ــــــــــ●இ●ــــــــــ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فلا يزال أهل الأهواء يتنقصون أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم أجمعين؛ وهم بالنقص أولى، وذلك بنقل الروايات المكذوبة من أي كتاب كان، ولم يُكلِّفوا أنفسهم بالنظر في صحتها من ضعفها، أو على أقل تقدير يسألون أهل العلم.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في ذلك:
" والمصنفون من أهل الحديث في سائر المنقولات هم بذلك اعلم وأصدق بلا نزاع بين أهل العلم لأنهم يسندون ما ينقلونه عن الثقات أو يرسلونه عمن يكون مرسله يقارب الصحة.
بخلاف الأخباريين فإن كثيرا مما يسندونه عن كذاب أو مجهول، وأما ما يرسلونه فظلمات بعضها فوق بعض، وهؤلاء لعمري ممن ينقل عن غيره مسندا أو مرسلا .
وأما أهل الأهواء ونحوهم فيعتمدون على نقلٍ لا يعرف له قائل أصلا لا ثقة ولا معتمد، وأهون شيء عندهم الكذب المختلق، وأعلم من فيهم لا يرجع فيما ينقله إلى عمدة بل إلى سماعات عن الجاهلين والكذابين وروايات عن أهل الإفك المبين. "مجموع الفتاوى" (27/479).
ــــــــــ●இ●ــــــــــ
أقول لقد استفحل أمر الدكتور عائض القرني في التنكيت على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وسرده القصص المكذوبة المغلوطة على مرأى من العالم عبر شاشات التلفاز من غير حياء ولا خوف من الله تعالى، فقد ظهر علينا في قناة من القنوات الفضائية ـ رأيت ذلك وسمعته عبر " اليوتيوب " ـ ذكر قصة عن الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقهقه بعد سردها ملىء فهمه حتى طلب من مقدم البرنامج؛ فاصل ـ كي يسترد أنفاسه من كثرة ضحكه ـ وهو في ذلك يتشبه بالرافضة الذين ينتقصون من أصحاب النبي صلى لله عليه وسلم، قال عليه السلام: ( مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ ). أحمد، وأبو داود.
قال ابن تيمية رحمه الله:
"فمن تكلم في هذا الباب: أي مدح الصحابة أو قدح فيهم، بجهل أو بخلاف ما يعلم، كان مستوجباً للوعيد.
ولو تكلم بحق لقصد الهوى لا لوجه الله، أو ليعارض به حقاً آخر لكان أيضاً مستوجباً للذم والعقاب.
فمن سلك سبيل أهل السنة، استقام قوله، وكان من أهل الحق والاستقامة والاعتدال، وإلا حصل في جهل ونقض وتناقض، كحال هؤلاء الرافضة الضُلال".
"طريق الوصول إلى العلم المأمول". (89ـ90).
"طريق الوصول إلى العلم المأمول". (89ـ90).
قال أبو الحارث محمد بن أحمد الصائغ - رحمه الله - :
"جاءنا عدد ومعهم ذكروا أنهم من الرقة فوجهنا بها إلى أبي عبدالله –[هكذا العبارة]- ما تقول فيمن زعم أنه مباح لـه أن يتكلم في مساوئ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو عبدالله: هذا كلام سوء رديء، يجانبون هؤلاء القوم ولا يجالسون ويبين أمرهم للناس" . "السنة" (825) للخلال.
ــــــــــ●இ●ــــــــــ
قال القرني عبر القناة الفضائية ما نصّه:
" أنا قرأت سيرة عمر رضي الله عنه أنه سمع أناس على شراب، فتسلق من درج رضي الله عنه ودخل عليهم في البيت، قال رجل: يا أمير المؤمنين ! تجسست علينا، ودخلت بلا إذن، والله سترنا وأنت ما سترتنا، قال عمر أستغفر الله وأتوب إليه، ثم خرج وصعد ونزل، قال: ثم حاكاهم واستدعاهم ... وهم في خلوة في بيت .. يعني .. مرّ عمر يسمع الصياح ويسمع الرقص .. تعرف السكران يجيب أغاني .. علوم .. دواهي .. فتسلق .. عمر رضي الله عنه يريد يؤمن الدولة ويؤمن العاصي وما كان ينام رضي اله عنه، فلما أتى لهذا السكران ... باقي له لحسة عقل ، قال: يا أمير المؤمنين ! تسلقت علينا وتجسست علينا ولم تدخل الباب .. فقيه ..) انتهى (ثم بعد ذلك ضحك ضحكاً هو ومقدم البرنامج ما كاد ينقطع عنهما ).
ثم قال المقدم: أحاول يا شيخ معك الملاطفة أو قال: المثاقفة معك (لم أفهم الكلمة) يا شيخ فقط .
قال القرني: حتى عمر تبسم من هذا .. وقال: ضحك الصحابة من مثل هذا . انتهى.
ــــــــــ●இ●ــــــــــ
لا يخفى على كل عاقل ناهيك عن أهل العلم وأهل الاختصاص بالحديث والآثار ما في هذه القصة من هزلٍ وركاكة في العبارات ومزالق في حق الخليفة الثاني عمر الفاروق رضي الله عنه،
ولعلي أوجزها في نقاط حتى لا أطيل على القارئ الكريم:
1) القرني مجرد أن قرأ في سيرة عمر؛ روى ما قرأ من غير تثبت لما قرأ.
2) القرني ساق القصة من غير سند ـ حتى يبرئ من التبعات ـ ، ولم يعزُ القصة لكتاب مسند.
3) نسب القرني لعمر رضي الله عنه التصنت والتجسس على الناس في بيوتهم بمجرد سماع أصوات مرتفعة.
4) التقول على عمر؛ أنهم كانوا على شراب (وما أدرى عمر رضي الله عنه بذلك ؟ ) هل هو بهذه السذاجة وهل وصل عمر رضي الله عنه لهذا الجهل بحيث لا يعلم حكم التجسس ؟ سبحان الله !!.
5) تسلق الدرج عمر ـ وهذا من ركاكة العبارات عند القرني عندما يسوق قصة ٍ ما ـ وإلا فهل الدرج يتسلقها الإنسان أم يصعدها ؟. لا سيما أن القرني من ألقابه: الأديب والشاعر !!!.
6) قول الرجل: "تجسست ...." ـ فهنا أصبح السكران أفقه من عمر الفاروق رضي الله عنه وهو أمير المؤمنين والحاكم والآمر الناهي ـ فهل يُعقل ذلك ؟؟؟؟ !!!! سكران أفقه من عمر ؟؟.. شي مخزي من عائض القرني.
7) يقول القرني: ثم خرج فصعد ونزل ـ لا يدري القرني ما يخرج من رأسه ـ يعني عمر رضي الله عنه ما يعرف يخرج من الباب بعد أن دخل عليهم متسلقاً ، يعني لازم يرجع من حيت أتى ؟؟ مهزلة ..
8) قول القرني: حتى عمر تبسم، أقول وما يدريك أنه تبسم ؟ هل كنت معه ؟ هل كانت هذه الابتسامة مذكورة في سيرة عمر يا عائض القرني ؟ أم هي الملح على الطعام حتى يتذوق الناس طعم سذاجتك وسخريتك بالصحابة ؟؟
ــــــــــ●இ●ــــــــــ
كان على الدكتور القرني أن يتحرى عن هذه الرواية قبل سردها إمّا بالنظر فيها والبحث عن تخريجها، وإما بسؤال أهل العلم إن كان جاهلاً.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ : سَأَلْت أَبِي، الرَّجُلُ يَكُونُ عِنْدَهُ الْكُتُبُ الْمُصَنَّفَةُ، فِيهَا قَوْلُ الرَّسُولِ وَاخْتِلَافُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَلَيْسَ لَهُ بَصِيرَةٌ بِالْحَدِيثِ الضَّعِيفِ الْمَتْرُوكِ وَلَا الْإِسْنَادِ الْقَوِيِّ مِنْ الضَّعِيفِ، هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَعْمَلَ بِمَا شَاءَ وَيُفْتِي بِهِ ؟ قَالَ: لَا يَعْمَلُ حَتَّى يَسْأَلَ أَهْلَ الْعِلْمِ عَمَّا يُؤْخَذُ بِهِ مِنْهَا". "إعلام الموقعين" (4/206).
ولا أخال القرني جاهلا بقدر ما هو مغرور ومصاب بداء الكِبْر وحب الظهور.
ــــــــــ●இ●ــــــــــ
ننتقل بالقارئ الكريم إلى الرواية التي اعتمدها الدكتور عائض القرني، ثم ليقارن بعد ذلك كلُ أحدٍ بينها مع ضعفها وبين كلامه المنثور:
محمد بن جعفر الخرائطي حدثنا أحمد بن منصور الرمادي ثنا عبد الله بن صالح حدثنا معاوية بن صالح عن عمرو ن قيس عن ثور الكندي، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "كان يعس بالمدينة من الليل، فسمع صوت رجل في بيت يتغنى ، فتسور عليه، فوجد عنده امرأة، وعنده خمرا، فقال: يا عدو الله، أظننت أن الله يسترك وأنت على معصيته؟ فقال: وأنت يا أمير المؤمنين، لا تعجل علي، إن أكن عصيت الله واحدة، فقد عصيت الله في ثلاث، قال تعالى: ولا تجسسوا، وقد تجسست، وقال الله عز وجل: وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها، وقد تسورت علي، ودخلت علي من ظهر البيت بغير إذن، وقال الله عز وجل: لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها، فقد دخلت بغير سلام قال عمر رضي الله عنه: فهل عندك من خير إن عفوت عنك؟ قال: نعم، والله يا أمير المؤمنين، لئن عفوت عني لا أعود لمثلها أبدا، قال: فعفا عنه ، وخرج وتركه". "مكارم الأخلاق" ( رقم/ 563) للخرائطي.
وجاء في "التاريخ الكبير" (2/178) للبخاري، قال: "قال لنا عبد الله حدثنى معاوية عن عمرو بن قيس عن ثور الكندى أن عمر بن الخطاب كان يعس المدينة من الليل".
قال محقق "مكارم الأخلاق": "سنده ضعيف.
فيه عبد الله بن صالح كثير الغلط وهو موقوف على عمر". انتهى.
فيه عبد الله بن صالح كثير الغلط وهو موقوف على عمر". انتهى.
قلت: عبد الله بن صالح، هو؛ الجهني كاتب الليث.
قال ابن حجر في "التقريب" (10/189/391): أبو صالح المصري كاتب الليث صدوق كثير الغلط ثبت في كتابه وكانت فيه غفلة.
قال عبد الله بن احمد بن حنبل: " سألت أبي عن عبد الله بن صالح كاتب الليث فقال: كان أول أمره متماسكا ثم افسد بأخرة". "الجرح والتعديل".
وقال ابن حجر في ترجمة عبد الله بن صالح في "هدي الساري مقدمة فتح الباري" (ص/414) وفي طبعة: (ص/434) بعد أن ذكر أقوال الأئمة فيه من جرح وتعديل ما نصه: " ظاهر كلام هؤلاء الأئمة أن حديثه في الأول كان مستقيما ثم طرأ عليه فيه تخليط، فمقتضى ذلك أن ما يجئ من روايته عن أهل الحِذق كيحيى بن معين والبخاري وأبي زرعة وأبي حاتم؛ فهو من صحيحِ حديثه، وما يجئ من رواية الشيوخ عنه؛ فيتوقف فيه".
ومعاوية بن صالح؛ هو ابن حُدير الحضرمي الحمصي أحد الأعلام وقاضي الأندلس.
قال ابن حجر في "التهذيب": قال أبو طالب عن أحمد خرج من حمص قديما وكان ثقة ، وقال ابن أبي خيثمة والدوري في تاريخيهما عن ابن معين كان يحيى ابن سعيد لا يرضاه وقال ابن أبي خيثمة عن ابن معين صالح، وقال الدوري عن ابن معين ليس بمرضي.
وقال يحيى بن معين: كان ابن مهدي إذا تحدث بحديث معاوية بن صالح زبره [زجره] يحيى بن سعيد وقال ايش هذه الأحاديث.
وقال علي بن المديني عن يحيى بن سعيد: ما كنا نأخذ عنه.
وقال أبو صالح الفراء عن أبي إسحاق الفزاري: ما كان بأهل أن يروى عنه.
وقال يعقوب بن شيبة: قد حمل الناس عنه ومنهم من يرى أنه وسط ليس بالثبت ولا بالضعيف ومنهم من يضعفه. انتهى.
ثور الكندي: روى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلا .
وذكره ابن حبان في الثقات، ولا يفيده ذلك توثيقا، لأنه يوثق المجهولين كما نص عليه الحفاظ.
ولم أجد توثيقاً معتبراً للكندي هذا ـ حسب جهدي ـ.
ولم أجد توثيقاً معتبراً للكندي هذا ـ حسب جهدي ـ.
فالأثر ضعيف بسياق القصة عند الخرائطي كما قال محقق كتاب "مكارم الأخلاق" للخرائطي. والله أعلم.
فلا حجة للدكتور عائض القرني فيه.
لا سيما أن البخاري أخرج الأثر مختصراً من غير القصة: " أن عمر بن الخطاب كان يعس المدينة من الليل"، فهذا له شواهد وهذا القدر لا شك أنه صحيح، والبخاري أعلا وأثبت من أحمد بن منصور الرمادي، وعلى هذا تكون القصة شاذة.
ــــــــــ●இ●ــــــــــ
وقد أصدرت اللجنة الدائمة في شأن هذه القصة في "مجموع فتاوى اللجنة الدائمة" (26/6).
السؤال الثاني من الفتوى رقم ( 7066 )
السؤال الثاني من الفتوى رقم ( 7066 )
س2: هل صحيح ما يروى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، من أنه ذات مرة قفز جدران أحد المنازل ، ثم وجد بداخله أناسا يشربون الخمر ، فقالوا له : نحن ارتكبنا إثما واحدا ، وأنت ارتكبت ثلاثة : لم تستأذن ، ولم تأتنا من الباب ، وتجسست علينا؟
ج2: لم تثبت هذه القصة لدينا بعد تتبع ما كتب عن عمر رضي الله عنه في كتب التاريخ والتراجم، ثم هي لا تتناسب مع خلق عمر وسيرته، ويبعد أن يجرؤ عليه أمثال هؤلاء وهم مرتكبون لجريمة شرب الخمر، بل المعهود أنهم يخجلون، ويصيبهم الخزي؛ لمكانهم من الجريمة، ولما لعمر رضي الله عنه من المهابة.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز. انتهى.
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز. انتهى.
ــــــــــ●இ●ــــــــــ
وما الدكتور عائض القرني وأمثاله؛ إلا من حثالة القصاصين الذين قال فيهم الإمام أحمد رحمه الله:
( أكذب الناس القُصاص والسُّؤَّال ).
"الحوادث والبدع" ( 112 )، "تحذير الخواص" ( 251، 264 )
( أكذب الناس القُصاص والسُّؤَّال ).
"الحوادث والبدع" ( 112 )، "تحذير الخواص" ( 251، 264 )
إذ أنّ القصاصين يقصون ويكذبون من أجل ترهيب الناس وترغيبهم ـ ولسنا نوافقهم ـ، وعائض القرني جعل قصصه في التهكم والتنقص في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ليُضحك مشجعيه وجمهوره.
مرة يقول عن الأقرع بن حابس رضي الله عنه: " فيأتي جلف أعرابي"الأقرع بن حابس ... أنت تكلم من؟ أنت يا مهبول".
ومرة يصف أبا سفيان وابنه معاوية رضي الله عنهما بالسُّراق (لصوص) وذلك في قصة مكذوبة منكرة عن عمر بن الخطاب انه قال لأبي سفيان: " ابنك سرق المال في الشام وتسرقه أنت هنا".
وقد رددنا على هاتين الحادثتين في وقتها ونشرنا ذلك علّ الدكتور عائض يطلع ويتعظ ويتوب ويرجع، فإذا هو يأتي بثالث الأثافي، وربما هناك أكثر ولم نطلع عليه ولا استبعد.
ــــــــــ●இ●ــــــــــ
يقول قائل: لماذا تُشنِّعون على الدكتور عائض القرني وبعض الدعاة القصاصين؛ إذا أوردوا قصة ما؛ قرؤوها في كتاب من هذه الكتب ولم تشنعوا بمثل ذلك على صاحب ذلك الكتاب الذي أورد القصة ؟؟
الجواب من وجوه:
الوجه الأول: أن المصنفين لهذه الكتب المتضمنة الأحاديث والآثار؛ يُسندون بمعنى؛ يذكرون السند، و لم ينصُّوا على صحة الحديث أو الأثر، بل ساروا على قاعدة من أسند فقد بريء، وقد أسندوا فبرئوا من التبعات.
على أنْ يأتي من بعدهم من أهل الصنعة يستطيعون البحث والتخريج والنظر في الأسانيد.
الوجه الثاني: أنهم لم يوردوا هذه الأحاديث أو الآثار من باب الهوى أو التنقص للصحابة أو لدعم مواقف أهل الأهواء والبدع، وإنما يجمعون كل ما في الباب أو كل ما يخص فلان من الأحاديث فيسمونه مسند فلان، أو تكون تحت أبواب معينة.
الوجه الثالث: ومع ما ذكرنا من توضيح لبعض الأسباب التي حملت المصنفين أو بعضهم ذكر مثل هذه الأحاديث والآثار مع ضعفها؛ نجد بعض أهل العلم من المحدثين يمنعون من رواية وكتابة مثل هذه، فمن ذلك ما جاء عن الإمام أحمد وغيره: قال حنبل - رحمه الله - سمعت أبا عبد الله – رحمه الله – يقـول :
" أخرج إلينا غندر محمد بن جعفر كُتبه عن شعبة فكتبنا منها : كنت أنا وخلف بن سالم المخرمي، وكان فيها تلك الأحاديث – يعني التي فيها ذكر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم -، فأما أنا فلم أكتبها وأما خلف فكتبها على الوجه كلها،- قال أبو عبد الله –: كنت أكتب الأسانيد وأدع الكلام، قلت لأبي عبدالله: لمِ َ ؟ قال : لأعرف ما روى شعبة.
قال أبو عبد الله : لا أحب أن يكتب هذه الأحـاديث التي فيها ذكـر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، لا حلال ولا حرام ولا سنن، قلت أكتبها ؟ قال : لا تنظر فيها، وأي شيء في تلك من العلم، عليكم بالسنن والفقه وما ينفعكم". "السنة" ( 723، 811 ) للخلال.
" أخرج إلينا غندر محمد بن جعفر كُتبه عن شعبة فكتبنا منها : كنت أنا وخلف بن سالم المخرمي، وكان فيها تلك الأحاديث – يعني التي فيها ذكر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم -، فأما أنا فلم أكتبها وأما خلف فكتبها على الوجه كلها،- قال أبو عبد الله –: كنت أكتب الأسانيد وأدع الكلام، قلت لأبي عبدالله: لمِ َ ؟ قال : لأعرف ما روى شعبة.
قال أبو عبد الله : لا أحب أن يكتب هذه الأحـاديث التي فيها ذكـر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، لا حلال ولا حرام ولا سنن، قلت أكتبها ؟ قال : لا تنظر فيها، وأي شيء في تلك من العلم، عليكم بالسنن والفقه وما ينفعكم". "السنة" ( 723، 811 ) للخلال.
وقال أحمد بن حنبل - رحمه الله -: "كان سلام بن أبي مطيع أخذ كتاب أبي عوانة، الذي فيه ذكر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فأحرق أحاديث الأعمش تلك". "السنة" ( 818، 820 ) للخلال .
قال الفضل بن زياد - رحمه الله - : "سمعت أبا عبـدالله – بن حنبل – ودفع إليه رجل كتاباً فيـه أحاديث مجتمعـة ما ينكر في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحوه، فنظر فيه ثم قال: ما يجمع هذه إلا رجل سوء وسمعت أبا عبدالله يقول : بلغني سلام بن أبي مطيع أنه جاء إلى أبي عوانة فاستعار منه كتاباً كان عنده فيه بلايا مما رواه الأعمش فدفعه إلى أبي عوانة – يعني الأعمش – فذهب سلام به فأحرقه.
فقال رجل لأبي عبدالله: أرجو أن لا يضره ذاك شيئاً إن شاء الله ؟
فقال : أبو عبدالله يضره ؟ بل يؤجر عليه إن شاء الله". "السنة" ( 822 )للخلال.
فقال رجل لأبي عبدالله: أرجو أن لا يضره ذاك شيئاً إن شاء الله ؟
فقال : أبو عبدالله يضره ؟ بل يؤجر عليه إن شاء الله". "السنة" ( 822 )للخلال.
ــــــــــ●இ●ــــــــــ
تنبيه:
هناك رواية صحيحة وهي تخالف الرواية التي ساقها الدكتور القرني، نسوقها ثم نأتي على ما فيها من نكت:
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ : أَنَّهُ حَرَسَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا لَيْلَةً بِالْمَدِينَةِ فَبَيْنَا هُمْ يَمْشُونَ شَبَّ لَهُمْ سِرَاجٌ فِى بَيْتٍ فَانْطَلَقُوا يَؤُمُّونَهُ حَتَّى إِذَا دَنَوْا مِنْهُ إِذَا بَابٌ مُجَافٍ عَلَى قَوْمٍ لَهُمْ فِيهِ أَصْوَاتٌ مُرْتَفِعَةٌ وَلَغَطٌ فَقَالَ عُمَرُ رَضِىَ اللَّهِ عَنْهُ وَأَخَذَ بِيَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ : أَتَدْرِى بَيْتُ مَنْ هَذَا؟ قُلْتُ : لاَ. قَالَ : هَذَا بَيْتُ رَبِيعَةَ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ وَهُمُ الآنَ شُرَّبٌ فَما تَرَى؟. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أَرَى قَدْ أَتَيْنَا مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ (وَلاَ تَجَسَّسُوا) فَقَدْ تَجَسَّسْنَا فَانْصَرَفَ عَنْهُمْ عُمَرُ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ وَتَرَكَهُمْ.
أخرجه: عبد الرزاق في "المصنف" (10/231)، والخرائطي في "مكارم الأخلاق" (رقم/ 541)، والطبراني في "مسند الشاميين" (3/61)، والحاكم في الستدرك (4/914)، والبيهقي في "الكبرى" (8/333)، وابن حجر في "الإصابة" (2/521).
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ : أَنَّهُ حَرَسَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا لَيْلَةً بِالْمَدِينَةِ فَبَيْنَا هُمْ يَمْشُونَ شَبَّ لَهُمْ سِرَاجٌ فِى بَيْتٍ فَانْطَلَقُوا يَؤُمُّونَهُ حَتَّى إِذَا دَنَوْا مِنْهُ إِذَا بَابٌ مُجَافٍ عَلَى قَوْمٍ لَهُمْ فِيهِ أَصْوَاتٌ مُرْتَفِعَةٌ وَلَغَطٌ فَقَالَ عُمَرُ رَضِىَ اللَّهِ عَنْهُ وَأَخَذَ بِيَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ : أَتَدْرِى بَيْتُ مَنْ هَذَا؟ قُلْتُ : لاَ. قَالَ : هَذَا بَيْتُ رَبِيعَةَ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ وَهُمُ الآنَ شُرَّبٌ فَما تَرَى؟. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أَرَى قَدْ أَتَيْنَا مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ (وَلاَ تَجَسَّسُوا) فَقَدْ تَجَسَّسْنَا فَانْصَرَفَ عَنْهُمْ عُمَرُ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ وَتَرَكَهُمْ.
أخرجه: عبد الرزاق في "المصنف" (10/231)، والخرائطي في "مكارم الأخلاق" (رقم/ 541)، والطبراني في "مسند الشاميين" (3/61)، والحاكم في الستدرك (4/914)، والبيهقي في "الكبرى" (8/333)، وابن حجر في "الإصابة" (2/521).
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه".
ووافقه الذهبي فقال: "صحيح".
ــــــــــ●இ●ــــــــــ
في هذا الأثر الصحيح فروقات كبيرة وكثيرة عن الأثر الضعيف الذي ساقه القرني وصوّر فيه عمر بن الخطاب أنه يتجسس على رعيته ويتتبع عوراتهم،
فمن هذه الفروقات وما نستفيده من هذا الأثر:
1) أن عمر وصاحبه كانوا يمشون يعسون ويحرسون ولم يقصدوا التجسس وتتبع العورات.
2) أن ضوء سراجٍ ظهر وبان لهم فلفت أنظارهم من غير تقَصُّد، فأراد أمير المؤمنين أن يعرف خبر هذا الضوء، لعل هناك مريض أو محتاج أو غير ذلك.
3) فلما اقتربوا من الباب وهو مردود مغلق ـ وهذا معنى؛ مجاف ـ سمعوا صوتاً مرتفعاً يأتي من الداخل، ولاشك أن الأصوات بالليل تنتقل بسرعة ومرتفعة.
4) عرف عمر صاحب الدار وعرف أنهم في سُكْرٍ ولعله يعرف حال الرجل من قبل فجزم أنهم يشربون الخمر.
5) مِن ورع عبد الرحمن بن عوف أنه رأى أن هذا الفعل؛ تجسس.
6) لعلِّي أقول: أن هناك ثمّة فرق بين التجسس وبين المراقبة من ولي الأمر للمصلحة، مع أنهما لم يقصدا التجسس كما ذكرنا.
7) تواضع عمر بن الخطاب مع أنه أمير المؤمنين؛ عندما استشار ابن عوف بقوله: (ما ترى ؟).
8) تراجع عمر عندما ذكّره ابن عوف أن الذي هم فيه؛ منهيٌ عنه.
9) ورع عمر ووقوفه عند النص عندما سمع ابن عوف يتلو عليه قوله تعالى: (وَلاَ تَجَسَّسُوا). فلم يحمله منصبه ولا جاهه ولا مكانته على الاستكبار والاستمرار بعد سماع الدليل، فرجع وتركهم.
ــــــــــ●இ●ــــــــــ
فرحم الله عمر ورضي عنه وعن جميع الصحابة الكرام.
فأين هذه القصة الصحيحة من تلك الضعيفة التي ساقها القرني يصوِّر فيها أمير المؤمنين عمر أنه يتتبع عورات الرعية ويتجسس عليهم..؟
فمثل هذا يفرح بها الرافضة ويشيدون بنقل القرني هذا ويجعلونها من أدلتهم الساقطة.
وللأسف فقد وجدتُ الرافضة نقلوا في مواقعهم عن الدكتور عائض القرني القصة التي رمى فيها أبا سفيان وابنه معاوية ووصفهم بأنهم لصوص على لسان الفاروق رضي الله عنهم أجمعين.
فالله المستعان.
هذا وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين،،،
ــــــــــ●இ●ــــــــــ
كتبه/ الراجي عفو ربه
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي
الثلاثاء 6/4/1433هـ.
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي
الثلاثاء 6/4/1433هـ.
تعليق