بسم الله الرحمن الرحيم
ـأنواع الغشّ في الديانات ــ
عن أبي هريرة رضي الله عنه،أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ على صبرة طعام، فأدخل يده فيها،فنالت أصابعه بللا،فقال:"ما هذا يا صاحب الطعام؟" قال أصابته السماء يارسول الله.قال:"أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه النّاس؟ من غشّ فليس مني"
وفي رواية عنه:"من حمل علينا السلاح فليس منّا،ومن غشّنا فليس منّا"(1). هذا من غشّ المسلمين في دنياهم، فكيف بمن يغشّ الناس في دينهم ويزين لهم الباطل ويزخرفه ويلمعه وأهله،ويشوّه الحقّ وأهله ويستخدم وسائل رهيبة قد تعجز عنها شياطين الجنّ وقد لا يحسنوها،وينفذ خططا رهيبة جهنمية لتحقيق أهدافه الباطلة.
ـ قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في الغشّ في الديانات: فأمّا الغشّ في الديانات،فمثل البدع المخالفة للكتاب والسنّة وإجماع سلف الأمة من الأقوال والأفعال.
مثل إظهار المكاء والتصدية في مساجد المسلمين.
ومثل سبّ الصحابة،وجمهور المسلمين،أو سبّ أئمّة المسلمين ومشايخهم وولاة أمورهم المشهورين عند عموم الأمّة بالخير.
ومثل التكذيب بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم التي تلقّاها أهل العلم بالقبول.
ومثل رواية الأحاديث الموضوعة المفتراة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومثل الغلّو في الدين بأن ينزل البشر منزلة الإله.
ومثل تجويز الخروج عن شريعة النبي صلى الله عليه وسلم.
ومثل إظهار الخزعبلات السحرية،والشعبذة الطبيعية،وغيرها، التي يضاهى بها ما للأ نبياء من المعجزات والكرامات،ليصدّ بها عن سبيل الله،أو يظنّ بها الخير فيمن ليس من أهله.
وهذا باب واسع يطول وصفه.
فمن ظهر منه شيء من هذه المنكرات،وجب منعه من ذلك وعقوبته عليها إذا لم يتب حتى قدر عليه،بحسب ما جاءت به الشريعة من قتل أو جلد أو غير ذلك.
وأما المحتسب ،فعليه أن يعزّر من أظهر من ذلك قولا أو فعلا،ويمنع من الاجتماع في مظانّ التهم، فالعقوبة لا تكون إلاّ على ذنب ثابت،وأما المنع والاحتراز،فيكون مع التهمة،كما منع عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يجتمع الصبيان بمن كان يتّهم بالفاحشة.
ومثل هذا الاحتراز عن قبول شهادة من يتّهم بالكذب،وائتمان المتّهم بالخيانة،ومعاملة المتّهم بالمطل (2)
رحم الله شيخ الإسلام ابن تيمية،ورحم الله سلفنا الصالح جميعا.
انظر إلى هذا الكلام الرصين الجزل في بيان أنواع الغشّ في الديانات.(3)
ـ (1) مسلم (الإيمان،حديث 102)،وأحمد (2/242)،وأبوداود في (البيوع،حديث
3452) كلاهما بلفظ:"ليس منّا من غشّ"
(2) "الحسبة في الإسلام"،الطبعة السلفية(ص26).
ـ (3) منقول من كتاب العواصم مما في كتب سيد قطب من القوا صم للشيخ ربيع بن هادي عمير المدخلي حفظه الله (ص5 ـ 7).