بسم الله الرحمن الرحيم ـ لا يمنعن أحدكم رهبة الناس أن يقول بحق ـ قال تعالى:( فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين) [الحجر94] وقال عليه الصلاةوالسلام:("ألا لا يمنعن أحدكم رهبة الناس أن يقول بحق إذا رآه أو شهده فإنه لا يقرب من أجل ولا يباعد من رزق أن يقول بحق أو يذكّر بعظيم") [ مسندالإمام أحمد]ـقال شيخ الإسلام ابن تيميةكمافي مجموع الفتاوى(2/438-439): وأماقول القائل: إن أحمدإنماقال ذلك خوفًامن الناس فبطلان هذايعلمه كل عاقل بلغه شىءمن أخبارأحمد،وقائل هذاإلى العقوبةالبليغةالتى يفترى بهاعلى الأئمةأحوج منه إلى جوابه،فإن الإمام أحمدصارمثلًاسائرًايضرب به المثل في المحنةوالصبرعلى الحق،وأنه لم تكن تأخذه في الله لومةلائم حتى صاراسم الإمام ممقرونًاباسمه في لسان كل أحد،فيقال: قال الإمام أحمد،هذامذهب الإمام أحمد؛لقوله تعالى: (وجعلنامنهم أئمةيهدون بأمرنا لم صبرواوَكانوابِآيتنايوقنون) [السجدة:24]فإنه أعطى من الصبرواليقين مايستحق به الإمامةفي الدين،وقدتداوله ثلاثةخلفاءمسلطون من شرق الأرض إلى غربهاومعهم من العلماءالمتكلمين،والقضاةوالوزراءوالسعاةوالأمراءوالولاةمن لايحصيهم إلاالله،فبعضهم بالحبس وبعضهم بالتهديدالشديدبالقتل وبغيره وبالترغيب في الرياسةوالمال ماشاءالله،وبالضرب وبعضهم بالتشريدوالنفي وقدخذله في ذلك عامةأهلال أرض حتى أصحابه العلماءوالصالحون والأبرار،وهومع ذلك لم يعطهم كلمةواحدةمماطلبوه منه،ومارجع عماجاءبه الكتاب والسنةولاكتم العلم ولااستعمل التقية،بل قدأظهرمن سنةرسول الله وآثاره ودفع من البدع المخالفةلذلك مالم يتأت مثله لعالم من نظرائه وإخوانه المتقدمين والمتأخرين،ولهذاقال بعض شيوخ الشام: لم يظهرأحدماجاءبه الرسول كماأظهره أحمدبن حنبل فكيف يظن به أنه كان يخاف في هذه الكلمةالتى لاقدرلها.اهـ
ـوقال الذهبي في «السير» (18/509) في ترجمةأبي إسماعيل عبدالله بن محمدبن علي الهروي: وقدكان هذاالرجل سيفامسلولاعلى المتكلمين له صولةوهيبةواستيلاءعلى النفوس ببلده يعظمونه ويتغالون فيه ويبذلون أرواحهم فيمايأمربه كان عندهم أطوع وأرفع من السلطان بكثيروكان طوداراسيافي السنةلايتزلزل ولايلين لولاماكدركتابه الفاروق في الصفات بذكرأحاديث باطلةيجب بيانهاوهتكهاوالله يغفرله بحسن قصده وصنف الأربعين في التوحيدوأربعين في السنةوقدامتحن مرات وأوذي ونفي من بلده قال ابن طاهرسمعته يقول عرضت على السيف خمس مرات لايقال لي ارجع عن مذهبك لكن يقال لي اسكت عمن خالفك فأقول لاأسكت. ـقال أحمدبن حرب فيروزالنيسبوري رحمه الله:عبدت الله خمسين سنة،فماوجدت حلاوةالعبادةحتى تركت ثلاثة أشياء :تركت رضاالناس حتى قدرت أن أتكلم بالحق،وتركت صحبت الفاسقين حتى وجدت صحبةالصالحين،وتركت حلاوةالدنياحتى وجدت حلاوةالآخرة.("سيرالأعلام"/11/ص34/ ترجمةأحمدبن حرب).ـقال شيخ الإسلام رحمه الله:فلانترك دين الإسلام لشناعةالمشنع ولالتكفيرمكفر،ولالتضليل ضال،فإن إياب الخلاق إلى الله وعليه حسابهم،فالموحدلله سبحانه يظهرالحق حيث كان،خاصاوعاما،وكتابا،حتى لوطلب منه يكتم الحق في وقت الخوف الشديدلم يكتم.("الردعلى البكري"/2/765ـ766).