفيق الله لهم لإقامة شعيرة الجهاد. 5) استقامة كثير من الإخوة الذين شاركوا في القتال لمخالطة أهل السنة، وتشجيع كثير منهم لطلب العلم. 6) فَضح المخذولين القاعدين عن الجهاد وإخراج الله أضغانهم والغل الذي يحملونه على أهل السنة بدماج. اهـ كلامه حفظه الله.
وأضيف إلى ما تقدم
وأحب أن أُضيف شيئاً إلى ما تقدم في جواب أهل دماج وأهل كتاف تدعيما وتأكيدا لحصول الخير الذي جحده من جحده، فمن الثمار أيضا التي أنتجتها جبهة كتاف ما يلي:
* التقليل من شر الرافضة على اليمن وجيرانها، بكسر شوكتهم وإضعافهم وقتلهم.
* أظهر الله ضعف الحوثيين وجبنهم للناس، وأنهم ليسوا كما صورهم الإعلام.
* عرف الناس من هم الأبطال حقا، ومن هم أهل الشجاعة والتضحية والبسالة، وزال ما كان يُرمى به أهل السنة، من أنهم جبناء وليسوا أهلا للحروب، فمتى ما أُعلنت راية الجهاد الصحيحة فأبشر بأهل السنة إن شاء الله في الصفوف الأمامية.
* أن أهل السنة بإذن الله سيكونون درعاً لليمن، من العدوان الكافر إذا ما أُعلنت راية الجهاد.
* أوصلوا للرافضة رسالة مفادها: أن الاحتكاك مع أهل السنة ليس بالأمر الهيِّن إذ فيه هلاكهم.
* انتشرت وتوسعت وتقدمت دعوة أهل السنة تقدما كبيرا ملحوظا غير مُتوقع، وزادت رغبة الناس فيهم.
* عن طريق الجبهة استطاع الكثير من أبناء المسلمين أن يثأروا من الرافضة لله ولكتابه ولرسوله ولأزواج النبي صلى عليه وآله وسلم وأصحابه، وللمظلومين.
* تيسر أمر الجهاد الصحيح في سبيل الله، الخالي من الأطماع الدنيوية أو المناصب السياسية.
* فضل الله العظيم على مَنْ مَنَّ الله عليه بالشهادة واصطفاه سبحانه وتعالى، وعندما وقفت الحرب بكى بعضهم لكونه لم يلحق بإخوانه ولم يحض بالشهادة.
* إدخال السرور والفرح على المظلومين والنازحين من أهالي صعدة على ماحصل في الكلاب من قتل وتشريد وهزيمة نكراء.
* تدرب الكثير من أهل السنة على الحروب واستخدام الأسلحة وهذا مطلب شرعي.
* قيام مركز علمي هناك لأهل السنة، وتقوَّت دعوة أهل السنة هنالك واندحرت دعوة الرفض.
إلى غير ذلك من الانتصارات والفتوحات والبركات والثمرات، فأنَّى للبرعي وأصحابه أن يُغطوا
على هذا الخير كله، وهذه جهود قُدمت لها دماء زكية أفتُنسى وتُسجى وتُدفن.
وهل حقا ما قاله البرعي وأصحابه يا أيها الحوثيون
بل نقول للبرعي ومن معه: لو وجهتم هذا السؤال للحوثيين فقلتم لهم: (هل أثرت فيكم جبهة كتاف وهل لها جدوى أم أن قيامها ﴿كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآَنُ مَاءً﴾ ؟ ).
وبما أنه لا يمكن أن يُصدقنا الحوثي، فإننا نستطيع أن نُجيب عنهم بالنظر إلى واقعهم، فلو قام منهم صادق منصف لقال:
خبطوا علينا البرنامج خبطا، وقلبوا خططنا رأساً على عقب، وهدموا سمعتنا وبنياننا وكياننا الذي بنيناه في الحروب الست الماضية، وأرجعونا إلى الخلف عدد سنين، وسحبوا البساط الإعلامي من تحت أقدامنا فكان هذا من أسوأ ما أثّر فينا، أردنا من أهل دماج أن يخرجوا من جبلين فأخرجَنا هؤلاء من جبال كثيرة، وأردنا أن نمسح مركز دماج من وجه الأرض فثبتوه وبنوا مركزا آخرا، خططنا لقتل أهل دماج ورؤوسهم فعاد التخطيط علينا ففقدنا كثيرا من الرؤوس والقادة والقناصين والرماة، كنا نظن أن الوهابيين مثل العساكر فإذا بهم عقبات صعبة، كنا نسخر بكلام الحجوري عندما زعم أنهم سيُلاحقوننا في الجبال، ونقول هذا خيال فصار حقيقة مُرَّة، ولاحقونا في الجبال، جبل بعد جبل، حتى امتدت جبهتهم إلى عشرات الكيلوات في الجبال، أرهقونا وقتلوا منا الآلآف حتى فقدنا رجالنا وأبطالنا، شاهت سمعتنا بين قومنا وشيعتنا لعجزنا في هؤلاء، إذ لم يتحقق لنا عشر معشار ما كنا نؤمل، بل جاءت النتائج عكسية، كبدونا خسائر فادحة في الأنفس والأموال والمواقع، نُزعت الهيبة منا من قلوب الناس، وفُضحنا أيما فضيحة وصار الناس يُعيروننا بهذه الجبهة، كنا نود حينما أوقَفْنا الحرب على دماج أن يتفرقوا ويرجعوا ليًتًسًنًّا لنا التخطيط والتدبير لنستدرك هذا الخطر المُفاجأ الذي داهمَنَا لكنهم أبوا إلا البقاء فرفعنا راية الفشل وقبلنا منهم مطالبهم، فكانت الحرب معهم أعسر من حربنا مع الحكومة أو مع القبائل.
فهلا أفقت أيها البرعي ورأيت هذا الخير وكففت شرك عن أهل السنة، ورجعت إلى رشدك، وأعلنت توبتك إلى الله كما أعلنت التخذيل والتهميش والبلبلة.
ومما يُؤكد إقرار الحوثيين بالفضل لأهل كتاف
أنه عندما استمر أهل كتاف في قتالهم للحوثيين، كان الحوثيون يهددوننا في دماج ويقولون: (لماذا لم يقف هؤلاء، إما أن يقفوا وإلا رجعنا لحصار وقتل أهل دماج، ونحن قد أوقفنا الحرب على أهل دماج) فأرادوا أن يجمعوا أمرهم فاختلفوا ولم تجتمع كلمتهم لا سيما وبعد أن أوهنهم أهل كتاف بالقتل والهزائم.
فعلى ماذا يدل هذا؟! يدل على أن أهل كتاف لهم الفضل بعد الله عزوجل في انصراف الحوثيين عن دماج بشهادة الحوثيين.
فلله دركم يا أهل كتاف، حققتم في حرب واحدة ما لم تحقق الحكومة في ست حروب، فهلا وجّهت سؤالا يا برعي للحكومة السابقة التي أفتيت بالجهاد معها وزعمت أن بعض طلابك جاهد معها، هلا سألتها كما سألتنا فقلت لهم:
ماذا حققتم مع الحوثيين في هذه الحروب كلها مع ما حصل من استنزاف في الأنفس والأموال والأوقات لاسيما وقد أفتينا بالجهاد معكم
اسأل يا برعي عن نتائج هذه الحروب، ورُد لنا جوابا وقارن بينها وبين نتائج كتاف، التي تورعت عن الفتوى بالجهاد معهم، وسنترك لك المجال لكن بإنصاف لا بإرجاف.
ماذا فعل لكم أيها المظلومون هؤلاء المخذولون؟
قلت: وماذا عسى أن يفعلوا وقد شهدوا على أنفسهم أنهم عاجزون، فقال البرعي في إرجافه: (نحن من جملة المسلمين الذين كانوا عاجزين أن يفعلوا شيئاً) فلذا قعد، وشجع غيره على العجز، ومن أن أراد أن يفعل شيئا نصحه أن يكون مع القاعدين ﴿رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ﴾ ثم ليس كل المسلمين عجزوا كما تظن بل قدًرً منهم من قدر على النصرة.
طرحْنا هذا السؤال للمظلومين من أهل دماج، ماذا فعل لكم البرعي ومن معه؟:
فكان الجواب كما يلي:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فلقد ابتلانا الله عز وجل بطائفتين في آن واحد، بالحوثيين وأمرهم ظاهر، وبالمخذلين المرجفين الصادين عن النصرة المُجادلين عن الحوثيين، وهذه الطائفة مما يُؤسف أنهم محسوبون على أهل السنة، يتزعمهم محمد الريمي وعبد العزيز البرعي.
وكنا نظن أن يعملوا بمقتضى قوله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ﴾[الأنفال/65] وقوله تعالى ﴿فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا﴾ [النساء/84] فكنا نتوقع منهم أن يحثوا الناس على الجهاد والنصرة بكل ما يقوي عزائمهم وينشط هممهم وهذه هي مهمة الأنبياء والعلماء، فتفاجأنا بحال عكسي تماما من هؤلاء خلاف ما دلت عليه هذه الآيات، فأوجعوا قلوبنا وضيقوا صدورنا وثقًّلوا مصيبتنا، بما نسمعه ويبلغنا عنهم بين الحين والآخر، من تخذيل وصد وتهويل وانتقادات واعتراضات.
ولا غرابة في ذلك فهذا أمر قد أخبر النبي –صلى الله عليه وآله وسلم- بوقوعه وهذا الصراع حاصل إلى يوم القيامة بين أهل الحق وبين هاتين الطائفتين (المخالفين والمخذلين) كما قال النبي –صلى الله عليه وآله وسلم- :«لاَ يَزَالُ مِنْ أُمَّتِى أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأَمْرِ اللَّهِ، لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلاَ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ» أخرجاه عن معاوية –رضي الله عنه-.
فكان يحصل لنا شيء من الضيق حينما نسمع أن العلماء من هنا وهناك يُفتون بنصرتنا وهؤلاء يُفتون بترك ذلك، فهم لا لنا نصروا ولا لعدونا كسروا، فإنا لله وإنا إليه راجعون، فلذلك كنا ندعو الله عز وجل أن يكفينا شر هاتين الطائفتين، وقد فعل سبحانه، فهزم الله الحوثيين ورد هؤلاء على أعقابهم خائبين حيث لم يجدوا من يصغي لهم، لأن أهل اليمن أهل إيمان وحكمة وهاتان صفتان تنافي النفاق والجهل، فلذا ما كان منهم إلا الإقدام على النصرة، فميز الله بهذه المحنة بين الخبيث والطيب وبين المحب لنا والمُعرض، وبين الرحيم لنا والحاقد ﴿لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾ وآخر دعوانا ﴿ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ اهـ.
إخوانكم أهل دماج
أصلحكم الله أيها البرعي فما هذه الحرب النفسية التي شغلتم بها أهل السنة، وفي أي واد أنتم تهيمون، أهكذا تفعل بكم تقدير المصالح والمفاسد أم أنه طاغوت الهوى والحقد عياذا بالله ﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾.
وبعد معرفة الخير الوافر الحاصل بسبب قتال هؤلاء الأنذال، وبعد الشهادات التي نقلناها في ذلك، ننتقل الآن إلى اللجنة الرباعية المُحْدَثة بقيادة محمد الريمي والبرعي، ونوجه لهم هذا السؤال:
ماذا خَرَجَتْ به الجبهة يا برعي ومن معك من انتصارات وبركات
وماذا رأيتم من الخير الذي حققته هذه الجبهة؟
الجواب جاهز ومنشور ومدروس، فقد سبقَنا البرعي وأجاب بعد جهد جهيد وتحضير وتأني دام مدَّةً من الزمن، فأخرج للناس صورة عامة مشوهة للجهاد تصلح لكل مرجف ومخذل في كل زمان، فخلص لهم أنهم ما رأوا لهذه الجبهة إلا:
(التضحية بمئات القتلى، إضافة إلى أكثر منهم من الجرحى والمعوقين وأصحاب العاهات المستديمة، إضافة إلى ما خلفته الحرب من أيتام وأرامل وثكلى، ورب قتيل هو وحيد أسرة ليس لدى أهله من يقوم عليهم سواه، ولهم الله عز وجل) اهـ كلامه بنصه.
سبحان الله كل من يسمع هذا الكلام القبيح يستنكر ذلك أن يًصدُر من مثل هؤلاء، ولكن الكبر والعناد والحقد والغيظ تفعل الأفاعيل.
هذه خلاصة الحرب التي انتهى إليها هؤلاء، وضعُفت أبصارهم عن رؤية الخير الحاصل السابق ذكره، بل قلبوا الحقائق، لنقض هذا الجهاد ودفن خيراته ولكن هيهات أن تستطيع الفئران دفن الجبال، ولا ما تثيره الفئران من غبار أن يغطّي الشمس الواضحة في كبد النّهار، ومن يتجاهلها يشبه من يحاول أن يغطي السماء بالمنخل.
وما هذه الصورة التي أظهرها البرعي إلا قدحا في الخير الذي حصل، ولكنه غير ضائر به.
وما ضرَّ بَحْرَ الفُرات يوماً
أن خاص بعضُ الكلاب فيه
فلا نجد لكلامهم معنىً إلا: أي أن هؤلاء القتلى والجرحى وأصحاب العاهات لو أطاعونا وأخذوا بتخذيلنا ما قُتلوا وما جرحوا وما خلفوا أرامل وأيتام ﴿يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ [آل عمران/154].
فهذه تذكرة للبرعي ومن معه لتكون لهم حرزا من النفاق عياذا بالله
فو الله ما أحوج البرعي وأصحابه أن نذكرهم بقول الله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ [آل عمران/156، 157].
قال السعدي رحمه الله: ينهى تعالى عباده المؤمنين أن يشابهوا الكافرين، الذين لا يؤمنون بربهم، ولا بقضائه وقدره، من المنافقين وغيرهم، ينهاهم عن مشابهتهم في كل شيء، وفي هذا الأمر الخاص وهو أنهم يقولون لإخوانهم في الدين أو في النسب: {إذا ضربوا في الأرض} أي: سافروا للتجارة {أو كانوا غزى} أي: غزاة، ثم جرى عليهم قتل أو موت، يعارضون القدر ويقولون: {لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا} وهذا كذب منهم، فقد قال تعالى: {قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم} ولكن هذا التكذيب لم يفدهم، إلا أن الله يجعل هذا القول، وهذه العقيدة حسرة في قلوبهم، فتزداد مصيبتهم، وأما المؤمنون بالله فإنهم يعلمون أن ذلك بقدر الله، فيؤمنون ويسلمون، فيهدي الله قلوبهم ويثبتها، ويخفف بذلك عنهم المصيبة.
قال الله ردا عليهم: {والله يحيي ويميت} أي: هو المنفرد بذلك، فلا يغني حذر عن قدر.
{والله بما تعملون بصير} فيجازيكم بأعمالكم وتكذيبكم.
ثم أخبر تعالى أن القتل في سبيله أو الموت فيه، ليس فيه نقص ولا محذور، وإنما هو مما ينبغي أن يتنافس فيه المتنافسون، لأنه سبب مفض وموصل إلى مغفرة الله ورحمته، وذلك خير مما يجمع أهل الدنيا من دنياهم) اهـ.
فما عيرتنا به يا برعي هو نتيجة الجهاد في سبيل الله ونتيجة كل جهاد أقيم على وجه الأرض، أفنترك الجهاد لأجل حصول ذلك؟! ﴿إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ﴾.
وماذا تفسر قوله تعالى ﴿وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ﴾ [الأنفال/72] أفيكون النصر بغير قتلى وجرحى؟! وماذا تقول في قوله تعالى ﴿فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ﴾[الحجرات/9] أفتكون المقاتلة للباغي المؤمن بغير قتلى وجرحى؟ فكيف إذا كان الباغي كافرا ملحدا.
وقد أثنى الله تعالى على المجاهدين بما يحصل في ساحة القتال من قتل مُتبادل فقال سبحانه ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ﴾ [التوبة/111] وقال سبحانه ﴿فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ﴾ [آل عمران/195]
وامتدحهم سبحانه أن الإصابة بالقتل والجروح لا تؤثر فيهم ولا توهنهم، فكيف يسوغ لك يا برعي أن تعيرنا بها ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ﴾ لا[آل عمران/146] فأين أنت من تعاليم الكتاب والسنة وأين أنت من هدي القرآن في التعامل مع الجهاد والمجاهدين.
وماذا يعني عندك الجهاد في سبيل الله حينا عيرتنا بآثاره، كان الأولى بكم معرفة حقهم والإشادة بهم والدعاء لهم وتبشير أهاليم وذراريهم وإعانتهم على احتسابهم، لا تحزينهم وتعظيم مصيبتهم وتوبيخهم هذه طريقة أهل النفاق التي تخالف هدي القرآن، إذ أن هدي القرآن تسلية المسلمين في قتلاهم وجرحاهم وتبشيرهم وإدخال السرور عليهم.
وإليك مرة أخرى هذه الموعظة البليغة والتذكرة الجليلة
من سورة آل عمران وما حصل للمسلمين في غزوة أحد، وما بشر الله به المجاهدين والشهداء، وما سلى به المؤمنين، وما أنب الله به على المنافقين ليكون عبرة للمؤمنين قال الله تعالى:
﴿وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ * وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ * الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ * الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ * الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾ [آل عمران/166-173]
قال السعدي –رحمه الله تعالى-: (أخبر تعالى أن ما أصابهم يوم التقى الجمعان، جمع المسلمين وجمع المشركين في "أحد" من القتل والهزيمة، أنه بإذنه وقضائه وقدره، لا مرد له ولا بد من وقوعه. والأمر القدري -إذا نفذ، لم يبق إلا التسليم له، وأنه قدره لحكم عظيمة وفوائد جسيمة، وأنه ليتبين بذلك المؤمن من المنافق، الذين لما أمروا بالقتال، { وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله } أي: ذبا عن دين الله، وحماية له وطلبا لمرضاة الله، { أو ادفعوا } عن محارمكم وبلدكم، إن لم يكن لكم نية صالحة، فأبوا ذلك واعتذروا بأن { قالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم } أي: لو نعلم أنكم يصير بينكم وبينهم قتال لاتبعناكم، وهم كذبة في هذا. قد علموا وتيقنوا وعلم كل أحد أن هؤلاء المشركين، قد ملئوا من الحنق والغيظ على المؤمنين بما أصابوا منهم، وأنهم قد بذلوا أموالهم، وجمعوا ما يقدرون عليه من الرجال والعدد، وأقبلوا في جيش عظيم قاصدين المؤمنين في بلدهم، متحرقين على قتالهم، فمن كانت هذه حالهم، كيف يتصور أنهم لا يصير بينهم وبين المؤمنين قتال؟ خصوصا وقد خرج المسلمون من المدينة وبرزوا لهم، هذا من المستحيل، ولكن المنافقين ظنوا أن هذا العذر، يروج على المؤمنين، قال تعالى: { هم للكفر يومئذ } أي: في تلك الحال التي تركوا فيها الخروج مع المؤمنين { أقرب منهم للإيمان يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم } وهذه خاصة المنافقين، يظهرون بكلامهم وفعالهم ما يبطنون ضده في قلوبهم وسرائرهم.
ومنه قولهم: { لو نعلم قتالا لاتبعناكم } فإنهم قد علموا وقوع القتال.
ويستدل بهذه الآية على قاعدة "ارتكاب أخف المفسدتين لدفع أعلاهما، وفعل أدنى المصلحتين، للعجز عن أعلاهما" ؛ [لأن المنافقين أمروا أن يقاتلوا للدين، فإن لم يفعلوا فللمدافعة عن العيال والأوطان] { والله أعلم بما يكتمون } فيبديه لعباده المؤمنين، ويعاقبهم عليه.
ثم قال تعالى: { الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا } أي: جمعوا بين التخلف عن الجهاد، وبين الاعتراض والتكذيب بقضاء الله وقدره، قال الله ردًّا عليهم: { قل فادرءوا } أي: ادفعوا { عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين } إنهم لو أطاعوكم ما قتلوا، لا تقدرون على ذلك ولا تستطيعونه.
وفي هذه الآيات دليل على أن العبد قد يكون فيه خصلة كفر وخصلة إيمان، وقد يكون إلى أحدهما أقرب منه إلى الأخرى.
ثم بين فضيلة الشهداء وكرامتهم، وما منَّ الله عليهم به من فضله وإحسانه، وفي ضمنها تسلية الأحياء عن قتلاهم وتعزيتهم، وتنشيطهم للقتال في سبيل الله والتعرض للشهادة، فقال: { ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله } أي: في جهاد أعداء الدين، قاصدين بذلك إعلاء كلمة الله { أمواتا } أي: لا يخطر ببالك وحسبانك أنهم ماتوا وفقدوا، وذهبت عنهم لذة الحياة الدنيا والتمتع بزهرتها، الذي يحذر من فواته، من جبن عن القتال، وزهد في الشهادة. { بل } قد حصل لهم أعظم مما يتنافس فيه المتنافسون. فهم { أحياء عند ربهم } في دار كرامته.
ولفظ: { عند ربهم } يقتضي علو درجتهم، وقربهم من ربهم، { يرزقون } من أنواع النعيم الذي لا يعلم وصفه، إلا من أنعم به عليهم، ومع هذا { فرحين بما آتاهم الله من فضله } أي: مغتبطين بذلك، قد قرت به عيونهم، وفرحت به نفوسهم، وذلك لحسنه وكثرته، وعظمته، وكمال اللذة في الوصول إليه، وعدم المنغص، فجمع الله لهم بين نعيم البدن بالرزق، ونعيم القلب والروح بالفرح بما آتاهم من فضله: فتم لهم النعيم والسرور، وجعلوا { يستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم } أي: يبشر بعضهم بعضا، بوصول إخوانهم الذين لم يلحقوا بهم، وأنهم سينالون ما نالوا، { ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون } أي: يستبشرون بزوال المحذور عنهم وعن إخوانهم المستلزم كمال السرور
{ يستبشرون بنعمة من الله وفضل } أي: يهنىء بعضهم بعضا، بأعظم مهنأ به، وهو: نعمة ربهم، وفضله، وإحسانه، { وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين } بل ينميه ويشكره، ويزيده من فضله، ما لا يصل إليه سعيهم.
وفي هذه الآيات إثبات نعيم البرزخ، وأن الشهداء في أعلى مكان عند ربهم، وفيه تلاقي أرواح أهل الخير، وزيارة بعضهم بعضا، وتبشير بعضهم بعضا) اهـ.
* وأين كلامك يا برعي من قول الله تعالى ﴿وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [النساء/104]؟ فهكذا ينهانا الله تعالى عن الضعف في طلب الكفار، وإن حصل لنا ألم بالقتل والجراح، فإنهم يحصل لهم ذلك وأشد، فلا يليق أن تكونوا أضعف منهم، وأنتم تقاتلون لله وترجون الجنة وهم يقاتلون في سبيل الطاغوت ومآلهم إلى النار.
فهل فقهت يا برعي أنه لا بد من حصول الألم في الطرفين مع اختلاف العواقب والنوايا.
أو لم تعلم أن القتل والجراح حسنى كما أن النصر حسنى قال الله تعالى ﴿قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ﴾ [التوبة/52].
وما كان النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- يعير بالعاهات بل كان يبشرهم على ذلك، فلما قطعت يدا جعفر بن أبي طالب في غزوة مؤتة عوضه الله تعالى فجعل له جناحين يطير بهما في الجنة قال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: «دخلت الجنة البارحة فنظرت فيها فإذا جعفر يطير مع الملائكة» عن ابن عباس في صحيح الجامع 3363
وكان ابن عمر إذا سلم على ابن جعفر قال : السلام عليك يا ابن ذي الجناحين . رواه البخاري، تبشيرا لأهل الشهداء لا تحْزينا لهم.
وكانوا يستبشرون ويبشرون بالشهادة ويحزنون على فواتها ويتمنونها، بل ورغَّب النبي صلى الله عليه وآله وسلم في طلبها وأنت تشوه صورتها وتعيرنا بأصحابها، فهل هذا من الرسوخ في العلم وها هذا من العمل بالعلم، أم هي الأخرى.
فما أحوجكم لأن تستغلوا فراغكم وتتدارسوا هذه الآيات وتتمعنوا في معانيها وتنظروا في تفسيرها، فإن قلة العلم إذا اقترن معه التعالم ينتج منه العجائب ويكثر معه مُجانبة الصواب، والتخبط والاضطراب.
ومما يدل على شدة الحقد
أن هذا قيل مع النصر، فالله أعلم كيف هم صانعون بنا لو كانت الأخرى، مع أنه لو حصل فليس بعيب بل كله خير لقوله تعالى ﴿وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ [آل عمران/157] وقد حصل ذلك لمن هو أفضل منا ولم يكن منقصة في حقهم، والحرب سجال والأيام دول.
ومما يدل على عظيم الحقد
أنه عندما ذكر البرعي مًن قُتل في دماج قال: (اصطفاهم الله شهداء) ودعا لهم بالرحمة، وعندما ذكر جرحاهم قال: (نسأل الله أن يشفيهم) وهذا لا يدل على كبير شيء فإنه يقوله من يوالي الحوثيين ويعينهم، ثم إن الإعلام مُطبق على ذلك ...
لكن الذي أُريد أن أصل إليه أنه لما جاء إلى ذكر قتلانا وجرحانا في كتاف لم يُعرّج عليهم بشيء لا بدعاء ولا بثناء، وإنما بالتعيير واللمز، وعلى سبيل الشماتة والذم، وكأنهم أعداؤه، أو الله أعلم ماذا يعتقدون فيهم، وما حالهم عنده؟ ﴿يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ﴾.
وهنا أجد نفسي مُضطراً لأن أسأل البرعي هذا السؤال:
ما حال هذ القتال الحاصل في كتاف؟
* أهو جهاد في سبيل الله أم في سبيل الطاغوت؟ وقد قسم الله القتال في كتابه إلى قسمين فقال: ﴿الَّذِينَ آَمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا﴾ [النساء/76] فمن أي الطائفتين إخوانك في كتاف.
* وهل هذا القتال مشروع أو محرم؟ فإذا كان مشروعا فلم هذا التحامل ولم هذه الكراهية كلها، وصل بك الحد أن لالا أن تذكر إخوانك بالخير والدعاء، ما طابت نفسك بذلك.
* وهل هذا القتال عن عقيدة، أم على دنيا وأراضي ومناصب، أو من أجل جبل البراقة؟ حتى قال بعضكم: القضية هي جبل والدم أغلى من الأرض.
* أم هل تعتقدون أن إخوانكم في كتاف بُغاة مُعتدون كما تقوله الرافضة؟ فإذا كانوا بغاة فهل بغيهم على مسلمين فيستحقون هم أنُ يُقاتَلوا؟! وهذا هو الأرجح، كيف لا، وقد خطب بعضكم بحرمة دماءهم وأموالهم وأعراضهم، بل لما جاءه بعض أهل كتاف فقال له: كم مسلما قتلته في كتاف ؟! للأسف أوصلهم علمهم إلى ما يظنه بعض العوام أن القتال مع الرافضة، قتالٌ لمسلمين، وأهل السنة من قديم وهم يدندنون أن القتال معهم قتال بين إسلام وكفر، لما عندهم من الكفر البواح ما يربوا على كفر اليهود والنصارى.
فنخشى بعد أيام أن تصدُر فتوى بقتال أهل السنة في كتاف على أنهم بغاة مُعتدون، ولا نستبعد والأيام حبلى تلد كل عجيب غريب.
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا
ويأتيك بالأخبار من لم تزود
فنريد أجوبة عاجلة لهذه التساؤلات من البرعي حتى ينكشف لنا المغطى.
بيان تلبيس البرعي وتقليبه للحقائق
لم يجد البرعي بُداً من التلبيس وتقليب الحقائق لأمور: منها الاستنصار لأنفسهم وتحسين صورتهم التي قد تشوهت، وتبرير أنفسهم مما لزق بهم، ولتدعيم مواقفهم المخزية ولو بأوهى من خيوط العنكبوت، ولا بد أن يَظهر المُبطل بثياب الناصح، ليتسنى لهم الخروج من المآزق التي وقعوا فيها، وليُكفِّروا عن تخبطاتهم عند مقلديهم ولكن بغير طريق شرعية، والأمر أيسر من ذلك.
فلما لم تكن لهم حُجة لجأوا إلى التلبيس وتقليب الحقائق على أنها حُجج، فمن ذلك:
حصر القضية في الصلح
فما أكثر ما كان يُدندن البرعي ومن معه بقضية الصلح (اقبلوا الصلح، أنتم ما تريدون الصلح، لماذا لاتقبلوا الصلح ...) سواء ما كان يتعلق بدماج أو بكتاف، حتى حصروا القضية والحرب في الصلح كما كانت تفعل بعض اللجان العميلة، ولا أدري هل يفعلون ذلك لأنهم ما فهموا الأمر على حقيقته، أو أنهم يتجاهلون الحقيقة مع علمهم به ولعل هذا هو الأرجح؟!.
وكلاب الرافضة كانوا يريدون منا الخضوع لهم كما صرحوا بذلك، ويسمونه مصالحه.
ويريدون منا ترك الحراسة في الجبل الذي يشرف على بيوتنا، فيطالبوننا بالخروج منه ويسمونه مصالحة.
ويريدون منا ترك حراسة الدار وملحقاتها، ولا حراسة إلا على أبواب المسجد فحسب ويسمونه مصالحة.
ويريدون منا ما سموه بترك المظاهر العسكرية –بمعنى: وضع السلاح- ويسمونه مصالحة.
ويريدون منا ما سموه بالتحريض الإعلامي وترك إنكار المنكرات ولو كانت كفرا محضا بواحا، ويسمونه مصالحة.
هذه من أهم مطالبهم ولهم مطالب أخرى.
فإذا صالَحْناهم على ذلك فقد بحثنا عن حتفنا بظلفنا، وحكمنا على أنفسنا بالإعدام ودارنا بالإغلاق، وسهّلنا للكلاب غزونا واستئصالنا بغير خسائر أنفسٍ منهم، وكنا لهم لقمة سائغة لافتراسنا لكن أنى لهم ذلك، إلا إذا مشينا على إرشادات البرعي ومن معه فيُمكن!!.
فهل آن الأوان يا برعي لأن تعقل وتتعقل، فإن أبيت فإنما تُسيء على نفسك.
فهل أنت يا برعي ومن معك مُكلف من جهة مُعينة لنخضع للحوثي، ونستسلم للأنذال؟ وهل الصلح عندكم بمعنى الانهزام والاستسلام؟ وهل الصلح عندكم هو تنفيذ مطالبٍ من جهةٍ واحدة دون الأخرى؟ وهل أهل السنة عندكم وصلوا إلى هذا المستوى في الضعف والذلة حتى يستسلموا للحوثي؟ وهل الصلح عندكم بمعنى قبول تحكمات الرافضة؟ فهل ترضون لنا بذلك كله؟ أجيبونا وإلا فكفوا عنا أذاكم.
ولكنه بحمد الله لما صمد الأبطال في دماج، وأعرضوا عن زبالات أفكار الحاقدين المخذلين، عصم الله الدار وأهلها، ثم كان النصر حليفهم، فحصل عكس ما كان يتمنى الرافضة تماما.
ثم في كتاف كان الحوثيون يريدون بالمصالحة، ترك مُقاتلتهم، وبقائهم في بعض المواقع في دماج التي لم يخرجوا منها إلى الآن، وترك المطالب التي تضمن الأمان لأهل دماج منهم، ويريدون به انفضاض الجبهة وتلاشيها، ليتسنى لهم الانتقام ممن كان السبب في قيامها، ليقطعوا الطريق على أهل النصرة مرة أخرى، إلى غير ذلك مما كان يدبر له الحوثيون، وما كانوا يودون أن يوقعوا على شيء من الشروط فلما تم الإصرار وقعوا.
إظهاره أن القضية فيها اختلاف مُعتبر
إظهاره لمسألة النصرة، ومقاتلة الباغي في هذه القضية أنه أمر حصل فيه الخلاف وعند النظر والتأمل لا ترى أثرا للخلاف المزعوم، مَن خالف؟ الجواب: اللجنة الرباعية، وخلافهم غير مُعتبر، لمخالفته لما تقتضيه نصوص الكتاب والسنة من نصر المظلوم وإغاثة الملهوف وقتال البغاة مسلمين كانوا أو زنادقة، وما وَضع خلافهم في الاعتبار إلا من التضخيم لأنفسهم ولقول الباطل، ومن هم حتى يُلفت إليهم.
ما أنت بالحكم الترضى حكومته
ولا الأصيل ولا ذي الرأي والجدل
وليس كل خلاف جاء معتبرًا
إلا خلافًا له حظ من النظر
والحق أن المسألة واضحة، ولهذا أفتى فيها العلماء الأجلاء بمقتضى الكتاب والسنة ومن هؤلاء:
العباد واللحيدان والفوزان والشيخ ربيع والشيخ يحيى والسحيمي والشيخ محمد بن هادي المدخلي، ومشايخ آخرون، بل وبعض الجماعات الأخرى المخالفة لأهل السنة كذلك أفتوا بالنصرة.
ثم أراد البرعي أن يفعل موازنة ومساواة بين فتوى العلماء المبنية على الدليل وبين رأيه المبني على العقليات والتخرصات، وشيء في النفوس، وجعل كل ما قيل من قِبل الرأي لا من جهة الدليل، فقال (لهم رأيهم، هم طلبة علم ونحن طلبة علم).
أين ديدنتكم بالأكابر، كونوا مع الأكابر؟! أم هي نغمة تُستخدم أحيانا للحاجة، فلما لم يكن لها وجود-أي الحاجة- حُذفت هذه النغمة، بالأمس الأكابر، واليوم: (نحن طلبة علم وهم طلبة علم، ولسنا مُلزَمين بتقليدهم) سبحان الله، فإن ما زلقوا فيه اليوم، كانوا يتهمون غيرهم به ويطعنون فيهم لأجله، إضافة إلى وقوعهم في مصادمة الكتاب والسنة.
ما الحامل لك يا برعي على التخذيل وعلى الإصرار على مخالفة أهل العلم؟
قال: (نحن نعايش ما لا يُعايشون ونرى ونسمع ما لا يسمعون).
أخفتنا أيها البرعي، أبن لنا ماذا عايشت، وما ذا رأيت وسمعت، نبئنا به، حتى نؤول إلى ما آلت إليه أفكارك وعقلك، وددنا أن تُسمعنا ما سمعت وترينا ما رأيت وتخبرنا بما عايشت، وليكن ذلك بكلمة إرجاف أخرى.
قلت: دعنا يا برعي من هذا الهراء فوالله لو تعايشت مع تعاليم الكتاب والسنة، وتأملت في ذلك بقلب سليم، لوسعك ما وسعهم.
ولكن، عفوا هنا نخالف ونعترض ، أو على الأقل نقف، وإن قامت الحجة! لماذا، ما الذي حصل؟! القضية لها تعلق بدماج وأهل دماج ولهم ولنا شأن.
فهلا جاهدت نفسك ونقيت قلبك وغسلته من أدران الحقد والغل، فهذه هي رقيتك.
فصل دماج عن كتاف
وتفريقه بين حرب دماج وحرب كتاف، وهما شيء واحد وما قامت كتاف إلا لدماج وما قامت دماج إلا بفضل الله ثم كتاف، فدماج كتاف وكتاف دماج.
فقام البرعي بتقسيم الحروب إلى ثلاثة أقسام متباعدة: (حرب الحكومة للحوثيين وحرب أهل دماج وحرب أهل كتاف) وجعل لحرب كتاف حكما مستقلا، وهذه من المغالطات والتلبيسات، ومعلوم أنها حرب واحدة، أهدافهما واحدة وعدوهما واحد وغرضهما واحد، والدافع لهما واحد، ناداهم أصحاب دماج للقيام معهم فقاموا.
وأهل دماج قالوا بالإجماع: (لولا الله ثم أهل كتاف، لما كان ما كان).
فلم المغالطة يا برعي أوَتظن أن الناس لا يعقلون أولا يفهمون؟!
زعمه أن الانتصار للمستنصر من المنكرات وليس من فعل الخيرات
ومن تلبيسه وتقليبه للحقائق أنه اعتبر أن الانتصار لإخواننا الذين طلبوا النصرة، وأن إغاثتهم والتعاون على تخليصهم من وطأة الأنذال، زعم أن فعل ذلك من المنكرات لا من فعل الخيرات، فقال كذبا وزورا (هذا لا يعود على دعوة أهل السنة بالنفع بل يعود عليهم بالضرر).
تَرْكُ أهل دماج نفعٌ، ونصرُهم ضرر، كيف يمكن أن يُستساغ هذا، فهل هذا آخر حكم يا برعي أم أن القضية تحتمل الاستئناف إلى محكمة أخرى؟!.
فعلى هذا ففعل أهل كتاف منكر وحرام، والعلماء يقولون واجب، وتارة يقول: جهاد، لكنه جهاد طلب، وبعد ذلك يقول ما ثبطنا أحدا؛ ما هذا التخبط كله؛ وكيف يتم لنا الجمع بين ذلك كله.
أبعلم تقول هذا أبن لي
أم بجهل فالجهل خلق السفيه
الحمد لله الذي عافانا مما ابتُلى به هؤلاء، مجانبة الحق ومضادته له عواقب سيئه على العبد، ومن ذلك حرمان التوفيق.
وهل يكون الضرر فيما شرعه الله من نصرة المظلومين؟! عجباً!! الأوامر الشرعية بالعقل ومقاضاة الأغراض تنقلب إلى أضرار، ثم تُحمَّل المسؤولية على ظهر (المصالح والفاسد).
ما الذي داهمك يا برعي حتى جعلك تخبط خبط عشواء، وتخوض بحارا لا تُحسن السباحة فيها؟
قال: (المصالح والمفاسد) وكأنه لبس نظارة المفاسد والمصالح مقلوبة، فاختلطت عليه الأمور، حتى صار الصالح عنده فاسدا والمعروف منكرا، فإنا لله وإنا إليه راجعون، أحسن الله عزاءنا فيك يا برعي الزمان، مَنْ لنا ببارعٍ بعْدك.
تقليليله لخطر الرافضة وإحسان الظن بهم
حين زعم أنه إن حصل منهم غدر فثلاث في السنة، بمعنى استسلموا واخضعوا لهم وتحملوا غدراتهم ولو أدَّت إلى عشرات ومئات القتلى فلا تردوا عليهم، هذا خير لكم من حرب مستمرة، فلأن يُقَتِّلونكم بالغدر خير من أن يُقَتِّلونكم بالحرب، ولن يلومكم أحد إنما اللوم سيكون على الرافضة –وكأن اللوم يقوم مقام الدية-المهم تسلمون من اللوم فهذا هو النصر عند البرعي، السلامة من اللوم-.
قال البرعي –الذكي- وهو يلومنا على عدم قبول الصلح الأخرق: (وكنا نقول ولا نزال أن الرافضة غدرة لا ذمة لهم، ولكن لتحصل غدرة غدرتان ثلاث في السنة اللوم عليهم، خير من حرب استنزافٍ مستديمة على مدى العام) اهـ.
الله المستعان يا برعي، للأسف وبعد هذا التحضير كله يخرج مثل هذا الكلام؛ إذاً أنت لا تحسن الكلام، فيا ليتك تسكت خير لك، فلا تُقحم نفسك في مجالات أكبر منك، ولا تُحسن الخوض فيها، وما أجدرُ أن يُقال فيك: (ليس بعُشَّك فادرُج إلى خُشَك) مَثَل يضرب لمن دخل في شيء لا يحسنه.
فدع عنك الكتابة لست منها
ولو سودت وجهك بالمداد
* اسأل أهالي صعدة والجوف وحجة، عن حجم وكمية وعدد غدرات الرافضة، لملأوا لك الدفاتر بكلمات إنصافٍ حقاً.
* وكم تظن بعقلك الراجح أن يُقتل منا في الغدرة الواحدة، فإذا كانت ثلاث فكم الناتج؟! -انتبه- فلقد قدرت عدد الغدرات في السنة، ولم تُقدر عدد القتلى في كل غدرة، وهذا تقصير واختصار مخل.
* وهل وعدك عبد الملك الحوثي أو أبو علي الفاسق –زعيما الرافضة- وتعهد لك أنه لا يزيد على ثلاث غدرات في السنة؟! لا بدُ أن توثق هذا الوعد بكتابة وتوقيع، وأن توثقه في المحكمة، أويكون تحت نظر الأمم المتحدة !.
* وهل هانت ورَخُصت عليك دماء أهل السنة وحُفَّاظ القرآن والسنة التي تسفك في الغدرات؟!.
* وهل أهل السنة قد وصلوا عندك إلى آخر حد في الضعف والذلة والانهزام؟ ليجلسوا تحت رحمة غدرات الرافضة، إذاً أسأت الظن بنا، وأحسنته فيهم.
* وهل يجوز عندك أن يُقتل في الغدرة الواحدة العشرات والمئات؟! أم إحسان الظن بهم الواسع يمنع ذلك، أو هل أحطت من الغيب شيئا يرد ذلك؟ ﴿أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا﴾.
* أفيكون ذلك كله يا برعي خير من إقامة شعيرة الجهاد، وخير من نصر المظلومين؟! أين طار عقلك؟!.﴿كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا﴾.
كتاف كاسمها كتاف
ومن تقليبه للحقائق وتلبيسه، إظهارُ الأمر على خلاف الواقع، ومن ذلك تعظيم أمر الرافضة وتضخيمهم ووضعهم في منزلة أرفع منهم وقد فُضحوا بهذه الحرب أيما فضيحة وعرف الناس حقارتهم وهوانهم وضعفهم وفرارهم و...
* فهل أنت يا برعي جنَّدت نفسك دعاية لهم وإعلاما؟!.
* دعهم هم يقولون هذا ليس أنت، ومع ذلك لم يصدر منهم ذلك لأنهم يعلمون أنهم أهون من ذلك.
* قال البرعي المُضخم –الذي زعم أنه ما كان يتكلم ثم الآن شهد على نفسه أنه كان يتكلم فقال- : (وكنا نقول لهم في بداية الحرب: إن كتافا كاسمها كتاف، لن تتجاوزوها، ونحن لا نعلم الغيب، ولكننا نفكر كما يفكر الناس، ونعلم في مطالع الأمور ما نتوقعه في عواقبها).
* الله أكبر أيها البرعي أنت بهذه المنزلة وما ندري، عفوا قصَّرنا في حقك.
* اترك هذه الزمجرة يا برعي، واعرف قدر نفسك، فلست العالم الذي لا يُشق له غبار، ولا يُراجع له حوار، ورحم الله امرأ عرف قدر نفسه.
* فوالله ما ندري ما الذي جعل هذا الرجل يعظم بأس الرافضة هذا التعظيم؛ هل أثر فيه الإعلام وكأنه مُشغف بمتابعة إعلامهم حتى أثر فيه.
ولكن بحمد الله القتل الذريع فيهم، والهزيمة تلو الهزيمة، التي تجرعها الرافضة في كتاف تُكذب الإعلام الرافضي والتضخيم البرعي، وتُظهر هَوَان الرافضة وضعفهم، وكأن البرعي –أصلحه الله- لا يُتابع أخبار المجاهدين في جبهة كتاف، ولعل السبب أنه لا يوجد له مثله في كتاف، كما وجد له مثيلا في دماج.
* ثم من أنبأك يا برعيِ الزمان، أن الأنصار في كتاف كانوا مخططين، لأن يتجاوزوا كتاف وما بعد كتاف؟! وماذا سيصنعون بصعدة إذا احتلوها؟! إخواننا ما قاموا ليحتلوا، وإنما ليناصروا ويدفعوا.
زعمه أنه كان بإمكان أهل دماج شراء الغذاء أيام الحصار
ومن تلبيسه وتقليبه للحقائق زعمه أنه كان بإمكان أهل دماج شراء الغذاء أيام الحصار، وتالله لقد أجمع أهل دماج قاطبة أن ذلك غير ممكن أبدا وأن هذا من الكذب، والذي حمل البرعي على هذا عدم تفهمه للأمر وإحسانه الظن بالرافضة، وقد تقدم الجواب مفصّلا على ذلك مع نقل كلام البرعي.
أن هذا الجهاد جهاد طلب
وهم ينكرون أن يكون هذا جهاد أصلا، لأنهم يرون عصمة دماءهم، والآن يقول جهاد لكن جهاد طلب، والمقصود أن هؤلاء يتقلبون في الكلام لإبعاد أكثر قدر ممكن عن ساحة الجهاد، فمن اقتنع أنه جهاد، احتاجوا لأن يقولوا لهم هو جهاد لكنه طلب بمعنى أنه ليس في الوجوب مثل جهاد الدفع.
قال البرعي: (القضية الثالثة قضية كتاف: وهو جهاد طلب وحرب طلب، واقتنعوا أنه جهاد وهو طلب ليس بدفع) وبعد ذلك قال: هذا الفعل غير صحيح فيه ضرر، والآن يُقِر أنه جهاد، وكأن إقراره الآن ليهون من أمره عند من اقتنع أنه جهاد، فقال: (هذا لا يعود على دعوة أهل السنة بالنفع بل يعود عليهم بالضرر).
أقول: إذا كان جهاد طلب، فهو من أجلِّ شعائر الإسلام فلماذا التنفير عنه، ولماذا لا تحث عليه؟.
* وهذا الإقرار منكم يحكم على فعلكم إذا بالتخذيل.
* وتالله ما خرج المناصرون من بيوتهم إلا لدفع عدوان الرافضة عن أهل دماج وكف شرهم وصد عدوانهم.
* وكم للرافضة من السنين منذ قامت فتنتهم، فلو كان أهل السنة يطلبون الرافضة –كما تزعم- لخرجوا من ذلك الوقت، لا الآن.
* ولهذا ما كان من إخواننا إلا أن ثبتوا في أماكنهم وتتوالا اعتداءات الرافضة عليهم وإخواننا يحصدونهم.
* وكيف يكون جهاد طلب والبلد بلد مسلم وأهله مسلمون إلا أن هؤلاء الأنذال الزنادقة رفعوا عقيرتهم مستغلين انفلات الأوضاع.
محاولة تشويه حال الجبهة وتصويرها بصورة منفرة
فكان يتكلف في البحث بقدر ما يستطيع عما يشوه صورة الجبهة وقيامها، ليضع من قدرها ويهون من شأنها، كأنها ألعوبة، فتارة يزعم أنهم داخلون في حرب غير مدروسة، وتارة يصور حال قيامها بالعرس، وتارة يزعم أن أهل السنة حينما يدعون الناس إلى الجهاد يدعونهم بطريقة عشوائية، فقال: (يسجلون للجهاد أناسا ما شاركوا في حروب قط، ولا عرفوا شيئا عن الحروب، ما بين فلاحين وعمال وطلاب ومدرسين وما شابه ذلك) ولعله نسي أن يُضيف إلى قوله قولَ حبيبه عبد الرحمن مرعي حينما زعم أن أهل السنة يأخذون الأطفال من أحضان آباءهم ويرمون بهم في ساحة القتال في الأمام والمرتزقة جالسون يتأكلون في المؤخرة).
أقول:
* أولا: الانتصارات التي حققها الأنصار في كتاف والجهد الذي أبلوه، يدل على أن الذين قاموا كانوا أهلا لذلك، فأربع على نفسك يا برعي.
* ثانيا: لو تفضلتم يا برعي الزمان، أبينوا لنا ما هي الشروط عندكم التي يصلح بها الشخص للجهاد، وكم سنة يحتاج لأن يكون مؤهلا لذلك.
* ثالثا: كفى سخرية يا برعي وكفى احتقارا واستهزاء أهكذا تصف روَّاد الجبهة، وتقلل من شأنهم وقد نفع الله بهم.
* رابعا: هذا الكلام من البرعي يعد إعلانا عن صدور العفو العام لمن كان حاله كما وصف البرعي ويندرج فيهم من شابههم، أنهم معفوٌ عنهم، وأنهم معذورون من الجهاد في سبيل الله، وليقعدوا مع الخالفين حتى يأتي الإذن والقبول من سماحة الوالد الإمام البرعي.
* فمن أبقيت لساحات القتال إذاً؟! خاصة وأنت قد ضيقت الخناق حينما قلت (ومن شابههم) حيث سيندرج فيهم بقيت الشعب اليمني.
* والأمر سهل يا برعي لا يحتاج إلى هذا التخبط كله، ولا يحتاج إلى بث الإشاعات الكاذبة، فمن كان يحسن استعمال السلاح قُدِّم وهم الأكثر، ومن كان لا يُحْسن دُرِّب ثم قُدِّم وبهذا تزول شبهة البرعي وتذوب حِنكته.
* فما هي إذا المصيبة التي أرعدت لها؟!.
ومن هذا الباب
ونحن في أيام الحرب، يَظْهر البرعي بمظهر الغيرة، وأن الجبهة قد شُحِنت بالحزبيين وأهل البدع فخاف على من يخذلهم أن لا يرجع أحدهم من الجبهة حزبيا أو جهاديا أو حسنيا.
والأمر خلاف ما يزعمه هؤلاء، وإن شارك أحد منهم راغبا في الجهاد مع الالتزام بالضوابط الشرعية، لم يُمنع، والحرب بين إسلام وكفر، -واسمح لي يا برعي ويا ريمي أن أُعَّبِر بهذا التعبير، وأنا أعلم أنه لا يرضيكم- ولكني أؤكد وأقول قتالنا للرافضة قتال بين إسلام وكفر محض- رضي الريمي والبرعي أم أبيا.
ثم اعلم أن من شارك منهم في الجبهة فلا ناقة لهم في الجبهة ولا جمل، ولا يُمكنون شيئا من مسؤوليات الجبهة، ولا يُمكن أحد من بث شيء من الأفكار المنحرفة، ثم هم عدد قليل جدا جاءوا في فترة يسيرة وذهب أكثرهم، وكثير منهم نوصحوا وبعضهم رغبوا في السنة وقرر الذهاب إلى دماج، فتم استغلال هذه الفرصة لدعوتهم للسنة فحصلت في الجبهة مصالح عظيمة مختلفة يا أصحاب النظارات السود.
فما هو الذنب الذي ارتكبناه إذاً؟! ولقد قيل:
لا تقل عن عمل ذا ناقص
جد بشيء ثم قل ذا أكمل
وقيل
أقلوا عليهم لا أبا لأبيكم
من اللوم أو سدوا المكان الذي سدوا
زعمه أنه لم يثبط أحدا
وهذا من مغالطات البرعي.
وهم جادون شغالون في الصد والتخذيل والتنفير و... فلما أسقطهم ذلك من أنظار من يغتر بهم، وتم الرد عليهم، قالوا: نحن ما ثبطنا أحدا، وما منعنا أحدا، وكلامه معلوم ومسجل، ويُكَذِّبُه أيضا من أفتاه وخذله، وهو أيضا يُكذب نفسه في نفس الكلمة ويقول: (وكنا نقول..، وكنا نقول..، ومن استفتانا أفتيناه بما يقربنا إلى الله وما الذي يقربك؟! الجواب: أن هذه الحرب ضرر لا نفع) ثم الآن يقول: لا، لم نقل.
* فكيف نجمع بين هذه التناقضات الموجودة في صفحة واحدة؟!
* يتكلم بكلام في أول الصفحة ثم ينقضه في آخرها!!
* أراد أن يخرج من المأزق الذي وقع فيه فوقع في مأزق أشد منه، ويريد أن يُكفِّر عن صغيرة بكبيرة!!
* ويريد أن تشفع له هذه الكلمة فخانته فانقلبت عليه!! وخر عليه السقف من فوقه، فتحطم بنيانه عليه ﴿يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ﴾.
ما يبلغ الأعداء من جاهل
ما يبلغ الجاهل من نفسه
إذاً فلا مخرج لكم من هذه المآزق إلا الصدق مع الله عز وجل والتوبة النصوح، وإذا أشكل عليكم شيء رجعتم إلى مشايخ أهل السنة وهم سينيرون لكم الطريق بإذن الله تعالى، خير لكم من التخبط والتخليط.
تلخيصه لثمار الجبهة بما يقوله المنافقون
ومن تلبيسه وتقليبه للحقائق أنه شرح ثمار الجبهة وفوائدها بشرح قبيح يشبه كلام المنافقين الذين يزهدون في الجهاد في سبيل الله، فأخرج للجهاد صورة قبيحة تخوف من الجهاد، وتظهر الجهاد بمظهر وحشي كما يفعل المستشرقون، فاسمع ما قال، وستقول: نعوذ بالله من الخذلان ونعوذ بالله من النفاق.
ماذا رأيتم يا برعي من ثمار الجبهة؟! قال: (التضحية بمئات القتلى، إضافة إلى أكثر منهم من الجرحى والمعوقين وأصحاب العاهات المستديمة، إضافة إلى ما خلفته الحرب من أيتام وأرامل وثكلى، ورب قتيل هو وحيد أسرة ليس لدى أهله من يقوم عليهم سواه).
وقد سبق التعليق على هذه الطامة في أوائل الكلام...
وقد سبق أيضا (ذكر الثمار الزهية لجبهة كتاف السلفية) .
وختاما أحمد الله سبحانه وتعالى على توفيقه وامتنانه وإعانته لنا على إتمام المقصود، فأسأله سبحانه كما وفقني لذلك أن يتقبل مني هذا العمل وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم، إنه هوالسميع العليم.
﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾
كتبه: أبو إسحاق الشبامي أيوب بن محفوظ الدقيل.
الأحد 14 ذو القعدة 1433هـ.
بمدينة شبام التأريخية.
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، أما بعد:
فيقول الله تعالى في كتابه الكريم ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ المُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ﴾ [محمد/31].
ويقول الله تعالى ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا المُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ [التوبة/16]
وقال تعالى ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ﴾ [آل عمران/142]
ففي هذه الآيات بيان أن الله سبحانه وتعالى شرع الجهاد ليحصل به هذا المقصود الأعظم، وهو أن يتميز الصادقون من الكاذبين والمؤمنون من المنافقين والرافعون لراية الجهاد من القاعدين المخذلين، فالجهاد في سبيل الله أعظم امتحان يمتحن الله به عباده، فتظهر نتائج الامتحان للناس رأي العين، ويتميز الخبيث من الطيب، ويُعرف الأبطال من الجبناء، ويعرف الراغبون في الآخرة من الراغبين في الدنيا، ويُفضح ويتميز من كان مندسا مستترا، إلى غير ذلك من النتائج التي تنتج عند إعلان الجهاد في سبيل الله.
وعند حصول الفتن والمحن والابتلاءات تظهر العجائب وتحصل أشياء لم تكن في الحسبان فالفتن نباشة.
ومن تلك الفتن التي ابتلي بها أهل اليمن (فتنة الرافضة) والمعروفون هنا في اليمن باسم (الحوثيين) فمرات يعتدون على الحكومة ويصطدمون معها وتارة يعتدون على القبائل فتنشب بينهم الحروب وتارة مع الإخوان المسلمين ومرة اعتدوا على السعودية فتورطوا فذاقوا الويل بسبب ذلك، وأخيرا تجمعوا وجمعوا وأجمعوا أمرهم على الفتك بأهل السنة في اليمن ابتداء بقلعة السنة والعلم والدين (دار الحديث بدماج) فكانت فيها نهايتهم وهلاكهم.
فبدأوا بالحصار الظالم الغاشم الذي دام أكثر من سبعين يوما ليوهنوا أهل دماج ﴿ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ﴾ [آل عمران/146] ثم ثنَّوا بالقنص من جميع الجهات ليخضعوا لهم، فلم يرضوا بالخضوع إلا لله وحده، فثلثوا بالقصف العشوائي الإجرامي بشتى أنواع السلاحِ الثقيل، بما في ذلك من مدافع ودبابات، وسفكوا الدماء البريئة، وعثوا في دماج الفساد، كل ذلك ليستسلموا لهم ﴿وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب/22].
حتى قتلوا أكثر من سبعين قتيلا من طلاب العلم وحفاظ القرآن وبين القتلى أيضا نساء وأطفال، بل حتى الرُّضع والبهائم ما سلمت من نار الرافضة الحوثيين أخزاهم الله.
ما هي الجناية التي ارتكبها أهل دماج حتى استحقوا هذا العذاب كله من هؤلاء الأنذال ومن تعاون معهم ومهد لهم وأقرَّهم؟!
الجواب: ليس إلا لأجل عقيدتهم الصافية وعلمهم الوافر ودعوتهم التي بلغت الآفاق، إذ لم يغتصبوا أراضي ولا أموال ولم يحتلوا شيئا من الأقطار ولم يسفكوا دماء معصومة ولم ينازعوا أحدا على المناصب ولم يؤججوا نار الفتن بل هم من السابقين المبادرين لإطفائها، وتالله ما عندهم فراغ لذلك كله بل لا يرون شرعية ذلك كله.
فلما ضاق الحال بأهل دماج وبلغت القلوب الحناجر وسالت الدماء واشتد الجوع وصرخت النساء والأطفال والشيوخ والعجائز والمرضى والجرحى، استنصروا بإخوانهم المسلمين ليُخلصوهم من وحوش الرافضة الذين مسُخت فطرهم.
فانقسم الناس مع ذلك الحال وتجاه هذا الاستنصار إلى أقسام:
فمنهم من قام مناصرا بنفسه وماله ﴿فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ﴾ [الأحزاب/23].
ومنهم من قام مناصرا بنفسه وخلف متاع الدنيا خلف ظهره لم تطب له الحياة وإخوانهم في هذه الحالة، استجابة لأمر الله ﴿وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ﴾ [الأنفال/72].
نظروا نظرة في حالة إخوانهم ونظرة أخرى في قوله تعالى ﴿وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرا﴾ [النساء/75] فلم تهنأُ لهم الحياة. فاندفعوا للقتال والنصرة.
ومنهم من غاب بجسده، لكنه حضر بماله وأنفق في سبيل الله فاستطاع أن ينال من أجر هذا الجهاد لقول النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: «مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَقَدْ غَزَا» فبذل ما استطاع حتى لا يفوته فضل الغزو في سبيل الله.
ومنهم من حبسه العذر ومنعته القدرة وقلوبهم تلتهب يتمنون أن يكونوا مع المناصرين، فأجرهم معلوم كما قال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- لما رجع من غزوة تبوك: «إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا وَلاَ قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلاَّ كَانُوا مَعَكُمْ» . قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ قَالَ «وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ، حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ».
ومنهم من حرم نفسه الخير وتخلف لغير عذر وقعدوا عن الجهاد والنصرة وقالوا ﴿شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا﴾ وما ندري كيف هم صانعون، وهل آلمهم هذا الذنب، واستغفروا عليه وعزموا على أن لا يرجعوا إليه ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾.
ومنهم طائفة تخلفوا لغير عذر، ولم يكتفوا بهذا الذنب حتى أضافوا إليه التخذيل والتثبيط عن الجهاد والنصرة، ووقفوا على الطريق فقطعوها على بعض من أراد الجهاد والنصرة، ولم يكتفوا بهذا فحسب بل جندوا أنفسهم للتنفير من جبهة الأنصار، ولم يقفوا عند هذا الحد بل قاموا بزرع الهيبة للرافضة فعظموا أمرهم وهولوا مصيبتهم، فأحسنوا الظن فيهم وأساءوا الظن بأهل السنة، فكانوا دعاية لهم كما سنبينه إن شاء الله.
ولم يكتفوا بهذا فحسب بل جادلوا عنهم فخطبوا في حرمة دمائهم وأعراضهم، واختلفوا مع المسلمين من أجلهم والله عز وجل يقول ﴿فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا﴾ [النساء/88] وسبب نزول هذه الآية ما جاء في الصحيحين عن زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ - رضي الله عنه – قال:ُ لَمَّا خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - إِلَى أُحُدٍ رَجَعَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَتْ فِرْقَةٌ نَقْتُلُهُمْ . وَقَالَتْ فِرْقَةٌ لاَ نَقْتُلُهُمْ . فَنَزَلَتْ ﴿فَمَا لَكُمْ فِى الْمُنَافِقِينِ فِئَتَيْنِ﴾ وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه آله وسلم - « إِنَّهَا تَنْفِى الرِّجَالَ كَمَا تَنْفِى النَّارُ خَبَثَ الْحَدِيدِ ».
بل آل الأمر ببعضهم إلى أن وقع في شباك الإرجاء وهو يتفانى في الجدل عنهم، فإنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم إنا نعوذ بك من الحور بعد الكور.
فانفتحت على أهل السنة جبهتان في آن واحد، جبهة الحوثيين بصب النار علينا، وجبهة المخذلين القاعدين العاجزين المرجفين قُطّاع الطريق، وكلٌ من الجبهتين مدين للآخر.
فما ظنك بهم؟ ومن يا تُرى هم؟!
إنهم قوم لا تعجب إذا قلت لك كانوا من طلاب دماج؛ فصاروا من أشد الناس حقدا عليها وعلى أهلها، حتى حملهم هذا الحقد على مخالفة المعقول والمنقول لمقاضاة أغراضهم وشفاء صدورهم، هذه الطائفة يتزعمها رجلان أحدهما يُقال له محمد الريمي صاحب معبر والآخر البرعي عبد العزيز صاحب مفرق حبيش.
الناس في واد، وهؤلاء يهيمون في وادي الحقد والغل والانتصار للنفس؛ الناس يسعون لإغاثة المظلومين في دماج، وهؤلاء يسعون في التخذيل والذبذبة والتناقضات والتلبيس وتقليب الحقائق؛ ومواقف مزرية عافانا الله وإياكم منها، أبانوا أنفسهم للناس، وترجموا لأنفسهم ترجمة مفصلة أعرتهم للداني والقاصي والقريب والبعيد والصغير والكبير والذكر والأنثى فأراحونا ﴿وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِم﴾ [الحج/18].
ويصدق فيهم قول من قال:
ما يبلغ الأعداء من جاهل
ما يبلغ الجاهل من نفسه
ولله سبحانه وتعالى الحكمة البالغة في صرف مثل هؤلاء عن ساحات القتال، فلعل ضررهم الحاصل منهم الآن أهون على أهل السنة من أضرارهم إذا دخلوا معنا لقول الله تعالى: ﴿لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ﴾ [التوبة/47] فالله عز وجل أرحم بعباده من أنفسهم فيختار لهم ما هو أصلح لهم لعلمه سبحانه بعواقب الأمور.
وكان من آخر مخازيهم وفضائحهم ما تكلم به المدعو (عبد العزيز البرعي) فتكلم بكلام يستحي منه العاقل فضلا عن العالم أو طالب العلم ولكن صدق الصادق المصدوق صلى الله عليه وآله وسلم «« إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ إِذَا لَمْ تستح فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ » أخرجه البخاري عن أبي مسعود عقبة بن عامر.
فنشر هذا المدعو البرعي في 18/شوال/1433هـ كلاما ينبئ عن حقد ومرض في القلوب ثم زخرف هذا الكلام بقوله (كلمة إنصاف في موقف مشايخ أهل السنة في حرب كتاف).
التلبيس يبدأ من العنوان
فيبدأ التلبيس وتقليب الحقائق من العنوان، وتالله ما قاله أولا وآخراً إرجاف بعيد عن الإنصاف كما سنبينه إن شاء الله، ولكن لابد من زخرفة القول وتزيين الباطل ليكون له رواجا عند أمثالهم ومن يغتر بهم ليُكفِّر عن مواقفه السيئة التي حطت من قدرهم عند أتباعهم ومقلديهم فكيف بغيرهم، وهذه عادة إبليس اللعين وأولياؤه إلى قيام الساعة من الإنس تزيين الباطل وإظهاره بمظهر الحق.
ولقد تلفظ في كلمته هذه -أصلحه الله- بكلام ظن أنه أَمْتَن من كلامه السابق فقال: (ومن سجل كلاما لي ونشره فإنه كلام في هاتف، ليس في محاضرة ولا خطبة وهو الذي قام بتسجيله ليس أنا) فيعني أن كلامي الآن الذي اجتهدت في تحضيره وكتابته واستغرق مدة من الزمن هو المعتمد، أما ما نتكلم به في الهواتف فلا نرتضيه.
وما الفرق بين كلام الهاتف والدرس وبين كلام المحاضرة؟!
أو ليس الله سائلك عن ذلك كله ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾.
لو عملت يا برعي بقول النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ» سواء في هاتف أو في ورق لكان نافعا لك.
ومع ذلك يا برعي فلقد ساء ظنك، فهذه الكلمة أسوأ من سابقاتها، فلقد حلّيتها بالإصرار على الخطأ والتلبيس وتقليب الحقائق والإرجاف، ثم جزمت أن هذا الكلام يقربك إلى الله تعالى فقال (ونرى أن الذي قلناه هو الذي يقربنا إلى الله عز وجل) ﴿سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ﴾.
ومن الكذب والتلبيس في هذا العنوان: الإطلاق والتفخيم بقوله (مشايخ أهل السنة) حيث يتبادر للسامع والناظر أن مشايخ أهل السنة قاطبة في اليمن وغيره في جانب، وأهل كتاف في جانب آخر معاكس، ثم لا يخلو هذا الإطلاق من تعظيم أنفسهم وتضخيمها ونفخها وهم والله ليسوا في هذه المنزلة ومواقفهم في الفتن واضطرابهم خير شاهد على ذلك، وأين جهودك العلمية يا برعي وكتاباتك النافعة، أم أنك مشغول بقضايا اللجنة الرباعية المحدثة.
فالصواب فيهم أنها لجنة رباعية محدثة شكلت نفسها لا يصدر أحدهم في أمر حتى يتم اللقاء والاتفاق، فإن تم اللقاء في اليمن وإلا انتظروا حتى يجتمعوا في الحج أو في العمرة، وأهل السنة منهم براء فيما أحدثوه، وإذا تكلموا فهم يمثلون أنفسهم لا يمثلون غيرهم.
وفي سياق كلامه قال: (إننا لدينا ما نستطيع أن نقوله، فلِمَ لم نقله؟! لم نقله بل وتركنا الكلام حفاظا على سمعة الدعوة وجمعا للكلمة وبعدا عن الصراع، ولا يليق أن يكون إخواننا في نحر العدو، ونحن نفتح الصراع والجدال والأخذ والرد ولهذا كان الجواب الآن بعد أن انتهت جبهة كتاف)
وباختصار احتوى هذا الكلام على التلبيس ما يلي:
* زعم أنه لم يقل شيئا حفاظا على الدعوة، وقد قال وقال، وشهد على نفسه في كلامه أن قال، وشهد عليه طلابه ومحبيه، كيف لا وهو يقول (كنا نقول.. لهم وكنا نقول لهم.. ومن استفتيناه أفتيناه.. ).
ثم كيف يسوغ لهم السكوت وهم لا يرون في الجبهة نفعا بل ضررا، فهذا إن صح، فهو من السكوت على الباطل وهذا ليس من منهاج النبوة، يا أصحاب تقرير المصالح والمفاسد.
* وزعم أن ذلك غير لائق، ولكنه في الحقيقة فقد فعل غير اللائق في هذه الحرب كما فعلوه في الحرب السابقة، نحن في صراع مع كلاب الرافضة وهم في شغل شاغل يعجنون خبز الإبانة التي ناوأوا بها أصول أهل السنة وقصدوا بها الطعن فيهم، ففضحوا بذلك في شبكة العلوم فأرادوا أن يستدركوا ذلك الخطأ في هذه الفتنة فلم يتمالكوا أنفسهم.
أهل السنة في صراع مع الرافضة وهؤلاء فتحوا لأهل السنة جبهة صراع أخرى أوجعوا قلوب أهل السنة فإنا لله وإنا إليه راجعون.
* ثم زعم أنه أخرج هذا الكلام وأنه الآن فور انتهاء الحرب، وإذا نظرت إلى تأريخ هذه الكلمة وجدتها متأخرة جدا بعد وقوف الحرب بأكثر من شهرين؛ فلماذا تأخرت هذه المدة كلها، فهل رسالة ماجستير، أم أن العرض على اللجنة الرباعية هو الذي أخرها.
* ومن الكذب قوله (بعد أن انتهت جبهة كتاف) والجبهة يعلم هو يقينا أنها لم تنته بعد، ولا زالت قائمة، رباط وتدريب ولا زال الكلاب لم ينتهوا بعد من تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، ولأنك قلت (هؤلاء أهل غدر) فلا يمكن أن نعطيهم فرصة لا بغدرة ولا بغدتين ولا ثلاث في العمر وليس في السنة، وسيأتي الرد على هذه المقالة وما تحتويه من مخاطر.
إليك خلاصة القضية يا برعي بغير فلسفة
وبغير تشدق وفلسفة، القضية وخلاصتها عند عوام الناس فضلا عن خواصهم كما يلي:
أن الحوثيين الأنذال الأرجاس الرافضة اعتدوا على أهل السنة وطلاب العلم في دماج وحاصروهم وقتلوهم، فلم يتمكن أهل دماج من دحرهم لأنهم محيطون بهم من كل جانب، وما كانوا مستعدين بعدة كافية، ولكن دافعوا ودفعوا بقدر استطاعتهم، فاستنصر أهل دماج بإخوانهم المسلمين لينقذوهم من وحشية الرافضة الحوثيين، فقام من وفقه الله لذلك بواجب النصرة ليدفعوا –لا ليطلبوا- عن أهل دماج خبث المفسدين انتصارا لله وللمؤمنين والمستضعفين، فقامت جبهة كتاف استجابة لنداء الله وصراخ المظلومين، فوفقهم الله لذلك وأعانهم ونصرهم وأعانهم على ما قصدوه، وجرَّعوا الحوثيين مرارة الحرب وأذاقوهم لباس الموت ولقنوهم درسا مفاده (دماج ليست سهلة كما تظنون) فهزم الله الحوثيين وخُذلوا وأُذلوا وقُتلوا تقتيلا، حتى انسحبوا من دماج، وخضعوا لمطالب المناصرين التي يُكَف بها بإذن الله رجس الحوثيين وضررهم على أهل دماج، وتضْمن بإذن الله عدم الاعتداء على أهل القرآن والسنة مرة أخرى في دماج وخارج دماج، فأعز الله أهل دماج خاصة وأهل السنة عامة في كل مكان على أيدي الأنصار في هذه الجبهة، ورفع الله قدر دماج وأهلها عالميا، وفرح الناس عموما بهذا النصر وشرق بذلك الحاقدون المخذلون فأرادوا أن يهمشوا جهود أهل كتاف وأرادوا أن يفصلوا كتاف عن دماج وسيأتي بيان ذلك وإيضاحه إن شاء الله في باب بيان تلبيس البرعي وتقلبه للحقائق ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾ [الصف/8].
هذه هي الخلاصة الواضحة بغير لبس لا تحتاج إلى فلسفة البرعي ولا إلى حذلقة محمد الريمي.
اعتراضاتكم يا برعي عند التأمل فيها خدمة للحوثيين وضرر علينا
فما من خطوة يقدم عليها أهل السنة تجاه العدوان الحوثي إلا قام البرعي وأصحابه معترضين ومخذلين ومخطئين، فما هو الدافع لكم يا برعي على هذا الحال؟!.
لا نستطيع أن نقول: إنها المحبة للحوثيين، فلا زلنا نحسن الظن بكم، أم هل الدافع لكم العداوة والبغضاء لأهل دماج ومحبيهم، وهذا اللائق بكم لا تفسير لها إلا ذلك، ولأننا لم نر لكم شيئا من المواقف المشرفة فيما يحصل لدماج من أذىً من أعداءها.
وللاستعلام تأمل معي ما أسوقه لك الآن في بيان أن اعتراضات القوم فيها إحسان للحوثيين وإساءة لنا، وحيث نلاحظ في اعتراضاتكم إساءة ظنٍ بأهل السنة وإحسان ظن بالحوثيين:
أولا: جمع أهل السنة وعامة المسلمين في اليمن قافلة إغاثية تحتوي على الدواء والغذاء للمنكوبين في دماج، فقال البرعي وأصحابه معترضين: هذا خطأ!!.
فمن المستفيد من هذا الاعتراض، أهم أهل السنة أم الحوثيون، وهل في هذا ضرر على أهل دماج أم فيه نفع لهم؟!.
وما هو الصواب إذاً أيها البرعي
الجواب: قال البرعي المحنك: (تُجمع هذه الأموال وتُرسل للحجوري؛ والحجوري –بدوره- يقوم بشراء الغذاء ولو بالأثمان الباهضة) وبهذا تنتهي التمثيلية ويُحل الإشكال.
أقول: نعوذ بالله من الخذلان، ونعوذ بالله من عمى البصائر، سعى أهل السنة وبذلوا أقصى الجهود لإيصال الغذاء الضروري لإنقاذ إخوانهم وإغاثتهم، فكان الأولى تقدير مساعيهم وشكرهم والدعاء لهم بالتوفيق لا القيام لهم على الطريق، لكنها الضغائن تُستخرج، عند اشتداد المرض نسأل الله السلامة والعافية.
وقفة مع اقتراح البرعي المحنك
قال البرعي:(تُرسل الأموال....الخ)
أقول: هذا الكلام والرأي الأرعن من البرعي -أصلحه الله- ما صدر منه إلا لأربعة احتمالات لا غير:
أولاها: إذا أحسنا الظن به أن البرعي وأصحابه لم يكونوا يعرفون ما يحصل لنا ونحن في الحصار الشديد المطبق، بحيث لو بذلنا ذهبا لكان غير نافع، بل قد بُذل ما هو أغلى من الذهب وهو الدم فلم يُغن شيئاً، فيأتي البرعي وبكل سخافة يقول: أرسلوا لهم الأموال وهم يشترون، إذاً فلسنا في حصار.
مع أن البرعي الـ.... يزعم أنه على معرفة تامة بما يحصل، وتواصل مستمر بدماج، ولم يُسم لنا رجاله، فلا ندري مع من يتواصل فيقلب له الحقائق، أو أنها تصله كما هي فيقلبها هو، أو يسمعها مقلوبة.
ولعله يتواصل مع أضرابه وأمثاله الـ.... الذين يسميهم أهل دماج العجائز الذين لم يشاركوا في الحرب، بل حتى للصلاة لا يخرجون، إلا إذا وقفت الحرب أو جاءت شيء من اللجان –وما ندري هل معهم فتوى من البرعي والريمي، أم ماذا؟!- فماذا عسى أن يفيده هؤلاء؟.
ثانيها: أن البرعي وأصحابه لم يكونوا مقتنعين الاقتناع التام أن هناك حصار مطبق –وإلا لما قال ما قال- وكأنهم تأثروا بالإعلام الحوثي المزدوج مع إعلام فارس مناع الذين يشيعون أحيانا أن لا حصار ومرَّات يُعلنون عن فك الحصار.
ثالثها: أن هذا الكلام صدر من البرعي وأصحابه احتقارا واستهزاء وسخرية ولنا قوله تعالى ﴿إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ﴾ يا برعي نحن مُحاصرون مُحاربون، لا بأس عليكم خذوا مالا واشتروا ﴿فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ فهذا كمن يقول للمصاب بالشلل لا بد أن تقوم.
رابعها: أو أن هذا الكلام السقيم قيل عن حماقة وسفهٍ والأحمق لا سبيل للجواب عليه.
ولماذا لم تقم أنت يا برعي بدهائك وذكائك الفائق بشراء الطعام لنا بالأثمان الباهضة التي وقعت في يدك، ولعلك تظن أننا نعيش وسط سوق مذبح بصنعاء، والذي منعنا من الشراء إنما هي الأثمان الباهضة.
أبعلم تقول هذا أبن لي
أم بجهل فالجهل خلق السفيه
ثانيا: لما عمل كلاب الرافضة تلك المجزرة في محرم وتابعوا بعدها المجازر، قام أنصار الله –نحسبهم كذلك والله حسيبهم- بالانتصار للمظلوم بملاحقة الحوثيين وتأديبهم.
اعترض البرعي وأصحابه على ذلك؛ وقالوا هذا خطأ خطأ، إلى أين أنتم ذاهبون هذه كتاف ما هي لعبة، كتاف كاسمها؛ أتخوضون حربا غير مدروسة القضية ما هي سهلة ما رايح تنجحوا ...الخ البقبقة).
فما العمل يا برعي؟ أنترك إخواننا تحت سطوة الأنذال؟! فأجاب بكل سخافة (إخواننا لهم الله) ونحن في أوج المعركة وصاحبه الريمي وعلى المنبر: (نحن لا نستحل دماء الرافضة ولا أموالهم ...).
يا برعي –هداك الله- إخواننا استنصرونا أفلا نناصرهم؟ لا، لا تتحركوا التحرك خطأ التحرك يضر لا ينفع، وفي الأخير ستخرجون بقتلى وجرحى وأيتام وأرامل وثكلى.
ثالثا: اعتراضهم علينا في دماج أو في كتاف، عدم قبولنا لمطالب الحوثيين التي مضمونها ومفادها: القضاء علينا واستئصالنا من جذورنا، فسماه هؤلاء المعترضون الـ... (عدم القبول للصلح، لماذا لا تقبلوا، ولماذا لا تصالحوهم وقد رضوا بالصلح). فكأن هؤلاء موكلون بالإلحاح علينا لنرضى بالهلاك لأنفسنا، وسيأتي إن شاء الله تفصيل الرد على ذلك في بيان التلبيس.
رابعا: عندما أصر أنصار الله في كتاف على إلزام الحوثيين بالشروط التي تقطع الطريق بإذن الله على الحوثي للنيل من دماج مرة أخرى، فلما أنهكتهم الحرب ولقنهم أنصار الله دروسا وافقوا على الشروط ووقعوا عليها –وتم الصلح-.
اعترض الحاقدون ولم يفرحوا بذلك فقالوا: ألم نقل لكم اقبلوا الصلح من قبل، -وهذا من التلبيس وسيأتي بيانه –وفروق بين الصلح الأول والثاني، ولكنه التلبيس- ماذا فعلتم، غير أنكم قُتلتم وجرحتم وصار منكم أيتام وأرامل.
سبحان الله فرح المسلمون بنصر الله، وهؤلاء كأنهم شرقوا بذلك، فلم تظهر منهم بشائر الخير، ولا علامات الفرح، بل التحزين والتنديم والتشويه و... . فإنا لله وإنا إليه راجعون.
فما رأيكم يا أهل السنة في مثل هؤلاء لا يطمئن لهم حال ولا يهدأ لهم بال على أي حال يحصل لكم يا أهل السنة، وكأنهم لن يطمئنوا حتى يصير أهل السنة مذللين للحوثيين، وقد صرح بعض أتباعهم بنحو ذلك ودعوا على أهل السنة بالهلاك على أيدي الرافضة.
ولما كانت مساعيهم هذه مبنية على الاعتراضات والتخذيلات، وكانت ظاهرها فيها خدمة للحوثيين، إذ أن مطالب هؤلاء المخذلين الحاقدين هي أماني الحوثيين، رحب بهم خادم الحوثيين فارس مناع محافظ صعدة آنذاك، في إذاعة الحوثيين وأثنى عليهم، وأشاد بهم، وعلى أنهم سيأتون مع بعض اللجان العميلة للحوثيين، وكل اللجان على هذا الحال، إلا لجنة حسين الأحمر، ولكن ما ندري لماذا لم يأتوا وكيف تم التوافق والتواصل، وهذا الترحاب والحفاوة لم تأت عن فراغ ولكن عن شيء ومقابل، وما الذي فعلوه باليسير، ولو تمكن الحوثي لشكر هؤلاء بملء فيه.
لا تفسير لمواقفهم إلا تحسين صورتهم للحوثيين وعملاءهم وإساءة علاقتهم بأهل السنة وعامة الناس فإنا لله وإنا إليه راجعون، فتأملوا يا أيها العُقلاء.
فأقول: وتالله لو عُرضت هذه الاعتراضات والتخذيلات والتهويلات على أناس عقلاء، ولم يسم لهم من هم، لقالوا: (قد يكون هؤلاء مندسون بينكم للعمل لصالح الحوثي باسم أهل السنة فاحذروهم)
ثم لا يستحي هذا الحاقد ويتجرأ على الله ويقول: (نحن قلنا هذا ونرى أن الذي قلناه هو الذي يقربنا إلى عز وجل) وسيأتي الرد على ذلك، وتالله ما هذه المواقف والأقوال إلا أنها حسَّنت من صورتكم عند الحوثيين، ورفعت من شأنكم عند عملاء الحوثيين، كيف لا وأنتم تحسنون الظن بهم وتسيؤونه بأهل السنة، وكيف لا، وأنتم بذلتم قصارى جهدكم لتكفوا أيدي أهل السنة عنهم، كيف لا وأنتم نصبتم شباك الشبه للصد عن النصرة، والحوثيون نصبوا النقاط العسكرية للصد عن ذلك، كيف لا وأنتم تطالبوننا بالتوقيع على ما يطالبنا به الحوثيون.
فهذه المواقف بقدر ما قربتكم منهم بقدر ما أبعدتكم عن أهل السنة والمُحبين للخير.
ماذا حقق الأنصار في كتاف؟
الجواب: إن من يُتابع الأحداث، لم يكن في حاجة لطرح هذا السؤال لاتضاح الحقائق وظهورها، أما من أعمى الله بصيرته وملأ قلبه الحقد، تعامى عن رؤية الواضح، وتجاهَلَ المعلوم ﴿وَمَا تُغْنِي الْآَيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ ولنا أن نتمثل بقول من قال:
وليس يصح في الأذهان شيء
إذا احتاج النهار إلى دليل
فالمكابر المعاند لا يمكن أن يقبل منك ما هو أوضح من النهار، لأن الكبر والعناد يُعمي نسأل الله السلامة والعافية.
ولابد أن نجيب عن هذا السؤال حتى نقطع الطريق على هؤلاء الملبسين الذين يدندنون بذلك
أولاً: نقول لكم أيها المخذلون الحاقدون: لمن توجهون هذا السؤال؟ فإن تم توجيهه لمن كان على شاكلتكم أجابكم بمضمون ما عندكم، فلا فائدة لطرحه، والواقع أنكم أنتم الذين طرحتم السؤال وأنتم أجبتم بمقتضى هواكم لا بمقتضى الواقع.
ثانياً: نقول لكم حَقُّ هذا السؤال أن يُطرح على أهل الشأن ومن يكون عنده الجواب، وهم طائفتان: المظلومون وهم أهل دماج، والمناصرون وهم أهل كتاف، عندهم لا غير ستجد بإذن الله، ما يشفيك لأن القضية قضيتهم والحرب ساحتهم وسيوفهم التي تقطر، وهناك طائفة ثالثة عندها الجواب أيضا لكن إن صادقونا وسيأتي ذكرهم ولنبدأ بالمظلومين ونوجِّه لهم هذا السؤال:
ماذا فعل لكم يا أهلَ دماج أهلُ كتاف
سألْنا أهل دماج والكاتب واحد منهم فأجابوا:
1) نصرنا الله بهم. 2) ونفس الله عنا بسببهم، وفرج كربتنا بقيامهم. 3) شعرنا بالعزة والقوة عندما قاموا. 4) أحسسنا بالأنس وغمرت قلوبنا الطمأنينة، وعلمنا أن لنا إخوانا لا يُمكن أن يسلمونا أو أن يتخلوا عنا مهما حصل لهم ما حصل. 5) خفف الله عنا بهم أثقالا من حمل الرافضة. 6) شُغل الحوثيون بهم فانصرفوا عنا. 7) لم نكن نتوقع أو يخطر على بالنا قيام هذه الجبهة، وكنا نقول (الفرج قريب) ولا ندري كيف يكون ولكن ثقةً بالله، فلما قامت هذه الجبهة فرحنا بها فرحا طارت بها قلوبنا وأحسنَّ الظن بالله ورجونا أن الفرج سيكون بها فكان الأمر كذلك. 8) أعطانا الله بها قوةً في معنوياتنا ورفعة في همتنا وأحسسنا بالنصر. 9) وقال المظلومون من أهل صعدة: وجدنا بها –أي بجبهة كتاف- طريقا وفرصة للانتقام منهم وقتالهم. 10) جاءت هزيمة كلاب الرافضة في دماج من جرَّآء وجرعات هذه الجبهة، حتى طالبوا بالصلح هم وتنازلوا عن جميع مطالبهم التي كنا قد وافقنا على بعضها، وانسحبوا من المواقع حولنا مع هدم المتارس فيها، فلله دركم يا أهل كتاف.
هذا بعض ما استفدناه من أهل كتاف، سائلين الله عز وجل أن يرفع قدرهم في الدنيا والآخرة وأن يغفر لشهدائهم وأن يشفي جرحاهم وأن يثبت أقدامهم وأن يثبتهم بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
إخوانكم أهل دماج
فأرجوا من البرعي وأصحابه أن يتأملوا في هذا الخطاب لعل الله أن ينفعهم به.
وننتقل الآن إلى أهل كتاف.
فماذا حققتم من خير يا أهل كتاف
وجهت هذا السؤال لأحد الأمراء هناك فخط لي بيده جوابا مختصرا على عُجالة فقال:
من ثمار هذه الجبهة المباركة ما يلي:
1) دعوة أصحاب القرى المجاورة دعاة أهل السنة للإقامة عندهم بعد أن كانوا نافرين عن أهل السنة. 2) عداوة العامة للحوثيين بعد أن كانوا يحسنون بهم الظن. 3) من أعظم الأمور كسر شوكة الحوثيين وإهانتهم، ويظهر هذا بأمور: أ) قتل كثير من قادتهم وسادتهم. ب) قتل كثير من أفرادهم حتى صارت مواقعهم في الأيام الأخيرة خاوية، حتى لجأوا إلى وضع الأطفال في المواقع. ج) ظهور جبنهم وفرارهم في جميع المعارك التي حصلت سواء هجموا هم أو هَجم عليهم أهل السنة. د) نزع هيبتهم من صدور أهالي صعدة وعلموا أنهم ليس عندهم إلا الإرهاب الإعلامي فقط. هـ) رفع معنويات القبائل وتشجيعهم على قتال الرافضة سواء من شارك في حرب كتاف أو من يعد العدة مستقبلا. 4) فَرَحُ المجاهدين بتوفيق الله لهم لإقامة شعيرة الجهاد. 5) استقامة كثير من الإخوة الذين شاركوا في القتال لمخالطة أهل السنة، وتشجيع كثير منهم لطلب العلم. 6) فَضح المخذولين القاعدين عن الجهاد وإخراج الله أضغانهم والغل الذي يحملونه على أهل السنة بدماج. اهـ كلامه حفظه الله.
وأضيف إلى ما تقدم
وأحب أن أُضيف شيئاً إلى ما تقدم في جواب أهل دماج وأهل كتاف تدعيما وتأكيدا لحصول الخير الذي جحده من جحده، فمن الثمار أيضا التي أنتجتها جبهة كتاف ما يلي:
* التقليل من شر الرافضة على اليمن وجيرانها، بكسر شوكتهم وإضعافهم وقتلهم.
* أظهر الله ضعف الحوثيين وجبنهم للناس، وأنهم ليسوا كما صورهم الإعلام.
* عرف الناس من هم الأبطال حقا، ومن هم أهل الشجاعة والتضحية والبسالة، وزال ما كان يُرمى به أهل السنة، من أنهم جبناء وليسوا أهلا للحروب، فمتى ما أُعلنت راية الجهاد الصحيحة فأبشر بأهل السنة إن شاء الله في الصفوف الأمامية.
* أن أهل السنة بإذن الله سيكونون درعاً لليمن، من العدوان الكافر إذا ما أُعلنت راية الجهاد.
* أوصلوا للرافضة رسالة مفادها: أن الاحتكاك مع أهل السنة ليس بالأمر الهيِّن إذ فيه هلاكهم.
* انتشرت وتوسعت وتقدمت دعوة أهل السنة تقدما كبيرا ملحوظا غير مُتوقع، وزادت رغبة الناس فيهم.
* عن طريق الجبهة استطاع الكثير من أبناء المسلمين أن يثأروا من الرافضة لله ولكتابه ولرسوله ولأزواج النبي صلى عليه وآله وسلم وأصحابه، وللمظلومين.
* تيسر أمر الجهاد الصحيح في سبيل الله، الخالي من الأطماع الدنيوية أو المناصب السياسية.
* فضل الله العظيم على مَنْ مَنَّ الله عليه بالشهادة واصطفاه سبحانه وتعالى، وعندما وقفت الحرب بكى بعضهم لكونه لم يلحق بإخوانه ولم يحض بالشهادة.
* إدخال السرور والفرح على المظلومين والنازحين من أهالي صعدة على ماحصل في الكلاب من قتل وتشريد وهزيمة نكراء.
* تدرب الكثير من أهل السنة على الحروب واستخدام الأسلحة وهذا مطلب شرعي.
* قيام مركز علمي هناك لأهل السنة، وتقوَّت دعوة أهل السنة هنالك واندحرت دعوة الرفض.
إلى غير ذلك من الانتصارات والفتوحات والبركات والثمرات، فأنَّى للبرعي وأصحابه أن يُغطوا
على هذا الخير كله، وهذه جهود قُدمت لها دماء زكية أفتُنسى وتُسجى وتُدفن.
وهل حقا ما قاله البرعي وأصحابه يا أيها الحوثيون
بل نقول للبرعي ومن معه: لو وجهتم هذا السؤال للحوثيين فقلتم لهم: (هل أثرت فيكم جبهة كتاف وهل لها جدوى أم أن قيامها ﴿كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآَنُ مَاءً﴾ ؟ ).
وبما أنه لا يمكن أن يُصدقنا الحوثي، فإننا نستطيع أن نُجيب عنهم بالنظر إلى واقعهم، فلو قام منهم صادق منصف لقال:
خبطوا علينا البرنامج خبطا، وقلبوا خططنا رأساً على عقب، وهدموا سمعتنا وبنياننا وكياننا الذي بنيناه في الحروب الست الماضية، وأرجعونا إلى الخلف عدد سنين، وسحبوا البساط الإعلامي من تحت أقدامنا فكان هذا من أسوأ ما أثّر فينا، أردنا من أهل دماج أن يخرجوا من جبلين فأخرجَنا هؤلاء من جبال كثيرة، وأردنا أن نمسح مركز دماج من وجه الأرض فثبتوه وبنوا مركزا آخرا، خططنا لقتل أهل دماج ورؤوسهم فعاد التخطيط علينا ففقدنا كثيرا من الرؤوس والقادة والقناصين والرماة، كنا نظن أن الوهابيين مثل العساكر فإذا بهم عقبات صعبة، كنا نسخر بكلام الحجوري عندما زعم أنهم سيُلاحقوننا في الجبال، ونقول هذا خيال فصار حقيقة مُرَّة، ولاحقونا في الجبال، جبل بعد جبل، حتى امتدت جبهتهم إلى عشرات الكيلوات في الجبال، أرهقونا وقتلوا منا الآلآف حتى فقدنا رجالنا وأبطالنا، شاهت سمعتنا بين قومنا وشيعتنا لعجزنا في هؤلاء، إذ لم يتحقق لنا عشر معشار ما كنا نؤمل، بل جاءت النتائج عكسية، كبدونا خسائر فادحة في الأنفس والأموال والمواقع، نُزعت الهيبة منا من قلوب الناس، وفُضحنا أيما فضيحة وصار الناس يُعيروننا بهذه الجبهة، كنا نود حينما أوقَفْنا الحرب على دماج أن يتفرقوا ويرجعوا ليًتًسًنًّا لنا التخطيط والتدبير لنستدرك هذا الخطر المُفاجأ الذي داهمَنَا لكنهم أبوا إلا البقاء فرفعنا راية الفشل وقبلنا منهم مطالبهم، فكانت الحرب معهم أعسر من حربنا مع الحكومة أو مع القبائل.
فهلا أفقت أيها البرعي ورأيت هذا الخير وكففت شرك عن أهل السنة، ورجعت إلى رشدك، وأعلنت توبتك إلى الله كما أعلنت التخذيل والتهميش والبلبلة.
ومما يُؤكد إقرار الحوثيين بالفضل لأهل كتاف
أنه عندما استمر أهل كتاف في قتالهم للحوثيين، كان الحوثيون يهددوننا في دماج ويقولون: (لماذا لم يقف هؤلاء، إما أن يقفوا وإلا رجعنا لحصار وقتل أهل دماج، ونحن قد أوقفنا الحرب على أهل دماج) فأرادوا أن يجمعوا أمرهم فاختلفوا ولم تجتمع كلمتهم لا سيما وبعد أن أوهنهم أهل كتاف بالقتل والهزائم.
فعلى ماذا يدل هذا؟! يدل على أن أهل كتاف لهم الفضل بعد الله عزوجل في انصراف الحوثيين عن دماج بشهادة الحوثيين.
فلله دركم يا أهل كتاف، حققتم في حرب واحدة ما لم تحقق الحكومة في ست حروب، فهلا وجّهت سؤالا يا برعي للحكومة السابقة التي أفتيت بالجهاد معها وزعمت أن بعض طلابك جاهد معها، هلا سألتها كما سألتنا فقلت لهم:
ماذا حققتم مع الحوثيين في هذه الحروب كلها مع ما حصل من استنزاف في الأنفس والأموال والأوقات لاسيما وقد أفتينا بالجهاد معكم
اسأل يا برعي عن نتائج هذه الحروب، ورُد لنا جوابا وقارن بينها وبين نتائج كتاف، التي تورعت عن الفتوى بالجهاد معهم، وسنترك لك المجال لكن بإنصاف لا بإرجاف.
ماذا فعل لكم أيها المظلومون هؤلاء المخذولون؟
قلت: وماذا عسى أن يفعلوا وقد شهدوا على أنفسهم أنهم عاجزون، فقال البرعي في إرجافه: (نحن من جملة المسلمين الذين كانوا عاجزين أن يفعلوا شيئاً) فلذا قعد، وشجع غيره على العجز، ومن أن أراد أن يفعل شيئا نصحه أن يكون مع القاعدين ﴿رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ﴾ ثم ليس كل المسلمين عجزوا كما تظن بل قدًرً منهم من قدر على النصرة.
طرحْنا هذا السؤال للمظلومين من أهل دماج، ماذا فعل لكم البرعي ومن معه؟:
فكان الجواب كما يلي:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فلقد ابتلانا الله عز وجل بطائفتين في آن واحد، بالحوثيين وأمرهم ظاهر، وبالمخذلين المرجفين الصادين عن النصرة المُجادلين عن الحوثيين، وهذه الطائفة مما يُؤسف أنهم محسوبون على أهل السنة، يتزعمهم محمد الريمي وعبد العزيز البرعي.
وكنا نظن أن يعملوا بمقتضى قوله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ﴾[الأنفال/65] وقوله تعالى ﴿فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا﴾ [النساء/84] فكنا نتوقع منهم أن يحثوا الناس على الجهاد والنصرة بكل ما يقوي عزائمهم وينشط هممهم وهذه هي مهمة الأنبياء والعلماء، فتفاجأنا بحال عكسي تماما من هؤلاء خلاف ما دلت عليه هذه الآيات، فأوجعوا قلوبنا وضيقوا صدورنا وثقًّلوا مصيبتنا، بما نسمعه ويبلغنا عنهم بين الحين والآخر، من تخذيل وصد وتهويل وانتقادات واعتراضات.
ولا غرابة في ذلك فهذا أمر قد أخبر النبي –صلى الله عليه وآله وسلم- بوقوعه وهذا الصراع حاصل إلى يوم القيامة بين أهل الحق وبين هاتين الطائفتين (المخالفين والمخذلين) كما قال النبي –صلى الله عليه وآله وسلم- :«لاَ يَزَالُ مِنْ أُمَّتِى أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأَمْرِ اللَّهِ، لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلاَ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ» أخرجاه عن معاوية –رضي الله عنه-.
فكان يحصل لنا شيء من الضيق حينما نسمع أن العلماء من هنا وهناك يُفتون بنصرتنا وهؤلاء يُفتون بترك ذلك، فهم لا لنا نصروا ولا لعدونا كسروا، فإنا لله وإنا إليه راجعون، فلذلك كنا ندعو الله عز وجل أن يكفينا شر هاتين الطائفتين، وقد فعل سبحانه، فهزم الله الحوثيين ورد هؤلاء على أعقابهم خائبين حيث لم يجدوا من يصغي لهم، لأن أهل اليمن أهل إيمان وحكمة وهاتان صفتان تنافي النفاق والجهل، فلذا ما كان منهم إلا الإقدام على النصرة، فميز الله بهذه المحنة بين الخبيث والطيب وبين المحب لنا والمُعرض، وبين الرحيم لنا والحاقد ﴿لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾ وآخر دعوانا ﴿ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ اهـ.
إخوانكم أهل دماج
أصلحكم الله أيها البرعي فما هذه الحرب النفسية التي شغلتم بها أهل السنة، وفي أي واد أنتم تهيمون، أهكذا تفعل بكم تقدير المصالح والمفاسد أم أنه طاغوت الهوى والحقد عياذا بالله ﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾.
وبعد معرفة الخير الوافر الحاصل بسبب قتال هؤلاء الأنذال، وبعد الشهادات التي نقلناها في ذلك، ننتقل الآن إلى اللجنة الرباعية المُحْدَثة بقيادة محمد الريمي والبرعي، ونوجه لهم هذا السؤال:
ماذا خَرَجَتْ به الجبهة يا برعي ومن معك من انتصارات وبركات
وماذا رأيتم من الخير الذي حققته هذه الجبهة؟
الجواب جاهز ومنشور ومدروس، فقد سبقَنا البرعي وأجاب بعد جهد جهيد وتحضير وتأني دام مدَّةً من الزمن، فأخرج للناس صورة عامة مشوهة للجهاد تصلح لكل مرجف ومخذل في كل زمان، فخلص لهم أنهم ما رأوا لهذه الجبهة إلا:
(التضحية بمئات القتلى، إضافة إلى أكثر منهم من الجرحى والمعوقين وأصحاب العاهات المستديمة، إضافة إلى ما خلفته الحرب من أيتام وأرامل وثكلى، ورب قتيل هو وحيد أسرة ليس لدى أهله من يقوم عليهم سواه، ولهم الله عز وجل) اهـ كلامه بنصه.
سبحان الله كل من يسمع هذا الكلام القبيح يستنكر ذلك أن يًصدُر من مثل هؤلاء، ولكن الكبر والعناد والحقد والغيظ تفعل الأفاعيل.
هذه خلاصة الحرب التي انتهى إليها هؤلاء، وضعُفت أبصارهم عن رؤية الخير الحاصل السابق ذكره، بل قلبوا الحقائق، لنقض هذا الجهاد ودفن خيراته ولكن هيهات أن تستطيع الفئران دفن الجبال، ولا ما تثيره الفئران من غبار أن يغطّي الشمس الواضحة في كبد النّهار، ومن يتجاهلها يشبه من يحاول أن يغطي السماء بالمنخل.
وما هذه الصورة التي أظهرها البرعي إلا قدحا في الخير الذي حصل، ولكنه غير ضائر به.
وما ضرَّ بَحْرَ الفُرات يوماً
أن خاص بعضُ الكلاب فيه
فلا نجد لكلامهم معنىً إلا: أي أن هؤلاء القتلى والجرحى وأصحاب العاهات لو أطاعونا وأخذوا بتخذيلنا ما قُتلوا وما جرحوا وما خلفوا أرامل وأيتام ﴿يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ [آل عمران/154].
فهذه تذكرة للبرعي ومن معه لتكون لهم حرزا من النفاق عياذا بالله
فو الله ما أحوج البرعي وأصحابه أن نذكرهم بقول الله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ [آل عمران/156، 157].
قال السعدي رحمه الله: ينهى تعالى عباده المؤمنين أن يشابهوا الكافرين، الذين لا يؤمنون بربهم، ولا بقضائه وقدره، من المنافقين وغيرهم، ينهاهم عن مشابهتهم في كل شيء، وفي هذا الأمر الخاص وهو أنهم يقولون لإخوانهم في الدين أو في النسب: {إذا ضربوا في الأرض} أي: سافروا للتجارة {أو كانوا غزى} أي: غزاة، ثم جرى عليهم قتل أو موت، يعارضون القدر ويقولون: {لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا} وهذا كذب منهم، فقد قال تعالى: {قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم} ولكن هذا التكذيب لم يفدهم، إلا أن الله يجعل هذا القول، وهذه العقيدة حسرة في قلوبهم، فتزداد مصيبتهم، وأما المؤمنون بالله فإنهم يعلمون أن ذلك بقدر الله، فيؤمنون ويسلمون، فيهدي الله قلوبهم ويثبتها، ويخفف بذلك عنهم المصيبة.
قال الله ردا عليهم: {والله يحيي ويميت} أي: هو المنفرد بذلك، فلا يغني حذر عن قدر.
{والله بما تعملون بصير} فيجازيكم بأعمالكم وتكذيبكم.
ثم أخبر تعالى أن القتل في سبيله أو الموت فيه، ليس فيه نقص ولا محذور، وإنما هو مما ينبغي أن يتنافس فيه المتنافسون، لأنه سبب مفض وموصل إلى مغفرة الله ورحمته، وذلك خير مما يجمع أهل الدنيا من دنياهم) اهـ.
فما عيرتنا به يا برعي هو نتيجة الجهاد في سبيل الله ونتيجة كل جهاد أقيم على وجه الأرض، أفنترك الجهاد لأجل حصول ذلك؟! ﴿إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ﴾.
وماذا تفسر قوله تعالى ﴿وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ﴾ [الأنفال/72] أفيكون النصر بغير قتلى وجرحى؟! وماذا تقول في قوله تعالى ﴿فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ﴾[الحجرات/9] أفتكون المقاتلة للباغي المؤمن بغير قتلى وجرحى؟ فكيف إذا كان الباغي كافرا ملحدا.
وقد أثنى الله تعالى على المجاهدين بما يحصل في ساحة القتال من قتل مُتبادل فقال سبحانه ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ﴾ [التوبة/111] وقال سبحانه ﴿فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ﴾ [آل عمران/195]
وامتدحهم سبحانه أن الإصابة بالقتل والجروح لا تؤثر فيهم ولا توهنهم، فكيف يسوغ لك يا برعي أن تعيرنا بها ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ﴾ لا[آل عمران/146] فأين أنت من تعاليم الكتاب والسنة وأين أنت من هدي القرآن في التعامل مع الجهاد والمجاهدين.
وماذا يعني عندك الجهاد في سبيل الله حينا عيرتنا بآثاره، كان الأولى بكم معرفة حقهم والإشادة بهم والدعاء لهم وتبشير أهاليم وذراريهم وإعانتهم على احتسابهم، لا تحزينهم وتعظيم مصيبتهم وتوبيخهم هذه طريقة أهل النفاق التي تخالف هدي القرآن، إذ أن هدي القرآن تسلية المسلمين في قتلاهم وجرحاهم وتبشيرهم وإدخال السرور عليهم.
وإليك مرة أخرى هذه الموعظة البليغة والتذكرة الجليلة
من سورة آل عمران وما حصل للمسلمين في غزوة أحد، وما بشر الله به المجاهدين والشهداء، وما سلى به المؤمنين، وما أنب الله به على المنافقين ليكون عبرة للمؤمنين قال الله تعالى:
﴿وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ * وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ * الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ * الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ * الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾ [آل عمران/166-173]
قال السعدي –رحمه الله تعالى-: (أخبر تعالى أن ما أصابهم يوم التقى الجمعان، جمع المسلمين وجمع المشركين في "أحد" من القتل والهزيمة، أنه بإذنه وقضائه وقدره، لا مرد له ولا بد من وقوعه. والأمر القدري -إذا نفذ، لم يبق إلا التسليم له، وأنه قدره لحكم عظيمة وفوائد جسيمة، وأنه ليتبين بذلك المؤمن من المنافق، الذين لما أمروا بالقتال، { وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله } أي: ذبا عن دين الله، وحماية له وطلبا لمرضاة الله، { أو ادفعوا } عن محارمكم وبلدكم، إن لم يكن لكم نية صالحة، فأبوا ذلك واعتذروا بأن { قالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم } أي: لو نعلم أنكم يصير بينكم وبينهم قتال لاتبعناكم، وهم كذبة في هذا. قد علموا وتيقنوا وعلم كل أحد أن هؤلاء المشركين، قد ملئوا من الحنق والغيظ على المؤمنين بما أصابوا منهم، وأنهم قد بذلوا أموالهم، وجمعوا ما يقدرون عليه من الرجال والعدد، وأقبلوا في جيش عظيم قاصدين المؤمنين في بلدهم، متحرقين على قتالهم، فمن كانت هذه حالهم، كيف يتصور أنهم لا يصير بينهم وبين المؤمنين قتال؟ خصوصا وقد خرج المسلمون من المدينة وبرزوا لهم، هذا من المستحيل، ولكن المنافقين ظنوا أن هذا العذر، يروج على المؤمنين، قال تعالى: { هم للكفر يومئذ } أي: في تلك الحال التي تركوا فيها الخروج مع المؤمنين { أقرب منهم للإيمان يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم } وهذه خاصة المنافقين، يظهرون بكلامهم وفعالهم ما يبطنون ضده في قلوبهم وسرائرهم.
ومنه قولهم: { لو نعلم قتالا لاتبعناكم } فإنهم قد علموا وقوع القتال.
ويستدل بهذه الآية على قاعدة "ارتكاب أخف المفسدتين لدفع أعلاهما، وفعل أدنى المصلحتين، للعجز عن أعلاهما" ؛ [لأن المنافقين أمروا أن يقاتلوا للدين، فإن لم يفعلوا فللمدافعة عن العيال والأوطان] { والله أعلم بما يكتمون } فيبديه لعباده المؤمنين، ويعاقبهم عليه.
ثم قال تعالى: { الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا } أي: جمعوا بين التخلف عن الجهاد، وبين الاعتراض والتكذيب بقضاء الله وقدره، قال الله ردًّا عليهم: { قل فادرءوا } أي: ادفعوا { عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين } إنهم لو أطاعوكم ما قتلوا، لا تقدرون على ذلك ولا تستطيعونه.
وفي هذه الآيات دليل على أن العبد قد يكون فيه خصلة كفر وخصلة إيمان، وقد يكون إلى أحدهما أقرب منه إلى الأخرى.
ثم بين فضيلة الشهداء وكرامتهم، وما منَّ الله عليهم به من فضله وإحسانه، وفي ضمنها تسلية الأحياء عن قتلاهم وتعزيتهم، وتنشيطهم للقتال في سبيل الله والتعرض للشهادة، فقال: { ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله } أي: في جهاد أعداء الدين، قاصدين بذلك إعلاء كلمة الله { أمواتا } أي: لا يخطر ببالك وحسبانك أنهم ماتوا وفقدوا، وذهبت عنهم لذة الحياة الدنيا والتمتع بزهرتها، الذي يحذر من فواته، من جبن عن القتال، وزهد في الشهادة. { بل } قد حصل لهم أعظم مما يتنافس فيه المتنافسون. فهم { أحياء عند ربهم } في دار كرامته.
ولفظ: { عند ربهم } يقتضي علو درجتهم، وقربهم من ربهم، { يرزقون } من أنواع النعيم الذي لا يعلم وصفه، إلا من أنعم به عليهم، ومع هذا { فرحين بما آتاهم الله من فضله } أي: مغتبطين بذلك، قد قرت به عيونهم، وفرحت به نفوسهم، وذلك لحسنه وكثرته، وعظمته، وكمال اللذة في الوصول إليه، وعدم المنغص، فجمع الله لهم بين نعيم البدن بالرزق، ونعيم القلب والروح بالفرح بما آتاهم من فضله: فتم لهم النعيم والسرور، وجعلوا { يستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم } أي: يبشر بعضهم بعضا، بوصول إخوانهم الذين لم يلحقوا بهم، وأنهم سينالون ما نالوا، { ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون } أي: يستبشرون بزوال المحذور عنهم وعن إخوانهم المستلزم كمال السرور
{ يستبشرون بنعمة من الله وفضل } أي: يهنىء بعضهم بعضا، بأعظم مهنأ به، وهو: نعمة ربهم، وفضله، وإحسانه، { وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين } بل ينميه ويشكره، ويزيده من فضله، ما لا يصل إليه سعيهم.
وفي هذه الآيات إثبات نعيم البرزخ، وأن الشهداء في أعلى مكان عند ربهم، وفيه تلاقي أرواح أهل الخير، وزيارة بعضهم بعضا، وتبشير بعضهم بعضا) اهـ.
* وأين كلامك يا برعي من قول الله تعالى ﴿وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [النساء/104]؟ فهكذا ينهانا الله تعالى عن الضعف في طلب الكفار، وإن حصل لنا ألم بالقتل والجراح، فإنهم يحصل لهم ذلك وأشد، فلا يليق أن تكونوا أضعف منهم، وأنتم تقاتلون لله وترجون الجنة وهم يقاتلون في سبيل الطاغوت ومآلهم إلى النار.
فهل فقهت يا برعي أنه لا بد من حصول الألم في الطرفين مع اختلاف العواقب والنوايا.
أو لم تعلم أن القتل والجراح حسنى كما أن النصر حسنى قال الله تعالى ﴿قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ﴾ [التوبة/52].
وما كان النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- يعير بالعاهات بل كان يبشرهم على ذلك، فلما قطعت يدا جعفر بن أبي طالب في غزوة مؤتة عوضه الله تعالى فجعل له جناحين يطير بهما في الجنة قال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: «دخلت الجنة البارحة فنظرت فيها فإذا جعفر يطير مع الملائكة» عن ابن عباس في صحيح الجامع 3363
وكان ابن عمر إذا سلم على ابن جعفر قال : السلام عليك يا ابن ذي الجناحين . رواه البخاري، تبشيرا لأهل الشهداء لا تحْزينا لهم.
وكانوا يستبشرون ويبشرون بالشهادة ويحزنون على فواتها ويتمنونها، بل ورغَّب النبي صلى الله عليه وآله وسلم في طلبها وأنت تشوه صورتها وتعيرنا بأصحابها، فهل هذا من الرسوخ في العلم وها هذا من العمل بالعلم، أم هي الأخرى.
فما أحوجكم لأن تستغلوا فراغكم وتتدارسوا هذه الآيات وتتمعنوا في معانيها وتنظروا في تفسيرها، فإن قلة العلم إذا اقترن معه التعالم ينتج منه العجائب ويكثر معه مُجانبة الصواب، والتخبط والاضطراب.
ومما يدل على شدة الحقد
أن هذا قيل مع النصر، فالله أعلم كيف هم صانعون بنا لو كانت الأخرى، مع أنه لو حصل فليس بعيب بل كله خير لقوله تعالى ﴿وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ [آل عمران/157] وقد حصل ذلك لمن هو أفضل منا ولم يكن منقصة في حقهم، والحرب سجال والأيام دول.
ومما يدل على عظيم الحقد
أنه عندما ذكر البرعي مًن قُتل في دماج قال: (اصطفاهم الله شهداء) ودعا لهم بالرحمة، وعندما ذكر جرحاهم قال: (نسأل الله أن يشفيهم) وهذا لا يدل على كبير شيء فإنه يقوله من يوالي الحوثيين ويعينهم، ثم إن الإعلام مُطبق على ذلك ...
لكن الذي أُريد أن أصل إليه أنه لما جاء إلى ذكر قتلانا وجرحانا في كتاف لم يُعرّج عليهم بشيء لا بدعاء ولا بثناء، وإنما بالتعيير واللمز، وعلى سبيل الشماتة والذم، وكأنهم أعداؤه، أو الله أعلم ماذا يعتقدون فيهم، وما حالهم عنده؟ ﴿يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ﴾.
وهنا أجد نفسي مُضطراً لأن أسأل البرعي هذا السؤال:
ما حال هذ القتال الحاصل في كتاف؟
* أهو جهاد في سبيل الله أم في سبيل الطاغوت؟ وقد قسم الله القتال في كتابه إلى قسمين فقال: ﴿الَّذِينَ آَمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا﴾ [النساء/76] فمن أي الطائفتين إخوانك في كتاف.
* وهل هذا القتال مشروع أو محرم؟ فإذا كان مشروعا فلم هذا التحامل ولم هذه الكراهية كلها، وصل بك الحد أن لالا أن تذكر إخوانك بالخير والدعاء، ما طابت نفسك بذلك.
* وهل هذا القتال عن عقيدة، أم على دنيا وأراضي ومناصب، أو من أجل جبل البراقة؟ حتى قال بعضكم: القضية هي جبل والدم أغلى من الأرض.
* أم هل تعتقدون أن إخوانكم في كتاف بُغاة مُعتدون كما تقوله الرافضة؟ فإذا كانوا بغاة فهل بغيهم على مسلمين فيستحقون هم أنُ يُقاتَلوا؟! وهذا هو الأرجح، كيف لا، وقد خطب بعضكم بحرمة دماءهم وأموالهم وأعراضهم، بل لما جاءه بعض أهل كتاف فقال له: كم مسلما قتلته في كتاف ؟! للأسف أوصلهم علمهم إلى ما يظنه بعض العوام أن القتال مع الرافضة، قتالٌ لمسلمين، وأهل السنة من قديم وهم يدندنون أن القتال معهم قتال بين إسلام وكفر، لما عندهم من الكفر البواح ما يربوا على كفر اليهود والنصارى.
فنخشى بعد أيام أن تصدُر فتوى بقتال أهل السنة في كتاف على أنهم بغاة مُعتدون، ولا نستبعد والأيام حبلى تلد كل عجيب غريب.
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا
ويأتيك بالأخبار من لم تزود
فنريد أجوبة عاجلة لهذه التساؤلات من البرعي حتى ينكشف لنا المغطى.
بيان تلبيس البرعي وتقليبه للحقائق
لم يجد البرعي بُداً من التلبيس وتقليب الحقائق لأمور: منها الاستنصار لأنفسهم وتحسين صورتهم التي قد تشوهت، وتبرير أنفسهم مما لزق بهم، ولتدعيم مواقفهم المخزية ولو بأوهى من خيوط العنكبوت، ولا بد أن يَظهر المُبطل بثياب الناصح، ليتسنى لهم الخروج من المآزق التي وقعوا فيها، وليُكفِّروا عن تخبطاتهم عند مقلديهم ولكن بغير طريق شرعية، والأمر أيسر من ذلك.
فلما لم تكن لهم حُجة لجأوا إلى التلبيس وتقليب الحقائق على أنها حُجج، فمن ذلك:
حصر القضية في الصلح
فما أكثر ما كان يُدندن البرعي ومن معه بقضية الصلح (اقبلوا الصلح، أنتم ما تريدون الصلح، لماذا لاتقبلوا الصلح ...) سواء ما كان يتعلق بدماج أو بكتاف، حتى حصروا القضية والحرب في الصلح كما كانت تفعل بعض اللجان العميلة، ولا أدري هل يفعلون ذلك لأنهم ما فهموا الأمر على حقيقته، أو أنهم يتجاهلون الحقيقة مع علمهم به ولعل هذا هو الأرجح؟!.
وكلاب الرافضة كانوا يريدون منا الخضوع لهم كما صرحوا بذلك، ويسمونه مصالحه.
ويريدون منا ترك الحراسة في الجبل الذي يشرف على بيوتنا، فيطالبوننا بالخروج منه ويسمونه مصالحة.
ويريدون منا ترك حراسة الدار وملحقاتها، ولا حراسة إلا على أبواب المسجد فحسب ويسمونه مصالحة.
ويريدون منا ما سموه بترك المظاهر العسكرية –بمعنى: وضع السلاح- ويسمونه مصالحة.
ويريدون منا ما سموه بالتحريض الإعلامي وترك إنكار المنكرات ولو كانت كفرا محضا بواحا، ويسمونه مصالحة.
هذه من أهم مطالبهم ولهم مطالب أخرى.
فإذا صالَحْناهم على ذلك فقد بحثنا عن حتفنا بظلفنا، وحكمنا على أنفسنا بالإعدام ودارنا بالإغلاق، وسهّلنا للكلاب غزونا واستئصالنا بغير خسائر أنفسٍ منهم، وكنا لهم لقمة سائغة لافتراسنا لكن أنى لهم ذلك، إلا إذا مشينا على إرشادات البرعي ومن معه فيُمكن!!.
فهل آن الأوان يا برعي لأن تعقل وتتعقل، فإن أبيت فإنما تُسيء على نفسك.
فهل أنت يا برعي ومن معك مُكلف من جهة مُعينة لنخضع للحوثي، ونستسلم للأنذال؟ وهل الصلح عندكم بمعنى الانهزام والاستسلام؟ وهل الصلح عندكم هو تنفيذ مطالبٍ من جهةٍ واحدة دون الأخرى؟ وهل أهل السنة عندكم وصلوا إلى هذا المستوى في الضعف والذلة حتى يستسلموا للحوثي؟ وهل الصلح عندكم بمعنى قبول تحكمات الرافضة؟ فهل ترضون لنا بذلك كله؟ أجيبونا وإلا فكفوا عنا أذاكم.
ولكنه بحمد الله لما صمد الأبطال في دماج، وأعرضوا عن زبالات أفكار الحاقدين المخذلين، عصم الله الدار وأهلها، ثم كان النصر حليفهم، فحصل عكس ما كان يتمنى الرافضة تماما.
ثم في كتاف كان الحوثيون يريدون بالمصالحة، ترك مُقاتلتهم، وبقائهم في بعض المواقع في دماج التي لم يخرجوا منها إلى الآن، وترك المطالب التي تضمن الأمان لأهل دماج منهم، ويريدون به انفضاض الجبهة وتلاشيها، ليتسنى لهم الانتقام ممن كان السبب في قيامها، ليقطعوا الطريق على أهل النصرة مرة أخرى، إلى غير ذلك مما كان يدبر له الحوثيون، وما كانوا يودون أن يوقعوا على شيء من الشروط فلما تم الإصرار وقعوا.
إظهاره أن القضية فيها اختلاف مُعتبر
إظهاره لمسألة النصرة، ومقاتلة الباغي في هذه القضية أنه أمر حصل فيه الخلاف وعند النظر والتأمل لا ترى أثرا للخلاف المزعوم، مَن خالف؟ الجواب: اللجنة الرباعية، وخلافهم غير مُعتبر، لمخالفته لما تقتضيه نصوص الكتاب والسنة من نصر المظلوم وإغاثة الملهوف وقتال البغاة مسلمين كانوا أو زنادقة، وما وَضع خلافهم في الاعتبار إلا من التضخيم لأنفسهم ولقول الباطل، ومن هم حتى يُلفت إليهم.
ما أنت بالحكم الترضى حكومته
ولا الأصيل ولا ذي الرأي والجدل
وليس كل خلاف جاء معتبرًا
إلا خلافًا له حظ من النظر
والحق أن المسألة واضحة، ولهذا أفتى فيها العلماء الأجلاء بمقتضى الكتاب والسنة ومن هؤلاء:
العباد واللحيدان والفوزان والشيخ ربيع والشيخ يحيى والسحيمي والشيخ محمد بن هادي المدخلي، ومشايخ آخرون، بل وبعض الجماعات الأخرى المخالفة لأهل السنة كذلك أفتوا بالنصرة.
ثم أراد البرعي أن يفعل موازنة ومساواة بين فتوى العلماء المبنية على الدليل وبين رأيه المبني على العقليات والتخرصات، وشيء في النفوس، وجعل كل ما قيل من قِبل الرأي لا من جهة الدليل، فقال (لهم رأيهم، هم طلبة علم ونحن طلبة علم).
أين ديدنتكم بالأكابر، كونوا مع الأكابر؟! أم هي نغمة تُستخدم أحيانا للحاجة، فلما لم يكن لها وجود-أي الحاجة- حُذفت هذه النغمة، بالأمس الأكابر، واليوم: (نحن طلبة علم وهم طلبة علم، ولسنا مُلزَمين بتقليدهم) سبحان الله، فإن ما زلقوا فيه اليوم، كانوا يتهمون غيرهم به ويطعنون فيهم لأجله، إضافة إلى وقوعهم في مصادمة الكتاب والسنة.
ما الحامل لك يا برعي على التخذيل وعلى الإصرار على مخالفة أهل العلم؟
قال: (نحن نعايش ما لا يُعايشون ونرى ونسمع ما لا يسمعون).
أخفتنا أيها البرعي، أبن لنا ماذا عايشت، وما ذا رأيت وسمعت، نبئنا به، حتى نؤول إلى ما آلت إليه أفكارك وعقلك، وددنا أن تُسمعنا ما سمعت وترينا ما رأيت وتخبرنا بما عايشت، وليكن ذلك بكلمة إرجاف أخرى.
قلت: دعنا يا برعي من هذا الهراء فوالله لو تعايشت مع تعاليم الكتاب والسنة، وتأملت في ذلك بقلب سليم، لوسعك ما وسعهم.
ولكن، عفوا هنا نخالف ونعترض ، أو على الأقل نقف، وإن قامت الحجة! لماذا، ما الذي حصل؟! القضية لها تعلق بدماج وأهل دماج ولهم ولنا شأن.
فهلا جاهدت نفسك ونقيت قلبك وغسلته من أدران الحقد والغل، فهذه هي رقيتك.
فصل دماج عن كتاف
وتفريقه بين حرب دماج وحرب كتاف، وهما شيء واحد وما قامت كتاف إلا لدماج وما قامت دماج إلا بفضل الله ثم كتاف، فدماج كتاف وكتاف دماج.
فقام البرعي بتقسيم الحروب إلى ثلاثة أقسام متباعدة: (حرب الحكومة للحوثيين وحرب أهل دماج وحرب أهل كتاف) وجعل لحرب كتاف حكما مستقلا، وهذه من المغالطات والتلبيسات، ومعلوم أنها حرب واحدة، أهدافهما واحدة وعدوهما واحد وغرضهما واحد، والدافع لهما واحد، ناداهم أصحاب دماج للقيام معهم فقاموا.
وأهل دماج قالوا بالإجماع: (لولا الله ثم أهل كتاف، لما كان ما كان).
فلم المغالطة يا برعي أوَتظن أن الناس لا يعقلون أولا يفهمون؟!
زعمه أن الانتصار للمستنصر من المنكرات وليس من فعل الخيرات
ومن تلبيسه وتقليبه للحقائق أنه اعتبر أن الانتصار لإخواننا الذين طلبوا النصرة، وأن إغاثتهم والتعاون على تخليصهم من وطأة الأنذال، زعم أن فعل ذلك من المنكرات لا من فعل الخيرات، فقال كذبا وزورا (هذا لا يعود على دعوة أهل السنة بالنفع بل يعود عليهم بالضرر).
تَرْكُ أهل دماج نفعٌ، ونصرُهم ضرر، كيف يمكن أن يُستساغ هذا، فهل هذا آخر حكم يا برعي أم أن القضية تحتمل الاستئناف إلى محكمة أخرى؟!.
فعلى هذا ففعل أهل كتاف منكر وحرام، والعلماء يقولون واجب، وتارة يقول: جهاد، لكنه جهاد طلب، وبعد ذلك يقول ما ثبطنا أحدا؛ ما هذا التخبط كله؛ وكيف يتم لنا الجمع بين ذلك كله.
أبعلم تقول هذا أبن لي
أم بجهل فالجهل خلق السفيه
الحمد لله الذي عافانا مما ابتُلى به هؤلاء، مجانبة الحق ومضادته له عواقب سيئه على العبد، ومن ذلك حرمان التوفيق.
وهل يكون الضرر فيما شرعه الله من نصرة المظلومين؟! عجباً!! الأوامر الشرعية بالعقل ومقاضاة الأغراض تنقلب إلى أضرار، ثم تُحمَّل المسؤولية على ظهر (المصالح والفاسد).
ما الذي داهمك يا برعي حتى جعلك تخبط خبط عشواء، وتخوض بحارا لا تُحسن السباحة فيها؟
قال: (المصالح والمفاسد) وكأنه لبس نظارة المفاسد والمصالح مقلوبة، فاختلطت عليه الأمور، حتى صار الصالح عنده فاسدا والمعروف منكرا، فإنا لله وإنا إليه راجعون، أحسن الله عزاءنا فيك يا برعي الزمان، مَنْ لنا ببارعٍ بعْدك.
تقليليله لخطر الرافضة وإحسان الظن بهم
حين زعم أنه إن حصل منهم غدر فثلاث في السنة، بمعنى استسلموا واخضعوا لهم وتحملوا غدراتهم ولو أدَّت إلى عشرات ومئات القتلى فلا تردوا عليهم، هذا خير لكم من حرب مستمرة، فلأن يُقَتِّلونكم بالغدر خير من أن يُقَتِّلونكم بالحرب، ولن يلومكم أحد إنما اللوم سيكون على الرافضة –وكأن اللوم يقوم مقام الدية-المهم تسلمون من اللوم فهذا هو النصر عند البرعي، السلامة من اللوم-.
قال البرعي –الذكي- وهو يلومنا على عدم قبول الصلح الأخرق: (وكنا نقول ولا نزال أن الرافضة غدرة لا ذمة لهم، ولكن لتحصل غدرة غدرتان ثلاث في السنة اللوم عليهم، خير من حرب استنزافٍ مستديمة على مدى العام) اهـ.
الله المستعان يا برعي، للأسف وبعد هذا التحضير كله يخرج مثل هذا الكلام؛ إذاً أنت لا تحسن الكلام، فيا ليتك تسكت خير لك، فلا تُقحم نفسك في مجالات أكبر منك، ولا تُحسن الخوض فيها، وما أجدرُ أن يُقال فيك: (ليس بعُشَّك فادرُج إلى خُشَك) مَثَل يضرب لمن دخل في شيء لا يحسنه.
فدع عنك الكتابة لست منها
ولو سودت وجهك بالمداد
* اسأل أهالي صعدة والجوف وحجة، عن حجم وكمية وعدد غدرات الرافضة، لملأوا لك الدفاتر بكلمات إنصافٍ حقاً.
* وكم تظن بعقلك الراجح أن يُقتل منا في الغدرة الواحدة، فإذا كانت ثلاث فكم الناتج؟! -انتبه- فلقد قدرت عدد الغدرات في السنة، ولم تُقدر عدد القتلى في كل غدرة، وهذا تقصير واختصار مخل.
* وهل وعدك عبد الملك الحوثي أو أبو علي الفاسق –زعيما الرافضة- وتعهد لك أنه لا يزيد على ثلاث غدرات في السنة؟! لا بدُ أن توثق هذا الوعد بكتابة وتوقيع، وأن توثقه في المحكمة، أويكون تحت نظر الأمم المتحدة !.
* وهل هانت ورَخُصت عليك دماء أهل السنة وحُفَّاظ القرآن والسنة التي تسفك في الغدرات؟!.
* وهل أهل السنة قد وصلوا عندك إلى آخر حد في الضعف والذلة والانهزام؟ ليجلسوا تحت رحمة غدرات الرافضة، إذاً أسأت الظن بنا، وأحسنته فيهم.
* وهل يجوز عندك أن يُقتل في الغدرة الواحدة العشرات والمئات؟! أم إحسان الظن بهم الواسع يمنع ذلك، أو هل أحطت من الغيب شيئا يرد ذلك؟ ﴿أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا﴾.
* أفيكون ذلك كله يا برعي خير من إقامة شعيرة الجهاد، وخير من نصر المظلومين؟! أين طار عقلك؟!.﴿كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا﴾.
كتاف كاسمها كتاف
ومن تقليبه للحقائق وتلبيسه، إظهارُ الأمر على خلاف الواقع، ومن ذلك تعظيم أمر الرافضة وتضخيمهم ووضعهم في منزلة أرفع منهم وقد فُضحوا بهذه الحرب أيما فضيحة وعرف الناس حقارتهم وهوانهم وضعفهم وفرارهم و...
* فهل أنت يا برعي جنَّدت نفسك دعاية لهم وإعلاما؟!.
* دعهم هم يقولون هذا ليس أنت، ومع ذلك لم يصدر منهم ذلك لأنهم يعلمون أنهم أهون من ذلك.
* قال البرعي المُضخم –الذي زعم أنه ما كان يتكلم ثم الآن شهد على نفسه أنه كان يتكلم فقال- : (وكنا نقول لهم في بداية الحرب: إن كتافا كاسمها كتاف، لن تتجاوزوها، ونحن لا نعلم الغيب، ولكننا نفكر كما يفكر الناس، ونعلم في مطالع الأمور ما نتوقعه في عواقبها).
* الله أكبر أيها البرعي أنت بهذه المنزلة وما ندري، عفوا قصَّرنا في حقك.
* اترك هذه الزمجرة يا برعي، واعرف قدر نفسك، فلست العالم الذي لا يُشق له غبار، ولا يُراجع له حوار، ورحم الله امرأ عرف قدر نفسه.
* فوالله ما ندري ما الذي جعل هذا الرجل يعظم بأس الرافضة هذا التعظيم؛ هل أثر فيه الإعلام وكأنه مُشغف بمتابعة إعلامهم حتى أثر فيه.
ولكن بحمد الله القتل الذريع فيهم، والهزيمة تلو الهزيمة، التي تجرعها الرافضة في كتاف تُكذب الإعلام الرافضي والتضخيم البرعي، وتُظهر هَوَان الرافضة وضعفهم، وكأن البرعي –أصلحه الله- لا يُتابع أخبار المجاهدين في جبهة كتاف، ولعل السبب أنه لا يوجد له مثله في كتاف، كما وجد له مثيلا في دماج.
* ثم من أنبأك يا برعيِ الزمان، أن الأنصار في كتاف كانوا مخططين، لأن يتجاوزوا كتاف وما بعد كتاف؟! وماذا سيصنعون بصعدة إذا احتلوها؟! إخواننا ما قاموا ليحتلوا، وإنما ليناصروا ويدفعوا.
زعمه أنه كان بإمكان أهل دماج شراء الغذاء أيام الحصار
ومن تلبيسه وتقليبه للحقائق زعمه أنه كان بإمكان أهل دماج شراء الغذاء أيام الحصار، وتالله لقد أجمع أهل دماج قاطبة أن ذلك غير ممكن أبدا وأن هذا من الكذب، والذي حمل البرعي على هذا عدم تفهمه للأمر وإحسانه الظن بالرافضة، وقد تقدم الجواب مفصّلا على ذلك مع نقل كلام البرعي.
أن هذا الجهاد جهاد طلب
وهم ينكرون أن يكون هذا جهاد أصلا، لأنهم يرون عصمة دماءهم، والآن يقول جهاد لكن جهاد طلب، والمقصود أن هؤلاء يتقلبون في الكلام لإبعاد أكثر قدر ممكن عن ساحة الجهاد، فمن اقتنع أنه جهاد، احتاجوا لأن يقولوا لهم هو جهاد لكنه طلب بمعنى أنه ليس في الوجوب مثل جهاد الدفع.
قال البرعي: (القضية الثالثة قضية كتاف: وهو جهاد طلب وحرب طلب، واقتنعوا أنه جهاد وهو طلب ليس بدفع) وبعد ذلك قال: هذا الفعل غير صحيح فيه ضرر، والآن يُقِر أنه جهاد، وكأن إقراره الآن ليهون من أمره عند من اقتنع أنه جهاد، فقال: (هذا لا يعود على دعوة أهل السنة بالنفع بل يعود عليهم بالضرر).
أقول: إذا كان جهاد طلب، فهو من أجلِّ شعائر الإسلام فلماذا التنفير عنه، ولماذا لا تحث عليه؟.
* وهذا الإقرار منكم يحكم على فعلكم إذا بالتخذيل.
* وتالله ما خرج المناصرون من بيوتهم إلا لدفع عدوان الرافضة عن أهل دماج وكف شرهم وصد عدوانهم.
* وكم للرافضة من السنين منذ قامت فتنتهم، فلو كان أهل السنة يطلبون الرافضة –كما تزعم- لخرجوا من ذلك الوقت، لا الآن.
* ولهذا ما كان من إخواننا إلا أن ثبتوا في أماكنهم وتتوالا اعتداءات الرافضة عليهم وإخواننا يحصدونهم.
* وكيف يكون جهاد طلب والبلد بلد مسلم وأهله مسلمون إلا أن هؤلاء الأنذال الزنادقة رفعوا عقيرتهم مستغلين انفلات الأوضاع.
محاولة تشويه حال الجبهة وتصويرها بصورة منفرة
فكان يتكلف في البحث بقدر ما يستطيع عما يشوه صورة الجبهة وقيامها، ليضع من قدرها ويهون من شأنها، كأنها ألعوبة، فتارة يزعم أنهم داخلون في حرب غير مدروسة، وتارة يصور حال قيامها بالعرس، وتارة يزعم أن أهل السنة حينما يدعون الناس إلى الجهاد يدعونهم بطريقة عشوائية، فقال: (يسجلون للجهاد أناسا ما شاركوا في حروب قط، ولا عرفوا شيئا عن الحروب، ما بين فلاحين وعمال وطلاب ومدرسين وما شابه ذلك) ولعله نسي أن يُضيف إلى قوله قولَ حبيبه عبد الرحمن مرعي حينما زعم أن أهل السنة يأخذون الأطفال من أحضان آباءهم ويرمون بهم في ساحة القتال في الأمام والمرتزقة جالسون يتأكلون في المؤخرة).
أقول:
* أولا: الانتصارات التي حققها الأنصار في كتاف والجهد الذي أبلوه، يدل على أن الذين قاموا كانوا أهلا لذلك، فأربع على نفسك يا برعي.
* ثانيا: لو تفضلتم يا برعي الزمان، أبينوا لنا ما هي الشروط عندكم التي يصلح بها الشخص للجهاد، وكم سنة يحتاج لأن يكون مؤهلا لذلك.
* ثالثا: كفى سخرية يا برعي وكفى احتقارا واستهزاء أهكذا تصف روَّاد الجبهة، وتقلل من شأنهم وقد نفع الله بهم.
* رابعا: هذا الكلام من البرعي يعد إعلانا عن صدور العفو العام لمن كان حاله كما وصف البرعي ويندرج فيهم من شابههم، أنهم معفوٌ عنهم، وأنهم معذورون من الجهاد في سبيل الله، وليقعدوا مع الخالفين حتى يأتي الإذن والقبول من سماحة الوالد الإمام البرعي.
* فمن أبقيت لساحات القتال إذاً؟! خاصة وأنت قد ضيقت الخناق حينما قلت (ومن شابههم) حيث سيندرج فيهم بقيت الشعب اليمني.
* والأمر سهل يا برعي لا يحتاج إلى هذا التخبط كله، ولا يحتاج إلى بث الإشاعات الكاذبة، فمن كان يحسن استعمال السلاح قُدِّم وهم الأكثر، ومن كان لا يُحْسن دُرِّب ثم قُدِّم وبهذا تزول شبهة البرعي وتذوب حِنكته.
* فما هي إذا المصيبة التي أرعدت لها؟!.
ومن هذا الباب
ونحن في أيام الحرب، يَظْهر البرعي بمظهر الغيرة، وأن الجبهة قد شُحِنت بالحزبيين وأهل البدع فخاف على من يخذلهم أن لا يرجع أحدهم من الجبهة حزبيا أو جهاديا أو حسنيا.
والأمر خلاف ما يزعمه هؤلاء، وإن شارك أحد منهم راغبا في الجهاد مع الالتزام بالضوابط الشرعية، لم يُمنع، والحرب بين إسلام وكفر، -واسمح لي يا برعي ويا ريمي أن أُعَّبِر بهذا التعبير، وأنا أعلم أنه لا يرضيكم- ولكني أؤكد وأقول قتالنا للرافضة قتال بين إسلام وكفر محض- رضي الريمي والبرعي أم أبيا.
ثم اعلم أن من شارك منهم في الجبهة فلا ناقة لهم في الجبهة ولا جمل، ولا يُمكنون شيئا من مسؤوليات الجبهة، ولا يُمكن أحد من بث شيء من الأفكار المنحرفة، ثم هم عدد قليل جدا جاءوا في فترة يسيرة وذهب أكثرهم، وكثير منهم نوصحوا وبعضهم رغبوا في السنة وقرر الذهاب إلى دماج، فتم استغلال هذه الفرصة لدعوتهم للسنة فحصلت في الجبهة مصالح عظيمة مختلفة يا أصحاب النظارات السود.
فما هو الذنب الذي ارتكبناه إذاً؟! ولقد قيل:
لا تقل عن عمل ذا ناقص
جد بشيء ثم قل ذا أكمل
وقيل
أقلوا عليهم لا أبا لأبيكم
من اللوم أو سدوا المكان الذي سدوا
زعمه أنه لم يثبط أحدا
وهذا من مغالطات البرعي.
وهم جادون شغالون في الصد والتخذيل والتنفير و... فلما أسقطهم ذلك من أنظار من يغتر بهم، وتم الرد عليهم، قالوا: نحن ما ثبطنا أحدا، وما منعنا أحدا، وكلامه معلوم ومسجل، ويُكَذِّبُه أيضا من أفتاه وخذله، وهو أيضا يُكذب نفسه في نفس الكلمة ويقول: (وكنا نقول..، وكنا نقول..، ومن استفتانا أفتيناه بما يقربنا إلى الله وما الذي يقربك؟! الجواب: أن هذه الحرب ضرر لا نفع) ثم الآن يقول: لا، لم نقل.
* فكيف نجمع بين هذه التناقضات الموجودة في صفحة واحدة؟!
* يتكلم بكلام في أول الصفحة ثم ينقضه في آخرها!!
* أراد أن يخرج من المأزق الذي وقع فيه فوقع في مأزق أشد منه، ويريد أن يُكفِّر عن صغيرة بكبيرة!!
* ويريد أن تشفع له هذه الكلمة فخانته فانقلبت عليه!! وخر عليه السقف من فوقه، فتحطم بنيانه عليه ﴿يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ﴾.
ما يبلغ الأعداء من جاهل
ما يبلغ الجاهل من نفسه
إذاً فلا مخرج لكم من هذه المآزق إلا الصدق مع الله عز وجل والتوبة النصوح، وإذا أشكل عليكم شيء رجعتم إلى مشايخ أهل السنة وهم سينيرون لكم الطريق بإذن الله تعالى، خير لكم من التخبط والتخليط.
تلخيصه لثمار الجبهة بما يقوله المنافقون
ومن تلبيسه وتقليبه للحقائق أنه شرح ثمار الجبهة وفوائدها بشرح قبيح يشبه كلام المنافقين الذين يزهدون في الجهاد في سبيل الله، فأخرج للجهاد صورة قبيحة تخوف من الجهاد، وتظهر الجهاد بمظهر وحشي كما يفعل المستشرقون، فاسمع ما قال، وستقول: نعوذ بالله من الخذلان ونعوذ بالله من النفاق.
ماذا رأيتم يا برعي من ثمار الجبهة؟! قال: (التضحية بمئات القتلى، إضافة إلى أكثر منهم من الجرحى والمعوقين وأصحاب العاهات المستديمة، إضافة إلى ما خلفته الحرب من أيتام وأرامل وثكلى، ورب قتيل هو وحيد أسرة ليس لدى أهله من يقوم عليهم سواه).
وقد سبق التعليق على هذه الطامة في أوائل الكلام...
وقد سبق أيضا (ذكر الثمار الزهية لجبهة كتاف السلفية) .
وختاما أحمد الله سبحانه وتعالى على توفيقه وامتنانه وإعانته لنا على إتمام المقصود، فأسأله سبحانه كما وفقني لذلك أن يتقبل مني هذا العمل وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم، إنه هوالسميع العليم.
﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾
كتبه: أبو إسحاق الشبامي أيوب بن محفوظ الدقيل.
الأحد 14 ذو القعدة 1433هـ.
بمدينة شبام التأريخية.
تعليق