قال مروان بن محمد الطاطري: »ثلاثة لا يؤتمنون: الصوفي, والقصاص, ومبتدع يرد على المبتدعة ذكره عنه القاضي عياض في ترتيب المدارك
هذا كلام مشهور وربما يستنكر بعضهم قوله : ومبتدع يرد على مبتدع وكما قيل بالمثال يتضح المقال فقد ذكر ابن الأثير في الكامل قصة عجيبة غريبة تؤكد ما ذكره هذا الإمام حيث قال ابن الأثير كما في الكامل (4:424) في حوادث سنة 502هـ:
في هذه السنة، في شعبان، اصطلح عامة بغداد السنة والشيعة، وكان الشر منهم على طول الزمان، وقد اجتهد الخلفاء، والسلاطين، والشحن في إصلاح الحال، فتعذر عليهم ذلك، إلى أن أذن الله تعالى فيه، وكان بغير واسطة.
وكان السبب ذي ذلك أن السلطان محمداً لما قتل ملك العرب صدقة، كما ذكرناه، خاف الشيعة ببغداد، أهل الكرخ وغيرهم، لأن صدقة كان يتشيع هو وأهل بيته، فشنع أهل السنة عليهم بأنهم نالهم غم وهم لقتله، فخاف الشيعة، وأغضوا على سماع هذا، ولم يزالوا خائفين إلى شعبان، فلما دخل شعبان تجهز السنة لزيارة قبر مصعب بن الزبير، وكانوا قد تركوا ذلك سنين كثيرة، ومنعوا منه لتقطع الفتن الحادثة بسببه.
فلما تجهزوا للمسير، اتفقوا على أن يجعلوا طريقهم في الكرخ، فأظهروا ذلك، فاتفق رأي أهل الكرخ على ترك معارضتهم، وأنهم لا يمنعونهم، فصارت السنة تسير أهل كل محلة منفردين، ومعهم من الزينة والسلاح شيء كثير، وجاء أهل باب المراتب، ومعهم فيل قد عمل من خشب، وعليه الرجال بالسلاح، وقصدوا جميعهم الكرخ ليعبروا فيه، فاستقبلهم أهله بالبخور والطيب، والماء المبرد، والسلاح الكثير، وأظهروا بهم السرور، وشيعوهم حتى خرجوا من المحلة.
وخرج الشيعة، ليلة النصف منه، إلى مشهد موسى بن جعفر وغيره، فلم يعترضهم أحد من السنة، فعجب الناس لذلك، ولما عادوا من زيارة مصعب لقيهم أهل الكرخ بالفرح والسرور، فاتفق أن أهل باب المراتب انكسر فيلهم عند قنطرة باب حرب، فقرأ لهم قوم: " ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل " إلى آخر السورة.اهـ
هذه قصة عجيبة تبين لك بأن المبتدع لا يتعرض لمن تركه يقيم ما يريده من البدع فلو حكموا السنة على أنفسهم لامتنعوا عن إقامة مثل تلك الطقوس ولمنعوا الشيعة كذلك بل لو اتبعوا رسول الله صلى الله عليهم لهدموا وخربوا تلك الأضرحة التي شيدت لعبادة غير الله لكن المبتدع لا يؤتمن فلم ينصر الله بالمتدعة دينه كما نقله الإمام الوادعي عن الإمام ابن حزم
وقول ابن الأثير : فعجب الناس لذلك تعجبهم ناتج عن عدم استحضار مثل هذه الآثار المباركة فلمبتدع لا يؤتمن
والأمر الثاني قد نقلت في بعض المواضع كلام شيخنا ووالدنا العلامة الحجوري نقد ما اشتهر على ألسنة بعض الناس بل والكتب مليئة به أن ما ليس بشيعي فهو سني وهذا في الحقيقة خلط وقد أفاد شيخ الإسلام بأن هذا اصطلاح العامة ولا يصدر ما فعله هؤلاء إلا من الصوفية الحمقى
والأمر الثالث ما قلته في بعض المواضيع من أن أكثر البدع أحدثت في مقابلة بدع أخرى وهنا هؤلاء فعلوا ما فعلوا تقليداً للشيعة وترغيماً لهم زعموا !!
و الأمر الرابع انخدع بعضهم ببعض ردود السرورية على الإخوان وإنكارهم لبعض الأمور عليهم وهاهم اليوم ينخرطون في ما أنكروه وكل هذا من باب المقابلة لهم ومآلهم إلى ما آل إليه أمر هؤلاء المبتدعة وستذكرون ذلك و ما فكروا بمثل هذا الحزب إلا من هذا الباب ومن تأمل ظهر له ذلك
الخلاصة لا تنخدع ببعض المبتدعة إذا ردوا على من قابلهم وعاضهم فإن عندهم سياسة حديثة المبنى قديمة المعنى " نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه " ومن خرج عن هذه القاعدة وشنع على من خالفه عنده يأتي الرد في صورة الانتصار لدين الله وهو في الحقيقة لخرقه قاعدة المعذرة فلا يؤتمن مبتدع يرد على مبتدع لقيام رده على هذا الأساس والله المستعان
كتبه أبو عيسى العفري
هذا كلام مشهور وربما يستنكر بعضهم قوله : ومبتدع يرد على مبتدع وكما قيل بالمثال يتضح المقال فقد ذكر ابن الأثير في الكامل قصة عجيبة غريبة تؤكد ما ذكره هذا الإمام حيث قال ابن الأثير كما في الكامل (4:424) في حوادث سنة 502هـ:
في هذه السنة، في شعبان، اصطلح عامة بغداد السنة والشيعة، وكان الشر منهم على طول الزمان، وقد اجتهد الخلفاء، والسلاطين، والشحن في إصلاح الحال، فتعذر عليهم ذلك، إلى أن أذن الله تعالى فيه، وكان بغير واسطة.
وكان السبب ذي ذلك أن السلطان محمداً لما قتل ملك العرب صدقة، كما ذكرناه، خاف الشيعة ببغداد، أهل الكرخ وغيرهم، لأن صدقة كان يتشيع هو وأهل بيته، فشنع أهل السنة عليهم بأنهم نالهم غم وهم لقتله، فخاف الشيعة، وأغضوا على سماع هذا، ولم يزالوا خائفين إلى شعبان، فلما دخل شعبان تجهز السنة لزيارة قبر مصعب بن الزبير، وكانوا قد تركوا ذلك سنين كثيرة، ومنعوا منه لتقطع الفتن الحادثة بسببه.
فلما تجهزوا للمسير، اتفقوا على أن يجعلوا طريقهم في الكرخ، فأظهروا ذلك، فاتفق رأي أهل الكرخ على ترك معارضتهم، وأنهم لا يمنعونهم، فصارت السنة تسير أهل كل محلة منفردين، ومعهم من الزينة والسلاح شيء كثير، وجاء أهل باب المراتب، ومعهم فيل قد عمل من خشب، وعليه الرجال بالسلاح، وقصدوا جميعهم الكرخ ليعبروا فيه، فاستقبلهم أهله بالبخور والطيب، والماء المبرد، والسلاح الكثير، وأظهروا بهم السرور، وشيعوهم حتى خرجوا من المحلة.
وخرج الشيعة، ليلة النصف منه، إلى مشهد موسى بن جعفر وغيره، فلم يعترضهم أحد من السنة، فعجب الناس لذلك، ولما عادوا من زيارة مصعب لقيهم أهل الكرخ بالفرح والسرور، فاتفق أن أهل باب المراتب انكسر فيلهم عند قنطرة باب حرب، فقرأ لهم قوم: " ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل " إلى آخر السورة.اهـ
هذه قصة عجيبة تبين لك بأن المبتدع لا يتعرض لمن تركه يقيم ما يريده من البدع فلو حكموا السنة على أنفسهم لامتنعوا عن إقامة مثل تلك الطقوس ولمنعوا الشيعة كذلك بل لو اتبعوا رسول الله صلى الله عليهم لهدموا وخربوا تلك الأضرحة التي شيدت لعبادة غير الله لكن المبتدع لا يؤتمن فلم ينصر الله بالمتدعة دينه كما نقله الإمام الوادعي عن الإمام ابن حزم
وقول ابن الأثير : فعجب الناس لذلك تعجبهم ناتج عن عدم استحضار مثل هذه الآثار المباركة فلمبتدع لا يؤتمن
والأمر الثاني قد نقلت في بعض المواضع كلام شيخنا ووالدنا العلامة الحجوري نقد ما اشتهر على ألسنة بعض الناس بل والكتب مليئة به أن ما ليس بشيعي فهو سني وهذا في الحقيقة خلط وقد أفاد شيخ الإسلام بأن هذا اصطلاح العامة ولا يصدر ما فعله هؤلاء إلا من الصوفية الحمقى
والأمر الثالث ما قلته في بعض المواضيع من أن أكثر البدع أحدثت في مقابلة بدع أخرى وهنا هؤلاء فعلوا ما فعلوا تقليداً للشيعة وترغيماً لهم زعموا !!
و الأمر الرابع انخدع بعضهم ببعض ردود السرورية على الإخوان وإنكارهم لبعض الأمور عليهم وهاهم اليوم ينخرطون في ما أنكروه وكل هذا من باب المقابلة لهم ومآلهم إلى ما آل إليه أمر هؤلاء المبتدعة وستذكرون ذلك و ما فكروا بمثل هذا الحزب إلا من هذا الباب ومن تأمل ظهر له ذلك
الخلاصة لا تنخدع ببعض المبتدعة إذا ردوا على من قابلهم وعاضهم فإن عندهم سياسة حديثة المبنى قديمة المعنى " نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه " ومن خرج عن هذه القاعدة وشنع على من خالفه عنده يأتي الرد في صورة الانتصار لدين الله وهو في الحقيقة لخرقه قاعدة المعذرة فلا يؤتمن مبتدع يرد على مبتدع لقيام رده على هذا الأساس والله المستعان
كتبه أبو عيسى العفري
تعليق