• If this is your first visit, be sure to check out the FAQ by clicking the link above. You may have to register before you can post: click the register link above to proceed. To start viewing messages, select the forum that you want to visit from the selection below.

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

(الحلقة الثالثة) البيان لما اشتمل عليه البركان وما في معناه من زخارف وتزيين الشيطان

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • (الحلقة الثالثة) البيان لما اشتمل عليه البركان وما في معناه من زخارف وتزيين الشيطان

    البيان لما اشتمل عليه البركان وما في معناه من زخارف وتزيين الشيطان

    رد على فوزي البحريني المنعوت زوراً بالأثري

    [ الحلقة الثالثة ]

    بسم الله الرحمن الرحيم

    هل قال ربيع: العمل شرط كمال في الإيمان؟

    قال البحريني في (ص39) بعد افتراءاته السابقة: " فأولاً: فهو الذي يقول بأن الأعمال شرط كمال في الإيمان".

    أقول: إن هذا لمن أعظم أكاذيبه وافتراءاته، فأنا من أول من حذر من هذا القول وزجر من القول به وآخرهم وإلى اليوم وإلى غد - إن شاء الله – أحذر منه، وقد رددت عليه في هذه الفرية مراراً، فمن أقوالي في التحذير من القول بشرط الكمال ما يأتي:

    أولاً- قلت في مقالي "هل يجوز التنازل عن الواجبات مراعاة للمصالح والمفاسد وعند الحاجات والضرورات": "ويعلم الله أنني أول من حذر من هذا القول من قبل صدور كتاب خالد العنبري ونشره وأنني حذَّرت العنبري وطلبت منه حذفه من كتابه، ولما جرى فيه الأخذ والرَّد كنت ممن يحذر من استخدامه أو الخوض فيه وأحضُّ من يجادل فيه على التمسك بتعريف السلف للإيمان .

    وما كان لفالح في هذه الأمور فيما أعلم - ناقة ولا جمل- وإنما أثارها هذه الأيام على الوجه الذي حكيته عنه للشغب والفتن والتبديع بالأكاذيب والأراجيف"، انظر المجموع الواضح (ص367).

    ثانياً- وقلت في المقالة الثالثة من مقالاتي في جنس العمل: "وموقفي هذا يتمشى مع منهج القرآن العظيم والسنة الحكيمة، ومع منهج السلف الصالح في سد الذرائع ودرء المفاسد، وأحض كل سلفي صادق على التمسك بما قرره السلف من أن الإيمان قول وعمل واعتقاد، قول القلب واللسان، وعمل القلب واللسان والجوارح.

    وقد حذرت-قبل الناس ولا أزال أحذر- من القول بـ: أن العمل شرط في صحة الإيمان عند الخوارج، وشرط في كمال الإيمان عند أهل السنة"، انظر المجموع الواضح (ص446).

    ثالثاً- وقلت في المقالة الثالثة من مقالاتي في جنس العمل": "وأنا أول من حذر من قول بعض الناس: "العمل شرط في صحة الإيمان عند الخوارج، وشرط كمال عند أهل السنة"، وطلبت من "خالد العنبري" حذف هذا الكلام من كتابه لما يترتب عليه من الفتنة، وطلبت منه أن يبدله بما قرره السلف: "الإيمان قول وعمل واعتقاد...". الخ، ولا أزال ثابتاً على هذا القول، ومن نسب إليَّ غير هذا فهو من أكبر البهاتين المفترين"، انظر المجموع الواضح (ص460).

    رابعاً- وقلت عن فالح في مقالي "كلمة في التوحيد": "يتلوَّن كالحرباء في قضية الألباني وغيرها ثم أخيراً جهر بأنَّ ربيعاً قلَّد الألباني في قضية الإرجاء وفي قضية الأعمال شرط كمال فأنا والله حاربت عبارة( الأعمال شرط كمال ) فيما أعتقد قبل الناس جميعاً ولا أزال على ذلك وأعتقد أنَّ هذا حصل مني عام 1415هـ . والذي نهيته عن قول الأعمال شرط كمال قلت له حينذاك ليس هذا تعريفاً لأهل السنَّة عليك بتعريف أهل السنَّة والجماعة للإيمان بأنَّه :( قولٌ وعملٌ واعتقاد يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية: قولُ القلب واللِّسان وعملُ القلب واللِّسان والجوارح )"، انظر المجموع الواضح (ص504).

    خامساً- وقلت في مقالي "كلمة في التوحيد": "أنا-والله- استنكرت هذه العبارة من غيره قبل أن يقولها الألباني -رحمه الله- هذه العبارة هي:( العمل شرط كمال في الإيمان ) .

    وابن باز-رحمه الله- يشاركه شيئاً ما ,سألوه عن العمل هل هو شرط كمال أو شرط صحة ؟ قال: منه ما هو شرط صحة كالصلاة- وعندي قال-: وأعمال القلوب وعند غيري قال:الصلاة ,من الأعمال ما هو شرط صحة مثل الصلاة وما عداها كلها شرط كمال"، انظر المجموع الواضح (ص502) .

    وهذا العلامة الشيخ ابن باز –رحمه الله- يقسم العمل إلى شرط صحة وإلى شرط كمال، قال عصام السناني في كتابه " أقوال ذوي العرفان" (ص146-147):

    " الثالث : يقول الأخ عبد العزيز بن فيصل الراجحي في جريدة الرياض :

    وقد سألت شيخنا الإمام ابن باز -رحمه الله- عام (1415هـ) ـ وكنا في أحد دروسه -رحمه الله - عن الأعمال : أهـي شـرط صحـة للإيمان ، أم شرط كمال؟

    فقال -رحمه الله- : من الأعمال شرط صحة للإيمان، لا يصح الإيمان إلا بها كالصلاة ، فمن تركها فقد كفر. ومنها ما هو شرط كمال يصـح الإيمـان بدونها ، مع عصيان تاركها وإثمه.

    فقلت له -رحمه الله- : من لم يكفر تارك الصلاة من السلف ، أيكون العمل عنده شرط كمال ؟ أم شرط صحة ؟

    فقال : لا ، بل العمل عند الجميع شرط صحة ، إلا أنهم اختلفوا فيما يصح الإيمان به منه ؛ فقالت جماعة : إنه الصـلاة ، وعليـه إجماع الصحابـة -رضـي الله عنهم- ، كما حكاه عبد الله بن شقيق. وقال آخرون بغيرها. إلا أن جنس العمل لابد منه لصحة الإيمان عند السلف جميعاً. لهذا الإيمان عندهم قول وعمل واعتقاد ، لا يصح إلا بها مجتمعة)ا.هـ.

    (نقلاً عن جريدة الرياض - عدد 12506في 13/7/1423هـ)".

    حاصل كلام الشيخ ابن باز –رحمه الله- أن الأعمال قسمان:

    1- منها ما هو شرط صحة للإيمان، لا يصح الإيمان إلا بها، كالصلاة فمن تركها فقد كفر.

    2- ومنها ما هو شرط كمال، يصح الإيمان بدونها، مع عصيان تاركها وإثمه.

    3- واضح من كلامه سياقاً وسباقاً أنه يريد بجنس العمل ما يصح به الإيمان كالصلاة، وليس مراده بجنس العمل الأعمال كلها، فهذا مما يبطل تفسير الحدادية أن المراد بجنس العمل: العمل كله.

    وللشيخ ابن باز –رحمه الله- قول آخر ينكر فيه أن يكون العمل شرط صحة في الإيمان أو شرط كمال، ويقول فيه: " إن العمل جزء من الإيمان".

    قال عصام السناني في " أقوال ذوي العرفان" (ص144-145):

    " الثاني : قال الشيخ في حوار مع مجلة المشكاة :

    -المشكاة: ذكر الحافظ ابن حجر في الفتح عندما تكلم على مسألة الإيمان والعمل، وهل هو داخل في المسمى ، ذكر أنه شرط كمال ، قال الحافظ : (والمعتزلة قالوا : هو العمل والنّطق والاعتقاد ، والفارق بينهم وبين السّلف أنّهم جعلوا الأعمال شرطاً في صحّته والسّلف جعلوها شرطاً في كماله).

    فأجاب الشيخ : لا ، هو جزء ، ما هو بشرط ، هو جزء من الإيمان ، الإيمان قول وعمل وعقيدة أي تصديق ، والإيمان يتكون من القول والعمل والتصديق عند أهل السنة والجماعة.

    -المشكاة : هناك من يقول بأنه داخل في الإيمان لكنه شرط كمال ؟

    -الشيخ : لا ، لا ، ما هو بشرط كمال ، جزء ، جزء من الإيمان . هذا قول المرجئة، المرجئة يرون الإيمان قول وتصديق فقط ، والآخرون يقولون: المعرفة. وبعضهم يقول : التصديق . وكل هذا غلط. الصواب عند أهل السنة أن الإيمان قول وعمل وعقيدة، كما في الواسطية ، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية".

    أقول: وهذا الذي نقوله دائماً، ونحض الناس على التمسك بقول السلف: "الإيمان قول وعمل واعتقاد، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية".

    وذلك أنكم ترمون بالإرجاء وتحاربون من لا يقول العمل شرط كمال في الإيمان ويحذر من القول به، فكيف ينجو من حكمكم بالإرجاء على من يصرح به؟

    فأي جريمة ترتكبونها في حق الإسلام وأهله.

    وأي أصل أخبث من هذا الأصل عندكم الذي يضلل به أئمة السنة مثل ابن باز والألباني وغيرهما.

    أقول: هذا مع أني حذرت من أن يقال العمل شرط صحة أو شرط كمال في الإيمان مراراً وتكراراً والاقتصار على تعريف السلف للإيمان بأنه "قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالأركان"، انظر ما أسلفناه في هذا البحث وغيره.

    ملحق

    قال الدكتور عبد الله الجربوع - بعد كلام طويل عن جنس العمل نقله عنه فالح في مقاله "إشراع الأسنة"-:

    " وعند القائلين بكفر تارك الصلاة، أنه لا بد أن يأتي بالصلاة، فإذا جاء بالصلاة، أي صلّى مع التوحيد، أصبح عنده جنس العمل، وعنده الأركان كلها - وهذا الذي يرجحه -كما بلغني- الشيخ ابن باز، فيقول: (إذا كان جنس العمل شرطاً في صحة الإيمان؛ فإنه لا بد أن يبيَن لنا مقدار العمل الواجب لصحة الإيمان -يقول- وقد بُين بالنصوص أنها الصلاة، فمن صلّى فقد أصبح معه جنس العمل وأصبح مسلماً، ومن تركها فهذا هو الحد)، فهذا الذي بلغني أن الشيخ ابن باز قاله ، وأنا ما سمعته.

    إذن المقصود بجنس العمل أن يعمل عملاً ظاهراً واجباً عليه بالإسلام، أي -بملة الإسلام-" [ شرح أصول السنة للإمام أحمد].

    وقال الدكتور عبد الله الزاحم في مقدمته لكتاب "التبيان لعلاقة العمل بمسمى الإيمان" ما نصه:

    "إن القائلين بكفر تارك الصلاة من السلف لم يكن قولهم هذا مضاهاة ولا التقاء مع الخوارج والمكفرين بالأعمال في قولهم، وإنما خصوا الصلاة من بين سائر الأعمال لأدلة خاصة في هذا الباب، ولأن تركها ترك جنس العمل؛ إذ أن قبول الأعمال الصالحة متوقف على قبولها" ا.هـ.

    أقول: أشكر الدكتورين(1) عبدالله الجربوع وعبدالله الزاحم اللذين هدما دعاوى فالح الحربي ومن على شاكلته بأن المراد بجنس العمل كل العمل، ولم يدرك فالح المسكين أن ما نقله الدكتور الجربوع عن القائلين بكفر تارك الصلاة وعن العلامة ابن باز يهدم دعاواه الباطلة كما يبطلها تفسير أهل اللغة الذين لم يفسروه كتفسير فالح ومن شايعه .

    وأسلم تفاسير " الجنس " أنه الضرب من الشيء، وهو ما يتفق مع تفسير ابن باز والقائلين بكفر تارك الصلاة، وأعتقد أن ابن باز أخذ هذا المعنى من استعمال العلماء المتأخرين، فهم يريدون من جنس العمل أو جنس الطعام أو جنس الثياب الضرب منه بمعنى : البعض منه، والنموذج له، وأُذكِّر الدكتور الجربوع أن الذين كفروا تارك الصلاة من الصحابة ومن وافقهم من أهل الحديث لم يريدوا بذلك تفسير لفظ " الجنس " ، وإنما يريدون بيان حكم الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - في تارك الصلاة ذلكم الحكم المأخوذ من الكتاب والسنة.

    وإن كان إخوانهم من أهل السنة ممن لا يكفر تارك الصلاة ولا تارك باقي الأركان العملية الأربعة قد أخذوا هذا الحكم من الكتاب والسنة ولم يضلل بعضهم بعضًا؛ لأن هذا من مسارح الاجتهاد، وقد قلنا للحدادية: أن من يكفر تارك الصلاة أو أحد الأركان الأربعة أو لا يكفر بذلك نحبهم جميعاً ونحترمهم ونعتبرهم من أئمة السنة، فلم يأخذوا بأي قول من هذه الأقوال رغبة منهم في الشغب على أهل السنة، وتعلقوا بجنس العمل للاستمرار في الفتن.

    وقد صرّح العلامة ابن باز - رحمه الله - بأن من لا يكفر تارك العمل من العلماء فهو من أهل السنة فرفضوا قول هذا الإمام؛ بل يرمون من يصرح بتكفير تارك العمل بالإرجاء؛ لأنه لم يلتزم بلفظ " جنس " الذي تعلقوا به.


    هل من ينكر استعمال لفظ "جنس" الذي لم يرد في الكتاب ولا في السنة ولا أدخله السلف في تعريف الإيمان يكون مرجئاً أو المتشبث به يكون هو المبتدع؟

    قال البحريني في (ص39) من بركانه: "وهو الذي لا يكفر (بجنس العمل)، بل هو متناقض في ذلك ويتهرب من لفظ (جنس العمل)، بزعمه بأن السلف لم يقولوا به، فالرجل خبط وخلط في مسائل الإيمان، ولا يريد أن يعترف بذلك".

    أقول: إن هذا لمن أكذب الكذب، فقد صرحت مراراً بتكفير تارك العمل(2)، ولكن الحدادية لهم أصل خبيث، وهو أنهم إذا ألصقوا بإنسان قولاً هو بريء منه ويعلن براءته منه، فإنهم يصرون على الاستمرار على رمي ذلك المظلوم بما ألصقوه به، فهم بهذا الأصل الخبيث يفوقون الخوارج.

    أنا قلت مراراً: إن تارك العمل بالكلية كافر زنديق، لكني نهيت عن التعلق بلفظ جنس لما فيه من الإجمال والاشتباه المؤدي إلى الفتن، وبينتُ أنه لا وجود له في الكتاب والسنة ولا وجود له في كلام الصحابة الكرام -رضي الله عنهم- ولا أدلة أهل السنة والجماعة في قضايا الإيمان، وبينت غرابته على اللغة العربية واضطراب أقوال أهل اللغة في معناه.

    بينتُ ذلك بياناً شافياً لمن يريد الحق، ويتنـزه عن الفتن والشغب، ولكن الحدادية لإفلاسهم من الحجج التي يخاصمون بها أهل السنة استمروا في التشبث به شأن أهل الأهواء في التعلق بالمقالات الباطلة والألفاظ التي لم ينطق بها الكتاب والسنة.

    فلفظ "جنس" مثل لفظ "الجوهر" و "العرَض" و "الجبر" و "الحيز" ونحوها من الألفاظ الباطلة التي أوقعت أهل الكلام على اختلاف أصنافهم في الضلال وتعطيل صفات الله ذي الكمال والجلال.

    وهكذا لفظ "جنس" وغيره من العبارات الباطلة التي تعلق بها الحدادية فأوقعهم في البدع وعداوة أهل السنة وتضليلهم.

    وقال فوزي في (ص39) من بركانه: " وهو الذي يقول بأن الإيمان أصل، والأعمال كمال و(فرع)، وهذا قول الناصح الصادق، فالكلام الأخير هو الذي بمقال الناصح الصادق ".

    أقول: هذا دلَّ عليه قول الله وقول رسوله، وهو قول أئمة الإسلام، ولقد نقلت لك أقوال العلماء وأدلتهم من كتاب الله ومن سنة رسول الله من أن الإيمان أصل والعمل فرع عنه وكمال له، وقد نقلت عن شيخ الإسلام ابن تيمية في المقال الذي تكابره تسعة نصوص في مقالي المعروف وخمسة نصوص ستأتي، وكلها واضحة وضوح الشمس في أن الإيمان أصل والعمل فرع ( كمال ).

    وهذا شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - يثبت للإيمان كمالين كمالاً واجباً وكمالاً مستحباً، فهو يقول وهو يتحدث عن الإيمان ما هو عند الجهمية والمرجئة والكرامية وأهل السنة.

    1- فيقول كما في مجموع الفتاوى (7/637): " ثم هو في الكتاب بمعنيين(3) أصل وفرع واجب فالأصل الذي في القلب وراء العمل فلهذا يفرق بينهما بقوله: (آمنوا وعملوا الصالحات )، والذي يجمعهما كما في قوله ( إنما المؤمنون ) و ( إنما يستأذنك الذين لا يؤمنون ) وحديث ( الحياء ) و( وفد عبد القيس ) وهو مركب من أصل لا يتم بدونه ومن واجب ينقص بفواته نقصا يستحق صاحبه العقوبة ومن مستحب يفوت بفواته علو الدرجة فالناس فيه ظالم لنفسه ومقتصد وسابق كالحج وكالبدن والمسجد وغيرهما من الأعيان والأعمال والصفات فمن سواء أجزائه ما إذا ذهب نقص عن الأكمل ومنه ما نقص عن الكمال وهو ترك الواجبات أو فعل المحرمات ومنه ما نقص ركنه وهو ترك الاعتقاد والقول الذي يزعم المرجئة والجهمية أنه مسمى فقط وبهذا تزول شبهات الفرق وأصله القلب وكماله العمل الظاهر بخلاف الإسلام فإن أصله الظاهر وكماله القلب"(4).

    وهنا يثبت شيخ الإسلام أن للإيمان أصلاً وفرعاً.

    ويثبت له كمالاً وهو ما يؤتى فيه بالأعمال الواجبة، ويكون الإيمان أكمل إذا أتى العبد بالأعمال الواجبة والمستحبة، فيكون شيخ الإسلام على مذهب الحدادية مرجئاً.

    والواقع أن المرجئ هو الذي ينفي الكمال عن الإيمان؛ لأن هذا الكمال هو الزيادة في الإيمان التي ينكرها المرجئة.

    2- وقال – رحمه الله – في مجموع الفتاوى (7/14-15):

    "وإذا ذكر اسم الإيمان مجرداً؛ دخل فيه الإسلام والأعمال الصالحة كقوله في حديث الشعب: ( الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها قول لا اله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق )، وكذلك سائر الأحاديث التي يجعل فيها أعمال البر من الإيمان. ثم إن نفي ( الإيمان ) عند عدمها؛ دل على أنها واجبة، وإن ذكر فضل إيمان صاحبها -ولم ينف إيمانه- دل على أنها مستحبة؛ فإن الله أو رسوله لا ينفي اسم مسمى أمر -أمر الله به ورسوله- إلا إذا ترك بعض واجباته كقوله: ( لا صلاة إلا بأم القرآن )، وقوله: "لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له"، ونحو ذلك. فأما إذا كان الفعل مستحباً في ( العبادة ) لم ينفها لانتفاء المستحب، فإن هذا لو جاز لجاز أن ينفى عن جمهور المؤمنين اسم الإيمان والصلاة والزكاة والحج؛ لأنه ما من عمل إلا وغيره أفضل منه، وليس أحد يفعل أفعال البر مثل ما فعلها النبي - صلى الله عليه وسلم-؛ بل ولا أبو بكر ولا عمر. فلو كان من لم يأت بكمالها المستحب يجوز نفيها عنه؛ لجاز أن ينفى عن جمهور المسلمين من الأولين والآخرين، وهذا لا يقوله عاقل، فمن قال: أن المنفي هو الكمال فإن أراد أنه نفي (الكمال الواجب) الذي يذم تاركه، ويتعرض للعقوبة؛ فقد صدق. وإن أراد أنه نفي ( الكمال المستحب) فهذا لم يقع قط في كلام الله ورسوله، ولا يجوز أن يقع، فإن من فعل الواجب كما وجب عليه، ولم ينتقص من واجبه شيئاً؛ لم يجز أن يقال: ما فعله لا حقيقة ولا مجازاً. فإذا قال للأعرابي المسيء في صلاته: "ارجع فصل فإنك لم تصل"، وقال لمن صلى خلف الصف وقد أمره بالإعادة: ( لا صلاة لفذ خلف الصف ) كان لترك واجب. وكذلك قوله تعالى: ( إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون ) يبين أن الجهاد واجب وترك الارتياب واجب".

    أقول: هذا شيخ الإسلام يثبت أن للإيمان أصلاً وكمالاً واجباً وكمالاً مستحباً.

    وهذا عند الحدادية والبحريني إرجاء شديد.

    3- وقال- رحمه الله- في (7/197-198) من مجموع الفتاوى:

    "فإذا قيل: الأعمال الواجبة من الإيمان، فالإيمان الواجب متنوع ليس شيئاً واحداً في حق جميع الناس. وأهل السنة والحديث يقولون: جميع الأعمال الحسنة واجبها ومستحبها من الإيمان، أي من الإيمان الكامل بالمستحبات. ليست من الإيمان الواجب. ويفرق بين الإيمان الواجب وبين الإيمان الكامل بالمستحبات كما يقول الفقهاء: الغسل ينقسم إلى مجزئ وكامل. فالمجزئ: ما أتى فيه بالواجبات فقط. والكامل: ما أتى فيه بالمستحبات. ولفظ الكمال قد يراد به الكمال الواجب. وقد يراد به الكمال المستحب".

    أقول: وهنا أيضاً يثبت شيخ الإسلام أن للإيمان أصلاً وكمالاً واجباً وكمالاً مستحباً.

    4- وقال- رحمه الله – في (7/646-647) من مجموع الفتاوى:

    "بقي أن يقال: فهل اسم الإيمان للأصل فقط، أو له ولفروعه؟. والتحقيق: أن الاسم المطلق يتناولهما، وقد يخص الأصل وحده بالاسم مع الاقتران، وقد لا يتناول إلا الأصل إذا لم يخص إلا هو؛ كاسم الشجرة، فإنه يتناول الأصل والفرع إذا وجدت، ولو قطعت الفروع لكان اسم الشجرة يتناول الأصل وحده، وكذلك اسم الحج هو اسم لكل ما يشرع فيه من ركن، وواجب، ومستحب، وهو حج أيضا تام بدون المستحبات، وهو حج ناقص بدون الواجبات التي يجبرها دم. والشارع –صلى الله عليه وسلم- لا ينفي الإيمان عن العبد لترك مستحب لكن لترك واجب، بحيث ترك ما يجب من كماله وتمامه؛ لا بانتفاء ما يستحب في ذلك، ولفظ الكمال والتمام: قد يراد به الكمال الواجب، والكمال المستحب؛ كما يقول بعض الفقهاء: الغسل ينقسم: إلى كامل ومجزئ، فإذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ( لا إيمان لمن لا أمانة له ) و ( لا يزنى الزاني حين يزني وهو مؤمن )، ونحو ذلك، كان لانتفاء بعض ما يجب فيه؛ لا لانتفاء الكمال المستحب. والإيمان يتبعض ويتفاضل الناس فيه: كالحج والصلاة؛ ولهذا قال- صلى الله عليه وسلم-: ( يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان ومثقال شعيرة من إيمان )".

    أقول: وفي هذا النص يثبت شيخ الإسلام للإيمان أصلاً وفروعاً، ويشبهه بالشجرة لها أصل وفروع، ويثبت له كمالاً وتماماً كما قال: "والشارع –صلى الله عليه وسلم- لا ينفي الإيمان عن العبد لترك مستحب لكن لترك واجب، بحيث ترك ما يجب من كماله وتمامه"، ويكرر إثبات كمال الإيمان وتمامه مرة بعد مرة كما ترى.

    فما مصيره عند الحدادية؟

    5- وقال –رحمه الله- في (11/653-654) من مجموع الفتاوى:

    "ولكن المؤمن المطلق في باب الوعد والوعيد، وهو المستحق لدخول الجنة بلا عقاب، هو المؤدي للفرائض، المجتنب المحارم، وهؤلاء هم المؤمنون عند الإطلاق، فمن فعل هذه الكبائر لم يكن من هؤلاء المؤمنين، إذ هو متعرض للعقوبة على تلك الكبيرة، وهذا معنى قول من قال: أراد به نفي حقيقة الإيمان، أو نفي كمال الإيمان، فإنهم لم يريدوا نفي الكمال المستحب، فإن ترك الكمال المستحب لا يوجب الذم والوعيد، والفقهاء يقولون: الغسل ينقسم إلى: كامل ومجزىء. ثم من عدل عن الغسل الكامل إلى المجزىء لم يكن مذموماً. فمن أراد بقوله ( نفي كمال الإيمان ) أنه نفي الكمال المستحب، فقد غلط. وهو يشبه قول المرجئة، ولكن يقتضي نفي الكمال الواجب. وهذا مطرد في سائر ما نفاه الله ورسوله مثل قوله: ( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا ) -إلى قوله- ( أولئك هم المؤمنون حقا )، ومثل الحديث المأثور: ( لا إيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له )، ومثل قوله -صلى الله عليه وسلم-: ( لا صلاة إلا بأم القرآن )، وأمثال ذلك".

    وهنا يثبت شيخ الإسلام أن للإيمان أصلاً وكمالاً واجباً وكمالاً مستحباً.

    ويبين مراد قول من قال من أهل السنة المراد بنفي الإيمان عن الزاني والسارق وشارب الخمر نفي حقيقة الإيمان أو نفي كمال الإيمان، وأنهم لم يريدوا نفي الكمال المستحب، وإنما يريدون نفي الكمال الواجب، ويخطِّئ من يقول: إن المراد بنفي الإيمان نفي الكمال المستحب، ويشبه هذا القول بقول المرجئة، فهذا الذي يفسر نفي الإيمان في النصوص النبوية عن مرتكبي الكبائر ينفي الكمال المستحب لا يرى لهذه الكبائر تأثيراً كبيراً على الإيمان، فهو يقرب من قول غلاة المرجئة: لا يضر مع الإيمان ذنب.

    ومواقف الحدادية كلها راجعة إلى الجهل بمنهج السلف، وعدم الالتفات إليه إذا نبهوا عليه استكباراً وعناداً وتمادياً في الخصومات، فأدى بهم جهلهم وتهورهم إلى مصادمة الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تنص على زيادته، وكماله بالطاعات والأعمال الصالحة والإخلاص لله رب العالمين، وأدى بهم جهلهم وعنادهم إلى مصادمة أقوال أئمة الإسلام كما ترى.

    6- وقال –رحمه الله- في مجموع الفتاوى (12/478):

    " وقوله –صلى الله عليه وسلم-: ( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ) فنفى عنه الإيمان الواجب الذي يستحق به الجنة، ولا يستلزم ذلك نفي أصل الإيمان وسائر أجزائه وشعبه، وهذا معنى قولهم نفي كمال الإيمان لا حقيقته، أي الكمال الواجب ليس هو الكمال المستحب المذكور في قول الفقهاء الغسل كامل ومجزىء".

    وفي هذا النص يثبت أن للإيمان أصلاً وكمالاً واجباً وكمالاً مستحباً.



    هل يعتبر مرجئاً من يقول: إن الإيمان يزيد وينقص وينقص حتى لا يبقى منه إلا مثقال ذرة، ومن قال: إن الإيمان ينقص ولا يزول جميعه؟

    وهل الحدادية سيضعون شيخ الإسلام ابن تيمية وأئمة الدعوة والعلامة الفوزان وأهل السنة والجماعة في مشنقة الإرجاء ؟!

    - أولاً : شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يقول: "مذهب أهل السنة والجماعة أنه يتبعض وأنه ينقص ولا يزول جميعه".

    1- قال -رحمه الله- في العقيدة الأصفهانية (ص181):

    "وإنما المقصود أن فقهاء المرجئة خلافهم مع الجماعة خلاف يسير وبعضه لفظي ولم يعرف بين الأئمة المشهورين بالفتيا خلاف إلا في هذا فإن ذلك قول طائفة من فقهاء الكوفيين كحماد بن أبي سليمان وصاحبه أبي حنيفة وأصحاب أبي حنيفة وأما قول الجهمية وهو أن الإيمان مجرد تصديق القلب دون اللسان فهذا لم يقله أحد من المشهورين بالإمامة ولا كان قديما فيضاف هذا إلى المرجئة وإنما وافق الجهمية عليه طائفة من المتأخرين من أصحاب الأشعري .

    وأما ابن كلاب فكلامه يوافق كلام المرجئة لا الجهمية وآخر الأقوال حدوثا في ذلك قول الكرامية إن الإيمان اسم للقول باللسان وإن لم يكن معه اعتقاد القلب وهذا القول أفسد الأقوال لكن أصحابه لا يخالفون في الحكم فإنهم يقولون إن هذا الإيمان باللسان دون القلب هو إيمان المنافقين وأنه لا ينفع في الآخرة وإنما أوقع هؤلاء كلهم ما أوقع الخوارج والمعتزلة في ظنهم أن الإيمان لا يتبعض بل إذا ذهب بعضه ذهب كله . ومذهب أهل السنة والجماعة أنه يتبعض وأنه ينقص ولا يزول جميعه كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- : "يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من الإيمان ".

    فالأقوال في ذلك ثلاثة الخوارج والمعتزلة نازعوا في الاسم والحكم فلم يقولوا بالتبعيض لا في الاسم ولا في الحكم فرفعوا عن صاحب الكبيرة بالكلية اسم الإيمان وأوجبوا له الخلود في النيران وأما الجهمية والمرجئة فنازعوا في الاسم لا في الحكم فقالوا يجوز أن يكون مثابا معاقبا محمودا مذموما لكن لا يجوز أن يكون معه بعض الإيمان دون بعض وكثير من المرجئة والجهمية من يقف في الوعيد فلا يجزم بنفوذ الوعيد في حق أحد من أرباب الكبائر كما قال ذلك من قاله من مرجئة الشيعة والأشعرية كالقاضي أبي بكر وغيره ويذكر عن غلاتهم أنهم نفوا الوعيد بالكلية لكن لا أعلم معينا معروفا أذكر عنه هذا القول ولكن حكي هذا عن مقاتل بن سليمان والأشبه أنه كذب عليه" اهـ.

    - أقول : فهذا شيخ الإسلام ابن تيمية يصرِّح بأنَّ " مذهب أهل السنة والجماعة أنه (أي الإيمان) يتبعض وأنه ينقص ولا يزول جميعه " ويحتج لهم بقول النبي -صلى الله عليه وسلم- : "يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من الإيمان ".

    وقد يُقال هنا أنَّ بعض أهل السنَّة يقولون : " إنَّ الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء " فيقال إنَّ هؤلاء فئة قليلة ومع ذلك فهم مع جمهور أهل السنَّة في الاقتصار على القول بأنَّ الإيمان ( قول وعمل ) أو ( قول وعمل ويزيد وينقص ) واقتصارهم عليه في نظري هو الغالب فصار القول : بأنَّه ( ينقص حتى لا يبقى منه شيء ) أمراً نادراً والحكم للغالب ولا حكم للنادر .

    ومن هنا أطلق شيخ الإسلام القول بأنَّ مذهب أهل السنَّة والجماعة : أنَّ الإيمان يتبعض وأنَّه ينقص ولا يزول جميعه . واحتج بالحديث المذكور .

    فهل آن للحدادية ومنهم فوزي البحريني أن يرجعوا عن فتنتهم ؟

    - ثانياً : الإمام الحافظ ابن رجب الحنبلي -رحمه الله- :

    قال -رحمه الله– خلال ذمِّه للحرص والشح وسوقه الأدلة على ذلك : " ومتى وصل الحرص على المال إلى هذه الدرجة نقص بذلك الدِّين والإيمان نقصاً بيِّناً فإنَّ منع الواجبات وتناول المحرَّمات ينقص بهما الدِّين ,والإيمان بلا ريب ينقص حتى لا يبقى منه إلاَّ القليل جداً ) اهـ.(5)

    وقال في (ص89) : " وقد تبيَّن ممَّا ذكرنا أنَّ حب المال والرياسة والحرص عليهما يُفسد دين المرء حتَّى لا يبقى منه إلاَّ ما شاء الله كما أخبر بذلك النبي -صلى الله عليه وسلَّم- " اهـ.

    ثالثاً-وقال الإمام محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- خلال إجابته على سؤال وجه إليه في (2/66) من الدرر السنية :

    " وأما كون: لا إله إلا الله، تجمع الدين كله، وإخراج من قالها من النار، إذا كان في قلبه أدنى مثقال ذرة، فلا إشكال في ذلك. وسر المسألة : أنَّ الإيمان يتجزأ، ولا يلزم إذا ذهب بعضه أن يذهب كله، بل هذا مذهب الخوارج، فالذي يقول : الأعمال كلها، من: لا إله إلا الله، فقوله الحق، والذي يقول: يخرج من النار من قالها، وفي قلبه من الإيمان مثقال ذرة، فقوله الحق، السبب مما ذكرت لك، من التجزي، وبسبب الغفلة عن التجزي: غلط أبو حنيفة، وأصحابه في زعمهم، أن الأعمال ليست من الإيمان، والسلام".



    - أقول:

    أ‌- لم يقل الإمام محمد -رحمه الله- : إن الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء، فضلاَ عن أن يشترطه.

    ب‌- انظر إلى قوله: "إن الإيمان يتجزأ، ولا يلزم إذا ذهب بعضه أن يذهب كله، بل هذا مذهب الخوارج".

    والحدادية إنما يريدون أن يفرضوا على أهل السنة مذهب الخوارج التكفيري؛ لأن الذي لا يقول: " الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء" عندهم مرجىء، ويحاربونه أشد الحرب لأنَّهم يوجبون القول بهذه الزيادة .

    رابعاً- وسئل الإمام عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ عن الفرق بين الإسلام والإيمان، فأجاب –رحمه الله- إجابة علمية رصينة من ضمنها قوله :

    " إذا عرفت ذلك، فاعلم أنه يجمع بين الأحاديث : بأن أعمال الإسلام داخلة في مسمى الإيمان، شاملاً لها ؛ ففسرت بالإسلام ، وهي جزء مسمى الإيمان، لكون الإيمان مثالاً(6) لها ولغيرها، من الأعمال الباطنة والظاهرة ؛ فإذا أفرد الإيمان في آية أو حديث، دخل فيه الإسلام ؛ وإذا قرن بينهما فسر الإسلام بالأركان الخمسة، كما في حديث جبريل، وفسر الإيمان بأعمال القلب،لأنها أصل الإيمان ومعظمه، وقوته وضعفه : ناشىء عن قوة ما في القلب، من هذه الأعمال أو ضعفها، وقد يضعف ما في القلب، من الإيمان بالأصول الستة، حتى يكون وزن ذرة، كما في الحديث الصحيح : " أخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان71) " فبقدر ما في القلب من الإيمان، تكون الأعمال الظاهرة، التي هي داخلة في مسماه، وتسمى إسلاماً، وإيماناً، كما في حديث : وفد عبد القيس، حين قال لهم النبي -صلى الله عليه وسلم- " آمركم بالإيمان بالله وحده، أتدرون ما الإيمان بالله وحده ؟ قالوا الله ورسوله أعلم، قال : " شهادة أن لا إلَه إلا ّ الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وأن تؤدوا خمس ما غنمتم " فهذه الأعمال : داخلة في الإيمان، وهي الإسلام، لأن الإيمان اسم لجميع الأعمال الظاهرة والباطنة، فمن ترك شيئاً من الواجبات، أو فعل شيئاً من المحرمات، نقص إيمانه بحسب ذلك ؛ وهو دليل على نقصان أصل الإيمان، وهو إيمان القلب"، انظر الدرر السنية (1/335-336).

    فهذا الإمام عبد الرحمن يقول: " وقد يضعف ما في القلب، من الإيمان بالأصول الستة، حتى يكون وزن ذرة، كما في الحديث الصحيح...الخ " ولم يقل : "حتى لا يبقى منه شيء".

    فما رأي الحدادية فيه ؟

    إنَّ مذهب الحدادية الفاجر ليرمي هذا الإمام في هوَّة الإرجاء (!) .

    وحاشاه وأمثاله من أهل السنَّة وأئمتها من ذلك.

    خامساً- وقال الشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله- :

    أ‌- في نقصان الإيمان كما في "التعليقات المختصرة على متن العقيدة الطحاوية" (ص145-146) ط- دار العاصمة : " فالإيمان -كما قال العلماء - : قول باللسان وتصديق بالجنان وعمل بالجوارح ، يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان .

    قال تعالى: (وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)، وقال: ( فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا)، وقال: (وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا)، هذه الآيات تدل على زيادة الإيمان والنقص ، كما في قوله -عليه الصلاة والسلام-: "من رأى منكم منكراً فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ،فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان"، فدل على أن الإيمان ينقص . وفي رواية: ( وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل ) دلَّ على أن الإيمان ينقص ،حتى يكون على وزن حبة خردل .

    وكما في الحديث الصحيح : " أخرجوا من النار من كان في قلبه أدنى أدنى مثقال حبة من خردل من إيمان ".

    فالإيمان قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالأركان يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان ، هذا تعريفه الصحيح المأخوذ من الكتاب والسنة . فليس كما تقوله الحنفية : قول باللسان واعتقاد بالجنان فقط .

    وليس كما تقوله الكرامية : قول باللسان فقط .

    وليس كما تقوله الأشاعرة : اعتقاد القلب فقط .

    وليس كما تقوله الجهمية : هو المعرفة بالقلب فقط " اهـ.

    ب‌- وقد سُئِل الشيخ صالح الفوزان نفسه السؤالَ الآتي : هل هذا القول يا فضيلة الشيخ يُعَدُّ من قول المرجئة : ( الإيمان يزيد حتى يكون مثل الجبال وينقص حتى لا يبقى منه إلاَّ مثقال ذرَّة ) ؟؟

    فأجاب -وفقه الله- : " هذا كلامٌ حقٌّ : هذا في الحديث ,وفي القرآن : ( زادتهم إيماناً )، ( ويزيد الله الذين اهتدَوْا هدًى )

    الإيمان يزيد بالطاعات ,وينقص بالمعاصي حتى لا يبقى منه إلاَّ مثقال حبَّةٍ من خردل كما في الحديث : ( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده ,فإن لم يستطع فبلسانه ,فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ) دلَّ على أنَّ الإيمان يكون ضعيفاً .

    وفي رواية : ( وليس وراء ذلك من الإيمان مثقال حبَّة خردل ) -أو كما قال صلَّى الله عليه وسلَّم-.

    وقال -عليه الصلاة والسلام- : ( الإيمان بضعٌ وسبعون شعبة -أو بضعٌ وستُّون شعبة- : أعلاها قول لا إله إلاَّ الله ,وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ,والحياء شعبةٌ من الإيمان ) فدلَّ على أنَّ الإيمان له أعلى وله أدنى,وأنَّه شُعَب ) اهـ جوابه -حفظه الله-(8).

    أقول : فهذا الشيخ الفوزان -حفظه الله- يرى أنَّ القول بأنَّ الإيمان يزيد حتى يصير أمثال الجبال وينقص حتى لا يبقى منه إلاَّ مثقال ذرَّة ؛يرى أنَّ هذا القول حقٌ ويحتج على أنَّه حقٌّ بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية .

    لكن الحدادية الجاهلة الظالمة ومنهم فوزي البحريني يرون أنَّ من يقتصر على هذا القول ولا يزيد :" حتى لا يبقى منه شيء " يرون أنَّه مرجئ ! فقولهم يقتضي أن العلامة الفوزان بهذا التقرير مرجئ.

    سادساً- كلام الشيخ محمد أمان بن علي الجامي -رحمه الله-.

    قال -رحمه الله– في شريط بعنوان ( أفعال العباد ) : " الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية كما هو صريح الأدلة من الكتاب والسنة, وكما هو ظاهر مشاهد من تفاوت المؤمنين في عقائدهم وأعمال قلوبهم وأعمال جوارحهم, الناس يتفاوتون, ليس إيماننا كإيمان أبي بكر وإيمان عمر لأن أعمالهم غير أعمالنا, أبو بكر يقولون: لم يَفُق الناس بكثرة صلاة أو صيام ولكن بما وقر في القلب, قوة الإيمان عند أبي بكر غير قوة الإيمان عند غيره, وهكذا إلى أن وصلنا إلى هذه الدرجة, ينقص الإيمان إلى حد أنه لا يبقى منه إلا مثقال ذرة ,يخرج من النار من كان في قلبه أدنى أدنى أدنى مثقال ذرة من إيمان ,إذن يزيد زيادة عظيمة كإيمان رسول لله -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر ومن معه, وينقص كإيماننا اليوم ,فيصل إلى درجة أنه لا يبقى في قلبه إلا مثقال ذرة "اهـ.

    أقول : فأهل السنة وابن تيمية وابن رجب وأئمة الدعوة والفوزان ومحمد أمان وكل مَنْ اقتصر من السَّلف على القول بأنَّ ( الإيمان قول وعمل ) أو على القول بأنَّ ( الإيمان قول وعمل يزيد وينقص ) أو على القول بأن (الإيمان ينقص وينقص حتى لا يبقى منه إلا مثقال ذرة ) أنَّ هؤلاء كلهم مرجئة (!)

    وهذا قول انفرد به الحدادية الحاقدون على أهل السنَّة عن سائر الفرق الإسلامية وحتى عن الخوارج السَّابقين واللاحقين.



    الخلاصة

    أولاً- يظهر من كتابات فوزي البحريني ومن مناقشاتي له كثرة كذبه وافتراءاته على ربيع وإخوانه.

    ثانياً- سوء قصده وبلادته في الفهم.

    ثالثاً- كثرة تأصيلاته الباطلة وتأصيلات فئته الباغية على أهل السنة.

    ومن هذه التأصيلات:

    1- إيجابهم زيادة "ينقص الإيمان حتى لا يبقى منه شيء" على تعريف أهل السنة الذي أجمعوا عليه، ودل عليه الكتاب والسنة، وهو "أن الإيمان قول وعمل ويزيد وينقص".

    فأوجبوا تلك الزيادة؛ ليحاربوا بها أهل السنة والجماعة المعاصرين ويرموهم بالإرجاء، فأدى ذلك إلى تبديع السلف الصالح، وعلى رأسهم الصحابة والتابعون الذين لم يقولوا بهذه الزيادة في تعربف الإيمان، ولم يوجبوها.

    2- محاربتهم ربيع وإخوانه وتبديعهم -بزعمهم الكاذب- أنهم يقولون: العمل شرط كمال في الإيمان، ومعلوم عن ربيع أنه أول أو من أول من زجر عن القول: بأن العمل شرط كمال أو شرط صحة في الإيمان، ولا يعرف ربيع أحداً من أهل السنة في المملكة قال: إن العمل شرط كمال.

    ولا يُنسى زجر العلامة ابن عثيمين عن القول بأن العمل شرط كمال أو صحة في الإيمان، ولا يبعد أن الحدادية ومنهم هذا البحريني أنهم يستهدفون ابن عثيمين بالتبديع.

    3- تشبثهم بلفظ "جنس العمل"، ومحاربة من لا يدخله في تعريف الإيمان, ومرادهم بجنس العمل: العمل كله، مخالفين بهذا التفسير أئمة اللغة واستعمال العلماء له، ومقاصدهم من استعماله، ومخالفين لأهل السنة الذين يبدعون باستعمال الألفاظ المجملة والمشتبهة، ولا سيما إذا لم ترد في الكتاب والسنة؛ كما هو حال لفظ "جنس".

    ومن مصائبهم أنهم يحاربون ويبدعون من يكفر تارك العمل بالكلية، ويعلن ذلك مراراً، لكنه يزجر عن استخدام لفظ "جنس" .

    وممن زجر عنه زجراً شديداً العلامة ابن عثيمين، وبيَّن أن من أهداف من يستعملونه سفك الدماء واستحلال الأموال.

    4- تبديعهم لمن يقول: "إن الإيمان أصل والعمل فرع"، وهذا أمر دل عليه الكتاب والسنة، وقرره عدد من أئمة السنة وفحولهم, ومنهم محمد بن نصر المروزي وابن منده وابن تيمية .

    نقلت عنه في هذا الأصل تسعة نصوص في مقال لي عنوانه "هل يجوز أن يرمى بالإرجاء من يقول: "إن الإيمان أصل والعمل فرع"، وزدت في ردي هذا عنه خمسة نصوص أو ستة نصوص، وتركت الكثير من أقواله.

    ونقلت عن ابن القيم وابن رجب والشيخ سليمان بن عبد الله بن الإمام محمد بن عبد الوهاب، والشيخ عبد الرحمن بن حسن.

    ولم يرفع الحدادية بذلك رأساً.

    وهوش هذا البحريني على أقوال هؤلاء العلماء بغبائه وجهالاته؛ مثل ذلك الغبي الذي يريد أن يحجب الشمس عن الأرض بمنخل كما يقال.

    5- رمي الحدادية بالإرجاء - وعلى رأسهم فوزي- من يقول: إن الخلاف بين أهل السنة وبين مرجئة الفقهاء لفظي أو صوري، مع أني وإخواني السلفيين ممن لا يقول بذلك، ولكن قصد الحدادية بذلك شيخ الإسلام وابن أبي العز وغيرهم ممن يقول هذا أو نحوه. كمن يعد مرجئة الفقهاء من أهل السنة، أو يقول: إن بدعتهم يسيرة وأنها من بدع الألفاظ والأفعال لا من بدع العقائد.

    6- رميهم بالإرجاء من لا يكفر تارك العمل بالكلية، وهو ينطبق على من لا يكفر إلا بالشرك من أئمة السنة أو بالشهادتين، وإن كان يقاتل على ترك الأركان، ومخالفين لفتوى العلامة ابن باز الذي صرح بأن هذا الصنف من أهل السنة.

    ومع تصريح الإمام أحمد والبربهاري بأن من قال: إن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص فقد برىء من الإرجاء.

    وعبارة البربهاري: فقد خرج من الإرجاء أوله وآخره.

    وللحدادية تأصيلات كثيرة يفوقون بها المعتزلة وغيرهم من أهل البدع، وهدفهم من هذه التأصيلات والمناهج التي يسيرون عليها حرب أهل السنة وتشويههم، وصد الناس عن الأخذ عنهم, وقد بينت هذه التأصيلات في مقدمة هذا الرد, كما بينت أوجه الشبه بين الحدادية الجديدة والروافض في مقال لي سميته "خطورة الحدادية الجديدة وأوجه الشبه بينها وبين الرافضة" .

    وقد أعان الله على كشف عوار هذه الأصول وبيان خطرها وبطلانها، واستئصال شأفتها من جذورها، وله الحمد الكثير على ذلك.

    هذا ومن أكاذيب فوزي أنه يعتبر نقد أباطيل وضلالات الحدادية طعناً في أهل السنة والجماعة، ويكرر هذا الإفك في كتاباته، فلينتبه لهذا.

    ومن أفاعيله الشنيعة وتضليلاته أنه ينـزل كلام أئمة السنة في أهل البدع على ربيع وإخوانه.

    ويكثر من هذا في كتاباته, وهذا من جنس تحريف أهل الأهواء، ولا سيما الروافض.

    ولا أطيل على القراء بذكر أكاذيب وخيانات وسفسطات فوزي البحريني , فمن أراد استيعابها فليقرأ كتابي هذا، وليستعن على ذلك بفهرسته .

    وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    كتبه

    ربيع بن هادي عمير المدخلي

    19/7/1429هـ







    --------------------------------------------------------------------------------

    الحواشي:

    (1) وهما ممن يقول بجنس العمل في الجملة، ولا يعترضان على من يقول به، ويؤذي به أهل السنة.

    (2) لكني حذرت من لفظ "جنس" وبينت ما ينطوي عليه من الشر في ثلاث مقالات.

    (3)يعني الإيمان.

    (4) راجع مقالي المعنون له بالعنوان الآتي "هل يجوز أن يرمى بالإرجاء من يقول الإيمان أصل والعمل فرع؟"، الذي نقلت فيه أقوالاً كثيرة عن عدد من أئمة الإسلام يقولون: إن الإيمان أصل والعمل فرع، بناء منهم على أدلة من الكتاب والسنة.

    (5) انظر مخطوط شرح حديث ( ما ذئبان جائعان ) (اللوحة 5- الوجه1) وهو في المطبوع ضمن مجموع رسائل الحافظ ابن رجب ص(70).

    (6) كذا، ولعله شاملاً.

    (7) يُفهم من كلام الإمام عبد الرحمن بن حسن أن هذا الجزء الباقي أي مثقال الذرة إنما هو من الإيمان فقط لا من الإيمان والعمل، فهل سيحكم عليه الحدادية بأنه مرجىء.

    (8) انظر ( عقيدة الحاج من الكتاب والسنَّة ) ص (25-26).


    * يمكنك تحميل الملف من موقع الشيخ ربيع المدخلي
    __________________
    www.rabee.net
    [email protected]
    التعديل الأخير تم بواسطة محمد جميل حمامي; الساعة 04-10-2008, 09:17 PM.

  • #2
    جزى الله الشيخ ربيع خيرا على كشفه لضلالات وتخبيطات المغرور البحريني.

    تعليق

    يعمل...
    X