بيان حول أمر اعتقال الشيخ جميل الصلوي في الجزائر
الشيخ:
أبو حاتم يوسف بن العيد العنابي الجزائري
حفظه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إلهٰ إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران:102].
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا الله الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ الله كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء:1].
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ الله وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب:70، 71].
أما بعد:
فقد تلقى السلفيون وغيرهم بالجزائر-حرسها الله- نبأ إيقاف الشيخ الفاضل جميل بن قائد بن عبده الصلوي-حفظه الله- ومحاكمته بولاية وادي سوف، التي نزل فيها ضيفا عند إخوانه الذين استدعوه كما استدعى كثير من الناس غيره من الدعاة وفيهم منحرفون عن الجادة، ومع ذلك لم نسمع أن أي جهة أوقفتهم، بل أُكرموا وحلوا وارتحلوا آمنين.
وأهل السنة والجماعة وعلى رأسهم السلفيون بدار الحديث بدماج مشايخ وطلابا أحق بالإكرام وأحق بالترحاب، كيف لا وهم دعاة خير ودعاة هدى، والشيخ الفاضل جميل بن قائد بن عبده الصلوي -حفظه الله- من دعاة أهل السنة تلقى العلم وتربى في دار الحديث السلفية بدماج، ولا يخفى علي الجهات الأمنية عندنا في الجزائر -وفقهم الله لكل خير- ما عليه هذه الدار العلمية وطلابها من العلم والسنة، ونشر الخير بين الناس، وتحذيرهم من كلّ شرٍّ يعرض لهم، سواء في ذلك فتنة الروافض الحوثية، أو فتنة الخوارج على الحكام المسلمين، وغير ذلك من فتن الضُّلال المعتدين، متمسكين في ذلك بالكتاب والسنة ومنهج سلف الأمة الصالحين، الذي هو دين الله الحق المبين، قال تعالى ﴿ وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء : 115]، وقال تعالى ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ﴾ [التوبة : 100]، والأدلة على الأمر بالتمسّك بالكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح كثيرة يصعب حصرها، وقد كان لهذه الدعوة السلفية المباركة التي تربى عليها الشيخ جميل الصلوي حفظه الله أثرها العظيم في توعية الناس في فتنة الخوارج بالجزائر، ويعرف ذلك كل منصف من الحكّام والمحكومين، وكان شيخه الإمام مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله تعالى-مؤسس هذه الدار المباركة- من العلماء السلفيين الذين بينوا حقيقة «حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ»، وما عليه قُوَّادُها: علي بلحاج، وعباس مدني وأتباعهم، من الزّيغ والانحراف([1])، وحذّروا الأمة الجزائرية من خطر حزبهم، ثم من خطر خروجهم وفتنتهم، مما كان له الأثر البالغ، ولا أدلّ على ذلك من نشرِ الدولة، والصحفيين، والكتاب، لفتاوى علماء هذه الدعوة المباركة، ورجوعِ كثيرٍ من المقاتلين إلى جادة الصواب.
وعلى هذا المنهج المبارك سار خليفة الإمام الوادعي من بعده: العلامة المحدث الفقيه يحيى بن علي الحجوري حفظه الله تعالى، الذي نفع الله بعلمه ودعوته الإسلام والمسلمين، وقام ببيان خطر تلك الدعوات الزائفة الثائرة، وانظروا كتابه «إعلان النكير على أصحاب الانقلاب والتفجير»، و«الحجج القاطعة على أن الرافضة ضد الإسلام والمسلمين على مرّ الزّمن بلا مدافعة» وغير ذلك من كتبه تُنبِيكم عن ذلك، واسمعوا أشرطته ترشدكم-بعد توفيق الله- أوضح المسالك.
وينوب عن شيخنا يحيى حفظه الله في دروسه في تلكم الدار السلفية الصافية، الشيخ الفاضل جميل بن قائد بن عبده الصلوي حفظه الله، وعلى نهجه ونهج شيخه يسير، بعيدا عن الفتن، مع بذل النصح للناس بالبعد عن الثورات والانقلابات والمظاهرات ومحذرا منها ومن غيرها من الفتن.
فمثله يُكرَم ويُفتَح له المجال للدعوة إلى الله تعالى، لا أن يوقف ويسجن الأيام والليالي لغير سبب يوجب ذلك عندكم، إذ إن ما ذكره حفظه الله في شأن الانتخابات وتحريمها هو رأيه فيها، وليس هو شيء جديد أتى به، ولا بدع من القول، بل عليه علماء أهل السنة الذين وثقت فيهم الدولة الجزائرية-حرسها الله من كل سوء- في أيام فتنة الخوارج.
كالإمام المجدد المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى.
والإمام المجدد المحدث مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله.
والعلامة محمد أمان الجامي رحمه الله.
والعلامة صالح الفوزان حفظه الله.
والعلامة ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله.
وشيخنا العلامة يحيى بن علي الحجوري حفظه الله.
وغيرهم كثير من علماء أهل السنة، ومشايخها -كالشيخ جميل الصلوي حفظه الله- الذين عُرفوا بالدعوة إلى الأمن والبعد عن الفتن.
وليس في قولهم بتحريم الانتخابات تحريض للناس على السلطة، ومحاربة للسلطة!!
لكنهم وقفوا حيث أوقفهم الدليل من الكتاب والسنة الذين حرما التحاكم إلى غير الله عزوجل، والانتخابات فيها تحكيم الشعب، قال تعالى ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ﴾، وغير ذلك من المفاسد، وليس هذا محل بسطها.
وفي منهج أهل السنة ما هو خير من تلكم الانتخابات، فهم يقولون للحاكم المسلم سواء حاكمنا وفقه الله وسدد خطاه أو غيره من الحكام المسلمين: نحن لا نعارض بقاءكم حاكمين وندعو لكم بالصلاح والخير وأن توفقوا لخدمة الإسلام والمسلمين، والانتخابات تعارض هذا لما علم من تحديدها فترة الحكم، ونحن نحرم المظاهرات والفوضى على الحكام المسلمين، بينما الانتخابات تبيح للناس المظاهرات عليه، وغير ذلك مما علم من صفاء الدعوة السلفية وأمنها.
والشيخ جميل الصلوي حفظه الله وغيره من مشايخ أهل السنة مع ما يعتقدون في الانتخابات، حريصون كل الحرص على أمن البلاد والعباد، وهم أشد الناس حرصا على التحذير والبعد عما فيه ثورة الناس على حكامهم المسلمين، وهذا أمر يدينون الله به ويعتقدونه، وقوفا منهم عند أمر الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وتقديم أمرهما على ما تمليه العواطف والأهواء، لا جبنا منهم كما يقول من لم يوفَّق إلى سبيل الرشاد! ولكن لأن عقيدتهم المبنية على الكتاب والسنة حاجز لهم عن كل ما فيه فتنة للعباد والبلاد.
قال تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾، وقد أمرنا الله تعالى بطاعة ولاة أمورنا في المعروف، حيث قال ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾.
وفي الختام : نطلب بالنيابة عن أهل السنة السلفيين بالجزائر من الجهات المختصّة في الجزائر الحبيبة -حرسها الله-، وعلى رأسهم وليّ أمر بلدنا : الوالد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة-وفقه الله وسدّده-، والجهات الأمنية وفقهم الله لكل خير، أن يخرجوا قرارا بإطلاق سراح الشيخ جميل الصلوي ويأمروا بإكرامه وإكرام غيره من دعاة السنة الذين يأتون ضيوفا على هذا البلد وعلى إخوانهم دعاةَ أمن وهدى، وأن يأخذوا بعين الاعتبار ما تقوم به بعض الصحف المحلية، وغيرها من الدعوات والأشخاص، بين الحين والآخر، من العدوان على هذه الدعوة السلفية المباركة التي نفع الله بها وبِحَمَلَتِها، فإن أهل السنة-والله- أهلُ نصحٍ، ودعاةُ أمنٍ وأمان.
وسبحانك اللهم وبحمدك، لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
وكتبه: أبو حاتم يوسف الجزائري
قبل مغرب يوم الإثنين 9 /جمادى الآخر/1433هـ
([1]) انظر على سبيل المثال: «غارة الأشرطة» (1/433)، (1/421)، (2/217)، و«تحفة المجيب» (ص227-228)،(ص279 فما بعد)، و«قمع المعاند»، وفي كثير من كتب وأشرطة الإمام الوادعي رحمه الله تعالى.
تعليق