س48: لقد كثر المنتسبون إلى الدعوة هذه الأيام مما يتطلب معرفة أهل العلم المعتبرين الذين يقومون بتوجيه الأمة وشبابها إلى المنهج الحق والصواب فمن هم العلماء ا لذ ين تنصح الشباب بالاستفادة منهم ومتابعة دروسهم وأشرطتهم المسجلة و أخذ العلم عنهم والرجوع إليهم في المهمات والنوازل وأوقات الفتن الجواب: الدعوة إلى الله أمر لابد منهم والدين إنما قام على الدعوة والجهاد بعد العلم النافع (إلا الذين ءامنوا وعملوا الصلحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر)(العصر3) فالإيمان يعني العلم بالله سبحانه وتعالي وبأسمائه وصفاته وعبادته والعمل الصالح يكون فرعا من العلم النافع لأن العمل لابد أن يؤسس على علم والدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والتناصح بين المسلمين هذا أمر مطلوب ولكن ماكل أحد يحسن أن يقوم بهذه الوظائف هذه الأمور لايقوم بها إلا أهل العلم وأهل الرأي الناضج لأنها أمور ثقيلة مهمة لايقوم بها إلا من هو مؤهل للقيام بها ومن المصيبة اليوم أن باب الدعوة صار بابا واسعا كل يدخل منه ويتسمى بالدعوة وقد يكون جاهلا لايحسن الدعوة فيفسد أكثر مما يصلح وقد يكون متحمسا يأخذ الأمور بالعجلة والطيش فيتولد عن فعله من الشرور أكثر مما عالج وما قصد إصلاحه بل ربما يكون ممن ينتسبون للدعوة ولهم أغراض وأهواء يدعون إليها ويريدون تحقيقها على حساب الدعوة وتشويش أفكار الشباب باسم الدعوة والغيرة على الدين وربما يقصد خلاف ذلك كا لانحراف بالشباب وتنفيرهم عن مجتمعهم وعن ولاة أمورهم وعن علمائهم فيأتيهم بطرق النصيحة وبطريق الدعوة في الظاهر كحال المنافقين في هذه الأمة الذين يريدون للناس الشر في صورة الخير أضرب لذلك مثلا في أصحاب مسجد الضرار بنوا مسجدا في الصورة والظاهر أنه عمل صالح وطلبوا من النبي صلي الله عليه وسلم أن يصلي فيه من أجل أن يرغب الناس به ويقره ولكن الله علم من نيات أصحابه أنهم يريدون بذلك الإضرار بالمسلمين والإضرار بمسجد قباء أول مسجد أسس على التقوى ويريدون أن يفرقوا جماعة المسلمين فبين الله لرسوله مكيدة هؤلاء وأنزل قوله تعالى( والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكذبون() لاتقم فيه أبدا لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين) (التوبة 107 -108) يتبين لنا من هذه القصة العظيمة أن ماكل من تظاهر بالخير والعمل الصالح يكون صادقا فيما يفعل فربما يقصد من وراء ذلك أمورا بعكس ما يظهر فالذين ينتسبون إلى الدعوة اليوم فيهم مضللون يريدون الانحراف بالشباب وصرف الناس عن الدين الحق وتفريق جماعة المسلمين والإيقاع في الفتنة والله عزوجل حذرنا من هؤلاء (لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ولأوضعوا خللكم يبغونكم الفتنة وفيكم سمعون لهم والله عليم بالظالمين) (التوبة 47) فليس العبرة بالانتساب أو فيما يظهر بل العبرة بالحقائق وبعواقب الأمور والأشخاص الذين ينتسبون إلى الدعوة يجب أن ينظر فيهم : أين درسوا ومن أين أخذوا العلم وأين نشئوا وماهي عقيد تهم وتنظر أعمالهم وآثارهم في الناس وماذا أنتجوا من الخير وماذا ترتب على أعمالهم من الإصلاح يجب أن تدرس أحوالهم قبل أن يغتر بأقوالهم ومظاهرهم هذا أمر لابد منه خصوصا في هذا الزمان الذي كثر فيه دعاة الفتنة وقد وصف النبي صلي الله عليه وسلم دعاة الفتنة بأنهم قوم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا (1) والنبي صلي الله عليه وسلم لما سئل عن الفتن قال (دعاة على أبواب جهنم من أطاعهم قذفوه فيها)(2) سماهم دعاة فعلينا أن ننتبه لهذا ولا نحشد في الدعوة كل من هب ودب وكل من قال : أنا أدعو إلى الله وهذه جماعة تدعو إلى الله لابد من النظر في واقع الأمر ولابد من النظر في واقع الأفراد والجماعات فإن الله قيد الدعوة إلى الله بالدعوة إلى سبيل الله قال تعالى:(قل هذه سبيلى أدعوا إلى الله) (يوسف :108) دل على أن هناك أناسا يدعون لغير الله والله تعالى أخبر أن الكفار يدعون إلى النارفقال:(ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار والله يدعوا إلى الجنة والمغفرة بإذنه ويبين ءايته للناس لعلهم يتذكرون) (البقرة 221) فالدعاة يجب أن ينظر في أمرهم قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله عن هذه الآية( قل هذه سبيل أدعوا إلى الله) فيه الإخلاص فإن كثيرا من الناس إنما يدعو إلى نفسه ولا يدعو إلى الله عزوجل(3) (1)كما في صحيح البخاري (8-92-93)من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه (2) رواه الإمام البخاري في صححيه (8-92-93)من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه (3) انظر: كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد(ص 45-46) (المنتقى من فتاوى الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان ص(64إلى67) ط الإمام أحمد س :100 نطلب منكم توجيه نصيحة أخيرة لأبناكم طلبة العلم وجزآكم الله خيرا وبارك فيكم الجواب: أنصح الإخوة في الله طلاب العلم بالحرص على الاستقامة على منهج السلف واللجوء إلى الله عزوجل ودعائه سرا وجهرا باطنا وظاهرا بأن يثبتنا جميعا على التوحيد وعلى العقيدة السلفية حتى نلقاه على ذلك فنحن مطالبون بالاستقامة على كتاب الله وعلى سنة رسوله صلي الله عليه وسلم وعلى فهم السلف الصالح لهما هذا هو الواجب على كل مسلم والله سبحانه وتعالى يقول (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه) (الأنعام من الآية 153) ويقول سبحانه (اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم) (الأعراف من الآية 3) ويقول سبحانه (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) (أل عمران من الآية 31) إلى غير ذلك من النصوص القرآنية وكذلك النصوص النبوية ون أشهرها حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه قال (وعظنا رسول الله موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب فقال رجل إن هذه موعظة مودع فماذا تعهد إلينا يارسول الله قال : أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن عبد حبشي فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا وإياكم ومحدثات الأمور فإنها ضلالة فمن أدرك ذلك منكم فعليه بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهدين عضوا عليها بالنواجذ) قال أبو عيسى الترمذي :هذا حديث حسن صحيح فهذه النصوص كافية ودالة على وجوب إتباع كتاب الله وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم ولنعلم أن ذلك لايتم إلا باللجئ إلى الله عزوجل في أن يهب للعبد عونا على ذلك وفهما للحق واتباعا له وقناعة به ومن صدق مع الله نسأل الله جلت قدرته أن يثبتنا على دينه وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا إتباعه ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه وأن لايجعله ملتبسا علينا فنضل وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين (الفتاوى الجلية عن المناهج الدعوية من إجابات الشيخ العلامة أحمد بن يحيى النجمي رحمه الله (ص185-186) ط دار المناهج
إعـــــــلان
تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.
فتوى للشيخ الفوزان ونصيحة من الشيخ النجمي رحمه الله
تقليص
X
تعليق