إن الحمد لله نحمده وستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم .
) يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون * يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً * واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم ورقيباً * يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً * يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم * ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً (
أما بعد :
فإن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدى هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .،
أما بعد
فإن في هذه الرسالة هدية إلى إخواني في الله , وفيها غربة الإسلام وأهله , لتكون زاداً لكل سلفي مستقيم حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
ومن صفات هؤلاء الغرباء الذين غبطهم النبي صلى الله عليه وسلم التمسك بالسنة إذا رغب عنها الناس وترك ما أحدثوه وإن كان هو المعروف عندهم وتجريد التوحيد وإن أنكر ذلك أكثر الناس وترك الانتساب إلى أحد غير الله ورسوله لا شيخ ولا طريقة ولا مذهب ولا طائفة بل هؤلاء الغرباء منتسبون إلى الله بالعبودية له وحده وإلى رسوله بالاتباع لما جاء به وحده وهؤلاء هم القابضون على الجمر حقا وأكثر الناس بل كلهم لائم لهم فلغربتهم بين هذا الخلق يعدونهم أهل شذوذ وبدعة ومفارقة للسواد الأعظم .
وغربة أهل الله وأهل السنة بين الخلق .
النوع الأول : غربة أهل الباطل والفجور والبدع والمخالفين بين أهل الحق .
قال ابن القيم في مدارج السالكين - (3 / 200)
فصل النوع الثاني من الغربة غربة مذمومة وهي غربة أهل الباطل
وأهل الفجور بين أهل الحق فهي غربة بين حزب الله المفلحين وإن كثر أهلها فهم غرباء على كثرة أصحابهم وأشياعهم أهل وحشة على كثرة مؤنسهم يعرفون في أهل الأرض ويخفون على أهل السماء
النوع الثاني :غربة مشتركة لا تحمد ولا تذم
قال ابن القيم في مدارج وهي الغربة عن الوطن فإن الناس كلهم في هذه الدار غرباء فإنها ليست لهم بدار مقام ولا هي الدار التي خلقوا لها وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمر رضي الله عنهما كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل ([1]). وهكذا هو نفس الأمر لأنه أمر أن يطالع ذلك بقلبه ويعرفه حق المعرفة ولي من أبيات في هذا المعنى
وحي على جنات عدن فإنها ... منازلك الأولى وفيها المخيم
ولكننا سبي العدو فهل ترى ... نعود إلى أوطاننا ونسلم
وأي اغتراب فوق غربتنا التي ... لها أضحت الأعداء فينا تحكم
وقد زعموا أن الغريب إذا نأى ... وشطت به أوطانه ليس ينعم
فمن أجل ذا لا ينعم العبد ساعة ... من العمر إلا بعد ما يتألم
وكيف لا يكون العبد في هذه الدار غريباً وهو على جناح سفر لا يحل عن راحلته إلا بين أهل القبور فهو مسافر في صورة قاعد وقد قيل
وما هذه الأيام إلا مراحل ... يحث بها داع إلى الموت قاصد
وأعجب شيء لو تأملت أنها ... منازل تطوى والمسافر قاعد .
النوع الثالث : غربة أهل الله وأهل السنة بين الخلق .
وهذه الغربة تصيب على كل من استقام على شرع الله , وقد وصف الله هذه الغربة في كتابه وأن من تمسك دين الله يكون غريباً بين أهله وعشيرته فقال الله ( واصبر نفسك مع الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدّنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتّبع هواه وكان أمره فرطًا (28) [الكهف : 28] )
وقال الله تعالى ( وأعتزلكم وما تدعون من دون اللّه وأدعو ربّي عسى ألّا أكون بدعاء ربّي شقيًّا (48) فلمّا اعتزلهم وما يعبدون من دون اللّه وهبنا له إسحاق ويعقوب وكلًّا جعلنا نبيًّا (49) ووهبنا لهم من رحمتنا وجعلنا لهم لسان صدقٍ عليًّا (50) [مريم : 50] )
وقال الله تعالى ( وكذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم قال قائلٌ منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يومًا أو بعض يومٍ قالوا ربّكم أعلم بما لبثتم فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيّها أزكى طعامًا فليأتكم برزقٍ منه وليتلطّف ولا يشعرنّ بكم أحدًا (19) إنّهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملّتهم ولن تفلحوا إذًا أبدًا (20) [الكهف : 19 ، 20] )
عن أبى هريرة رضي الله عنه قال قال رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- « بدأ الإسلام غريبًا وسيعود كما بدأ غريبًا فطوبى للغرباء ». رواه مسلم
وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النّبىّ -صلى الله عليه وسلم- قال « إنّ الإسلام بدأ غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ وهو يأرز بين المسجدين كما تأرز الحيّة فى جحرها ».رواه مسلم
وروى الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إنّ الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحيّة إلى جحرها.
قال ابن القيم في مدارج السالكين - (3 / 195)
فأهل الإسلام في الناس غرباء والمؤمنون في أهل الإسلام غرباء وأهل العلم في المؤمنين غرباء وأهل السنة الذين يميزونها من الأهواء والبدع فهم غرباء والداعون إليها الصابرون على أذى المخالفين هم أشد هؤلاء غربة ولكن هؤلاء هم أهل الله حقا فلا غربة عليهم وإنما غربتهم بين الأكثرين الذين قال الله عز و جل فيهم وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله فأولئك هم الغرباء من الله ورسوله ودينه وغربتهم هي الغربة الموحشة وإن كانوا هم المعروفين المشار إليهم كما قيل .
وقال أيضاً في مدارج السالكين - (3 / 196)
فالغربة ثلاثة أنواع غربة أهل الله وأهل سنة رسوله بين هذا الخلق وهي الغربة التي مدح رسول الله أهلها وأخبر عن الدين الذي جاء به أنه بدأ غريباً وأنه سيعود غريباً كما بدأ وأن أهله يصيرون غرباء
وهذه الغربة قد تكون في مكان دون مكان ووقت دون وقت وبين قوم دون قوم ولكن أهل هذه الغربة هم أهل الله حقا فإنهم لم يأووا إلى غير الله ولم ينتسبوا إلى غير رسوله ولم يدعوا إلى غير ما جاء به وهم الذين فارقوا الناس أحوج ما كانوا إليهم فإذا انطلق الناس يوم القيامة مع آلهتهم بقوا في مكانهم فيقال لهم ألا تنطلقون حيث انطلق الناس ...
فيقولون فارقنا الناس ونحن أحوج إليهم منا اليوم وإنا ننتظر ربنا الذي كنا نعبده .
فهذه الغربة لا وحشة على صاحبها بل هو آنس ما يكون إذا استوحش الناس وأشد ما تكون وحشته إذا استأنسوا فوليه الله ورسوله والذين آمنوا وإن عاداه أكثر الناس وجفوه
وقال أيضاً في مدارج السالكين - (3 / 198)
فالإسلام الحقيقي غريب جدا وأهله غرباء أشد الغربة بين الناس
وكيف لا تكون فرقة واحدة قليلة جدا غريبة بين اثنتين وسبعين فرقة ذات أتباع ورئاسات ومناصب وولايات ولا يقوم لها سوق إلا بمخالفة ما جاء به الرسول فإن نفس ما جاء به يضاد أهواءهم ولذاتهم وما هم عليه من الشبهات والبدع التي هي منتهى فضيلتهم وعملهم والشهوات التي هي غايات مقاصدهم وإراداتهم
فكيف لا يكون المؤمن السائر إلى الله على طريق المتابعة غريباً بين هؤلاء الذين قد اتبعوا أهواءهم وأطاعوا شحهم وأعجب كل منهم برأيه كما قال النبي مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر حتى إذا رأيتم شحاً مطاعاً وهوى متبعاً ودنياً مؤثرة وإعجاب كل ذي رأي برأيه ورأيت أمراً لا يد لك به فعليك بخاصة نفسك وإياك وعوامهم فإن وراءكم أياماً صبر الصابر فيهن كالقابض على الجمر . ولهذا جعل للمسلم الصادق في هذا الوقت إذا تمسك بدينه أجر خمسين من الصحابة.
فإذا أراد المؤمن الذي قد رزقه الله بصيرة في دينه وفقها في سنة رسوله وفهما في كتابه وأراه ما الناس فيه من الأهواء والبدع والضلالات وتنكبهم عن الصراط المستقيم الذي كان عليه رسول الله وأصحابه فإذا أراد أن يسلك هذا الصراط فليوطن نفسه على قدح الجهال وأهل البدع فيه وطعنهم عليه وإزرائهم به وتنفير الناس عنه وتحذيرهم منه كما كان سلفهم من الكفار يفعلون مع متبوعه وإمامه فأما إن دعاهم إلى ذلك وقدح فيما هم عليه فهنالك تقوم قيامتهم ويبغون له الغوائل وينصبون له الحبائل ويجلبون عليه بخيل كبيرهم ورجله
فهو غريب في دينه لفساد أديانهم غريب في تمسكه بالسنة لتمسكهم بالبدع غريب في اعتقاده لفساد عقائدهم غريب في صلاته لسوء صلاتهم , غريب في طريقه لضلال وفساد طرقهم غريب في نسبته لمخالفة نسبهم غريب في معاشرته لهم لأنه يعاشرهم على ما لا تهوى أنفسهم
وبالجملة فهو غريب في أمور دنياه وآخرته لا يجد من العامة مساعدا ولا معينا فهو عالم بين جهال صاحب سنة بين أهل بدع داع إلى الله ورسوله بين دعاة إلى الأهواء والبدع آمر بالمعروف ناه عن المنكر بين قوم المعروف لديهم منكر والمنكر معروف
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية مجموع الفتاوى - (18 / 297)- (18 / 299)
وكذلك بدأ غريبًا ولم يزل يقوى حتّى انتشر . فهكذا يتغرّب في كثيرٍ من الأمكنة والأزمنة ثمّ يظهر حتّى يقيمه اللّه عزّ وجلّ كما كان عمر بن عبد العزيز لمّا ولّي قد تغرّب كثيرٌ من الإسلام على كثيرٍ من النّاس حتّى كان منهم من لا يعرف تحريم الخمر . فأظهر اللّه به في الإسلام ما كان غريبًا . وفي السّنن : { إنّ اللّه يبعث لهذه الأمّة في رأس كلّ مائة سنةٍ من يجدّد لها دينها } ([2]). والتّجديد إنّما يكون بعد الدّروس وذاك هو غربة الإسلام . وهذا الحديث يفيد المسلم أنّه لا يغتمّ بقلّة من يعرف حقيقة الإسلام ولا يضيق صدره بذلك ولا يكون في شكٍّ من دين الإسلام كما كان الأمر حين بدأ . قال تعالى { فإن كنت في شكٍّ ممّا أنزلنا إليك فاسأل الّذين يقرءون الكتاب من قبلك } إلى غير ذلك من الآيات والبراهين الدّالّة على صحّة الإسلام . وكذلك إذا تغرّب يحتاج صاحبه من الأدلّة والبراهين إلى نظير ما احتاج إليه في أوّل الأمر . وقد قال له { أفغير اللّه أبتغي حكمًا وهو الّذي أنزل إليكم الكتاب مفصّلًا والّذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنّه منزّلٌ من ربّك بالحقّ فلا تكوننّ من الممترين } { وتمّت كلمة ربّك صدقًا وعدلًا لا مبدّل لكلماته وهو السّميع العليم } { وإن تطع أكثر من في الأرض يضلّوك عن سبيل اللّه إن يتّبعون إلّا الظّنّ وإن هم إلّا يخرصون } وقال تعالى { أم تحسب أنّ أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلّا كالأنعام بل هم أضلّ سبيلًا } . وقد تكون الغربة في بعض شرائعه وقد يكون ذلك في بعض الأمكنة . ففي كثيرٍ من الأمكنة يخفى عليهم من شرائعه ما يصير به غريبًا بينهم لا يعرفه منهم إلّا الواحد بعد الواحد . ومع هذا فطوبى لمن تمسّك بتلك الشّريعة كما أمر اللّه ورسوله . فإنّ إظهاره والأمر به والإنكار على من خالفه هو بحسب القوّة والأعوان . وقد قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم { من رأى منكم منكرًا فليغيّره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه
ليس وراء ذلك من الإيمان حبّة خردلٍ } . وإذا قدّر أنّ في النّاس من حصل له سوءٌ في الدّنيا والآخرة بخلاف ما وعد اللّه به رسوله وأتباعه فهذا من ذنوبه ونقص إسلامه كالهزيمة الّتي أصابتهم يوم أحدٍ . وإلّا فقد قال تعالى { إنّا لننصر رسلنا والّذين آمنوا في الحياة الدّنيا ويوم يقوم الأشهاد } وقال تعالى { ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين } { إنّهم لهم المنصورون } { وإنّ جندنا لهم الغالبون } .
وقال ابن باز كما في مجموع فتاوى - (3 / 158)
ويتضح للقراء أيضا من هذا الحديث العظيم أنه ينبغي لأهل الحق عند غربة الإسلام أن يزدادوا نشاطا في بيان أحكام الإسلام والدعوة إليه ونشر الفضائل ومحاربة الرذائل , وأن يستقيموا في أنفسهم على ذلك حتى يكونوا من الصالحين عند فساد الناس ومن المصلحين لما أفسد الناس ، والله الموفق سبحانه .
وقال أيضاً كما في مجموع فتاوى - (5 / 223)
فنحن في غربة من الإسلام وفي آخر الزمان . فالواجب التكاتف والتعاون على الخير والصدق في ذلك .
وقال أيضاً كما في مجموع فتاوى - (6 / 411)
ونحن في غربة من الإسلام وقلة من علماء الحق , وكثرة من أهل الجهل والباطل والشر والفساد , فالواجب على أهل العلم بالله وبدينه أن يشمروا عن ساعد الجد , وأن يستقيموا على الدعوة وأن يصبروا عليها يرجون ما عند الله من المثوبة ويخشون مغبة التأخر عن ذلك والتكاسل عنه , والله سبحانه وتعالى أوجب على العلماء أن يبينوا , وأوجب على العامة أن يقبلوا الحق وأن يستفيدوا من العلماء وأن يقبلوا النصيحة , يقول الله عز وجل : { ومن أحسن قولًا ممّن دعا إلى اللّه وعمل صالحًا وقال إنّني من المسلمين } (1)
فأحسن الناس قولا من دعا إلى الله وأرشد إليه وعلم العباد دينهم وفقههم فيه ، وصبر على ذلك وعمل بدعوته ، ولم يخالف قوله فعله ولا فعله قوله , هؤلاء هم أحسن الناس قولا ، وهم أصلح الناس وأنفع الناس للناس وهم الرسل الكرام والأنبياء وأتباعهم من علماء الحق .
فالواجب على كل عالم وطالب علم أن يقوم بهذا العمل حسب طاقته وعلمه وقد يتعين عليه إذا لم يكن في البلد أو في القبيلة أو في المكان الذي وقع فيه المنكر غيره فإنه يجب عليه عينا أن يقول الحق وأن يدعو إليه , وعند وجود غيره يكون فرض كفاية إذا قام به البعض كفى وإن سكتوا عنه أثموا جميعا ، فالواجب على أهل العلم بالله وبدينه أن ينصحوا لله ولعباده ، وأن يقوموا بواجب الدعوة في بيوتهم ومع أهليهم وفي مساجدهم وفي طرقاتهم وفي بقية أنحاء قريتهم وبلادهم وفي مراكبهم من طائرة أو سيارة أو قطار أو غير ذلك .
فالدعوة مطلوبة في كل مكان أينما كنت والحاجة ماسة إليها أينما كنت , فالناس في الطائرة محتاجون , وفي السيارة محتاجون , وفي القطار محتاجون , وفي السفينة محتاجون إلى غير ذلك , وأهلك كذلك يلزمك أن تعنى بهم أولا كما قال الله سبحانه وتعالى : { يا أيّها الّذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارًا وقودها النّاس والحجارة } (2) وقال عز وجل لنبيه وخليله محمد عليه الصلاة والسلام : { وأمر أهلك بالصّلاة واصطبر عليها } (1) وقال سبحانه : { واذكر في الكتاب إسماعيل إنّه كان صادق الوعد وكان رسولًا نبيًّا } (2) { وكان يأمر أهله بالصّلاة والزّكاة وكان عند ربّه مرضيًّا } (3) فالواجب على طالب العلم أن يعنى بأهله ووالديه وأولاده وإخوانه إلى غير ذلك يعلمهم ويرشدهم ويدعوهم إلى الله ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر كما قال عز وجل : { ولتكن منكم أمّةٌ يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر } (4) ثم قال سبحانه : { وأولئك هم المفلحون } (5) يعني من كان بهذه الصفة فهو المفلح على الحقيقة على الكمال , وقد أمر الله بالدعوة في آيات ورغب فيها سبحانه كما في قوله عز وجل : { ومن أحسن قولًا ممّن دعا إلى اللّه } (6) الآية , وقوله سبحانه : { ادع إلى سبيل ربّك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالّتي هي أحسن } (7) وأخبر سبحانه أن الدعوة إلى الله على بصيرة هي سبيل النبي صلى الله عليه وسلم ، وهي سبيل أتباعه من أهل العلم كما قال الله عز وجل : { قل هذه سبيلي أدعو إلى اللّه على بصيرةٍ أنا ومن اتّبعني } (8)
فالواجب علينا جميعا أن نعنى بهذه المهمة أينما كنا , والواجب على أهل العلم كما تقدم أن يعنوا بها غاية العناية ، ولا سيما عند شدة الضرورة إليها في هذا العصر فإن عصرنا يعتبر عصر غربة للإسلام لقلة العلم والعلماء بالسنة والكتاب ولغلبة الجهل , وكثرة الشرور والمعاصي وأنواع الكفر والضلال والإلحاد , فالواجب حينئذ يتأكد على العلماء في الدعوة إلى الله وإرشاد الناس إلى ما خلقوا له من توحيد الله وطاعته وأداء واجبه وترك معصيته .
يقول سبحانه : { وما خلقت الجنّ والإنس إلّا ليعبدون } (9) ويقول سبحانه : { يا أيّها النّاس اعبدوا ربّكم الّذي خلقكم والّذين من قبلكم لعلّكم تتّقون } (1) ويقول عز وجل : { ولقد بعثنا في كلّ أمّةٍ رسولًا أن اعبدوا اللّه واجتنبوا الطّاغوت } (2) وهذه العبادة تحتاج إلى بيان , وهذه العبادة هي التي خلقنا لها ، وأمرنا بها ، وبعثت الرسل عليهم الصلاة والسلام لبيانها وللدعوة إليها ، فلا بد من بيانها للناس من أهل العلم , وهي الإسلام والهدى وهي الإيمان والبر والتقوى , هذه هي العبادة التي خلقنا لها أن نطيع الله ونطيع رسوله صلى الله عليه وسلم في الأوامر والنواهي , وأن نخصه بالعبادة دون كل ما سواه , وهذه الطاعة تسمى عبادة ؛ لأنك تؤديها بذل وخضوع لله , والعبادة ذل وخضوع لله عز وجل وانكسار بين يديه بطاعة أوامره وترك نواهيه , وأصلها وأساسها توحيده ، والإخلاص له ، وتخصيصه بالعبادة وحده دون كل ما سواه , والإيمان برسله عليهم الصلاة والسلام وعلى رأسهم خاتمهم وإمامهم نبينا محمد عليه الصلاة والسلام , ثم فعل ما أوجب الله من بقية الأوامر وترك ما نهى الله عنه , هذه هي العبادة , وهذه هي التقوى , وهذه هي الإسلام الذي قال الله فيه : { إنّ الدّين عند اللّه الإسلام } (3) وهي الإيمان أيضا الذي قال الله فيه جل وعلا : { يا أيّها الّذين آمنوا آمنوا باللّه ورسوله } (4) وقال فيه النبي صلى الله عليه وسلم : « الإيمان بضع وسبعون شعبة » (5) الحديث , « أفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق » (6) .
وهذا هو الإيمان وهو الهدى وهو الإسلام وهو العبادة التي خلقنا لها وهو البر , فهي ألفاظ متقاربة المعنى , معناها طاعة الله ورسوله والاستقامة على دين الله , فمن استقام على دين الله فقد اتقى , ومن استقام على دين الله فقد آمن به , ومن استقام على دين الله فقد أخذ بالإسلام , وأخذ بالهدى كما قال تعالى : { ولقد جاءهم من ربّهم الهدى } (1) ومن استقام على دين الله فهو على البر الذي قال فيه سبحانه : { ولكنّ البرّ من آمن باللّه واليوم الآخر } (2) الآية , وقال تعالى : { ولكنّ البرّ من اتّقى } (3) وقال سبحانه : { إنّ الأبرار لفي نعيمٍ } (4) فالدعوة إليه سبحانه هي دعوة إلى البر وإلى التقى وإلى الإيمان وإلى الإسلام وإلى الهدى .
فعليك أيها العالم بالله وبدينه أن تنبه إلى هذا الأمر ، وأن تشرحه للناس ، وتوضح لهم حقيقة دينهم , ما هو الإسلام ؟ ما هو الإيمان ؟ ما هو البر ؟ ما هو التقوى ؟ هو طاعة الله ورسوله ، هو العبادة التي خلقنا لها , سماها الله إسلاما وسماها إيمانا وسماها هدى في قوله : { ولقد جاءهم من ربّهم الهدى } (5) وسماها برا في قوله : { ولكنّ البرّ من اتّقى } (6) { ولكنّ البرّ من آمن باللّه واليوم الآخر } (7) { إنّ الأبرار لفي نعيمٍ } (8) إلى غير ذلك . وسماها الله إسلاما في قوله تعالى : { إنّ الدّين عند اللّه الإسلام } (9) وقال سبحانه : { ومن يبتغ غير الإسلام دينًا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين } (10)
فالدعوة إلى الله جل وعلا دعوة إلى هذا الأمر , دعوة إلى عبادة الله التي خلقنا لها , دعوة إلى الاستقامة على ذلك , دعوة إلى طاعة الله ورسوله , دعوة إلى الإسلام , دعوة إلى البر , دعوة إلى الإيمان , والمعنى أنك تدعو الناس إلى توحيد الله , وإخلاص العبادة له , وطاعة أوامره وترك نواهيه , وهذا الذي تدعو إليه يسمى إسلاما ويسمى عبادة , ويسمى تقوى , ويسمى طاعة الله ورسوله , ويسمى برا ويسمى هدى ويسمى صلاحا وإصلاحا كلها أسماء متقاربة المعنى .
فعلى الدعاة إلى الله وهم العلماء أن يبسطوا للناس هذا الأمر ، وأن يشرحوه ، وأن يوضحوه ، أينما كانوا مشافهة ; في خطب الجمعة وفي الدروس , وفي المواعظ العامة , وفي المناسبات التي تحصل بينهم , يبينون للناس هذه الأمور ويوضحونها للناس ,
فطالب العلم العالم والموجه, والقائد البصير لا يبالي بإرجاف عباد القبور, ولا بإرجاف الخرافيين, ولا بإرجاف من يعادي الإسلام من أي صنف, بل يصمد في الميدان, ويصبر ويعلق قلبه بالله, ويخافه سبحانه, ويرجو منه النصر جل وعلا, فهو الناصر وهو الولي سبحانه وتعالى, وقد وعد أن ينصر من ينصره فقال: { يا أيّها الّذين آمنوا إن تنصروا اللّه ينصركم ويثبّت أقدامكم } (3) ويقول سبحانه: { وكان حقًّا علينا نصر المؤمنين } (4) لكن بالشرط وهو التمسك بدين الله, والإيمان به, والإيمان برسوله صلى الله عليه وسلم, والاستقامة على دين الله.
وقد بين الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم تعامل المخالفين لأهل الحق فقال:
( وقال الّذين كفروا لرسلهم لنخرجنّكم من أرضنا أو لتعودنّ في ملّتنا فأوحى إليهم ربّهم لنهلكنّ الظّالمين (13) ولنسكننّكم الأرض من بعدهم ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد (14) واستفتحوا وخاب كلّ جبّارٍ عنيدٍ (15) من ورائه جهنّم ويسقى من ماءٍ صديدٍ (16) يتجرّعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كلّ مكانٍ وما هو بميّتٍ ومن ورائه عذابٌ غليظٌ (17) [إبراهيم : 13 - 17] )
وقال الله ( قال الملأ الّذين استكبروا من قومه لنخرجنّك يا شعيب والّذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودنّ في ملّتنا قال أولو كنّا كارهين (88) قد افترينا على اللّه كذبًا إن عدنا في ملّتكم بعد إذ نجّانا اللّه منها وما يكون لنا أن نعود فيها إلّا أن يشاء اللّه ربّنا وسع ربّنا كلّ شيءٍ علمًا على اللّه توكّلنا ربّنا افتح بيننا وبين قومنا بالحقّ وأنت خير الفاتحين (89) وقال الملأ الّذين كفروا من قومه لئن اتّبعتم شعيبًا إنّكم إذًا لخاسرون (90) [الأعراف : 88 - 91] )
وقال الله ( أذن للّذين يقاتلون بأنّهم ظلموا وإنّ اللّه على نصرهم لقديرٌ (39) الّذين أخرجوا من ديارهم بغير حقٍّ إلّا أن يقولوا ربّنا اللّه ولولا دفع اللّه النّاس بعضهم ببعضٍ لهدّمت صوامع وبيعٌ وصلواتٌ ومساجد يذكر فيها اسم اللّه كثيرًا ولينصرنّ اللّه من ينصره إنّ اللّه لقويٌّ عزيزٌ (40) الّذين إن مكّنّاهم في الأرض أقاموا الصّلاة وآتوا الزّكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر وللّه عاقبة الأمور (41) [الحج : 39 - 41] )
وقال الله ( للفقراء المهاجرين الّذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلًا من اللّه ورضوانًا وينصرون اللّه ورسوله أولئك هم الصّادقون (8) [الحشر : 8] )
وقال الله ( فما كان جواب قومه إلّا أن قالوا أخرجوا آل لوطٍ من قريتكم إنّهم أناسٌ يتطهّرون (56) فأنجيناه وأهله إلّا امرأته قدّرناها من الغابرين (57) وأمطرنا عليهم مطرًا فساء مطر المنذرين (58) قل الحمد للّه وسلامٌ على عباده الّذين اصطفى آللّه خيرٌ أمّا يشركون (59) [النمل : 56 - 59] )
وقال الله ( وما كان جواب قومه إلّا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم إنّهم أناسٌ يتطهّرون (82) فأنجيناه وأهله إلّا امرأته كانت من الغابرين (83) وأمطرنا عليهم مطرًا فانظر كيف كان عاقبة المجرمين (84) [الأعراف : 82 - 84] )
وقال الله ( قالوا أنؤمن لك واتّبعك الأرذلون (111) [الشعراء : 111] )
وقال الله ( قال وما علمي بما كانوا يعملون (112) إن حسابهم إلّا على ربّي لو تشعرون (113) وما أنا بطارد المؤمنين (114) إن أنا إلّا نذيرٌ مبينٌ (115) قالوا لئن لم تنته يا نوح لتكوننّ من المرجومين (116) قال ربّ إنّ قومي كذّبون (117) فافتح بيني وبينهم فتحًا ونجّني ومن معي من المؤمنين (118) فأنجيناه ومن معه في الفلك المشحون (119) ثمّ أغرقنا بعد الباقين (120) [الشعراء : 112 - 120] )
وقال الله ( ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيءٍ وما من حسابك عليهم من شيءٍ فتطردهم فتكون من الظّالمين (52) [الأنعام : 52] )
وقال الله ( ويا قوم لا أسألكم عليه مالًا إن أجري إلّا على اللّه وما أنا بطارد الّذين آمنوا إنّهم ملاقو ربّهم ولكنّي أراكم قومًا تجهلون (29) ويا قوم من ينصرني من اللّه إن طردتهم أفلا تذكّرون (30) [هود : 29 ، 30] )
وقال الله ( أتأتون الذّكران من العالمين (165) وتذرون ما خلق لكم ربّكم من أزواجكم بل أنتم قومٌ عادون (166) قالوا لئن لم تنته يا لوط لتكوننّ من المخرجين (167) قال إنّي لعملكم من القالين (168) ربّ نجّني وأهلي ممّا يعملون (169) فنجّيناه وأهله أجمعين (170) إلّا عجوزًا في الغابرين (171) ثمّ دمّرنا الآخرين (172) وأمطرنا عليهم مطرًا فساء مطر المنذرين (173) [الشعراء : 165 - 173] )
وقال الله ( قالوا إنّا تطيّرنا بكم لئن لم تنتهوا لنرجمنّكم وليمسّنّكم منّا عذابٌ أليمٌ (18) قالوا طائركم معكم أئن ذكّرتم بل أنتم قومٌ مسرفون (19) [يس : 18 - 20] )
وقال الله ( فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيّئةٌ يطّيّروا بموسى ومن معه ألا إنّما طائرهم عند اللّه ولكنّ أكثرهم لا يعلمون (131) [الأعراف : 131] )
وقال الله ( وإن كادوا ليستفزّونك من الأرض ليخرجوك منها وإذًا لا يلبثون خلافك إلّا قليلًا (76) سنّة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنّتنا تحويلًا (77) [الإسراء : 76 ، 77] )
وقال الله ( وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمّة الكفر إنّهم لا أيمان لهم لعلّهم ينتهون (12) ألا تقاتلون قومًا نكثوا أيمانهم وهمّوا بإخراج الرّسول وهم بدءوكم أوّل مرّةٍ أتخشونهم فاللّه أحقّ أن تخشوه إن كنتم مؤمنين (13) [التوبة : 12 ، 13] )
وقال الله ( ألم يأتكم نبأ الّذين من قبلكم قوم نوحٍ وعادٍ وثمود والّذين من بعدهم لا يعلمهم إلّا اللّه جاءتهم رسلهم بالبيّنات فردّوا أيديهم في أفواههم وقالوا إنّا كفرنا بما أرسلتم به وإنّا لفي شكٍّ ممّا تدعوننا إليه مريبٍ (9) قالت رسلهم أفي اللّه شكٌّ فاطر السّماوات والأرض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويؤخّركم إلى أجلٍ مسمًّى قالوا إن أنتم إلّا بشرٌ مثلنا تريدون أن تصدّونا عمّا كان يعبد آباؤنا فأتونا بسلطانٍ مبينٍ (10) [إبراهيم : 9 ، 10] )
وقال الله (بسم الله الرحمن الرحيم
الم (1) أحسب النّاس أن يتركوا أن يقولوا آمنّا وهم لا يفتنون (2) ولقد فتنّا الّذين من قبلهم فليعلمنّ اللّه الّذين صدقوا وليعلمنّ الكاذبين (3) [العنكبوت : 1 - 3] )
وقال الله ( ومن النّاس من يعبد اللّه على حرفٍ فإن أصابه خيرٌ اطمأنّ به وإن أصابته فتنةٌ انقلب على وجهه خسر الدّنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين (11) [الحج : 11] )
وقال الله ( يا أيّها الّذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتّقوا اللّه لعلّكم تفلحون (200) [آل عمران : 200] )
وقال الله (وجعلنا منهم أئمّةً يهدون بأمرنا لمّا صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون (24) إنّ ربّك هو يفصل بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون (25) [السجدة : 24 - 26] )
هذا من الصبر والثبات على التزام الشرع بعد البلاء
ونواجه أيضاً بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
قال ابن القيم في إعلام الموقعين - (2 / 176)
وقد غر إبليس أكثر الخلق بأن حسن لهم القيام بنوع من الذكر والقراءة والصلاة والصيام والزهد في الدنيا والانقطاع وعطلوا هذه العبوديات فلم يحدثوا .
إعلام الموقعين - (2 / 177)
قلوبهم بالقيام بها وهؤلاء عند ورثة الأنبياء من أقل الناس دينا فإن الدين هو القيام لله بما أمر به فتارك حقوق الله التي تجب عليه أسوأ حالا عند الله ورسوله من مرتكب المعاصي فإن ترك الأمر أعظم من ارتكاب النهي من أكثر من ثلاثين وجها ذكرها شيخنا رحمه الله في بعض تصانيفه ومن له خبرة بما بعث الله به رسوله ص - وبما كان عليه هو وأصحابه رأى أن أكثر من يشار إليهم بالدين هم أقل الناس دينا والله المستعان وأي دين وأي خير فيمن يرى محارم الله تنتهك وحدوده تضاع ودينه يترك وسنة رسول الله ص - يرغب عنها وهو بارد القلب ساكت اللسان شيطان أخرس كما أن المتكلم بالباطل شيطان ناطق وهل بلية الدين إلا من هؤلاء الذين إذا سلمت لهم مآكلهم ورياساتهم فلا مبالاة بما جرى على الدين وخيارهم المتحزن المتلمظ ولو نوزع في بعض ما فيه غضاضة عليه في جاهه أو ماله بذل وتبذل وجد واجتهد واستعمل مراتب الإنكار الثلاثة بحسب وسعه وهؤلاء مع سقوطهم من عين الله ومقت الله لهم قد بلوا في الدنيا بأعظم بلية تكون وهم لا يشعرون وهو موت القلوب فإن القلب كلما كانت حياته أتم كان غضبه لله ورسوله أقوى وانتصاره للدين أكمل .
ونواجهها بالعزلة عن أهل الشرور.
وصلى الله على محمد وآله وأصحابه وسلم .
([1] ) رواه البخاري
([2] ) صحيح وضعيف سنن أبي داود - (9 / 291) ( سنن أبي داود )4291 حدثنا سليمان بن داود المهري أخبرنا ابن وهب أخبرني سعيد بن أبي أيوب عن شراحيل بن يزيد المعافري عن أبي علقمة عن أبي هريرة فيما أعلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها قال أبو داود رواه عبد الرحمن بن شريح الإسكندراني لم يجز به شراحيل . تحقيق الألباني : صحيح ، الصحيحة ( 599 ) صحيح الجامع الصغير ( 1874 )
) يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون * يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً * واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم ورقيباً * يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً * يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم * ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً (
أما بعد :
فإن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدى هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .،
أما بعد
فإن في هذه الرسالة هدية إلى إخواني في الله , وفيها غربة الإسلام وأهله , لتكون زاداً لكل سلفي مستقيم حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
صفات الغرباء:-
قال ابن القيم في مدارج السالكين - (3 / 197)ومن صفات هؤلاء الغرباء الذين غبطهم النبي صلى الله عليه وسلم التمسك بالسنة إذا رغب عنها الناس وترك ما أحدثوه وإن كان هو المعروف عندهم وتجريد التوحيد وإن أنكر ذلك أكثر الناس وترك الانتساب إلى أحد غير الله ورسوله لا شيخ ولا طريقة ولا مذهب ولا طائفة بل هؤلاء الغرباء منتسبون إلى الله بالعبودية له وحده وإلى رسوله بالاتباع لما جاء به وحده وهؤلاء هم القابضون على الجمر حقا وأكثر الناس بل كلهم لائم لهم فلغربتهم بين هذا الخلق يعدونهم أهل شذوذ وبدعة ومفارقة للسواد الأعظم .
أنواع الغربة:-
للغربة ثلاثة أنواع . مذمومة . ومشتركة لا تحمد ولا تذم . وغربة أهل الله وأهل السنة بين الخلق .
النوع الأول : غربة أهل الباطل والفجور والبدع والمخالفين بين أهل الحق .
قال ابن القيم في مدارج السالكين - (3 / 200)
فصل النوع الثاني من الغربة غربة مذمومة وهي غربة أهل الباطل
وأهل الفجور بين أهل الحق فهي غربة بين حزب الله المفلحين وإن كثر أهلها فهم غرباء على كثرة أصحابهم وأشياعهم أهل وحشة على كثرة مؤنسهم يعرفون في أهل الأرض ويخفون على أهل السماء
النوع الثاني :غربة مشتركة لا تحمد ولا تذم
قال ابن القيم في مدارج وهي الغربة عن الوطن فإن الناس كلهم في هذه الدار غرباء فإنها ليست لهم بدار مقام ولا هي الدار التي خلقوا لها وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمر رضي الله عنهما كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل ([1]). وهكذا هو نفس الأمر لأنه أمر أن يطالع ذلك بقلبه ويعرفه حق المعرفة ولي من أبيات في هذا المعنى
وحي على جنات عدن فإنها ... منازلك الأولى وفيها المخيم
ولكننا سبي العدو فهل ترى ... نعود إلى أوطاننا ونسلم
وأي اغتراب فوق غربتنا التي ... لها أضحت الأعداء فينا تحكم
وقد زعموا أن الغريب إذا نأى ... وشطت به أوطانه ليس ينعم
فمن أجل ذا لا ينعم العبد ساعة ... من العمر إلا بعد ما يتألم
وكيف لا يكون العبد في هذه الدار غريباً وهو على جناح سفر لا يحل عن راحلته إلا بين أهل القبور فهو مسافر في صورة قاعد وقد قيل
وما هذه الأيام إلا مراحل ... يحث بها داع إلى الموت قاصد
وأعجب شيء لو تأملت أنها ... منازل تطوى والمسافر قاعد .
النوع الثالث : غربة أهل الله وأهل السنة بين الخلق .
وهذه الغربة تصيب على كل من استقام على شرع الله , وقد وصف الله هذه الغربة في كتابه وأن من تمسك دين الله يكون غريباً بين أهله وعشيرته فقال الله ( واصبر نفسك مع الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدّنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتّبع هواه وكان أمره فرطًا (28) [الكهف : 28] )
وقال الله تعالى ( وأعتزلكم وما تدعون من دون اللّه وأدعو ربّي عسى ألّا أكون بدعاء ربّي شقيًّا (48) فلمّا اعتزلهم وما يعبدون من دون اللّه وهبنا له إسحاق ويعقوب وكلًّا جعلنا نبيًّا (49) ووهبنا لهم من رحمتنا وجعلنا لهم لسان صدقٍ عليًّا (50) [مريم : 50] )
وقال الله تعالى ( وكذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم قال قائلٌ منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يومًا أو بعض يومٍ قالوا ربّكم أعلم بما لبثتم فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيّها أزكى طعامًا فليأتكم برزقٍ منه وليتلطّف ولا يشعرنّ بكم أحدًا (19) إنّهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملّتهم ولن تفلحوا إذًا أبدًا (20) [الكهف : 19 ، 20] )
عن أبى هريرة رضي الله عنه قال قال رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- « بدأ الإسلام غريبًا وسيعود كما بدأ غريبًا فطوبى للغرباء ». رواه مسلم
وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النّبىّ -صلى الله عليه وسلم- قال « إنّ الإسلام بدأ غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ وهو يأرز بين المسجدين كما تأرز الحيّة فى جحرها ».رواه مسلم
وروى الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إنّ الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحيّة إلى جحرها.
قال ابن القيم في مدارج السالكين - (3 / 195)
فأهل الإسلام في الناس غرباء والمؤمنون في أهل الإسلام غرباء وأهل العلم في المؤمنين غرباء وأهل السنة الذين يميزونها من الأهواء والبدع فهم غرباء والداعون إليها الصابرون على أذى المخالفين هم أشد هؤلاء غربة ولكن هؤلاء هم أهل الله حقا فلا غربة عليهم وإنما غربتهم بين الأكثرين الذين قال الله عز و جل فيهم وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله فأولئك هم الغرباء من الله ورسوله ودينه وغربتهم هي الغربة الموحشة وإن كانوا هم المعروفين المشار إليهم كما قيل .
وقال أيضاً في مدارج السالكين - (3 / 196)
فالغربة ثلاثة أنواع غربة أهل الله وأهل سنة رسوله بين هذا الخلق وهي الغربة التي مدح رسول الله أهلها وأخبر عن الدين الذي جاء به أنه بدأ غريباً وأنه سيعود غريباً كما بدأ وأن أهله يصيرون غرباء
وهذه الغربة قد تكون في مكان دون مكان ووقت دون وقت وبين قوم دون قوم ولكن أهل هذه الغربة هم أهل الله حقا فإنهم لم يأووا إلى غير الله ولم ينتسبوا إلى غير رسوله ولم يدعوا إلى غير ما جاء به وهم الذين فارقوا الناس أحوج ما كانوا إليهم فإذا انطلق الناس يوم القيامة مع آلهتهم بقوا في مكانهم فيقال لهم ألا تنطلقون حيث انطلق الناس ...
فيقولون فارقنا الناس ونحن أحوج إليهم منا اليوم وإنا ننتظر ربنا الذي كنا نعبده .
فهذه الغربة لا وحشة على صاحبها بل هو آنس ما يكون إذا استوحش الناس وأشد ما تكون وحشته إذا استأنسوا فوليه الله ورسوله والذين آمنوا وإن عاداه أكثر الناس وجفوه
وقال أيضاً في مدارج السالكين - (3 / 198)
فالإسلام الحقيقي غريب جدا وأهله غرباء أشد الغربة بين الناس
وكيف لا تكون فرقة واحدة قليلة جدا غريبة بين اثنتين وسبعين فرقة ذات أتباع ورئاسات ومناصب وولايات ولا يقوم لها سوق إلا بمخالفة ما جاء به الرسول فإن نفس ما جاء به يضاد أهواءهم ولذاتهم وما هم عليه من الشبهات والبدع التي هي منتهى فضيلتهم وعملهم والشهوات التي هي غايات مقاصدهم وإراداتهم
فكيف لا يكون المؤمن السائر إلى الله على طريق المتابعة غريباً بين هؤلاء الذين قد اتبعوا أهواءهم وأطاعوا شحهم وأعجب كل منهم برأيه كما قال النبي مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر حتى إذا رأيتم شحاً مطاعاً وهوى متبعاً ودنياً مؤثرة وإعجاب كل ذي رأي برأيه ورأيت أمراً لا يد لك به فعليك بخاصة نفسك وإياك وعوامهم فإن وراءكم أياماً صبر الصابر فيهن كالقابض على الجمر . ولهذا جعل للمسلم الصادق في هذا الوقت إذا تمسك بدينه أجر خمسين من الصحابة.
فإذا أراد المؤمن الذي قد رزقه الله بصيرة في دينه وفقها في سنة رسوله وفهما في كتابه وأراه ما الناس فيه من الأهواء والبدع والضلالات وتنكبهم عن الصراط المستقيم الذي كان عليه رسول الله وأصحابه فإذا أراد أن يسلك هذا الصراط فليوطن نفسه على قدح الجهال وأهل البدع فيه وطعنهم عليه وإزرائهم به وتنفير الناس عنه وتحذيرهم منه كما كان سلفهم من الكفار يفعلون مع متبوعه وإمامه فأما إن دعاهم إلى ذلك وقدح فيما هم عليه فهنالك تقوم قيامتهم ويبغون له الغوائل وينصبون له الحبائل ويجلبون عليه بخيل كبيرهم ورجله
فهو غريب في دينه لفساد أديانهم غريب في تمسكه بالسنة لتمسكهم بالبدع غريب في اعتقاده لفساد عقائدهم غريب في صلاته لسوء صلاتهم , غريب في طريقه لضلال وفساد طرقهم غريب في نسبته لمخالفة نسبهم غريب في معاشرته لهم لأنه يعاشرهم على ما لا تهوى أنفسهم
وبالجملة فهو غريب في أمور دنياه وآخرته لا يجد من العامة مساعدا ولا معينا فهو عالم بين جهال صاحب سنة بين أهل بدع داع إلى الله ورسوله بين دعاة إلى الأهواء والبدع آمر بالمعروف ناه عن المنكر بين قوم المعروف لديهم منكر والمنكر معروف
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية مجموع الفتاوى - (18 / 297)- (18 / 299)
وكذلك بدأ غريبًا ولم يزل يقوى حتّى انتشر . فهكذا يتغرّب في كثيرٍ من الأمكنة والأزمنة ثمّ يظهر حتّى يقيمه اللّه عزّ وجلّ كما كان عمر بن عبد العزيز لمّا ولّي قد تغرّب كثيرٌ من الإسلام على كثيرٍ من النّاس حتّى كان منهم من لا يعرف تحريم الخمر . فأظهر اللّه به في الإسلام ما كان غريبًا . وفي السّنن : { إنّ اللّه يبعث لهذه الأمّة في رأس كلّ مائة سنةٍ من يجدّد لها دينها } ([2]). والتّجديد إنّما يكون بعد الدّروس وذاك هو غربة الإسلام . وهذا الحديث يفيد المسلم أنّه لا يغتمّ بقلّة من يعرف حقيقة الإسلام ولا يضيق صدره بذلك ولا يكون في شكٍّ من دين الإسلام كما كان الأمر حين بدأ . قال تعالى { فإن كنت في شكٍّ ممّا أنزلنا إليك فاسأل الّذين يقرءون الكتاب من قبلك } إلى غير ذلك من الآيات والبراهين الدّالّة على صحّة الإسلام . وكذلك إذا تغرّب يحتاج صاحبه من الأدلّة والبراهين إلى نظير ما احتاج إليه في أوّل الأمر . وقد قال له { أفغير اللّه أبتغي حكمًا وهو الّذي أنزل إليكم الكتاب مفصّلًا والّذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنّه منزّلٌ من ربّك بالحقّ فلا تكوننّ من الممترين } { وتمّت كلمة ربّك صدقًا وعدلًا لا مبدّل لكلماته وهو السّميع العليم } { وإن تطع أكثر من في الأرض يضلّوك عن سبيل اللّه إن يتّبعون إلّا الظّنّ وإن هم إلّا يخرصون } وقال تعالى { أم تحسب أنّ أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلّا كالأنعام بل هم أضلّ سبيلًا } . وقد تكون الغربة في بعض شرائعه وقد يكون ذلك في بعض الأمكنة . ففي كثيرٍ من الأمكنة يخفى عليهم من شرائعه ما يصير به غريبًا بينهم لا يعرفه منهم إلّا الواحد بعد الواحد . ومع هذا فطوبى لمن تمسّك بتلك الشّريعة كما أمر اللّه ورسوله . فإنّ إظهاره والأمر به والإنكار على من خالفه هو بحسب القوّة والأعوان . وقد قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم { من رأى منكم منكرًا فليغيّره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه
ليس وراء ذلك من الإيمان حبّة خردلٍ } . وإذا قدّر أنّ في النّاس من حصل له سوءٌ في الدّنيا والآخرة بخلاف ما وعد اللّه به رسوله وأتباعه فهذا من ذنوبه ونقص إسلامه كالهزيمة الّتي أصابتهم يوم أحدٍ . وإلّا فقد قال تعالى { إنّا لننصر رسلنا والّذين آمنوا في الحياة الدّنيا ويوم يقوم الأشهاد } وقال تعالى { ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين } { إنّهم لهم المنصورون } { وإنّ جندنا لهم الغالبون } .
وقال ابن باز كما في مجموع فتاوى - (3 / 158)
ويتضح للقراء أيضا من هذا الحديث العظيم أنه ينبغي لأهل الحق عند غربة الإسلام أن يزدادوا نشاطا في بيان أحكام الإسلام والدعوة إليه ونشر الفضائل ومحاربة الرذائل , وأن يستقيموا في أنفسهم على ذلك حتى يكونوا من الصالحين عند فساد الناس ومن المصلحين لما أفسد الناس ، والله الموفق سبحانه .
وقال أيضاً كما في مجموع فتاوى - (5 / 223)
فنحن في غربة من الإسلام وفي آخر الزمان . فالواجب التكاتف والتعاون على الخير والصدق في ذلك .
وقال أيضاً كما في مجموع فتاوى - (6 / 411)
ونحن في غربة من الإسلام وقلة من علماء الحق , وكثرة من أهل الجهل والباطل والشر والفساد , فالواجب على أهل العلم بالله وبدينه أن يشمروا عن ساعد الجد , وأن يستقيموا على الدعوة وأن يصبروا عليها يرجون ما عند الله من المثوبة ويخشون مغبة التأخر عن ذلك والتكاسل عنه , والله سبحانه وتعالى أوجب على العلماء أن يبينوا , وأوجب على العامة أن يقبلوا الحق وأن يستفيدوا من العلماء وأن يقبلوا النصيحة , يقول الله عز وجل : { ومن أحسن قولًا ممّن دعا إلى اللّه وعمل صالحًا وقال إنّني من المسلمين } (1)
فأحسن الناس قولا من دعا إلى الله وأرشد إليه وعلم العباد دينهم وفقههم فيه ، وصبر على ذلك وعمل بدعوته ، ولم يخالف قوله فعله ولا فعله قوله , هؤلاء هم أحسن الناس قولا ، وهم أصلح الناس وأنفع الناس للناس وهم الرسل الكرام والأنبياء وأتباعهم من علماء الحق .
فالواجب على كل عالم وطالب علم أن يقوم بهذا العمل حسب طاقته وعلمه وقد يتعين عليه إذا لم يكن في البلد أو في القبيلة أو في المكان الذي وقع فيه المنكر غيره فإنه يجب عليه عينا أن يقول الحق وأن يدعو إليه , وعند وجود غيره يكون فرض كفاية إذا قام به البعض كفى وإن سكتوا عنه أثموا جميعا ، فالواجب على أهل العلم بالله وبدينه أن ينصحوا لله ولعباده ، وأن يقوموا بواجب الدعوة في بيوتهم ومع أهليهم وفي مساجدهم وفي طرقاتهم وفي بقية أنحاء قريتهم وبلادهم وفي مراكبهم من طائرة أو سيارة أو قطار أو غير ذلك .
فالدعوة مطلوبة في كل مكان أينما كنت والحاجة ماسة إليها أينما كنت , فالناس في الطائرة محتاجون , وفي السيارة محتاجون , وفي القطار محتاجون , وفي السفينة محتاجون إلى غير ذلك , وأهلك كذلك يلزمك أن تعنى بهم أولا كما قال الله سبحانه وتعالى : { يا أيّها الّذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارًا وقودها النّاس والحجارة } (2) وقال عز وجل لنبيه وخليله محمد عليه الصلاة والسلام : { وأمر أهلك بالصّلاة واصطبر عليها } (1) وقال سبحانه : { واذكر في الكتاب إسماعيل إنّه كان صادق الوعد وكان رسولًا نبيًّا } (2) { وكان يأمر أهله بالصّلاة والزّكاة وكان عند ربّه مرضيًّا } (3) فالواجب على طالب العلم أن يعنى بأهله ووالديه وأولاده وإخوانه إلى غير ذلك يعلمهم ويرشدهم ويدعوهم إلى الله ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر كما قال عز وجل : { ولتكن منكم أمّةٌ يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر } (4) ثم قال سبحانه : { وأولئك هم المفلحون } (5) يعني من كان بهذه الصفة فهو المفلح على الحقيقة على الكمال , وقد أمر الله بالدعوة في آيات ورغب فيها سبحانه كما في قوله عز وجل : { ومن أحسن قولًا ممّن دعا إلى اللّه } (6) الآية , وقوله سبحانه : { ادع إلى سبيل ربّك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالّتي هي أحسن } (7) وأخبر سبحانه أن الدعوة إلى الله على بصيرة هي سبيل النبي صلى الله عليه وسلم ، وهي سبيل أتباعه من أهل العلم كما قال الله عز وجل : { قل هذه سبيلي أدعو إلى اللّه على بصيرةٍ أنا ومن اتّبعني } (8)
فالواجب علينا جميعا أن نعنى بهذه المهمة أينما كنا , والواجب على أهل العلم كما تقدم أن يعنوا بها غاية العناية ، ولا سيما عند شدة الضرورة إليها في هذا العصر فإن عصرنا يعتبر عصر غربة للإسلام لقلة العلم والعلماء بالسنة والكتاب ولغلبة الجهل , وكثرة الشرور والمعاصي وأنواع الكفر والضلال والإلحاد , فالواجب حينئذ يتأكد على العلماء في الدعوة إلى الله وإرشاد الناس إلى ما خلقوا له من توحيد الله وطاعته وأداء واجبه وترك معصيته .
يقول سبحانه : { وما خلقت الجنّ والإنس إلّا ليعبدون } (9) ويقول سبحانه : { يا أيّها النّاس اعبدوا ربّكم الّذي خلقكم والّذين من قبلكم لعلّكم تتّقون } (1) ويقول عز وجل : { ولقد بعثنا في كلّ أمّةٍ رسولًا أن اعبدوا اللّه واجتنبوا الطّاغوت } (2) وهذه العبادة تحتاج إلى بيان , وهذه العبادة هي التي خلقنا لها ، وأمرنا بها ، وبعثت الرسل عليهم الصلاة والسلام لبيانها وللدعوة إليها ، فلا بد من بيانها للناس من أهل العلم , وهي الإسلام والهدى وهي الإيمان والبر والتقوى , هذه هي العبادة التي خلقنا لها أن نطيع الله ونطيع رسوله صلى الله عليه وسلم في الأوامر والنواهي , وأن نخصه بالعبادة دون كل ما سواه , وهذه الطاعة تسمى عبادة ؛ لأنك تؤديها بذل وخضوع لله , والعبادة ذل وخضوع لله عز وجل وانكسار بين يديه بطاعة أوامره وترك نواهيه , وأصلها وأساسها توحيده ، والإخلاص له ، وتخصيصه بالعبادة وحده دون كل ما سواه , والإيمان برسله عليهم الصلاة والسلام وعلى رأسهم خاتمهم وإمامهم نبينا محمد عليه الصلاة والسلام , ثم فعل ما أوجب الله من بقية الأوامر وترك ما نهى الله عنه , هذه هي العبادة , وهذه هي التقوى , وهذه هي الإسلام الذي قال الله فيه : { إنّ الدّين عند اللّه الإسلام } (3) وهي الإيمان أيضا الذي قال الله فيه جل وعلا : { يا أيّها الّذين آمنوا آمنوا باللّه ورسوله } (4) وقال فيه النبي صلى الله عليه وسلم : « الإيمان بضع وسبعون شعبة » (5) الحديث , « أفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق » (6) .
وهذا هو الإيمان وهو الهدى وهو الإسلام وهو العبادة التي خلقنا لها وهو البر , فهي ألفاظ متقاربة المعنى , معناها طاعة الله ورسوله والاستقامة على دين الله , فمن استقام على دين الله فقد اتقى , ومن استقام على دين الله فقد آمن به , ومن استقام على دين الله فقد أخذ بالإسلام , وأخذ بالهدى كما قال تعالى : { ولقد جاءهم من ربّهم الهدى } (1) ومن استقام على دين الله فهو على البر الذي قال فيه سبحانه : { ولكنّ البرّ من آمن باللّه واليوم الآخر } (2) الآية , وقال تعالى : { ولكنّ البرّ من اتّقى } (3) وقال سبحانه : { إنّ الأبرار لفي نعيمٍ } (4) فالدعوة إليه سبحانه هي دعوة إلى البر وإلى التقى وإلى الإيمان وإلى الإسلام وإلى الهدى .
فعليك أيها العالم بالله وبدينه أن تنبه إلى هذا الأمر ، وأن تشرحه للناس ، وتوضح لهم حقيقة دينهم , ما هو الإسلام ؟ ما هو الإيمان ؟ ما هو البر ؟ ما هو التقوى ؟ هو طاعة الله ورسوله ، هو العبادة التي خلقنا لها , سماها الله إسلاما وسماها إيمانا وسماها هدى في قوله : { ولقد جاءهم من ربّهم الهدى } (5) وسماها برا في قوله : { ولكنّ البرّ من اتّقى } (6) { ولكنّ البرّ من آمن باللّه واليوم الآخر } (7) { إنّ الأبرار لفي نعيمٍ } (8) إلى غير ذلك . وسماها الله إسلاما في قوله تعالى : { إنّ الدّين عند اللّه الإسلام } (9) وقال سبحانه : { ومن يبتغ غير الإسلام دينًا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين } (10)
فالدعوة إلى الله جل وعلا دعوة إلى هذا الأمر , دعوة إلى عبادة الله التي خلقنا لها , دعوة إلى الاستقامة على ذلك , دعوة إلى طاعة الله ورسوله , دعوة إلى الإسلام , دعوة إلى البر , دعوة إلى الإيمان , والمعنى أنك تدعو الناس إلى توحيد الله , وإخلاص العبادة له , وطاعة أوامره وترك نواهيه , وهذا الذي تدعو إليه يسمى إسلاما ويسمى عبادة , ويسمى تقوى , ويسمى طاعة الله ورسوله , ويسمى برا ويسمى هدى ويسمى صلاحا وإصلاحا كلها أسماء متقاربة المعنى .
فعلى الدعاة إلى الله وهم العلماء أن يبسطوا للناس هذا الأمر ، وأن يشرحوه ، وأن يوضحوه ، أينما كانوا مشافهة ; في خطب الجمعة وفي الدروس , وفي المواعظ العامة , وفي المناسبات التي تحصل بينهم , يبينون للناس هذه الأمور ويوضحونها للناس ,
موقف المخالفين وتعاملهم على أهل الغربة:-
قال ابن بازفي مجموع فتاوى - (1 / 247)فطالب العلم العالم والموجه, والقائد البصير لا يبالي بإرجاف عباد القبور, ولا بإرجاف الخرافيين, ولا بإرجاف من يعادي الإسلام من أي صنف, بل يصمد في الميدان, ويصبر ويعلق قلبه بالله, ويخافه سبحانه, ويرجو منه النصر جل وعلا, فهو الناصر وهو الولي سبحانه وتعالى, وقد وعد أن ينصر من ينصره فقال: { يا أيّها الّذين آمنوا إن تنصروا اللّه ينصركم ويثبّت أقدامكم } (3) ويقول سبحانه: { وكان حقًّا علينا نصر المؤمنين } (4) لكن بالشرط وهو التمسك بدين الله, والإيمان به, والإيمان برسوله صلى الله عليه وسلم, والاستقامة على دين الله.
وقد بين الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم تعامل المخالفين لأهل الحق فقال:
( وقال الّذين كفروا لرسلهم لنخرجنّكم من أرضنا أو لتعودنّ في ملّتنا فأوحى إليهم ربّهم لنهلكنّ الظّالمين (13) ولنسكننّكم الأرض من بعدهم ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد (14) واستفتحوا وخاب كلّ جبّارٍ عنيدٍ (15) من ورائه جهنّم ويسقى من ماءٍ صديدٍ (16) يتجرّعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كلّ مكانٍ وما هو بميّتٍ ومن ورائه عذابٌ غليظٌ (17) [إبراهيم : 13 - 17] )
وقال الله ( قال الملأ الّذين استكبروا من قومه لنخرجنّك يا شعيب والّذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودنّ في ملّتنا قال أولو كنّا كارهين (88) قد افترينا على اللّه كذبًا إن عدنا في ملّتكم بعد إذ نجّانا اللّه منها وما يكون لنا أن نعود فيها إلّا أن يشاء اللّه ربّنا وسع ربّنا كلّ شيءٍ علمًا على اللّه توكّلنا ربّنا افتح بيننا وبين قومنا بالحقّ وأنت خير الفاتحين (89) وقال الملأ الّذين كفروا من قومه لئن اتّبعتم شعيبًا إنّكم إذًا لخاسرون (90) [الأعراف : 88 - 91] )
وقال الله ( أذن للّذين يقاتلون بأنّهم ظلموا وإنّ اللّه على نصرهم لقديرٌ (39) الّذين أخرجوا من ديارهم بغير حقٍّ إلّا أن يقولوا ربّنا اللّه ولولا دفع اللّه النّاس بعضهم ببعضٍ لهدّمت صوامع وبيعٌ وصلواتٌ ومساجد يذكر فيها اسم اللّه كثيرًا ولينصرنّ اللّه من ينصره إنّ اللّه لقويٌّ عزيزٌ (40) الّذين إن مكّنّاهم في الأرض أقاموا الصّلاة وآتوا الزّكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر وللّه عاقبة الأمور (41) [الحج : 39 - 41] )
وقال الله ( للفقراء المهاجرين الّذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلًا من اللّه ورضوانًا وينصرون اللّه ورسوله أولئك هم الصّادقون (8) [الحشر : 8] )
وقال الله ( فما كان جواب قومه إلّا أن قالوا أخرجوا آل لوطٍ من قريتكم إنّهم أناسٌ يتطهّرون (56) فأنجيناه وأهله إلّا امرأته قدّرناها من الغابرين (57) وأمطرنا عليهم مطرًا فساء مطر المنذرين (58) قل الحمد للّه وسلامٌ على عباده الّذين اصطفى آللّه خيرٌ أمّا يشركون (59) [النمل : 56 - 59] )
وقال الله ( وما كان جواب قومه إلّا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم إنّهم أناسٌ يتطهّرون (82) فأنجيناه وأهله إلّا امرأته كانت من الغابرين (83) وأمطرنا عليهم مطرًا فانظر كيف كان عاقبة المجرمين (84) [الأعراف : 82 - 84] )
وقال الله ( قالوا أنؤمن لك واتّبعك الأرذلون (111) [الشعراء : 111] )
وقال الله ( قال وما علمي بما كانوا يعملون (112) إن حسابهم إلّا على ربّي لو تشعرون (113) وما أنا بطارد المؤمنين (114) إن أنا إلّا نذيرٌ مبينٌ (115) قالوا لئن لم تنته يا نوح لتكوننّ من المرجومين (116) قال ربّ إنّ قومي كذّبون (117) فافتح بيني وبينهم فتحًا ونجّني ومن معي من المؤمنين (118) فأنجيناه ومن معه في الفلك المشحون (119) ثمّ أغرقنا بعد الباقين (120) [الشعراء : 112 - 120] )
وقال الله ( ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيءٍ وما من حسابك عليهم من شيءٍ فتطردهم فتكون من الظّالمين (52) [الأنعام : 52] )
وقال الله ( ويا قوم لا أسألكم عليه مالًا إن أجري إلّا على اللّه وما أنا بطارد الّذين آمنوا إنّهم ملاقو ربّهم ولكنّي أراكم قومًا تجهلون (29) ويا قوم من ينصرني من اللّه إن طردتهم أفلا تذكّرون (30) [هود : 29 ، 30] )
وقال الله ( أتأتون الذّكران من العالمين (165) وتذرون ما خلق لكم ربّكم من أزواجكم بل أنتم قومٌ عادون (166) قالوا لئن لم تنته يا لوط لتكوننّ من المخرجين (167) قال إنّي لعملكم من القالين (168) ربّ نجّني وأهلي ممّا يعملون (169) فنجّيناه وأهله أجمعين (170) إلّا عجوزًا في الغابرين (171) ثمّ دمّرنا الآخرين (172) وأمطرنا عليهم مطرًا فساء مطر المنذرين (173) [الشعراء : 165 - 173] )
وقال الله ( قالوا إنّا تطيّرنا بكم لئن لم تنتهوا لنرجمنّكم وليمسّنّكم منّا عذابٌ أليمٌ (18) قالوا طائركم معكم أئن ذكّرتم بل أنتم قومٌ مسرفون (19) [يس : 18 - 20] )
وقال الله ( فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيّئةٌ يطّيّروا بموسى ومن معه ألا إنّما طائرهم عند اللّه ولكنّ أكثرهم لا يعلمون (131) [الأعراف : 131] )
وقال الله ( وإن كادوا ليستفزّونك من الأرض ليخرجوك منها وإذًا لا يلبثون خلافك إلّا قليلًا (76) سنّة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنّتنا تحويلًا (77) [الإسراء : 76 ، 77] )
وقال الله ( وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمّة الكفر إنّهم لا أيمان لهم لعلّهم ينتهون (12) ألا تقاتلون قومًا نكثوا أيمانهم وهمّوا بإخراج الرّسول وهم بدءوكم أوّل مرّةٍ أتخشونهم فاللّه أحقّ أن تخشوه إن كنتم مؤمنين (13) [التوبة : 12 ، 13] )
وقال الله ( ألم يأتكم نبأ الّذين من قبلكم قوم نوحٍ وعادٍ وثمود والّذين من بعدهم لا يعلمهم إلّا اللّه جاءتهم رسلهم بالبيّنات فردّوا أيديهم في أفواههم وقالوا إنّا كفرنا بما أرسلتم به وإنّا لفي شكٍّ ممّا تدعوننا إليه مريبٍ (9) قالت رسلهم أفي اللّه شكٌّ فاطر السّماوات والأرض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويؤخّركم إلى أجلٍ مسمًّى قالوا إن أنتم إلّا بشرٌ مثلنا تريدون أن تصدّونا عمّا كان يعبد آباؤنا فأتونا بسلطانٍ مبينٍ (10) [إبراهيم : 9 ، 10] )
كيف نواجه عن هذه الغربة:-
نواجهها بالصبر والثباتوقال الله (بسم الله الرحمن الرحيم
الم (1) أحسب النّاس أن يتركوا أن يقولوا آمنّا وهم لا يفتنون (2) ولقد فتنّا الّذين من قبلهم فليعلمنّ اللّه الّذين صدقوا وليعلمنّ الكاذبين (3) [العنكبوت : 1 - 3] )
وقال الله ( ومن النّاس من يعبد اللّه على حرفٍ فإن أصابه خيرٌ اطمأنّ به وإن أصابته فتنةٌ انقلب على وجهه خسر الدّنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين (11) [الحج : 11] )
وقال الله ( يا أيّها الّذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتّقوا اللّه لعلّكم تفلحون (200) [آل عمران : 200] )
وقال الله (وجعلنا منهم أئمّةً يهدون بأمرنا لمّا صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون (24) إنّ ربّك هو يفصل بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون (25) [السجدة : 24 - 26] )
هذا من الصبر والثبات على التزام الشرع بعد البلاء
ونواجه أيضاً بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
قال ابن القيم في إعلام الموقعين - (2 / 176)
وقد غر إبليس أكثر الخلق بأن حسن لهم القيام بنوع من الذكر والقراءة والصلاة والصيام والزهد في الدنيا والانقطاع وعطلوا هذه العبوديات فلم يحدثوا .
إعلام الموقعين - (2 / 177)
قلوبهم بالقيام بها وهؤلاء عند ورثة الأنبياء من أقل الناس دينا فإن الدين هو القيام لله بما أمر به فتارك حقوق الله التي تجب عليه أسوأ حالا عند الله ورسوله من مرتكب المعاصي فإن ترك الأمر أعظم من ارتكاب النهي من أكثر من ثلاثين وجها ذكرها شيخنا رحمه الله في بعض تصانيفه ومن له خبرة بما بعث الله به رسوله ص - وبما كان عليه هو وأصحابه رأى أن أكثر من يشار إليهم بالدين هم أقل الناس دينا والله المستعان وأي دين وأي خير فيمن يرى محارم الله تنتهك وحدوده تضاع ودينه يترك وسنة رسول الله ص - يرغب عنها وهو بارد القلب ساكت اللسان شيطان أخرس كما أن المتكلم بالباطل شيطان ناطق وهل بلية الدين إلا من هؤلاء الذين إذا سلمت لهم مآكلهم ورياساتهم فلا مبالاة بما جرى على الدين وخيارهم المتحزن المتلمظ ولو نوزع في بعض ما فيه غضاضة عليه في جاهه أو ماله بذل وتبذل وجد واجتهد واستعمل مراتب الإنكار الثلاثة بحسب وسعه وهؤلاء مع سقوطهم من عين الله ومقت الله لهم قد بلوا في الدنيا بأعظم بلية تكون وهم لا يشعرون وهو موت القلوب فإن القلب كلما كانت حياته أتم كان غضبه لله ورسوله أقوى وانتصاره للدين أكمل .
ونواجهها بالعزلة عن أهل الشرور.
وصلى الله على محمد وآله وأصحابه وسلم .
([1] ) رواه البخاري
([2] ) صحيح وضعيف سنن أبي داود - (9 / 291) ( سنن أبي داود )4291 حدثنا سليمان بن داود المهري أخبرنا ابن وهب أخبرني سعيد بن أبي أيوب عن شراحيل بن يزيد المعافري عن أبي علقمة عن أبي هريرة فيما أعلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها قال أبو داود رواه عبد الرحمن بن شريح الإسكندراني لم يجز به شراحيل . تحقيق الألباني : صحيح ، الصحيحة ( 599 ) صحيح الجامع الصغير ( 1874 )