• If this is your first visit, be sure to check out the FAQ by clicking the link above. You may have to register before you can post: click the register link above to proceed. To start viewing messages, select the forum that you want to visit from the selection below.

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تذكير العباد بأهلية العَلَمين الوادعي والحجوري للاجتهاد

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تذكير العباد بأهلية العَلَمين الوادعي والحجوري للاجتهاد


    تذكير العباد
    بأهلية العَلَمين الوادعي والحجوري للاجتهاد
    وبراءتهما من جهيمان وجماعات الفساد

    قرأها وأذن بنشرها
    فضيلة الشيخ العلامة أبي عبد الرحمن يحيى بن علي الحجوري
    حفظه الله
    مع تقديم
    فضلة الشيخ أبي عبد الله محمد بن علي بن حزام البعداني
    حفظه الله
    كتبها الفقير إلى الله:
    أبو فيروز عبد الرحمن الإندونيسي



    
    تقديم فضيلة الشيخ محمد بن علي حزام البعداني حفظه الله

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد:
    فقد اطلعت على كتاب أخينا الجليل الداعي إلى الله عز وجل أبي فيروز عبد الرحمن بن سوكايا الإندونيسي الذي سماه: "تذكير العباد بأهلية العَلَمين( ) الوادعي والحجوري للاجتهاد وبراءتهما من جهيمان وجماعات الفساد" . فرأيته كتابا مفيدا فيه دفاع عن أهل الحق وحملة السنة أعني الإمام العلامة شيخنا مقبلا الوادعي، والإمام العلامة شيخنا يحيى الحجوري، وهذا واجبنا أمام علمائنا: أن ندفع عنهم بالحق، فإن أهل الباطل إذا أرادوا إسقاط الحق سعوا في إسقاط حملته ليتسنى لهم ذلك، ولكن يأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون، فجزى الله أخانا أبا فيروز خيرا، ونفع به الإسلام والمسلمين.
    كتبه
    أبو عبد الله محمد بن علي بن حزام الفضلي البعداني
    يوم الخميس الموافق 17 رجب 1433 هـ


    
    مقدمة المؤلف

    الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، أما بعد:
    فإن منزلة العالم في الأمة كمنزلة نجوم السماء يهتدون بها في ظلمات البر والبحر. سخره الله عز وجل لهداية العباد من الضلالة، وإنارتهم من الظلمات، وتعليمهم من الجهل، وإحياء قلوبهم بعد موتها، بإذن ربهم تبارك وتعالى. وبالعلماء نجّا الله الأمة من مكائد شياطين الإنس والجن.
    قال ربنا عز وجل: ﴿وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُون﴾ [النحل: 16].
    فالعلماء يذكرون الناس لئلا يغتروا بشبهات المبطلين وشهوات الدنيا: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ الله خَيْرٌ لِمَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُون﴾ [القصص/80]
    قال الإمام الآجري رحمه الله في شأن العلماء: فهم سراج العباد، ومنار البلاد، وقوام الأمة، وينابيع الحكمة، هم غيظ الشيطان، بهم تحيا قلوب أهل الحق، وتموت قلوب أهل الزيغ، مثلهم في الأرض كمثل النجوم في السماء، يهتدى بها في ظلمات البر والبحر، إذا انطمست النجوم تحيروا، وإذا أسفر عنها الظلام أبصروا. ("أخلاق العلماء" /للآجري/ص 10/دار الآثار).
    فمن أجل هذا شنّ عليهم الأعداء الغارة ليلا ونهارا وبذلوا جهدهم في نشر الأكاذيب على العلماء وزرع البغض في قلوب الناس لنفروا من حولهم.
    قال الله تعالى عن فرعون قال: ﴿إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ﴾ [غافر/26]. وقال عن ملئه: ﴿قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى﴾ [طه/63]
    وقال سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم: ﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِين﴾ [النحل: 103].
    وهذا من أساليب المبتدعة لضرب السلفيين وأئمتهم. ذكر صالح بن الإمام أحمد رحمهما الله بعض ما حصل في زمن المتوكل على الله: ... ثم إن رافعاً رفع إلى المتوكل: إن أحمد ربص علوياً في منزله، يريد أن يخرجه ويبايع عليه. قال: ولم يكن عندنا علم، فبينا نحن ذات ليلة نيام في الصيف، سمعنا الجلبة، ورأينا النيران في دار أبي عبد الله، فأسرعنا، وإذا به قاعد في إزار، ومظفر بن الكلبي صاحب الخبر، وجماعة معهم، فقرأ صاحب الخبر كتاب المتوكل: ورد على أمير المؤمنين أن عندكم علوياً ربصته لتبايع له، وتظهره، في كلام طويل. ثم قال (له) مظفر: ما تقول؟ قال: ما أعرف من هذا شيئا، وإني لأرى له السمع والطاعة في عسري ويسري، ومنشطي ومكرهي، وأثرة علي، وإني لأدعو الله له بالتسديد والتوفيق في الليل والنهار، في كلام كثير. فقال مظفر: قد أمرني أمير المؤمنين أن أحلفك، قال: فأحلفه بالطلاق ثلاثا، أن ما عنده طلبة أمير المؤمنين. ثم فتّشوا منزل أبي عبد الله والسرب والغرف والسطوح، وفتّشوا تابوت الكتب، وفتّشوا النساء والمنازل، فلم يروا شيئا، ولم يحسّوا بشئ، وردّ الله الذين كفروا بغيظهم، وكتب بذلك إلى المتوكل، فوقع منه موقعاً حسناً، وعلم أن أبا عبد الله مكذوب عليه. وكان الذي دسّ عليه رجل من أهل البدع. ولم يمت حتى بين الله أمره للمسلمين، وهو ابن الثلجي. ("سير أعلام النبلاء" /11 / ص 266-267/ الرسالة).
    وفي "محنة الإمام أحمد" للإمام المقدسي رحمه الله (ص107): فلما كان بعد يومين ورد كتاب علي بن الجهم : إن أمير المؤمنين قد صح عنده براءتك مما قرفتَ به، وقد كان أهل البدع قد مدوا أعناقهم، فالحمد لله الذي لم يشمتهم بك ... انتهى المراد.
    وكذلك يهوّنون شأن علماء السنة لئلا يستفيد من علومهم الناس ولا من نصائحهم. قال الله تعالى في قصة عاد: ﴿قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾ [الأعراف: 66]، وقال تعالى عن فرعون: ﴿أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِين﴾ [الزخرف: 52].
    ومن اتهامات بعض المبطلين للإمام أبي عبد الرحمن مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله أن عنده فكرة خارجية، وأن له علاقة مع حركة جهيمان الخارجي( ). وقد سألني بعض الإخوة عن العلاقة بين ذاك الإمام السلفي رحمه الله وبين حركة جهيمان الخارجية. وبعض الناس يهوّنون من شأنه بأنه لم يبلغ درجة الفقهاء المجتهدين.
    ثم لم يسلم أيضا خليفته البارّ شيخنا العلامة المحدث أبو عبد الرحمن يحيى بن علي الحجوري حفظه الله من الاتهام بفكرة الخروج، مع التحقير من شأنه أنه لم يصل إلى مستوى الفقهاء المجتهدين. وبعضهم يزهدون فيه استدلالاً بحديث: «البركة مع أكابركم».
    فمن كان ممن لم يعرف قدر هذين الإمامين، فالجاهل يعَلَّم ويُصبر عليه ( )، لأن الجهل بشيء قد يسبب بغضه، كما أن العلم بمحاسن الشيء سبب لمحبته. قال شيخ الإسلام رحمه الله: والحب يتبع العلم. ("مجموع الفتاوى"/10/ص 56).
    ومن كان من أهل الهوى فشأنهم شأن المعاندين، فعلينا الإعراض عنهم. قال تعالى: ﴿فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى﴾ [النجم: 29، 30].
    ولا يضرّهما الكلام الباطل فيهما، ولكن كان واجبا على من علم الحق أن يدافع عنه وعن حملته ما استطاع. فأحببت أن أبين للمسلمين بياناً وجيزاً على إمامة الشيخين مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله، ويحيى بن علي الحجوري حفظه الله، في العلم والسنة، ومناقبهما عند علماء السلفيين، وحسن آثارهما في الأمة، وبراءتهما من حركة جهيمان خصوصا وجميع الخوارج عموما.
    وأذكر بياناً شافياً –بإذن الله- على حديث: «البركة مع أكابركم».
    وأشكر فضيلة شيخنا العلامة أبا عبد الرحمن يحيى بن علي الحجوري حفظه الله ورعاه على مراجعته لهذه الرسالة وتسديد عباراتها.
    وأشكر فضيلة شيخنا أبا عبد الله محمد بن علي بن حزام الفضلي البعداني حفظه الله ورعاه على اهتمامه ونصرته على إصلاح هذه الرسالة.
    وأشكر إخواننا الفضلاء أبا يوسف رضوان الأمبوني، وأبا عبد الرحمن صديق البوغيسي، وأبا عبيدة عثمان السندكاني، وأبا عبد الرحمن حذيفة بن سفيان الرياوي الإندونيسيين حفظهم الله على تعاونهم على إنشاء هذه الرسالة وإخراجها لأني كتبتها في أيام قضي لي فيها بالمرض.
    وإلى الموضوع:

    الباب الأول: ترجمة وجيزة للإمام الوادعي رحمه الله

    إن سبر سيرة شخص مهم جدا في كشف حقيقة شأنه وعقيدته. فهذه ترجمة الإمام الوادعي رحمه الله الوجيزة الرائعة الدالة على إمامته في الخيرات.
    نسبه:
    هو الإمام العلامة المحدث أبو عبد الرحمن مقبل بن هادي بن قايدة الهمداني الوادعي اليمني
    مراحل طلبه العلم:
    بدأ الإمام رحمه الله تعالى طلب العلم في المكتب حتى انتهى من منهج المكتب، ثم ذهب إلى مسجد الهادي فلم يساعد على طلب العلم. وبعد زمن اغترب إلى أرض الحرمين ونجد، فاستنصح بعض الواعظين ما هي الكتب المفيدة ليشتريها؟ فأرشده إلى "صحيح البخاري" و"بلوغ المرام" و"رياض الصالحين" و"فتح المجيد". وكان رحمه الله يعمل آنذاك حارساً على عمارة في الحجون، فعكف على هذه الكتب يقرءها وكانت تعلق في ذهنه لأن العمل في بلده كان على خلاف ما فيها سيما كتاب "فتح المجيد".
    وبعد مدة رجع رحمه الله إلى بلده، وبدأ ينكر الذي وجد مجتمعه عليه من الذبح لغير الله، وبناء القباب على القبور، ونداء الأموات، والاستغاثة بهم. فبلغ ذلك الشيعة فأغاظهم ذلك فقائل منهم يقول: (من بدل دينه فاقتلوه)، ومنهم من يرسل إلى أقربائه ويقول: (إن لم تمنعوه فسنسجنه). وبعد المضايقات قرروا قراراً لم يستطع الفرار منه: قرروا أن يدخلوه "جامع الهادي".
    فلما رأى أن الكتب المدرَّسة غير مفيدة ما عدا "النحو"، ورأى أن الكتب المقررة شيعية معتزلية أقبل رحمه الله على "النحو"، وكان ينصح أحد مدريسهم: محمدَ بن حورية بترك التنجيم، فأبى عليه بل ينصح أصحاب الجامعة بطرد الشيخ مقبل رحمه الله منها، فشفعوا له.
    فلما قامت الثورة الجمهورية ترك هو رحمه الله وأهله البلاد ونزلوا نجران، ولازم شيخه أبا الحسين مجد الدين المؤيَّد، فاستفاد منه خصوصا في اللغة العربية. فمكث بها قدر سنتين، ثم رحل إلى أرض الحرمين ونجد، فسكن بنجد قدر شهر ونصف في مدرسة تحفيظ القرآن التابعة للشيخ محمد بن سنان الحدائي رحمه الله، وكان يكرمه كثيرا لما يرى من استفادته.
    ثم رحل رحمه الله إلى مكة، فكان يشتغل هناك إن وجد شغلا، ويطلب العلم في الليل، يحضر دروس الشيخ يحيى بن عثمان الباكستاني في "تفسير ابن كثير" و"البخاري" و"مسلم". ويدرس عند الشيخ العالم الفاضل: القاضي يحيى الأشوال اليماني "سبل السلام"، وغير ذلك. ويدرس عند الشيخ العالم الفاضل: عبد الرزاق الشاحذي المحويتي اليماني بعض الكتب يطلبها الشيخ رحمه الله.
    فلما فتح معهد الحرم المكي، دخل فيه فتتلمذ عند بعض أبرز المشايخ: الشيخ عبد العزيز السبيِّل، والشيخ عبد الله بن محمد بن حميد، وكذلك عند الشيخ محمد السبيِّل. وبعد الاستقرار في المعهد خرج رحمه الله إلى نجران للإتيان بأهله، ثم يسكنون بمكة مدة الدراسة في المعهد ست سنين.
    ويدرس بين المغرب والعشاء عند الشيخ عبد العزيز بن راشد النجدي. ويدرس عند الشيخ محمد بن عبد الله الصومالي نحو سبعة أشهر، وكان آية في معرفة رجال "الصحيحين"، واستفاد منه كثيرا في علم الحديث.
    ثم انتقل إلى المدينة إلى الجامعة الإسلامية في كلية الدعوة وأصول الدين، ومن أبرز مشايخه الشيخ السيد محمد الحكيم المصري، والشيخ محمود عبد الوهاب فائد المصري. وفي العطلة دخل في كلية الشريعة، فانتهى رحمه الله من الكليتين وأعطي شهادتين. قال رحمه الله: (وأنا بحمد الله لا أبالي بالشهادتين. المعتبر عندي هو العلم).
    وفي ذلك العام فتحت في الجامعة دراسة عالية ما يسمونها بالماجستير، فدخل فيها وهي تخصص قسم علم الحديث. وكان أبرز مشايخه الشيخ محمد الأمين المصري، و الشيخ السيد محمد الحكيم المصري، والشيخ حماد بن محمد الأنصاري. ويحضر بعض الليالي درس الإمام عبد العزيز بن باز في الحرم المدني في صحيح مسلم، ويحضر درس الإمام الألباني في جلساته الخاصة بطلبة العلم للاستفادة.
    دعوته في السعودية:
    ومنذ كان في الحرم المكي كان يدرِّس بعض طلاب العلم في "قطر الندى"، و"التحفة السنية"، وفي المدينة يدرس طلاب العلم في "التحفة السنية"، وفي بيته يدرِّس في جامع الترمذي، وقطر الندى، والباعث الحثيث. فانتشرت دعوة كبيرة بالمدينة في مدة ست سنوات قام بها هو وبعض زملائه. وحصلت رحلات دعوية في جميع أنحاء المملكة العربية فاستفاد منها الناس وأحبّوا الدعوة.
    فلما اشتعلت فتنة جهيمان وأصحابه أمرت الحكومة السعودية بترحيل الغرباء.
    ولما وصل إلى اليمن رجع الإمام رحمه الله إلى قريته ومكث بها يعلِّم الأولاد القرآن، وأقام الدعوة فتكالب عليه الشيعة وأعداء الإسلام. ودعاه ذات مرة أحد المسئولين فدخل عليه الإمام رحمه الله، ومعه حسين بن قائد مجلي فتكلم على الشيعة، وشرح له أن الشيخ ومن معه يدعون إلى الكتاب والسنة، وأن الشيعة حسدوهم على ذلك، ويخافون أن يظهر الحق، فقال المسئول: (إن الشيعة سوّدت تاريخ اليمن، وما دامت دعوتك كذلك فادع ونحن معك).
    وبعد ذلك مكث رحمه الله في مكتبته، وما هي إلا أيام فإذا بعض المصريين، ففتح رحمه الله دروسا في بعض كتب الحديث واللغة، ولم يزل طلبة العلم يفدون من مصر، والكويت، وأرض الحرمين ونجد، والجزائر، وليبيا، والصومال، وبلجيكا، ومن كثير من البلاد الإسلامية وغيرها.
    حرصه على تعليم طلابه وأهل بيته:
    وكان الإمام رحمه الله حريصاً على العلم فقد كان مهتماً بالتدريس أيما اهتمام، كانت له دروس عدة: فكان يدرس قبل آذان الظهر بساعة كتابه "الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين"، ولما انتهى منه أخذ يدرس في "الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين" وبعد صلاة الظهر يدرس يوماً في "تفسير بن كثير" ويوماً يدرس في كتابه "الصحيح المسند من أسباب النزول" فلما انتهى منه جعل مكانه درس "الجامع الصحيح" فصار يوماً يدرس "التفسير" ويوماً يدرس "الجامع الصحيح".
    وبعد العصر يدرس في "صحيح البخاري" وبعد المغرب يدرس في "صحيح مسلم" ، وفي كتابه "أحاديث معلة ظاهرها الصحة" ولما انتهى منه درس كتابه "غارة الفصل على المعتدين على كتب العلل". ولما انتهى منه درس كتابه "ذم المسألة"، إلا انه غاب في تدريسه كثيرا لما بدء مرضه يشتد عليه وكتبه هذه كلها درسها مع "صحيح مسلم". ولما انتهى من كتاب "ذم المسأله" درس في كتابه "الصحيح المسند من دلائل النبوه" وكان يجعل يوما له ويوما لـ: "صحيح مسلم" ومع هذين الكتابين يدرس كتاب "المستدرك" وكتابه "الصحيح المسند في القدر". فهذه دروس الإمام الوادعي رحمه الله الخاصه في دار الحديث. وإذا انتقل إلى بيته يدرس ابنته أم عبدالله كتاب "قطر الندى"، ثم يقرأ نساؤه عليه حديثا من كتابه "دلائل النبوة". وكذلك يدرسهن الإملاء، وكان يدرس زوجته أم شعيب "المتممة" قبل النوم.
    وفور ذكاؤه، وسعة علمه، وقوة فقهه:
    وكان رحمه الله إذا تكلم في علم الرجال كأنه فارس ميدان هذا العلم كان يأتي بفوائد عجيبة وربما جاء في بعض الأسانيد فلان بن فلان فيقول أخشى أن يكون تصحيفاً فيبحث فيوجد أنه مصحف كما قال. وأما النحو إذا ناقش طلبته كأنه لا يوجد غيره في معرفة هذا الفن لكثرت الفوائد التي يطرحها في دروسه. وإذا تكلم في العلل أدهش من حوله. وإذا جاءته أسئلة يجيب عليها وكان سريع الاستحضار للأدلة لقد كنا نندهش من قوة ذاكرته يأتي بالأدلة من كتاب الله ومن سنة رسوله فيرصها رصاً ويناسق بينها ويستبنط منها استنباطات عجيبة مع أنه لا يحفظ القرآن كاملاً ومن قرأ في كتابه ( الجامع الصحيح) عرف فقه الرجل من خلال تلك التراجم وكما قيل فقه البخاري في تراجمه.
    حرصه على الدعوة:
    كان الإمام الوادعي رحمه الله حريصاً على الدعوة إلى الله أيما حرص، مع كثرة مشاغله في التأليف والتدريس. وكان يوجه طلبته ويقول لهم: (لا تقبلوا على العلم وتتركوا الدعوة عليكم بالدعوة إلى الله بما تعلمتم). وقد خرج للدعوة ففي بعض السنوات يخرج ويتنقل في كثير من المدن والقرى اليمنية صعِد الجبال ونزل الأودية والسهول، وكان يؤذى من قبل أعداءه من الجماعات كالإخوان المسلمين وأصحاب جمعيتي الحكمة والإحسان والعلمانيين والصوفية وغيرهم، ولا ينقطع عن دعوته إلى الكتاب والسنة. وكان يحضر له الجموع الغفيرة حتى إنه في بعض المحاضرات لا تتسع المساجد للجموع التي تحضر فيجعلونها في مصلى العيد، فيحذر الناس من جميع المنكرات من الشرك والبدع والحزبية التي فرقت شمل الأمة وغير ذلك. ويناصح المزارعين والمدرسين والمسؤولين والآباء والأمهات والأبناء والأطباء والتجار والصحفيين والعمال. بل كان حريصاً على هداية الناس أفراداً وجماعات. وجاءه مراسل إذاعة لندن فطلب منه أن يتكلم معه فقال له الشيخ: (ما رأيك تسلم وأتكلم معك؟) فنصحه الشيخ وطلب منه أن يسلم، فأبى، فرفض أن يتكلم معه. ومكث أياماً يحضر الدروس يريد الكلام مع الشيخ، والشيخ يطلب منه أن يسلم كان حريصاً على هدايته ومكث أياماً ثم رحل.
    وكان رحمه الله إذا انتهى من محاضرته ينتقل إلى بيت أحد الأخوة، فيجتمع الناس به يسألونه فيجيب على أسئلتهم، فإذا انصرفوا عنه قرأ إن كان لديه نشاط، وإلا ينام.
    حرصه على طلاب العلم:
    وكان رحمه الله حريصا على طلبة العلم وكان يحزن ويتوجع إذا علم أن طلبته يحتاجون شيئا ولم يستطيعوا الحصول عليه فقد قال رحمه الله في بعض دروسه: أعظم مشقة تواجهني أعظم من مواجهة المبتدعة وأعظم من التأليف هي حاجات الطلاب
    وكان رحمه الله لا يبخل على طلابه بشيء، فقد خرج مرة بعد درس الظهر من بيته ومعه صحن فيها أرز وإناء فيه لبن فأعطاه بعض الطلبة. وكان إذا خرج من الدرس بعد الظهر وجاء أحد يسأله عن سؤال قال له: (ادخل نتغدى ثم نتكلم).
    ومرة قدم له بعض طلبة العلم ورقة في أحد الدروس مكتوب فيها: (أنا طالب علم وأحب العلم وعليّ دين وأخشى أن يصرفني عن طلب العلم). وبعد ما قرأها الشيخ أخذ يدرس وقبل الإنتهاء من الدرس قال في مكبر الصوت: (الأخ الذي قدم الورقة يذهب إلى الأخ فلان ويقول له كم دينه وننظر هل نستطيع مساعدته).
    سخاوة نفسه:
    فقد كان رحمه الله كريماً، يستقبل وفوداً. وإذا جاءه زائرون دعاهم إلى بيته للغداء. وإذا جاء في وقت متأخر استقبله الطلاب إلى غرفة الضيوف، ثم يلتقي بالشيخ، ويقدم الغداء بنفسه في كثير من الأوقات. وكذلك كان يجلس معه بعض الزوار بعد صلاة الفجر، فيقدم لهم زبيباً ويكرمهم غاية الإكرام وكان يجود بما يملكه .
    ولم يكن يدخر عنهم شيئا وهو يعتبرهم أبناءه وكان رحمه الله تعالى يراعي جدا شعور الطلاب ولهذا فقد كان من الموانع في عدم شراء ثوب للعيد له من أجل لا يكون شئ قي قلوب طلاب العلم الذين لا يجدون ملابس جديدة للعيد ويقول: (هات الموجود).
    وعند أن خرج من اليمن في هذه الأونة الأخيرة اشتاق جدا للمركز ولطلابه. وربما تذكرهم وبكى ويقول: (هم أولادي).
    تواضعه:
    وكان رحمه الله ذا أخلاق سامية فلا يحتقر المسكين والضعيف ويرحم الصغير ويعين الكبير ويشفق على النساء الصالحات ويعينهن بكل ما في وسعه.
    فمن تواضعه لو ناداه طفل وهو يمشي لوقف له، يكلمه، وينظر ماذا يريد. ويأتيه الصغير وهو على كرسيه يلقي درسه، فيتوقف عن إلقاء درسه فيقول له الصغير: (أريد أن أقرأ حديثاً في مكبر الصوت) فيرفعه الإمام أو يأمر بعض طلبة العلم برفعه، فيجلسه أمامه، فيقرأ الصغير حديثه، والإمام يبتسم، ولا يتضجر. وكان مع طلبته هين لين.
    ومن تواضعه أنه كان إذا جاءه العوام يجلس معهم الوقت الطويل بالرغم من حرصه على الوقت، حتى إنه قال لنا في بعض دروسه: (يأتيني العوام فأجلس معهم وأحتسب على الله لأنهم لا يعرفون قيمة الوقت، وسيقولون إنني متكبر. أما طلاب العلم أعاملهم خلاف العوام، لأنهم يعرفون قيمة الوقت. وابن الجوزي رحمه الله كان يجمع ما عنده من الأقلام فإذا جاءه الزائرون يجلس معهم يبرئ الأقلام).
    عفته وعزة نفسه:
    وكان الإمام الوادعي رحمه الله عفيفاً، عنده عزة نفس حتى إن من عزة نفسه أنه كان يتحرج من أن يكتب لأهل الخير بما يخص طلبته. فعلم بذلك الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله فكتب إليه: (يا أبا عبدالرحمن اكتب وأنت مأجور). وإذا أتته الأموال لطلبة العلم مباشرة يحيلها إلى المسؤول عن شؤون الطلاب. وكان رحمه الله على هذه الخصلة الطيبة من بداية أمره.
    ودرس الطلاب في كتابه "ذم المسألة" وكان يذم من يذهب يتسول باسم الدعوة ويحذر منه. قال في مقدمة كتابه السالف ذكره: أما بعد فإني لما رأيت أقواماً ممن يزعمون أنهم دعاة إلى الله تخصصوا للتسول وتركوا الاحتراف. فرب زراع يأكل أكلاً حلالاً من كسب يده بل عمله من أفضل القربات، فقد روى البخاري ومسلم عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما من مسلم يغرس غرساً أو يزرع زرعاً فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة».
    ورب شخص يعمل في التجارة وهي أيضاً من أفضل القربات وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل أي الكسب أطيب قال: عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور( ).
    بل ربما يكون الرجل بدوياً يأكل مما تنتجه غنمه وإبله فيرى المتسولين يفتحون المعارض ويبنون العمائر، فيعفو لحيته ويتشبه بالدعاة إلى الله ويحترف التسول أف لها من وضيفة مشينة مزرية.
    زهده رحمه الله:
    ذكر رحمه الله أنه عندما كان يتعلم في جامع الهادي كان يبقى معه شيء من الخبز فيضعه في فتحة في الجدار يقال لها الخزانة. فيأتي يوم من الأيام لا يجد أكلاً فيأتي لها. قال رحمه الله: (فأدخل يدي ورأسي أبحث عنها، ثم أخرجها وقد نسج عليها العنكبوت، فأميط عنها التراب، فأجدها قد يبست فأبلّها بالماء، ثم إن وجدت حبة من الطماطم فأمر طيب، وإلا أكلتها).
    وجاء يوما بعض الناس من فاعلي الخير إلى الإمام رحمه الله فأرادوا أن يبنوا له بيتا فقال لهم: (هاتوا المال) فأخذ منهم المال، وبنى به مسجداً، وبنى غرفة صغيرة فوق المسجد. فلما جاءوا قالوا له: (أين البيت) قال لهم: (هذا هو بيتي) وأراهم المسجد وأشار لهم إلى الغرفة الصغيرة التي فوق المسجد.
    ومن زهده( ) في الدنيا أنه أوقف أرضا كبيرة كان يملكها لطلبته كي يبنوا فيها مساكن لهم.
    وقال رحمه الله: وأخيراً فإني أنصح لأهل السنة أن يصبروا على الفقر فهي الحال التي اختارها الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
    ورعه:
    وكان رحمه الله تعالى ورعاً( ) فلا يبقى مال الدعوة عنده بل يحيله إلى مسؤول المال. بل كان ربما يهدى له شيء من شخص لا يعرفه فيترك الانتفاع به ويعطيه من تستحقه من زوجاته.
    محاولة الأعداء على قتله:
    إن أهل الباطل قد حاولوا اغتيال هذا العالم الجليل والمجاهد النبيل فإنه عندما كان هو وبعض مشايخ أهل السنة بمدينة عدن في مسجد الرحمن وضع له رجلان لغما في الطريق الذي سيخرج منه الشيخ رحمه الله ولكن كما قال تعالى: ﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِه﴾ [فاطر: 43] فقد انفجر اللغم ومزق جسدي هذين الآثمين.
    وكذلك حاولوا قتله والسلفيين في جامع الخير بصنعاء، فقتل عدد من الأبرياء وجرح بعض الآخرين، وسلم الشيخ رحمه الله وإياهم أجمعين.
    صبره على المرض:
    دخل أحد الفضلاء يوما على الإمام رحمه الله وكان مريضاً مرضاً شديداً، فأراد أن يخرج يلقي دروسه فقال له: (يا شيخ أنت متعب، يقوم بالدروس غيرُك). فأجاب: (لا والله لا أترك هذه الوجوه الطيبة).
    وخرج يوما من بيته يلقي الدروس ويده مربوطة إلى عنقه وعليها جبيرة فسئل بعض الطلاب ما الذي حصل للإمام؟ قالوا: (سقط في بيته على الأرض) ولم يترك الدروس حتى شفي.
    وقال زوجه أم شعيب حفظها الله: وكان يصبر على المرض فما يشكو لأحد مرضه حتى إنه في مرضه الأخير كنت أتألم لحالته وهو يضحك ويسألنا وأنا أقول يا شيخ أرفق بنفسك فيقول الحمد لله أنا مرتاح ثم أسكت.
    وفاته رحمه الله:
    من أجل شدة مرضه رحل رحمه الله في تاريخ 16 ربيع الثاني 1421 هـ إلى الرياض فاستقبله أمراء السعودية استقبالهم للأمراء وأكرموه غاية الإكرام، وفي مكة أعدّ له الأمير السلفي نايف بن عبد العزيز رحمه الله منزلا لا يبعد عن المسجد الحرام إلا بمقدار خمسين مترا. ثم في أواخر شهر جمادى الثانية 1421 هـ رحل إلى أمريكا للعلاج على حساب الأمراء السعودية، فلما وصل هناك رحبوه محبو الدعوة السلفية ترحيبا عظيما وبذلوا أموالا وأنفسا لخدمته وأكرموه غاية الإكرام.
    وفي أواخر شهر شوال 1421 هـ وصل إلى جدة وهو محرِم بعمرة متمتع بها إلى الحج تحت إكرام وخدمة الحكومة السعودية، حتى أكمل أعمال الحج في الثالث عشر من ذي الحجة.
    وفي 7 ربيع الثاني 1422 هـ تعالج إلى ألمانيا على حساب الأمراء السعودية، ثم وفي اليوم السبت 30 ربيع الثاني 1422 هـ رجع إلى صنعاء. وفي ليلة الأحد بين المغرب والعشاء توفي رحمه الله بابتسامة ملأت وجهه، وقد وصى أن يدفن في مقبرة العدل في جدة. فقامت الوزارة الداخلية السعودية بإرسال ثلاثة الضباط لمرافقة جنازة الإمام رحمه الله حتى وصلوا إلى مكة. غسلت جنازته رحمه الله في جدة ولم تفارق ابتسامته وجهه في الغسل ولا بعده، ثم صلي عليه في المسجد الحرام بعد صلاة الفجر، ثم دفن في مقبرة العدل بجدة بعد جهد عظيم في إخراج جنازته من المسجد لكثرة المصلين والحاضرين.
    مراجع الترجمة:
    - "ترجمة أبي عبد الرحمن مقبل بن هادي الوادعي" بقلم الإمام مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله.
    - "الرحلة الأخيرة لإمام الجزيرة" بقلم أم سلمة السلفية.
    - "نبذة يسيرة من حياة أحد أعلام الجزيرة العلامة الوادعي رحمه الله" بقلم محمد بن علي الصومعي.
    - "الباعث على شرح الحوادث" للإمام مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله.

    الباب الثاني: بيان سعة علوم الإمام الوادعي رحمه الله وإمامته وسلفيته

    الفصل الأول: مصنفات الإمام الوادعي رحمه الله
    وقد ترك هذا الإمام الجليل رحمه الله تراثاً عظيماً في ميادن العلوم الشرعية الدالة على سعة علمه، وثباتهم على الحق، وكثرة نصائحه للأمة. قال يحيى بن خالد رحمه الله: ثلاثة أشياء تدل على عقول أربابها: الكتاب يدل على عقل كاتبه، والرسول يدل على عقل مرسله، والهديّة تدل على عقل مهديها. ("العقد الفريد"/2/ص 114/لابن عبد ربه الأندلسي).
    فمن مصنفات الإمام الوادعي رحمه الله:
    1- الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين
    2 - تراجم رجال الحاكم في المستدرك
    3 - تتبع أوهام الحاكم التي سكت عليها الذهبي طبعت ضمن المستدرك وصار عدده
    4 - تراجم رجال الدار قطني في سننه
    5 - الصحيح المسند من دلائل النبوة
    6 - غارة الفصل على المعتدين على كتب العلل
    7 - الجامع الصحيح في القدر
    8 - صعقة الزلزال لنسف أباطيل الرفض والاعتزال
    9 - إجابة السائل عن أهم المسائل
    10 - الشفاعة
    11- رياض الجنة في الرد على أعداء السنة
    12- الطليعة في الرد على غلاة الشيعة وحكم القبة المبنية على قبر الرسول صلى الله عليه وسلم
    13 - تحفة المجيب على أسئلة الحاضر والغريب
    14 - المخرج من الفتنة
    15 - الصحيح المسند من أسباب النزول
    16 - ردود أهل العلم على الطاعنين في حديث السحر
    17 - المصارعة
    18 - الباعث على شرح الحوادث
    19 - إرشاد ذوي الفطن لإبعاد غلاة الروافض من اليمن
    20 - الجامع الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين
    21 - غارة الأشرطة على أهل الجهل والسفسطة
    22 - الفواكه الجنية في الخطب والمحاضرات السنية
    23 - قمع المعاند وزجر الحاقد الحاسد
    24 –إلحاد الخميني في أرض الحرمين
    25 - تحفة الشاب الرباني في الرد على الإمام محمد بن علي الشوكاني
    26 - فتوى في وحدة المسلمين مع الكفار
    27 - إقامة البرهان على ضلال عبد الرحيم الطحان
    28 - الديباج في مراثي شيخ الإسلام الشيخ عبد العزيز ابن باز
    29 - حكم تصوير ذوات الأرواح
    30 - المقترح في أجوبة أسئلة المصطلح
    31 - فضائح ونصائح
    32 - مقتل الشيخ جميل الرحمن الأفغاني ومعه بحث حول كلمة وهابي.
    33 - إسكات الكلب العاوي
    34 - تحقيق تفسير ابن كثير (حقق مجلداً وما بقي قام بتحقيقه بعض طلبته)
    35 - الصحيح المسند من التفسير بالمأثور (ولم ينته منه وتقوم إحدى زوجاته بإكماله)
    36 - كتاب الإلزامات والتتبع للإمام الدارقطني دراسة وتحقيق.
    37- البركان لنسف جامعة الإيمان
    38- شرعية الصلاة في النعال
    39- تحريم الخضاب بالسواد
    40- الجمع بين الصلاتين في السفر
    41- إيضاح المقال في أسباب الزلزال والرد على الملاحدة الضلال
    42- ذم المسألة.
    43- السير الحثيث في شرح اختصار علوم الحديث.
    44- مجلس الشيخات في اليمن

    الفصل الثاني: تجديد الإمام مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله هذا الدين في اليمن
    عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها»( ). (أخرجه أبو داود (4291) وغيره).
    وليس المعنى أن هؤلاء المجددين يأتون بدين جديد مخالف دين محمد صلى الله عليه وسلم، بل هم يجددون لهذه الأمة ما اندرس من سريعته وسنته. قال المناوي رحمه الله: أي ما اندرس من أحكام الشريعة وما ذهب من معالم السنن وما خفي من العلوم الدينية الظاهرة والباطنة حسبما نطق به الخبر الآتي وهو: «إن الله يبعث» إلى آخره وذلك لأنه سبحانه لما جعل المصطفى خاتمة الأنبياء والرسل، وكانت حوادث الأيام خارجة عن التعداد، ومعرفة أحكام الدين لازمة إلى يوم التناد. ولم تف ظواهر النصوص ببيانها( ) بل لا بد من طريق واف بشأنها اقتضت حكمة الملك العلام ظهور قوم من الأعلام في غرة كل قرن ليقوم بأعباء الحوادث إجراءً لهذه الأمة مع علمائهم مجرى بني إسرائيل مع أنبيائهم. ("فيض القدير"/1/ص 10).
    ولا يلزم أن يكون المجدد في كل عصر واحد لا مزيد عليه، بل يمكن أكثر من ذلك. قال الحافظ رحمه الله: ...أنه لا يلزم أن يكون في رأس كل مائة سنة واحد فقط، بل يكون الأمر فيه كما ذكر في الطائفة، وهو متجه، فإن اجتماع الصفات المحتاج إلى تجديدها لا ينحصر في نوع من أنواع الخير، ولا يلزم أن جميع خصال الخير كلها في شخص واحد، إلا أن يدعى ذلك في عمر بن عبد العزيز فإنه كان القائم بالأمر على رأس المائة الأولى باتصافه بجميع صفات الخير، وتقدمه فيها، ومن ثم أطلق أحمد أنهم كانوا يحملون الحديث عليه. وأما من جاء بعده فالشافعي، وإن كان متصفا بالصفات الجميلة إلا أنه لم يكن القائم بأمر الجهاد والحكم بالعدل. فعلى هذا كل من كان متصفا بشيء من ذلك عند رأس المائة هو المراد سواء تعدد أم لا. ("فتح الباري"/ لابن حجر /13/ص 295).
    ومن نظر إلى سيرة الإمام مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله بإنصاف وجد أنه رحمه الله من المجددين حقا، ولا سيما في الديار اليمانية المليئة بالتشيع وغيرها من البدع المظلمة مدة ألف سنة.
    فمن السنن المحمدية التي جددها رحمه الله ما تلي:
     في الوضوء: 1- المسح على العمامة
    2- المسح على الخفين
    3- كيفية مسح الرأس في الوضوء
    4- الوضوء بعد أكل لحم الإبل
     في الصلاة: 1- الصلاة في وقتها
    2- تسوية الصفوف
    3- التقارب بين الصفوف
    4- عدم الصلاة بين السواري في صلاة الجماعة
    5- عدم التلفظ بالنية
    6- الصلاة خلف السترة
    7- الصلاة في النعال
    8- الإسرار بالبسملة
    9- التأمين بعد قراءة الفاتحة
    10- وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة
    11- قراءة "السجدة" و"الإنسان" في صبح يوم الجمعة
     في الأذان: 1- الأذان الأول قبل الفجر
    2- الاكتفاء في يوم الجمعة بأذان واحد وهو حين جلس الخطيب على المنبر
    3- قول المؤذن عند المطر: صلوا في بيوتكم!
     في القبر: 1- تحريم بناء القبة أو غيرها من الأبنية على القبر
    2- تحريم المشي بين القبور بالنعال
     في الصوم: 1- تعجيل الفطر عند غروب الشمس، وتأخير السحور إلى قبيل الفجر
     في المسجد: 1- المنبر له ثلاث درجات
    2- الاعتكاف في المسجد داخل الخيام
     في المعاملة: 1- تحريم مصافحة الرجال النساء الأجنبيات
    2- الحث على إفشاء السلام بين المسلمين
    إنما هذه أنموذج يسيرة في تجديد الإمام الوادعي رحمه الله في الديار اليمانية، فمن أحبّ إتمام النظر فيراجع كتاب "البيان الحسن بترجمة الإمام الوادعي وما أحياه من السنن" للشيخ عبد الحميد الحجوري حفظه الله.
    الفصل الثالث: ثناء العلماء في الإمام الوادعي رحمه الله ومناقبه عندهم
    الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله لما سئل عن الذين يطعنون في الشيخ ربيع حفظه الله والشيخ مقبل رحمه الله قال: نحن بلا شكٍّ نحمد الله عز وجل، أن سخَّرَ لهذه الدَّعوة الصَّالحة القائمة على الكتاب والسُّنَّة على منهج السَّلف الصَّالح؛ دعاة عديدين في مختلف البلاد الإسلامية يقومون بالفرض الكفائي، الذي قلَّ مَنْ يَقُومُ به في العالم الإسلامي اليوم، فالحطُّ على هذين الشيخين الشيخ ربيع والشيخ مقبل الداعيين إلى الكتاب والسنة وما كان عليه السلف الصالح، ومحاربة الذين يخالفون هذا المنهج الصحيح؛ هو كما لا يخفى على الجميع إنما يصدر من أحد رجلين: إما جاهلٌ أو صاحب هوى.
    الجاهل يمكن هدايته؛ لأنه يظن أنه على شيء من العلم، فإذا تبين العلم الصحيح اهتدى.أما صاحب الهوى فليس لنا إليه سبيل، إلا أن يهديه الله-تبارك وتعالى- فهؤلاء الذين ينتقدون الشيخين-كما ذكرنا-إما جاهلٌ فيعلم، وإما صاحب هوى، فيستعاذ بالله من شره، ونطلبُ من الله –عزوجل- إما أن يهديه وأما أن يقصم ظهره. (من مقدمة كتاب "النصر العزيز على الرد الوجيز" للشيخ ربيع بن هادي (ص6-7) نقلاً عن أشرطة "سلسلة الهدى والنور" رقم (851/1)).
    وقال أيضا الإمام الألباني رحمه الله: وأما أهل المعرفة بهذا الفن فهم لا يشكون في ضعف مثل هذا الحديث ، فهذا هو الشيخ الفاضل مقبل بن هادي اليماني يقول في تخريجه على "ابن كثير " ( 1/513 ) بعد أن تكلم على رجال إسناده بإيجاز مفيد فردا فردا : و الحديث ضعيف من أجل الانقطاع ، و ضعف عبيد الله بن الوليد الوصافي. ("السلسلة الضعيفة"/5 /ص 75).
    وقال رحمه الله: أما بالنسبة للشيخ مقبل، فأهل مكة أدرى بشعابها، وبالأخبار التي تأتينا منكم أكبر شهادة لكون الله عز وجل قد وفقه توفيقا ربما لا نعرف له مثيلا بالنسبة لبعض الدعاة الظاهرين اليوم على وجه الأرض. ("سلسلة الهدى والنور"/شريط رقم (851)/نقله معمر القدسي هداه الله في كتابه "الشيخ مقبل"/ص80/دار الآثار).
    وذُكر للإمام ابن باز رحمه الله انتشار دعوة الشيخ مقبل في اليمن وغيره فقال: هذه ثمرة الإخلاص، هذه ثمرة الإخلاص. (قاله الشيخ محمد بن عبد الوهاب الوصابي هداه الله، كما نقله الشيخ عبد الحميد الحجوري حفظه الله في "البيان الحسن"/ص33/دار الإمام أحمد).
    ومما يدل على مكانته عند الإمام ابن باز ما ذكره الإمام الوادعي رحمه الله نفسه: وفي ذات مرةٍ واحدٌ في صنعاء تهرّب إلى الرياض وقال له –أي: للإمام ابن باز رحمه الله- : يا شيخ، أنا من أهل السنة، وليس عندي أي ورقة، فقال له: أثبت لي أنك من أهل السنة، فأخرج ورقة من عندي تعريفا به، وكتب له الشيخ ورقة يمشي بها أينما يريد اهـ. (رثاء الشيخ مقبل للإمام ابن باز/ص16، كما في "إعلام الأجيال"/لسليم بن عبد الله الخوخي وفقه الله/ص26-27/دار الآثار).
    وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: الشيخ مقبل إمام –فعارضه بعضهم بكلام يطعن به في الشيخ- فقال الشيخ رحمه الله: الشيخ مقبل إمام، الشيخ مقبل إمام. (قاله الشيخ عبد الله بن عثمان الذماري وفقه الله، كما نقله الشيخ عبد الحميد الحجوري حفظه الله في "البيان الحسن"/ص33/دار الإمام أحمد).
    وسأل أبو الحسن الحزبي الإمامَ ابن العثيمين رحمه الله عن الشيخ مقبل فقال: هو يُسأل عني اهـ. ("إعلام الأجيال"/لسليم بن عبد الله الخوخي وفقه الله/ص27/دار الآثار).
    وقد سأل أبو الحسن الحزبي الإمامَ ابن العثيمين رحمه الله مرة بمنى عن الشيخ مقبل: هناك من أخبر الشيخ أنك تكلمت فيه، فهل هذا صحيح؟ قال: ليس هذا بصحيح، والله! إني لأعتقد أن الشيخ مقبلا إمام من الأئمة اهـ. ("القول الأمين في رثاء ابن عثيمين"/ نفس المصدر).
    وقال فضيلة الشيخ صالح فوزان حفظه الله تعالى: الحمد لله وبعد: فقد اطلعت على محاضرة ألقاها فضيلة الشيخ مقبل بن هادي الوادعي، ألقاها في آخر حياته –رحمه الله- فيها بيان للحق، وردّ للباطل، واعتراف بالجميل للدولة السعودية فيما تقوم به من خدمة للإسلام والمسلمين، وهي شهادة حق من عالم جليل، فجزاه الله خير الجزاء على ما قام به في اليمن وغيره من الدعوة إلى الله ونشر العلم النافع، وتصحيح العقيدة، والحث على التمسك بالسنة. نفع الله بجهوده وكتب له عظيم الأجر والثواب، ...إلخ. (منشورة فضيلة الشيخ صالح فوزان حفظه الله).
    قال خالد بن ضحوي وفقه الله: ومن تقدير الشيخ ربيع للشيخ مقبل أني قد كنت مع الشيخ ربيع في زيارة للشيخ مقبل في المستشفى التخصصي في جدّة بعد قدومه من ألمانيا، وقد كان في غيبوبة، فلما وصلنا لغرفته وكان الشيخ على سريره تقدم الشيخ ربيع وقبل رأسه ثم بكى بكاءً شديداً، فرحمه الله رحمة واسعة، وجمعنا به ومشايخنا في جنات النعيم اهـ. ("الثناء البديع على الشيخ ربيع"/ص38-39 /لخالد بن ضحوى الظفيري/دار المنهاج).
    وقال فضيلة الشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله: ...، هذا ما نعزّيكم به في حامل لواء السنة والتوحيد، ذلكم الداعي إلى الله المجدد بحق في بلاد اليمن، وامتدت آثار دعوته إلى أصقاع شتى من أصقاع الأرض. وأقول لكم مما أعتقده: إن بلادكم بعد القرون المفضلة عرفت السنة، ومنهج السلف الصالح، على تفاوت الظهور والقوة، ومع ذلك فلا أعرف نظيرا لهذا المعهد الذي منّ الله به عليكم وعلى أهل اليمن، على يدي هذا الرجل الصالح المحدث الزاهد الورع الذي داس الدنيا وزخارفها تحت قدميه اهـ. (1/5/1422 اهـ/ ("إعلام الأجيال"/لسليم بن عبد الله الخوخي وفقه الله/ص27/دار الآثار، وبعضها ذكره الشيخ عبد حميد الحجوري حفظه الله في "البيان الحسن"/ص33/دار الإمام أحمد).
    وقال الشيخ ربيع المدخلي حفظه الله أيضا: هذا الرجل الزاهد الورع الذي أعتبره إن شاء الله من المجددين للإسلام في هذا العصر، فرحمه الله ...إلخ. ("إعلام الأجيال"/لسليم بن عبد الله الخوخي وفقه الله/ص28/دار الآثار).
    وقال فضيلة الشيخ أحمد بن يحيى النجمي رحمه الله في زيارته لدار الحديث بدماج بعد ممات الشيخ 3 جمادى الآخرة/1422 هـ: الحمد لله على قضاء الله وقدره، ولا بد من الصبر، فالناس كلهم إلى الموت، ولكن من خلّف مثل هذا لا يعتبر مات، فإنه قد أسس، وإنه قد أصلح، وإنه قد دعا، وإنه قد بذل جهدا نغبطه عليه، ونحسب أنه عند الله من فضلاء الأتقياء، ومن علية الأولياء، ونحسبه كذلك والله حسيبنا جميعا، ولكنا نرى هذا، نراه بأعيننا ونلمسه بحواسنا، ونعرف والحمد لله أنه عمل خيرا كثيرا قل أن يصل إليه أحد، -إلى قوله:- وما هذه الجموع التي نراها إلا من حسنات ذلك الشيخ العظيم، الذي دعا إلى الله وصبر وصابر( )، وبذل كل غال ونفيس في جمع هذه الوجوه، وحثها على طلب العلم ووضعها على المسار الصحيح ...إلخ. ("إعلام الأجيال"/لسليم بن عبد الله الخوخي وفقه الله/ص28-29/دار الآثار).
    وقال فضيلة الشيخ العلامة حماد الأنصاري رحمه الله: إن مقبلا الوادعي تلميذي وأنا الذي اخترت له الموضوع في ماجستير وكان يقرأ علي في البيت في أيام الحرة الشرقية –إلى قوله:- كنت أقول له أرجو أن تكون في اليمن في هذا الزمان كالشوكاني في زمنه. وقد كان مقبل تلميذا ما رأيت مثله في النشاط وطلب العلم اهـ. ("المجموع في ترجمة العلامة المحدث الشيخ حماد بن محمد الأنصاري"/2/ص606-607/تأليف ولده عبد الأول).
    وقال شيخنا العلامة يحيى بن علي الحجوري حفظه الله: أما شيخنا العلامة الوادعي رحمه الله؛ فهو عالم سلفيٌّ مشهودٌ له بالخير والسنة والمنهج السلفي الصحيح، وشدّة الحذر والتحذير من الشركيّات، والبدع والخرافات وسائر الفتن، وأشرطتُه ومنهجُه وآثارُه ودعوتُه وطلابه الصالحون الصادقون، وألسنةُ أهلِ العلم وأهلِ الخيرشاهدةٌ بذلك. ("الحجاج لعبد الكريم الإرياني"/للشيخ يحيى الحجوري حفظه الله/ص6-7/مكتبة الفلاح).
    الفصل الرابع: أهلية الإمام رحمه الله للاجتهاد والفتوى
    ذكر الإمام ابن القيم رحمه الله النوع الأول من أهل الفتوى: العالم بكتاب الله، وسنة رسوله، وأقوال الصحابة؛ فهو المجتهد في أحكام النوازل، يقصد فيها موافقة الأدلة الشرعية حيث كانت. ("إعلام الموقعين"/4/ص454/دار الحديث).
    ومن شروط المفتي ما قاله الإمام أبي إسحاق الشيرازي رحمه الله: وينبغي أن يكون المفتي عارفا بطرق الأحكام وهي: الكتاب، والذي يجب أن يعرف من ذاك ما يتعلق بذكر الأحكام، والحلال، والحرام، دون ما فيه من القصص، والأمثال، والمواعظ، والأخبار. ويحيط بالسنن المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيان الأحكام، ويعرف الطرق التي يعرف بها ما يحتاج إليه من الكتاب والسنة من أحكام الخطاب، وموارد الكلام، ومصادره من الحقيقة، والمجاز( )، والعام، والخاص، والمجمل، والمفصل، والمطلق، والمقيد، والمنطوق، والمفهوم. ويعرف من اللغة والنحو ما يعرف به مراد الله تعالى، ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم في خطابهما. ويعرف أحكام أفعال رسول الله صلى الله عليه و سلم وما تقتضيه. ويعرف الناسخ من ذلك من المنسوخ، وأحكام النسخ وما يتعلق به. ويعرف إجماع السلف وخلافهم، ويعرف ما يعتد به من ذلك ما لا يعتد به. ويعرف القياس، والاجتهاد، والأصول التي يجوز تعليلها وما لا يجوز، والأوصاف التي يجوز أن يعلل بها وما لا يجوز، وكيفية انتزاع العلل. ويعرف ترتيب الأدلة بعضها على بعض، وتقديم الأولى منها، ووجوه الترجيح. ويجب أن يكون ثقة مأمونا لا يتساهل في أمر الدين. ("اللمع في أصول الفقه"/ص 252-253/المكتبة التوفيقية).
    هذه التي ذكرها الإمام أبي إسحاق رحمه الله هي شروط الاجتهاد، فليس المفتي إلا العالم، وليس العالم إلا المجتهد. وليس المجتهد إلا الفقيه. ذلك لأن الفقه كما قاله الخطيب البغدادي رحمه الله: الفقه معرفة الأحكام الشرعية التي طريقها الاجتهاد( ). ("الفقيه والمتفقه"/1/ص191/مكتبة التوعية الإسلامية).
    فالفقيه هو المتمكن على معرفة الأحكام الشرعية التي طريقها الاجتهادية. والاجتهاد هو بذل الجهد في استخراج الأحكام من شواهدها الدالة عليها بالنظر المؤدى إليها. ("قواطع الأدلة في الأصول"/للسمعاني/2/ص 302).
    فإذا تأملنا هذا البيان ونظرنا في سيرة الإمام الوادعي رحمه الله علمنا أنه مستحق أن يكون عالما فقيها مفتيا مجتهدا، خلافا لمن نفى عنه ذلك.
    ثم اعلم أن العلماء حقا هم الذين عرفوا الله بعلهم، فيخافونه بالغيب( )، فيطيعون أوامره ولا يرتكبون محارمه، بمقتضى علمهم. وقال الإمام الشاطبي رحمه الله: فإن علماء السوء هم الذين لا يعملون بما يعلمون، وإذا لم يكونوا كذلك؛ فليسوا في الحقيقة من الراسخين في العلم، وإنما هم رواة -والفقه فيما رَوَوْا أمرٌ آخر- أو ممن غلب عليهم هوى غطى على القلوب والعياذ بالله. ("الموافقات"/1/ص 46/المكتبة العصرية).
    فمن تأمّل حياة الإمام الوادعي رحمه الله وكيف يجمع بين سعة العلم وقوة العمل، لا يستريب أنه عالم فقيه حقاً.


    الباب الثالث: تحذير الإمام الوادعي رحمه الله من التقليد

    مهما عظمت منقبة شخص ورسخ علمه، فشأنه شأن البشر لم يسلم من الخطأ كما أنه لم يسلم من النسيان. فلا يطاع طاعة مطلقة إلا الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم. قال الإمام أبو شامة رحمه الله: بل ينبغي للطالب أن يكون أبدا في طلب ازدياد علم ما لم يعلمه من أي شخص كان، فالحكمة ضالة المؤمن، أينما وجدها أخذها، وعليه الإنصاف وترك التقليد( )، واتباع الدليل، فكل أحد يخطئ ويصيب، إلا من شهدت له الشريعة بالعصمة، وهو النبي صلى الله عليه وسلم. (مختـصر كتاب "المؤمل في الرد إلى الأمر الأول"/ص34/المكتبة الإسلامية).
    فمن أجل ذلك نهى الإمام الوادعي رحمه الله عن تقليد في الدين، وحثّ الناس أن يعبدوا الله بالدليل، وانقادوا للحق من أين جاء.
    وقد بوّب الإمام الوادعي رحمه الله في كتابه "الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين" في كتاب العلم باب: ذم التقليد. ثم خرّج رواية الإمام أبي داود (ج13 ص89) من حديث البراء بن عازب رضي الله عنهما في قبض الروح، ثم رواية الإمام أحمد (ج6 ص139) من حديث عائشة رضي الله عنها في فتنة القبر، فيه: «... فيقال له: من هذا الرجل الذي كان فيكم؟ فيقول: سمعت الناس يقولون قولا فقلته كما قالوا. فتفرج له فرجة قبل الجنة، فينظر إلى زهرتها وما فيها، فيقال له: انظر إلى ما صرف الله عز وجل عنك. ثم يفرج له فرجة قبل النار، فينظر إليها يحطم بعضها بعضا، ويقال له: هذا مقعدك منها. كنت على الشك، وعليه متّ، وعليه تبعث إن شاء الله. ثم يعذب». ثم ذكر رحمه الله بعض الأحاديث.
    ومن أقوال الإمام الوادعي رحمه الله: اسمعوا اسمعوا: فتوى أكبر واحد عندي تخالف الدليل لا قيمة لها، وفتوى أصغر منكم ومعه دليل على العين والرأس، حتى لا تخوفني بفتوى فلان ولا فلان، بل أنا خصم فلان ما كان الذي يخرج فتاوى زائغة، فأنا خصمه. ("غارة الأشرطة"/1/ص46).
    وقال رحمه الله في قصة أذان الجمعة في الزوراء: بل عثمان اجتهد، ومَن بعد عثمان إذا ظهرت له الأدلة وقلد عثمان على هذا فهو يعد مبتدعا لأن التقليد نفسه بدعة. ("غارة الأشرطة"/2/ص99/مكتبة صنعاء الأثرية).
    وقال رحمه الله: نحن نستفيد من كتب علمائنا المحدثين، والمفسرين، والفقهاء، غير مقلدين، وقل أن تعرض مسألة إلا وأنا أرجع إلى "المغني" و"المجموع" لأنظر ماذا قال العلماء رحمهم الله، ولكن إذا رأيت في المسألة آية قرانية أو حديثًا نبويًا أستغني بهما عن قول فلان وفلان، وإذا لم أجد فلست ملزمًا بنقل أقوال الفقهاء رحمهم الله، ولكننا نستعين بالله ثم بأفهامهم على فهم بعض الأدلة، غير مقلدين لهم، لأننا نعتقد أن التقليد حرام. قال الله سبحانه وتعالى: ﴿اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ﴾ [الأعراف: 3].("مجموعة رسائل علمية"/ص 78).
    إنما ذكرت هذا الباب لئلا يظنّ ظانّ أن الباب السابق يشير إلى تقليد هذا الإمام والغلو فيه رحمه الله.

    الباب الرابع: تحذير الإمام الوادعي رحمه الله من الخروج على الحكام

    لا يجوز الخروج على الحكام المسلمين. عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: دعانا النبي صلى الله عليه وسلم فبايعناه، فقال فيما أخذ علينا: أن بايعنا على السمع والطاعة، في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله: «إلا أن تروا كفرا بواحا، عندكم من الله فيه برهان». (أخرجه البخاري (7056) ومسلم (4877)).
    عن سعيد بْن جُمْهان قال: أتيت عبد الله بن أبي أوفى وهو محجوب البصر، فسلمت عليه، قال لي: من أنت؟ فقلت: أنا سعيد بن جمهان، قال: فما فعل والدك؟ قال: قلت: قتلته الأزارقة، قال: لعن الله الأزارقة، لعن الله الأزارقة، حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم «أنهم كلاب النار»، قال: قلت: الأزارقة وحدهم أم الخوارج كلها؟ قال: بل الخوارج كلها. قال: قلت: فإن السلطان يظلم الناس، ويفعل بهم. قال: فتناول يدي فغمزها بيده غمزة شديدة ، ثم قال: ويحك يا ابن جمهان عليك بالسواد الأعظم( )، عليك بالسواد الأعظم. إن كان السلطان يسمع منك، فأته في بيته، فأخبره بما تعلم، فإن قبل منك، وإلا فدعه، فإنك لست بأعلم منه. (أخرجه الإمام أحمد (19415) وحسنه الإمام الوادعي رحمه الله في "الصحيح المسند" رقم (545) /دار الآثار).
    وإن عقيدة الإمام مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله عقيدة سلفية، منها: أنه يرى تحريم الخروج على الحكام المسلمين. وقد كثرت أقواله في ذلك، منها: نحن في شعب مسلم وفي بلد مسلمة فلا يجوز لنا أن نسفك دماء المسلمين اهـ. ("الباعث على شرح الحوادث"/ص38/مكتبة صنعاء الاثرية).
    وقال رحمه الله في ص53-54: نعوذ بالله من الفتن، ولسنا دعاة فتن، ولا ثورات وانقلابات، وقد علم أهل السنة، وعلم إخواننا المسئولون أن دعوة أهل السنة ليست دعوة الثورات ولا انقلابات، إنها عقيدة أهل السنة ليست عقيدة المبتدعة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أتاكم وأمركم جامع يريد أن يفرق بينكم فاضربوا عنقه كائنا من كان». رواه مسلم. ويقول: «إذا بويع لخليفتين فاضربوا عنق الآخر منهما». رواه مسلم.
    فنحمد الله فنحن في اليمن نتمتع بالدعوة، ومن يستطيع أن يقول: إن أي بلد تتمتع بالدعوة كما تتمتع بها البلاد اليمنية، وجزى الله إخواننا المسئولين خيرا، ونحن نقول: إنهم لييسوا بمعصومين، يصيبون ويخطئون، وننكر عليهم خطأهم مثل البنوك الربوية، والاختلاط في المدارس والجامعات نساء ورجالا، ومثل الحزبية، ومثل مجلس النواب، نحن ننكر كل شيء يخالف الكتاب والسنة، لكننا نرى أنه يجب علينا أن نتعاون معهم لحماية البلد اهـ.
    وقال رحمه الله في "تحفة المجيب": ودعوة أهل السنة من فضل الله بارك الله فيها، فدعوتهم في كتبهم وأشرطتهم، والحكومة تتحملهم لأنها تعلم أنهم لا ينافسونهم على كراسيها، فالكراسي عندهم لا تساوي بعرة، يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿يَرْفَعِ الله الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ [المجادلة/11] اهـ. (ص95-96/دار الآثار).

    الباب الخامس: فتنة جهيمان الخارجي وبراءة الإمام الوادعي رحمه الله منها

    إن مما أشاعه أهل الباطل أن الإمام الوادعي رحمه الله مؤيد للحركة الجهيمانية الخارجية، وأنه أبو روحهم. وهذا افتراء عليه.
    قال الإمام الوادعي رحمه الله كما في ترجمته: وكانت تحدث السقطات من بعض الإخوة المبتدئين لأن الغالب على المبتدئ الحماسة الزائدة وكنت آنذاك أحضر رسالة الماجستير فما شهدنا ذات ليلة إلا بالقبض علينا فقبضوا على نحو مائة وخمسين وهرب من هرب وأرتجت الدنيا بين منكر ومؤيد فبقينا في السجن نحو شهر أو شهر ونصف وبعدها خرجنا بحمد الله أبرياء. ثم بعد هذا خرجت بعض رسائل جهيمان. فقبض على مجموعة منا، وعند التحقيق قالوا لي: أنت الذي كتبتها، جهيمان لا يستطيع أن يكتب. فنفيت ذلك، والله يعلم أني لم أكتبها ولم أشارك فيها. وبعد سجن ثلاثة أشهر أمر بترحيل الغرباء. ("ترجمة الشيخ مقبل رحمه الله"/ص 26-27/دار الآثار).
    وسئل الإمام رحمه الله:هناك من يشيع أنكم كنتم الأب الروحي لجهيمان وأنكم كنتم من المحرضين له على الفتنة في الحرم فحبذا أن تجلو عوار هذه المقالة ؟
    فأجاب رحمه الله: يا إخوان أنريد أن نعمل للإسلام وأن تملئ الدعوة البلاد وتنتشر في جميع الأفاق ثم لا يتكلم الحسدة؟ لا يكون هذا، هذا أمر قد تكلمنا عليه في "المخرج من الفتنة" وتكلمنا عليه في ـ بارك الله فيكم ـ أشرطة أخرى أننا في قضية الحرم كنت قد خرجت بسنة لعل ما قد انتهى أجله وإلا حتى ولو لم أكن معهم، نعم إنهم كانوا يدرسون عندي وكنت أصحبهم وكانوا يعتبروني نعم يعني مفتيهم ونعم نخرج رحلات والحمد لله على أن فيهم أناس مستفيدين، لكن ما جاءت قضية الحرم إلا وقد سافرت والحمد لله ،ثم بعد ذلك هؤلاء نعم الحسدة، جهيمان أنا أنكرت عليه وعلى أصحابه منذ عرفت اتجاهه، وقاطعته منذ أن خرجت رسائله، منذ خرجت رسائله قاطعته والحمد لله، وأنا ذكرت في "المخرج" أنهم يعتبرون بغاة لأنهم خرجوا على دولة مسلمة والله المستعان. (فرغه: أبو الربيع سعيد بن خليفة وهابي في منشوره "إعلام الإنس والجان").
    وقال شيخنا العلامة يحيى بن علي الحجوري حفظه الله: كان الشيخ رحمه الله حين دراسته هناك؛ لحبّه لنشر العلم، يدرِّسُ من أحبّ أن يستفيد منه، والمدرِّس قد يحضر حلقته أناسٌ ممّن يعرفهم ومَن قد لا يعرفهم؛ لم تكن الحلقات مُنعت هناك إلا لأناس مخصوصين، وله نصائح مثل الدُّرر، سواءٌ في دعوته هناك، أو في دعوته هنا، فهو ذلك الرجل الناصح المعلوم-إن شاء الله- نصحُه عند كل ناصح وصادق، وداع إلى الله وإلى الحق.
    وكان جهيمان الانقلابيُّ الثوريّ، التي لا تُرضى فتنتُه عند ناصحٍ من الناصحين؛ يكتب رسائلَ وينشرُها أمام المصلّين، وكانت تلك الرسائل ينكرُها العلماء، والشيخُ رحمه الله من المنكرين لها كما سمعنا ذلك من الشيخ رحمه الله وهو مذكور في بعض أشرطته ، ولما كان يحضر حلقته أناس مشبوهون من هؤلاء، فهو ينصح مِن سائر نصائحه الثّمينة، فربما حصل التباسٌ عند بعض المسؤولين، أو بِوِشَاية من بعض الحسَّاد له هناك، ظنّوا أنه مُقِرٌّ لهم، فكان من ضِمن الذين التُبس أمرُهم فيه، ولو كان ممّن يصدق عليه شأن أولئك الحركيين الثوريين، أو له يد في تثويرهم وفي خروجهم؛ ربما حصل له ما حصل لهم من العقاب، ومِن جزاءِ أولئك الأصناف.
    ولكن شأن الحكومات إذا التبس عليهم أمر إنسان، أو وُشِي به وشايةً مكذوبة؛ ربما أخذوه وحقّقوا معه في وقت يسير إن كان بعده متابِعٌ، أو طويل إن لم يكن بعده متابِع، ثم بعد ذلك يكون مصيره إلى الخروج إن شاء الله. فهي عبارة عن تهمة لم تثبت عليه، ومثل هذا يكون مظلوما، وعند خروجه قد يُقال له: (نحن آسفون أخطأنا فيك)!، لا يُستدل بمثل هذا بمجرّد تحقيق أو ظلم عليه خطأ على أنه وقع منه ذلك الفعل يعتبر حجة عليه! بل يعتبر مأجورا على صبره وعلى ما حصل له من الأذى بغير موجِب. ("الحجاج لعبد الكريم الإرياني"/للشيخ يحيى الحجوري حفظه الله/ص10-12/مكتبة الفلاح).
    وقال الشيخ العلامة زيد بن محمد المدخلي حفظه الله تعالى: وكان من خبر هذه الزمرة أنهم دخلوا البيت الحرام يوم الثلاثا أول يوم من شهر الله المحرم عام 1400 هـ ومعهم مهديهم المدعو محمد بن عبد الله القحطاني يرافقه ويشجعه وينطق بلسانه جيهمان بن سيف العتيبي ومعهم أسلحة وذخيرة فطالبوا المسلمين بمبايعة المهدي المذكور تحت وطأة الضغط والقتل والترويع للمسلمين عموماً ولأهل الحرم خصوصاً ويالله كم سفكوا من الدماء ظلماً وعدواناً وناداهم العلماء لينزلوا على حكم شريعة الله فيهم فأبو إلا مواصلة السير في الشر والفساد والفسوق والعصيان والعناد. فتصدت لهم جنود الله البواسيل، رجال الشجاعة والتوحيد من الجيش السعودي، فأرغموهم على الاستسلام، وقبض على مائة وسبعين منهم أحياء لاستجوابهم ثم تنفيذ شرع الله فيهم. وتم تنفيذ حكم القتل في ثلاث وستين فردا، والباقي استحقوا عقوبات التعزير بالسجن والأسواط، وطهر الله الحرم الشريف من تلك الزمرة الباغية الإرهابية. ومن المؤسف جدا أنهم أطلقوا على أنفسهم جماعة الحديث. قلت: وإن كانوا يحفظون شيئا من ألفاظ الحديث إلا أنهم حرموا من معرفة معانيه. وعلى الباغي تدور الدوائر. ("الإرهاب" /ص17-18/دار السلفية).
    فليست جماعة جهيمان على الحق، وليس الإمام الوادعي رحمه الله منهم، ولم يوافقهم على أباطيلهم. قال رحمه الله: يقولون لنا " الجهيمانيون" وجهيمان درس عندي نسبة لا معنى لها . ("نبذة يسيرة" / لمحمد بن علي الصومعي/ص105/دار الآثار).
    وقال رحمه الله: أُخبرت عن أحمد المعلم في حضرموت أنه قال: (إن الأخوة السلفيين لا يصلون بين السواري) قال: (هذه ظاهرة مثل ظاهرة جهيمان أول ما بدئ بالصلاة في النعال، ثم عدم الصلاة بين السواري، ثم تكفير الحكومة). والمعلِّم كان خادماً من خدم جهيمان، حتى إني ذهبت من مكة إلى المدينة، فوجدت أحمد المعلِّم فقال: (نذهب زيارة لجهيمان هو في بيت أحد الأخوة)، فقلت: لن أذهب لزيارته. فقال: (لقد اعتدل). ("نبذة يسيرة" / لمحمد ابن علي الصومعي وفقه الله/ص106/دار الآثار).
    سئل الإمام الوادعي رحمه الله عن جماعة أصحاب الحرم؟ فأجاب رحمه الله: جماعة أصحاب الحرام طلبة علم يريدون الحق فلم يوفقوا له –إلى قوله:- ولم يثبتوا على الصبر فزلت أقدامهم وكانوا سببا لسفك الدم الحرام في مكة ورب العزة يقول في كتابه الكريم: ﴿وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ( ) بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيم﴾ [الحج/25].
    وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أبغض الناس إلى الله ثلاثة: ملحد في الحرم، ومبتغ في الإسلام سنة جاهلية، ومطلب دم امرئ بغير حق ليريق دمه». (أخرجه البخاري (الديات/باب من طلب بدم امرئ/(6882)/دار الكتاب العربي) عن ابن عباس رضي الله عنهما).
    فجماعة الحرم يعتبرون بغاة خرجوا على دولة مسلمة ...إلخ. ("إجابة السائل"/ص481/دار الآثار).
    هذا البيان كاف في نسف اتهام الظالمين للإمام الوادعي رحمه الله بفكرة الخروج والجهيمانية.

    الباب السادس: ترجمة شيخنا العلامة الحجوري حفظه الله

    قد توفي الإمام الوادعي رحمه الله مجدد الدين في اليمن، وترك تراثاً عظيماً وهو الدعوة الهائلة، فلا بد رعايتها لأن أيدي الشياطين تمدّ إليها للإفساد، حتى قال بعضهم: (ذهب زمن الخوف) ويرى صفاء الجو له لأخذ قيادة الدعوة الصافية إلى شفا جرف هار. ولكن الله حفظ دينه، فوفّق الإمام رحمه الله قبل وفاته ليختار خليفته البار المؤتمن وهو شيخنا العلامة المحدث أبو عبد الرحمن يحيى بن علي الحجوري حفظه الله لمواصلة الدعوة السلفية التي قد ملأت الآفاق ودقدقت حصون أهل الباطل بشتى أنواعهم. فحفظ الله به وبمن معه دين الأمة، وامتحن الخليفة ببلاء بعد بلاء للحكمة أرادها المولى.
    عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الرجل ليكون له عند الله المنزلة، فما يبلغها بعمل فما يزال الله يبتليه بما يكره، حتى يبلغه إياها». (أخرجه أبو يعلى (رقم (6095)/دار المأمون للتراث)، وغيره. والسند حديث حسن، وحسنه أيضا الإمام الألباني رحمه الله في "الصحيحة" (رقم (1599)/مكتبة المعارف).
    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وإذا عظمت المحنة كان ذلك للمؤمن الصالح سببا لعلو الدرجة وعظيم الأجر ... إلخ. ("مجموع الفتاوى"/28 / ص 152-153/ط. مكتبة ابن تيمية).
    وهذه شيء من ترجمته رعاه الله:
    قال شيخنا يحيى بعد إلحاح وطلب الكثير منه بذكر نبذه عن سَيرِه ِفي طلب العلم، ونعمة الله عليه، والتحدث بالنعم جزء من شكرها:
    الحمد لله حمداّ كثيراً طيباً مباركاً فيه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:
    فقد طُلب مني أن أكتب نبذة عن مولدي واسمي وبلدي ونشأتي وبعض ما يتعلق بذلك، وبعد تكرار الطلب من الأحبة – أعزهم الله – رأيت تلبية طلبهم بكتابة هذه الأسطر، فأقول وبالله التوفيق:
    أما اسمي: فأنا يحيى بن علي بن أحمد بن علي بن يعقوب الحجوري، من قبيلة بني وَهان، من قرية الحَنجَرة في أصل جبل الكُعَيْدنة- أسأل الله أن يُكرمهم بطلب علم كتاب الله وسنة رسوله-.
    ثم انتقل جدي أحمد بن علي بن يعقوب إلى قرية تبعُد عنها بمسافة غير يسيرة يقال لها قرية جبَر قبيلة الزغابية، وتزوج منهم، فهم أخوال والدي نشأ بينهم عند بعض أسرته وتزوج منهم أيضا بأمّي من أسرة عقال قرية الزغابية – رحم الله أمواتهم وأصلح أحيائهم– وفيها كان مولدي قبل نحو أربعين عاماً، في أيام ما يُسمى بـ (الثورة الجمهورية اليمنية).
    ووالدي - حفظه الله وأمد في عمره في طاعته – شغوف بالزراعة فكان يزرع مزرعةً كبيرة يمتلك منها الخير الكثير من الذرة والسمسم وغير ذلك، حتى كان بعض الناس يقترضون منه الذرة والقصب عند الجدب مع ما أعطاه الله من المواشي من الغنم والبقر، فكان ولله الحمد في الجانب المعيشي على أحسن حال.
    وربّانا أنا وإخواني تربية حسنة بعيدين عن القات والدخان والشمّة وغير ذلك من البلايا، وكان من أشد شيءٍ يُغضبه علينا أن يرى من أحدنا قصورا في صلاة الجماعة أو الراتبة، وأحب شيٍء إليه أن يصير بعضنا عالماً، وليس هناك إلا التعليم في الكتاتيب، فجعلني فيما يُسمى بمعلامة الشيخ، أمين تلك القرى وفقيهها وخطيبها (يحيى العتابي –رحمه الله(، والتعليم في تلك المِعْلامة كما هو شأن التعليم القديم، تعليم قراءة القرآن نظراً في المصحف، وتعليم الخط، ومن تخرّج منها غالباً يصير فقيه قريته إمامةً وخطابةً في بعض الخُطب المؤلفة، وكتابة العقود ونحو ذلك. وقد كان الفقيه العتابي –رحمه الله- يُحبني من أكثر طلابه.
    ولمّا تخرجت من تلك المِعلامة بقراءة القرآن نظراً ومعرفة شيء من الخط عزم أبي على الذهاب بي إلى مدينة الزيديّة حيث كان يُشاع عند الناس هناك أنها مدينة العلم، وكانوا هم أهل الفتوى في الطلاق والمواريث ونحوها.
    ووالدي - حفظه الله- محبٌ للعلم والدِّين كثير الصيام والقيام، ولا أعلمه أكل درهما من حرام، ولكنه ما كان يعرف عن الصوفية والشيعة ولا عن غيرهم من الفرق الضالة شيئاً، فكان يُجلّهم ويزورونه كثيراً، ومن زاره منهم يُكرمه غاية الإكرام، فنجّاني الله عز وجل من الدراسة عند أولئك الصوفية بأمي حفظها الله وأحسن خاتمتها، حيث جعلت تبكي عليّ أن لا أذهب فأبقى في غير بلدي وحدي بغير رفيق من البلاد وأنا صغير، فأبقاني أبي أرعى الغنم، وكان حفظه الله أول من بنى مسجداً من الخشب والقش في قريتنا التي هم فيها الآن، ومع أنه مسجد صغير يسع نحو أربعين مصليا آنذاك يُعتبر جامعا لعدد من القرى حوله، ولمّا تهدّم بناه من الحجر ووسّعه وكنت أنا إمامه، وفي يوم الجمعة يُجعل من يخلفني في رعي الغنم وأخطب بهم في بعض الخطب المؤلّفة، وأكثر ما كنت أعتمد على "الفتوحات الربّانية" للبيحاني رحمه الله حتى كدت أن أحفظها لكثرة تكراري لها.
    ثم بعد ذلك ذهبت إلى السعودية فكنت أحضر حلقة الإقراء بعد صلاة الفجر عند فضيلة الشيخ المُقرئ الشهير عُبيد الله الأفغاني –حفظه الله- في مدينة أبها، وسمعنا عنده شيئا من صحيح مسلم كان يبدأ به قبل السماع لنا، ثم سافر انتقلت إلى الشيخ المقرئ محمد أعظم الذي كان يدرّس القرآن في مسجد اليحيى، فقرأت عليهما إلى سورة الأعراف، ثم سافر الشيخ أيضاً، وأكملت القراءة برواية حفص عن عاصم عند المقرئ محمد بشير ولله الحمد.
    ومع محبتي الشديدة للعلم آنذاك لم أجد هناك آنذاك من يُرشدني إلى الالتحاق بالشيخ الإمام ابن باز أو غيره من علماء المملكة ممن كانوا قائمين بالتعليم رحمهم الله، ثم سمعت بالشيخ العلامة مقبل بن هادي الوادعي –رحمه الله- وأنه عالم سلفي يُدرّس علوم كتاب الله وسنة رسوله-صلى الله عليه وسلم- في دماج –حرسها الله ووفق أهلها لكل خير- إحدى قرى بلاد صعدة، فالتحقت به في داره المباركة في عام خمسة وأربعمائة وألف للهجرة النبوية (1405 هـ) على صاحبها الصلاة والسلام، وجاء معي والدي ووصّى بي الشيخ رحمه الله خيراً، ثم انصرف، ولا يزال معيناً لي على طلب العلم بالمساعدات المالية بين حين وآخر.
    وبقيت من ذلك التاريخ في طلب العلم؛ لا أحب كثرة السفريات، ولا ضياع شيء من الأوقات حتى يسر الله-عز وجل- من فضله على يدي شيخنا العلامة المحدث السلفي الميمون مقبل بن هادي الوادعي -رحمه الله- بخيرٍ كثير من الاستفادة في علوم شتّى.
    وكما هو الحال في هذا الدار المبارك، كنت أُضيف إلى ما نتلقاه جميعا من شيخنا شيخ مشايخ الدعوة السلفية في اليمن مقبل بن هادي الوادعي -رحمه الله- بعض الدروس في النحو العقيدة و الفقه....، عند بعض المشايخ الأجلة من أكابر طلاب شيخنا الإمام الوادعي -رحمه الله- في الدار، شكر الله لهم جميعاً، وبعد ذلك كان شيخنا مقبل أسكنه الله الفردوس الأعلى يأمرني أن أنوبه في التدريس إذا مرض أو سافر، ولمّا دنى أجله –رحمه الله- أوصى أن أكون بعده خلَفاً له على ذلك الحال.
    وكان أعداء هذه الدار يظنون ظن السوء أن بموت الشيخ –رحمه الله- ستزول هذه الدعوة وتصير بنيانها مكاناً للعلف ومجالساً لتخزين القات كما كنا نسمعهم نحن وغيرنا في فترة مرض الشيخ وقبل ذلك، فلمّا أقبل الله بقلوب العباد على هذا الخير بعد موت الشيخ –رحمه الله- وتوسعت الدعوة أكثر وصار طلبة العلم أضعاف ما كانوا عليه في حياة مؤسس الدار شيخنا الإمام الوادعي – رحمه الله- اغتاظ من ذلك بعض من أُصيب بمرض الحسد ممن كان من طلاب الشيخ –رحمه الله- ومن غيرهم من أهل الأغراض الدنيوية والفتن الحزبية، فدفع الله شرهم وبوّر مكرهم.
    ولا تزال الدعوة في كل خير إلى الأمام، والفضل لله من قبل ومن بعد، فهو القائل: ﴿وما بكم من نعمة فمن الله﴾، ونسأل الله عز وجل أن يحفظ علينا ديننا ودعوتنا، وأن يدفع عنا وعن بلادنا وسائر بلاد المسلمين الفتن ما ظهر منها وما بطن، والحمد لله رب العالمين.
    كتبه
    أبو عبد الرحمن يحيى بن علي بن أحمد بن علي بن يعقوب الحجوري
    في 19/ شهر جماد الأول/ 1428 هـ.
    (انتهى النقل من برامج "فتنة العدني"/ لحسين بن صالح التريمي وفرج بن مبارك الحدري حفظهما الله).
    إقامة شيخنا التدريس في دار الحديث:
    قال أخونا الفاضل أبو بشير محمد الحجوري رحمه الله( ): فلله الحمد والمنة أن هدانا لطلب العلم الشرعي في هذه الدار المبارك، عند شيخنا الإمام المجدد مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، ثم لله الحمد أن ثبتنا لمواصلة طلب العلم عند خليفته على دعوته العلامة الناصح الأمين شيخنا يحيى بن علي الحجوري حفظه الله الذي كان سببًا في ثبات هذا الخير في هذه الدار المباركة [دار الحديث بدماج] بعد موت مؤسسها شيخنا الإمام الوادعي رحمه الله.
    فما زال طلاب العلم من هذا الخير ينهلون، ومن هذا الشيخ وفقه الله يستفيدون، وإليه من أصقاع المعمورة يرحلون. فدروسه مستمرة فهو في الصباح الباكر يصلي بنا إمامًا في دار الحديث بدماج صلاة الفجر وقد منَّ الله عليه بصوت طيب في قراءة القرآن، ثم بعد الصلاة، وأذكار الصلاة، يقوم من أراد السفر من طلبة العلم في الدار، أو الضيوف الوافدين لطلب العلم بالاستئذان منه. وبعض الزوار أو الطلاب لديه أسئلة مستعجلة يقدمها للشيخ، ثم يُسمِّع ما يسر الله له من القرآن، تارة ثلاثة أجزاء أو أقل أو أكثر، فهو يحفظ القرآن، وله به عناية طيبة في مراجعته، والإستدلال به، وأحكامه، ولهذا لا يخرج من المسجد إلى البيت في هذا الوقت إلا إذا كان مريضاً، أو لأمر لا بد منه، ثم يصلي الضحى بعد طلوع الشمس.
    ثم يذهب إلى بعض دروسه منها الآن في هذا التأريخ 1430هـ درس في «سبل السلام» للإمام الصنعاني رحمه الله ، و«إعلام الموقعين» للإمام ابن القيم رحمه الله ، وقد كانت قبلها في هذا الوقت عدد من الكتب قرئت عليه، ويعلق علها بشرح طيب يحضر ذلك عدد هائل من الطلاب، أهم تلك الكتب النافعة التي قرءت عليه في هذا الوقت: «زاد المعاد» للإمام ابن القيم رحمه الله و«الإيمان الأوسط» لشيخ الإسلام، رحمه الله و«مقدمة أصول التفسير» لشيخ الإسلام أيضا، وقد طبعت بشرحه عليها، و«الرسالة» للإمام الشافعي رحمه الله، و«شرح علل الترمذي» لابن رجب رحمهما الله، وهو الآن يرص للطبع بتعليقه عليها، و«الأذكار» للنووي رحمه الله، و«حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح» لابن القيم رحمه الله، و«تطهير الاعتقاد» للصنعاني رحمه الله، و«الموقظة» للذهبي رحمه الله.
    ثم بعد هذا الدرس: يدخل بيته ويستمر في مواصلة بحوثه التي هي الآن قريبة من [مائة] بحث. البعض قد طُبِع، والبعض في الطريق، والبعض ما زال مخطوطاً يبحث إلى ما استطاع من الوقت ثم يقيل، وقد يأتي ضيوف مستعجلون فيدق عليه الحراس الباب ويوقظونه للجلوس معهم. وبعض من يأتي في هذا الوقت من مشايخ القبائل، أو المسئولين يأتون زيارة، أو معهم بعض الإشكالات والقضايا. ثم يخرج لصلاة الظهر، ثم بعد الصلاة وأذكارها، وصلاة لراتبة كل يوم درس إما في «تفسير ابن كثير»، أو «الجامع الصحيح» لشيخنا الإمام مقبل بن هادي الوادعي، يوم بيوم غير يوم الجمعة فلا درس فيه قبل صلاة الجمعة.
    وقلّما يمرّ يوم وليس معه ضيوف طوال العام وذلك لكثرة الطلاب، والزائرين وبعض الأحيان لا يتَّسِع للضيوف منزله فينزلهم في ديوان الضيوف، فهو قريب من بيته ملتصق به. ودائمًا يحث إخوانه على إكرام الضيوف، أو يكرم ضيوفه، ويقرِّب لهم الطعام بنفسه. ثم يرجع في مواصلة بحوثه والإجابة على الأسئلة الخطية ونحو ذلك إلى العصر. ثم يخرج لصلاة العصر، وبعدها يدرس «صحيح الإمام البخاري».
    ويستنبط من الأحاديث استنباطات طيبة وعجيبة وموفقة بعد تسميع الطلاب للحديث الماضي يسمعون فئات فئات، لأنهم كثير؛ فيحفظون «صحيح البخاري» مع أن أكثر الطلاب يحفظون القرآن إلَّا من كان مقصرًا وإلَّا فالشيخ يحث على حفظ كتاب الله، والحفظ من سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والبعض يحفظ «بلوغ المرام»، والآخر «صحيح مسلم»، والآخر «رياض الصالحين»، و«ألفية ابن مالك»، و«كتاب التوحيد» للشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب النجدي، و«لمعة الاعتقاد»، و«الواسطية»، «والطحاوية»، و«الورقات»، و«ملحة الإعراب»، و«البيقونية»، و«قصب السكر»، و«السفارينية»، و«الموقظة» وغيرها كثير جدًا من المحفوظات سواء في التوحيد والعقيدة، والنحو، والفقه، و المصطلح...، ثم بعد ذلك يذهب بعد العصر إلى ضيوفه في مجلس الضيوف؛ ناصحا ومجيبا على أسئلتهم، وما كان هناك من حل بعض المشاكل بين طلاب العلم يحكمهم الكتاب والسنة على فهم السلف.
    فبعض الطلاب جزاهم الله خيرًا ونفع الله بهم لم يختلف أحد منهم مع أخيه أبدًا، ولهم سنوات في الدار، وبعض منهم لديه حصيلة علمية يستطيع أن يقيم مركزًا في أي بلد من البلدان، فإذا جاء أحدًا يريد من يقيم دعوة في بلده وجه الشيخ بذلك، إن رأى أنهم أهل سنة، وعندهم قبول لها سواء في اليمن أو خارجها. ثم تكون نصيحة مختصرة للضيوف ويجيب على أسئلتهم في بعض الأحيان، والبعض الآخر يجعل الإجابة عليها: بين مغرب وعشاء في وقت الدرس العام. والضيوف في أكثر الأيام من مختلف بلاد اليمن ومن خارجها.
    ثم بعد تلك يدخل البيت، يتناول فطوره إن كان صائمًا؛ الإثنين والخميس أو الأيام البيض، ويخرج لصلاة المغرب، ثم بعد الصلاة والأذكار والراتبة يدرّس في «صحيح مسلم»، ثم بعده في «سنن البيهقي الصغرى»، ثم «اقتضاء الصراط المستقيم» لشيخ الإسلام. وفي بداية الدروس دروس مختصرة كثيرة، يقرؤها بعض الطلاب غالبهم من الصغار الذين يشجعون على الحفظ، من حفظهم فيعلق عليها بشرح طيب، وقد خرج من هذه الشروح في هذا الدرس المختصر قبل «صحيح مسلم»: «شرح لامية ابن الوردي» «وشرح الواسطية» و«شرح السفارينية» و«شرح البيقونية» و«شرح قصيدة غرامي صحيح» و«شرح منظومة ابن تيمية في الرد على القدرية» التي في سياق احتجاج يهودي وإجابة شيخ الإسلام عليه. و«شرح لامية شيخ الإسلام» وهو الآن يرص، وغيرها، ثم بعد التعليق على مثل هذه المختصرات يجيب على أسئلة الزائرين، فإن لم يكن زائرون يجيب على أشكالات الطلاب، وينصح ويوجه ببعض الأشياء وقد خرج من هذه الإجابة على هذه الأسئلة خمسة مجلدات بعنوان: «الكنز الثمين في الأجابة عن أسئلة طلبة العلم والزائرين » ومجلد آخر بعنوان «إتحاف الكرام بالإجابة عن أسئلة الزكاة والحج والصيام» ومجلد آخر بعنوان «الإفتاء على الأسئلة الواردة من دول شتى» والباقي غيرها مما لم يطبع بعد كثير والفضل لله وحده.
    وفي بعض الليالي تكون له محاضرة على الهاتف إلى أعداد من المساجد في داخل اليمن وخارجه، فإذا علم الطلاب أن له محاضرة في تلك الليلة وضع كثير منهم هواتفهم المحمولة فكل يوصل إلى أهل قريته تلك المحاضرة الهاتفية ويحصل فيها النفع العظيم. وقد طبع من تلك الخطب والمحاضرات مجلدان وبقي مما يجهز للطبع سلسلة مجلدات. بعنوان: «إصلاح الأمة بالخطب والمواعظ من القرآن والسنة».
    وبعد صلاة العشاء قد يدخل بعض الطلاب معه لحل بعض الإشكالات والمشورات التي لابد منها. ثم بعد ذلك قد يجيب على أسئلة عبر الهاتف من دول شتى أو من اليمن. وربما طلبوا منه نصيحة، فيلقيها لهم ويجيب على أسئلتهم نحو ساعة، ثم يعود إلى مراجعة بعض بحوث إخوانه طلاب العلم والتقديم لها ثم ينام. وله قسط من قيام الليل. وهو مع ذلك لديه أسرة كبيرة يقوم بما أوجب الله عليه من الرعاية والاهتمام بهم قدر المستطاع.
    فجزاه الله خيرا، ونفع به الإسلام والمسلمين، فلهذه الأمور ولغيرته على السنة ودفاعه عنها وعن أهلها، ولصموده أمام الباطل بالحق والنصح، وثباته على الكتاب والسنة، أحبه طلابه وإخوانه الصالحون الناصحون؛ كما ذكر شيخنا الإمام الوادعي رحمه الله في مقدمة «ضياء السالكين» وكثر أعداؤه الحاسدون الحاقدون فلم يظفروا بشيء إلا مجرد الأذى؛ فإن مما علم منه أنه يبغض الفتن جدًا ويبغض البغي والعدوان؛ فإذا بغي عليه أو على هذه الدعوة المباركة أحد قام بجهده في دفع ذلك البغي، مع تعاون إخوانه الأخيار من الطلاب، وأهل البلاد وغيرهم كثير معه، فيدفع الله ذلك البغي والشر عنه وعن الدعوة وينصره الله عز وجل.
    هذه نبذة مختصرة عن دار الحديث بدماج وبرنامج شيخها بعد شيخنا الإمام الوادعي رحمه الله، هذا هو برنامجه اليومي بما هو معلوم عند جميع طلاب الدار، كتبت ذلك بياناً لظلم من حقر هذه الجهود النافعة للإسلام والمسلمين، من قبيل بعض من عايشها وتربى عليها بين يدي هذا الشيخ حفظه الله، ثم نقض غزله أنكاثاً وصار إلى زمرة المتحزبين الحاقدين، ولهذه الجهود النافعة من المتنكرين، فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين.
    كتبه/أبو بشير محمد بن علي الزعكري الحجوري
    صبر شيخنا على الأمراض
    وقد أصيب شيخنا يحيى حفظه الله ببعض الأمراض البدنية، فأحيانا لا بد من استخدام الإبرة لإدخال المواد الغذائية، وأحيانا يكثر من شراب الأدوية فوق العادة. ومع ذلك لم أره ترك درسا من أجل مرض. فأحياناً أخفى عنا مرضه مدة إلقاء الدرس، وأحيانا يرى ذلك في وجهه. ولم يشكُ مرضاً أمامنا. بل في هذه الأشهر –مدة تأليف هذه الرسالة-، أصابه صداع، وتيفوذ، وغير ذلك مراراً، مع أن تهديدات الرافضة حول المركز بالهجوم لم ينته. حفظ الله شيخنا، وشفاه، وأعانه.
    محنة شيخنا وجميع طلابه:
    لا تزال المحنة نلو المحنة تنزل بشيخنا الكريم وطلابه حفظهم الله منذ وفاة الإمام المؤسس الوادعي رحمه الله إلى يومنا هذا (شهر رجب سنة 1433 هـ)، ولم تنزل محنة إلا وأردفها الله بمخرج وفرج ونصرة ورفعة. قال الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ * وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُون﴾ [الصافات/171-173].
    وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: فإذا قام العبد بالحق على غيره وعلى نفسه أولا وكان قيامه بالله ولله لم يقم له شيء ولو كادته السماوات والأرض والجبال لكفاه الله مؤنتها وجعل له فرجا مخرجا. ("إعلام الموقعين"/2/ص 430/دار الحديث).
    قام أبو الحسن مصطفى بن إسماعيل السليماني المصري المأربي بفتنة عظيمة في إثر وفاة الإمام الوادعي رحمه الله (1422 هـ)، فحصلت قلقلة في دار الحديث بدماج، وامتدت فتنته إلى كثير من البلدان. وقد كان شيخنا يحيى الحجوري حفظه الله عثر على بعض أباطيله فردّ عليه وكشفها للناس فأنكر على الشيخ حفظه الله كثير من المشايخ والطلاب، فصبر عليهم، وصابر هو وطلابه الأبرار على إلقاء البيان والتوضيح حتى بصّر الله تعالى الناس فأقرّوا بصدق نصحه في أبي الحسن.
    ثم جاءت فتنة صالح البكري، فعمل قلقلة في الدعوة السلفية، وعمل التحريص بين العلماء، ويحذر من مركز دماج، فصبر عليهم شيخنا حفظه الله وبيّن حاله حتى فتح الله تعالى أعين الناس فأنكروا فتنته أشد الإنكار. وفي هذا الحين –آخر شهر جمادى الثانية 1433 هـ- طلب صالح البكري المسامحة من شيخنا ومن السلفيين مما قد مضى منه، فعفا عنه الشيخ حفظه الله.
    ثم جاءت قلقلة أبي مالك أحمد بن علي الرياشي وبانت خيانته، وقصده نزول شيخنا من كرسيه، فطُرد من المركز فاضمحل بسرعة.
    ثم جاءت فتنة عبد الرحمن العدني المرعي في سنة 1427 هـ فصنع قلقلة عظيمة فرّق بها السلفيين في كثير من البلدان. قد ظهر من أقواله وأقوال أصحابه ومن صنيعهم أنهم يريدون انتقال جميع طلاب دماج إلى الفيوش. ويسعون جادين في التحريش بين العلماء. ففتنته أعظم مما قبلها، فهو من أعظم المفسدين في الدعوة السلفية. ولم تنته فتنته إلى يومنا هذا (بداية شهر رجب 1433 هـ)، إلا أن الله عز وجل أذله بما جناه.
    ثم جائت فتنة الروافض الحوثييين الزنادقة الكفار، فحالولوا القضاء على شيخنا يحيى الحجوري وجميع طلاب دار الحديث بدماج حفظهم الله، في ثورتهم السادسة في تاريخ 3 رمضان 1430 هـ إلى 28 صفر 1431 هـ. فباءوا بفشل ذريع.
    ثم حاولوا مرة أخرى بالحصار قبل شهر رمضان 1432 هـ مرحلة بعد مرحلة حتى بدءوا إطلاق الرصاص في تاريخ 7 ذي الحجة 1432 هـ فيزداد شدة حتى ينتهي في 1 صفر 1433 هـ. وهذه الحرب السابعة كانت أشد وأكثر ضحايا من السادسة.
    ولقد صبّر الله شيخنا يحيى الحجوري وطلابه الأبرار –حفظهم الله- على هذه المحن كلها وعسى الله أن يجعلهم من زمرة المفلحين: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا الله عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا * لِيَجْزِيَ الله الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ الله كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [الأحزاب/23، 24].
    وهو الذي قال: صيانة ديننا أحب إلينا من صيانة أنفسنا. (بتاريخ 11 محرم 1432 هـ).
    وهو الذي قال: فقد وهبنا أنفسنا للدعوة السلفية، ولا نبغي بها بدلاً، ﴿فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ﴾ [يونس:32]. ("أضرار الحزبية على الأمة الإسلامية"/ص37-38/دار الآثار).

    الباب السابع: بيان إمامة شيخنا العلامة يحيى بن علي الحجوري حفظه الله

    الفصل الأول: مؤلفاته
    مما يدل على سعة علم شيخنا يحيى الحجوري حفظه الله وقوة بحثه في المسألة كثرة مؤلفاته العلمية. قال أبو منصور الثعالبي رحمه الله: كتاب الْمَرْء عنوان عقله، بل عيار قدره ولسان فَضله، بل ميزَان علمه. ("يتيمة الدهر"/3/ص 282).
    فمن مؤلفات شيخنا حفظه الله:
    1- أحكام الجمعة وبدعها .
    2- ضياء السالكين في أحكام وآداب المسافرين .
    3- أحكام التيمم .
    4- كشف الوعثاء في زجر الخبثاء الداعين إلى مساواة النساء بالرجال وإلغاء فوارق الأنثى .
    5- الرياض المستطابة في مفاريد الصحابة.
    6- جامع الأدلة والترجيحات في أحكام الأموات .
    7- التبيين في الرد على أحمد نصر الله
    8- تلخيص العلل للدراقطني مع الفهرسة .
    9- الثمر الداني بتتبع ما أعل في السنن الكبرى للبيهقي.
    10- اختصار البداية والنهاية .
    11- تعقبات على السيوطي في كتابه الحاوي .
    12- تحقيق مصنف عبد الرزاق مع مجموعة من طلابه.
    13- تحقيق فتح الباري مع مجموعة من طلابه .
    14- العرف الوردي في تحقيق مقدمة سنن الدارمي .
    15- اللمع على إصلاح المجتمع .
    16- شرح ملحة الإعراب .
    17- الأربعون الحسان في فضل الاجتماع على الطعام .
    18- شرح كتاب المنتقى لأبن جارود .
    19- تحقيق أخلاق العلماء للآجري .
    20- شرح مقدمة أصول التفسير لأبن تيمية .
    21- جلسة ساعة في الرد على المفتين في الإذاعة .
    22- السيل العريض الجارف لبعض ضلالات الصوفي عمر بن حفيظ .
    23- أسئلة أبي رواحة الحديثية والشعرية .
    24- النصيحة المحتومة لقضاة السوء وعلماء الحكومة .
    25- تدوين الفائدة في تفسير آية الوضوء من سورة المائدة .
    26- الطبقات لما حصل بعد موت شيخنا الإمام الوادعي رحمه الله في الدعوة السلفية باليمن من الحالات .
    27- تحقيق وتعليق وصول الأماني بأصول التهاني للسيوطي .
    28- التبين لوجوب تربية البنين .
    29- التجلية لأحكام الهدي والأضحية .
    30- الصبح الشارق على ضلالات عبد المجيد الزنداني في كتابه توحيد الخالق .
    31- شرعية الدعاء على الكافرين وذكر أهم الفوارق بينهم وبين المسلمين ردا على القرضاوي الزائغ المهين .
    32- العزلة الشرعية .
    33- الثوابت المنهجية .
    34- الأدلة الزكية في بيان أقوال الجفري الشركية .
    35- تسلية صالح الفقراء لما لهم من الفضل على أصحاب الثراء
    36-شرح منظومة الإحسائي على مقدمة ابن أبي زيد القيرواني .
    37- المفهوم الصحيح للتيسير في هدي البشير النذير .
    38- الأجوبة الرضية على الأسئلة الطبية .
    39- المبادي المفيدة في التوحيد والفقه والعقيدة .
    40- دراسة وتحقيق رسالة في بيان ما لم يثبت فيه حديث من الأبواب .
    41- الحث والتحريض على تعلم أحكام المريض .
    42- إعلان النكير على أصحاب الانقلاب والتفجير .
    43- الباعث على إنكار أم الخبائث .
    44- توضيح الإشكال في أحكام اللقطة والضوال .
    45- شرح لامية ابن الوردي .
    46- شرح الواسطية .
    47- المنة الإلهية بشرح السفارينية .
    48- شرح البيقونية .
    49- شرح قصيدة غرامي صحيح للأشبيلي في علم المصطلح .
    50- شرح منظومة ابن تيمية في الرد على القدرية .
    51- الخطب المنبرية أربع مجلدات .
    52- شرح الطحاوية .
    53- شرح الأربعين النووية .
    54- شرح كتاب التوحيد .
    55- الكنز الثمين في الإجابة على أسئلة طلبة العلم والزائرين المجموعة الأولي خمس مجلدات .
    56- التبيين لبعض الخير في جهاد الكافرين والزنادقة المعتدين
    57- إتحاف الكرام بالإجابة عن أسئلة الزكاة والحج والصيام .
    58- الإفتاء على الأسئلة الواردة من دول شتى الجزء الأول .
    59- الحجاج لعبد الكريم الإرياني.
    60- التحذير من أهمّ صوارف الخير
    61- أضرار الحزبية على الأمة الإسلامية
    62- الحجج القاطعة على أن الروافض ضد الإسلام على ممر التاريخ بلا مدافعة.
    63- شرعية النصح والزجر
    64- حشد الأدلة على أن اختلاط النساء بالرجال وتجنيدهن من الفتن المضلة.
    65- الحُلّة البهيّة بالإجابة عن الأسئلة الجزائرية.
    66- فتح الوهاب في نهي المصلي أن يبصق إلى القبلة، وحكم البصاق في المسجد، وحكم المحراب.
    67- رفع منار الدين وهدم أفكار دعاة التسامح مع الكافرين.
    68- تحقيق وتعليق على كتاب الحطة في ذكر الصحاح الستة
    *- وله شرح في كتب الدروس العامة بعضها يفرغ وبعضها تحت الرص .
    *- وله من المواد السمعية بين الخطب والمحاضرات والنصائح أكثر من ألف شريط .
    وغير ذلك من الجهود العلمية ونسأل الله له التوفيق والبركة.
    الفصل الثاني: ثناء العلماء عليه ومنزلته عند المنصفين
    إن لشيخنا أبي عبد الرحمن يحيى بن علي الحجوري حفظه الله منزلة رفيعة عند علماء السنة. قال الإمام المجدد الوادعي رحمه الله: (.. والشيخ يحيى حفظه الله تعالى في غاية من التّحرّي، والتُّقى، والزهد، والورع، وخشية الله، وهو قوَّال بالحق لا يخاف في الله لومة لائم...) . (في تقديمه على كتاب "أحكام الجمعة" لشيخنا حفظه الله).
    وقال رحمه الله : (...الشيخ الفاضل التّقيّ الزّاهد ... والأخ الشيخ يحيى هو ذلك الرّجل المحبوب لدى إخوانه لما يرون فيه من حسن الاعتقاد، ومحبة السنة، وبغض الحزبيّة المسّاخة...). (في تقديمه على كتاب "ضياء السالكين" لشيخنا حفظه الله).
    وقال رحمه الله: (.. وصدق ربّنا إذ يقول: ﴿يأيها الذين آمنوا إن تتّقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم﴾، فالشيخ يحيى حفظه الله فتح الله عليه بسبب تمسكه بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم). (في تقديمه على كتاب "الصبح الشارق" لشيخنا حفظه الله).
    وقال أخونا عبد الله ماطر وفقه الله: سألت الشيخ – يعني الإمام الوادعي- وأنا والله ليس بيني وبينه إلا الله عز وجل، وأنا في غرفته على سريره الذي ينام عليه. فقلت: يا شيخ إلى من يرجع إليه الإخوة في اليمن؟ ومن هو أعلم واحد في اليمن؟ فسكت الشيخ قليلا ثم قال: الشيخ يحيى. هذا الذي سمعته من الشيخ . وهذا ليس معناه أننا نتنقص علماء اليمن. فإنا نحبهم ونجلهم في الله ..إلخ ("المؤمّرة الكبرى" /ص24).
    وقال الأخ سمير الحديدي للشيخ ربيع حفظهما الله: إن أصحاب أبي الحسن يقولون إنه ليس هناك علماء في اليمن. فقال الشيخ ربيع: والشيخ محمد ما هو؟!! والشيخ يحيى ما هو؟!! وغيرهم من إخوانهم. اهـ ("إنباء الفضلاء" /ص22/للشيخ سعيد دعاس حفظه الله).
    قال الشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله فيه: والذي أدين الله عز وجل به أن الشيخ الحجوري تقي ورع زاهد – وأخذ يثني عليه- وقد مسك الدعوة السلفية بيد من حديد ولا يصلح لها إلا هو وأمثاله (منشورة "ثناء إمام الجرح والتعديل على الشيخ يحيى الحجوري" / لأبي همام البيضاني / تاريخ 1426 هـ).
    وقال الشيخ أحمد النجمي رحمه الله: فقد أرسل إلي الشيخ الجليل أخونا في الله يحيى بن علي اليمني الحجوري كتابه الذي ألهف في الرد على عبد المجيد الزنداني، الذي قصد به الرد عليه في شطحاته التي دوّنها –إلى قوله:- فقد رد عليه الشيخ يحيى الحجوري –جزاه الله خيرا- في هذه الفقرات وغيره ردا مفحما بالأدلة الساطعة من الكتاب وصحيح السنة، فجزاه الله خيرا وبارك فيه وكثّر الله من أمثاله الذابين عن الحق الناصرين للتوحيد الذائدين عن حياضه .. وبالله التوفيق. (تقديمه على كتاب "الصبح الشارق"/ص7-10/دار الآثار).
    وقال الشيخ محمد بن عبد الله الإمام هداه الله: لا يصلح للجرح والتعديل في هذا العصر إلا الشيخ ربيع والشيخ يحيى ("البراهين الجلية" /ص 6 / لأبي زيد معافى المغلافي).
    وقال أيضاً هداه الله : لا يطعن في الشيخ العلامة يحيى الحجوري إلا جاهل أو صاحب هوى. ("المؤامرة الكبرى" /ص23 /لعبد الغني القعشمي حفظه الله).
    وذكر الأخ عبد الله الدبعي حفظه الله أن الشيخ محمد الإمام وفقه الله ذكر يومًا الخروج للدعوة فقال أحد الحاضرين: يا شيخ إن الشيخ يحيى لم يخرج للدعوة. فقال الشيخ محمد الإمام حفظه الله: انتظر، الحجوري إمام. ("المؤمرة الكبرى" /ص24).
    وقال الشيخ عبد العزيز البرعي هداه الله تعالى: ..نحن نعلم أنه على تقوى لله عزّ وجلّ ومراقبة، وأخونا في الله عزّوجلّ ونحبّه في الله، وعالم من علماء السُّنّة، نفع الله به ، أسدٌ من أسود السُّنّة، تاجٌ على رؤوس أهل السُّنّة، نحبُّه في الله عزّ وجلّ. من شريط "أسئلة أصحاب قصيعر"بتاريخ (28/7/1428) .
    وقال الشيخ هداه الله تعالى أيضًا : فالشيخ يحيى شامة في وجوه أهل السنة وتاج على رؤوسهم). (نقله الأخ عبد الغني القشعمي حفظه الله في "المؤمرة الكبرى" ص24).
    وقال شيخنا جميل الصلوي -حفظه الله-: الذي يتكلم في الشيخ يحيى مطعون، فالشيخ يحيى يتكلم لله ولدين الله، وأحدنا قد يجبن أن يتكلم في بعض الأمور، وهو قد هيئه الله لهذا الأمر، للتعليم، والتأليف، ولحلّ كثير من المشاكل. ("المؤامرة الكبرى" /لعبد الغني القشعمي حفظه الله/ص24).
    وقال الشيخ أبو عبد السلام حسن بن قاسم الريمي حفظه الله في مكر ابني مرعي وأتباعه بالشيخ يحيى حفظه الله: .. فأخذوا بكلّ ما أُتوا من عدة وعتاد وقوة وتلبيس وتدليس وقلب للحقائق يريدون من ذلك الإحاطة بهذا الجبل الأشيم والدرع الأمين بإذن الله لهذه الدعوة بدماج الخير هو ومن معه من المشايخ النجباء الفضلاء. إلخ ("حقائق واقعية" /ص20)
    وقال فضيلة شيخنا أبو أبراهيم محمد بن محمد بن مانع العنسي الصنعاني - حفظه الله-: ننصح إخواننا بأن يرحلوا ا إلى علماء السنة وإلى دار الحديث وقلعة السنة - بدماج - حرسها الله تعالى التى أسست من أول يوم على السنة والتي ليس لها نظير في زماننا هذا من حيث التميز وتقرير العقيدة السلفية والرد على أهل البدع والزيغ والضلال تلك الدار التي أسسها شيخنا المجدد ناصر السنن وقامع البدع أبو عبدالرحمن مقبل بن هادي الوادعي - رحمة الله تعالى وأكرم مثواه. ولايخفى أن تلك الدار قد نفع الله بها كثيراً وهدى بها كثيراً وتخرج منها المشايخ وطلبة العلم الذين انتشروا في أقطار الأرض دعاةً إلى التوحيد والسنة وإلى منهج السلف.
    ولا تزال- بحمدالله - عامرة بالعلم والسنة بعد أن خلف الشيخ فيها بوصية منه الشيخ المحدث أبو عبدالرحمن يحيى بن على الحجوري - حفظه الله تعالى - فقام بالدعوة خير قيام ، قوالاً بالحق ناصراً للسنة قامعاً للبدعة وأهلها فجزاه الله خيراً ("نصيحة مختصرة للإندونيسيين"/ص1).
    الفصل الثالث: حقيقة العلم والعلماء، والفقه والفقهاء
    تعريف العلم:
    قال المناوي رحمه الله: العلم الاعتقاد الجازم الثابت المطابق للواقع. ("التعاريف"/ص 523-524).
    ولا يكون العلم إلا أن يكون مبنيا على الدليل. قال الإمام عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ رحمه الله: والعلم معرفة الهدى بدليله، وإدراك الحكم على ما هو عليه في نفس الأمر ليس إلا. ("عيون الرسائل" /2/ص525-526/مكتبة الرشد).
    ولا يكون العلم الشرعي إلا بدليل من الكتاب والسنة. قال الإمام ابن تيمية رحمه الله: والعلم هو ما بعث الله به رسوله وهو السلطان كما قال تعالى: ﴿إن الذين يجادلون فى آيات الله بغير سلطان أتاهم﴾ فمن تكلم فى الدين بغير ما بعث الله به رسوله كان متكلما بغير علم. ("مجموع الفتاوى"/28 / ص 39).
    تعريف الفقه:
    الفقه لغة –على الراجح- ما قاله الإمام ابن القيم رحمه الله: والفقه أخص من الفهم وهو فهم مراد المتكلم من كلامه. ("إعلام الموقعين"/العبرة بالإرادة لا باللفظ /1/ص176/دار الحديث).
    وتعريفه اصطلاحا –على الراجح- ما قاله الإمام ابن عثيمين رحمه الله: معرفة الأحكام الشرعية العملية بأدلتها التفصيلية. فالمراد بقولنا: "معرفة" ؛ العلم والظن؛ لأن إدراك الأحكام الفقهية قد يكون يقينيًّا، وقد يكون ظنيًّا، كما في كثير من مسائل الفقه. ("شرح الأصول من علم الأصول"/ص 17/دار ابن الهيثم).
    وقد قال قبل ذلك الإمامُ الشوكاني رحمه الله: وفي الاصطلاح: العلم بالأحكام الشرعية، عن أدلته التفصيلية بالاستدلال –ثم ذكر بعض الأقوال إلى قوله:- وقد اعترض على كل واحد من هذه التعريفات باعتراضات، والأول أولاها إن حمل العلم فيه على ما يشمل الظن؛ لأن غالب علم الفقه ظنون. ("إرشاد الفحول"/1 /ص 58/الريان).
    بين العلماء والفقهاء والمجتهدين:
    إن العلماء هم الفقهاء. قال ابن الأنباري رحمه الله: قولهم: رجل فقيه معناه : عالم ، وكل عالم بشيء فهو فقيه فيه. ("الفقيه والمتفقه"/للخطيب البغدادي/1/ص 209/مكتبة التوعية الإسلامية).
    والمجتهد هو الفقيه الذي يفرغ طاقته في معرفة حكم من الأحكام الشرعية. قال الإمام الشوكاني رحمه الله: فالمجتهد: هو الفقيه المستفرغ لوسعه لتحصيل ظن بحكم شرعي، ولا بد أن يكون بالغا عاقلا، قد ثبت له ملكة يقتدر بها على استخراج الأحكام من مآخذها. ("إرشاد الفحول"/2 /ص1027/الريان).
    وهذا العمل الجليل لا يطيقها إلا العلماء. قال الإمام الشوكاني رحمه الله: وإنما يتمكن من ذلك بشروط. الأول: أن يكون عالما بنصوص الكتاب والسنة، فإن قصر في أحدهما لم يكن مجتهدا، ولا يجوز له الاجتهاد، ولا يشترط معرفته بجميع الكتاب والسنة، بل ما يتعلق منهما بالأحكام. –إلى قوله:-
    الشرط الثاني: أن يكون عارفا بمسائل الإجماع، حتى لا يفتي بخلاف ما وقع الإجماع عليه، إن كان ممن يقول بحجية الإجماع ويرى أنه دليل شرعي، وقل أن يلتبس على من بلغ رتبة الاجتهاد ما وقع عليه الإجماع من المسائل.
    الشرط الثالث: أن يكون عالما بلسان العرب، بحيث يمكنه تفسير ما ورد في الكتاب والسنة من الغريب ونحوه –إلى قوله:-
    والحاصل: أنه لا بد أن تثبت له الملكة القوية في هذه العلوم، وإنما تثبت هذه الملكة بطول الممارسة( )، وكثرة الملازمة لشيوخ هذا الفن. قال الإمام الشافعي: يجب على كل مسلم أن يتعلم من لسان العرب ما يبلغه جهده في أداء فرضه. قال الماوردي: ومعرفة لسان العرب فرض على كل مسلم من مجتهد وغيره.
    الشرط الرابع: أن يكون عالما بعلم أصول الفقه، لاشتماله على ما تمس حاجة إليه، وعليه أن يطول الباع فيه، ويطلع على مختصراته، ومطولاته، بما تبلغ إليه طاقته، فإن هذا العلم هو عماد فسطاط الاجتهاد، وأساسه الذي تقوم عليه أركان بنائه. –إلى قوله:-
    الشرط الخامس: أن يكون عارفًا بالناسخ والمنسوخ، بحيث لا يخفى عليه شيء من ذلك، مخافة أن يقع في الحكم بالمنسوخ. ("إرشاد الفحول"/2/ص1027-1032/الريان).
    وقال الإمام أبو المظفر السمعاني رحمه الله: ثم اعلم أن المخاطب بالاجتهاد أهله وهم العلماء دون العامة. ("قواطع الأدلة في الأصول" /2/ص 302).
    وقال الإمام أبو الوليد الباجي رحمه الله: العالم هو الذي كملت له آلات الاجتهاد. ("إحكام الفصول في أحكام الفصول"/كما نقله رفيق العجم في "سلسلة موسوعة مصطلحات أصول الفقه عند المسلمين"/1/ص892/مكتبة لبنان ناشرون).
    ومن نظر في مصنفات شيخنا العلامة يحيى بن علي الحجوري حفظه الله، وإجوباته عن الأسئلة، ودروسه يومية بإنصاف علم أنه عالم من علماء السنة ومجتهد من مجتهدي الأمة.
    حقيقة العلماء والفقهاء:
    ثم اعلم أن حقيقة العلم والفقه ليس مجرد حفظ العلوم، ومعرفة الأدلة، وفهم النصوص فقط. بل لا بد للعالم الفقيه أن يجمع بين هذه الأشياء والعمل بمقتضاها. هذا هو العالم الفقيه حقا. قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى الله مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء﴾ [فاطر/28]
    قال الإمام الطبري رحمه الله: يقول تعالى ذكره: إنما يخاف الله فيتقي عقابه بطاعته العلماء، بقدرته على ما يشاء من شيء، وأنه يفعل ما يريد، لأن من علم ذلك أيقن بعقابه على معصيته؛ فخافه ورهبه خشية منه أن يعاقبه. ("جامع البيان"/20/ص 462).
    وقال الإمام الحسن البصري رحمه الله: إنما الفقيه الزاهد في الدنيا ، الراغب في الآخرة ، البصير في أمر دينه، المداوم على عبادة الله عز وجل. ("أخلاق العلماء"/ للآجري/رقم 47/صححه شيخنا يحيى الحجوري حفظه الله/دار الآثار).
    وقال الإمام سفيان بن عيينة رحمه الله: أجهل الناس من ترك ما يعلم، وأعلم الناس من عمل بما يعلم، وأفضل الناس أخشعهم لله. (أخرجه الدارمي /رقم (343)/صححه شيخنا يحيى الحجوري في "العرف الوردي" /ص159/ط. دار الآثار).
    وقال شيخ الإسلام رحمه الله: أن العلم الحقيقي الراسخ في القلب يمتنع أن يصدر معه ما يخالفه من قول ، أو فعل فمتى صدر خلافه فلا بد من غفلة القلب عنه، أو ضعفه في القلب بمقاومة ما يعارضه وتلك أحوال تناقض حقيقة العلم فيصير جهلا بهذا الاعتبار . ("اقتضاء الصراط المستقيم"/1/ص 257).
    وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: لم يكن السلف يطلقون اسم الفقه إلا على العلم الذي يصحبه العمل. ("مفتاح دار السعادة" /1/ص115/المكتبة العصرية).
    ومن تتبع بإنصاف أحوال شيخنا الحجوري حفظه الله علما وعملا وجده قد جمع بينهما بتوفيق الله، فاستحق اسم العالم الفقيه.
    الفصل الرابع: الإمامة في الدين
    إن الإمامة في الشيء هي القدوة فيه، يُقتدَى بصاحبها فيه. قال الله تعالى: ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِين﴾ [البقرة/124].
    قال الإمام الطبري رحمه الله في تفسير الآية: فقال الله: يا إبراهيم، إني مصيرك للناس إماما، يؤتم به ويقتدى به. ("جامع البيان"/2/ص 18).
    وقال الإمام البغوي رحمه الله: قَالَ الله تَعَالَى: ﴿قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً﴾: يُقْتَدَى بِكَ، فِي الْخَيْر. ("معالم التنزيل"/1/ص 162).
    ثم اعلم أن الإمامة في الدين تنال بما يلي –والله أعلم-:
    الأول: العدل وعدم الظلم، وهو وضع الشيء غير موضعه. وقد قال تعالى: ﴿قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِين﴾ [البقرة/124].
    قال الإمام البغوي رحمه الله: ومعنى الآية: لا ينال ما عهدت إليك من النبوة والإمامة من كان ظالما من ولدك. ("معالم التنزيل"/1/ص162).
    وقال الإمام القرطبي رحمه الله: فأما أهل الفسوق، والجور، والظلم، فليسوا له بأهل، لقوله تعالى:﴿لا ينال عهدي الظالمين﴾. ("الجامع لأحكام القرآن"/2/ص108-109).
    الثاني: التقوى، بامتثال الأوامر واجتناب النواهي. وقد ابتلى الله إبراهيم بشرائع، وأوامر ونواه، فقام بها، فجزاه بالإمامة في الدين. قال الإمام ابن كثير رحمه الله: قال: ﴿إني جاعلك للناس إماما﴾ أي: جزاء على ما فعل، كما قام بالأوامر وترك الزواجر، جعله الله للناس قدوة وإماما يقتدى به، ويحتذى حذوه. ("تفسير القرآن العظيم"/1/ص 405).
    وقال الإمام القرطبي رحمه الله: قوله تعالى: ﴿واجعلنا للمتقين إماما﴾ أي قدوة يقتدى بنا في الخير، وهذا لا يكون إلا أن يكون الداعي متقيا قدوة، وهذا هو قصد الداعي. ("الجامع لأحكام القرآن"/13/ص83).
    الثالث: القوة على القيام بالدين. قال الإمام القرطبي رحمه الله: استدل جماعة من العلماء بهذه الآية –سورة البقرة: 124- على أن الإمام يكون من أهل العدل والإحسان والفضل مع القوة على القيام بذلك. ("الجامع لأحكام القرآن"/2/ص108).
    الرابع: بالدعاء. قال سبحانه: ﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾ [الفرقان/74].
    قال الإمام مكحول الشامي رحمه الله في تفسير الآية: أئمة في التقوى يقتدي بنا المتقون. ("جامع بيان العلم وفضله"/1/ص564/دار ابن الجوزي/سنده صحيح).
    وقال الإمام القرطبي رحمه الله: يعني بتوفيق الله وتيسيره ومنته لا بما يدعيه كل أحد لنفسه. ("الجامع لأحكام القرآن"/13/ص83).
    الخامس: بقوة اليقين بنصر الله عند البلاء. تعريف اليقين لغة: العلم الذي لا شك معه. واصطلاحا: اعتقاد الشيء بأنه كذا مع اعتقاد أنه لا يمكن إلا كذا مطابقا للواقع غير ممكن الزوال( ). ("التوقيف على مهمات التعاريف"/للمناوي/ص 750).
    وقال شيخ الإسلام رحمه الله: فأهل اليقين إذا ابتلوا ثبتوا؛ بخلاف غيرهم فإن الابتلاء قد يذهب إيمانه أو ينقصه. وقال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾ [السجدة/24]. ("مجموع الفتاوى"/3/ص 330).
    وقال رحمه الله: وأما كيف يحصل اليقين فبثلاثة أشياء: أحدها: تدبر القرآن. والثاني: تدبر الآيات التي يحدثها الله في الأنفس والآفاق التي تبين أنه حق. والثالث: العمل بموجب العلم. ("مجموع الفتاوى"/3/ص 330-331).
    السادس: بالصبر على البلاء. والدليل ما تقدم. وقال شيخ الإسلام رحمه الله: فالصبر واليقين بهما تنال الإمامة في الدين. ("مجموع الفتاوى"/3/ص 358).
    وقال الإمام ابن القيم رحمه الله في تفسير الآية: فأخبر تعالى أنه جعلهم أئمة يأتمّ بهم من بعدهم لصبرهم ويقينهم؛ إذ بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين، فإن الداعي إلى الله تعالى لا يتمّ له أمره إلا بيقينه للحق الذي يدعو إليه، وبصيرته به، وصبره على تنفيذ الدعوة إلى الله باحتمال مشاق الدعوة، وكفّ النفس عما يوهن عزمه ويضعف إرادته، فمن كان بهذه المثابة كان من الأئمة الذين يهدون بأمره تعالى. ("إعلام الموقعين"/4/ص103).
    السابع: برسوخ العلم. ذلك لأن هذه طرق الإمامة السابقة من أعمال الصالحة. ولا تصلح الأعمال إلا بالعلم. قال الإمام ابن القيم رحمه الله: ...أن العلم إمام العمل، وقائد له. والعمل تابع له، ومؤتم به. فكل عمل لا يكون خلف العلم مقتديا به فهو غير نافع لصاحبه بل مضرة عليه. ("مفتاح دار السعادة"/1/ص 82).
    وكذلك اليقين لا يكون إلا بالعلم. قال الإمام ابن القيم رحمه الله: ... أن العلم مبتدأ اليقين اهـ ("بدائع الفوائد"/4/ص 879/دار الحديث).
    فأسعد الناس بالإمامة في الدين هم العلماء. قال الإمام الآجري رحمه الله: وهذا النعت ونحوه في القرآن، يدل على فضل العلماء، وأن الله عز وجل جعلهم أئمة للخلق يقتدون بهم. ("أخلاق العلماء"/للآجري/ص11/دار الآثار).
    ومن نظر إلى حياة شيخنا العلامة يحيى الحجوري حفظه الله العلمية، والعملية، وصبره في الجهاد في سبيل الله، وعظم يقينه بربه عز وجل لما خذله كثير من الناس في بداية كل فتنة –مع الصدق والإنصاف-، لا نشك أن الله جعله إماماً للناس، كما كان شيخه الإمام الوادعي رحمه الله.
    وكذلك واقع الساحة يبدي لنا أن السلفيين يهتدون بهداه بعد توفيق الله، ويصبرون معه في أيام الفتن فيكون لهم في ذلك عظيم الخير والبركة، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.

    الباب الثامن: شبهة حول حديث «البركة مع أكابركم»

    وقد هوّن بعض أهل الباطل شأن شيخنا العلامة يحيى بن علي الحجوري حفظه الله لأنه لم يبلغ ستين ولا سبعين سنة من العمر. واستدل بعضهم بحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «البركة مع أكابركم»( ).
    فقلنا –وبالله التوفيق-:
    الجواب الأول: قد مرّ بنا أن المفتي المعتبر هو مسلم بالغ عاقل موف لشروط الاجتهاد والإفتاء، وليس كبر العمر شرطاً لصحة الفتوى.
    الجواب الثاني: الحديث ضعيف على الراجح، وإنما من مراسيل خالد الحذاء رحمه الله. انظر في الحاشية.
    الجواب الثالث: يحتمل أن يكون المراد هنا كبر السنّ ويحتمل كبر العلم. وعلى كلا الاحتمالين: الحديث لا يتكلم في شروط الإفتاء.
    قال الحافظ محمد بن أبي إسحاق الكلاباذي رحمه الله في شرح هذا الحديث -وما في معناه- ذكر أنه يجوز أن يريد بذلك: ذوو الأسنان والشيوخ الذين لهم تجارب، وقد كملت عقولهم، وسكنت حدّتهم، وكملت آدابهم، وزالت عنهم خفة الصبي، وحدة الشباب، وأحكموا التجارب، فمن جالسهم تأدب بآدابهم، وانتفع بتجاربهم، فكان سكونهم ووقارهم حاجزا لمن جالسهم، وزاجرا لهم عما يتولد من طباعهم، ويتبرك بهم( ). ويجوز أن يريد بذلك: الكبراء في الحال، ومن له رتبة في الدين، ومنزلة عند الله، وإن لم يكن كبيرا في السن. ("معاني الأخبار"/ للكلاباذي/ص 100).
    وقال المناوي رحمه الله: «البركة مع أكابركم» المجربين للأمور المحافظين على تكثير الأجور فجالسوهم لتقتدوا برأيهم وتهتدوا بهديهم، أو المراد من له منصب العلم وإن صغر سنه، فيجب إجلالهم حفظا لحرمة ما منحهم الحق سبحانه وتعالى. ("فيض القدير شرح الجامع الصغير"/رقم (3205)).
    فإن كان الراجح هو الاحتمال الثاني: أن البركة مع العلماء، لا مجرد كبار السنّ، فصار الحديث حجة على هؤلاء المبطلين. وقد رجحه بعض الأئمة. قال الإمام ابن عبد البر رحمه الله: وقال بعض أهل العلم: إن الصغير المذكور في حديث عمر وما كان مثله من الأحاديث: إنما يراد به الذي يستفتى ولا علم عنده، وإن الكبير هو العالم في أي سن كان، وقالوا: الجاهل صغير وإن كان شيخًا، والعالم كبير وإن كان حدثًا. ("جامع بيان العلم" /1/ص 499-500/دار ابن الجوزي).
    وقال الإمام ابن عبد البر رحمه الله: ومما يدل على أن الأصاغر ما لا علم عنده: ما ذكره عبد الرزاق وغيره، عن معمر، عن الزهري، قال: كان مجلس عمر مغتصًّا من القراء شبابًا وكهولًا، فربما استشارهم ويقول: لا يمنع أحدكم حداثة سنه أن يشير برأيه، فإن العلم ليس على حداثة السن وقدمه، ولكن الله يضعه حيث يشاء. ("جامع بيان العلم" /1/ص 501/دار ابن الجوزي).
    وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كُنْتُ أُقْرِئُ رِجَالاً مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مِنْهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ (أخرجه البخاري/كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة/رجم الحبلى من الزنى.../(6830)/دار الكتب العلمية).
    وقال ابن الجوزي رحمه الله: ففيه تنبيه على أخذ العلم من أهله وإن صغرت أسنانهم أو قلّت أقدارهم، وقد كان حكيم ابن حزام يقرأ على معاذ بن جبل فقيل له تقرأ على هذا الغلام الخزرجي فقال: إنما أهلكنا التكبر اهـ. ("كشف المشكل"/مسند عمر بن الخطاب/1/ص63/دار الوطن).
    وقال ابن المديني رحمه الله: إنَّ الْعِلْمَ لَيْسَ بِالسِّنِّ اهـ. ("الآداب الشرعية"/للإمام ابن مفلح/فصل في أخذ العلم عن أهله وإن كانوا صغار السن/ص364/مؤسسة الرسالة).
    وقال الإمام سفيان بن عيينة رحمه الله: الْغُلَامُ أُسْتَاذٌ إذَا كَانَ ثِقَةً اهـ. ("الآداب الشرعية"/للإمام ابن مفلح/نفس المصدر).
    الجواب الرابع: ولو فرض أن المراد كبر الأسنان، ليس في الحديث ما يدل على أنه من شروط صحة الإفتاء. إنما هذا من باب الحث على مجالستهم، وتوقيرهم، وفضيلة ذلك. وقد أخرجه ابن حبان رحمه الله في "صحيحه" (559) في باب: ذكر استحباب التبرك للمرء بعشرة المشايخ أهل الدين والعقل.
    والحديث أخرجه البيهقي رحمه الله في "شعب الإيمان" (10493) في باب: رحم الصغير وتوقير الكبير. وأخرجه الخرائطي رحمه الله في "مكارم الأخلاق" (355) باب: إكرام الشيوخ وتوقيرهم. وقال الحافظ محمد بن أبي إسحاق الكلاباذي رحمه الله بعد أن ذكر هذا الحديث: وقد أمر بتوقيرهم بقوله صلى الله عليه وسلم: «من لم يوقر كبيرنا، فليس منا». ("معاني الأخبار"/ للكلاباذي/ص 100).
    الجواب الخامس: ويحتمل أن يراد بالأكابر: هم الصحابة رضي الله عنهم، والصلحاء، وأصحاب الشرف، لا مجرد كبر السن. فالحديث أخرجه أيضا الإمام ابن عبد البر رحمه الله في "الجامع لبيان العلم" (1053) تحت باب: حال العلم إذا كان عند الفساق والأرذال.
    وقال رحمه الله: وذكر أبو عبيد في تأويل هذا الخبر عن ابن المبارك، أنه كان يذهب بالأصاغر إلى أهل البدع، ولا يذهب إلى السن. قال أبو عبيد: وهذا وجه. قال أبو عبيد: والذي أرى أنا في الأصاغر: أن يؤخذ العلم عمن كان بعد أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويقدم ذلك على رأي أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعلمهم فذاك أخذ العلم عن الأصاغر. ("جامع بيان العلم" /1/ص 496/دار ابن الجوزي).
    وقال الإمام ابن عبد البر رحمه الله: وقد يحتمل حديث هذا الباب أن يكون أراد أن أحق الناس بالعلم والتفقه أهل الشرف والدين والجاه، فإن العلم إذا كان عندهم لم تأنف النفوس من الجلوس إليهم، وإذا كان عند غيرهم وجد الشيطان إلى احتقارهم السبيل، وأوقع في نفوسهم أثرة الرضا بالجهل أنفة من الاختلاف إلى من لا حسب له ولا دين وجعل ذلك من أشراط الساعة وعلاماتها، ومن أسباب رفع العلم. ("جامع بيان العلم" /1/ص 500-501/دار ابن الجوزي).
    الجواب السادس: ليس في تركيب الكلام ما يدل على حصر البركة على الأكابر، بخلاف لو قدّم الخبر –أو المتعلق بالخبر المحذوف-، فتقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر والاختصاص، وليس في الحديث ما يدل على ذلك.
    الجواب السابع: إن الله تعالى قد أشار في القرآن إلى فضيلة الشباب القائمين بدين الله. قال تعالى: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى * وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا﴾ [الكهف/13، 14].
    قال الإمام ابن كثير رحمه الله: فذكر تعالى أنهم فتية -وهم الشباب-وهم أقبل للحق، وأهدى للسبيل من الشيوخ، الذين قد عتوا وعسوا في دين الباطل؛ ولهذا كان أكثر المستجيبين لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم شبابا. وأما المشايخ من قريش، فعامتهم بقوا على دينهم، ولم يسلم منهم إلا القليل. وهكذا أخبر تعالى عن أصحاب الكهف أنهم كانوا فتية شبابا. ("تفسير القرآن العظيم"/5/ص 140).
    فالبركة من الله تبارك وتعالى، وهي مع من شاء الله كباراً وصغاراً.
    الجواب الثامن: واقع السلف رضي الله عنهم يدل على أن الإفتاء لا يناط على كبر السن، بل يناط على الأهلية. فكم من مفت في عهد السلف وهو لم يبلغ السن الكبير. قال الإمام ابن عبد البر رحمه الله: واستشهدوا بأن عبد الله بن عباس كان يستفتى وهو صغير، وأن معاذ بن جبل وعتاب بن أسيد كانا يفتيان الناس وهما صغيرا السن، وولاهما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الولايات مع صغر سنهما، ومثل هذا في العلماء كثير. ("جامع بيان العلم" /1/ص 500/دار ابن الجوزي).
    وقال رحمه الله: فقد ساد بالعلم قديمًا الصغير والكبير، ورفع الله درجات من أحب. ("جامع بيان العلم" /1/ص 501/دار ابن الجوزي).
    الجواب التاسع: إن الواقع في هذا العصر يدل على أن كثيرا ممن يدندن حول هذا الحديث ليصدوا عن علماء السنة هم أهل الأهواء الذين يصدون الناس عن قبول الحق تحت ستار: "إنهم صغار الأسنان!" فقد أصيب أهل الأهواء بداء الجاهلية. قال الإمام الشوكاني رحمه الله: ومن الآفات المانعة عن الرجوع إلى الحق: أن يكون المتكلم بالحق حدث السن –بالنسبة إلى من يناظره- أو قليل العلم أو الشهرة في الناس، والآخر بعكس ذلك، فإنه قد تحمله حمية الجاهلية والعصبية الشيطانية على التمسك بالباطل أنفة منه عن الرجوع إلى قول من هو أصغر منه سنا أو أقل منه علما، أو أخفى شهرة، ظنا منه أن في ذلك عليه ما يحط منه وينقص ما هو فيه، وهذا الظن فاسد فإن الحط والنقص إنما هو في التصميم على الباطل، والعلو والشرف في الرجوع إلى الحق، بيد من كان، وعلى أي وجه حصل اهـ. ("أدب الطلب" /ص57 /دار الكتب العلمية).
    وهم بهذا الصنيع من جملة جنود أبليس. قال الإمام ابن القيم رحمه الله: ولم ينه عن العلم إلا قطاع الطريق منهم، ونواب إبليس وشرطه. ("مدارج السالكين"/2/ص 434).
    الجواب العاشر: إن شيخنا يحيى بن علي الحجوري حفظه الله قد بلغ فوق الخمسة والأربعين من العمر، وهذا لا يقال إنه صغير السن. قال الله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ﴾ الآية. [الأحقاف/15].
    قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسير ﴿وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً﴾: أي: تناهى عقله وكمل فهمه وحلمه. ويقال: إنه لا يتغير غالبا عما يكون عليه ابن الأربعين. ("تفسير القرآن العظيم"/7 /ص 280).
    الجواب الحادي عشر: مما يقوّي القول بأن الأكابر هنا العلماء: أن البركة هي ثبوت الخير ونماءه وزيادته. قال الإمام ابن القيم رحمه الله: وأما البركة فإنها لما كان مسماها كثرة الخير واستمراره شيئا بعد شيء كلما انقضى منه فرد خلفه فرد آخر، فهو خير مستمر يتعاقب الأفراد على الدوام شيئا بعد شيء . ("بدائع الفوائد"/2/ص 675/دار عالم الفوائد).
    وقد نص رسول الله صلى الله عليه وسلم أن خير مع العلم النافع. عن معاوية رضي الله عنه قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم – يقول: «من يرد الله به خيرا يفقهه فى الدين ». (أخرجه البخاري (كتاب العلم/باب من يرد الله به خيرا/(71) ومسلم (كتاب الزكاة/باب النهي عن المسألة/(1037)).
    وعن عثمان - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه ». (أخرجه البخاري (كتاب فضائل القرآن/باب خيركم من تعلم القرآن/(5027)).
    وأعظم الناس بركة هو أكثرهم نفعا للمجتمع، لا مجرد كبر السن. قال الإمام ابن القيم رحمه الله: فإن النافع هو المبارك، وأنفع الأشياء أبركها. والمبارك من الناس أينما كان هو الذي ينتفع به حيث حلّ. ("زاد المعاد"/4/ص 141).
    وهذا الكلام كاف في بيان رجحان العلم على مجرد كبر السنّ، وأن أكابر العلم أكثر بركة مجرد من أكابر السنّ، وأكثر نفعا للناس، وكاف في نسف شبهة من ردّ الحق بمجرّد صغر عمر حامله. ولله الحمد.

    الباب التاسع: تحذير شيخنا يحيى الحجوري حفظه الله من الخروج على الحكام المسلمين

    ولا يجوز الخروج على حكام المسلمين ما داموا مسلمين. وإن كانوا كفارا كفرا بواحا ولم يكن لدي المسلمين قدرة على تبديلهم بلا ضرر أعظم لا تشرع منازعتهم حقنا لدماء المسلمين. عن عوف بن مالك رضي الله عنه: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «خيار أئمتكم الذين تحبونهم، ويحبونكم، ويصلون عليكم، وتصلون عليهم. وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم، ويبغضونكم، وتلعنونهم، ويلعنونكم» قيل: يا رسول الله أفلا ننابذهم بالسيف؟ فقال: «لا ما أقاموا فيكم الصلاة. وإذا رأيتم مِن وُلاتكم شيئاً تكرهونه، فاكرهوا عمله ولا تنزعوا يدا من طاعة». (أخرجه مسلم (1855)).
    وقد صار هذا من عقيدة أهل السنة والجماعة. قال الإمام الحافظ ابن القطان الفاسي رحمه الله: وأجمعوا على أن السمع والطاعة واجبة لأئمة المسلمين اهـ. ("الإقناع"/ذكر الإمامة/ج1/رقم (27/3)/دار الكتب العلمية).
    وقد كثرت تحذيرات شيخنا العلامة يحيى بن علي الحجوري حفظه الله من جميع الخوارج وأقكار الخروج على الحكام المسلمين، منها أنه تكلم في جهيمان: ثوري، انقلابي، عمل فتنة في السعودية لا يرضاها الناصحون. وقال عنه :انقلابي ضال. (منشورة "إعلام الإنس والجانّ"/لأبي الربيع سعيد بن خليفة وهابي).
    وقال حفظه الله في رده على عبد الكريم الإرياني: هاتوا فتنة ثارت من عندي ومن عند شيخنا رحمه الله قبل ذلك. وبإذن الله، واللهُ على ما أقول شهيد إن شاء الله أنها ما تثور فتنة من لدنا إلى أن نلقى الله عز وجل، إلا أن يخرج إنسان قد دُفع به ودُسّ علينا، أو أفسده الشيطان، فأُبيِّن حاله، وتبرأ ذمتي لأن الله عز وجل يقول: ﴿وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾ [الأنعام/164]. ("الحجاج لعبد الكريم الإرياني"/للشيخ يحيى الحجوري حفظه الله/ص28/مكتبة الفلاح).
    ولشيخنا حفظه الله كتاب: "إعلان النكير على أصحاب الانقلاب والتفجير".
    ولما كثرت حركات الحزبيين ضد رئيس اليمن قام شيخنا وطلابه حفظهم الله بالتحذير من الانقلابات والخروج على الحكام المسلمين خطابة وكتابة.

    الباب العاشر: تحذير شيخنا يحيى الحجوري حفظه الله من التقليد

    قد علم المسلمون أن البشر سوى الأنبياء يطرأ عليه خطأ. عن أبي ذر رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه و سلم فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال: –وذكر الحديث:- «يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم». الحديث (أخرجه مسلم (2577)).
    قال شيخ الإسلام رحمه الله: ولكن الأنبياء رضوان الله تعالى عليهم أجمعين هم الذين قال العلماء: إنهم معصومون من الإصرار على الذنوب. فأما الصديقون، والشهداء؛ والصالحون فليسوا بمعصومين. وهذا في الذنوب المحققة. وأما ما اجتهدوا فيه: فتارة يصيبون، وتارة يخطئون. فإذا اجتهدوا فأصابوا فلهم أجران، وإذا اجتهدوا وأخطئوا فلهم أجر على اجتهادهم، وخطؤهم مغفور لهم. ("مجموع الفتاوى"/35/ص 69).
    وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: والمصنفون في السنة جمعوا بين فساد التقليد وإبطاله، وبيان زلة العالم، ليبينوا بذلك فساد التقليد، وأن العالم قد يزلّ ولا بد، إذ ليس بمعصوم، فلا يجوز قبول كل ما يقوله وينزّل قوله منزلة قول المعصوم. فهذا الذي ذمّه كل عالم على وجه الأرض وحرموه وذموا أهله. وهو أصل بلاء المقلدين وفتنتهم، فإنهم يقلدون العالم فيما زلّ فيه وفيما لم يزلّ فيه، وليس لهم تمييز بين ذلك، فيأخذون الدين بالخطأ ولا بد، فيحلّون ما حرّم الله ويحرّمون ما أحلّ الله، ويشرعون ما لم يشرع ولا بد لهم من ذلك، إذ كانت العصمة منتفية عمّن قلّدوه. فالخطأ واقع منه ولا بد. ("إعلام الموقعين"/2/ ص 441/دار الحديث).
    فمن أجل ذلك خذر شيخنا يحيى الحجوري حفظه الله من التقليد في الدين، وحثّ الناس أن يأخذوا بالدليل.
    قال حفظه الله: ليس كل قول يؤخذ لأنه لا سبيل إلى ذلك، فلا بد من النظر إلى الأدلّة. (بتاريخ 16 رجب 1430 هـ).
    وقال حفظه الله: بيننا وبينكم الكتاب والسنة، فمن وافق الحق يؤخذ من كلامه ولا يترك. فالحق معظَّم. فالواجب الأخذ بالحق. (بتاريخ 16 رجب 1430 هـ).
    وقال رعاه الله: من خالف الحق رددته عليه، وإن خالفت الحق رُدُّوا عليّ. هذا الذي نتربّى عليه. (بتاريخ 16 رجب 1430 هـ).
    وقال رعاه الله: الميزان هو الحق لا الناس، قبله من قبله، ورده من رده، والحق ماض. (بتاريخ 17 شعبان 1430 هـ).
    وقال حفظه الله: ليس الإنسان أحاط بكل شيء علما، فمهما بلغ من العلم فات عنه بعض العلوم، فالحجة مقدمة على الشخص. (بتاريخ 1 رمضان 1430 هـ).
    وقال حفظه الله: الحذر الحذر من التقليد، فإن التقليد عمى البصائر. (بتاريخ 17 ذي الحجة 1430 هـ).
    وقال رعاه الله: الذي يقلد الرجال ويتابع مجرد الكثرة فإنه مصيد للضلالة. (بتاريخ 20 جمادى الثانية 1430 هـ).

    الباب الحادي عشر: من خطورات الافتراء على الأبرياء ولا سيما العلماء واحتقارهم

    فإذا قد علمتم أن الإمامين -الوادعي رحمه الله والحجوري حفظه الله- من فقهاء الإسلام، ومجتهدي السنة، ومفتي الأمة، فهما ممن عظّم الله شأنهم بأدلة معروفة، لعظم حاجة الأمة إليهم. قال الإمام ابن القيم رحمه الله: فقهاء الإسلام، ومن دارت الفتيا على أقوالهم بين الأنام، الذين خصوا باستنباط الأحكام، وعنوا بضبط قواعد الحلال والحرام؛ فهم في الأرض بمنزلة النجوم في السماء، بهم يهتدي الحيران في الظلماء، وحاجة الناس إليهم أعظم من حاجتهم إلى الطعام والشراب، وطاعتهم أفرض عليهم من طاعة الأمهات والآباء بنص الكتاب، قال الله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا﴾ [النساء: 59] –ثم ذكر تفاسير أولي الأمر، ثم قال:- والتحقيق أن الأمراء إنما يطاعون إذا أمروا بمقتضى العلم؛ فطاعتهم تبع لطاعة العلماء؛ فإن الطاعة إنما تكون في المعروف وما أوجبه العلم، فكما أن طاعة العلماء تبع لطاعة الرسول فطاعة الأمراء تبع لطاعة العلماء، ولما كان قيام الإسلام بطائفتي العلماء والأمراء، وكان الناس كلهم لهم تبعا، كان صلاح العالم بصلاح هاتين الطائفتين، وفساده بفسادهما. ("إعلام الموقعين"/1/ص16/دار الحديث).
    فإذا كان الكلام في مؤمن بغير حق خطيرا، كما في قول الله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ﴾ [النحل: 105]
    وكما في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « ... وَمَنْ قَالَ فِي مُؤْمِنٍ مَا لَيْسَ فِيهِ أَسْكَنَهُ الله رَدْغَةَ الْخَبَالِ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ». (أخرجه أبو داود (3592)، وصححه الإمام الوادعي رحمه الله في "الصحيح المسند" (755)).
    فالكلام في نجوم الهدى بغير حق أشد خطراً. قال الحافظ ابن عساكر رحمه الله: واعلم يا أخي وفقنا الله وإياك لمرضاته ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته إن لحوم العلماء رحمة الله عليهم مسمومة وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة لأن الوقيعة فيهم بما هم منه براء أمره عظيم والتناول لأعراضهم بالزور والافتراء مرتع وخيم والاختلاق على من اختاره الله منهم لنعش العلم خلق ذميم. ("تبيين كذب المفتري"/ص 29).

    الباب الثاني عشر: الدفاع بالحق ليس تقليدا ولا عصبية

    وقد زعم بعض أهل الباطل أن من نصر أهل الحق، ودافع عن عرضه، وبيّن الحق فإنه مقلد متعصب، وليس كذلك. فإن التقليد هو اتباع من ليس بحجة بغير حجة. قال الإمام ابن النجار الحنبلي رحمه الله: و"التقليد عرفا" أي: في عرف الأصوليين "أخذ مذهب الغير" أي: اعتقاد صحته واتباعه عليه "بلا" أي: من غير "معرفة دليله" أي: دليل مذهب الغير الذي اقتضاه، وأوجب القول به. ("شرح الكوكب المنير"/4/ص459-460/مكتبة العبيكان).
    وقد أدلينا الحجج على صحة ما قلنا، فليس هذا السعي تقليداً.
    وأما العصبية فإنها نصرة العصبة –أو من في صفّه- بالعماية، سواء كان على حق أو باطل. العَصبِيّ: هو الذي يغْضَب لعَصَبته ويُحَامي عنهم. والعَصَبِيَّة: أن يدْعو الرجلَ إِلى نُصْرةِ عَصَبَتِه والتَّأَلُّبِ معهم على من يُناوِئُهُم ظالمين كانوا أَو مظلومين. (انظر "لسان العرب"/6/ص275، وص276. و "النهاية في غريب الأثر"/3/ص 204).
    فمن قام بالدفاع عن أهل الحق بصدق وإنصاف ومعرفة، ووضع كل شيء موضعه، فإنه قد أدى ما عليه. قال شيخ الإسلام رحمه الله: وإذا وقع بين معلّم ومعلّم، أو تلميذ وتلميذ، أو معلّم وتلميذ خصومة ومشاجرة لم يجز لأحد أن يعين أحدهما حتى يعلم الحق، فلا يعاونه بجهل، ولا بهوى. بل ينظر في الأمر. فإذا تبين له الحق أعان المحق منهما على المبطل، سواء كان المحق من أصحابه أو أصحاب غيره، وسواء كان المبطل من أصحابه أو أصحاب غيره، فيكون المقصود عبادة الله وحده وطاعة رسوله واتباع الحق والقيام بالقسط. ("مجموع الفتاوى"/28 / ص 16).
    بهذا البيان عرف العقلاء أننا على بينة من ربنا، لا على تقليد، ولا على عصبية، وذلك من فضل الله علينا وعلى العقلاء، ولكن أكثر المبطلين لا يعلمون.
    والحمد لله رب العالمين.
    دار الحديث بدماج
    10 رجب 1433 هـ


    فهرس الكتاب
    Table of Content
    تقديم فضيلة الشيخ محمد بن علي حزام البعداني حفظه الله 3
    مقدمة المؤلف 4
    الباب الأول: ترجمة وجيزة للإمام الوادعي رحمه الله 9
    نسبه: 9
    مراحل طلبه العلم: 9
    دعوته في السعودية: 11
    حرصه على تعليم طلابه وأهل بيته: 12
    وفور ذكاؤه، وسعة علمه، وقوة فقهه: 13
    حرصه على الدعوة: 13
    حرصه على طلاب العلم: 14
    سخاوة نفسه: 15
    تواضعه: 15
    عفته وعزة نفسه: 16
    زهده رحمه الله: 17
    ورعه: 18
    محاولة الأعداء على قتله: 18
    صبره على المرض: 19
    وفاته رحمه الله: 19
    الباب الثاني: بيان سعة علوم الإمام الوادعي رحمه الله وإمامته وسلفيته 20
    الفصل الأول: مصنفات الإمام الوادعي رحمه الله 21
    الفصل الثاني: تجديد الإمام مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله هذا الدين في اليمن 24
    الفصل الثالث: ثناء العلماء في الإمام الوادعي رحمه الله ومناقبه عندهم 28
    الفصل الرابع: أهلية الإمام رحمه الله للاجتهاد والفتوى 32
    الباب الثالث: تحذير الإمام الوادعي رحمه الله من التقليد 35
    الباب الرابع: تحذير الإمام الوادعي رحمه الله من الخروج على الحكام 37
    الباب الخامس: فتنة جهيمان الخارجي وبراءة الإمام الوادعي رحمه الله منها 39
    الباب السادس: ترجمة شيخنا العلامة الحجوري حفظه الله 43
    إقامة شيخنا التدريس في دار الحديث: 48
    صبر شيخنا على الأمراض 53
    محنة شيخنا وجميع طلابه: 53
    الباب السابع: بيان إمامة شيخنا العلامة يحيى بن علي الحجوري حفظه الله 55
    الفصل الأول: مؤلفاته 55
    الفصل الثاني: ثناء العلماء عليه ومنزلته عند المنصفين 61
    الفصل الثالث: حقيقة العلم والعلماء، والفقه والفقهاء 64
    الفصل الرابع: الإمامة في الدين 69
    الباب الثامن: شبهة حول حديث «البركة مع أكابركم» 72
    الباب التاسع: تحذير شيخنا يحيى الحجوري حفظه الله من الخروج على الحكام المسلمين 80
    الباب العاشر: تحذير شيخنا يحيى الحجوري حفظه الله من التقليد 82
    الباب الحادي عشر: من خطورات الافتراء على الأبرياء ولا سيما العلماء واحتقارهم 84
    الباب الثاني عشر: الدفاع بالحق ليس تقليدا ولا عصبية 85
    فهرس الكتاب 87



  • #2
    ماشاء الله اللهم بارك
    جزاك الله خيرا أبا فيروز على هذا الكتاب القيم
    والحمد لله
    الذي نعتقده وندين الله به

    أن الإمامين
    الوادعي وخليفته الناصح الأمين
    من خيرة أهل الإجتهاد
    ووالله أن شجاعة الشيخ يحي في الصدع بالحق مثل شجاعة شيخه الإمام الوادعي رحمه الله

    نقول هذا ونصرخ به صراخا

    ــــــ وموتوا بغيظكم أيها المتحزبة جميعا ـــــــــ

    تعليق


    • #3
      المشاركة الأصلية بواسطة شوكاني بن محمد المكي الإندونيسي مشاهدة المشاركة
      ماشاء الله اللهم بارك
      جزاك الله خيرا أبا فيروز على هذا الكتاب القيم
      والحمد لله
      الذي نعتقده وندين الله به

      أن الإمامين
      الوادعي وخليفته الناصح الأمين
      من خيرة أهل الإجتهاد
      ووالله أن شجاعة الشيخ يحي في الصدع بالحق مثل شجاعة شيخه الإمام الوادعي رحمه الله

      نقول هذا ونصرخ به صراخا


      ــــــ وموتوا بغيظكم أيها المتحزبة جميعا ـــــــــ


      صدقت يا أخانا الكريم شوكاني

      فشجاعة الشيخ يحي في الصدع بالحق مثل شجاعة شيخه الإمام الوادعي رحمه الله


      نقول هذا ونصرخ به صراخا

      تعليق


      • #4
        جزاك الله خيرا يا (أبا فيروز الإندونيسي) ورفع الله درجتك في الدنيا والآخرة.....
        على تأليف الكتاب المذكور كوفاء لإمام الراحل الوادعي رحمه الله وخليفته الشيخ يحيى الحجوري حفظه الله تعالى ....
        وهذا إعلان الحق لمن يريد الحق وأهل الحق وطريق الحق، ورد على أهل الأهواء والبدع الذين يتكلمون في الامام الوادعي وخليفته الشيخ يحيى.......

        تعليق


        • #5
          جزاك الله خيرا أبا فيروز الإندنوسي على هذا الجهد المبارك ونقول لأعداء دعوتنا وأعداء منهجنا وشيخنا يحيى الحجوري موتوا بغيظيكم رحم الله الإمام الوادعي وحفظ الله خليفته الشيخ يحيى الحجوري من كيد الكائدين وحقد الحاقدين
          التعديل الأخير تم بواسطة أبو أحمد علي السيد; الساعة 18-08-2012, 11:41 PM.

          تعليق


          • #6

            المشاركة الأصلية بواسطة أبو عبد الرحمن صديق الأندونيسي مشاهدة المشاركة
            حرصه على طلاب العلم:
            وكان رحمه الله حريصا على طلبة العلم وكان يحزن ويتوجع إذا علم أن طلبته يحتاجون شيئا ولم يستطيعوا الحصول عليه فقد قال رحمه الله في بعض دروسه: أعظم مشقة تواجهني أعظم من مواجهة المبتدعة وأعظم من التأليف هي حاجات الطلاب




            رحم الله الشيخ المحدّث مقبل بن هادي الوادعي
            فقد كان حريصاً كلّ الحرص على طلابه وكان يحزن ويتألّم ويحرص على حاجياتهم
            ومثله في هذا الشيخ العلاّمة يحيى بن علي الحجورى حفظه الله
            فإنّه يتألّم إذا رأى الطالب نقص عليه شيء من الطعام

            قال الشيخ يحى حفظه الله :

            والله إنّي أتألمّ إذا رأيت الطالب نقص عليه الطعام ـوالله أنّني أتألّمــ حتى تكادي عيناي تدمع


            المشاركة الأصلية بواسطة أبو عبد الرحمن صديق الأندونيسي مشاهدة المشاركة


            ومرة قدم له بعض طلبة العلم ورقة في أحد الدروس مكتوب فيها: (أنا طالب علم وأحب العلم وعليّ دين وأخشى أن يصرفني عن طلب العلم). وبعد ما قرأها الشيخ أخذ يدرس وقبل الإنتهاء من الدرس قال في مكبر الصوت: (الأخ الذي قدم الورقة يذهب إلى الأخ فلان ويقول له كم دينه وننظر هل نستطيع مساعدته).
            سخاوة نفسه






            رحم الله الشيخ المحدّث مقبل بن هادي الوادعي
            فقد كان حريصاً كلّ الحرص على طلابه وكان ييسعى كثيراًفي قضاء حاجياتهم
            ومثله في هذا الشيخ العلاّمة يحيى بن علي الحجورى حفظه الله
            فإنّه يتألّم إذا رأى الطالب نقص عليه شيء من الطعام


            أخٌ يقول : إنّه طالب علم وله مدّة ثلاث سنوات ، قال : وكنت قبل ما آتي هنا في رفاهية من المأكل والمشرب وغير ذلك ، والآن أصابني همّ وغمٌّ من الديون ؟

            فأجاب الشيخ يحى حفظه الله وأيّده :

            أريد أن أراك بعد الدرس

            هذا غيض من فيض في موافقة الشيخ يحيى حفظه الله لشيخه المحدّث مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله
            فالشيخ يحيى يسير على خطى شيخه مقبل رحمه الله
            ونقول للمفتونين
            (( موتوا بغيظكم وحسدكم ))







            تعليق


            • #7
              جزى الله أبا فيروز عبد الرحمن الإندونيسي على هذه الرسالة خيراُ
              وجعلها الله في ميزان حسناته
              التعديل الأخير تم بواسطة أبو أحمد علي السيد; الساعة 18-08-2012, 11:40 PM.

              تعليق

              يعمل...
              X