تحذير الناس
من أصول ابتدعها أناس
تأليف :
أبي سفيان الزيلعي
من أصول ابتدعها أناس
تأليف :
أبي سفيان الزيلعي
إن الحمد لله نحمده وستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم .
﴿ يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون﴾
﴿يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم ورقيباً ﴾
﴿يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً * يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً ﴾
أما بعد :
فإن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدى هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .،
أما بعد
فهذه الرسالة قصدت فيها الرد على أصول ابتدعها أناس في دين الله بحيث تركوا الإتباع والاقتداء بالرسول وأحدثوا في الإسلام مخالفات كثيرة تخالف الإسلام . منها:
السكوت عن الباطل ، تعيين الرئيس ينظر الدعوة ، التكتل جلسات السرية ، العمل ما أحدث به المحدثون، تستر الحزبي في الأمة ، التسول باسم الدعوة ، إحداث الآراء تخالف شرع الله ، الدعاء إلى أصول ابتدعها أناس ، ذكر المحاسن والمساوي ، رد البدعة بالبدعة، مناظرة أهل الأهواء ، مدافعة المخالفين ، ثناء المخالفين ، انفاق الباطل بشوب من الحق ، الترك عن الحق ، الإغترار بالكثرة ، تهاون المعاصى بحساب الدعوة ، التصوير .
وسنذكر هذه المخالفات في صميم هذه الرسالة وقبل شروع الموضوع نذكر للمسلمين , قيمة التمسك بهذا الدين وخطر الابتداع .
جاءت الشريعة ، بالحث على اتباع دين الله والاعتصام بحبله والاقتداء برسوله صلى الله عليه وسلم .
كما قال تعالى: ﴿ واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون﴾ [103] آل عمران.
وقال تعالى: ﴿وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون﴾ [153] الأنعام .
وقال الله تعالى : ﴿والّذين يمسّكون بالكتاب وأقاموا الصّلاة إنّا لا نضيع أجر المصلحين﴾ [170] الأعراف
وقال تعالى: ﴿ والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى الله لهم البشرى فبشر عبادي الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب﴾ [17-18] الزمر.
وقال تعالى: ﴿ قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين ﴾ [108] يوسف.
قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: خط لنا رسول الله صلى الله عليه سلم خطاً ثم خط خطوطاً يميناً وشمالاً, ثم قال سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه, ثم قرأ قوله تعالى: ﴿وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله153﴾ [ الأنعام].
وعن ابن مسعود رضي الله عنه : اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم ثم أوجب الله طاعته وطاعة رسوله.
فقال الله تعالى: ﴿ يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون ﴾ [20] الأنفال.
وقال تعالى:﴿ من يطع الرسول فقد أطاع الله﴾ [80] سورة النساء.
وقال الله تعالى: ﴿وإن تطيعوه تهتدوا﴾ [54] سورة التوبة.
وقال تعالى:﴿ ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً﴾ [71] الأحزاب.
وقال تعالى: ﴿ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقيه فأولئك هم الفائزون﴾ [52] النور.
وقال تعالى: ﴿ فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول﴾ [59] سورة النساء.
قيل في تفسيرها: إلى الكتاب والسنة ثم حذر من خلافه والاعتراض عليه.
فقال تعالى:﴿فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً﴾ [65] النساء.
وقال تعالى: ﴿وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً﴾ [36] الأحزاب.
وقال تعالى: ﴿فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنةٌ أو يصيبهم عذابٌ أليمٌ﴾ [63 النور].
قال الله تعالى: ﴿وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء إنهم لكاذبون* وليحملن أثقالهم وأثقالاً مع أثقالهم وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون﴾ [12-13] العنكبوت.
قوله تعالى:﴿ وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب﴾ [7] الحشر.
وأخبرنا الله سبحانه وتعالى عن رضاه عمن ابتعهم بإحسان وأعد لهم الثواب العظيم فقال تعالى:﴿ والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم﴾ [100] التوبة.
وقد أمرنا الله بالرجوع عند التنازع إلى كتابه وإلى سنة رسوله صلى الله عليه سلم .
حيث قال تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خيرٌ وأحسن تأويلاً ﴾ [59] النساء.
قال تعالى: ﴿وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله﴾ [64] النساء.
قوله تعالى: ﴿ فمن تبع هداي فلا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون﴾ [38] البقرة.
قوله تعالى: ﴿ فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى , ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشةً ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى﴾ [123-124]طه.
قوله تعالى: ﴿ يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون ﴾ [24] الأنفال.
قوله تعالى: ﴿ إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون * ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقيه فأولئك هم الفائزون﴾ [51- 52] النور.
قوله تعالى: ﴿فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون﴾ [157 الأعراف].
قوله تعالى: ﴿ قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتاباً أنزل من بعد موسى مصدقاً لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم * يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم * ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض وليس له من دونه أولياء أولئك في ضلال مبين﴾ [30- 32] الأحقاف.
وأما الآحاديث فحدث ولا حرج
عن جابر رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه سلم إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش يقول: "صبحكم ومساكم ويقول: بعثت أنا والساعة كهاتين, ويقرن بين أصبعه السبابة والوسطى, ويقول: أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدى هدي محمد صلى الله عليه سلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة. ثم يقول: أنا أولى بكل مؤمن من نفسه من ترك مالا لأهله ومن ترك ديناً أو ضياعاً فإلي وعلي". رواه مسلم.
وعن عابس بن ربيعة رحمه الله قال: رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقبل الحجر يعني الأسود – ويقول "إني أعلم أنك حجر ما تنفع ولا تضر ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه سلم يقبلك ما قبلتك" متفق عليه.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "قال رسول الله صلى الله عليه سلم : من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد". متفق عليه.
وفي رواية لمسلم: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه سلم قال: "كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى, قيل ومن يأبى يا رسول الله؟ قال من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى" . رواه البخاري.
وعن أبي مسلم رحمه الله: وقيل أبي إياس سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أن رجلاً أكل عند رسول الله صلى الله عليه سلم بشماله فقال: "كل بيمينك, قال: لا أستطيع, قال: لا استطعت. ما منعه إلا الكبر فما رفعها إلى فيه". رواه مسلم.
وعن أبي عبدالله النعمان بن بشير رضي الله عنهما: قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه سلم يقول: "لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم" متفق عليه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه سلم قال: "دعوني ما تركتم, إنما أهلك من كان قبلك كثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم". متفق عليه.
وعن أبي نجيح العرباض بن سارية رضي الله عنه: قال وعظنا رسول الله صلى الله عليه سلم موعظة بليغة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون, "فقلنا يارسول الله كأنها موعظة مودع فأوصينا, قال: أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد وإنه من يعش منكم فيسرى اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين, عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة".
رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح وصححه الشيخان.
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه : قال رسول الله صلى الله عليه سلم : "إن مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضاً فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء فأنبتت الكلاء والعشب الكثير وكان منها أجاديب أمسكت الماء فنفع بها الناس فشربوا منها وسقوا وزرعوا وأصاب طائفة منهما أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماءً ولا تنبت كلا فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه بما بعثني الله به فعلم وعلم ومثل من لم يرفع بذلك رأساً ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به متفق عليه.
وعن جابر رضي الله عنهما: قال: قال رسول الله صلى الله عليه سلم : مثلي ومثلكم كمثل رجل أوقد ناراً فجعل الجنادب الفراش يقعن فيها وهو يذبهن عنها وأنا أخذ بحجزكم ، عن النار وأنتم تفلتون من يدي". رواه مسلم
الجنادب: نحو الجراد والفراش, هذا هو المعروف الذي يقع في النار الحجز: جمع حجزة وهي معقد الإزر .
وعنه: أن رسول الله صلى الله عليه سلم "أمر بلعق الأصابع والصحفة وقال: إنكم لا تدورن في أيها البركة". رواه مسلم.
وفي رواية: إذا وقعت لقمة أحدكم فليأخذها فليمط ما كان بها من أذى وليأكلها ولا يدعها للشيطان, ولا يمسح يده بالمنديل حتى يلعق أصابعه, فإنه لا يدري في أي طعامه البركة.
وفي رواية له: إن الشيطان يحضر أحدكم عند كل شيء من شأنه حتى يحضر عنده طعامه فإذا سقطت من أحدكم اللقمة فلمط ما كان بها من أذى فليأكلها, ولا يدعها للشيطان.
وعن أبي سعيد عبدالله بن مغفل رضي الله عنه: قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه سلم عن الخذف وقال: إنه لا يقتل الصيد ولا ينكأ العدو, وإنه يفقأ العين ويكسر السن" متفق عليه.
وفي رواية: أن قريباً لابن مغفل حذف, فنهاه وقال إن رسول الله صلى الله عليه سلم نهى عن الخذف وقال: إنها لا تصيد صيداً. ثم عاد فقال: أحدثك أن رسول الله صلى الله عليه سلم نهى عنه, ثم عدت تخذف ! لا أكلمك أبداً. أخرجه البخاري في الأدب.
قال أبو حيان رحمه الله في البحر المحيط [3 / 285]
لا يجوز مخالفة الكتاب والسنة ، لأن الله تعالى جمع بين اتباع سبيل غير المؤمنين وبين مشاقة الرسول في الشرط ، وجعل جزاءه الوعيد الشديد ، فكان اتباعهم واجباً كموالاة الرسول .
ومن المعلوم عند أهل العلم والإيمان أن الحق أولى بالاتباع، وأنه لا يجوز مخالفة الجماعة، والأخذ بالأقوال الشاذة من غير برهان .
و قال سليمان التيمي رحمه الله: "لو أخذت برخصة كل عالم، أو زلة كل عالم، اجتمع فيك الشر كله". الدرر السنية في الأجوبة النجدية 15 / 198 مجموع فتاوى ابن باز رحمه الله 3 / 421
إذاً فالأمة الإسلامية مأمورة باتباع ملته ، فكما لا يجوز مخالفة ملته لا يجوز مخالفة منهجه في البدء بالدعوة إلى التوحيد والتحذير من الشرك وهدم البدع ووسائلها .
أما من كانت بضاعته التقليد البحت ، ويتعصب للقول المختار عنده وينكر على من خالفه ، فهذا مخالف لشرع الله تعالى الآمر بالتحاكم إلى الكتاب والسنة وما اختلفتم فيه من شيء ، فحكمه إلى الله ، فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله وإلى الرسول ذلك خير وأحسن تأويلاً .
فمن هذا الباب وجب علينا جميعاً أن نسعى جاهدين لطلب العلم من مصادره الأصلية على أهل العلم حتى نعبد الله تعالى على علم وبصيرة ويقين .
وهكذا لا يجوز السكون عن الباطل لأن سكوت عن الباطل يورث الإعراض عن الحق
فمن الأسباب العظمى في تأثير الفتن في الناس تقاعس أهل الحق عن بيان الحق والكشف عن الباطل والتحذير منه
قال ابن قتيبة رحمه الله في الاختلاف في اللفظ 60
وإنما يقوى الباطل بالسكوت عنه .
وقال ابن عقيل رحمه الله في شفاء الصدورفي زيارة المشاهد والقبور 147
لو سكت المحقون ونطق المبطلون لتعود البشر ما شاهدوا وأنكروا ما لم يشاهدوا فمتى رام المتدين إحياء سنة أنكرها الناس وظنوها بدعة .
وقال المقبلي رحمه الله في العلم الشامخ 301
وما ضل وأضل إلا تهان العلماء بالصدع عن الحق .
وقال ابن الوزير رحمه الله في العواصم والقواصم 1|223
ولو أن العلماء تركوا الذب عن الحق خوفاً من كلام الخلق لكانوا قد أضاعوا كثيراً وخافوا حقيراً.
وقال عبدالله بن عبد الرحمن رحمه الله في عيون المسائل 1|441
والتساهل في رد الباطل وقمع الداعي إليه يترتب عليه قلع أصول الدين وتمكين أعداء الله المشركين من الملة والدين .
وقال محمد بن البشير الإبراهيمي في الآثار
واجب العالم الديني أن ينشط إلى الهداية كلما نشط الضلال وأن يسارع إلى نصرة الحق كلما رأى الباطل يصارعه وأن يحارب البدعة والضرر والفساد قبل أن يمد مدها وتبلغ أشدها وقبل أن يتعودها الناس فترسخ جذورها في النفوس ويعسر اقتلاعها .
وأنا أسأل الله تعالى أن يطلق ألسنتنا بالحق والحكمة ويخرسها عن الباطل والفتنة أنه ذو الفضل والنعمة والعفو والرحمة
حرمة تعيين الرئيس ينظر الدعوة
سئل الشيخ الألباني-رحمه الله-: بعض الجماعات الإسلامية التي تدعو إلى العقيدة السلفية تتخذ لها أميراًعاماً وأمراء فرعيون ؟قال الشيخ: فهذا الأمير الذي نصب نفسه على جماعة من الناس يبلغون الألوف أوالملايين من أمره
فقوله " من أطاعني فقد أطاع الله ......"
هذا لا يصح بوجه من الوجوه دليلاً على أنه يجوز لكل جماعة لهم منهج لهم مسلك خاص ولو أنه كان على الشرع
لا يجوز لهم أن يتخذوا أميراً لأن ذلك يزيد المسلمين تفرقة وتباعداً وشقاقاً وإنما هذا الأمير الذي يجب طاعته هو الذي ولاه الإمارة الإمام الأول وهو خليفة المسلمين . السلفية 69
وقال سليم الهلالي-حفظه الله-:ي في القول المبين في جماعات المسلمين 59
واقع الأمة الإسلامية المعاصرة موصوف بحروف زيادة في السنة المظهرة ، ولذلك فعلى منظري العمل الإسلامي أن يكونوا علماء بالكتاب والسنة ولا يتركوا تقدير الأمور لتجاربهم وعقولهم وإلهاماتهم ولذلك فوجود ما يسمى بعلماء الحركة أو الواقع الجاهلين بالكتاب والسنة هو ابتعاد بالجماعات العاملة في ميدان الدعوة إلى الله عن مصدر عزتها وينبوع هدايتها .
وقال الألباني-رحمه الله- كما في السلفية 110
الفرقة الناجية ومن علامة هؤلاء أنهم لا يتحزبون لحزب واحد ولا ينتمون لرأس واحد يأمرهم بما يشاء وينهاهم عما يشاء ،
وإنما مرجعهم كلهم إلى قول الله تبارك وتعالى فإن تنازعتم في شيئ فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً
وقال محمد بن عمر بازمون حفظه الله في المنهج السلفي 35
فلا تنظيم لديهم ولا رئيس ولا مرشد ولا متبوع غير رسول الله.
لا يجوز التكتل جلسات السرية
ربما يكون الاستتار عن الناس مرحلة أولى من مراحل مفارقة الجماعة الذي يؤدي إلى التحزب ثم التفرق، وهذا يخالف الاوامر الصريحة الكثيرة في لزوم الجماعة وحسم مادة الخلاف.إذ لو كان اجتماع القوم على المعروف لم يكن معنى لاستتارهم عن جماعة المسلمين، فكان ذلك قرينة قوية على تأسيس الضلالة.
قال محمد بن النضر الحارثي رحمه الله : إن أصحاب الأهواء قد أخذوا في تأسيس الضلالة وطمس الهدى فاحذروهم . حلية الأولياء8/218
وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله:
إذا رأيت قوماً يتناجون في دينهم دون العامة فاعلم أنهم في تأسيس الضلالة . حلية الأولياء 5 / 338
سئل الألباني رحمه الله : بعض الجماعات الإسلامية التي تتخذ منهجهاً منهج السلف قد يكون بعض المنتمين إليها قد أخطأ أو وقع في خلاف فقهي أو في تقديم الدعوة وبعد ذلك فصل لاختلافه مع أميرهم أورئيسهم فهل هذا الفصل يبعده عن أصله في منهجه ؟
قال الشيخ أما أسمعه الآن في هذا السؤال من أن يفصل المسلم عن الجماعة أو الجماعة السلفية لمجرد أنه أخطأ في مسألة أو في أخرى فما أرى هذا إلا من عدى الأحزاب الآخرى هذا الفصل هو من نظام بعض الأحزاب الإسلامية التي تتبنى المنهج السلفي منهجاً في الفقه والفهم للإسلام
وإنما هو حزب بعلب عليه ما يغلب على الأحزاب الآخرى من التكتل والتجمع على أساس دولة مصغرة من خرج عن طاعة رئيسها أنذر أولاً وثانياً وثالثاً وربما ثم حكم بفصله ،
مثل هذا لا يجوز أن يتبناه جماعة ينتمون بحق إلى كتاب الله وإلى حديث رسول الله وعلى منهج السلف الصالح
فنحن نعلم جميعاً أن سلفنا الصالح وعلى رأسهم أصحاب النبي صلى الله عليه قد كانوا مختلفين في بعض المسائل ولم يكن مثل هذا الاختلاف أولاً سبباً لإيجاد شيئاً من الفرقة بينهم خلافاً لاختلاف الخلف فقد صاروا بسبب اختلافهم مذاهب شتى وطرائق قدداً .
وقال محمد بن عمر بازمول حفظه الله في المنهج السلفي 35
ليس لديهم تنظيم سري ولا بيعة داخلية ولا لقاءات خفية ولا تربيب باطني أو نحوه ولا يخفون شيئاً عن ولاة الأمر.
عن عامة الناس ولا لديهم تنظيماً هرمياً ولا خلايا ولا أجنحة بل هم مع ولاة الأمر وعموم المسلمين على ما جاء في شرع الله تعالى بالنصيحة ظاهراً وباطناً .
وقال مطرف : كنا نأتي زيد بن صوحان وكان يقول : يا عباد الله أكرموا وأجملوا فإنما وسيلة العباد إلى الله بخصلتين الخوف والطمع ؛ فأتيته ذات يوم وقد كتبوا كتاباً فنسقوا كلاما من هذا النحو إن الله ربنا ومحمد نبينا والقرآن إمامناً , ومن كان معنا كنا وكنا له , ومن خالفنا كانت يدنا عليه , وكنا وكنا قال : فجعل يعرض الكتاب عليهم رجلاً رجلاً فيقولون : أقررت يا فلان حتى انتهوا إلي فقالوا أقررت يا غلام؟ قلت : لا قال : لا تعجلوا على الغلام ما تقول يا غلام؟ قال: قلت : إن الله قد أخذ علي عهداً في كتابه فلن أحدث عهداً سوى العهد الذي أخذه الله عز وجل علي . قال : فرجع القوم من عند آخرهم ما أقر به أحد منهم. قال : قلت لمطرف : كم كنتم؟ قال: زهاء ثلاثين رجلاً . الحلية 2|204 سير أعلام النبلاء 4 / 192
حرمة العمل ما أحدث به المحدثون
قال ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله في مقدمته وترك ما أحدثه المحدثون .
وقال أحمد بن مشرف الاحسائى رحمه الله في نظمه
واترك ما احدثه المحدثون فكم ضلالة تبعث والدين قد هجرا
أن الهدى ماهدى الهادى إليه ومابه الكتاب كتاب الله قد أمرا
وقال عبد المحسن العباد حفظه الله في قطف الجنى الداني شرح مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني 184
لما بين ابن أبي زيد رحمه الله أن طريقة أهل السنة والجماعة اتباع السلف الصالح واقتفاء آثارهم والاستغفار لهم، وترك المراء والجدال في الدين، عقب ذلك ببيان أن طريقتهم ترك ما أحدثه المحدثون، أي ابتدعه المبتدعون في دين الله، وقد جاءت أدلة في الكتاب والسنة وآثار السلف الصالح في التحذير من البدع والمحدثات، قال الله عز وجل: { وأن هذا صراطي مستقيمًا فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون } ، وقال: { اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلًا ما تذكرون } ، وقال في الحديث المتفق على صحته عن عائشة رضي الله عنها: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ، وفي لفظ لمسلم: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد .
وقال يحيى بن علي الحجوري حفظه الله في شرح مقدمة القيروانية
هذه والله نصيحة جميلة اترك ما أحدثه المحدثون كم من ضلالة في الدين ما زال هو الدين ، دين الله ثابت بالكتاب والسنة ومن ابتغاه وجده .
الدرر السنية في الأجوبة النجدية 3 / 279
والعلم كل العلم في الوقوف مع السنة، وترك ما أحدثه الناس من العبارات المبتدعة.
كيف يعرف الحزبي المتستر في الأمة
وقد سئل الوادعي رحمه الله كما في تحفة المجيب على أسئلة الحاضر والغريب 1 / 88كيف يحذر الشباب من الحزبيات غير الظاهرة والتي لا يحذر منها إلا قليل من الناس وكيف يعرف الشاب أنه خالف منهج السلف في ذلك؟
يعرف بالولاء الضيق، فمن كان معهم فهم يكرمونه، ويدعون الناس إلى محاضراته وإلى الالتفاف حوله، ومن لم يكن معهم فهو يعتبر عدوهم. وكما أن الناس يسألون العلماء في الصلاة والطلاق والزكاة والحج والمعاملات، ينبغي أن يسألوا أهل العلم ويصفوا لهم أصحاب الولاء الضيق، هل هي معاملة إسلامية أم ليست معاملة إسلامية وكما قال الله عز وجل: {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم}، وقال: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}، وقال أيضًا: {وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون}.
وقال في أصحاب قارون عند أن خرج في زينته: {فخرج على قومه في زينته قال الذين يريدون الحياة الدنيا ياليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم * وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحًا ولا يلقاها إلا الصابرون}.
وإياك أن تبيع دينك وعمرك بشيء من المال تافه زائل، فقد أضاعوا أعمارهم وأضاعوا دينهم بالجري بعد الحزبيات، سواء أكانت حزبية مغلفة أم حزبية ظاهرة، والحزبية المغلفة ستظهر عند الانتخابات فمحمد المهدي يقول: من يقنعني بأنني حزبي؟ وهكذا غير محمد المهدي.
وقال أيضاً وإذا خرج عن منهج السلف إما إلى التصوف، أو التشيع أو إقامة الموالد أو الترحيب بالقوانين الوضعية، أو الولاء الضيق كالحزبية، التي هي ولاء ضيق فيوالي من أجل الحزب ويعادي من أجل الحزب. إذا كان حزب الله فلا بأس أن توالي وتعادي من أجله ولكن كما يقول ربنا عز وجل: {فتقطعوا أمرهم بينهم زبرًا كل حزب بما لديهم فرحون}.
وسئل زيد المدخلي حفظه الله كما في العقد المنضد 43
متى يكون الرجل حزبياً ؟
فأجاب قائلاً نقده لأهل السنة وتغير وجهه إذا سمع من يرد على الحزبيين ووقوعه في أعراض الدعاة إلى المتسك بما عليه أهل الأثر وهجومه على العلماء ....
الاعتصام للشاطبي رحمه الله 1 / 68
وقال أحمد بن أبي الحواري رحمه الله: من عمل عملاً بلا اتباع سنة فباطل عمله .
وقال أبو حفص الحداد رحمه الله: من لم يزن أفعاله وأحواله في كل وقت بالكتاب والسنة ولم يتهم خواطره فلا تعده في ديوان الرجال . وسئل عن البدعة فقال : التعدي في الأحكام ، والتهاون في السنن ، واتباع الآراء والأهواء ، وترك الاتباع والاقتداء قال : وما ظهرت حالة عالية إلا من ملازمة أمر صحيح .
وسئل حمدون القصار رحمه الله : متى يجوز للرجل أن يتكلم على الناس ؟ فقال : إذا تعين عليه أداء فرض من فرائض الله في عمله ، أو خاف هلاك إنسان في بدعة يرجو أن ينجيه الله منها .
وقال : من نظر في سير السلف رحمهم الله عرف تقصيره ، وتخلفه عن درجات الرجال ،وهذه ـ والله أعلم ـ إشارة إلى المثابرة على الاقتداء بهم فإنهم أهل السنة .
وقال ابن الوزير رحمه الله في إيثار الحق على الخلق 1 / 85
فإن قيل فمن أين جاء الاختلاف الشديد فاعلم أن منشأ معظم البدع يرجع إلى أمرين واضح بطلانهما فتأمل ذلك بانصاف وشد عليه يديك وهذان الأمران الباطلان هما الزيادة في الدين باثبات ما لم يذكره الله تعالى ورسله عليهم السلام من مهمات الدين الواجبة والنقص منه بنفي بعض ما ذكره الله تعالى ورسله من ذلك بالتأويل الباطل .
وقال ابن الأثير رحمه الله في النهاية في غريب الأثر 1 / 945
أي تتعصب وتسعى سعي جماعتها الذين يتحزبون لها .
وقال أيضاً في النهاية في غريب الأثر 4 / 830
أي يتحزبون أحزاباً ويتميز بعضهم من بعض ويقع التنازع
يقال : مزت الشيء من الشيء إذا فرقت بينهما فانماز وامتاز وميزته فتميز .
وقال المباركفوري رحمه الله في تحفة الأحوذي 3 / 313
عن عائشة رضي الله عنها بلفظ قالت قال رسول الله صلى الله عليه و سلم الفطر يوم يفطر الناس والأضحى يوم يضحي الناس .أخرجه الترمذي
معنى الحديث إنه إخبار بأن الناس يتحزبون أحزاباً ويخالفون الهدي النبوي فطائفة تعمل بالحساب وعليه أمة من الناس وطائفة يقدمون الصوم والوقوف بعرفة وجعلوا ذلك شعاراً وهم الباطنية وبقي على الهدى النبوي الفرقة التي لا تزال ظاهرة على الحق فهي المرادة بلفظ الناس في الحديث وهي السواد الأعظم ولو كانت قليلة العدد.
وأهل الباطل يجعلون باطلهم حقاً يوالون ويعادون كما قال شيخ الإسلام رحمه الله كما في مجموع الفتاوى 16 / 51
وكذلك صرف الذهن إلى حكاية أقوال الناس ونتائج أفكارهم . وكذلك تأويل القرآن على قول من قلد دينه أو مذهبه فهو يتعسف بكل طريق حتى يجعل القرآن تبعًا لمذهبه وتقويةً لقول إمامه وكل محجوبون بما لديهم عن فهم مراد الله من كلامه في كثير من ذلك أو أكثره .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في مجموع الفتاوى 11 / 92
وأما " رأس الحزب " فإنه رأس الطائفة التي تتحزب أي تصير حزبًا فإن كانوا مجتمعين على ما أمر الله به ورسوله من غير زيادة ولا نقصان فهم مؤمنون لهم ما لهم وعليهم ما عليهم . وإن كانوا قد زادوا في ذلك ونقصوا مثل التعصب لمن دخل في حزبهم بالحق والباطل والإعراض عمن لم يدخل في حزبهم سواءٌ كان على الحق والباطل فهذا من التفرق الذي ذمه الله تعالى ورسوله فإن الله ورسوله أمرا بالجماعة والائتلاف ونهيا عن التفرقة والاختلاف وأمرا بالتعاون على البر والتقوى ونهيا عن التعاون على الإثم والعدوان .
حرمة التسول باسم الدعوة
قال شيخ الإسلام رحمه الله في اقتضاء الصراط 1 / 25لأن فساد الدين إما أن يقع بالاعتقاد الباطل والتكلم به أو يقع في العمل بخلاف الاعتقاد الحق والأول هو البدع ونحوها والثاني هو فسق الأعمال ونحوها
والأول من جهة الشبهات والثاني من جهة الشهوات
ولهذا كان السلف يقولون احذروا من الناس صنفين صاحب هوى قد فتنه هواه وصاحب دنيا أعمته دنياه
وكانوا يقولون احذروا فتنة العالم الفاجر والعابد الجاهل فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون فهذا يشبه المغضوب عليهم الذين يعلمون الحق ولا يتبعونه وهذا يشبه الضالين الذين يعملون بغير علم
ووصف بعضهم أحمد بن حنبل فقال رحمه الله عن الدنيا ما كان أصبره وبالماضين ما كان أشبهه أتته البدع فنفاها والدنيا فأباها
وقد وصف الله أئمة المتقين فقال وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون فبالصبر تترك الشهوات وباليقين تدفع الشبهات
وقال سفيان الثوري رحمه الله كما في سير أعلام النبلاء13 / 280 7/244
المال داء هذه الأمة، والعالم طبيب هذه الأمة، فإذا جر العالم الداء إلى نفسه، فمتى يبرئ الناس؟
وقال ابن رجب رحمه الله في كشف الكربة في وصف أهل الغربة 4
ولهذا كان أهل الإسلام على غاية من الاستقامة في دينهم ، وهم متعاضدون متناصرون ، وكانوا على ذلك في زمن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما .
ثم أعمل الشيطان مكائده على المسلمين وألقى بأسهم بينهم ، وأفشى بينهم فتنة الشبهات والشهوات ، ولم تزل هاتان الفتنتان تتزايدان شيئاً فشيئاً حتى استحكمت مكيدة الشيطان وأطاعه أكثر الخلق ، فمنهم من دخل في طاعته في فتنة الشبهات ، ومنهم من دخل في فتنة الشهوات ، ومنهم من جمع بينهما ، وكل ذلك مما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بوقوعه .
وقال صالح بن فوزان حفظه الله في إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد 1 / 76
لأن دين الإسلام دين جماعة، لا دين تفرق واختلاف، فليس فيه تفرق وأحزاب، وجماعات وجمعيات متفرقة .
وقال أبو بكر عبد الرزاق النهمي حفظه الله في معالم الدعوة 33
فأهل السنة لا يسألون الناس أموالهم ولا يقومون بالمحاضرات ثم يسألون الناس تبرعات ويفرشون على الأبواب الأردية والعمائم لجمع أموال الناس ،
وأنه لمن المصائب على المرء أن يجعل الدين وسيلة للدنيا ويتنازل عن دينه من أجل المطامع الدنيوية .
حرمة إحداث الآراء تخالف شرع الله
قال الشاطبي رحمه الله في الاعتصام 1 / 297إذ ليس لأحد من خلق الله أن يخترع في الشريعة من رأيه أمراً لايوجد عليه منها دليل ، لأنه عين البدعة .
وهذا الاختراع عين البدعة ومخترعه هو المبتدع
وقال البربهاري رحمه الله في شرح السنة22
واعلم رحمك الله أن الدين إنما جاء من قبل الله تبارك وتعالى لم يوضع على عقول الرجال وآرائهم وعلمه عند الله وعند رسوله فلا تتبع شيئاً بهواك .
وقال أيضاً في شرح السنة 46
وليس لأحد رخصة في شيء أحدثه مما لم يكن عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم أو يكون رجل يدعو إلى شيء أحدثه من قبله من أهل البدع فهو كمن أحدثه فمن زعم ذلك أو قال به فقد رد السنة وخالف الحق والجماعة وأباح الهوى وهو أشر على هذه الأمة من إبليس .
وقال الربيع رحمه الله كما في قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث 1 / 235
قال الشافعي رحمه الله لم أسمع أحداً نسبته إلى العلم أو نسبته العامة إلى علم أو نسب نفسه إلى علم يحكي خلافاً في أن فرض الله تعالى اتباع أمر رسول الله والتسليم لحكمه فإن الله تعالى لم يجعل لأحد بعده إلا اتباعه وإنه لا يلزم قول رجل قال إلا بكتاب الله تعالى أو سنة رسول الله وإن ما سواهما تبع لهما .
وقال سعيد بن الحصين في حقيقة الدعوة إلى الله 96
الدعوة إلى الله عبادة ولها منهاج شرعي لا يتغير بتغير الطروف والأحوال ولا دخل للفكر البشري في توجيهه ولا يحكم عليه بالنتائج .
و قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: « سن رسول الله صلى الله عليه وسلم وولاة الأمر من بعده سنناً ، الأخذ بها اتباع لكتاب الله تعالى ، واستكمال لطاعة الله تعالى ، وقوة على دين الله ، ليس لأحد من الخلق تغييرها ، ولا تبديلها ، ولا النظر في شيء خالفها ، من اهتدى بها فهو مهتد ، ومن استنصر بها فهو منصور ، ومن تركها اتبع غير سبيل المؤمنين ، وولاه الله ما تولى ، وأصلاه جهنم وساءت مصيراً » الشريعة للآجري رحمه الله 1 / 102
وقال ابن عبد البر رحمه الله في جامع بيان العلم 2/194
ليس لأحد من علماء الأمة يثبت حديثاً عن النبى صلى الله عليه وسلم ثم يرده دون ادعاء نسخ عليه بأثر مثله، أو إجماع، أو بعمل يجب على أصله الانقياد إليه، أو طعن فى سنده، ولو فعل ذلك أحد سقطت عدالته، فضلاً عن أن يتخذ إماماً ولزمه إثم الفسق .
وقال صالح الفوزان حفظه الله في اتحاف القارئ 1\87
الدين توقيفي وهو ابتاع وليس ابتداعاً وابتكاراً، الابتكار يكون في الصناعات والمنافع الدنيوية ، أما الدين فلا يحدث فيه شيئ بعد وقاة الرسول لأن التشريع انتهى بوفاة الرسول فما علينا إلا الاتباع وألا نحدث شيئاً من عندنا ونقول هذا هو الذي يصلح لهذا العصر ،
الإمام مالك رحمه الله : يقول لا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها .
الذي أصلح أولها هو الكتاب والسنة فلا يصلح آخر هذه الأمة إلا الكتاب والسنة واتباع هدي السلف الصالح .
وقال أيضاً 1\107
فالدين باق إلى أن تقوم الساعة ولا يتغير بتغير الزمان وهو شامل للزمان والمكان ، وإنما الذي يتغير الاجتهادات البشرية التي تخطئ وتصيب ، أما الدين نفسه فلا يتغير لأنه صالح لكل زمان ولكل مكان لأنه تنزيل من حكيم حميد ، ولهذا يوصون ويقولون عليكم بالكتاب والسنة بفهم السلف الصالح لا تحدث فهماً من عندك أو من عند المتاخر .
وقال أيضاً 1\120
والعقيدة توقيفية لا مجال للزيادة فيها أبداً ، مدارها على ما جاء عن الله ورسوله وما خالف ما جاء عن الله ورسوله فإنه باطل وضلال فهذا معنى قول العلماء أن العقيدة توقيفية لا يدخلها القياس .
وقال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما
من أحدث رأياً ليس في كتاب الله ولم تمض به سنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يدر ما هو عليه إذا لقي الله عز وجل .أخرجه الدارمي في سننه 1/ 57 وأخرجه ابن وضاح في البدع والنهي عنها 38. وأورده الشاطبي في الاعتصام 1/ 81.
وقال صالح الفوزان حفظه الله في إعانة المستفيد 1 / 266
وأشار عليهم بمشورة ظاهرها الخبر، وأن هذه وسيلة للنشاط على العبادة، والتقوى، والصلاح، والإقتداء بهؤلاء، إذا رأوا صورهم تذكروا صلاحهم وحالتهم فاقتدوا بهم، هذا ظاهر نصيحته، ولكنه في الباطن يمكر بهم، لأنه يرمي إلى مرمى بعيد لعنه الله، ينظر إلى العواقب، إلى الأجيال القادمة، يؤسس هذا الأساس للأجيال القادمة، وإلا فإنه يعرف أن هؤلاء ما دام العلم موجوداً، وما دام أنهم على التوحيد لن يتركوا عبادة الله عز وجل، فقبلوا هذه المشورة لأن ظاهرها أنها خير، وابتدعوا هذه البدعة. وهذا دليل على أن البدع لا تجوز وإن كان ظاهرها الخير، وإن كانت نية أصحابها الخير.
لا يجوز الدعاء إلى أصول ابتدعها أناس
قال أبوالحسين رحمه الله في كتاب التوحيد أن الدعوة إلى الله طريق من اتبعه صلى الله عليه وسلم.
والتنبيه على الإخلاص، لأن كثيراً لو دعا إلى الحق فهو يدعو إلى نفسه.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في مجموع الفتاوى 13 / 58
أن السلف كان اعتصامهم بالقرآن والإيمان . فلما حدث في الأمة ما حدث من التفرق والاختلاف صار أهل التفرق والاختلاف شيعًا . صار هؤلاء عمدتهم في الباطن ليست على القرآن والإيمان ولكن على أصول ابتدعها شيوخهم عليها يعتمدون في التوحيد والصفات والقدر والإيمان بالرسول وغير ذلك ثم ما ظنوا أنه يوافقها من القرآن احتجوا به وما خالفها تأولوه ؛ فلهذا تجدهم إذا احتجوا بالقرآن والحديث لم يعتنوا بتحرير دلالتهما ولم يستقصوا ما في القرآن من ذلك المعنى ؛ إذ كان اعتمادهم في نفس الأمر على غير ذلك والآيات التي تخالفهم يشرعون في تأويلها شروع من قصد ردها كيف أمكن ليس مقصوده أن يفهم مراد الرسول ؛ بل أن يدفع منازعه عن الاحتجاج بها .
وقال أيضاً كما في مجموع الفتاوى 13 / 62 64
فعلى كل مؤمن أن لا يتكلم في شيء من الدين إلا تبعًا لما جاء به
الرسول ولا يتقدم بين يديه ؛ بل ينظر ما قال فيكون قوله تبعًا لقوله وعمله تبعًا لأمره فهكذا كان الصحابة ومن سلك سبيلهم من التابعين لهم بإحسان وأئمة المسلمين ؛ فلهذا لم يكن أحد منهم يعارض النصوص بمعقوله ولا يؤسس دينًا غير ما جاء به الرسول وإذا أراد معرفة شيء من الدين والكلام فيه نظر فيما قاله الله والرسول فمنه يتعلم وبه يتكلم وفيه ينظر ويتفكر وبه يستدل فهذا أصل أهل السنة ، وأهل البدع لا يجعلون اعتمادهم في الباطن ونفس الأمر على ما تلقوه عن الرسول ؛ بل على ما رأوه أو ذاقوه ثم إن وجدوا السنة توافقه وإلا لم يبالوا بذلك فإذا وجدوها تخالفه أعرضوا عنها تفويضًا أو حرفوها تأويلًا . فهذا هو الفرقان بين أهل الإيمان والسنة وأهل النفاق والبدعة وإن كان هؤلاء لهم من الإيمان نصيب وافر من اتباع السنة لكن فيهم من النفاق والبدعة بحسب ما تقدموا فيه بين يدي الله ورسوله وخالفوا الله ورسوله ثم إن لم يعلموا أن ذلك يخالف الرسول ولو علموا لما قالوه لم يكونوا منافقين بل ناقصي الإيمان مبتدعين وخطؤهم مغفور لهم لا يعاقبون عليه وإن نقصوا به ،
وكل من خالف ما جاء به الرسول لم يكن عنده علم بذلك ولا عدل بل لا يكون عنده إلا جهل وظلم وظن .
وقال أبو المظفر رحمه الله في الإنتصار لأصحاب الحديث31
أنا قد دللنا فيما سبق بالكتاب الناطق من الله عز و جل ومن قول النبي صلى الله عليه وسلم ومن أقوال الصحابة رضي الله عنهم أنا أمرنا بالاتباع وندبنا إليه ونهينا عن الابتداع وزجرنا عنه
وشعار أهل السنة اتباعهم السلف الصالح وتركهم كل ما هو مبتدع محدث وقد روينا عن سلفهم أنهم نهوا عن هذا النوع من العلم وهو علم الكلام وزجروا عنه وعدوا ذلك ذريعة للبدع والأهواء .
وقال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله كما في مجموع الفتاوى10 / 363
فالعلم المشروع والنسك المشروع مأخوذ عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأما ما جاء عمن بعدهم فلا ينبغي أن يجعل أصلًا وإن كان صاحبه معذورًا بل مأجورًا لاجتهاد أو تقليد . فمن بنى الكلام في العلم : الأصول والفروع على الكتاب والسنة والآثار المأثورة عن السابقين فقد أصاب طريق النبوة وكذلك من بنى الإرادة والعبادة والعمل والسماع المتعلق بأصول الأعمال وفروعها من الأحوال القلبية والأعمال البدنية على الإيمان والسنة والهدي الذي كان عليه محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه فقد أصاب طريق النبوة وهذه طريق أئمة الهدى .
وقال أبو سليمان الخطابي رحمه الله في العزلة 7
الفرقة فرقتان فرقة الآراء والأديان وفرقة الأشخاص والأبدان ، والجماعة جماعتان : جماعة هي الأئمة والأمراء وجماعة هي العامة والدهماء . فأما الافتراق في الآراء والأديان فإنه محظور في العقول محرم في قضايا الأصول لأنه داعية الضلال وسبب التعطيل والإهمال . ولو ترك الناس متفرقين لتفرقت الآراء والنحل ولكثرت الأديان والملل ولم تكن فائدة في بعثة الرسل وهذا هو الذي عابه الله عز وجل من التفريق في كتابه وذمه في الآي التي تقدم ذكرها . وعلى هذه الوتيرة نجري الأمر أيضاً في الافتراق على الأئمة والأمراء فإن في مفارقتهم مفارقة الألفة وزوال العصمة والخروج من كنف الطاعة وظل الأمنة وهو الذي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه وأراده بقوله : « من فارق الجماعة فمات فميتته جاهلية » وذلك أن أهل الجاهلية لم يكن لهم إمام يجمعهم على دين ويتألفهم على رأي واحد بل كانوا طوائف شتى وفرقاً مختلفين آراؤهم متناقضة وأديانهم متباينة وذلك الذي دعا كثيراً منهم إلى عبادة الأصنام وطاعة الأزلام رأياً فاسداً اعتقدوه في أن عندها خيراً وأنها تملك لهم نفعاً أو تدفع عنهم ضراً .
من العدل والإنصاف ذكر المحاسن والمساوي
هكذا يسير من يدافع المخالفات والمعاصي وراء مقولة ظالمة باطلة، فينشرها بين الناس حسنات أهل المعاصي بحجة أن ذلك عين الإنصاف!!!قال صالح الفو زان حفظه الله في الأجوبة الفيدة
إذا ذكرت محاسنهم فمعناه أنت دعوت لاتباعهم، لا، لا تذكر محاسنهم .
أذكر الخطأ الذي هم عليه فقط .
لأنه ليس موكولاً إليك أن تزكي وضعهم، أنت موكول إليك بيان الخطأ الذي عندهم من أجل أن يتوبوا منه، ومن أجل أن يحذره غيرهم، والخطأ الذي هم عليه ربما يذهب بحسناتهم كلها إن كان كفرًا أو شركًا، وربما يرجح على حسناتهم، وربما تكون حسنات في نظرك وليست حسنات عند الله .
وقال ربيع حفظه الله في النصر العزيز على الرد الوجيز حوار مع عبدالرحمن عبدالخالق
وسئل سماحة الشيخ عبدالعزيز بن بازحفظه الله ووفقه السؤال التالي :
بالنسبة لمنهج أهل السنة في نقد أهل البدع وكتبهم ؛ هل من الواجب ذكر محاسنهم ومساوئهم ، أم فقط مساوئهم ؟
فأجاب ـ وفقه الله ـ :
"المعروف في كلام أهل العلم نقد المساوئ للتحذير ، وبيان الأخطاء التي أخطؤوا فيها للتحذير منها ..........
ثم سؤل الشيخ ـ الألباني حفظه الله ـ سؤالاً عن هذا الموضوع فأجاب :
"ما يطرح اليوم في ساحة المناقشات بين كثير من الأفراد حول ما يسمى . . أو حول هذه البدعة الجديدة المسماة بالموازنة في نقد الرجال.
أنا أقول : النقد إما أن يكون في ترجمة الشخص المنتقد ترجمة تاريخية فهنا لا بد من ذكر ما يحسن وما يقبح بما يتعلق بالمترجم من خيره ومن شره،
أما إذا كان المقصود بترجمة الرجل هو تحذير المسلمين وبخاصة عامتهم الذين لا علم عندهم بأحوال الرجال ومناقب الرجال ومثالب الرجال؛ بل قد يكون له سمعة حسنة وجيدة ومقبولة عند العامة، ولكن هو ينطوي على عقيدة سيئة أو على خلق سيئ، هؤلاء العامة لا يعرفون شيئاً من ذلك عن هذا الرجل . . حين ذاك لا تأتي هذه البدعة التي سميت اليوم بـالموازنة، ذلك لأن المقصود حين ذاك . . النصيحة وليس هو الترجمة الوافية الكاملة، ومن درس السنة والسيرة النبوية لا يشك ببطلان إطلاق هذا المبدأ المحدث اليوم وهو الموازنة
ثم قال الألباني
هذه طريقة المبتدعة حينما يتكلم العالم بالحديث برجل صالح أو عالم وفقيه فيقول عنه سئ الحفظ هل يقول إنه مسلم وإنه صالح وإنه فقيه وإنه يرجع إليه في استنباط الأحكام الشرعية . . الله أكبر . الحقيقة القاعدة السابقة مهمة جداً تشمل فرعيات عديدة خاصة في هذا الزمان .
من أين لهم أن الإنسان إذا جاءت مناسبة لبيان خطأ مسلم إن كان داعية أو غير داعية لازم ما يعمل محاضرة ويذكر محاسنه من أولها إلى آخرها الله أكبر شيء عجيب والله شيء عجيب . . وضحك الشيخ هنا تعجباً .
وسئل الشيخ صالح بن محمد اللحيدان في محاضرته التي ألقاها بالرياض بعنوان سلامة المنهج دليل الفلاح السؤال الآتي :
فضيلة الشيخ : هل من منهج أهل السنة والجماعة في التحذير من أهل البدع والضلال ذكر محاسن المبتدعة والثناء عليهم وتمجيدهم بدعوى الإنصاف والعدل ؟
فأجاب : وهل كانت قريش في الجاهلية وأئمة الشرك ، لا حسنة لأحدهم ؟!
هل جاء في القرآن ذكر حسنة من حسناتهم ؟!
هل جاء في السنة ذكر مكرمة من مكارمهم ؟!
وكانوا يكرمون الضيف ، كان العرب في الجاهلية يكرمون الضيف ، ويحفظون الجار ومع ذلك لم تذكر فضائل من عصى الله جل وعلا .
ليست المسألة مسألة تعداد المحاسن والمساوئ ، وإنما مسألة تحذير من خطر.
وإذا أراد الإنسان أن ينظر ، فلينظر إلى أقوال الأئمة كأحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعلي بن المديني وشعبة .
هل كان أحدهم إذا سئل عن شخص مجروح وقال : كذاب . هل قال: ولكنه كريم الأخلاق ، جواداً في بذل المال ، كثير التهجد في الليل ؟!
وإذا قالوا مختلط . إذا قالوا : أخذته الغفلة . هل كانوا يقولون : ولكن فيه . . ولكن فيه . . ولكن فيه ؟!! لا . . لماذا يطلب من الناس في هذا الزمن، إذا حذر من شخص أن يقال : ولكنه كان فيه . .وكان فيه . . وكان فيه؟!!
هذه دعايات من يجهل قواعد الجرح والتعديل ، ويجهل أسباب تحقيق المصلحة ، والتنفير من ضياعها .
وسئل الشيخ عبدالمحسن العباد حفظه الله هذا السؤال في درس سنن النسائي في يوم الجمعة بتاريخ 20/11/1416هـ وشريط رقم 18942 تسجيلات المسجد النبوي :
هل من منهج السلف : أني إذا انتقدت مبتدعاً ليحذر الناس منه يجب أن أذكر حسناته لكي لا أظلمه ؟
فأجاب بقوله : لا . . لا ما يجب إذا حذرت من بدعة وذكرت البدعة وحذرت منها ، فهذا هو المطلوب ولا يلزم أنك تجمع الحسنات وتذكر الحسنات؛ وإنما للإنسان أن يذكر البدعة ويحذر منها وأنه لا يغتر بها .
وقال أيضاً : لأن القضية ما هي قضية معرفة جميع ما له وما عليه؛ لأن المهم في الأمر هذه النقاط التي تبعث على الانصراف عنه والعدول عنه، لأنه هذا هو المقصود ، ما هو المقصود أنه لا يذكر أحد إلا بعد ما يبحث عن حسناته، وهل له حسنات أو ليس له حسنات. . لا . يعني الكلام استشير في شخص هذه المشورة تتعلق بكونه صالح لأن يعامل هذه المعاملة أو أن الأولى للإنسان أن لا يعامله، وما هو السبب الذي يجعل الإنسان لا يعامل ، فهو بحاجة إلى سبب عدم التعامل، وأما كونه يبحث عن حسناته ويقول فيه صفات طيبة ، وفيه صفات كذا . . وفيه صفات كذا . .
يعني هذا الحديث يدل على أنه ليس بلازم ؛ لأن المهم في الأمر ما يبعث على الرغبة. . إن كان ما فيه شيء أو يبعث على العدول عنه إذا كان فيه شيء لا يصلح ولا ينبغي.
وهذا قول أهل العلم في إبطال قاعدة الموازنة بين المحاسن والمساوي عند التحذير,
مثل ابن عثيمين والعبيكان و أحمد النجمي والوادعي ويحيى بن علي الحجوري وغيرهم من أهل العلم.
وقد بين الله في كتابه في إبطال هذه القاعدة الفاجرة .
هل يفرق بين صاحب السنة إذا أخطأ، وبين صاحب البدعة؟
سئل الشيخ العلامة الفقيه زيد بن محمد المدخلي كما في المعجم الجامع في تراجم العلماء و طلبة العلم المعاصرين 267
فأجاب فضيلته : لا ... صاحب السنة إذا أخطأ لا يترك على خطئه، ولكن يبين له الخطأ، ولا يعامل معاملة أهل البدع، يعامل معاملة أهل السنة بالمناقشة، والتعقيب فيما بينه ليرجع، وصاحب السنة صاحب محبة للهدى، فإذا تبين له الدليل رجع عن قوله، وأعلن في الناس بأنني أخطأت، ويسحب ما كان كتبه أو يسحب ما قاله لكن إذا تعصب متعصب بنزغة شيطانية فأبى أن يبقى على الباطل، والخطأ يبين للناس الصواب ، ويبين خطأ العبارة، وخطأ الكتاب، أو المؤلف، وما شاكله هذه قضية، وصاحب السنة لا يعامل معاملة أصحاب البدع، فأهل البدع يرد عليهم وعلى كتبهم واشرطتهم ومطوياتهم، وإذا احتاج المقام إلى ذكر أسمائهم فليذكروا ولا كرامة بنية النصيحة للمسلمين .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وليس لأحد أن يحكم على عالم بإجماع المسلمين بل يبين له أنه قد أخطأ، فإن بين له بالأدلة الشرعية التى يجب قبولها أنه قد أخطأ وظهر خطؤه للناس، ولم يرجع بل أصر على إظهار ما يخالف الكتاب والسنة والدعاء إلى ذلك، وجب أن يمنع من ذلك، ويعاقب إن لم يمتنع، وأما إذا لم يبين له ذلك بالأدلة الشرعية لم تجز عقوبته باتفاق المسلمين، ولا منعه من ذلك القول، ولا الحكم عليه بأنه لا يقوله، إذا كان يقول إن هذا هو الذي دل عليه الكتاب والسنة، كما قاله فلان وفلان من علماء المسلمين، فهذا إذا اجتهد فأخطأ لم يحكم عليه إلا بالكتاب والسنة والمنازع له يتكلم بلا علم". مجموع الفتاوى 35/382
وقال صالح الفوزان حفظه الله كما في المنتقى من فتاوى الفوزان
ومن الناس من إذا بين له الخطأ؛ لا يرجع، ويكون عنده تكاسل؛ لأن هواه ينازعه، ونفسه تنازعه؛ فهذا يحتاج إلى موعظة؛ بأن يخوف بالله عز وجل، ويبين له عقوبة من استمر على المعصية بعد معرفتها .
رد البدعة بالبدعة بدعة
إن استعمال ألفاظ الشرع عبادة والأصل أن تستعمل في كل ما يتعلق بالردود غيرها.قال السرخسي رحمه الله المبسوط 27 / 268
التعبير في ألفاظ الشرع يجب لأنها لا تخلو عن حكمة حميدة .
وقال ابن العثيمين رحمه الله في الشرح الممتع على زاد المستقنع 2 / 42
ينبغي مراعاة ألفاظ الشرع، فما جاء بلفظ الفرض فليعبر عنه بالفرض، وإلا فبما عبر عنه الشارع؛ لأن هذا أولى في المتابعة.
وقال ابن أبي عز رحمه الله: التعبير عن الحق بالألفاظ الشرعية النبوية الإلهية هو سبيل أهل السنة والجماعة . شرح الطحاوية 529
وقال أيضاً : فكذلك يجب أن لا يعدل عن الألفاظ الشرعية نفياً ولا إثباتاً، لئلا يثبت معنى فاسد، أو ينفى معنى صحيح, وكل هذه الألفاظ المجملة عرضة للمحق والمبطل. شرح الطحاوية 221
وقال أبو العباس رحمه الله : فطريقة السلف والأئمة أنهم يراعون المعاني الصحيحة المعلومة بالشرع والعقل ويراعون أيضاً الألفاظ الشرعية فيعبرون بها ما وجدوا إلى ذلك سبيلاً ومن تكلم بما فيه معنى باطل يخالف الكتاب والسنة ردوا عليه ومن تكلم بلفظ مبتدع يحتمل حقاً وباطلاً نسبوه إلى البدعة أيضاً وقالوا إنما قابل بدعة ببدعة ورداً باطلاً بباطل . درء تعارض العقل والنقل 1 / 254
وقال محمد بن خليفة في معتقد أهل السنة والجماعة في توحيد الأسماء والصفات 84
فمن الأصول الكلية عند السلف أن الألفاظ الشرعية لها حرمتها، ومن تمام العلم أن يبحث عن مراد الله ورسوله بها ليثبت ما أثبته الله ورسوله من المعاني، وينفى ما نفاه الله ورسوله من المعاني. مجموع الفتاوى 12/113 114
والواجب استعمال الكتاب والسنة في جميع الأمور . جامع الرسائل 2 / 303 قاعدة في المحبة 117
ترك مناظرة أهل الأهواء
قال الله تعالى{فذكر إن نفعت الذكرى} [الأعلى: 9].قال الشنقيطي في أضواء البيان 8 / 503
محل التذكير ما لم يكن مقطوعاً بعدم نفعه كمن بين له مراراً فأعرض كأبي لهب وقد أخبر الله عنه بماله فلا نفع في تذكيره.
وقال السعدي في تفسيره1 / 920
ومفهوم الآية أنه إن لم تنفع الذكرى، بأن كان التذكير يزيد في الشر، أو ينقص من الخير، لم تكن الذكرى مأمورًا بها، بل منهيًا عنها، فالذكرى ينقسم الناس فيها قسمين: منتفعون وغير منتفعين.
وقال ابن عاشور رحمه الله في التحرير والتنوير 27 / 24
والنفع الحاصل من الذكرى هو رسوخ العلم بإعادة التذكير لما سمعوه واستفادة علم جديد فيما لم يسمعوه أو غفلوا عنه .
وهذا الشرط مفقود من أهل البدع كما قال الشاعر
لقد اسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي
فأهل البدع لا تنفعهم المناظرة غالباً كما قال العلماء
قال ثوبان جاء يهودي للنبي صلى الله عليه سلم فقال اليهودى جئت أسألك. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم « أينفعك شىءٌ إن حدثتك ». قال أسمع بأذنى فنكت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعود معه. رواه مسلم
قال الإمام أحمد رحمه الله كما في الإبانة 2472
الذي كنا نسمع وأدركنا عليه من أدركنا من أهل العلم أنهم كانوا يكرهون الكلام والجلوس مع أهل الزيغ وإنما الأمور في التسليم والإنتهاء إلى ما كان في كتاب الله أو سنة رسول الله لا في الجلوس مع أهل البدع والزيغ لترد عليهم فإنهم يلبسون عليك وهم لا يرجعون فالسلامة إن شاء الله في ترك مجالستهم والخوض معهم في بدعتهم وضلالتهم .
وقال الأصبهاني رحمه الله في الحجة في بيان المحجة 1 / 111
قال علماء السلف : ما وجدنا أحداً من المتكلمين في ماضي الأزمان إلى يومنا هذا رجع إلى قول خصمه ، ولا انتقل عن مذهبه إلى مذهب مناظره ، فدل أنهم اشتغلوا بما تركه خير من الاشتغال به .
وقال الشافعي رحمه الله كما في مناقب الشافعي للبيهقي 1|175
ما نا ظرت أحداً علمت أنه مقيم على بدعة .
وقال البيهقي رحمه الله: وهذا لأن المقيم على البدعة قلما يرجع بالمناظرة عن بدعته وإنما كان يناظر من يرجو رجوعه إلى الحق إذا بينه له وبالله التوفيق . مناقب البيهقي 1/175
وقد جعل الشافعي رحمه الله علامة الإيمان متابعة السنة وعلامة البدعة مخالفة السنة ولم ينظر إلى ما سوى ذلك مما يدلس به المبتدعة على الناس بما يظهرونه من الباطل والبدع .
وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله : أنه كان يقول : اثنان لا نعاتبهما : صاحب طمع ، وصاحب هوى ، فإنهما لا ينزعان . الاعتصام للشاطبي1 / 92
وقال ابن شوذب رحمه الله : سمعت عبد الله بن القاسم رحمه الله وهو يقول : ما كان عبد على هوى تركه إلا ما هو شر منه . الاعتصام للشاطبي 1 / 92
وأما المبتدع بعد أن يعلم من الجدل ولو شيئاً يسيراً فقلما ينفع معه الكلام فإنك إن أفحمته لم يترك مذهبه . إحياء علوم الدين 1 / 40
وأما المبتدع الذي يدعوا إلا البدعة ويزعم أن ما يدعو إليه حق فهو سبب لغواية الخلق فشره متعد فالاستحباب في إظهار بغضه ومعاداته والانقطاع عنه وتحقيره والتشنيع عليه ببدعته وتنفير الناس عنه أشد . إحياء علوم الدين 2 / 169
و أن المبتدع ليس يترك بدعته بجداله بل يزيده التعصب والخصومة تشدداً في بدعته . إحياء علوم الدين 3 / 395
وقال أيوب السختياني وغيره رحمهم الله. إن المبتدع لا يرجع . الآداب الشرعية 1 / 89 غذاء الألباب شرح منظومة الآداب 2 / 457
وقال الشوكاني رحمه الله في أدب الطلب 66
وأنه لا يرجع المبطل إلى الحق إلا في أندر الأحوال وغالب وقوع هذا في مجالس الدرس ومجامع أهل العلم .
وقال ابن بطة رحمه الله في الإبانة 2 / 317
وسأزيد من بيان الحجة عن الرسول وصحابته وعن التابعين وفقهاء المسلمين في ترك مجالسة القدرية ومواضعتهم القول ومناظرتهم والإعراض عنهم ما إذا أخذ به العاقل المؤمن نفسه وتأدب به عصم إن شاء الله من فتنة القدرية وانغلق عنه باب البلية من جهتهم فإن المجالسة لهم ومناظرتهم تعد وتفر وتضر وتمرض القلوب وتدنس الأديان وتفسد الإيمان وترضي الشيطان وتسخط الرحمن إلا على سبيل الضرورة عند الحاجة من الرجل العالم العارف الذي كثر علمه وعلت فيه رتبته وغزرت معرفته ودقت فطنته فذلك الذي لا بأس بكلامه لهم عند الحاجة إلى إقامة الحجة عليهم لتقريعهم وتبكيتهم وتهجينهم وتعريفهم وحشة ما هم فيه من قبيح الضلال وسئ المقال وظلمة المذهب وفساد الاعتقاد .
لا يجوز مدافعة المخالفين
قا الله تعالى: ﴿ إنّا أنزلنا إليك الكتاب بالحقّ لتحكم بين النّاس بما أراك اللّه ولا تكن للخائنين خصيمًا (105) واستغفر اللّه إنّ اللّه كان غفورًا رحيمًا (106) ولا تجادل عن الّذين يختانون أنفسهم إنّ اللّه لا يحبّ من كان خوّانًا أثيمًا (107) ﴾
ولا تدافع عن الذين يخونون ويبالغون فى إخفاء الخيانة فى أنفسهم ، فإن الله لا يحب من يكون من شأنه الخيانة وارتكاب الذنوب .
ويختفون ويستترون بخيانتهم من الناس ، ولا يمكن أن تخفى على الله وهو معهم دائماً خياناتهم ، وهم يتفقون ليلاً على ما لا يرضى الله من القول من رمى التهم على الأبرياء ، - والله تعالى - يعلم علماً لا يخفى منه شئ مما يعملون .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في مجموع الفتاوى 11 / 28
وأما التعصب لأمر من الأمور بلا هدًى من الله فهو من عمل الجاهلية . { ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدًى من الله } .
وقال أيضاً كما في مجموع الفتاوى 16 / 528
أهل السنة يموتون ويحيى ذكرهم وأهل البدعة يموتون ويموت ذكرهم ؛ لأن أهل السنة أحيوا ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فكان لهم نصيبٌ من قوله : { ورفعنا لك ذكرك } وأهل البدعة شنئوا ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فكان لهم نصيبٌ من قوله : { إن شانئك هو الأبتر } فالحذر الحذر أيها الرجل من أن تكره شيئًا مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم أو ترده لأجل هواك أو انتصارًا لمذهبك أو لشيخك أو لأجل اشتغالك بالشهوات أو بالدنيا فإن الله لم يوجب على أحد طاعة أحد إلا طاعة رسوله والأخذ بما جاء به بحيث لو خالف العبد جميع الخلق واتبع الرسول ما سأله الله عن مخالفة أحد فإن من يطيع أو يطاع إنما يطاع تبعًا للرسول وإلا لو أمر بخلاف ما أمر به الرسول ما أطيع . فاعلم ذلك واسمع وأطع واتبع ولا تبتدع . تكن أبتر مردودًا عليك عملك بل لا خير في عمل أبتر من الاتباع ولا خير في عامله والله أعلم .
وقال أيضاً كما في مجموع الفتاوى 28 / 21
عليك عهد الله وميثاقه أن توالي من والى الله ورسوله وتعادي من عادى الله ورسوله وتعاون على البر والتقوى ولا تعاون على الإثم والعدوان وإذا كان الحق معي نصرت الحق وإن كنت على الباطل لم تنصر الباطل . فمن التزم هذا كان من المجاهدين في سبيل الله تعالى الذين يريدون أن يكون الدين كله لله وتكون كلمة الله هي العليا . وفي الصحيحين : { أن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له : يا رسول الله الرجل يقاتل شجاعةً ويقاتل حميةً ويقاتل رياءً فأي ذلك في سبيل الله ؟ فقال : من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله } . فإذا كان المجاهد الذي يقاتل حميةً للمسلمين ؛ أو يقاتل رياءً للناس ليمدحوه ؛ أو يقاتل لما فيه من الشجاعة : لا يكون قتاله في سبيل الله عز وجل حتى يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا فكيف من يكون أفضل تعلمه صناعة القتال مبنياً على أساس فاسد ليعاون شخصًا مخلوقًا على شخص مخلوق فمن فعل ذلك كان من أهل الجاهلية الجهلاء .
وقال الذهبي رحمه الله في سير أعلام النبلاء 27 / 391
اعلم أن أهل القبلة كلهم، مؤمنهم وفاسقهم، وسنيهم ومبتدعهم سوى الصحابة لم يجمعوا على مسلم بأنه سعيدٌ ناج، ولم يجمعوا على مسلم بأنه شقي هالكٌ، فهذا الصديق فرد الأمة، قد علمت تفرقهم فيه، وكذلك عمر، وكذلك عثمان، وكذلك علي، وكذلك ابن الزبير، وكذلك الحجاج، وكذلك المأمون، وكذلك بشرٌ المريسي، وكذلك أحمد بن حنبل، والشافعي، والبخاري، والنسائي، وهلم جراً من الأعيان في الخير والشر إلى يومك هذا، فما من إمام كامل في الخير، إلا وثم أناسٌ من جهلة المسلمين ومبتدعيهم يذمونه، ويحطون عليه، وما من رأس في البدعة والتجهم والرفض إلا وله أناسٌ ينتصرون له، ويذبون عنه، ويدينون بقوله بهوىً وجهل، وإنما العبرة بقول جمهور الأمة الخالين من الهوى والجهل، المتصفين بالورع والعلم .
فمن تعصّب لأهل بلدته أو مذهبه أو طريقته أو قرابته أو لأصدقائه دون غيرهم كانت فيه شعبةٌ من الجاهليّة حتّى يكون المؤمنون كما أمرهم اللّه تعالى معتصمين بحبله وكتابه وسنّة رسوله . مجموع الفتاوى 28 / 422
وكلّ ما خرج عن دعوة الإسلام والقرآن : من نسب أو بلد أو جنس أو مذهب أو طريقة : فهو من عزاء الجاهليّة ؛ مجموع الفتاوى 28 / 328
لا يجوز ثناء المخالفين
قال صالح الفوزان حفظه الله في ظاهرة التبديع والتفسيق والتكفير وضوابطها 49لا يجوز تعظيم المبتدعة والثناء عليهم ولو كان عندهم شيء من الحق ، لأن مدحهم والثناء عليهم يروج بدعتهم، ويجعل المبتدعة في صفوف المقتدى بهم من رجالات هذه الأمة ، والسلف حذرونا من الثقة بالمبتدعة ومن الثناء عليهم ومن مجالستهم ، وفي بعض أقوالهم يقولون : [ من جلس إلى مبتدع فقد أعان على هدم السنة ] ، فالمبتدعة يجب التحذير منهم ويجب الابتعاد عنهم ولو كان عندهم شيء من الحق ، فإن غالب الضلال لا يخلون من شيء من الحق ، ولكن ما دام عندهم ابتداع وعندهم مخالفات ، وعندهم أفكار سيئة فلا يجوز الثناء عليهم ولا يجوز مدحهم ولا يجوز التغاضي عن بدعتهم لأن في هذا ترويج للبدعة وتهويلاً من أمر السنة ، وبهذه الطريقة يظهر المبتدعة ،ويكونون قادة للأمة لا قدر الله ، فالواجب التحذير منهم ، وفي أئمة السنة الذين ليس عندهم ابتداع في كل عصر ولله الحمد فيهم الكفاية للأمة ، وهم القدوة ، فالواجب اتباع المستقيم على السنة ، الذي ليس عنه بدعة وأما المبتدع فالواجب التحذير منه ، والتشنيع عليه ، حتى يحذره الناس وحتى ينقمع هو واتباعه ، وإما كون عنده شيء من الحق فهذا لا يبرر الثناء عليه ، لأن المضرة التي تحصل بالثناء عليه أكثر من المصلحة لما عنده من الحق ، ومعلوم أن قاعدة الدين {أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح }، وفي معادة المبتدع درء مفسدة عن الأمة ترجح على ما عنده من المصلحة المزعومة إن كانت ، ولو أخذنا بهذا المبدأ لم يضلل أحد ولم يبدّع أحد لأنه ما من مبتدع إلا وعنده شيء من الحق وعنده شيء من الالتزام ، المبتدع ليس كافراً محضاً ، ولا مخالفاً للشريعة كلها ، وإنما هو مبتدع في بعض الأمور أو في غالب الأمور ، وخصوصاً إذا كان الابتداع في العقيدة وفي المنهج فإن الأمر خطير لأن هذا يصبح قدوة ومن حينئذ تنتشر البدع في الأمة وينشط المبتدعة في ترويج بدعهم ، فهذا الذي يمدح المبتدعة ويشّبه على الناس بما عندهم من الحق
هذا أحد أمرين :
إما أنه جاهل ، جاهل بأمر البدعة وجاهل بأمر السلف وموقفهم من المبتدعة وهذا الجاهل لا يجوز أن يتكلم ولا يجوز للمسلمين أن يستمعوا له .
وإما أنه مغرض : يعرف خطر البدعة ويعرف خطر المبتدعة ولكنه مغرض يريد أن يروج للبدعة ، فعلى كل حال هذا أمر خطير وهذا أمر لا يجوز ولا يجوز التساهل في البدعة وأهلها مهما كانوا .
من الناس من يستعمل بقاعدة إبليسية في انفاق الباطل بشوب من الحق
ابتلي بعض الناس في نشر المخالفات والإنحرافات بما معهم من الحق ليلبسوا به باطلهم لأن النفوس مجبولة برفض الباطل المحض.ولكن إذا كان معه بشيء من الحق تغتر به كما جاء في البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه و سلم : أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول إن الملائكة تنزل في العنان وهو السحاب فتذكر الأمر قضي في السماء فتسترق الشياطين السمع فتسمعه فتوحيه إلى الكهان فيكذبون معها مائة كذبة من عند أنفسهم قال محمد بن عبد الوهاب أبوالحسين رحمه الله في كتاب التوحيد قبول النفوس للباطل، كيف يتعلقون بواحدة ولا يعتبرون بمائة؟
وقال صالح الفوزان حفظه الله في إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد 1 / 225 1 / 228
قوله: "فيكذب معها مائة كذبة" هذا المقصود من استراق السمع؟، من أجل أن يخدعوا الإنس، ومن أجل أن يخلطوا الحق بالباطل، ويلبسوا الحق بالباطل، لأنهم لو جاءوا بالباطل الخالص المحض ما صدقهم أحد، لكن إذا خلطوه بشيء من الحق صدقهم الناس، فيكون هذا فيه فتنة لضعفاء الإيمان وضعفاء العقول، يأخذون الباطل الكثير بسبب حق يسير خالطه.
وهذا واقع في النّاس الآن فكثير من النّاس يتبع أئمة الضلال، ويتبع الفرق الضالة والجماعات المنحرفة بسبب أن عندهم شيئاً من الحسنات أو شيئاً من الحق، ولا ينظر إلى كثرة الباطل الذي هم عليه، وهذا بلاء وفتنة للناس، ليس هذا خاصًّا بالكهان والسحرة، بل هذا عام في كل من تقبل الباطل بسبب التباسه بشيء من الحق.
قوله: "فيقال: أليس قد قال يوم كذا وكذا: كذ وكذا؟. فيصدّق بتلك الكلمة التي سمعت من السماء" هذه الفتنة العظيمة: لبس الحق بالباطل، لأن الباطل لو كان مكشوفاً واضحاً خالصاً ما قبله أحد، وإنما يقبل الباطل إذا لبّس معه شيء من الحق، وهذه فتنة عظيمة يجب أن نتنبه لها.
وقال أيضاً
وبحيث تقبل مائة كذبة بسبب كلمة واحدة من الحق، فالنفوس تقبل الباطل، حيث إنها تقبل مائة كذبة بسبب كلمة واحدة من الحق، وهذا فيه: التحذير من لبس الحق بالباطل، وأن لا نغتر بمن يلبس علينا يأتي لنا بأشياء من الحق، ويدخل تحتها كثيراً من الباطل والخداع، والواجب على المؤمن أن يكون كيّساً فطناً كما قال النبي صلّى اللّه عليه وسلّم: "المؤمن كيّسٌ فطن" ويقول صلّى اللّه عليه وسلّم: "لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين" ، فالمؤمن لا يتسرع بقبول الأقوال أو المذاهب أو المناهج حتى يفحصها تماماً، وكيف يفحصها؟، يعرضها على الكتاب والسنّة إن كان يعرف، وإن كان لا يعرف يسأل عنها أهل العلم وأهل البصيرة، حتى يميزوا له الصحيح من السقيم، هذا واجب علينا جميعاً أننا لا ننخدع بالدعايات المزوّقة والمستورة والمغلّفة بشيء من المحسّنات حتى نسبر غورها، ونخبر ما بداخلها إن كنا نستطيع ذلك فالحمد لله، وإلاّ فإننا نسأل أهل العلم وأهل البصيرة الذين يميّزون بين الحق والباطل.
وقال سليمان بن عبدالله رحمه الله في تيسير العزيز الحميد 231
وفيه أن الشيء إذا كان فيه نوع من الحق لا يدل على أنه حق كله بل لا يدل على إباحته .
وقال عبد العزيز بن عبد الله الراجحي في شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري 1 / 204
فإذا وصلت إلى الكاهن خلط معها مائة كذبة، فصار يخبر الناس بهذا الكذب الكثير، وإن كان معه خبر واحد صحيح مسموع من السماء، فالناس يصدقون الكاهن بجميع الكذب من أجل واحدة.
فهذا فيه دليل على قبول النفس للشر والباطل، فكيف يعتبرون بواحدة ولا يعتبرون بالمائة .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ولا ينفق الباطل في الوجود إلا بشوب من الحق كما إن أهل الكتاب لبسوا الحق بالباطل بسبب الحق اليسير الذي معهم يضلون خلقاً كثيراً عن الحق الذي يجب الإيمان به ويدعونه إلى الباطل الكثير الذي هم عليه. مجموع الفتاوى 35/190
وقال أيضاً ولا يشتبه على الناس الباطل المحض بل لا بد أن يشاب بشيء من الحق . مجموع الفتاوى 8/37
درء تعارض العقل والنقل 7 / 170 مجموع الفتاوى 2 / 407
والذي ذمه السلف والأئمة من المجادلة والكلام هو من هذا الباب فإن أصل ذمهم الكلام هو الكلام المخالف للكتاب والسنة وهذا لا يكون في نفس الأمر إلا باطلاً فمن جادل به جادل بالباطل وإن كان ذلك الباطل لا يظهر لكثير من الناس أنه باطل لما فيه من الشبهة فإن الباطل المحض الذي يظهر بطلانه لكل أحد لا يكون قولاً ومذهباً لطائفة تذب عنه وإنما يكون باطلاً مشوباً بحق كما قال تعالى { لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون } سورة آل عمران 71
أو تكون فيه شبهة لأهل الباطل وإن كانت باطلة وبطلانها يتبين عند النظر الصحيح كالذين قالوا إن محمداً صلى الله عليه وسلم شاعر وكاهن ومجنون .
وقال أيضاً في قاعدة في المحبة 131
وأكثر ما ينفق بين المسلمين ما فيه حق وباطل إذ الباطل المحض لا يبقى بينهم وذلك يتضمن التحالف على غير ما أمر الله به والتبديل لدين الله بما لبس من الحق بالباطل وهذه حال اليهود والنصارى وسائر أهل الضلال فإنهم عدلوا عما أمرهم الله باتباعه فلبسوه بباطل ابتدعوه بدلوا به دين الله وتحالفوا على ذلك الذى ابتدعوه
من ترك عن الحق ابتلي بالباطل
قال ابن القيم رحمه الله : كل من أعرض عن شيء من الحق وجحده ،وقع في باطل مقابل لما أعرض عنه من الحق وجحده ولا بد ، حتى في الأعمال ،
فمن رغب عن العمل لوجه الله وحده ابتلاه الله بالعمل لوجوه الخلق ، فرغب عن
العمل لمن ضرّه ونفعه وموته وحياته وسعادته بيده ، فابتلي بالعمل لمن لا يملك له
شيئاً من ذلك ، وكذلك من رغب عن إنفاق ماله في طاعة الله ابتلي بإنفاقه لغير الله
وهو راغم ، وكذلك من رغب عن التعب لله ابتلي بالتعب في خدمة الخلق ولا بدّ ،
وكذلك من رغب عن الهدى بالوحي ، ابتلي بكناسة الآراء وزبالة الأذهان ووسخ
الأفكار [19] . 19 مدارج السالكين ، 1/165 ، وانظر الفوائد ، ص 27 .
ويؤكد العلاّمة عبد الرحمن السعدي هذه القاعدة قائلاً : لما كان من العوائد
القدسية والحكمة الإلهية أن من ترك ما ينفعه وأمكن الانتفاع به ولم ينتفع ، ابتلي
بالاشتغال بما يضره ، فمن ترك عبادة الرحمن ، ابتلي بعبادة الأوثان ، ومن ترك
محبة الله وخوفه ورجاءه ، ابتلي بمحبة غير الله وخوفه ورجائه ، ومن لم ينفق ماله
في طاعة الله أنفقه في طاعة الشيطان ، ومن ترك الذلّ لربه ، ابتلي بالذل للعبيد ،
ومن ترك الحق ابتلي بالباطل [20] . 20 تفسير السعدي ، 1/18 .
وقال قتادة : معناه من ترك الحق مرج إليه أمره وألبس عليه دينه . وقال الحسن : ما ترك قومٌ الحقّ إلا مرج أمرهم . وقال الزجاج : معنى اختلاط أمرهم أنهم يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم مرة شاعرٌ ، ومرة ساحرٌ ، ومرة معلّمٌ ، ومرة كاهنٌ ، ومرة معترّ ومرة ينسبونه إلى الجنون فكان أمرهم مختلطاً ملتبساً عليهم .
اللباب في علوم الكتاب 18 / 16
قال القطان رحمه الله في تيسير التفسير 2 / 330
{ ولا تتخذوا أيمانكم دخلاً بينكم فتزلّ قدمٌ بعد ثبوتها وتذوقوا السواء بما صددتّم عن سبيل الله ولكم عذابٌ عظيمٌ } .
وفي هذه الآيات تهديد ووعيد لمن ترك الحق إلى الباطل ، والهدى إلى الضلال .
ثم أكد هذا التحذير بقوله :
{ ولا تشتروا بعهد الله ثمناً قليلاً إنّما عند الله هو خيرٌ لّكم إن كنتم تعلمون } .
وقال صالح الفوزان حفظه الله في إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد 2 / 115
فمن ردّ قول الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم متعمّداً تبعاً لهواه، أو تعصّباً لشيخه الذي يقلّده، فإنه مهدّد بعقوبتين:
العقوبة الأولى: الزيغ في قلبه، لأنه إذا ترك الحق ابتلي بالباطل، قال تعالى: {فلمّا زاغوا أزاغ الله قلوبهم} ، وقال تعالى: {وإذا ما أنزلت سورةٌ نظر بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحد ثمّ انصرفوا صرف الله قلوبهم} ، لمّا انصرفوا عن تلقّي القرآن عند نزوله وتعلّمه صرف الله قلوبهم عن الحق عقوبةً لهم، وقال تعالى: {ونقلّب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أوّل مرّة} ، لمّا رفضوه أول الأمر عند ذلك ابتلاهم الله بتقليب أفئدتهم وأبصارهم عقوبةً لهم، فلا تقبل الحق بعد ذلك. وهذا خطرٌ شديد، بخلاف الذي يقبل الحق ويرغب فيه، فإن الله يهديه ويزيده علماً وبصيرة، كما في قوله تعالى: {وإذا ما أنزلت سورةٌ فمنهم من يقول أيّكم زادته هذه إيماناً فأمّا الّذين آمنوا فزادتهم إيماناً وهم يستبشرون124 وأمّا الّذين في قلوبهم مرضٌ فزادتهم رجساً إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون125} ، فالمؤمن يتبع الدليل ويفرح به إذا حصل عليه، والحق ضالّة المؤمن أنّى وجده أخذه، أما الذي في قلبه زيع أو نفاق فهذا إنما يتّبع هواه ولا يتّبع الدليل، وهذا يصاب بالزيغ والانحراف في العقيدة والانحراف في الدين والانحراف في الأخلاق وفي كلّ شيء، عقوبةً له من الله سبحانه وتعالى.
والعقوبة الثانية: {أو يصيبهم عذابٌ أليمٌ} في أبدانهم، بالقتل في الدنيا، بأن يسلّط الله عليهم من يستأصل شأفتهم ويقتلهم، إما من المؤمنين، وإما من غير المؤمنين، عقوبةٌ لهم {أو يصيبهم عذابٌ أليمٌ} ، إن ماتوا ولم يقتلوا بأن يعذبوا في النار. فهذا وعيدٌ شديد على مخالفة أمر الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم.
فترك أمر الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم، والأخذ بأقوال العلماء والأمراء المخالفة لما قاله الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم في التحليل والتحريم يسبب الفتنة، أو العذاب الأليم.
الدرر السنية في الأجوبة النجدية 11 / 330
وليحذروا من أمور ثلاثة، توجب الذم والإثم، والعقوبة:
الأول: ترك الحق بعد ظهوره وتبينه. والثاني: التقصير في طلبه ليتبين له. الثالث: الإعراض عن طلب معرفته، لهوى أو كسل، أو نحو ذلك. وهذه الثلاثة الأشياء، هي الآفة العظمى، ومن أجلها يضيع الدين. وقد انقسم الناس في هذه الأزمان، إلى هذه الأقسام، وكل قسم منهم معجب بنفسه، ويظن أنه في رتبة الكمال من العلم والدين؛ وهذا من خدع الشيطان وغروره، فلا حول ولا قوة إلا بالله.
وقال أبو الحسين رحمه الله في كشف الشبهات في التوحيد
ترك الحق من أجل الأمور الدنيوية
ترى من يعرف الحق ويترك العمل به، لخوف نقص دنيا، أو جاه، أو مداراة.
وإذا ترك الحق عن بصيرة عاقبه الله بالزيغ؛ عاقبهم الله إذا تركوا الهدى وضلوا عاقبهم الله بإيتاء الجدل؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: " ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل . المختار في أصول السنة 96
وقال أبو العباس رحمه الله : لا تقع الفتنة إلا من ترك ما أمر الله به ، فهو سبحانه أمر بالحق وأمر بالصبر ؛ فالفتنة إما من ترك الحق ،وإما من ترك الصبر . الاستقامة 1/39
وقال الفوزان حفظه الله في لمحة عن الفرق الضالة 24
لأنّ الإنسان إذا ترك الحق فإنه يهيم في الضلال، كلّ طائفة تحدث لها مذهبًا وتنشق به عن الطائفة التي قبلها، هذا شأن أهل الضلال؛ دائمًا في انشقاق، ودائمًا في تفرق، ودائمًا تحدث لهم أفكارٌ وتصوراتٌ مختلفة متضاربة.
أما أهل السنّة والجماعة؛ فلا يحدث عندهم اضطرابٌ ولا اختلافٌ، لأنهم متمسكون بالحق الذي جاء عن الله سبحانه وتعالى ، فهم معتصمون بكتاب الله وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم؛ فلا يحصل عندهم افتراقٌ ولا اختلافٌ، لأّنهم يسيرون على منهج واحد.
يا أيـــها الســـني لا تـــــغـــــتر بالكـــــثرة
فيا أخي المسلم لا تغتر بكثرة الناس فإن الكثرة مذمومة في كتاب الله وكن مع الحق ولو كنت وحدك لا تضرك القلة.قال تعالى: وإن كثيراً من الناس لفاسقون:
وقال تعالى: وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله:
وقال تعالى: ولقد ضل قبلهم أكثر الأولين.
والآيات في هذا المعنى كثيرة وهذه كفاية لمن له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد فهذه وصيتي أيها السني لا يغرنك الذين لا يعلمون الحق وإلا ما تلقوا من أفكارهم المنحرفة.
وهي وصية عظيمة لأهل السنة بعدم الوحشة من القلة
قال الفضيل بن عياض رحمه الله كما في الاعتصام 1|112 :
اتبع طرق الهدى ولا يضرك قلة السالكين وإياك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين.
قال الحسن البصري رحمه الله كما في شرح أصول الاعتقاد 1|57
يا أهل السنة ترفقوا رحمكم الله فإنكم من أقل الناس..
قال الحسن البصري رحمه الله كما في الصوعق المرسلة 1|300
السنة الذي لاإله إلا هو بين الغالي والجافي فاصبرواعليها رحمكم الله فإن أهل السنة كانوا أقل الناس فيما بقي ، الذين لم يذهبوا مع أهل الإتراف في إترافهم ولا أهل البدع في بدعهم وصبرواعلى سنتهم حتى لقوا ربهم.فكذلك إن شاء الله فكونوا.
قال سفيان بن عيينة رحمه الله كما في صفة الصفوة 2|235 والإعتصام 1|112
اسلكوا سبل الحق ولا تستوحشوا من قلة أهلها .
قال نعيم بن حماد رحمه الله كما في الصواعق المرسلة الشهابية على الشبه الداحضة الشامية 300
إذا فسدت الجماعة عليك بما كانت عليه الجماعة قبل أن تفسد وإن كنت وحدك فإنك أنت الجماعة حينئذ.
قال أبو شامة رحمه الله في الباعث على إنكار البدع والحوادث 26
وحيث جاء الأمر بلزوم الجماعةفالمراد به لزوم الحق واتباعه وإن كان المتمسك بالحق قليلاً والمخالف كثيراً، إلى أن قال ولا نظر إلى كثرة أهل الباطل بعدهم..
قال ابن حبان رحمه الله في صحيحة 8|44
والجماعة بعد الصحابة هم أقوام اجتمع فيهم الدين والعقل والعلم ولزموا ترك الهوى فيما هم فيه وإن قلت أعدادهم لا أوباش الناس ورعاعهم وإن كثروا..
قال عبدالله بن المبارك رحمه الله قال سفيان الثوري كما في شرح أصول الاعتقاد 1|64
استوصوا بأهل السنة خيراً فإنهم غرباء..
قال يوسف بن أسباط رحمه الله سمعت سفيان الثوري كما في شرح أصول 1|64.
يقول إذا بلغك عن رجل بالمشرق صاحب سنة وآخر بالمغرب فابعث إليهما السلام وأدع لهما ما أقل أهل السنة والجماعة..
قال إسحاق بن الأهوية رحمه الله كما في حلية الأوليا 9|239
لو سألت الجهال عن السواد الأعظم، قالوا جماعة الناس، ولا يعلمون أن الجماعة عالم متمسك بأثر النبي صلى الله عليه وسلم وطريقه فمن كان معه وتبعه، فهو الجماعة..
قال الإمام الشاطبي رحمه الله في الاعتصام 2|267 :
مؤكداً هذا الفهم السني الصحيح " فانظر حكايته تتبين غلط من ظن أن الجماعة هي جماعة الناس وإن لم يكن فيهم عالم وهو وهم العوام لا فهم العلماء فليثبت الموفق في هذه المزلة قدمه لئلا يضل عن سواء السبيل ولا توفيق إلا بالله..
قلت : تدبر أيها الأخ هذه الكلمات الغاليات واحفظها فإنها تنزيل عنك إشكالات الحزبيين الذين يزعزعون الناس عن هذه المنهج الذين قال فيه عبدالله بن مسعود لعمر بن ميمون يا عمرو قد كنت أظنك من أفقه أهل هذه القرية تدري ما الجماعة قلت لا قال إن جمهور الناس فارقوا الجماعة وإن الجماعة ما وافق الحق وإن كنت وحدك.. الباعث على إنكار البدع والحوادث27.
وقال ابن قدامة رحمه الله في المناظرة لأهل البدع في القرآن 70
ومن العجيب أن أهل البدع يستدلون على كونهم أهل الحق بكثرتهم وكثرة أموالهم و وجاههم وظهورهم ويستدلون على بطلان السنة بقلة أهلها وغربتهم وضعفهم فيجعلون ما جعله النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا بقلة أهل الحق في آخر الزمان وغربتهم وظهورهم أهل البدع وكثرتهم ولكنهم سلكوا سبيل الأمم في استدلالهم على أنبيائهم و أصحاب أنبيائهم بكثرة أموالهم وأولادهم وضعف أهل الحق فقال قوم نوح له ما نراك إلا بشراً وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين هود 27 .
وقال قوم صالح فيما أخبر الله عنهم بقوله قال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن ءامن منهم أتعلمون أن صالحاً مرسل من ربه قالوا إنا بما أرسل به مؤمنون قال الذين استكبروا إنا بالذي ءامنتم به كافرون .
وقال قوم نبينا صلى الله عليه وسلم نحن أكثر أموالاً وأولاداً وما نحن بمعذبين
وقال الله عز وجل وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا
وقال الذين كفروا للذين ءامنوا لو كان خيراً ما سبقونا إليه
ونسوا قول الله تعالى وفرحوا بالحياة الدنيا وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع
وقوله سبحانه واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة و العشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطاً .
واضرب لهم مثلاً رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب الكهف 32 .
وقوله لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجاً منهم الحجر 88 وقوله ولولا أن يكون الناس امة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفاً من فضة الى قوله وإن ذلك لما متاع الحياة الدنيا والآخرة عند ربك للمتقين الزخرف 32 35 .
وقد كان قيصر ملك الروم وهو كافر أهدى منهم فإنه حين بلغه كتاب النبي صلى الله عليه وسلم سأل عنه أبا سفيان فقال : يتبعه ضعفاء الناس أو أقوياؤهم ؟ فقال بل ضعفاؤهم . فكان هذا مما استدل به على أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أنهم أتباع الرسل في كل عصر وزمان ...........، وقد روى عن عمر رضي الله عنه أنه دخل على النبي صلى الله عليه وسلم بمشربه له فرفع رأسه في البيت فلم يرفيه إلا أهبة ثلاثه والنبي صلى الله عليه وسلم متكى على رمال حصير ما بينه وبينه شيء قد أثر في جنبه فقلت يارسول الله وأنت على هذه الحال وفارس والروم وهو لايعبدون الله لهم الدنيا , فجلس النبي صلى الله عليه وسلم محمراً وجهه ثم قالأفي شك انت ياابن الخطاب ؟ أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة هذا معنى الخبر متفق عليه
قال عبدالرحمن بن حسن بن محمد عبدالوهاب رحمه الله في قرة عيون الموحدين 27
في قول النبي صلى الله عليه وسلم النبي وليس معه أحد فيه رد على من احتج بالكثرة كما قال تعالى ولقد أرسلنا من قبلك في شيع الأولين وما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزؤن وفيه دليل على أن الناجي من الأمم هم القليل والأكثر غلبت عليهم الطبائع البشرية فعصوا الرسل فهلكوا كما قال تعالى وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله وقال وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين وقال قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل كان أكثرهم مشركين وأمثال هذه الآيات في القرآن كثيرة والناجون وإن كانوا أقل قليل فهم السواد الأعظم فإنهم الأعظمون قدراً عند الله وإن قلوا فليحذر المسلم أن يغتر بالكثرة وقد اغتر بهم كثيرون حتى بعض من يدعي العلم اعتقدوا في دينهم ما يعتقده الجهال الضلال ولم يلتفتوا إلى ما قال الله ورسوله .
لا يجوز تهاون المعاصى بحساب الدعوة
قال سليمان رحمه الله في تيسير العزيز الحميد 503وقوله وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون .
وفي الآية دليل على وجوب اطراح الرأي مع السنة وإن ادعى صاحبه أنه مصلح وأن دعوى الإصلاح ليس بعذر في ترك ما أنزل الله
وقال صالح الفوزان حفظه الله في الملخص في شرح كتاب التوحيد 304
أن دعوى الإصلاح ليست بعذر في ترك ما أنزل الله. والتحذير من الإعجاب بالرأي. وأن مريض القلب يتصور الحق باطلاً والباطل حقاً. وأن النية الحسنة لا تسوغ مخالفة الشرع.
وقال شيخ الإسلام رحمه الله في الاقتضاء 317
من كانت له نية صالحة أثيب على نيته وإن كان الفعل الذي فعله ليس بمشروع إذا لم يتعمد مخالفة الشرع .
أما إذا تعمد مخالفة شرع الله فلا تنفعه نية صالحة
وقال المصلح في شرح لمعة الاعتقاد
إن أصحاب الزيغ لا يتوصلون إلى فهم المعاني؛ لأنه لم تصح مقاصدهم، بل مقاصدهم تحريف الكلم عن مواضعه، ولذلك لا يمكن أن يصل الإنسان إلى الحق بنية فاسدة،بل لا بد في التوصل إلى الحق من نية صالحة وعقل سليم، فمن فقد النية الصالحة في العقل والنظر فإنه لا يصيب الحق؛ لأن النوايا الفاسدة تحجب وتمنع من الوصول إلى الحق.
وقال صالح الفوزان حفظه الله في إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد 1 / 266
وهذا دليل على أن البدع لا تجوز وإن كان ظاهرها الخير، وإن كانت نية أصحابها الخير.
ابتدعوا هذه البدعة، وصوروا هذه التماثيل على مجالس هؤلاء الصالحين ولم تعبد في هذا الجيل، لأنهم على علم وعلى دين، لكن لما مات هذا الجيل، ونسي العلم وفي رواية: نسخ العلم بموت العلماء، لأن الشيطان لا يتسلط في الغالب مع وجود العلماء، لأن العلماء يكافحونه، ويردون كيده، إنما يتسلط عند عدم العلماء.
حرمة التصوير في شرع الله
وقد وردت أحاديث نبوية كثيرة تدل على التحريم ، حتى كادت تبلغ حد التواتر ، وسنعرض إلى ذكر بعض هذه الآحاديث .الأدلة القاطعة على تحريم التصوير
النص الأول : روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : « أشدّ الناس عذاباً يوم القيامة الذين يضاهئون بخلق الله » .
النص الثاني : روى البخاري ومسلم وأصحاب السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة ، يقال لهم : أحيو ما خلقتم » .
النص الثالث : روى البخاري ومسلم وأحمد عن أبي زرعة قال : دخلت مع أبي هريرة دار مروان بن الحكم رضي الله عنهما، فرأى فيها تصاوير وهي تبنى ، فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : قال الله عزّ وجلّ :
« ومن أظلم ممّن ذهب يخلق كخلقي ، فليخلقوا ذرّة ، أو فليخلقوا حبة ، أو فليخلقوا شعيرة » .
النص الرابع : روى البخاري ومسلم والنسائي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلاً قال له : إني أصوّر هذه الصور فأفتني فيها ، فقال له : ادن مني فدنا ، ثم قال : ادن مني فدنا ، حتى وضع يده على رأسه وقال : إنبئك بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سمعته يقول : « كلّ مصوّر في النار ، يجعل له بكل صورة صوّرها نفس فيعذبه في جهنم » .
قال ابن عباس : فإن كنت لا بدّ فاعلاً فصوّر الشجر ، وما لا روح فيه .
وفي رواية أخرى عنه : سمعته يقول : « من صوّر صورة فإنّ الله يعذبه حتى ينفخ فيها الروح وليس بنافخ فيها أبداً » ثم قال له ابن عباس : إن أبيت إلاّ أن تصنع ، فعليك بهذه الشجر ، كل شيء ليس فيه روح .
النص الخامس : روى الشيخان وأصحاب السنن عن عائشة رضي الله عنها أنها اشترت نمرقة فيها تصاوير ، فلما رآها النبي صلى الله عليه وسلم قام على الباب فلم يدخل ، قالت : فعرفت في وجهه الكراهية ، فقلت يا رسول الله : أتوب إلى الله ورسوله ماذا أذنبت؟ فقال : ما بال هذه النمرقة؟ قلت : اشتريتها لك لتقعد عليها وتوسّدها ، فقال : إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة ، فيقال لهم : أحيوا ما خلقتم ، وقال : إنّ البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة .
النص السادس : روى مسلم في صحيحه عن أبي الهياج الأسدي قال : قال لي عليّ رضي الله عنه : « ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ألاّ تدع صورة إلا طمستها ، ولا قبراً مشرفاً إلاّ سويته » .
النص السابع : روى الستة عن عائشة رضي الله عنها قالت : خرج النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة فأخذت نمطاً فسترته على الباب ، فلما قدم ورأى النمط عرفت الكراهة في وجهه ، فجذبه حتى هتكه وقال : « إنّ الله لم يأمرنا أن نكسوا الحجارة والطين!! » قالت عائشة : فقطعت منه وسادتين وحشوتهما ليفاً ، فلم يعب ذلك عليّ .
النص الثامن : روى الشيخان والنسائي عن عائشة رضي الله عنها قالت : لما اشتكى النبي صلى الله عليه وسلم ذكر بعض نسائه كنيسةً يقال لها مارية وكانت أم سلمة ، وأم حبيبة أتتا أرض الحبشة ، فذكرتا من حسنها وتصاوير فيها ، فرفع صلى الله عليه وسلم رأسه فقال : « أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح ، بنوا على قبره مسجداً ، ثمّ صوّروا فيه تلك الصور ، أولئك شرار خلق الله » « .
أقول : هذه النصوص وأمثالها كثير ، تدل دلالة قاطعة على حرمة التصوير بلا استثناء ، وكل من درس الإسلام علم علم اليقين أن النبي صلى الله عليه وسلم حرّم التصوير ، واقتناء الصور وبيعها ، وكان يحطّم ما يجده منها ، وقد ورد تشديد الوعيد على المصوّرين ، واتفق أئمة المذاهب على تحريم التصوير لم يخالف في ذلك أحد ، ونذكر علة التحريم ، ونعرض بعد ذلك على حكم التصوير الشمسي الفوتوغرافي وننقل أقوال العلماء فيه على ضوء النصوص الكريمة .
العلة في تحريم التصوير
يظهر لنا من النصوص النبوية السابقة ، أنّ العلة في تحريم التماثيل والصور ، هي المضاهاة والمشابهة لخلق الله تعالى ، يدل على ذلك :
أ حديث : » أشد الناس عذاباً يوم القيامة الذين يضاهئون بخلق الله « .
ب وحديث : » إن أصحاب هذه الصور يعذّبون . . . يقال لهم : أحيوا ما خلقتم « .
ج وحديث : » ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي . . . فليخلقوا حبة ، أو فليخلقوا شعيرة « .
فالعلة هي إذاً : التشبه بخلق الله ، والمضاهاة لصنعه جل وعلا .
كما أن الحكمة أيضاً في تحريم التصوير هي : أول معصية وقعت على وجه الأرض كما دل عليه حديث أم سلمة وأم حبيبة السابق وفيه قوله عليه الصلاة والسلام : « أولئك كان إذا مات فيهم الرجل الصالح ، بنوا على قبره مسجداً ، ثمّ صوّروا فيه تلك الصور ، أولئك شرار خلق الله يوم القيامة » .
وقد جاءت أن الأصنام التي عبدها قوم نوح ودّ ، وسواغٌ ، ويغوث ، ويعوق ، ونسر التي ذكرت في القرآن الكريم ، كانت أسماءً رجال صالحين من قوم نوح ، فلما ماتوا اتخذ قومهم لهم صوراً ، تذكيراً بهم وبأعمالهم ، ثمّ انتهى الحال آخر الأمر إلى عبادتهم .
ذكر البخاري عن ابن عباس : في قوله تعالى : { وقالوا لا تذرنّ آلهتكم ولا تذرنّ ودّاً ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسراً } [ نوح : 23 ] أنه قال : هذه الأصنام أسماء رجال صالحين من قوم نوح ، فلمّا هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم ، أن انصبوا في مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصاباً ، وسموها بأسمائهم تذكروهم بها ، ففعلوا ، فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك ، ونسخ العلم عبدت من دون الله « .
قال أبو بكر ابن العربي : » والذي أوجب النهي في شريعتنا والله أعلم ما كانت عليه العرب من عبادة الأوثان والأصنام ، فكانوا يصوّرون ويعبدون ، فقطع اللّه الذريعة ، وحمى الباب « .
قال ابن العربي رحمه الله: » وقد شاهدت بثغر الإسكندرية ، إذا مات ميّت صوّروه من خشب في أحسن صورة ، وأجلسوه في موضعه من بيته وكسوه بزيّه إن كان رجلاً ، وحليتها إن كانت امرأة ، وأغلقوا عليه الباب ، فإذا أصاب واحداً منهم كرب أو تجدّد له مكروه ، فتح الباب عليه وجلس عنده يبكي ويناجيه ، حتى يكسر سورة حزنه بإهراق دموعه ، ثمّ يغلق الباب عليه وينصرف ، وإن تمادى بهم الزمان تعبدوها من جملة الأصنام « .
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله : بعدما ذكر بعض الأحاديث الواردة في هذا الموضوع: وهذه الأحاديت وما جاء في معناها، دالة دلالة ظاهرة على تحريم التصوير لكل ذي روح، وأن ذلك من كبائر الذنوب المتوعد عليها بالنار.
وهي عامة لأنواع التصوير، سواء كان للصورة ظل أم لا، وسواء كان التصوير في حائط أو ستر، أو قميص، أو مرآة، أو قرطاس، أو غير ذلك، إلى آخر كلامه، حفظه الله . الدرر السنية في الأجوبة النجدية 15 / 314
وقد ألف ابن باز رسالة اسمها «الجواب المفيد في حكم التصوير» أفتى بها بتحريم التصوير الفوتوغرافي، وتكلم عن هذه المسألة محمد بن إبراهيم في مجموع الفتاوى، وتكلم
عنها الشيخ حمود التويجري رحمه الله في رسالته «تحريم التصوير والرد على من أباحه»، والأخرى «إعلان النكير على المفتين بالتصوير»، وكذلك رسالة للألباني، وأصدر شيخنا حمود العقلاء رحمه الله فتوى في تحريم التصوير الفتوغرافي، وكذلك شيخنا محمد المنصور رحم الله الجميع. المعتصر شرح كتاب التوحيد 334
عن أبي طلحة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلبٌ ولا صورة تماثيل . متفق عليه
قال الألباني رحمه الله في تحريم التصوير بالآلة
" سواء كانت مجسمة أو غير مجسمة وسواء صورت بالقلم والريشة أو بالآلة كل ذلك حرام ........
والتفريق بين الصور الفوتوغرافية والصور اليدوية ظاهرية عصرية ابتلي بها كثير ممن يدعي العلم ولم يتفقهوا بالسنة المحمدية وما مثلهم إلا مثل من يبيح الأصنام والتماثيل التي صنعت بالآلة ولم تنحت باليد !
وأنا حين أقول هذا أعلم أن هناك من اشتط في الضلال فأباح الصور والتماثيل بزعم أنها حرمت تحريماً زمنياً وهؤلاء لا وزن لهم لأنهم خرقوا بذلك إجماع السلف وخالفوا أحاديث الباب " أي أحاديث التي تحرم التصوير .
صحيح الترغيب والترهيب 3/174 تعليق صحيح رياض الصالحين 611 برقم الحديث 1433
وقال صالح الفوزان حفظه الله في إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد 2 / 265
عن ابن عباس رضي الله عنهما: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كل مصور في النار، يجعل له بكل صورة صورها نفسٌ يعذب بها في جهنم" .
هذا الحديث أيضاً فيه وعيدٌ شديد؛ فقوله: "كل مصور" هذا يشمل جميع أنواع التصوير، سواءً كان نحتاً وتمثالاً، وهو ما يسمونه: مجسماً، أو كان رسماً على ورق، أو على لوحات، أو على جدران، أو كان التقاطاً بالآلة الفوتوغرافية التي حدثت أخيراً، لأن من فعل ذلك يسمى مصوراً، وفعله يسمى تصويراً، فما الذي يخرج التصوير الفوتوغرافي كما يزعم بعضهم.
فما دام أن عمله يسمى تصويراً فما الذي يخرجه من هذا الوعيد؟.
وكذلك قوله: "بكل صورة صورها" عام أيضاً لكل صورة أيا كانت، رسماً أو نحتاً، أو التقاطاً بالآلة، غاية ما يكون أن صاحب الآلة أسرع عملاً من الذي يرسم، وإلا فالنتيجة واحدة، كل من هؤلاء قصده إيجاد صورة، فالذي ينحت أو يبني التمثال قصده إيجاد صورة، والذي يرسم قصده إيجاد صورة، والذي يلتقط بالكاميرا قصده إيجاد الصورة، لماذا نفرق بينهم والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "كل مصور في النار؟" ، ما هو الدليل المخصص إلا فلسفة يأتون بها، وأقوالاً يخترعونها يريدون أن يخصصوا كلام الرسول صلى الله عليه وسلم برأيهم، والمحذور الذي في الصور الفوتوغرافية والتمثالية أو المرسومة هو محذور واحد، وهو أنها وسيلةٌ إلى الشرك، وأنها مضاهاةٌ لخلق الله تعالى، كل منهم مصور، والنتيجة واحدة، والمقصود واحد، فما الذي يخصص صاحب الآلة عن غيره؟، إن لم يكن صاحب الآلة أشد، لأن صاحب الآلة يأتي بالصورة أحسن من الذي يرسم، فهو يحمضها ويلونها، ويتعب في إخراجها حتى تظهر أحسن من التي ترسم، فالمعنى واحد، ولا داعي لهذا التكلف أو هذا التمحل في التفريق بين الصور.
ومعلومٌ أن كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم لا يجوز أن يخصص إلا بدليل من كلام الله أو كلام رسوله، لا باجتهادات البشر وتخرصات البشر وفلسفات البشر، هذا مردود على صاحبه، وهذا معروف من أصول الحديث وأصول التفسير أن العام لا يخصص إلا بدليل، ولا يخصص العام باجتهادات من الناس يقولونها، هذه قاعدة مسلمةٌ مجمعٌ عليها، فما بالهم تغيب عنهم هذه القاعدة ويقولون: "إن التصوير بالآلة الفوتوغرافية لا يدخل في الممنوع" إلى آخره؟، كل هذا كلام فارغ لا قيمة له عند أهل العلم وعند الأصوليين. القواعد الأصولية تأبى هذا كله، وهم يعرفون هذا، ولكن سبحان الله الهوى والمغالطة أحياناً يذهبان بصاحبهما مذهباً بعيداً.
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "كل مصور في النار" ويأتي فلان ويقول: "لا، المصور بالفوتوغرافي ليس في النار".
وقال أيضاً في إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد 1 / 268
فيه التحذير من التصوير، ونشر الصور، لأن ذلك وسيلة إلى الشرك، فأول شرك حدث في الأرض هو بسبب الصور المنصوبة، وهذه إحدى علتي تحريم التصوير، لأن التصوير ممنوع لعلتين:
العلة الأولى: أنه وسيلة إلى الشرك. العلة الثانية: أن فيه مضاهاة لخلق الله سبحانه وتعالى.
وقال أيضاً في إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد 1 / 290
فيه دليل على أن المصورين هم شرار الخلق، لأن فعلهم هذا وسيلة إلى الشرك، ولأنه مضاهاة لخلق الله، قال الله تعالى في الحديث القدسي: "ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي" يعني: المصورين، "فليخلقوا حبة، أو ليخلقوا شعيرة" لما وهذا تعجيز لهم، فدل على أن المصورين هم شرار الخلق، سواء كانوا يصورون ببناء التماثيل، أو يصورون بالرسم، أو يصورون بالتقاط الصور بالآلة الفوتوغرافية، كل ذلك داخل في الوعيد والنهي الشديد، وأنهم شرار الخلق عند الله. ومن أخرج التصوير بالكمرة عن حكم التصوير المنهي عنه فليس له دليل ولا عبرة بقوله.
وفي هذا القدر كفاية لمن تأمل والله الموفق والهادي إلى سبيل الخير بمنه وكرمه .وصلى الله على محمد وآله وسلم .،،،،،،،،،