بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون}، {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا}، {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا، يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما} .. أما بعد:
فقد سمعت كما سمع غيري كلمة عبد العزيز البرعي أصلحه الله المسماة بـ (كلمة إنصاف في موقف مشايخ أهل السنة من حرب كتاف)، وهالني ما سمعته فيها من المغالطات والمجازفات والتلبيسات على المسلمين عامة وعلى أهل السنة خاصةً وقد كنت التمس للمشايخ العذر في مخالفتهم لفتوى كبار العلماء وأذكر لإخواني كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في انقسام الناس وموقفهم من قتال أهل الفتن ، قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمة الله عليه (فهذه الفتنة قد تفرق الناس فيها ثلاث فرق: الطائفة المنصورة وهم المجاهدون لهؤلاء القوم المفسدين. والطائفة المخالفة وهم هؤلاء القوم ومن تحيز إليهم من خبالة المنتسبين إلى الإسلام. والطائفة المخذلة وهم القاعدون عن جهادهم؛ وإن كانوا صحيحي الإسلام. فلينظر الرجل أيكون من الطائفة المنصورة أم من الخاذلة أم من المخالفة؟ فما بقي قسم رابع)، وأن المشايخ أسرع الناس رجوعاً للحق إذا تبين وظهر وعرف وهذا ما عرفناه منهم في كل ما سبق من فتن وأنه يجب الدعاء لهم وعدم القدح فيهم والتماس العذر لهم فلما رأيت إصرار البرعي على موقفه ونسبته لذلك لمن معه و تدليسه وتلبيسه ومغالطته للمسلمين عامة ولأهل السنة خاصةً أحببت التعليق على كلمته بما فتح الله مما يجليها ويزيفها ويوضح الحق في ذلك للمسلمين عامة ولأهل السنة خاصة ..وبما أني كنت أحد المشاركين في هذه الجبهه المباركه احببت أن ادلو بدلوي ليهلك من هلك عن بينة ويحي من حيى عن بينة ولم أرد على كل ما ورد خشية الإطالة ! فأقول ومن الله استمد العون والتسديد والتوفيق:
قوله: إن الحوثين منهم من هو مرتد ومنهم من هو باغي !
هذا الكلام ليس بصحيح ، فكلهم حُكمهم واحد، وأنظر كلام شيخنا العلامة صالح الفوزان حفظه الله في رده على من فرق بين عوام الرافضة وعلمائهم ، حيث قال: أنهم كلهم في الحكم سواء.
قوله: أن الجهاد في كتاف جهاد طلب !
هذا الكلام كالذي قبله ليس بصحيح بل هو جهاد دفع وما أقيم إلا لدفع البغي عن إخوننا في دماج ورفع الحصار عنهم ولولا الله ثم جهاد أهل كتاف لما رُفع الحصار عن دماج إلا أن يشاء الله فلم يرضخ الحوثيون للصلح إلا بعد معركتين طاحنتين حاسمتين تكبد فيها الحوثيون خسائر فادحة في الأفراد والعتاد والأرض وهذا يعرفه القاصي والداني إلا البرعي أصلحه الله!وكأنه لا يعلم أن إخوننا في دماج وكتاف لم يلجأوا إلى القتال إلا بعد أن استنفذوا جميع الوسائل السلمية وفشلت جميع وساطات الصلح وبدأ الحوثيون بالهجوم الكاسح على إخوننا في دار الحديث بدماج في معركة البراقة الشهيرة وانظر مقالنا المعنون بـ(قصة جهادنا للحوثين) ففيه غٌنية لمن أراد الحق في المسألة.
قوله: أن الجهاد في كتاف لم يعد على دعوة أهل السنة بالنفع !
هذا الكلام عاري عن الصحة ، بل عاد على الدعوة وأهل السنة بالنفع العظيم ورفع رؤوسهم عاليتاً وهابهم خصومهم وانتشرة دعوتهم وعرفها القاصي والداني وغير ذالك كثير ولو لم يكن من ذالك إلا قبول الحوثين للصلح معهم بالشروط التي يريدونها!.
قوله: أن كتاف كاسمها لاتتجاوزوها !
أيضًا هذا الكلام غير صحيح فقد كان هدف المجاهدين في بداية المعركة الوصول إلى دماج وقد قطعوا بعد معركتين مسافات شاسعة حتى وصلوا إلى داخل كتاف وبعدها مباشرة رضخ الحوثيون للصلح مع أهل دماج وكتاف ووافق الجميع على الصلح واشترط أهل كتاف شرطاً وحداً رئيسياً للصلح وهو أن يعيش الحوثيون مواطنين صالحين مثلهم مثل غيرهم من المواطنين في اليمن ويرفعوا أذاهم عن أهل السنة ولكنهم رفضوا ذلك فاجتمع أمراء الجبهات مع الأمير العام بعد صلح دماج وتشاوروا هل يواصلون الزحف إلى صعدة أم يبقون مرابطين في كتاف ومن هاجمهم قاتلوه حتى يقبل الحوثيون بشروط الصلح مع أنهم كانوا قادرين على الزحف إلى صعدة ووعدهم كثيرٌ من مشايخ وأعيان ومواطني صعدة بمؤازرتهم إذا اقتربوا منهم ولكن رأوا أن الفائدة من دخول صعدة قليلة الجدوى حيث أن هدفهم هو تـأمين أهل السنة في دماج وغيرها فقط وليس الكسب السياسي أو أخذ الأراضي أو حكم صعدة، فاتفقوا بعد المشاورة على البقاء مرابطين في كتاف إلى حين رضوخ الحوثيون لشروطهم إلا من بعض الهجمات من أجل تأمين طرق الإمداد للمواقع أو رد هجمات الحوثيون على مواقعهم وهو ما حصل أخيراً حتى رضخ الحوثيون للصلح ووافقوا على شروط أهل السنة بكتاف وبدأوا بتنفيذها فوراً بعد التوقيع على الصلح وما زالوا مستمرين في تنفيذها حتى الساعة .
قوله: لم نتصدر لنشر ما نراه ونعتقده !
وهذا الكلام كغيره عارٍ عن الصحة، بل نشروا رأيهم واعتقادهم حتى عرفه القاصي والداني عن طريق الفتوى لبعض الناس أو عن طريق اللقاءات وما خطبة الجمعة التي صرح فيها الإمام برأيه وعقيدته في الرافضة عنك يا برعي ببعيد مما كان له الأثر في تثبيط بعض ضعاف النفوس من أهل السنة ومحاجّة الحوثيون لإخونكم بها!
قوله: في مشايخ المملكة نحن نعايش مالا يعايشون ونرى مالا يرون ونسمع ما يسمعون !
كلامه هذا فيه طعن في المشايخ من طرف خفي بأن المشايخ ليس عندهم علم بالواقع في اليمن وهذا يدل على أن فتواهم خطأ وفتواكم صواب لأنكم جمعتم بين العلم بالشرع و بالواقع بخلاف العلماء وهذا ينجر على بقية الفتاوى التي أفتوا بها للجهاد في بعض بلاد المسلمين!
قوله: نتج عن المعركة مئات القتلى والجرحى...الخ !
كلامٌ فيه استعطاف لمشاعر عوام أهل السنة للقبول باجتهادهم بعد أن اثبت الواقع غلطه وطعن في المشايخ من طرف خفي حيث أنهم ودّفوا بشباب أهل السنة في معركة خاسرة !
صحيح حصل قتلى وجرحي ومعاقين وهذه طبيعة الحروب فاتخذ الله من اتخذ شهيداً قال تعالى: (وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) (140) آل عمران. والجرحى يأتي الجريح يوم القيامة كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم :" اللون لون الدم والريح ريح المسك"، قال الإمام البخاري : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ يُكْلَمُ أَحَدٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ إِلَّا جَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَاللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ، وَالرِّيحُ رِيحُ المِسْكِ» (4\18).وهم مأجورون على ذلك ولكن مقارنة لما حصل للحوثيون من قتلى وجرحى ومعاقين قليل ،حتى قال قائلهم: لقد خسرنا في حربنا مع (الوهابية) ما لم نخسره مع الدولة في ستة حروب!
قوله:فيتم تسجيل أناس ما عرفوا الحرب قط...الخ!
هذا صحيح والغالب على أهل السنة عدم المعرفة بالسلاح كما هو معلوم ولكن لا يدخلونهم المعركة إلا بعد تدريب كامل في المعسكر المُعد لذلك ويستمرون في التدريب في الجبهات وإلا كيف حصلت هذه الانتصارات بأناس جهال لا يعرفون حمل السلاح أو الرماية به .!؟
قوله: بعضهم سئم الحرب لطول الفترة وبعضهم تبين له صحة ما نقول فرجع !
ليس بصحيح بل أكثر من رجع لم يكن هذا سبب في رجوعهم ولكن السبب الرئيسي ظروفهم المعيشية وقلة ذات اليد عند المجاهدين ! بل كان الواحد يقول دبّروا لي عشرة آلاف ريال وأنا سأبقى فلا نستطيع، فيرحل ويجلس فترة ويعود وأغلب من جاء إلى الجبهة لم يرجع إلا لزيارة قصيرة أو علاج وعاد بعد ذلك، فالوجوه التي كنا نشاهدها في الجبهة في البداية هي الوجوه التي كنا نشاهدها حتى نهاية المعركة، واستمر المجاهدون في أوج قوتهم وتفوقهم على عدوهم حتى نهاية المعركة وما خبر معركة الشافعية التي كان يحلوا للحوثيين تسميتها بـ(الحاسمة) فكانت عليهم، عنك ببعيد التي قُتل فيها المئات من الحوثين وبعدها مباشرة رضخوا للصلح المشرّف لأهل السنة والمذل لهم!
وقد والله كان في تخلف بعض أهل السنة عن قتال الحوثيين خيراً حيث قال كثير من الناس إذا كان من فعل بالحوثيين هذا الفعل والحق بهم هذه الهزائم ما هم إلا جزء يسير من أهل السنة فكيف لو اجتمعوا على قتالهم!؟
ولله حكمة في ذلك! والله من وراء القصد.
كتبه: أبو حفص عمر الكندي
عفا الله عنه.
عفا الله عنه.
تعليق