كلاب تلهث خلف الكراسي
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد إلا لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً مزيداً إلى يوم الدين .
أما بعد ...
فقد أخرج عبد الحق الأشبيلي – رحمه الله – في كتابه [ الأحكام الشرعية ][4/69] : عن حماد بن سلمة عن أبي غالب – صاحب أبي أمامة – قال : كنت أمشي مع أبي أمامة وهو على حمار له ، حتى إذا انتهيت إلى درج مسجد دمشق ، فإذا رءوس منصوبة ، فقال: ما هذه الرءوس ؟ قال : هذه رءوس الخوارج يجاء بهم من العراق . فقال أبو أمامة : كلاب النار ، كلاب النار ، كلاب النار ، شر قتلى تحت ظل السماء ، طوبى لمن قتلهم وقتلوه ، ثم بكى ، فقلت : ما يبكيك يا أبا أمامة ؟ قال : رحمة لهم ، إنهم كانوا من أهل الإسلام فخرجوا منه ، ثم قرأ : {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }[آل عمران:105] ، فقلت : يا أبا أمامة هؤلاء ؟ قال : نعم ، فقلت : أشياء تقوله برأيك أم شيء سمعته من رسول الله ، قال : أني إذا لجرئ ، إني إذا لجرئ ، إني إذا لجرئ ، بل سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، غير مرة ولا مرتين ولا أربع ولا خمس ولا ست ولا سبع ، ووضع أصبعيه في أذنيه وقال : وإلا فصمتاً ، قالها ثلاثاً ، ثم قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : تفرقت بنو إسرائيل على إحدى وسبعين فرقة ، واحدة في الجنة وسائرهن في النار ، ولاتزيدن عليهم هذه الأمة فرقة واحدة ، واحدة في الجنة وسئرهن في النار ، فقلت : يا أبا أمامة فما تأمرني ، قال : عليك بالسواد الأعظم ، قلت : فإن السواد الأعظم ما يرى ، قال : السمع والطاعة خير من الفرقة والعاصية .اهـ
ألا فالإخوان المفلسون من جملة هذه الكلاب – كلاب النار – إلا أن تلك الكلاب اليوم في مصر صارت متشبهة بالحرباء تتلون بحسب الظروف المحيطة بها غشاً ومكراً خداعاً .
فبالأمس كانوا يعوون تحت الأرض حتى حصل ما حصل من خروج على الحاكم المصري محمد حسني مبارك ، فإذ بهم يخرجون من منازلهم ويسعون في مصر فساداً وتحريشاً ، وهم من أطلقوا نار هذه الفتنة ، التي تسببت في الخروج على الحاكم المصري ، فهم من قادوا تلك الفتنة وأوقدوا نارها ونفخوا فيها ، حتى اشتعلت وطالت الأخضر واليابس في بلادنا الحبيب مصر ، وهذا ما كاموا يخططون له منذ نصف قرن من الزمان ، وما إن تنحى الحاكم عن منصبه كرئيس للجمهورية ، إذ بهم يظهرون للشعب المصري أنهم لا يسعون خلف كرسي الحكم ولا مناصب في الدولة سعياً منهم في كسب ثقة الشعب المصري الطيب ، وكان ممن يخططون له خوض انتخابات مجلس الشعب والشورى – ومعلوم حرمة الانتخابات – بثلثي مقاعد المجلسين من أجل الإصلاح – زعموا – فإذا بهم يستولون على الغالبية المطلقة في المجلسين ، وهذا من مكرهم وغشهم وخداعهم فلما تأتت لهم الفرصة ما تركوها ، وتلك أولى الخطوات للظفر بكرسي الحكم في مصر .
ثم خاضوا الانتخابات الرئاسية وعللوا لذلك بإن الأمور لم تتغير في مصر فكان عليهم أن يخوضوا تلك الانتخابات لكي يتمكنوا من التغير بأنفسهم ، وأنهم هم القادرون على التغير مخالفين بذلك العهود متشبهين باليهود ، وذلك منهجهم ولم يتبدل عبر الأزمنة الكذب وإخلاف العهود والغش والخداع والمكر والتلون والسعي خلف الدنيا وحطامها الزائل البائد .
وها هم يمكرون بالشعب المصري ويزينون له الأمور ويظهرون له الحب والود والمساعدة والخوف عليه .
وها هم قد جندوا زموز الحزبية في مصر في صفوفهم ومن محمد حسان والحويني ويعقوب وفوزي السعيد ومحمد إسماعيل المقدم وياسر برهامي ومحمد عبد المقصود ، حتى لاعبي الكرة جعلوهم دعاية لانتخابهم ، وغيرهم الكثير ممن رضي بأن يكون بردعة لهم ، وممن صرف لهم الولاء والبراء ، حتى قال بعض هؤلاء ويدعى [ صفوت حجازي ] وهذا خارجي قطبي : دم من لم يصوت لمرشح الإخوان في انتخابات الرئاسة لا يساوي عندي دم دجاجة .
أقول : أف وتف وجورب وخف على الإخوان المسلمين ومن سار بسيرهم واهتدى بهداهم .
أتظنون أنهم سيطبقون الشريعة مثل ما تزعموا ويزعمون؛كلا هؤلاء قوم لم يطبقوا الشريعة الإسلامية فيما بينهم فكيف يطبقونها على غيرهم ، فأين كانت الشريعة الإسلامية والحث عليها حين خرج من خرج على الحاكم ، وقد أمر الله عز وجل بالسمع والطاعة للحاكم وإن كان ظالماً وعدم الخروج عليه ، فهؤلاء على مر الأزمنة لم يعرف عنهم تطبيقاً للشريعة ، وما هي إلا شعارات يروجون بها لمساعيهم ورغباتهم وما إن وصلوا للحكم ستصبح الدولة إخوانية ويعتلون على مناصب ومؤسسات الدولة المصرية ، ولن يتخلوا عن الحكم إذا صعدوا إليه ، وتلك فرصتهم منذ زمن بعيد ، فكيف يتخلون عنها بهذه السهولة ، وها هو الهضيبي مرشدهم السابق يصرح بذلك فقد قال : نحن إن صعدنا للحكم لن نتخلى عنه ولن نتركه لأحد .
وهم الأن يتزلفون للشعب المصري ، ويسعون في إرضائه حتى ما إذا وصلوا إلى سدة الحكم انقلبوا عليهم ونكلوا بمن وقف أمامهم واعترض طريقهم .
وهم الأن يدخلون للناس باسم الدين لنيل ما يريدون ويظهرون للناس أنهم يساعدونهم ويقضون بعض حاجتهم من طعام وشراب ومال وغير ذلك نظير ما تفعله الجمعيات لجلب الناس ، كل هذا من أجل نيل أصوات الناس المؤيدة لهم في الانتخابات الرئاسية .
ولأن يحكم مصر حاكم ظالم خير من أن يحكمها حاكم مبتدع خارجي ، لأن الظالم العاصي يعرف أنه على معصية ويرجى له التوبة ، بخلاف المبتدع فهو يظن أنه على الحق ولا يتوب في الغالب ، لأنه كما ابتدع انتقل إلى بدعة أشد من الأولى ، قال الله عز وجل : {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ }[الصف:5] .
قال الفضيل بن عياض – رحمه الله تعالى - : من عظم صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام .
فالإخوان المفلسون خوارج مبتدعة أشد على الإسلام من اليهود ، فنسأل الله أن يكفي المسلمين شر هؤلاء ، وأن لا يمكن لهم في الأرض .
كتبه
أبو مريم حسام بن مصطفى المصري
أبو مريم حسام بن مصطفى المصري
تعليق