بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيداً صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً.
أما بعد.،،،،،،،،،،،،،،،،،
فقد سألني من تعينت عليَّ إجابته أن ألخص بعض أقوال أهل العلم في توبة المبتدع وصفتها فلبيت طلبه بقدر ما تيسر لي وسنحت لي الفرصة. فإنك أصلحك الله سألتني أن أوضح لك صفة توبة المبتدعة وأهل الزيغ تبصر نفسك على التمسك به وتدرأ به عنك شبه أقاويل الزائغين وزيغ محدثات الضالين المنحرفين وقد شرحت لك منهاجاً منيراً وطريقاً واضحاً لم أقتصر على نفسي وإياك فيه نصحاً ،والله أعلم بالصواب ، وعصمنا الله وإياكم بالتقوى ووفقنا وإياكم لموافقة السنة والهدى والاستقامة عليهما ، اللهم وفقنا لطاعتك ومرضاتك , وأحسن خاتمتنا , وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم , وبارك لنا في أعمالنا وتقبلها منا , واجعلها خالصة لوجهك الكريم .وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .وصلى اللـه عـلى نبيـنا محمـد وعلى آله وسلــم ([1])
كتبه أخوكم : أبو سفيان الزيلعي . بـــــ( دار الحـــديـــث بمعــــبـر )
`الرجوع إلى الحق فضيلة.
كتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنهما "لا يمنعك قضاء قضيته بالأمس راجعت فيه نفسك وهّديت فيه لرشدك أن ترجع فيه إلى الحق فإن الحق قديم والرجوع إلى الحق أولى من التمادي في الباطل"([2]).اهـ
قال مالك وقال ذلك للثناء على عمر بن الخطاب " ما كان بأعلمنا ولكنه كان أسرعنا رجوعاً إذا سمع الحق"([3]). اهـ
وقال عمر بن عبد العزيز " ما من طينة أهون علي فكاً وما من كتاب أيسر علي رداً من كتاب قضيت به ثم أبصرت أن الحق في غيره فنسخته"([4]) . اهـ
وقال الشافعي " كل مسألة تكلمت فيها وصح الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عند أهل النقل بخلاف ما قلت فأنا راجع عنها في حياتي وبعد موتي" ([5]).اهـ
وقال ابن رجب وهو يصف أئمة السلف" كان أئمة السلف المجمع على علمهم وفضلهم يقبلون الحق ممن أورده عليهم وإن كان صغيراً ويوصون أصحابهم وأتباعهم بقبول الحق إذا ظهر في غير قولهم "([6]).اهـ
وقال الإمام الآجري وهو يذكر صفات العلماء السلف"إن أفتى بمسألة فعلم أنه أخطأ لم يستنكف أن يرجع عنها وإن قال قولاً فرده عليه غيره ممن هو أعلم أو مثله أو دونه فعلم أن القول كذلك رجع عن قوله وحمده على ذلك وجزاه خيراً "([7]).اهـ
- $من هو المبتدع
قال التهانوي " المبتدع من خالف أهل السنة اعتقاداًً .والمبتدعون يسمون بأهل البدع وأهل الأهواء "([8]).اهـ
قال شيخ الإسلام ابن تيمية " والبدعة التي يعد بها الرجل من أهل الأهواء ما اشتهر عند أهل العلم بالسنة مخالفتها للكتاب والسنة : كبدعة الخوارج والروافض والقدرية والمرجئة فإن عبد الله بن المبارك ويوسف بن إسباط وغيرهما قالوا : أصول اثنتين وسبعين فرقة هي أربع الخوراج والروافض والقدرية والمرجئة "([9]).اهـ
قال ابن حجر " والمبتدع أي من اعتقد شيئاً مما يخالف أهل السنة والجماعة "([10]).اهـ
قال السخاوي" فالمبتدع من اعتقد ذلك لا بمعاندة بل بنوع شبهة "([11]).اهـ
قال أبو نصر محمد بن عبدالله الإمام" فانطر إلى هذا الضابط المهم وهو قوله ( ما اشتهر عند أهل العلم بالسنة مخالفتها للكتاب والسنة ) فالمعتبر في ضابط التبديع هو حكم أهل العلم على فلان بأنه مبتدع , لمخالفته الكتاب والسنة , ولايلزم أن يكون المبتدع موافقاً في بدعته لمن ذكرهم شيخ الإسلام ابن تيمية ([12]) من الأصناف , لأن العبرة بمخالفة للكتاب والسنة المؤدية إلى حكم العلماء عليه بالإبتدع .فدعاة الحزبية في عصرنا تهوروا في وضع قواعد مبتدعة منها ماهو مأخوذ من أهل البدع السابقين , ومنها ما هو مأخوذ من الإنحرافات العصرية "([13]).اهـ
قال الإمام الشاطبي" المسألة الخامسة أن هذه الفرق إنما تصير فرقاً لخلافها للفرقة الناجية ,وذلك أن هذه الفرق إنما تصير فرقاً بخلافها للفرقة الناجية في معنى كلي في الدين وقاعدة من قواعد الشريعة لا في جزئي من الجزئيات إذ الجزئي والفرع الشاذ لا ينشأ عنه مخالفة يقع بسببها التفرق شيعاً وإنما ينشأ التفرق عند وقوع المخالفة في الأمور الكلية لأن الكليات تقتضي عدداً من الجزئيات غير قليل وشاذها في الغالب أن لا يختص بمحل دون محل ولا بباب دون باب , واعتبر ذلك بمسألة التحسين العقلي فإن المخالفة فيها أنشأت بين المخالفين خلافاً في فروع لا تنحصر ما بين فروع عقائد وفروع أعمال , ويجري مجرى القاعدة الكلية كثرة الجزئيات فإن المبتدع إذا أكثر من إنشاء الفروع المخترعة عاد ذلك على كثير من الشريعة بالمعارضة كما تصير القاعدة الكلية معارضة أيضاً وأما الجزئي فبخلاف ذلك بل بعد وقوع ذلك من المبتدع له كالزلة والفلتة وإن كانت زلة العالم مما يهدم الدين حيث قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ثلاث يهدمن الدين زلة العالم وجدال منافق بالقرآن وأئمة مضلون ولكن إذا قرب موقع الزلة لم يحصل بسببها تفرق في الغالب ولا هدم للدين بخلاف الكليات , فأنت ترى موقع اتباع المتشابهات كيف هو في الدين إذا كان اتباعاً مخلاً بالواضحات وهي أم الكتاب وكذلك عدم تفهم القرآن موقع في الإخلال بكلياته وجزئياته , .. إلى أشباه ذلك مما نبه عليه الشرع وذكره العلماء حتى صار التشريع ديدناً لهم وتغيير ملة إبراهيم عليه السلام سهلاً عليهم فأنشأ ذلك أصلاً مضافاً إليهم وقاعدة رضوا بها وهي التشريع المطلع لا الهوى ولذلك لما نبههم الله تعالى على إقامة الحجة عليهم "([14]). اهـ
والمبتدع : هو الذي يتعدي في الأحكام , ويتهاون بالسنن , ويتبع الأراء والهواء , ويترك الإقتداء والإتباع ..([15]),
` تعريف التوبة.
في اللغة : التوبة بفتح التاء وسكون الواو مأخوذة من " تَوَبَ " ([16])
التاء والواو والباء:كلمة واحدة تدل على الرجوع ، يقال تاب توبة إذا رجع عن ذنبه . وهي تدور حول معاني الرجوع والعودة والإنابة والندم.
وشرعا ً: هي رجوع العبد إلى الله سبحانه من ذنب سبق اقترافه قصداً منه أو جهلاً رجوعاً صادقاً خالصاً .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية "والتوبة رجوع عما تاب منه إلى ما تاب إليه فالتوبة المشروعة هي الرجوع إلى الله وإلى فعل ما أمر به وترك ما نهى عنه وليست التوبة من فعل السيئات فقط كما يظن كثير من الجهال لا يتصورون التوبة إلا عما يفعله العبد من القبائح كالفواحش والمظالم بل التوبة من ترك الحسنات المأمور بها أهم من التوبة من فعل السيئات المنهي عنها, فأكثر الخلق يتركون كثيراً مما أمرهم الله به من أقوال القلوب وأعمالها وأقوال البدن وأعماله وقد لا يعلمون أن ذلك مما أمروا به أو يعلمون الحق ولا يتبعونه فيكونون إما ضالين بعدم العلم النافع ,وإما مغضوباً عليهم بمعاندة الحق بعد معرفته"([17]).اهـ
` أدلة العامة في التــــــــــوبة.
في هذا الباب نود أن نورد الآيات والأحاديث في توبة المبتدع وغيره ممن خرج عن جادة الحق والصراط المستقيم ليتدارك نفسه ويتوب عن أخطائه ويقبل على ربه .
قال الله تعالى )آلر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ألا تعبدوا إلا الله إنني لكم منه نذير وبشير( )وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعاً حسنا إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله وإن تولوا فإني أخاف عليكم عذب يوم كبير (
قال الله تعالى ) قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون ( وقال تعالى )لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رءوف رحيم )وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم ( وقال تعالى عن نوح أنه قال لقومه )استغفروا ربكم إنه كان غفاراً يرسل السماء عليكم مدراراً ( وعن هود )ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدراراً ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين( وعن صالح )فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب(
وكذلك قال شعيب )واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود( وقال موسى )سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين( وقال تعالى لموسى )لا تخف إني لا يخاف لدي المرسلون إلا من ظلم ثم بدل حسناً بعد سوء فإني غفور رحيم( وقال موسى )أتهلكنا بما فعل السفهاء منا إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة إنا هدنا إليك قال عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل ( وقال تعالى )إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ( وقال تعالى )حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير ( وقال تعالى )وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله ( وقال تعالى )وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم )(خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم والله سميع عليم ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وأن الله هو التواب الرحيم وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم والله عليم حكيم ( قال الله تعالى: ] إنما التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ([18]) ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ ([19] ) فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً[ قال الله تعالى: ] وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [ قال الله تعالى: ] يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير ٌ[
عن أبي بردة عن الأغر عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «يا أيها الناس توبوا إلى الله فإني أتوب إليه في اليوم مائة مرة» في صحيح مسلم
و عن الأغر المزني قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة وقال إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة وقال إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها» وعن أنس رضي الله قال قال رسول الله « لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره وقد أضله في أرض فلاة» متفق عليه وفي رواية لمسلم «لله أشد فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها فأتى شجرة فاضطجع في ظلها قد أيس من راحلته فبينما هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح اللهم أنت عبدي وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح» رواه مسلم
قال شيخ الإسلام ابن تيمية "وهذا الحديث متواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم رواه ابن مسعود والبراء بن عازب والنعمان بن بشير وأبو هريرة وأنس بن مالك ففي الصحيحين عن ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم )لله أفرح بتوبة أحدكم من رجل خرج بأرض دوية مهلكة معه راحلته عليها طعامه وشرابه وزاده وما يصلحه فأضلها فخرج في طلبها حتى إذا أدركه الموت ولم يجدها قال أرجع إلى مكاني الذي أضللتها فيه فأموت فيه فأتى مكانه فغلبته عينه فاستيقظ فإذا راحلته عند رأسه عليها طعامه وشرابه وزاده وما يصلحه( وقال« إن العبد إذا أذنب, نكتت في قلبه نكتة سوداء فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه وإن زاد زيد فيها حتى تعلو قلبه فذلكم الران الذي ذكر الله كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون»
وعن ابن عمر قال «إن كنا لنعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد يقول رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الغفور مائة مرة» رواه أحمد والترمذي وقال حديث صحيح"([20]).اهـ وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها " رواه مسلم.
وعن عبد الله بن عمررضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر" رواه الترمذي وصححه الألباني وغيره.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه " رواه مسلم .وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو كان لا بن آدم وادٍ من ذهب أحب أن له وادياً آخر ولن يملأ فاه إلا التراب والله يتوب على من تاب " متفق عليه.
و في صحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول « إن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب إلى الله تاب الله عليه» وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم « يضحك الله سبحانه وتعالى إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر يدخلان الجنة يقاتل هذا في سبيل الله فيقتل ثم يتوب الله على القاتل فيسلم فيستشهد» متفق عليه
` حكم التــــوبة .
التوبة فرض عين على كل مسلم بالكتاب والسنة والإجماع.
أما الكتاب:
قال الله تعالى: ] وتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[ قال الله تعالى: ] يا أيها الذين امنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً [ .
وأما السنة :
عن الأغر بن عبد الله ويقال ابن يسار رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا أيها الناس توبوا إلى ربكم فوا لله إني لأتوب في اليوم مائة مرة "
رواه مسلم وغيره .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه" رواه مسلم .
أما الإجماع
قال القرطبي "واتفقت الأمة على أن التوبة فرض على المؤمنين "([21]) . اهـ وقال ابن قدامة "الإجماع منعقد على وجوب التوبة " ([22]).اهـ قال شيخ الإسلام ابن تيمية " ولا بد لكل عبد من توبة وهي واجبة على الأولين والآخرين "([23]) . اهـ
قال الشوكاني " وقد اتفقت الأمة على أن التوبة فرض على المؤمنين لقوله تعالى
] وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون [([24]). اهـ
`التـوبة واجبة على الفور.
قال الله تعالى: ]وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [ .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية " فإذا أَذنب فالتوبة واجبة على الفور "([25])
قال ابن القيم " إن المبادرة إلى التوبة من الذنب فرض على الفور ولا يجوز تأخيرها "([26]) . اهـ وقال النووي "واتفقوا على أن التوبة من جميع المعاصي واجبة وأنها واجبة على الفور ولا يجوز تأخيرها سواء كانت المعصية صغيرة أو كبيرة " ([27]). اهـ
` شروط التوبة المبتدع.
ولا تكون التوبة صحيحة مقبولة حتى يتحقق فيها شروط تثبت صدق التائب في توبته , ومن هذه الشروط الآتي.
ا- الإخلاص: ]إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فألئك مع المؤمنين وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا ًعظيماً[ .ولحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنما الأعمال بالنيات " متفق عليه
أي أن يكون قصده بالتوبة رضي الله وثواب الآخرة وألا يحمله على التوبة خوف مخلوق أو رجاء مخلوق أو علو مرتبة أو غير ذلك.
2- الندم: لحديث عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الندم توبة "رواه ابن ماجه وصححه الألباني .
3- أن تقع التوبة في الوقت الذي تقبل فيه: قال الله تعالى: ]وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن [ .
4- الإقلاع عن المعصية:قال الله تعالى: ]وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلَمون[ .
5- الإصلاح بعد التوبة : قال الله تعالى: ]وإذا جاءك الذين يؤمنون بئاياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءاً بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم[ .قال الله تعالى: ]فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم [.قال الله تعالى: ] إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم [ .قال الله تعالى: ] ثم تابوا من بعد ذلك وأصلحوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم. [
معنى الإصلاح
يحصل مقصود الإصلاح أن التوبة من الذنوب على وجهين فما كان من ذنب يمكن تلافي التفريط فيه في المستقبل لم تصح حتى يصلح في المستقبل ما أفسد في الماضي ألا تراه عز وجل كيف اشترط إصلاح ما أفسد بكتمان البيان والهدى وببيانه للناس بعد ما كتموا ولو ندموا على الكتمان ولم يصلحوه في المستقبل بالبيان ما نفعتهم التوبة , حتى أصلحوا ما بينهم وبين الله ولم يكتموا الحق ولم يجحدوه وأصلحوا ما كانوا قد أفسدوه من دينهم الإسلام بالبدعة وغيرها من المعاصي بالرجوع إلى السنة والحق المبين . و لا بد بعد التوبة من إصلاح ما أفسده من أحوال نفسه وأحوال غيره مثلاً لو أفسد على غيره دينه بإيراد شبهة عليه يلزمه بعد التوبة إزالة تلك الشبهة،وبعد ذلك لا بد له أن يفعل ضد الكتمان وهو البيان وهو المراد بقوله ]وبينوا [.
قال علي الحسن بن عساكر " وقوله )إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا( أي أظهروا أنهم كانوا على ضلال )وأصلحوا( ما كانوا أفسدوه وغروا به من تبعهم ممن لا علم عنده فـ)إن الله غفور رحيم (اعلم الله أن من سعة رحمته وتفضله أن يغفر لمن اجترأ عليه هذا الإجتراء لأن هذا ممن لا غاية بعده وهو إنه كفر بعد تبين الحق"([28]).اهـ
وقال عبد الرحمن أبو شامة " فأوضح الله سبحانه وتعالى في هذه الآية الكريمة أن من كتم شيئاًًًًً من الحق لم تصح توبته من ذلك إلا بعد الإصلاح والتبيين والله سبحانه قد أكمل لعباده الدين وأتم عليهم النعمة ببعثة رسول الله وما أوحى الله إليه من الشرع الكامل ولم يقبضه إليه إلا بعد الإكمال والتبيين كما قال عز وجل )اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي( الآية ومفتري هذه الوصية قد جاء في القرن الرابع عشر يريد أن يلبس على الناس دينهم ويشرع لهم ديناً جديداً يترتب عليه دخول الجنة لمن أخذ بتشريعه "([29]).اهـ
وقال محمد بن محمود العيني " وقال قتادة وأبو العالية والربيع بن أنس يلعنهم اللاعنون يعني يلعنهم ملائكة الله والمؤمنون ثم استثنى الله تعالى من هؤلاء من تاب إليه بقوله )إلا الذين تابوا( .وفيه دلالة على أن الداعية إلى كفر أو بدعة إذا تاب تاب الله عليه قوله )وبينوا( أي رجعوا عما كانوا فيه )وأصلحوا( أحوالهم وأعمالهم وبينوا للناس ما كانوا كتموه وقد ورد أن الأمم السالفة لم تكن تقبل التوبة من مثل هؤلاء ولكن هذا من شريعة نبي التوبة ونبي الرحمة "([30]).اهـ
6- البيان: قال الله تعالى: ] إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ [ .
] إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [ .
]إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ[ .
معنى البيان
لا يحصل مقصود التوبة من هذا الذنب حتى يبينوا فساد ما كانوا عليه من البدعة إذ التوبة من ذنب بفعل ضده ولهذا شرط الله تعالى في توبة الكاتمين ما أنزل الله من البينات والهدى البيان لأن ذنبهم لما كان بالكتمان كانت توبتهم منه بالبيان ولهذاكان من توبة الداعي إلى البدعة أن يبين أن ما كان يدعو إليه بدعة وضلالة وأن الهدى في ضده كما شرط تعالى في توبة أهل الكتاب الذين كان ذنبهم كتمان ماأنزل الله من البينات والهدى ليضلوا الناس بذلك أن يصلحوا العمل في نفوسهم ويبينوا للناس ماكانوا يكتمونهم إياه . وبعد ذلك لا بد له أن يفعل ضد الكتمان وهو البيان وهو المراد بقوله ]وبينوا [ أي وضحوا للناس ما كتموا من العلم ببيان معانيه لأنه لا يتم البيان إلا ببيان المعنى فدلت الآية على أن التوبة لا تحصل إلا بترك ما لا ينبغي ويفعل كل ما ينبغي وإنما وجب عليهم أن يبينوا توبتهم وصلاحهم ليمحوا عنهم سمة البدعة والمعصية عن أنفسهم .
قال الشاطبي " قال ابن العربي سألت شيخنا الإمام أبا منصور الشيرازي عن قوله تعالى )إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا( ما بينوا قال أظهروا أفعالهم للناس بالصلاح والطاعات. قلت ويلزم ذلك قال نعم لتثبت أمانته وتصح إمامته وتقبل شهادته .قال ابن العربي ويقتدى به غيره فهذه الأمور وما كان مثلها تجري هذا المجرى "([31]).اهـ
وقال الإمام الألوسي " ]إلا الذين تابوا [ أي رجعوا عن الكتمان أو عنه وعن سائر ما يجب أن يتاب عنه بناءاً على أن حذف المعمول يفيد العموم وفيه إشارة إلى أن التوبة عن الكتمان فقط لا يوجب صرف اللعن عنهم ما لم يتوبوا عن الجميع ] وأصلحوا [ما أفسدوا بالتدارك فيما يتعلق بحقوق الحق والخلق ومن ذلك أن يصلحوا قومهم بالإرشاد إلى الإسلام بعد الإضلال وأن يزيلوا الكلام المحرف ويكتبوا مكانه ما كانوا أزالوه عند التحريف ] وبينوا [ أي أظهروا ما بينه الله تعالى للناس معاينة وبهذين الأمرين تتم التوبة.. وفيه أن الصحيح أن إظهار التوبة إنما هو لدفع معصية المتابعة وليس شرطاً في التوبة عن أصل المعصية فهو داخل في قوله تعالى]وأصلحوا [ " ([32]). اهـ
وقال الإمام ابن جرير الطبري وهذه الآية " ] إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا [ وإن كانت نزلت في خاص من الناس فإنها معنيٌ بها كل كاتم علماً فرض الله تعالى بيانه للناس "([33]). اهـ
- ` توبة المبتدعة وأقسامها .
في هذا الباب أود أن أورد كلام العلماء في هذه المسألة والعلماء ذكروا هذه المسألة وقسموا المبتدعة إلى قسمين مبتدعة لا ترجى توبتهم ومبتدعة ترجى توبتهم. وذلك بحسب تمكن البدعة في قلوبهم ونفوسهم فكلما كانت البدعة متمكنة كان المبتدع بعيداً عن التوبة وكلما كانت البدعة غير متمكنة كان المبتدع قريباً إلى التوبة ,ويتوب الله على من يشاء.
` - القسم الأول : من لا ترجى توبتهم .
قال الإمام الشاطبي "والذي يدل على صحة الأول هو النقل المقتضى الحجر للتوبة عن صاحب البدعة على العموم كقوله عليه الصلاة والسلام " يمرقون من الدين ثم لا يعودون حتى يعود السهم على فوقه " - من حديث أبي ذر رضي الله عنه في صحيح مسلم ,وفي البخاري ألفاظ أخر- وقولهم. " إن الله حجر التوبة عن صاحب البدعة " وهو حديث أنس عند الطبراني و البيهقي و الهروي وغيرهم وهو حديث ثابت وصححه الألباني في الصحيحة ولفظه " إن الله احتجز التوبة عن صاحب كل بدعة" وما أشبه ذلك ويشهد له الواقع.فإنه قلما تجد صاحب بدعة ارتضاها لنفسه يخرج عنها أو يتوب منها بل هو يزداد بضلالتها بصيرة "([34]). اهـ.
وقال ابن حجر " يفصل بين الداعية فلا يقبل منه وتقبل توبة غير الداعية " وأفتى بن الصلاح بأن الزنديق إذا تاب تقبل توبته ويعزر فإن عاد بادرناه بضرب عنقه ولم يمهل " واستدل من منع بقوله تعالى )إلا الذين تابوا وأصلحوا( فقال الزنديق لا يطلع على صلاحه لأن الفساد إنما أتى مما أسره فإذا اطلع عليه وأظهر الإقلاع عنه لم يزد على ما كان عليه واستدل لمالك بأن توبة الزنديق لا تعرف قال وإنما لم يقتل النبي صلى الله عليه وسلم المنافقين للتألف ولأنه لو قتلهم لقتلهم بعلمه فلا يؤمن أن يقول قائل إنما قتلهم لمعنى آخر"([35]) .اهـ
وقال أبو عمر الشيباني: " كان يقال يأبى الله لصاحب بدعة بتوبة وما انتقل صاحب بدعة إلا إلى شرمنها "([36]) . اهـ
وقال عبد الله بن شوذب سمعت عبد الله بن القاسم وهو يقول :"ما كان عبدُ على هوى فتركه إلا إلى ما هو شر منه"([37]) . اهـ
وقال الحسن بن أبي الحسن : "أبى الله تبارك وتعالى أن يأذن لصاحب هوى بتوبة " . وقال عطاء الخراساني: " ما يكاد الله أن يأذن لصاحب بدعة بتوبة " ([38]).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية " كان السلف يقولون البدعة أحب إلى إبليس من المعصية لأن المعصية يتاب منها والبدعة لا يتاب منها لهذا أمر النبي بقتال الخوارج المبتدعين مع كثرة صلاتهم وصيامهم "([39]).اهـ
` - القسم الثاني : من يرجى توبتهم .
قال الإمام الشاطبي " ويدل على صحة الثاني أن ما تقدم من النقل لا يدل على أنه لا توبة له أصلاً...والدليل على ذلك أنا وجدنا من كان عاملاً ببدع ثم تاب منها وراجع نفسه بالرجوع عنها "([40]) . اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية " ومن قال إنه لا يقبل توبة مبتدع مطلقاً فقد غلط , غلطاً منكراً "([41]).اهـ
وقال أيضاً " وقد حكي هذا طائفة ([42]) قولاً في مذهب أحمد وظاهر مذهبه مع مذاهب سائر أئمة المسلمين أنه تقبل توبته كما تقبل توبة الداعي إلي الكفر وتوبة من فتن الناس عن دينهم "([43]). اهـ
وقال أيضاً " ولكن التوبة منه ممكنة وواقعة بأن يهديه الله ويرشده حتى يتبين له الحق كما هدى سبحانه وتعالى من هدى من الكفار والمنافقين وطوائف من أهل البدع والضلال وهذا يكون بأن يتبع من الحق ما علمه " ([44]). اهـ
قال ابن حجر " يستفاد من قوله تعالى) إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين( صحة توبة الزنديق وقبولها على ما عليه الجمهور"([45]).اهـ
قال ابن قدمة " وفي الجملة فالخلاف بين الأئمة في قبول توبتهم في الظاهر من أحكام الدنيا من ترك قتلهم وثبوت أحكام الإسلام في حقهم وأما قبول الله تعالى لها في الباطن وغفرانه لمن تاب وأقلع ظاهراً أم باطناً فلا خلاف فيه فإن الله تعالى قال في المنافقين ) إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤت الله المؤمنين أجراً عظيماً("([46]).اهـ
`- حــــــــــكم المسألة.
ومما مرّ في ذكر توبة المبتدعة وأهل الزيغ أن في المسألة قولين:
القول الأول: لا تقبل توبة المبتدع.القول الثاني: يقبل توبة المبتدع .
والآن نذكر هنا القول الراجح في هذه المسالة :
قال أبو العباس " والفقهاء إذا تنازعوا في قبول توبة من تكررت ردته أو قبول توبة الزنديق فذاك إنما هو في الحكم الظاهر لأنه لا يوثق بتوبته. أما إذا قدر أنه أخلص التوبة لله في الباطن فإنه يدخل في قوله ]قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [ "([47]).اهـ
قال ابن قدامة " وفي الجملة فالخلاف بين الأئمة في قبول توبتهم في الظاهر من أحكام الدنيا من ترك قتلهم وثبوت أحكام الإسلام في حقهم وأما قبول الله تعالى في الباطن وغفرانه لمن تاب وأقلع باطناً وظاهراً فلا خلاف فيه فإن الله تعالى قال في المنافقين : ) إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤت الله المؤمنين أجراً عظيماً ("([48]).اهـ
وقال الشوكاني " إن التوبة مقبولة من جميع العباد مسلمهم وكافرهم إذا كانت صادرة عن خلوص نية وعزيمة صحيحة "([49]). اهـ
` القول الراجح .
قي قول توبة المبتدع هو قول الجمهور واستدلوا بالأدلة من الكتاب والسنة .
قال الله تعالى: ] قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ[ .حتى قال الإمام الشوكاني في هذه الآية "واعلم أن هذه الآية أرجي آية في كتاب الله سبحانه " . ثم قال رحمه الله: "وإن التوبة من المشرك يغفر الله له بها ما فعله من الشرك بإجماع المسلمين "([50]).اهـ
قال ابن القيم " فقال الجمهور: التوبة تأتي على كل ذنب فكل ذنب يمكن التوبة منه وتقبل ...واحتج الجمهور بقوله تعالى قل يا عبادي الذين أسرفوا ... فهذه في التائب..واحتجوا بقوله تعالى: ]وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى [ "([51]).اهـ
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ه: " لو أخطأتم حتى تبلغ خطاياكم السماء ثم تبتم لتاب الله عليكم" رواه الترمذي وهو صحيح صححه الألباني. وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :إن الله عز وجل ليقبل توبة العبد ما لم يغرغر" رواه الترمذي وصححه الألباني " .اهـ
`- مراد العلماء بأن البدعة لا يتاب منها.
حديث أنس رضي الله عنه أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله احتجز التوبة عن صاحب كل بدعة" وهو عند الطبراني و البيهقي و الهروي وغيرهم وهو حديث ثابت وصححه الألباني في الصحيحة قال شيخ الإسلام ابن تيمية " ومعنى قولهم إن البدعة لا يتاب منها ،أن المبتدع الذي اتخذ ديناً لم يشرعه الله ولا رسوله قد زين له سوء عمله فرآه حسناً. فهو لا يتوب ما دام يراه حسناً لأن أول التوبة العلم بأن فعله سيئ ليتوب منه....فما دام يرى فعله حسناً وهو سيئ في نفس الأمر فإنه لا يتوب "([52]). اهـ
وقال أيضاً "ومن قال ما أذن الله لصاحب بدعة في توبة فمعناه مادام مبتدعاً يراها حسنة لا يتوب منها"([53]). اهـ
وقد سئل الإمام أحمد بن حنبل عن معنى حديث أنس رضي الله عنه « إن الله احتجز التوبة »فقال . لا يوفق ولا ييسر صاحب بدعة للتوبة ". اهـ
` رد شبهة المغرورين بأقوال أهل العلم الناصحين.
] إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ [ ]إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [ .قبل أن نذكر أقوال العلماء في صفة توبة المبتدع نحب أن نجيب عن شبهة بعض الناس, قد يقول قائل هذه الآية التى تستدلون بها على توبة المبتدع نزلت في أهل الكتاب كما يعلم من السياق , والجواب نقول لك أيها المسكين اعلم أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما هو معلوم في أقوال العلماء وإليك أقوالهم التى تبين أن توبة الكاتمين الحق للعموم .
قال أبو حيان " وقال الجمهور هي عامة في كل من علمه الله علماً . وعلماء هذه الأمة داخلون في هذا الميثاق " ([54]).اهـ
وقال الإمام ابن جرير الطبري " وهذه الآية وإن كانت نزلت في خاص من الناس فإنها معنيُّ بها كل كاتم علماً فرض الله تعالى بيانه للناس"([55]). اهـ
وقال الإمام القرطبي "والعموم أولى على ما بيناه "([56]). اهـ
قال الإمام الألوسي " والأقرب أنها نزلت في اليهود والحكم عام كما تدل عليه الأخبار وكونها نزلت في اليهود لا يقتضي الخصوص فإن العبرة لعموم اللفظ لا لخصوص السبب "([57]). اهـ
وقال أبو حيان محمد بن يوسف " والأولى والأظهر عموم الآية في الكاتمين وفي الناس وفي الكتاب وإن نزلت على سبب خاص فهي تتناول كل من كتم علماً من دين الله يحتاج إلى بثه ونشره وذلك مفسر في قوله عليه الصلاة والسلام " من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار" متفق عليه عن أبي هريرة وقد فهم الصحابة من هذه الآية العموم وهم العرب الفصح المرجوع إليهم في فهم القرآن كما روي عن عثمان وأبي هريرة وغيرهما لولا أية في كتاب الله ما حدثتكم.... وظاهر الآية استحقاق اللعة على من كتم ما أنزل الله وإن لم يسأل عنه بل يجب التعليم والتبيين وإن لم يسألوا ] وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ [ "([58]) . اهـ
وقال الإمام القرطبي ] وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ [ ثم مع ذلك هو عام لهم ولغيرهم ، قال الحسن البصري وقتادة هي في كل من أوتي علم شيء من الكتاب فمن علم شيئاً فليعلمه وإياكم وكتمان العلم فإنه هلكة ، قال محمد بن كعب لا يحل لعالم أن يسكت على علمه ولا للجاهل أن يسكت على جهله ،] وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ [ وقال ] فسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون [ وقال أبو هريرة رضي الله عنه لولا ما أخذ الله على أهل الكتاب ما حدثتكم بشيء ثم تلا هذه الآية ]وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ [" ([59]). اهـ
وقال محمد بن مصلح الدين " وظاهر الآية وإن دل على نزولها في حق اليهود والنصارى الذين كانوا يخفون الحق ليتوسلوا بذلك إلي وجدان شيء من الدنيا إلا أن حكمها يعم من كتم من المسلمين أحكام القرآن الذي هو أشرف الكتب وأهله أشرف أهل الكتب وإليه أشار المصنف بإيراد الحديث والأثر , وكان قتادة يقول :طوبى لعالم ناطق ولمستمع واع هذا علم علماً فبذله هذا سمع خيراً فوعاه"([60]). اهـ
وقال الجصاص " )تكتمونه (عام في الجميع وكذلك ما علم من طرق أخبار الرسول صلى الله عليه وسلم - قد انطوت تحت الآية لأن في الكتاب الدلالة على قبول أخبار الآحاد عنه صلى الله عليه وسلم - فكل ما اقتضى الكتاب إيجاب حكمه من جهة النص أو الدلالة فقد تناولته الآية ولذلك قال أبو هريرة لولا آية في كتاب الله عز وجل ما حدثتكم ثم تلا )إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى( فأخبر أن الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم - من البينات والهدى الذي أنزله الله تعالى وقال شعبة عن قتادة في قوله تعالى )وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب( الآية فهذا ميثاق أخذه الله على أهل العلم فمن علم علماً فليعلمه وإياكم وكتمان العلم فإن كتمانه هلكة ونظيره في بيان العلم وإن لم يكن فيه ذكر الوعيد لكاتمه قوله تعالى )فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون( وقد روى حجاج عن عطاء عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم - قال « من كتم علماً يعلمه جاء يوم القيامة ملجماً بلجام من نار» فإن قيل روي عن ابن عباس أن الآية نزلت في شأن اليهود حين كتموا ما في كتبهم من صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم - قيل له نزول الآية على سبب غير مانع من اعتبار عمومها في سائر ما انتظمته لأن الحكم عندنا للفظ لا للسبب إلا أن تقوم الدلالة عندنا على وجوب الاقتصار به على سببه ويحتج بهذه الآيات في قبول الأخبار المقصرة عن مرتبة إيجاب العلم لمخبرها في أمور الدين وذلك لأن قوله تعالى )إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب( وقوله تعالى )وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب( قد اقتضى النهي عن الكتمان ووقوع البيان بالإظهار فلو لم يلزم السامعين قبوله لما كان المخبر عنه مبيناً لحكم الله تعالى إذ مالا يوجب حكما فغير محكوم له بالبيان فثبت بذلك أن المنهيين عن الكتمان متى أظهروا ما كتموا وأخبروا به لزم العمل بمقتضى خبرهم وموجبه ويدل عليه قوله في سياق الخطاب إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فحكم بوقوع العلم بخبرهم فإن قال قائل لا دلالة فيه على لزوم العمل به وجائز أن يكون كل واحد منهم كان منهياً عن الكتمان ومأموراً بالبيان ليكثر المخبرون ويتواتر الخبر قيل له هذا غلط لأنهم ما نهوا عن الكتمان إلا وهم ممن يجوز عليهم التواطؤ عليه ومن جاز منهم التوطؤ على الكتمان جاز منهم التواطؤ على التقول فلا يكون خبرهم موجباً للعلم فقد دلت الآثار على قبول الخبر المقصر عن المنزلة الموجبة للعلم بمخبره "([61]).اهـ
`صفة صحة توبة المبتدع وعلاماتها.
لا عبرة بمجرد تلفظ المبتدع بالتوبة أن يكون دليلاً على صدق توبته ما لم يأت التائب بعلامات تدل على صدق توبته وهذه العلامات بينها الله في كتابه وبين أهل العلم في ذلك .قال الله تعالى: ] إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ [ ] إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [ ]إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ[ ]أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَآ أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ[ ] ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ [
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار" متفق عليه .
قال ابن القيم " فالتوبة المقبولة الصحيحة لها علامات . منها أن يكون بعد التوبة خيراً مما كان قبلها, ومنها أنه لايزال الخوف مصاحباً له لا يأمن مكر الله طرفة عين فخوفه مستمر إلى أن يسمع قول الرسل لقبض روحه أن لا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون فهناك يزول الخوف , ومنها انخلاع قلبه وتقطعه ندماً وخوفاً وهذا على قدر عظم الجناية وصغرها وهذا تأويل ابن عيينة لقوله تعالى لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم إلا أن تقطع قلوبهم قال تقطعها بالتوبة ولا ريب أن الخوف الشديد من العقوبة العظيمة يوجب انصداع القلب وانخلاعه وهذا هو تقطعه وهذا حقيقة التوبة لأنه يتقطع قلبه حسرة على ما فرط منه وخوفاً من سوء عاقبته فمن لم يتقطع قلبه في الدنيا على ما فرط حسرة وخوفاً تقطع في الآخرة إذا حقت الحقائق وعاين ثواب المطيعين وعقاب العاصين فلا بد من تقطع القلب إما في الدنيا وإما في الآخرة , ومن موجبات التوبة الصحيحة أيضاً كسرة خاصة تحصل للقلب لا يشبهها شيء ولا تكون لغير المذنب لا تحصل بجوع ولا رياضة ولا حب مجرد وإنما هي أمر وراء هذا كله تكسر القلب بين يدي الرب كسرة تامة قد أحاطت به من جميع جهاته وألقته بين يدي ربه طريحاً ذليلاً خاشعاً كحال عبد جان آبق من سيده فأخذ فأحضر بين يديه ولم يجد من ينجيه من سطوته ولم يجد منه بداً ولا عنه غناء ولا منه مهرباً وعلم أن حياته وسعادته وفلاحه ونجاحه في رضاه عنه وقد علم إحاطة سيده بتفاصيل جناياته هذا مع حبه لسيده وشدة حاجته إليه وعلمه بضعفه وعجزه وقوة سيده وذله وعز سيده , فيجتمع من هذه الأحوال كسرة وذلة وخضوع ما أنفعها للعبد وما أجدى عائدتها عليه وما أعظم جبره بها وما أقر به بها من سيده فليس شيء أحب إلى سيده من هذه الكسرة والخضوع والتذلل والإخبات والإنطراح بين يديه والإستسلام له فلله ما أحلى قوله في هذه الحال أسألك بعزك وذلي إلا رحمتني أسألك بقوتك وضعفي وبغناك عني وفقري إليك هذه ناصيتي الكاذبة الخاطئة بين يديك عبيدك سواي كثير وليس لي سيد سواك لا ملجأ ولا منجي منك إلا إليك أسألك مسألة المسكين وأبتهل إليك ابتهال الخاضع الذليل وأدعوك دعاء الخائف الضرير سؤال من خضعت لك رقبته ورغم لك أنفه وفاضت لك عيناه وذل لك قلبه " ([62]).اهـ
وقال صاحب الشرح الكبير " التوبة النصوح تجمع أربعة أشياء : الندم بالقلب والاستغفار باللسان وإضمار ألا يعود وبمجانبة خلطاء السوء.,.... وأما البدعة فالتوبة منها بالاعتراف بها واعتقاد ضد ما كان يعتقد منها ..... ومن علامة توبته أن يجتنب من كان يواليه من أهل البدع ويوالي من كان يعاديه من أهل السنة والصحيح أن التوبة من البدعة كغيرها إلا أن تكون التوبة تفعل بسبب الإكراه كتوبة صبيغ فيعتبر له مدة يظهر أن توبته عن إخلاص لا عن إكراه وللحاكم أن يقول للمتظاهر بالمعصية : تب أقبل شهادتك "([63]).اهـ
وقال صالح بن غانم السد لان " لا يعتبر مجرد التلفظ بالتوبة دليلاً على الصدق فيها ما لم يأت التائب بعلامات تكون ترجمة عملية للتوبة وبما يحقق وجودها الفعلي الذي ترجى معه المغفرة والقبول،فمن قال قد تبت لا يجتزأ بقوله حتى ينضاف إلى ذلك أفعاله المحققة للتوبة "([64]). ا هـ
ومن علامة توبته أن يجتنب من كان يواليه من أهل البدع ويوالي من كان يعاديه من أهل السنة والصحيح أن التوبة من البدعة كغيرها إلا أن تكون التوبة تفعل بسبب الإكراه كتوبة صبيغ فيعتبر له مدة يظهر أن توبته عن إخلاص لا عن إكراه وللحاكم أن يقول للمتظاهر بالمعصية : تب اقبل شهادتك "([65]).اهـ
` أقوال العلماء في صفة توبة المبتدع.
تكون صفة توبته أن يتوب إلى الله وأن يصلح ما أفسد من الحق والكتمان على الناس وإلقاء الشبهات عليهم وأن يبين لهم غاية البيان وإزالة الشبه عليهم .
قال الإمام الطبري " وأصلح حال نفسه بالتقرب إلى الله من صالح الأعمال بما يرضيه عنه ؟ وبين الذي علم وحي الله الذي أنزله إلى أنبيائه وعهد إليهم في كتبه فلم يكتمه وأظهره فلم يخفه . .....وعن قتادة في قوله : ) إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا ( يقول : أصلحوا فيما بينهم وبين الله وبينوا الذي جاءهم من الله فلم يكتموه ولم يجحدوا به أولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم "([66]).اهـ
وقال ابن كثير"وقد جاء في الحديث أن العالم يستغفرله كل شيئ حتى الحيتان وجاء في هذه الاية أن كاتم العلم يلعنه الله والملائكة والناس أجمعون واللاعنون, أيضاً وهم كل فصيح وأعجمي إما بلسان المقال أو الحال أو لو كان له عقل ويوم القيامة والله أعلم ثم استثنى الله تعالى من هؤلاء من تاب إليه فقال : ) إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا ( أي رجعوا عما كانوا فيه وأصلحوا أعمالهم وأحالهم وبينوا للناس ما كانوا يكتمونه ) فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم ( وفي هذا دلالة على أن الداعية إلى كفر أو بدعة إذا تاب إلى الله تاب الله عليه وقد ورد أن الأمم السالفة لم تكن التوبة تقبل من مثل هؤلاء منهم ولكن هذا من شريعة نبي التوبة ونبي الرحمة صلوات الله وسلامه عليه "([67]).اهـ
وقال ابن كثير" أخبر تعالى أن من تاب منهم في الدنيا تاب عليه وقبل ندمه إذا أخلص في توبته وأصلح عمله واعتصم بربه في جميع أمره فقال تعالى : ) إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله ( أي بدلوا الرياء بالإخلاص فينفعهم العمل الصالح وإن قل"([68]).اهـ
وقال ابن كثير قوله تعالى " )ثم تابوا من بعد ذلك وأصلحوا( أي أقلعوا عما كانوا فيه من المعاصي وأقبلوا على فعل الطاعات"([69]).اهـ
وقال الإمام القرطبي قوله تعالى ) إلا الذين تابوا ( استثنى تعالى التائبين الصالحين لأعمالهم وأقوالهم المنيبين لتوبتهم ولا يكفي في التوبة عند علمائنا قول القائل : قد تبت حتى يظهر منه في الثاني خلاف الأول فإن كان مرتداً رجع إلى الإسلام مظهراً شرائعه وإن كان من أهل المعاصي ظهر منه العمل الصالح وجانب أهل الفساد والأحوال التي كان عليها وإن كان من أهل الأوثان جانبهم وخالط أهل الإسلام وهكذا يظهر عكس ما كان عليه وسيأتي بيان التوبة وأحكامها في النساء إن شاء الله تعالى وقال بعض العلماء في قوله : ) وبينوا ( أي بكسر الخمر وإراقتها وقيل : ) وبينوا ( يعني ما في التوارة من نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ووجوب اتباعه والعموم أولى على ما بيناه أي بينوا خلاف ما كانوا عليه والله تعالى أعلم ) فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم ( "([70]).اهـ
وقال الشوكاني"عن قتادة في قوله : ) إلا الذين تابوا وأصلحوا ( قال : أصلحوا ما بينهم وبين الله وبينوا الذي جاءهم من الله ولم يكتموه ولم يجحدوه"([71]).اهـ
وقال أيضاً " ثم استثنى التائبين فقال ) إلا الذين تابوا من بعد ذلك ( أي من بعد الإرتداد ) وأصلحوا ( بالإسلام ما كان قد أفسدوه من دينهم بالردة وفيه دليل على قبول توبة المرتد إذا رجع إلى الإسلام مخلصاً ولا خلاف في ذلك فيما أحفظ"([72]).اهـ وقال البيضاوي" )إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم( ) إلا الذين تابوا ( عن الكتمان وسائر ما يجب أن يتاب عنه ) وأصلحوا ( ما أفسدوا بالتدارك ) وبينوا ( ما بينه الله في كتابهم لتتم توبتهم وقيل ما أحدثوه من التوبة ليمحوا سمة الكفر عن أنفسهم ويقتدي بهم أضرابهم ) فأولئك أتوب عليهم ( بالقبول والمغفرة ) وأنا التواب الرحيم ( المبالغ في قبول التوبة وإفاضة الرحمة "([73]).اهـ
وقال البيضاوي" )إلا الذين تابوا أصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما(
) إلا الذين تابوا ( عن النفاق ) وأصلحوا ( ما أفسدوا من أسرارهم وأحوالهم في حال النفاق "([74]).اهـ
وقال أبو السعود" )وأصلحوا( أي أصلحوا أعمالهم التي من جملتها ما فرط منهم بالتلافي والتدارك ومنه الاستسلام للحد والاستحلال من المقذوف "([75]).اهـ
وقال عبدالله بن أحمدالنسفي " )إلا الذين تابوا( عن الكتمان وترك الإيمان وأصلحوا ما أفسدوا من أحوالهم وتداركوا ما فرط منهم وبينوا وأظهروا ما كتموا "([76]).اهـ وقال الإمام الألوسي " )وأصلحوا (ماأفسدوا من نياتهم وأحوالهم فى حال النفاق وقيل : ثبتوا على التوبة فى المستقبل والأول أولى واعتصموا بالله أى تمسكوا بكتابه أو ثقوا به وأخلصوا دينهم لله لايريدون بطاعتهم إلا وجهه ورضاه سبحانه لارياء الناس ودفع الضرر "([77]).اهـ
وقال عبدالرحمن بن الجوزي " )إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم ( .قال ومعنى أصلحوا أي أظهروا أنهم كانوا على ضلال وأصلحوا ما كانوا أفسدوه وغروا به من تبعهم ممن لا علم له "([78]).اهـ
وقال عبد الرحمن بن مخلوف " وقوله سبحانه )ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة ثم تابوا من بعد ذلك وأصلحوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم( هذه الآية تأنيس لجميع العالم فهي تتناول كل كافر وعاص تاب من سوء حاله قالت فرقة الجهالة هنا العمد والجهالة عندي في هذا الموضع ليست ضد العلم "([79]).اهـ
وقال محمد الطاهر بن عاشور " واعلم أن لام الاستغراق العرفي واسطة بين لام الحقيقة ولام الاستغراق الحقيقي, صلى الله عليه وسلم عليه الصلاة والسلام وإنما عدل إلى التعريف مع أنه كالنكرة مبالغة في تحققه حتى كأنه صار معروفاً لأن المنكر مجهول أو يكون التعريف للعهد أي يلعنهم الذين لعنوهم من الأنبياء الذين أوصوا بإعلان العهد وأن لا يكتموه.,ولما كان في صلة الذين يكتمون إيماء كما قدمناه فكل من يفعل فعلاً من قبيل مضمون الصلة من غير أولئك يكون حقيقاً بما تضمنه اسم الإشارة وخبره فإن من مقاصد القرآن في ذكر القصص الماضية أن يعتبر بها المسلمون في الخير والشر وعن ابن عباس أن كل ما ذم الله أهل الكتاب عليه فالمسلمون محذرون من مثله ولذا قال أبو هريرة لما قال الناس أكثر أبو هريرة من الرواية عن رسول الله فقال : لولا آية في كتاب الله ما حدثتكم حديثاً بعد أن قال الناس أكثر أبو هريرة )إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى ( الآية وساق الحديث ,فالعالم يحرم عليه أن يكتم من علمه ما فيه هدى للناس لأن كتم الهدى إيقاع في الضلالة سواء في ذلك العلم الذي بلغ إليه بطريق الخبر كالقرآن والسنة الصحيحة والعلم الذي يحصل عن نظر كالاجتهادات إذا بلغت مبلغ غلبة الظن بأن فيها خيراً للمسلمين ويحرم عليه بطريق القياس الذي تومئ إليه العلة أن يبث في الناس ما يوقعهم في أوهام بأن يلقنها وهو لا يحسن تنزيلها ولا تأويلها فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " حدثوا الناس بما يفهمون أتحبون أن يكذب الله ورسوله " وكذلك كل ما يعلم أن الناس لا يحسنون وضعه, وفي صحيح البخاري أن الحجاج قال لأنس بن مالك حدثني بأشد عقوبة عاقبها النبي فذكر له أنس حديث «العرنيين الذين قتلوا الراعي واستاقوا الذود فقطع النبي صلى الله عليه وسلم أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم وتركهم في الحرة يستقون فلا يسقون حتى ماتوا »فلما بلغ ذلك الحسن البصري قال وددت أنه لم يحدثه أو يتلقفون من ظاهره ما يوافق هواهم فيجعلونه معذرة لهم فيما يعاملون به الناس من الظلم . قال ابن عرفة في التفسير : لا يحل للعالم أن يذكر للظالم تأويلاً أو رخصة يتمادى منها إلى المفسدة كمن يذكر للظالم ما قال الغزالي في الإحياء من أن بيت المال إذا ضعف واضطر السلطان إلى ما يجهز به جيوش المسلمين لدفع الضرر عنهم فلا بأس أن يوظف على الناس العشر أو غيره لإقامة الجيش وسد الخلة قال ابن عرفة وذكر هذه المظلمة مما يحدث ضرراً فادحاً في الناس.وقد سأل سلطان قرطبة عبد الرحمن بن معاوية الداخل يحيى بن يحيى الليثي عن يوم أفطره في رمضان عامداً غلبته الشهوة على قربان بعض جواريه فيه فأفتاه بأنه يصوم ستين يوماً والفقهاء حاضرون ما اجترأوا على مخالفة يحيى فلما خرجوا سألوه لم خصصته بأحد المخيرات فقال لو فتحنا له هذا الباب لوطئ كل يوم وأعتق أو أطعم فحملته على الأصعب لئلا يعود اه . قلت فهو في كتمه عنه الكفارتين المخير فيهما قد أعمل دليل دفع مفسدة الجرأة على حرمة فريضة الصوم, فالعالم إذا عين بشخصه لأن يبلغ علماً أو يبين شرعاً وجب عليه بيانه مثل الذين بعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لإبلاغ كتبه أو لدعوة قومهم وإن لم يكن معيناً بشخصه فهو لا يخلو إما أن يكون ما يعلمه قد احتاجت الأمة إلى معرفته منه خاصة بحيث يتفرد بعلمه في صقع أو بلد حتى يتعذر على أناس طلب ذلك من غيره أو يتعسر بحيث إن لم يعلمها إياه ضلت مثل التوحيد وأصول الاعتقاد فهذا يجب عليه بيانه وجوباً متعيناً عليه إن انفرد به في عصر أو بلد أو كان هو أتقن للعلم فقد روى الترمذي وابن ماجه عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له " إن الناس لكم تبع وإن رجالاً يأتونكم يتفهمون أو يتعلمون فإذا جاءوكم فاستوصوا بهم خيراً "صلى الله عليه وسلم عليه الصلاة والسلام "([80]).اهـ
وقال أيضاً " وشرط للتوبة أن يصلحوا ما كانوا أفسدوا وهو بإظهار ما كتموه وأن يبينوه للناس فلا يكفي اعترافهم وحدهم أو في خلواتهم فالتوبة هنا الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم فإنه رجوع عن كتمانهم الشهادة له الواردة في كتبهم وإطلاق التوبة على الإيمان بعد الكفر وارد كثيراً لأن الإيمان هو توبة الكافر من كفره وإنما زاد بعده وأصلحوا وبينوا لأن شرط كل توبة أن يتدارك التائب ما يمكن تداركه مما أضاعه بفعله الذي تاب عنه .... وقوله )فأولئك أتوب عليهم ( جملة مستأنفة لغير بيان بل لفائدة جديدة لأنه لما استثنى الذين تابوا فقد تم الكلام وعلم السامع أن من تابوا من الكاتمين لا يلعنهم الله ولا يلعنهم اللاعنون "([81]).اهـ
وقال أيضاً " )الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم (.وإنما صرح في آية البقرة بما قدر نظيره هنا لأن المقام هنالك مقام إطناب لشدة الاهتمام بأمرهم إذ تابوا إلى الإيمان والإصلاح وبيان ما أنزل إليهم من الهدى بعد ما كتموه وكتمه سلفهم "([82]).اهـ
وقال الجصاص " وعلى أن ما ادعيته لا برهان عليه فظواهر الآي مقتضية لقبول ما أمروا به لوقوع بيان حكم الله تعالى به وفي الآية حكم آخر وهو أنها من حيث دلت على لزوم إظهار العلم وترك كتمانه فهي دالة على امتناع جواز أخذ الأجرة عليه إذ غير جائز استحقاق الأجر على ما عليه فعله ألا ترى أنه لا يصح استحقاق الأجر على الإسلام وقد روي أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه سلم«إني أعطيت قومي مائة شاة على أن يسلموا فقال صلى الله عليه سلم . المائة شاة رد عليك »وإن تركوا الإسلام قاتلناهم ويدل على ذلك من جهة أخرى قوله تعالى )إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمناً قليلا ً(وظاهر ذلك يمنع أخذ الأجر على الإظهار والكتمان جميعاً لأن قوله تعالى )ويشترون به ثمناً قليلاً( مانع أخذ البدل عليه من سائر الوجوه إذ كان الثمن في اللغة هو البدل قال عمر بن أبي ربيعة ,
إن كنت حاولت دنياً أو رضيت بها فما أصبت بترك الحج من ثمن
فثبت بذلك بطلان الإجارة على تعليم القرآن وسائر علوم الدين قوله تعالى ) إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا ( يدل على أن التوبة من الكتمان إنما يكون بإظهار البيان وأنه لا يكتفى في صحة التوبة بالندم على الكتمان فيما سلف دون البيان فيما استقبل"([83]).اهـ
وقال عبد الرحمن أبو شامة " فكيف بوصية لا يعرف صاحبها الذي نقلها عن رسول الله ولا تعرف عدالته وأمانته فهي والحالة هذه حقيقة بأن تطرح ولا يلتفت إليها وإن لم يكن فيها شيء يخالف الشرع ,فكيف إذا كانت الوصية مشتملة على أمور كثيرة تدل على بطلانها وأنها مكذوبة على رسول الله ومتضمنة لتشريع دين لم يأذن به الله وقد قال النبي «من قال على ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار »وقد قال مفتري هذه الوصية على رسول الله ما لم يقل وكذب عليه كذباً صريحاً خطيراً فما أحراه بهذا الوعيد العظيم وما أحقه به إن لم يبادر بالتوبة وينشر للناس أنه قد كذب هذه الوصية على رسول الله لأن من نشر باطلاً بين الناس ونسبه الى الدين لم تصح توبته منه إلا بإعلانها وإظهارها حتى يعلم الناس رجوعه عن كذبه وتكذيبه لنفسه لقول الله عز وجل )إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون( ) إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم (.فأوضح الله سبحانه وتعالى في هذه الآية الكريمة أن من كتم شيئاً من الحق لم تصح توبته من ذلك إلا بعد الإصلاح والتبيين والله سبحانه قد أكمل لعباده الدين وأتم عليهم النعمة ببعثة رسول الله وما أوحى الله إليه من الشرع الكامل ولم يقبضه إليه إلا بعد الإكمال والتبيين كما قال عز وجل ) اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ( الآية ومفتري هذه الوصية قد جاء في القرن الرابع عشر يريد أن يلبس على الناس دينهم ويشرع لهم ديناً جديداً يترتب عليه دخول الجنة لمن أخذ بتشريعه "([84]).اهـ
وقال علي الحسن بن عساكر " وقوله )إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا( أي أظهروا أنهم كانوا على ضلال )وأصلحوا( ما كانوا أفسدوه وغروا به من تبعهم ممن لا علم عنده فـ)إن الله غفور رحيم (اعلم الله أن من سعة رحمته وتفضله أن يغفر لمن اجترأ عليه هذا الإجتراء لأن هذا ممن لا غاية بعده وهو إنه كفر بعد تبين الحق"([85]).اهـ
وقال حافظ بن أحمد حكمي " ودعا إليها من كتم ما أنزل الله من البينات والهدى فقال تعالى )إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون( )إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم("([86]).اهـ
وقال محمد بن محمود العيني " وقال قتادة وأبو العالية والربيع بن أنس يلعنهم اللاعنون يعني يلعنهم ملائكة الله والمؤمنون ثم استثنى الله تعالى من هؤلاء من تاب إليه بقوله )إلا الذين تابوا( .وفيه دلالة على أن الداعية إلى كفر أو بدعة إذا تاب تاب الله عليه قوله )وبينوا( أي رجعوا عما كانوا فيه )وأصلحوا( أحوالهم وأعمالهم وبينوا للناس ما كانوا كتموه وقد ورد أن الأمم السالفة لم تكن تقبل التوبة من مثل هؤلاء ولكن هذا من شريعة نبي التوبة ونبي الرحمة "([87]).اهـ
وقال صاحب الشرح الكبير " التوبة النصوح تجمع أربعة أشياء : الندم بالقلب والاستغفار باللسان وإضمار ألا يعود وبمجانبة خلطاء السوء.,.... وأما البدعة فالتوبة منها بالاعتراف بها واعتقاد ضد ما كان يعتقد منها..... وهو القول الآخر يعتبر إصلاح العمل إلا أن يكون ذنبه الشهادة بالزنا فلم يكمل عدد الشهود فإنه يكفي مجرد التوبة من غير إعتبار إصلاح وما عداه فلا تكفي التوبة حتى تمضي عليه سنة تظهر فيها توبته ويبين فيها صلاحه وهذا رواية عن أحمد حكاها أبو الخطاب لأن الله تعالى قال ) إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا ( وهذا نص فإنه نهى عن قبول شهادتهم ثم استثنى التائب المصلح ولأن عمر رضي الله عنه لما ضرب صبيغاً أمر بهجرانه حتى بلغته توبته فأمر أن لا يكلم إلا بعد سنة .ولنا قوله عليه السلام : «التوبة تجب ما قبلها » وقوله : «التائب من الذنب كمن لا ذنب له » ولأن المغفرة تحصل بمجرد التوبة فكذلك الأحكام ولأن التوبة من الشرك بالإسلام ولا يحتاج إلى اعتبار ما بعده فهو أعظم الذنوب فما دونه أولى وأما الآية فيحتمل أن يكون الإصلاح من التوبة وعطفه عليها لاختلاف اللفظين ودليل ذلك قول عمر لأبي بكرة : تب أقبل شهادتك ولم يعتبر أمر آخر ولأن من كان غاصباً فرد ما في يديه أو مانعاً للزكاة فأداها وتاب إلى الله عز وجل قد حصل منه الإصلاح وعلم نزوله عن معصيته نادماً عليه فإنه لو لم ترد التوبة لما أدى ما في يديه ولأن تقديره بسنة تحكم لم يرد به الشرع والتقدير إنما يثبت بالتوقيف وما ورد عن عمر في حق صبيغ إنما كان لأنه تائب من بدعة وكانت توبته بسبب الضرب والهجران فيحتمل أنه أظهر التوبة تستراً بخلاف مسألتنا وقد ذكر القاضي أن التائب من البدعة يعتبر له سنة لحديث صبيغ رواه أحمد في الورع قال : ومن علامة توبته أن يجتنب من كان يواليه من أهل البدع ويوالي من كان يعاديه من أهل السنة والصحيح أن التوبة من البدعة كغيرها إلا أن تكون التوبة تفعل بسبب الإكراه كتوبة صبيغ فيعتبر له مدة يظهر أن توبته عن إخلاص لا عن إكراه وللحاكم أن يقول للمتظاهر بالمعصية : تب أقبل شهادتك "([88]).اهـ
وقال صاحب شرح منتهى الإرادات " والتوبة من البدعة الاعتراف بها والرجوع عنها واعتقاد ضد ما كان يعتقده من مخالفة أهل السنة "([89]).اهـ
وقال الشاطبي " قال ابن العربي سألت شيخنا الإمام أبا منصور الشيرازي عن قوله تعالى )إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا( ما بينوا قال أظهروا أفعالهم للناس بالصلاح والطاعات. قلت ويلزم ذلك قال نعم لتثبت أمانته وتصح إمامته وتقبل شهادته .قال ابن العربي ويقتدى به غيره فهذه الأمور وما كان مثلها تجري هذا المجرى "([90]).اهـ وقال عبد الرحمن بن حسن الجبرتي " وأصلحوا منها ما يمكن اصلاحه وابطلوا ما تقدم وضعه وفسدت لقمه "([91]).اهـ
وقال حافظ ابن حجر" وفيه فضل التحول من الأرض التي يصيب الإنسان فيها المعصية لما يغلب بحكم العادة على مثل ذلك إما لتذكره لأفعاله الصادرة قبل ذلك والفتنة بها وإما لوجود من كان يعينه على ذلك ويحضه عليه ولهذا قال له الأخير ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء ففيه إشارة إلى أن التائب ينبغي له مفارقة الأحوال التي اعتادها في زمن المعصية والتحول منها كلها "([92]).اهـ
وقال الإمام الألوسي " ]إلا الذين تابوا [ أي رجعوا عن الكتمان أو عنه وعن سائر ما يجب أن يتاب عنه بناءاً على أن حذف المعمول يفيد العموم وفيه إشارة إلى أن التوبة عن الكتمان فقط لا يوجب صرف اللعن عنهم ما لم يتوبوا عن الجميع ] وأصلحوا [ما أفسدوا بالتدارك فيما يتعلق بحقوق الحق والخلق ومن ذلك أن يصلحوا قومهم بالإرشاد إلى الإسلام بعد الإضلال وأن يزيلوا الكلام المحرف ويكتبوا مكانه ما كانوا أزالوه عند التحريف ] وبينوا [ أي أظهروا ما بينه الله تعالى للناس معاينة وبهذين الأمرين تتم التوبة.. وفيه أن الصحيح أن إظهار التوبة إنما هو لدفع معصية المتابعة وليس شرطاً في التوبة عن أصل المعصية فهو داخل في قوله تعالى : ]وأصلحوا [ "([93]). اهـ
وقال محمد بن يوسف الشهير بأبي حيان " ] إلا الذين تابوا [ ومعنى تابوا عن الكفر إلى الإسلام أو عن الكتمان إلى الإظهار ] وأصلحوا [ ما أفسدوا من قلوبهم بمخالطة الكفر لها أو ما أفسدوا من أحوالهم مع الله أو أصلحوا قومهم بالإرشاد إلى الإسلام بعد الإضلال ] وبينوا [أي الحق الذي كتموه أو صدق توبتهم...ومنها أن التوبة المعتبرة شرعاً أن يظهر التائب خلاف ما كان عليه في الأول فإن كان مرتداً فبالرجوع إلى الإسلام وإظهار شرائعه أو عاصياً إلى العمل الصالح ومجانية أهل الفساد وأما التوبة باللسان فقط أو عن ذنب واحد فليس ذلك بتوبة "([94]). اهـ
قال محمد بن مصلح الدين القوجوي " ]وأصلحوا [ ما أفسدوا يعني أنه لا بد بعد التوبة من إصلاح ما أفسده من أحوال نفسه وأحوال غيره مثلاً لو أفسد على غيره دينه بإيراد شبهة عليه يلزمه بعد التوبة إزالة تلك الشبهة،وبعد ذلك لا بد له أن يفعل ضد الكتمان وهو البيان وهو المراد بقوله ]وبينوا [ فدلت الآية على أن التوبة لا تحصل إلا بترك ما لا ينبغي ويفعل كل ما ينبغي.. وإنما وجب عليهم أن يبينوا توبتهم وصلاحهم ليمحو سمة الكفر والمعصية عن أنفسهم "([95]). اهـ.
وقال محمد بن صالح العثيمين " ] وأصلحوا [أي أصلحوا عملهم ]وبينوا [ أي وضحوا للناس ما كتموا من العلم ببيان معانيه لأنه لا يتم البيان إلا ببيان المعنى ومن فوائد الآية أن توبة الكاتمين للعلم لا تكون إلا بالبيان والإصلاح لقوله تعالى ]إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا [. ثلاثة شروط :
الأول: التوبة وهي الرجوع عما حصل من الكتمان.الثاني: الإصلاح لما فسد بكتمانهم لأن كتمانهم الحق حصل به فساد. الثالث: بيان الحق غاية البيان.وبهذا تبدل سيئاتهم حسنات ومن فوائد الآية عظم الكتمان لأن الله ذكر لنجاتهم من هذه اللغنة ثلاثة شروط.التوبة والإصلاح والبيان لأن كتمهم لما أنزل الله يتضمن إفساداً في الأرض حتى يصلحوا ما فسد بسبب كتمانهم.وحتى يصلحوا ما أفسدوا من الآثار التي ترتبت على كتمانهم الحق وإلا لم تصح التوبة "([96]). اهـ.
وقال محمد بن علي الكرجي القصاب " ] إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا [دليل على أن التوبة من الذنوب على وجهين فما كان من ذنب يمكن تلافي التفريط فيه في المستقبل لم تصح حتى يصلح في المستقبل ما أفسد في الماضي ألا تراه عز وجل كيف اشترط إصلاح ما أفسد بكتمان البيان والهدى وببيانه للناس بعد ما كتموا وقال ] فأولئك أتوب عليهم[ ولو ندموا على الكتمان ولم يصلحوه في المستقبل بالبيان ما نفعتهم التوبة "([97]). ا هـ
وقال محمد الطاهر بن عاشور " ] إلا الذين تابوا [وشرط للتوبة أن يصلحوا ما كانوا أفسدوا وهو بإظهار ما كتموه وأن يبينوه للناس فلا يكفي اعترافهم وحدهم أو في خلواتهم... لأن شرط كل توبة أن بتدارك التائب ما يمكن تداركه مما أضاعه بفعله الذي تاب عنه "([98]). ا هـ
وقال الإمام ابن جرير الطبري " ] إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا [وهذه الآية وإن كانت نزلت في خاص من الناس فإنها معنيٌ بها كل كاتم علماً فرض الله تعالى بيانه للناس "([99]). اهـ.
وقال أبو العباس " فالداعي إلى الكفر والبدعة وإن كان أضل غيره فذلك الغير يعاقب على ذنبه لكونه قبل من هذا واتبعه وهذا عليه وزره ووزر من اتبعه إلى يوم القيامة مع بقاء أوزار أولئك عليهم،فإذا تاب من ذنبه لم يبق عليه وزره ولا ما حمله هو لأجل إضلالهم وأما هم فسواء تاب أو لم يتب حالهم واحد ولكن توبته قبل هذا تحتاج إلى ضد ما كان عليه من الدعاء إلى الهدى كما تاب كثير من الكفار وأهل البدع وصاروا دعاة إلى الإسلام والسنة وسحرة فرعون كانوا أئمة في الكفر ثم أسلموا وختم الله لهم بخير"([100]). اهـ
وقال صالح بن غانم السد لان "وتوبة المبتدع تكون بأن يعلم أن ما هو عليه بدعة فيعترف بها ويرجع عنها ويعتقد ضد ما كان يعتقد منها أما إذا زين له سوء عمله فرآه حسناً فلا توبة له ما دام يرى ذلك حسناً " ([101]).اهـ
وقال ابن القيم "وليس مقصودنا الكلام في أحكام هؤلاء و إنما المقصود تحقيق التوبة من هذه الأجناس العشرة ، فالتوبة من هذا الفسق بإثبات ما أثبته الله لنفسه ورسوله من غير تشبيه ولا تمثيل وتنزيهه عما نزه نفسه عنه ونزهه عنه رسوله من غيرتحريف ولا تعطيل ...وتوبة هؤلاء الفساق من جهة الاعتقادات الفاسدة بمحض اتباع السنة ،ولا يكتفي منهم بذلك أيضاً حتى يبينوا فساد ما كانوا عليه من البدعة إذ التوبة من ذنب بفعل ضده ولهذا شرط الله تعالى في توبة الكاتمين ما أنزل الله من البنيات والهدى ،البيان لأن ذنبهم لما كان بالكتمان كانت توبتهم منه بالبيان قال تعالى ] إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ [ ]إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [ .وذنب المبتدع فوق ذنب الكاتم لأن ذلك كتم الحق وهذا كتمه ودعا إلى خلافه فكل مبتدع كاتم ولا عكس والشروط في توبة المنافق الإخلاص لأن ذنبه الرياء ، قال تعالى ] إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار _ ثم قال _) إلاالذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فألئك مع المؤمنين وسوف يؤت الله المؤمنين أجراً عظيماً [ لذلك كان الصحيح من القولين . توبة القاذف إكذابه نفسه لأن ضد الذنب الذي ارتكبه وهتك به عرض المسلم المحصن فلا تحصل التوبة منه إلا بإكذاب نفسه لتنتفي عن المقذوف العار الذي ألحقه به بالقذف وهو مقصود التوبة،و أما من قال إن توبته أن يقول استغفر الله من القذف ويعترف بتحريمه به فقول ضعيف لأن هذا لا مصلحة فيه للمقذوف ولا يحصل له به براءة عرضه مما قذفه به فلا يحصل به مقصود التوبة من هذا الذنب فإن فيه حقين. حقاً لله وهو تحريم القذف فتوبته منه باستغفاره واعترافه بتحريم القذف وندمه عليه وعزمه على أن لا يعود وحقاً للعبد وهو إلحاق العار به فتوبته منه بتكذيبه نفسه فالتوبة من هذا الذنب بمجموع الأمرين، _ إلى أن قال عند هذه الآية _] ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً [ فذنوب أهل البدع كلها داخلة تحت هذا الجنس فلا تحقق التوبة منه إلا بالتوبة من البدع وأنى بالتوبة منها لمن لم يعلم أنها بدعة أو يظنها سنة فهو يدعوا إليها ويحض عليها فلا تنكشف لهذا ذنوبه التي تجب عليه التوبة منها إلا بتضلعه من السنة وكثرة إطلاعه عليها ودوام البحث عنها والتفتيش عليها. ولا ترى صاحب بدعة كذلك أبداً "([102]). اهـ
وقال ابن القيم " لهذاكان من توبة الداعي إلى البدعة أن يبين أن ما كان يدعو إليه بدعة وضلالة وأن الهدى في ضده كما شرط تعالى في توبة أهل الكتاب الذين كان ذنبهم كتمان ماأنزل الله من البينات والهدى ليضلوا الناس بذلك أن يصلحوا العمل في نفوسهم ويبينوا للناس ماكانوا يكتمونهم إياه فقال] إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ[ ] إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [ .وهذا كما شرط في توبة المنافقين الذين كان ذنبهم إفساد قلوب ضعفاء المؤمنين وتحيزهم واعتصامهم باليهود والمشركين أعداء الرسول وإظهارهم الإسلام رياء وسمعة أن يصلحوا بدل إفساد وأن يعتصموا بالله بدل إعتصامهم بالكفار من أهل الكتاب والمشركين وأن يخلصوا دينهم لله بدل إظهارهم رياء وسمعة فهكذا تفهم شرائط التوبة وحقيقتها والله المستعان"([103]) .اهـ
وقال زيد بن محمد المدخلي " بجانب حرص سلفنا الصالح وعلمائنا الأوائل على جمع العلم والعمل به ونشره فإنهم يخافون أشد الخوف ويتحرجون أعظم التحرج من كتمان العلم ذلك لأن الله تبارك وتعالى توعد من كتم علماً شرعياً يحتاج إليه العباد حيث قال سبحانه] إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ[ ] إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [ .ففي هاتين الآيتين تحذير بليغ ووعيد شديد لمن يكتم العلم والناس يسألونه بلسان الحال أو بلسان المقال في أي زمان وأي مكان وعلى أي حال وكان أبي هريرة رضي الله عنه يقول لولا آيتان في كتاب الله ما حدثت يعني الآيتين السالفة الذكر في سورة البقرة ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم الوعيد الشديد لمن يكتم العلم الذي أكرمه الله به وأنعم به عليه حيث قال " من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله بلجام من النار يوم القيامة "([104]).اهـ
وقال النووي " قوله «انطلق إلى أرض كذا وكذا فإن فيها أناس يعبدون الله فاعبد الله معهم » .قال العلماء في هذا استحباب مفارقة التائب المواضع التي أصاب بها الذنوب والأخدان المساعدين له على ذلك ومقاطعتهم ما داموا على حالهم وأن يستبدل بهم صحبة أهل الخير والصلاح والعلماء والمتعبدين الورعين ومن يقتدى بهم وينتفع بصحبتهم وتتأكد بذلك توبته"([105]).اهـ
وقال محمد بن علان الشافعي " «ولا ترجع إلى أرضك» أي التى كنت بها زمن العصيان «فإنها أرض سوء».وفيه التنبيه على وجه استبدال تلك الأرض بأرضه, وفيه الإنقطاع عن إخوان السوء ومقاطعتهم ماداموا على حالهم واستبدال صحبة أهل الخير والعلم والصلاح والعبادة والورع ومن يقتدى به وينتفع بصحبته لتتأكد بذلك توبته وتقوى أوبته فإن كل قرين يقتدى بقرينه"([106]) .اهـ
I- انتظار صحة التوبة المبتدع وغيره بعد الرجوع بمدة.
لا يعتبر مجرد التلفظ بالتوبة دليلاً على صحتها ما لم يأت التائب بعلامات تكون ترجمة عملية للتوبة وبما يحقق وجودها الفعلي الذي ترجى منه المغفرة والقبول،فمن قال قد تبت لا يجتزأ بقوله حتى ينضاف إلى ذلك أفعاله المحققة للتوبة, ودليلها من الكتاب والسنة وأقوال العلماء الأمة .
قال تعالى )وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم والله عليم حكيم(
وقال تعالى)وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم(
قال ابن جرير"عني بهؤلاء الآخرين نفر ممن كان تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فندموا على ما فعلوا ولم يعتذروا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عند مقدمه ولم يوثقوا أنفسهم بالسواري فأرجأ الله أمرهم إلى أن صحت توبتهم فتاب عليهم وعفا عنهم .وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.... هم الثلاثة الذين خلفوا عن التوبة.....عن قتادة) وآخرون مرجون لأمر الله( قال) هم الثلاثة الذين خلفوا(عن ابن إسحق : )وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم (وهم الثلاثة الذين خلفوا وأرجأ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم حتى أتتهم توبتهم من الله([107]).اهـ
وقال الإمام البغوي"وقفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسين ليلة ونهى الناس عن مكالمتهم ومخالطتهم حتى شقهم القلق وضاقت عليهم الأرض بما رحبت وكانوا من أهل بدر فجعل أناس يقولون : هلكوا وآخرون يقولون : عسى الله أن يغفر لهم فصاروا مرجئين لأمر الله لا يدرون أيعذبهم أم يرحمهم حتى نزلت توبتهم بعد خمسين ليلة"([108]).اهـ
وقال ابن عساكر )وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم ( كان ممن خلف عن التوبة وأرجى كعب بن مالك ومرارة بن الربيع وهلال بن أمية فأرجوا أربعين يوماً فخرجوا وضربوا فساطيطهم واعتزلهم نساؤهم ولم ينزلوهم المسلمين ولم يتبروا منهم فنزل فيهم "([109]) اهـ
وقال عبدالملك بن هشام )وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم( وهم الثلاثة الذين خلفوا وأرجأ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم حتى أتت من الله توبتهم"([110]).اهـ
وعن كعب بن مالك رضي الله عنه قلت يارسول الله صلى الله عليه سلم « إني والله لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أني سأخرج من سخطه بعذر , لقد أعطيت جدلاً ,ولكن والله لقد علمت لئن حدثتك اليوم كذب ترضى به عني ليوشكن الله يسخطك عليَ وإن حدثتك صدق تجد عليَ فيه , إني لأرجو فيه عقبى الله عزوجل , والله ماكان لي من عذر,والله ماكنت قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنك قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم « أما هذا فقد صدق فقم حتى يقضي الله فيك » متفق عليه
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية " أنه هجر كعب بن مالك وصاحبيه رضى الله عنهم لما تخلفوا عن غزوة تبوك وظهرت معصيتهم وخيف عليهم النفاق فهجرهم وأمر المسلمين بهجرهم حتى أمرهم باعتزال أزواجهم من غير طلاق خمسين ليلة إلى أن نزلت توبتهم من السماء"([111]).اهـ
وقال محمد بن محمود بن أحمد العيني " وفيه – من الفوائد- عظم أمر المعصية وعن الحسن البصري أنه قال يا سبحان الله ما أكل هؤلاء الثلاثة مالاً حراماً ولا سفكوا دماً حراماً ولا أفسدوا في الأرض وأصابهم ما سمعتم وضاقت عليهم الأرض بما رحبت فكيف بمن يواقع الفواحش والكبائر رواه ابن أبي حاتم وفيه أن القوي يؤاخذ أشد مما يؤاخذ الضعيف في الدين وفيه جواز إخبار المرء عن تقصيره وتفريطه وفيه جواز مدح الرجل بما فيه من الخير إذا أمن الفتنة وتسلية نفسه عما لم يحصل له بما وقع لنظيره "([112]).اهـ
وقال ابن كثير " ولما ذكر تعالى ما فرج به عن هؤلاء الثلاثة من الضيق والكرب من هجر المسلمين إياهم نحوا من خمسين ليلة بأيامها وضاقت عليهم أنفسهم وضاقت عليهم الأرض بما رحبت أي مع سعتها فسدت عليهم المسالك والمذاهب فلا يهتدون ما يصنعون فصبروا لأمر الله واستكانوا لأمر الله وثبتوا حتى فرج الله عنهم بسبب صدقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في تخلفهم وأنه كان عن غير عذر فعوقبوا على ذلك هذه المدة ثم تاب الله عليهم فكان عاقبة صدقهم خيراً لهم وتوبة عليهم"([113]).اهـ
وقال ابن مفلح " قال المر وذي : وإذا تاب المبتدع يؤجل سنة حتى تصح توبته . واحتج بحديث إبراهيم التيمي أن القوم تاركوه في صبيغ بعد سنة فقال جالسوه وكونوا منه على حذر"([114]). اهـ
وقال القاضي أبو الحسين " بعد أن ذكر هذه الرواية وغيرها " فظاهر هذه الألفاظ قبول توبته منها بعد الاعتراف والمجانبة لمن كان يقارنه ومضى سنة "([115]). اهـ.
وقال ابن قدمة " فلا تكفي التوبة حتى تمضي عليه سنة تظهر فيها توبة , ويتبين فيها صلاحه , وذكر أبو الخطاب هذا رواية لأحمد لأن الله تعالى قال ) إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا ( وهذا نص فإنه نهى عن قبول شهادتهم ثم استثنى التائب المصلح, ولأن عمر رضي الله عنه لما ضرب صبيغاً أمر بهجرانه حتى بلغه توبته فأمر , أن لا يكلم إلا بعد سنة.... وقد ذكر القاضي أن التائب من البدعة يعتبر له مضي سنة لحديث صبيغ رواه أحمد في الورع"([116]) .اهـ
وقال ابن قدامة " ويحتمل أن يعتبر مضي مدة تعلم توبته فيها لأن الله تعالى قال ) إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم ( وقال) فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما ("([117]).اهـ
وقال أبو العباس " قال تعالى ]واني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى وقال إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنة وقال إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وقال في القذف )إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فان الله غفور رحيم( وقال في السارق )فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فان الله يتوب عليه( وقال )واللذان يأتيانها منكم فآذوهما فان تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما[ ولهذا شرط الفقهاء في أحد قوليهم في قبول شهادة القاذف أن يصلح وقدروا ذلك بسنة كما فعل عمر بصبيغ بن عسل لما أجله سنة وبذلك أخذ أحمد في توبة الداعي إلى البدعة أنه يؤجل سنة كما أجل عمر صبيغ بن عسل"([118]).اهـ
وقال أيضاً " أمر عمر رضي الله عنه المسلمين بهجر صبيغ بن عسل التميمى لما رآه من الذين يتبعون ما تشابه من الكتاب إلى أن مضى عليه حول وتبين صدقه فى التوبة فأمر المسلمين بمراجعته "([119]) .اهـ
وقال أيضاً " لابد من إصلاح العمل مع التوبة و على هذا فقد قيل : يعتبر مضي مدة يعتبر بها صدق توبته و صلاح نيته و ليست مقدرة بمدة معلومة لأن التوقيت يفتقر إلى توقيف و يتحرج أن يعتبر مضي سنة كما نص عليه الإمام أحمد في توبة الداعي إلى البدعة أنه يتعين فيه مضي سنة اتباعاً لما أمر به عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قضية صبيغ بن عسل فإنه تاب عنده ثم نفاه إلى البصرة و أمر المسلمين بهجره فلما حال الحول و لم يظهر منه إلا خير أمر المسلمين بكلامه و هذه قضية مشهورة بين الصحابة و هذه طريقة أكثر أصحابنا " ([120]).اهـ
وقال أيضاً " فإن النفي إما مؤقت كنفي الزاني البكر عند جمهور العلماء سنة فهذا يعاد بعد السنة وإما نفي مطلق كنفي المخنث فهذا ينفي إلى أن يتوب وكذلك نفى عمر في تعزير الخمر , وحينئذ فلا يمكن أن يقال إن ذنب الحكم الذي نفى من أجله لم يتب منه في مدة بضع عشرة سنة وإذا تاب من ذنبه مع طول هذه المدة جاز أن يعاد وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بهجر الثلاثة الذين خلفوا خمسين ليلة ثم تاب الله عليهم وكلمهم المسلمون , وعمر رضي الله عنه نفى صبيغ بن عسل التميمي لما أظهر اتباع المتشابه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وضربه وأمر المسلمين بهجرة سنة بعد أن أظهر التوبة فلما تاب أمر المسلمين بكلامه ,وبهذا أخذ أحمد وغيره في أن الداعي إلى البدعة إذا تاب يؤجل سنة كما أجل عمر صبيغاً وكذلك الفاسق إذا تاب واعتبر مع التوبة صلاح العمل كما يقول الشافعي وأحمد في إحدى الروايتين"([121]).اهـ
*- لاتقبل توبة المتلاعب بالتوبة
قال مقبل بن هادي الوادعي " لاتقبل توبة المتلاعب بالتوبة
قال أحمد حدثنا أبو كامل عن حماد حدثنا أبو قزعة عن حكيم بن معاوية عن أبيه قال
قال النبي صلى الله عليه وسلم إن الله تبارك وتعالى لا يقبل توبة عبد كفر بعد إسلامه([122])
-Ïلاتغتر بظاهر رجوع أهل البدع
قال أبو نصر محمد بن عبدالله الإمام " إن أهل البدع إذا رأوا نفرة الناس عنهم وشعروا بسقوط مكانتهم أو لحقتهم المؤاذاة لهم بالسجن أوبالطرد وما أشبه ذلك تظاهر بعضهم بالرجوع عن بدعته وهم غير صادقين , وعلى سبيل المثال غيلان الدمشقي أظهر الرجوع عن بدعة القدر عند الخليفة عمر بن عبدالعزيز ثم بعد ذلك عاد يدعو إليها حتى قتل في عهد هشام بن عبد الملك .وهذا أيوب السختياني قال كان رجل يرى رأياً فرجع فأتيت محمداً فرحاً بذلك أخبره فقلت : أشعرت أن فلاناً ترك رأيه الذي كان يرى ؟ فقال : انظر إلى ما يتحول ؟ إن آخر الحديث أشد عليهم من الأول وأوله :
« يمرقون من الدين » وآخره ,ثم لا يعودون ".([123]) فأهل البدع محتالون مخادعون ماكرون , فإذا قام أحدهم يتوب فالمطلوب اعتبار الضوابط المعتبرة عند أهل العلم المتعلقة بتوبته , فكم من تائب ظهر منه حسن التوبة والرجوع إلى الحق فرفعه الله, وقبله أهل السنة ودافعوا عنه , وعلى سبيل المثال: رجوع أبي الحسن الأشعري فقد صدق في رجوعه بدليل إعلانه التوبة, وتأليفه في نقض ماكان عليه نصرة للحق , وتركاً لبدعته كما هو معلوم ".([124])
قال الإمام أبي سعيد عثمان بن سعيد " ولو لم يذع هذا المعارض هذا الكلام ولم ينشره في الناس لم نتعرض لمناقضته وإدخال عليه مع أنا لم نقصد بالنقض إليه ولكن إلى ضعفاء من بين ظهريه الذين لا علم لهم بهذا المذهب سمعوا به منه ولم يسمعوا ضد كلامه من كلام أهل السنة واحتجاجهم فيضلون به إذ لا يهتدون بضده وما ينقضه عليه فلو أنه ألف لهم كتباً في معالم دينهم من نحو الوضوء والصلاة والزكاة ونحوها كان أولى به وأسلم لدينه وأنفع لمن حواليه من المسلمين , غير أني أظنه اصطمر هذا الرأي قديماً وكان يجيش في صدره لا يمكنه كظمه حتى هم بإظهاره فيما بلغني مرة فأنكرها عليه علماؤها وفقهاؤها واستتابوه فتاب وعاهدهم أن لا يعود في شيء منه ثم عيل صبره بعد وفاة هؤلاء العلماء حتى عرف بماصدره فافتضح وفضح أئمته وضل وأضل وجهل فلم يعقل وهو في ذلك معجب بالإصابة غافل عما عليه في ذلك من الإثم والعار والنقص من كتاب الله وآثار رسول الله ومذاهب الصالحين "([125]).اهـ
- 'أمثلة واقعية فيمن وقع ببدعة ثم تراجع عنها .
وهذا الذي سأذكره هنا عن بعض من رجع عن مخالفاته وغلطه . , وممن رجع عن بدعته , وتاب منها قليل من كثيريوجد في تراجم أعلام الإسلام ,وفيها ممن انتحل قولاًً مبتدعاً , أو عمل بما فيه ابتداع وأن من تاب من اعتقاد فاسد أوعمل بدعي لابد من علامات تصح عنها توبة رجوعه .بأن يتوب منها ويرجع إلى اعتقاد ما عليه أهل الحق وترك القبول أهل الباطل .
مهما كانت بدعته وانحرافاته وضلالاته ومخالفاته .,
والآن مع الأمثلة ,,,,,,,,,,,,,
1- رجوع طائفة من الخوارج بعد مناظرة ابن عباس.
"فرجع منهم عشرون ألفاً وبقي أربعة ألاف فقتلوا "([126]).اهـ
2- رجوع الأوزاعي عن تبديع أبي حنيفة .
قال عبد الله بن المبارك يقول قدمت الشام على الأوزاعي فرأيته ببيروت فقال لي يا خراساني من هذا المبتدع الذي خرج بالكوفة يكنى أبا حنيفة فرجعت إلى بيتي فأقبلت على كتب أبي حنيفة فأخرجت منها مسائل من جياد المسائل وبقيت في ذلك ثلاثة أيام فجئت يوم الثالث وهو مؤذن مسجدهم وإمامهم والكتاب في يدي فقال أي شيء هذا الكتاب فناولته فنظر في مسألة منها وقعت عليها قال النعمان فما زال قائماً بعد ما أذن حتى قرأ صدراً من الكتاب ثم وضع الكتاب في كمه ثم أقام وصلى ثم أخرج الكتاب حتى أتى عليها فقال لي يا خراساني من النعمان بن ثابت هذا قلت شيخ لقيته بالعراق فقال هذا نبيل من المشايخ اذهب فاستكثر منه قلت هذا أبو حنيفة الذي نهيت عنه ..- ثم قال - واستغفر الله تعالى لقد كنت في غلط ظاهر"([127]).اهـ
3- رجوع مالك عن حكم المعانقة بأنها بدعة .
" قدم سفيان بن عيينة من سفر فدخل على مالك فصافحه مالك وقال لولا أن المعانقة بدعة لعانقتك قال سفيان قد عانق من هو خير مني ومنك عانق رسول الله ... فسكت مالك قال القاضي عياض وسكوته دليل على ظهور قول سفيان وتصويبه"([128]).اهـ
4- رجوع عبيدالله بن الحسن عن مسألة غلط فيها وبين له الصواب.
" قال عبدالرحمن بن مهدي يقول كنا في جنازة فيها عبيد الله بن الحسن العنبري وهو يومئذ قاضي البصرة وموضعه في قومه وقدره عند الناس فتكلم في شيء فأخطأ فقلت وأنا يومئذ حدث ليس هكذا يا أبي عليك بالأثر فتزايد على الناس فقال عبيد الله دعوه وكيف هو فأخبرته فقال صدقت يا غلام إذاً أرجع وأنا صاغر إذاً أرجع وأنا صاغر لأن أكون ذنباً في الحق أحب إلي من أن أكون رأساً في الباطل"([129]).اهـ
5- رجوع أبي الفضل الجوهري عن قوله أن النبي صلى الله عليه وسلم .
طلق وظاهر وآلى.حين بين له الحق والصواب.
" وأنه ما ظاهر نساءه ولم يكن ولا يصح أن يكون لأن الظهار منكر من القول وزور ولا يقع عن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فقال وأنا تائب من قولي بالأمس راجع عنه إلى الحق فمن سمعه مني ممن حضر فلا يعود إليه ومن غاب فليبلغه من حضر "([130]).اهـ
6- رجوع رجل من أهل البلخ عن بدعته لما تبين له الحق من قبل الشافعي.
" قال الربيع بن سليمان قال سأل رجل من أهل بلخ الشافعي عن الايمان فقال للرجل فما تقول أنت فيه قال أقول إن الإيمان قول قال ومن أين قلت قال من قول الله تعالى ) إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات ( فصار الواو فصلاً بين الإيمان والعمل فالإيمان قول والأعمال شرائعه فقال الشافعي وعندك الواو فصل قال نعم قال فإذاً كنت تعبد إلهين إلهاً في المشرق وإلهاً في المغرب لأن الله تعالى يقول رب المشرقين ورب المغربين فغضب الرجل وقال سبحان الله أجعلتني وثنياً فقال الشافعي بل أنت جعلت نفسك كذلك قال كيف قال بزعمك أن الواو فصل فقال الرجل فإني استغفر الله مما قلت بل لا أعبد إلا رباً واحداً ولا أقول بعد اليوم إن الواو فصل بل أقول إن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص "([131]).اهـ
7- رجوع أبي الحسن الأشعري عن أهل البدع إلى مذهب السلف.
" ثم غاب عن الناس في بيته خمسة عشر يوماً فبعد ذلك خرج إلى الجامع فصعد المنبر وقال معاشر الناس إني إنما تغيبت عنكم في هذه المدة لأني نظرت فتكافأت عندي الأدلة ولم يترجح عندي حق على باطل ولا باطل على حق فاستهديت الله تبارك وتعالى فهداني إلى إعتقاد ما أودعته في كتبي هذه وانخلعت من جميع ما كنت أعتقده كما انخلعت من ثوبي هذا وانخلع من ثوب كان عليه ورمى به" فتاب إلى الله ودفع الكتب التي ألفها على مذاهب أهل السنة إلى الناس "([132]).اهـ
8- رجوع أبي محمد عبدالله بن فروخ الفارسي عن رأي الخوارج.
" قال القاضي عياض كان ابن فروخ يرى الخروج على أئمة الجور إذا اجتمع ممن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكرعدة أهل بدر فلما خرج إلى مصر وشيعه الناس التفت إلى من شيعه فقال اشهدوا أني رجعت عما كنت أقول به من الخروج على أئمة الجور, وتائب إلى الله منه "([133]).اهـ
9- رجوع الخليفة الرشيد عن موافقة من سب الصحابة ونصرة قولهم .
قال عمر بن حبيب " حضرت مجلس هارون الرشيد فجرت مسألة تنازعها الحضور وعلنت أصواتهم فاحتج بعضهم بحديث يرويه أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفع بعضهم الحديث وزادت المدافعة والخصام حتى قال قائلون منهم : لا يحل هذا الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن أبا هريرة منهم فيما يرويه وصرحوا بتكذيبه ورأيت الرشيد قد نحا نحوهم ونصر قولهم فقلت أنا : الحديث صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو هريرة صحيح النقل صدوق فيما يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم وغيره فنظر إلي الرشيد نظر مغضب وقمت من المجلس فانصرفت إلى منزلي فلم ألبث حتى قيل : صاحب البريد بالباب فدخل فقال لي أجب أمير المؤمنين إجابة مقتول وتحنط وتكفن ! فقلت : اللهم إنك تعلم أني دفعت عن صاحب نبيك وأجللت نبيك أن يطعن على أصحابه فسلمني منه فأدخلت على الرشيد وهو جالس على كرسي من ذهب حاسر عن ذراعيه بيده السيف وبين يديه النطع فلما بصر بي قال لي : يا عمر بن حبيب ما تلقاني أحد من الرد والدفع لقولي بمثل ما تلقيتني به ! فقلت : يا أمير المؤمنين إن الذي قلته وجادلت عنه فيه أزدراء على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى ما جاء به إذا كان أصحابه كذابين فالشريعة باطلة والفرائض والأحكام في الصيام والصلاة والطلاق والنكاح والحدود كله مردود غير مقبول فرجع إلى نفسه ثم قال لي أحييتني يا عمر بن حبيب أحياك الله أحييتني يا عمر بن حبيب أحياك الله "([134]).اهـ
10- رجوع الخليفة المهتدي بالله عن قوله خلق القرآن .
فقال ما زلت أقول أن القرآن مخلوق صدراً من أيام الواثق حتى أقدم أحمد بن أبي دؤاد علينا شيخاً من أهل الشام من أهل أذنة فأدخل الشيخ على الواثق مقيداً وهو جميل الوجه تام القامة حسن الشيبة فرأيت الواثق قد استحيى منه ورق له فما زال يدنيه ويقر به حتى قرب منه فسلم الشيخ فأحسن ودعا فبلغ وأوجز فقال له الواثق اجلس فجلس ..... قال المهتدى بالله فرجعت عن هذه المقالة وأظن أن الواثق قد كان رجع عنها منذ ذلك الوقت "([135]).اهـ
11- رجوع أبي المعالي الجوين عن عقيدته المنحرفة.
" قال أبو الفتح الطبري الفقيه دخلت على أبي المعالي في مرضه فقال اشهدوا علي أني قد رجعت عن كل مقالة تخالف السنة وأني أموت على ما يموت عليه عجائز نيسابور "([136]).اهـ
12- رجوع يزيد بن صهيب عن رأي الخوارج .
قال مسلم حدثنا حجاج بن الشاعر حدثنا الفضل بن دكين حدثنا أبو عاصم - يعني محمد بن أبي أيوب - قال حدثني يزيد الفقير قال كنت قد شغفني رأي من رأي الخوارج فخرجنا في عصابة ذوي عدد نريد أن نحج ثم نخرج على الناس قال فمررنا على المدينة فإذا جابر بن عبدالله يحدث القوم جالس إلى سارية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فإذا هو قد ذكر الجهنميين قال فقلت له يا صاحب رسول الله ما هذا الذي تحدثون ؟ والله يقول ) إنك من تدخل النار فقد أخزيته ( و ) كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها ( فما هذا الذي تقولون ؟ قال فقال أتقرأ القرآن ؟ قلت نعم قال فهل سمعت بمقام محمد عليه السلام ( يعني الذي يبعثه الله فيه ؟ ) قلت نعم قال فإنه مقام محمد صلى الله عليه وسلم المحمود الذي يخرج الله به من يخرج قال ثم نعت وضع الصراط ومر الناس عليه قال وأخاف أن لا أكون أحفظ ذاك قال غير أنه قد زعم أن قوماً يخرجون من النار بعد أن يكونوا فيها قال يعني فيخرجون كأنهم عيدان السماسم قال فيدخلون نهراً من أنهار الجنة فيغتسلون فيه فيخرجون كأنهم القراطيس فرجعنا قلنا ويحكم أترون الشيخ يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فرجعنا فلا والله ما خرج منا غير رجل واحد "([137]).اهـ
13- رجوع نعيم بن حماد عن بدعة الجهمية .
" قال نعيم بن حماد يقول أنا كنت جهمياً فلذلك عرفت كلامهم فلما طلبت الحديث عرفت أن أمرهم يرجع إلى التعطيل ., وقال الذهبي ولهذا وصف بأنه من أشد الناس على الجهمية ووضع في الرد عليهم ثلاثة عشر كتاباً "([138]).اهـ
14- رجوع عون بن عبدالله عن الإرجاء والخروج على أئمة .
" قال بن سعد لما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة رحل إليه عون بن عبد الله وعمر بن ذر وأبو الصباح موسى بن أبي كثير فناظروه في الإرجاء فزعموا أنه وافقهم وكان عون ثقة كثير الإرسال وقال الأصمعي عن أبي نوف الهذلي عن أبيه كان من أدب أهل المدينة وأوقفهم وكان مرجئاً ثم رجع عن ذلك وقال أبياتاً في ذلك منها
لأول ما نفارق غير شك ... ... نفارق ما يقول المرجئونا
ثم خرج مع بن الأشعث ثم هرب وصحب عمر بن عبد العزيز في خلافته وفيهم يقول جرير ... يا أيها القارئ المرخى عمامته ... هذا زمانك إني قد خلا زمني ... وقال بن عيينة عن أبي هارون موسى بن أبي عيسى كان عون يحدثنا ولحيته ترتش بالدموع ,وقال العجلي كان يرى الإرجاء ثم تركه "([139]).اهـ
15- رجوع محرز بن عبدالله من بدعته .
" لا يروى لمبتدع مطلقاً بل إذا استحل الكذباً في الرواية أو الشهادة نصرة أي لنصره مذهب له أو لغيره ممن هو متابع له كما كان محرز أبو رجاء يفعل حسبما حكاه عن نفسه بعد أن تاب من بدعته فإنه كان يضع الأحاديث يدخل بها الناس في القدر "([140]).اهـ
16- رجوع موسى بن حزام عن الإرجاء .
" قال الترمذي حدثنا موسى بن حزام الرجل الصالح وقال النسائي ثقة وذكره بن حبان في الثقات وقال كان في أول أمره ينتحل الإرجاء ثم أعانه الله تعالى بأحمد بن حنبل فانتحل السنة وذب عنها وقمع من خالفها مع لزوم الدين حتى مات "([141]).اهـ
17- رجوع شيخ الإسلام ابن تيمية عن أقوال بعض مبتدعة .
" وأنا وغيرى كنا على مذهب الآباء فى ذلك نقول فى الأصلين بقول أهل البدع فلما تبين لنا ما جاء به الرسول دار الامر بين أن نتبع ما أنزل الله أو نتبع ما وجدنا عليه آباءنا فكان الواجب هو اتباع الرسول وأن لا نكون ممن قيل فيه وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا وقد قال تعالى ) قل أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم (وقال تعالى )ووصينا الإنسان بوالديه حسناً ( ) وإن جاهداك على أن تشرك بى ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما فى الدنيا معروفاً واتبع سبيل من أناب إلي ( فالواجب اتباع الكتاب المنزل والنبى المرسل وسبيل من أناب إلى الله فاتبعنا الكتاب والسنة كالمهاجرين والأنصار دون ما خالف ذلك من دين الآباء وغير الآباء والله يهدينا وسائر إخواننا إلى الصراط المستقيم صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً "([142]).اهـ
18- رجوع صبيغ عن بدعته .
" قال الإمام القرطبي "عن السائب بن يزيد أن رجلاً قال لعمر رضي الله عنه : إني مررت برجل يسأل عن تفسير مشكل القرآن فقال عمر رضي الله عنه اللهم أمكني منه فدخل الرجل على عمر يوماً وهو لابس ثياباً وعمامة وعمر يقرأ القرآن فلما فرغ قام إليه الرجل فقال يا أمير المؤمنين ما ) والذاريات ذرواً ( فقام عمر فحسر عن ذراعيه وجعل يجلده ثم قال ألبسوه ثيابه واحملوه على قتب وأبلغوا به حيه ثم ليقم خطيباً فليقل إن صبيغاً طلب العلم فأخطأه فلم يزل وضيعاً في قومه بعد أن كان سيداً فيهم "( [143] ).اهـ
فقال عمر اللهم مكني منه قال فبينما عمر ذات يوم جالساً يغدي الناس إذا جاء رجل عليه ثياب وعمامة فتغدى حتى إذا فرغ قال يا أمير المؤمنين ) والذاريات ذرواً ( ) فالحاملات وقراً ( فقال عمر أنت هو فقام إليه وحسر عن ذراعيه فلم يزل يجلده حتى سقطت عمامته فقال والذي نفس عمر بيده لووجدتك محلوقاً لضربت رأسك ألبسوه ثياباً واحملوه على قتب ثم أخرجوه حتى تقدموا به بلاده ثم ليقم خطيباً ثم يقول إن صبيناً ابتغى العلم فاخطأه فلم يزل وصبيغاً في قومه حتى هلك وكان سيد قومه "([144]).اهـ
عن السائب بن يزيد أنه قال : أتى إلى عمر بن الخطاب فقالوا يا أمير المؤمنين إنا لقينا رجلاً يسأل عن تأويل القرآن فقال اللهم أمكني منه قال فبينا عمر ذات يوم جالس يغدي الناس إذ جاءه وعليه ثياب وعمامة فغداه ثم إذا فرغ قال يا أمير المؤمنين )والذاريات ذرواً( )فالحاملات وقراً (قال عمر أنت هو فمال إليه وحسر عن ذراعيه فلم يزل يجلده حتى سقطت عمامته ثم قال واحملوه حتى تقدموه بلاده ثم ليقم خطيباً ثم ليقل إن صبيغاً ابتغى العلم فأخطأ فلم يزل وضيعاً في قومه حتى هلك وكان سيد قومه "([145]).اهـ
19- رجوع ابن عقيل عن بدعته .
قال ابن قدامة " بلغني أن سبب توبته أنه لما ظهرت منه هذه الفضيحة أهدر الشريف أبو جعفر رحمه الله تعالى دمه وأفتى هو وأصحابه بإباحة قتله وكان ابن عقيل يخفى مخافة القتل فبينما هو يوماً راكب في سفينة فإذا في السفينة شاب يقول تمنيت لو لقيت هذا الزنديق ابن عقيل حتى أتقرب إلى الله تعالى بقتله وإراقة دمه ففزع وخرج من السفينة وجاء إلى الشريف أبي جعفر فتاب واستغفر وها أنا أذكر توبته وصفتها بالإسناد ليعلم أن ما وجد من تصانيفه مخالفاً للسنة فهو مما تاب منه فلا يغتر به مغتر ولا يأخذ به أحد فيضل ويكون الآخذ به كحاله قبل توبته في زندقته وحل دمه.أخبرنا الشيخ الإمام الثقة المسند أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد البغدادي بقراءتي عليه في ذي القعدة سنة ثلاث وستمائة بمسجدنا المحروس بظاهر دمشق حرسها الله تعالى قلت له أخبركم القاضي الأجل العالم أبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد البزار إجازة إن لم يكن سماعاً قال حضرت يوم الاثنين الثامن من المحرم سنة خمس وستين وأربعمائة توبة الشيخ الإمام أبي الوفاء بن عقيل في مسجد الشريف أبي جعفر رحمه الله تعالى في نهر معلى وحضر في ذلك اليوم خلق كثير قال يقول علي بن عقيل إنني أبرأ إلى الله تعالى من مذاهب المبتدعة الإعتزال وغيره ومن صحبة أربابه وتعظيم أصحابه والترحم على أسلافهم والتكثر بأخلاقهم وما كنت علقته ووجد بخطي من مذاهبهم وضلالاتهم فأنا تائب إلى الله سبحانه تعالى من كتابته وقراءته وإنه لا يحل لي كتابته ولا قراءته ولا اعتقاده وذكر شيئاً آخر ثم قال فإني استغفر الله وأتوب إليه من مخالطة المبتدعة المعتزلة وغيرهم ومكاثرتهم والترحم عليهم والتعظيم لهم فإن ذلك كله حرام لا يحل لمسلم فعله لقول النبي من عظم صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام, وقد كان سيدنا الشريف أبو جعفر ,أدام الله علوه وحرس على كافتنا ظله ومن معه من الشيوخ والأتباع سادتي وإخواني أحسن الله عن الدين والمروة جزاءهم مصيبين في الإنكار علي لما شاهدوه بخطي في الكتب التي أبرأ إلى الله تعالى منها واتحقق أنني كنت مخطئاً غير مصيب ومتى حفظ علي ما ينافي هذا الخط وهذا الإقرار فلإمام المسلمين أعز الله سلطانه مكافاتي على ذلك بما يوجبه الشرع من ردع ونكال وإبعاد وغير ذلك وأشهدت الله تعالى وملائكته وأولي العلم على جميع ذلك غير مجبر ولا مكره وباطني وظاهري في ذلك سواء, قال الله تعالى ومن عاد فينتقم الله منه والله عزيز ذو انتقام ثم كتب الشهود خطوطهم وهذه نسختها أشهدني المقر على إقراره بجميع ما تضمنه هذا الكتاب وكتب عبد الله بن رضوان في المحرم سنة خمس وستين وأربعمائة بمثل ذلك أشهدني وكتب محمد بن عبد الرزاق بن أحمد بن السني في التاريخ,أشهدني المقر على إقراره بجميع ما تضمنه هذا الكتاب وكتب الحسن بن عبد الملك بن محمد بن يوسف بخطه سمعت إقرار المقر بذلك وكتب محمد بن أحمد بن الحسن أشهدني المقر على نفسه بذلك وكتب علي بن عبد الملك بن محمد بن يوسف آخرها, وكتب محمد بن عبد الباقي بن محمد بن عبد الله وحضر في هذا اليوم في مسجد الشريف خلق كثير "([146]).اهـ
فهذه الفضيحة من جملة ما تاب منه إلى الله تعالى وأقر بأنه ضلال وبدعة وأنه متى وجد بخطه وجبت مقابلته عليه وينتقم الله منه فكيف يحتج بقول هذا محتج أو يغتر به مغتر أو يقول به قائل أو يتعلق به متعلق مع شهادة قائله عليه بالضلال وإجماع العلماء من أهل بلدته على استتابته منه وإهدار دمه به وبأمثاله وهذا أدلّ شيء على خطئه وضلاله وإن كانت هذه المقالة صدرت منه بعد توبته فهذا دليل على زندقته وإصراره على بدعته ورجوعه إلى ضلالته "([147]).اهـ
" أما بعد فإنني وقفت على فضيحة ابن عقيل التي سماها نصيحة
وتأملت ما اشتملت عليه من البدع القبيحة والشناعة على سالكي الطريق الواضحة الصحيحة فوجدتها فضيحة لقائلها قد هتك الله تعالى بها ستره وأبدى بها عورته ولولا أنه قد تاب إلى الله عز وجل منها وتنصل ورجع عنها واستغفر الله تعالى من جميع ما تكلم به من البدع أو كتبه بخطه أو صنفه أو نسب إليه لعددناه في جملة الزنادقة وألحقناه بالمبتدعة المارقة ولكنه لما تاب وأناب وجب أن تحمل منه هذه البدعة والضلالة على أنها كانت قبل توبته في حال بدعته وزندقته,
ثم قد عاد بعد توبته إلى نص السنة والرد على من قال بمقالته الأولى بأحسن كلام وأبلغ نظام وأجاب على الشبه التي ذكرت بأحسن جواب وكلامه في ذلك كثير في كتب كبار وصغار وأجزاء مفردة وعندنا من ذلك كثير
فلعل إحسانه يمحو إساءته وتوبته تمحو بدعته فإن الله تعالى ) يقبل التوبة عن عبادة ويعفو عن السيئات ( ولقد كنت أعجب من الأئمة من أصحابنا الذين كفروه وأهدروا دمه وأفتوا بإباحة قتله وحكموا بزندقته قبل توبته ولم أدر أي شيء أوجب هذا في حقه وما الذي اقتضى أن يبالغوا فيه هذه المبالغة حتى وقفت على هذه الفضيحة
فعلمت أن بها وبأمثالها استباحوا دمه"([148]).اهـ
20- رجوع رحل عن الجهمية .
قال الحسن بن عمر بن شقيق " كنا عند ابن المبارك إذ جاءه رجل فقال له أنت ذاك الجهمي قال نعم قال إذا خرجت من عندي فلا تعد إلي قال الرجل فأنا تائب "([149]). اهـ
21- رجوع بعض أئمة أهل التأويل عن مذهب الخلف إلى معتقد السلف .
قال الشنقيطي " واعلم أن أئمة القائلين بالتأويل رجعوا قبل موتهم عنه , لأنه مذهب غير مأمون العاقبة لأن مبناه على ادعاء ....... وسنذكر هنا إن شاء الله أن أئمة المتكلمين المشهورين رجعوا كلهم عن تأويل الصفات .,
أبو الحسن الأشعري ., القاضي أبوبكر الباقلاني كان يؤمن بالصفات على مذهب السلف ويمنع تأويلها منعاً باتاً ., وأبو المعالي الجويني ., وأبو حامد الغزالي كان في زمانه من أعظم القائلين بالتأويل ثم رجع عن ذلك وبين أن الحق الذي لاشك فيه هو مذهب السلف .وقال في كتابه إلجام العوام عن علم الكلام .اعلم أن الحق الصريح الذي لامراء فيه عند أهل البصائر هو مذهب السلف أعني الصحابة والتابعين "([150]).اهـ
22- رجوع رجل عن مجالسة رجل من أهل البدع
قال أبوبكر الزاذاقاني كنت في درس الشيخ أبي حامد الإسفرائيني وكان ينهى أصحابه عن الكلام وعن دخول على الباقلاني , فبلغه أن نفراً من أصحابه يدخلون عليه خفية لقراءة الكلام فظن أني معهم ومنهم .... وذكر قصة قال في آخرها إن الشيخ أبا حامد قال لي يابني قد بلغني أنك تدخل على هذا الرجل – يعني الباقلاني – فإياك وإياه فإنه مبتدع , يدعو الناس إلى الضلالة , وإلا فلا تحضر مجلسي , فقلت أنا عائذ بالله مما قيل وتائب إليه , واشهدوا علي أني لا أدخل إليه ".([151])
23- من طلب إظهار التراجع في توبته حتى تظهر علامات توبته ماصدر منه .
قال السائب بن يزيد أن صبيغاً أتى إلى عمر بن الخطاب فقالوا يا أمير المؤمنين إنا لقينا رجلاً يسأل عن تأويل القرآن فقال اللهم أمكني منه قال فبينا عمر ذات يوم جالس يغدي الناس إذ جاءه وعليه ثياب وعمامة فغداه ثم إذا فرغ قال يا أمير المؤمنين ) والذاريات ذرواً ( ) فالحاملات وقراً ( قال عمر أنت هو فمال إليه وحسر عن ذراعيه فلم يزل يجلده حتى سقطت عمامته ثم قال واحملوه حتى تقدموه بلاده ثم ليقم خطيباً ثم ليقل إن صبيغاً ابتغى العلم فأخطأ فلم يزل وضيعاً في قومه حتى هلك وكان سيد قومه " ([152]).اهـ
وقال الألباني " الدكتور محمد سعيد البوطي يرى أن الاجتهاد في علم الحديث من غير المجتهد بل من جاهل يجوز وإن كان هذا العلم يقوم عليه الفقه كله أو جله من أجل ذلك فإني أرى من الواجب على أولئك المشفقين على الدكتور أن ينصحوه « والدين النصيحة » بأن يتراجع عن كل جهالاته وافتراءاته وأن يمسك قلمه ولسانه عن الخوض في مثلها مرة أخرى عملاً بقول نبينا محمد صلى الله عليه وسلم« انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً قيل : كيف أنصره ظالماً ؟ قال : تحجزه عن الظلم فإن ذلك نصره » أخرجه البخاري من حديث أنس ومسلم من حديث جابر وهو مخرج في ( الإرواء ) ( 2515 ) فإن استجاب الدكتور فذلك ما نرجوا عفا الله عما سلف وإن كانت الأخرى فلا يلومن إلا نفسه و العاقبة للمتقين و صدق الله العظيم إذ يقول )إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ( )يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة و لهم سوء الدار ( و صلى الله على محمد النبي الأمي و على آله و صحبه و سلم " ([153]).اهـ
وقال أيضاً " فهل يلتزم فضيلة الشيخ أبو زهرة ما لزمه من كلامه السابق من التعطيل الذي حكى مثله عن المعتزلة فيكون على ذلك مثلهم منكراً لصفات الله تعالى الثابتة بالقرآن والسنة أم يتراجع عن تلك الكلمة لأنها زلة لسان ويلتزم المذهب الذي شرحه ابن تيمية شرحاً ....ولا يصرفها إلى المجاز فيقع في التعطيل ؟ كنت أرجو أن أعتبر تلك الكلمة منه زلة لسان صدرت منه([154])
وقال الحسن بن عمر بن شقيق " كنا عند ابن المبارك إذ جاءه رجل فقال له أنت ذاك الجهمي قال نعم قال إذا خرجت من عندي فلا تعد إلي قال الرجل فأنا تائب قال له. حتى يظهر من توبتك مثل الذي ظهر من بدعتك "([155]). اهـ
فقد سئل الإمام المكرم عبد العزيز بن عبد الرحمن آل فيصل حفظه الله عن حكم من جاء تائباً من هذه الطائفة الخارجة عن سبيل المؤمنين هل تقبل توبته أم لا؟ فنقول:إذا جاء تائباً قبلت توبته كما قال الله تعالى ]وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ[ وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : أن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر([156]).وفيه أيضاًً من تاب قبل موت تاب الله عليه إذا علم هذا فالتوبة لها شروط وهي الإقلاع من الذنب والندم على ما فات والعزيمة على أن لايعود , فلا بد في توبته من إظهار الندم على ماصدر منه من شق عصا المسلمين ومفارقة جماعتهم وسل سيف البغي عليهم والاستحلال دمائهم وأموالهم والإعتراف بخطئه وضلاله في المجالس والمحافل والبراءة ممن خطأ علماء المسلمين وضللهم ...فإذا حصل منه ما ذكر قبلت توبته ووكلت سريرته إلى الله " ([157]).اهـ
قالت اللجنة في توبة سفر وسلمان
" فإن اعتذرا عن تلك التجاوزات والتزما بعدم العودة إلى شيئ منها وأمثالها فالحمد لله وكفى .وإن لم يمتثلا منعا من المحاصرات والندوات والخطب والدروس العامة والتسجيلات حماية للمجتمع من أخطائهما هذاهما الله وألهمهما رشدهما "([158]).اهـ
قال الشيخ ربيع حقيقة توبة عبد الرحمن عبد الخالق .
أولاً : أما عن توبة عبد الرحمن فإن تعجب فعجب ادعاءه ،فقد نصحته مرات كتابة ومشافهة فلم يرجعه عن أي خطأ ونصحه الشيخ الألباني وانتقده كثيراً فما زاد إلا تمادياً .ونصحه الشيخ سعد الحصين فبطش به ., وذمه وعذمه ثلاثة من كبار هيئة العلماء في المملكة فلما سمع نقدهم له لم يعتبر ولم يرعو ويعالج الأمور بعقل وحكمة بل شرع في تصعيد الأمور واشعال نيران الفتن تكذيباً واتهاماً وطعناً وتشويهاً .... ثم أراد من أراد من العقلاء انقاذه ونصحه بالتراجع فتظاهر مضطراًللتراجع أمام الشيخ ابن باز وبشرني هو هاتفياً بتراجعه ففرحت بذلك وأثنيت عليه ثناءً طيباً فلما رأيت هذا التراجع المزعوم قد حفته قرائن قوية من السب والشتم والتكذيب لمن أظهر مسألتين أوثلاث من أخطائه ووسع الدائرة في طعنه وتشويهه فشملت كل الذابين عن السنة والقامعين للبدع ....ثم قال الشيخ " تصريحه الواضح المكشوق بما يدينه بأن توبته ما هي إلا حيلة وتلبيس .ومن ذر الرماد في العيون كما يقال وأنه غير صادق فيما زعمه من توبة ..
التوبة الثانية : التى تاه بها عبد الرحمن .وله اعتذار عجيب أخرأوتوبة أخرى يدل على أنه إنسان من طراز عديم النظير وهذه هي التوبة تعتبر شاملة لكل زلاته ما تظاهر بالرجوع عنه وما ظهر للناس بعده بما في ذلك الطعن في شيوخه وأن ذلك من فضائله لأنه من النصح ....- ثم قال الشيخ – هذه هي توبة عبد الرحمن الثانية وندمه على مافرط من سخرية بشيخه محمد الأمين وغيره من العلماء ووصف علومهم الشرعية من قرآن وتفسير وتوحيد وحديث وفقه بالقشور ووصفهم بأنهم طابور من العلماء المحنطين لا يريدهم "([159]).اهـ
وقال أيضاً
"وقال عبد الرحمن في الشريط إن طائفة العلماء في السعودية في عماية تامة وجهل عن المشكلات الجديدة وأن سلفيتهم لا تساوي شيئاً قال الشيخ ابن باز عند سماعه هذا الكلام وهذا قول باطل .... ولاشك أن ما قلته في علماء السعودية غير صحيح وخطأ منكر فالواجب عليك الرجوع عن ذلك في الصحف المحلية وفي الكويت والسعودية نسأل الله لنا ولك الهداية والرجوع إلى الحق والثبات عليه إنه خيرمسؤول .وقد أعلن عبدالرحمن تراجعه وندمه بسبب ضغط الشيخ ابن باز .... - ثم قال الشيخ – فأجاب الشيخ بماسبق وأظهر عبدالرحمن بقوله وأما ما قلته في شريط المدرسة السلفية فقد كان هذا منذ أكثرمن عشرين عاماً وقد أخطأت فيه خطأً بالغاً "([160]).اهـ
قال عبد الله بن صلفيق " ولكن الشيخ ربيع كان يأمل من الشيخ عبد الرحمن الرجوع عن أخطائه خصوصاً أن الشيخ عبد الرحمن كان يعد الشيخ بيع بالرجوع.ولكن لما رأى الشيخ ربيع إصرارعبد الرحمن بن عبد الخالق على أخطائه واستمراره في مسلكه الدعوي المخالف لمسلك علماء أهل السنة كتب الشيخ ربيع بعد ذلك كتابه المعروف بعنوان جماعة واحدة لا جماعات رد فيه على أخطاء الشيخ عبد الرحمن ثم أعقبه بكتاب أخر وهو النصر العزيز على الرد الوجيز "([161]).اهـ
قال عبد المجيد " فإن قال عدنان إن سيداً قد تاب وأناب وتنازل عن أقواله الباطلة التى بسطها في الظلال والعدالة الإجتماعية وكتب شخصيات وغيرها من كتبه المملوءة بالسموم فإني أقول هذه إحالة على جهالة .
قلت إن للرجوع علامات تظهر من المخطئ وينقلها عنه الرواة ولو فعل سيد مثل ما فعل أبوالحسن الأشعري لقلت برجوعه ولكن هيهات "([162]).اهـ
هذا آخر ما تيسر لنا نقله وتسطيره في هذه الرسالة وأقول ,
كما قال الحريري
إن تجد عيباً فسد الخللاً جل من لا عيب فيه وعلا
ومن رأى فيه خطأ لفظياً أومعنوياً فليطلعني عليه كإخوة مصلحين ,
فإن قدرة إصلاحه فالأمر له حل لك ومفتوح
فلا بد من عيب فإن تجدنه فسامح وكن بالستر أعظم مفضل
فمن الذي ماساء قط ومن له الــ محاسن قد تمت سوى خير مرسل
وهذا آخر ماأردت كتابته في هذه الرسالة.
وقد تم ما وفقنا الله لإيراده وله الحمد والشكر على تتميم مراده،
وبالله التوفيق
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.،،،،،،،،،،،
لموضــــــــــوع | رقم الصفحة |
2 | |
3 | |
مقدمة الرسالة | 4 |
الرجوع إلى الحق فضيلة | 5 |
من هو المبتدع | 6 |
تعريف التوبة | 8 |
الأدلة العامة في التوبة | 8 |
حكم التوبة | 12 |
التوبة واجبة على الفور | 13 |
شروط التوبة المبتدع | 13 |
توبة المبتدعة وأقسامها | 17 |
مراد العلماء بأن البدعة لا يتاب منها | 21 |
رد شبهة المغرورين بأقوال أهل العلم الناصحين | 22 |
صفة صحة توبة المبتدع وعلاماتها | 25 |
أقوال العلماء في صفة توبة المبتدع | 27 |
انتظار صحة التوبة المبتدع وغيره بعد الرجوع بمدة . | 41 |
لاتقبل توبة المتلاعب بالتوبة | 46 |
لاتغتر بظاهر رجوع أهل البدع | 46 |
أمثلة واقعية فيمن وقع ببدعة ثم تراجع عنها | 48 |
الفهرس | 64 |
(1) سبب تأليف هذه الرسالة رجل ادعا تراجعاً عن منهجه المنحرف وأرسل تراجعه في أشرطة له وفي الحقيقة كان هذا التراجع , نشر انحرافات وضلالات جديدة , فضلاً عن أن يكون توبة عن انحرافاته السابقة , وأنه في أشرطته هذه يصوّب سهام النقد على العلماء السلفيين وطلابهم , ويصفهم بأنهم ظاهرة عجيبة يجب القضاء عليهم , ومواجتهم ومعالجة أمرهم , حتى لاينتشر شرهم بزعمه الخائب , وهنا يأتي سؤال هل هذا تراجع وتوب . يامن يدافعون عن هذا الرجل بانحرافه , فهذه توبته المزعومة , لأن هذا الرجل أخطائه وانحرافاته كثيرة , وقد جانب الصواب فيها , وتعسف على العلماء وطعنهم بأشد الطعن , وسأبين هذه الأخطاء في رسالة مستقلة إن شاء الله تعالى, لأن الله تعبدنا بالدفاع عن الحق , ومناصرته ومناصرة أهله , ورد مايخالف الحق, والنصح الأمة عن مثل الرجل مطلوب , ولكن جعلت هذه الرسالة له ولغيره من أهل البدع ,وكل من وقع ببدعة وباطل, وأراد أن يتوب ويتراجع عنها يجب أن تكون صفة توبته , صحيحة شرعية بعيدة عن الخداع والتلبيس كما بيت أهل العلم وذكرنا كلامهم , في هذه الرسالة , من شروط التوبة ,التى بين أهل العلم , وبالله التوفيق
(1) رواه البيهقي10/119 والدار قطني4/206 وسنده حسن
(2) جامع 2 / 1141
(3 ) تاريخ دمشق 45 / 194 وسنده صحيح
(4 ) توالي التأسيس 108
(5) الفرق بين النصيحة والتعيير 10
(6) أخلاق العلماء 37
(7) المفردات 29
(1) الفتاوى الكبرى 4/193
(2) فتح الباري 2 / 188
(3) فتح المغيث 1 /327
(4) وغيره من أهل العلم
(5) بداية الإنحراف ونهايته 322
(1) الاعتصام 1/439
(2) قاله عمرو بن سلمة النيسابوري كما في ذم الكلام 410
(3) معجم مقاييس اللغة (1/357).
(1) رسالة في التوبة 1
(1) والجهالة ههنا جهالة العمل وإن كان عالماً بالتحريم قال قتادة أجمع أصحاب رسول الله على أن كل ما عصى الله به فهو جهالة عمداً كان أو لم يكن
(2) قال ابن القيم في مدارج السالكين (1 / 294) وأما التوبة فجمهور المفسرين على أنها التوبة قبل المعاينة.
(1) في رسالة في التوبة 2
(1) الجامع لأحكام القرآن 5 / 90 18 / 197
(2) مختصر منهاج القاصدين 323
(3) مجموع الفتاوى 10/310
(4) فتح القدير 1/660
(5 ) مجموع فتاوى 5/309
(6) مدارج السالكين1/ 272
(7) شرح مسلم 17/ 59
(1 ) تبيين كذب المفتري 1/385
(2) الباعث على إنكارالبدع1/116
(3) عمدة القاري 12/188
(1 ) الموافقات 2/218
(1) روح المعاني 2/28
(2) جامع البيان 3/251
(3) الاعتصام 2/ 271
(1) فتح الباري 12/339
(2 ) ابن وضاح 61
(3) ابن وضاح 62
(4) اللالكائي 1/140
(5) درء تعارض العقل والنقل 7/ 180
(6 ) الاعتصام 2/782
(7 ) مجموع فتاوى 11/684-685
(1) عدم قبول توبة المبتدع.
(2 ) مجموع فتاوى 19/24
(3 ) مجموع فتاوى 10/9-10
(4) فتح الباري 8 / 267
(5) المغني 10/72
(1 ) مجموع فتاوى 16/30
(2) المغني 12/270وكمافي الشرح الكبير 10/87
(3 ) فتح القدير 4/535
(4 ) فتح القدير 4/470
(5) مدارج السالكين 1/395
(1 ) مجموع فتاوى 10/9-10
(2 ) مجموع فتاوى 11/685
(1 ) البحر المحيط 3/464
(2 ) تفسير الطبري 30/251
(3 ) الجامع لأحكام القرآن 2/188
(4 ) روح المعاني 2/26
(5 ) البحر المحيط 2/69
(1 ) الجامع لأحكام القرآن 4/304
(2 ) حاشية في تفسير البيضاوي 3/230
(1 ) أحكام القرآن 1/124
(1 ) مدارج السالكين 1/203
(2) الشرح الكبير 12/49
(3) التوبة إلى الله 44
(4 ) الشرح الكبير 12/49
(4 ) جامع البيان 3 /2590
(1 ) تفسيرابن كثير 1/473
(2 ) تفسيرابن كثير1 /570
(1) تفسيرابن كثير2/779
(2 ) الجامع لأحكام القرآن 2 / 126
(3 ) فتح القدير1 /162
(4 ) فتح القدير 1/ 541 تفسيرالبيضاوي 1 / 62
(3 ) البيضاوي تفسير 1 /433 وكدا في حاشية البيضاني 2/400 وفي تفسيره أبي السعود 2 / 56 وفي تفسيره النسفي 1/165
(4) تفسير البيضاوي 1/271وكدا في حاشية البيضاني 3/436وفي تفسير النسفي 1/257
(5) تفسيرأبي السعود 6/158 وكدا في تفسيره البيضاوي 1/174
(1 ) تفسير النسفي 1 / 146
(2 ) روح المعاني 5/178
(3 ) زاد المسير 1 /418
(4 ) تفسير الثعالبي 2 / 325
(1) التحرير والتنوير1/69
(2) التحرير والتنوير 2/71
(3) التحرير والتنوير 1/6 7
(1 ) أحكام القرآن 1 / 125
(2) الباعث على إنكارالبدع1/116
(1) تبيين كذب المفتري 1/385
(2) معارج القبول 3/1041
(3) عمدة القاري 12/188
(1 ) الشرح الكبير 12/49
(2 ) شرح منتهى الإرادات 3/587
(3 ) الموافقات 2/218
(4) عجائب الآثار 1/463
(1) فتح الباري 6/517
(2) روح المعاني 2/28
(3) البحر المحيط 2/70
(1) حاشية على تفسير البيضاوي 2/400
(2) تفسير سورة البقرة 2/196-201
(3) نكت القرآن الدالة على البيان 1/154
(1) التحرير والتنوير 2/71-72
(2) جامع البيان 3/251
(3) مجموع فتاوى 16/25
(4) التوبة إلى الله 41
(1) مدارج السالكين 1/370-379
(1) عدة الصابرين ودخيرة الشاكرين 83
(2) المنهج القويم في التأسي بالرسول الكريم 229
(3) شرح مسلم 17/3180
(1) دليل الفالحين 1/98
(1 ) تفسير الطبري 6/467
(2) تفسير البغوي 1/92
(3 ) تاريخ دمشق 50 / 196
(4 ) سيرة 5 / 242
(1) مجموع الفتاوى24 /174
(2) عمدة القاري 18/55
(3) تفسير ابن كثير 2/522
(1) الآداب الشرعية 1/137
(2) الآداب الشرعية 1/137
(3) المغني 12/75 والشرح الكبير 12/49
(4) الكافي في فقه ابن حنبل 4/271
(1 ) مجموع فتاوى 7/86
(2) مجموع الفتاوى 24/174
(3) الصارم المسلول1 / 507
(1) منهاج السنة النبوية 6 / 354 - 355
(2) الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين 5/460ومسند أحمد 40 / 489 برقم 19167
(3) الاعتصام 1 / 123
(1) بداية الإنحراف ونهاية 444
(2) نقض الإمام أبي سعيد عثمان بن سعيد على المريسي الجهمي العنيد فيما افترى على الله عز وجل من التوحيد2/559
(1) أخرجه النسائي في السنن الكبرى 5/165 الحلية 1/318 الاعتصام 2/783 مجموع الفتاوى 11/ 685
(2) تاريخ بغداد 13/338 الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 1/203
(1) هداية السالك في المناشك لابن جماعة
(2) تاريخ بغداد 1/308 حلية الأولياء 9 / 6
(3) تغليط الملام 46
(1) حلية الأولياء 9/110
(2) تبيين كذب المفتري 1/ 50 سير أعلام 15/86 طبقات الشافعية 3/347
(3) ترتيب المدارك وتقريب المسائل 1/198
(1) تاريخ بغداد 11/198 تفسير القرطبي 16/248
(1) تاريخ بغداد 10/77 الشريعة 1/96 الاعتصام 2/783
(2) سير أعلام 15/474 طبقات الشافعية 5/191
(1) صحيح مسلم 1/ 177
(2) سير أعلام 10/597 تبيين كذب المفتري 1/388
(3) تهذيب التهذيب 8 /153
(1) فتح المغيث 1 /328
(2) تهذيب التهذيب 10/303
(3) مجموع الفتاوى 6 /258
(1) أحكام القرآن17/29 الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية 1/22
(2) أصول اعتقاد أهل السنة 4/335 وسنده صحيح صححه ابن الحجروغيره من أهل العلم
(3) فضائل الصحابة 1/446 الاعتصام 1/60
(1) تحريم النظر في كتب الكلام 1/35 الرد على ابن عقيل الحنبلي 18-20
(2) تحريم النظر في كتب الكلام 1/35 الرد على ابن عقيل الحنبلي 18-20
(1) تحريم النظر في كتب الكلام 1/31 الرد على ابن عقيل الحنبلي 18-20
(2) الإبانة 165
(3) أضواء البيان 7/467-477
(1 ) الأصفهانية 58
(2) فضائل الصحابة 1/446 الاعتصام 1/60
(1) دفاع عن الحديث النبوي 1/ 1
(2) مختصر العلو 1/ 43
(3) الإبانة 165
(4) من حديث أبي أيوب بشير بن كعب
(1) الدرر السنية في الأجوبة النجدية 9/200
(2) مدارك النطر 388 أو 431
(1) النصر العزيز على الرد الوجيز 161- 186
(2) جماعة واحدة لا جماعات 131
(1) ملحوطات وتنبيهات 115
(2) وقفات منهجية 36-40
تعليق