• If this is your first visit, be sure to check out the FAQ by clicking the link above. You may have to register before you can post: click the register link above to proceed. To start viewing messages, select the forum that you want to visit from the selection below.

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

صيانة الشريعة بمن يهدم قواعد الشريعة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • صيانة الشريعة بمن يهدم قواعد الشريعة

    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدي الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحد ه لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
    يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون102
    يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدةٍ وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيرًا ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبًا1
    يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديدًا70 يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزًا عظيمًا71
    أما بعد،،،
    فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
    فهذه الرسالة قصدت أن أبين تلاعب البربراوي ومن جرى مجراه بمفهوم الضرورة والحاجة والذريعة وحكم الوسائل وتلاعب البربراوي وحزبه على قواعد الشريعة وتدنيسها بأفكاره المائلة جناية عظيمة لا يقتفربها بل يجب بيانها للناس نصرة للحق وأهله .
    واستخدموا بهذه القواعد بمجرد التشهي والأغراض الشخصية نصرة باطلهم , وأباحوا بسببها كثيراً من المحرمات مثل تدريس الجامعات الإختلاطية والظهورفي التلفاز بحجة " حاجة المال " ,أو فيها " مصلحة الدعوة " أو لا تنتشر بدونها " وتصوير الإيتام والفقراء والمساكين والمحتاجين بحجة المساعدة !!! وأمثال هذه المعاذير، التي لا يقولها إلاَّ جاهل أو مفتون لأن هؤلاء استقر حب المال في قلوبهم، لذلك تجد الواحد منهم ميتاًَ على المال كما وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث كعب مالك رضي الله عنه أنه قال قال رسول الله ( ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لِدِينِه ) رواه الترمذي وصححه الجبلان الوادعي والألباني رحمهم الله .
    فيختلقون المعاذير ويأكلون المال بأدنى حيلة والله المستعان أذركرهم بهذا الحديث جاء في البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه : عن النبي صلى الله عليه و سلم قال ( يأتي على الناس زمان لا يبالي المرء ما أخذ منه أمن الحلال أم من الحرام !!!...
    وهذه القواعد التي تلاعب بها البربراوي وأصحابه ما يلي :-
    1. الضرورة تبيح المحظورات.
    2. الحاجة تنزل منزلة الضرورة. والفرق بينهما.
    3. ما حرم لسد الذريعة أبيح للحاجة .
    4. حكم وسائل المحرمات .
    لكن قبل أن ندخل في صلب الموضوع نبين بعض أقوال أهل العلم . على خطورة الفتوى غير موافقة لشرع الله . فمن تلكم الأقوال ما يلي :-
    قال الإمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ : إعلام الموقعين - (4 / 175)
    لا يجوز للمفتي أن يشهد على الله ورسوله بأنه أحل كذا أوحرمه أوأوجبه أوكرهه إلا لما يعلم أن الامر فيه كذلك مما نص الله ورسوله على إباحته أوتحريمه أوإيجابه أوكراهته وأما ما وجده في كتابه الذي تلقاه عمن قلده دينه فليس له أن يشهد على الله ورسوله به ويغر الناس بذلك ولا علم له بحكم الله ورسوله
    قال غير واحد من السلف ليحذر أحدكم أن يقول أحل الله كذا أوحرم الله كذا فيقول الله له كذبت لم أحل كذا ولم أحرمه
    وثبت في صحيح مسلم من حديث بريده بن الحصيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم - قال وإذا حاصرت حصناً فسألوك أن تنزلهم على حكم الله ورسوله فلا تنزلهم على حكم الله ورسوله فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا ولكن أنزلهم على حكمك وحكم أصحابك
    وسمعت شيخ الإسلام يقول حضرت مجلسا فيه القضاة وغيرهم فجرت حكومة حكم فيها أحدهم بقول زفر فقلت له ما هذه الحكومة فقال هذا حكم الله فقلت له صار قول زفر هو حكم الله الذي حكم به وألزم به الأمة هل هذا حكم زفر ولا تقل هذا حكم الله أونحو هذا من الكلام .اهـ
    وقال الشاطبي ـ رحمه الله - في الموافقات - (5 / 91)
    أن الفقيه لا يحل له أن يتخير بعض الأقوال بمجرد التشهي والأغراض من غير اجتهاد، ولا أن يفتي به أحدًا.
    وقال ابن فرحون ـ رحمه الله - في تبصرة الحكام 1/ 51-52، 55-56 والقرافي ـ رحمه الله - في الإحكام250 ولا ينبغي للمفتي إذا كان في المسألة قولان أحدهما فيه تشديد والآخر فيه تخفيف أن يفتي العامة بالتشديد، والخواص من ولاة الأمور بالتخفيف، وذلك قريب من الفسوق والخيانة في الدين، والتلاعب بالمسلمين، ودليل فراغ القلب من تعظيم الله تعالى وإجلاله وتقواه، وعمارته باللعب وحب الرياسة والتقرب إلى الخلق دون الخالق! نعوذ بالله تعالى من صفات الغافلين .
    والآن نذكرهذه القواعد التي تلاعب بها البربراوي وحزبه ما يلي:-

    القاعدة الأولى : مفهوم الضرورة لغة واصطلاحاً :
    وهذه القاعدة تدخل تحت قولهم (المشقة تجلب التيسير) وتدخل تحت قاعدة (إذا ضاق الأمر اتسع وإذا اتسع ضاق) ، و (الأصل في المنافع الإباحة) ، و (الأصل في المضار التحريم) ، و (الضرورة تقدر بقدرها) ، و« لا محرم مع اضطرار » ، .
    تعريف الضرورة لغة: من الضرر وهو: خلاف النفع.الاضطرار: الاحتياج إلى الشيء واضطره إليه ألجأ وأحوجه .([1]) .
    وفي الاصطلاح: يمكن تعريفها من خلال تعريف العلماء للضروريات حيث قالوابأنها: "المصالح التي لابد منها في قيام مصالح الدين والدنيا، بحيث إذا فقدت لم تجر مصالح الدنيا على استقامة، بل على فساد، وتهارج، وفوت حياة، وفي الأخرى فوت النجاة، والنعيم، والرجوع بالخسران المبين". "والضروريات هي: حفظ الدين، والنفس، والنسل، والمال، والعقل".
    أوأنها حالة الحظيرة تطرأ على الإنسان يخاف معها فوت شيء من المصالح التي لابد منها في قيام مصالح الدين والدنيا، بحيث لا تندفع هذه الضرورة إلا بارتكاب المحرم، أو ترك الواجب، أو تأخيره عن وقته .
    قال الزركشي رحمه الله فالضرورة : بلوغه حداً إن لم يتناول الممنوع هلك أو قارب كالمضطر للأكل واللبس بحيث لو بقى جائعاً أو عرياناً لمات أو تلف منه عضو وهذا يبيح تناول المحرم .
    وقال أَبو الدُّقَيْش الضَّرّ ضد النفع والضُّر بالضم الهزالُ وسوء الحال وقوله عز وجل وإِذا مسّ الإِنسانَ الضُّرُّ دعانا لِجَنْبه وقال كأَن لم يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مسَّه فكل ما كان من سوء حال وفقر أَو شدّة في بدن فهو ضُرّ وما كان ضدّاً للنفع فهو ضَرّ . ([2])
    ولهذا نقول : إن المحرم يستباح عند الضرورة ، كما قال الله تعالى : { وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه وإن كثيرًا ليضلون بأهوائهم بغير علمٍ إن ربك هو أعلم بالمعتدين } ( الأنعام: من الآية 119 ) ولكن لا بد من قيد لهذه القاعدة كما قال ابن العثيمين في القواعد الفقهية
    إن المحرم يباح عند الضرورة , لكن لا بد لذلك من شرطين :
    الأول : صدق الضرورة إليه - يعني وجود الضرورة - بحيث لو لم يفعله تضرر.
    الثاني : أن تندفع ضرورته بفعله - يعني فعل المحرم مثل أكل الميتة –
    فإن كان يمكن أن يدفع ضرورته من المباح فإنه لا يحل هذا المحرم , وكذلك إذا لم يتيقن اندفاع ضرورته - بهذا المحرم – فإن هذا المحرم لا يحل ......
    ولكن لابد من مراعاة الشرطين السابقين فإذا كان يمكن الاستغناء عن هذا المحرم بمباح لم يحل .
    مثال الضرورة: إذا كان الإنسان مضطراً بحيث جلس عدة أيام لم يأكل ولم يشرب , ولم يجد إلا الميتة، فهنا لو ترك الميتة لحقه ضرر ولا يقوم غيره مقامه، فهذه هي الضرورة.
    كما قال الله تعالى{ إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغٍ ولا عادٍ فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم } [البقرة : 173]
    وقال الله { حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا فمن اضطر في مخمصةٍ غير متجانفٍ لإثمٍ فإن الله غفور رحيم }[المائدة : 3]
    قال الله تعالى:{ قل لا أجد في ما أوحي إلي محرمًا على طاعمٍ يطعمه إلا أن يكون ميتةً أو دمًا مسفوحًا أو لحم خنزيرٍ فإنه رجس أو فسقًا أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغٍ ولا عادٍ فإن ربك غفور رحيم } [الأنعام : 145]
    قال الله تعالى:{إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغٍ ولا عادٍ فإن الله غفور رحيم (115) ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون (116) متاع قليل ولهم عذاب أليم (117) }[النحل : 115 - 117]
    وقال ابن حزم – رحمه الله - :
    وكلّ ما حرّم اللّه عزّ وجلّ من المآكل والمشارب من خنزيرٍ أو صيدٍ حرامٍ, أو ميتةٍ, أو دمٍ; أو لحم سبعٍ أو طائرٍ, أو ذي أربعٍ; أو حشرةٍ, أو خمرٍ, أو غير ذلك: فهو كلّه عند الضّرورة حلالٌ حاشا لحوم بني آدم وما يقتل من تناوله: فلا يحلّ من ذلك شيءٌ أصلاً لا بضرورةٍ، ولا بغيرها. فمن اضطرّ إلى شيءٍ ممّا ذكرنا قبل ولم يجد مال مسلمٍ أو ذمّيٍّ: فله أن يأكل حتّى يشبع, ويتزوّد حتّى يجد حلالاً; فإذا وجده عاد الحلال من ذلك حرامًا كما كان عند ارتفاع الضّرورة. وحدّ الضّرورة أن يبقى يومًا وليلةً لا يجد فيها ما يأكل أو يشرب, فإن خشي الضّعف المؤذي الّذي إن تمادى أدّى إلى الموت, أو قطع به، عن طريقه وشغله حلّ له الأكل والشّرب فيما يدفع به، عن نفسه الموت بالجوع أو العطش. وكلّ ما ذكرنا سواءٌ لا فضل لبعضها على بعضٍ إن وجد منها نوعين, أو أنواعًا فيأكل ما شاء منها للتّذكية فيها.
    أمّا تحليل كلّ ذلك للضّرورة فلقول اللّه تعالى: {وقد فصّل لكم ما حرّم عليكم إلاّ ما اضطررتم إليه} فأسقط تعالى تحريم ما فصّل تحريمه عند الضّرورة, فعمّ ولم يخصّ, فلا يجوز تخصيص شيءٍ من ذلك. ([3])
    وهذه القاعدة صارت سلماً للبربراوي وغيره ومعولاً يهدم ببعض قواعد الشريعة ويرتكب بسببها كير من المخالفات لأجل مصلحة المزعومة وبحجة ضرورة المال مستدلاً بهذه القاعدة " الضرورة تبيح المحظورات " ونقول لهم هداهم الله. انظروا كلام ابن حزم – رحمه الله - في تعريف الضرورة حيث قال فإن حدّ الضّرورة أن يبقى يومًا وليلةً لا يجد فيها ما يأكل أو يشرب . يا بربراو ي بالله عليك بين لي ضرورتك التي من أجلها ارتكبت المحرمات إن كنت صادقاً ؟!!!!. وهل جلست في بيتك يوماً وليلة لا تجد فيها ما تأكل أو تشر ب حتى جاز لك تدريس الجامعات الاختلاطية وتصوير الفيديو وظهور شاشة التلفاز لأجل مصلحتك المزعومة
    قال البربراوي في تعريف الضرورة المزعومة ؟؟؟!!.
    إن لم نتكلم في التلفاز وإلا تكلم غيرنا وربما كان كلام غيرنا بعيداً من الصواب ، فننصح الناس ونسد الباب ونسد الطريق أمام من يتكلم بغير علم فيضل ويضل
    لأن التلفزيون أبلغ وسائل الإعلام وضوحاً ، وأعمها شمولاً ، وأشدها من الناس تعلقاً ولأن التصوير الفوتوغرافية لا تدخل في مسما التصوير .؟!
    نقول لك قال صالح الفوزان حفظه الله كما في إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد عند حديث ابن عبّاس: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "كلُّ مصوِّرٍ في النّار، يُجعل له بكلّ صورة صوّرها نفسٌ يعذّب بها في جهنّم" . متفق عليه
    هذا الحديث- أيضاً- فيه وعيدٌ شديد؛ فقوله: "كلّ مصوّر" هذا يشمل جميع أنواع التصوير، سواءً كان نحتاً وتمثالاً، وهو ما يسمّونه: مجسّماً، أو كان رسماً على ورق، أو على لوحات، أو على جُدران، أو كان التقاطاً بالآلة الفوتوغرافية التي حدَثت أخيراً، لأنّ من فعل ذلك يسمّى مصوِّراً، وفعله يسمّى تصويراً، فما الذي يخرج التصوير الفوتوغرافي كما يزعم بعضهم.
    فما دام أنّ عمله يسمّى تصويراً فما الذي يُخرِجُه من هذا الوعيد؟.
    وكذلك قوله: "بكل صورة صوّرها" عامٌّ أيضاً لكل صورة أيًّا كانت، رسماً أو نحتاً، أو التقاطاً بالآلة، غاية ما يكون أنّ صاحب الآلة أسرع عملاً من الذي يرسُم، وإلا فالنتيجة واحدة، كلٌّ من هؤلاء قصده إيجاد صورة، فالذي ينحت أو يبني التمثال قصده إيجاد صورة، والذي يرسم قصده إيجاد صورة، والذي يلتقط بالكاميرا قصده إيجاد الصّورة، لماذا نفرّق بينهم والرّسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "كلُّ مصوِّرٍ في النّار؟" ، ما هو الدليل المخصص إلاّ فلسفة يأتون بها، وأقوالاً يخترعونها يريدون أن يخصّصوا كلام الرّسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ برأيهم، والمحذور الذي في الصور الفوتوغرافية والتمثاليّة أو المرسومة هو محذور واحد، وهو أنّها وسيلةٌ إلى الشرك، وأنّها مضاهاةٌ لخلق الله تعالى، كلٌّ منهم مصوِّر، والنتيجة واحدة، والمقصود واحد، فما الذي يخصّص صاحب الآلة عن غيره؟، إن لم يكن صاحب الآلة أشد، لأنّ صاحب الآلة يأتي بالصورة أحسن من الذي يرسم، فهو يحمّضُها ويلوّنُها، ويتعب في إخراجها حتى تظهر أحسن من التي تُرسم، فالمعنى واحد، ولا داعي لهذا التكلُّفَ أو هذا التمحُّل في التفريق بين الصور.
    ومعلومٌ أنّ كلام الله وكلام رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يجوز أن يخصّص إلاّ بدليل من كلام الله أو كلام رسوله، لا باجتهادات البشر وتخرُّصات البشر وفلسفات البشر، هذا مردود على صاحبه، وهذا معروف من أُصول الحديث وأُصول التفسير أنّ العامّ لا يخَصَّص إلاّ بدليل، ولا يخصّص العامّ باجتهادات من النّاس يقولونها، هذه قاعدة مسلّمةٌ مجمَعٌ عليها، فما بالُهم تغيب عنهم هذه القاعدة ويقولون: "إن التصوير بالآلة الفوتوغرافية لا يدخل في الممنوع" إلى آخره؟، كلّ هذا كلام فارغ لا قيمة له عند أهل العلم وعند الأُصوليّين. القواعد الأُصولية تأبى هذا كلّه، وهم يعرفون هذا، ولكن- سبحان الله- الهوى والمغالَطة أحياناً يذهبان بصاحبهما مذهباً بعيداً.
    يقول الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كل مصوِّرٍ في النّار" ويأتي فلان ويقول: "لا، المصوِّر بالفوتوغرافي ليس في النّار".
    وقوله: "يُجعل له بكلّ صورة صوّرها نفسٌ يعذّبُ بها في جهنّم" أي: كلّ صورة صوّرها بأي وسيلة إمّا بنحت وإمّا برسم وإمّا بالتقاطٍ بالآلة الفوتوغرافية، كثرت الصور أو قلّت، تحضر هذه الصور التي صوّرها يوم القيامة، ويُجعل في كل صورة نفس يعذّب بها في جهنّم، هذه الصور تصلاه بالعذاب يوم القيامة، كما أنّ صاحب المال الذي لا يزكِّيه يجعل الله مالَه ثُعباناً يوم القيامة- أو في القبر- فيسلِّطُه عليه: {وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} ، كذلك الصور هذه تجعل فيها نفوس وتسلّط عليه تعذّبه في نار جهنّم، فما بالُكم بالذي صنع آلات الصّور؟، سيعذّب بها يوم القيامة- والعياذُ بالله- كلِّها. وهل يخلصه الذي يقول: الصورة الفوتوغرافية لا يعذب بها.
    و قال الألباني – رحمه الله - في تحريم التصوير بالآلة
    " سواء كانت مجسمة أو غير مجسمة وسواء صوّرت بالقلم والريشة أو بالآلة كل ذلك حرام ........
    والتفريق بين الصور الفوتوغرافية والصور اليدوية ظاهرية عصرية ابتلي بها كثير ممن يدعي العلم ولم يتفقهوا بالسنة المحمدية وما مثلهم إلا مثل من يبيح الأصنام والتماثيل التي صنعت بالآلة ولم تنحت باليد !
    وأنا حين أقول هذا أعلم أن هناك من اشتط في الضلال فأباح الصور والتماثيل بزعم أنها حرمت تحريماً زمنياً وهؤلاء لا وزن لهم لأنهم خرقوا بذلك إجماع السلف وخالفوا أحاديث الباب " أي أحاديث التي تحرم التصوير . صحيح الترغيب والترهيب 3/174 تعليق صحيح رياض الصالحين 611 برقم الحديث 1433
    و انظروا هذا السؤال التي وجهت إلى الإمام العلامة المحدث الشيخ الألباني حيث يقول السائل .
    س : ما الرد على من يقول إن المرأة المسلمة إذا لم تعمل في مجال الطب والتدريس والتمريض فمن يقوم بديلاً عنهن علماً بأنهن يقعن في بعض المخالفات الشرعية مستدلين بقاعدة الضرورات تبيح المحظورات ؟
    قال الشيخ الألباني-رحمه الله -:
    الجواب : الاستدلال بهذه القاعدة في هذه المسألة لا أراه صواباً .
    ذلك لأن الضرورات تبيح المحظورات فيما يتعلق بالأفراد .
    وهذه القاعدة أخذت من آية ) حرمت عليكم الميتة ( وقوله تعالى ) إلا ما اضطررتم إليه ( .
    فيجب أن نلاحظ هنا شيئين :
    الأول : إذا وقع الإنسان المكلف في شيء فاضطر إلى أن يواقع ما الأصل فيه الحرمة فهنا الضروارت تبيح المحظورات .
    الثاني : لا يقال الضرورات تبيح المحظورات في شيء لم يقع بعد وإنما قد يقع في المستقبل فنحن لا ينبغي لنا مثلاً أن نعرض أنفسنا للهلاك في موضع لا نجد فيه الخلاص من الهلاك بما أحل الله فكون الإنسان يتقصد أن يدخل مجتمعاً يعلم أنه يقع فيما حرم الله فيبرر هذا الدخول بقاعدة الضرورات تبيح المحظورات فهذه القاعدة ليس محلها هنا
    وكذلك فإن العلماء قيدوا هذه القاعدة بقاعدة أخرى وهي أن الضرورة تقدر بقدرها
    فلو اضطر إنسان أن يأكل الميتة فلا يجلس ويأكل منها كأنه يأكل لحماً طازجاً حلالاً وإنما يأكل بمقدار ما يدفع عنه خطر الهلاك .
    ونحن نقول أنه يجب وجوباً كفائياً أن يكون هناك طبيبات مسلمات .
    ولكن إذا كان تحصيل واجب كفائي يترتب منه الوقوع في مخالفة شرعية فلا يجوز له أن يأتيه فلا يجوز لنا نعرض نساءنا وفتياتنا لما قد نراه من الفساد في الجامعات وغيرها بدعوى أننا نريد أن نعلمهن فرضاً كفائياً.
    وليس كل الفتيات المسلمات في المدارس والجامعات ملتزمات فاللاتي عندهن تساهل فهؤلاء سيقمن بتحصيل هذا الواجب الكفائي والأخريات من النساء الملتزمات إذا لم يقمن به فما عليهن مسئولية لأنه فرض كفائي . المسائل العلمية والفتاوى الشرعية 261-262
    يا بربراوي فلو قيل : إن الجماعة من المسلمين لن يقربوا منا حتى تضرب لهم بالمعازف ويرقصوا عليها :فهل تجيز وتبيح لهم ضرب المعازف لأجل ضرورة الدعوة كما تزعم أم تقول لا نستعملها لأنها وسيلة محرمة
    القاعدة الثانية: مفهوم الحاجة لغة واصطلاحاً
    وهذه القاعدة تحت قولهم " الحاجة تنزل منزلة الضرورة " ، و" حاجة الناس تجري مجرى الضرورة "
    تعريف الحاجة لغة: هي الاضطرار إلى الشيء، وأن الحاجة تطلق على الافتقار نفسه، وعلى الشيء الذي يفتقر إليه، وقيل: هي القصور عن المبلغ المطلوب.([4])
    وفي الاصطلاح وقد عرف الشاطبي – رحمه الله - الحاجة بأنها: "المصالح المفتقر إليها من حيث التوسعة ورفع الضيق المؤدي - في الغالب – إلى الحرج والمشقة اللاحقة بفوت المطلوب.
    وجاءت كلمة الحاجة في كتاب الله كقوله تعالى : ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم ما كان يغني عنهم من الله من شيءٍ إلا حاجةً في نفس يعقوب قضاها وإنه لذو علمٍ لما علمناه ولكن أكثر الناس لا يعلمون [يوسف : 68]
    وقوله : ولكم فيها منافع ولتبلغوا عليها حاجةً في صدوركم وعليها وعلى الفلك تحملون [غافر : 80]
    وقوله : والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجةً مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون [الحشر : 9]
    ومثال الحاجة: ما ورد في الشرع من النصوص التي تضمنت إباحة بعض الأشياء وعلل ذلك فيها بالحاجة، ومن ذلك:
    1) حديث: "حرم الله مكة ولم تحل لأحد قبلي، ولا لأحد بعدي أحلت لي ساعة من نهار لا يختلى خلاها، ولا يعضد شجرها، ولا ينفر صيدها، ولا تلتقط لقطتها إلا لمعرف، فقال العباس رضي الله عنه: إلا الإذخر لصاغتنا وقبورنا فقال: " إلا الإذخر".
    قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - في شرح هذا الحديث: "حكي عن ابن بطال أن الإستثناء - هنا - للضرورة كتحليل أكل الميتة عند الضرورة، وتعقبه ابن المنير بأن الذي يباح للضرورة يشترط
    حصولها فيه فلو كان الإذخر مثل الميتة لامتنع استعماله إلا فيمن تحققت ضرورته إليه، والإجماع على أنه مباح مطلقاً بغير قيد الضرورة.
    2) حديث: "رخص النبي صلى الله عليه وسلم أن تباع العرايا بخرصها تمراً" .
    وقد جاء في بعض روايات الحديث النص على العلة حيث أخرج الإمام الشافعي أنه قيل لرجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إما زيد بن ثابت وإما غيره: "ما عراياكم هذه؟ قال فلان وفلان وسمى رجالاً محتاجين من الأنصار شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الرطب يأتي ولا نقد في أيديهم يتبابعون به رطباً يأكلونه مع الناس، وعندهم ومعهم فضول من قوتهم من التمر، فرخص لهم أن يتبايعوا العرايا بخرصها من التمر الذي في أيديهم يأكلونها".
    وقد بين العلماء معنى العرايا بما يدل على أن سبب الترخيص فيها هو: الحاجة إليها.
    3) ما رواه الإمام البخاري عن عاصم الأحول قال: "رأيت قدح النبي صلى الله عليه وسلم عند أنس بن مالك وكان انصدع فسلسله بفضة ..." الحديث.
    ففي الحديث جواز ذلك، وقد علله العلماء بالحاجة؛ لأنه قد ثبت النهي عن الشرب في آنية الذهب والفضة.
    4) حديث أنس رضي الله عنه قال: "رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم للزبير وعبد الرحمن في لبس الحرير لحكة بهما"
    ووجه الدلالة منه استثناء هذه الحالة من حكم لبس الحرير للرجال، وهو التحريم.
    5) حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: " والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله".
    قال النووي في شرح مسلم - (14 / 107)
    وأما قوله المتفلجات للحسن فمعناه يفعلن ذلك طلبا للحسن وفيه اشارة إلى أن الحرام هو المفعول لطلب الحسن أما لواحتاجت إليه لعلاج أو عيب فى السن ونحوه فلابأس والله أعلم
    وقال محمد بن بهادر بن عبد الله الزركشي أبو عبد الله - رحمه الله - في تعريف الحاجة:
    والحاجة : كالجائع الذى لو لم يجد ما يأكل لم يهلك غير أنه يكون فى جهد ومشقة وهذا لا يبيح المحرم . ([5])
    وقال الماوردي - رحمه الله -: فالحاجة لا تبيح محظورًا.
    وقال الإمام الشافعي - رحمه الله -: لأن الحاجة لا تحق لأحدٍ أن يأخذ مال غيره .
    وقال السيوطي - رحمه الله - في تعريف الحاجة: إن الحاجة لا تبيح حرامًا ولا تسقط واجبًا.
    وقال أحمد الزرقا في كتابه شرح القواعد الفقهية : الظاهر أن ما يجوز للحاجة إنما يجوز فيما ورد في نص يجوزه أو تعامل، أو لم يرد فيه شيء منهما، ولكن لم يرد فيه نص يمنعه بخصوصه، وكان له نظير في الشرع يمكن إلحاقه به.
    وقال مصطفى الزرقا في المدخل الفقهي العام: وأما الأحكام التي ثبتت على بناء الحاجة فهي لا تصادم نصا، ولكنها تخالف القواعد والقياس.
    إذاً هذه النقول تدل على أن الحاجة لا تبيح حراماً، وأن مجال تأثيرها في الأحكام حيث لا تصادم نصاً، وهذا بخلاف الضرورة التي تبيح الحرام ومخالفة النصوص.
    ولكن إذا استعمل الحاجة بمعنى الضرورة فحينئذ تبيح المحرم وتبيح ترك الواجب.
    قال أبو بكر بن العربي المالكي – رحمه الله - حيث قال في كتابه القبس (القاعدة السابعة) :"اعتبار الحاجة في تجويز الممنوع كاعتبار الضرورة في تحليل المحرم "
    وقال الشافعي– رحمه الله -: "وليس يحل بالحاجة محرم إلا في الضرورات".
    وقال الشافعي– رحمه الله -:"الحاجة لا تحق لأحد أن يأخذ مال غيره ".
    والسيوطي– رحمه الله - نفسه صرح بذلك: "أكل الميتة في حالة الضرورة يقدم على أخذ مال الغير". ([6])
    وتنقسم الحاجة إلى عامة وخاصة .
    ومعنى كون الحاجة عامة أن الناس جميعاً يحتاجون إليها فيما يمس مصالحهم العامة وهي التي بمعنى الضرورة .
    ومعنى كون الحاجة خاصة أن يحتاج إليها فرد أو أفراد محصورون أو طائفة خاصة.
    والفرق بينها وبين الضرورة من حيث الإستعمال
    قال ابن تيمية – رحمه الله -: " ليس المسوغ تعطيل النفع بالكلية . ولو قدر التعطيل ليكن ذلك من الضرورات التي تبيح المحرمات وكلما جوز للحاجة لا للضرورة كتحلي النساء بالذهب والحرير والتداوي بالذهب والحرير فإنما أبيح لكمال الانتفاع لا لأجل الضرورة التي تبيح الميتة ونحوها ، وإنما الحاجة أي هذا إلى تكميل الانتفاع ، فإن المنفعة الناقصة يحصل معها عوز يدعوها إلى كمالها ، فهذه هي الحاجة في مثل هذا ، وأما الضرورة التي يحصل بعدمها حصول موت أو مرض أو العجز عن الواجبات كالضرورة المعتبر في أكل الميتة لا تعتبر في مثل هذا والله أعلم " .
    ومرادهم أن يحتاج إلى كونها من فضةٍ، بل هذا يسمونه في مثل هذا ضرورةً، والضرورة تبيح الذهب والفضة مفردًا وتبعًا، حتى لو احتاج إلى شد أسنانه بالذهب، أو اتخذ أنفًا من ذهبٍ، ونحو ذلك جاز، كما جاءت به السنة، مع أنه ذهب ومع أنه مفرد، وكذلك لو لم يجد ما يشربه إلا في إناء ذهبٍ، أو فضةٍ، جاز له شربه، ولو لم يجد ثوبًا يقيه البرد، أو يقيه السلاح، أو يستر به عورته، إلا ثوبًا من حريرٍ منسوجٍ بذهبٍ أو فضةٍ، جاز له لبسه، فإن الضرورة تبيح أكل الميتة، والدم، ولحم الخنزير بنص القرآن، والسنة، وإجماع الأمة.([7])
    وقال ابن العثيمين – رحمه الله - في شرح العقيدة السفارينية
    مسألة : فرق بين مفهوم الحاجة والضرورة
    أن الضرورة : ( ما يحصل الضرر بفقده ) ،
    والحاجة : ( ما يفوت الكمال بفقده ) ،
    فالأمور الضرورية : ( ما يحصل الضرر بفقدها ) ،
    والحاجية : ( ما يفوت الكمال بفقدها ) ،
    فمثلاً : الكتب التي نقرأ بها في المقررات ضرورية ،
    لأنه لو لم يكن عندنا كتب صار علينا ضرر والكتب التي للمراجعة وزيادة العلم حاجية لأنه يفوت بفقدها الكمال ولا يحصل بفقدها الضرر ،.اهـ
    إذاً يوجد فروق بين الحاجة والضرورة، من أبرزها أن الحاجة لا تبيح المحرم، بخلاف الضرورة، كما نبه على ذلك أهل العلم – رحمهم الله - فيما تقدم ،
    وأيضاً أن الضرورة لابد فيها من خوف التلف، بينما الحاجة يكتفى فيها بوجود الحرج والمشقة، وإن لم يوجد خوف الهلاك.أضف إلى ذلك أن من شروط وضوابط الضرورة أن يحصل على المضطر مخالفة الأوامر والنواهي الشرعية، بحيث لا يجد وسيلة أخرى لدفع الضرر إلا المخالفة الشرعية،وهذا لا يشترط بالنسبة للحاجة.
    ومن هذه الفروق تبين لنا أن الحاجة لا تبيح حرماً ولا تبيح بترك الواجب , فكيف ننزل الحاجة منزلة الضرورة ؟!
    إذاً تنزيل الحاجة مكان الضرورة مطلقًا، فهذا لم يقل به أحد من أهل العلم؛ واستعمال هذه القاعدة بهذه الصورة تكون فتحاً لباب التلاعب، والتهاون بالمحذورات الشرعية بحجة أن الضرورة تبيح المحذورات، والحاجة تنزل منزلة الضرورة، فينبني على ذلك مفاسد كبيرة، والله تعالى أعلم كما فعل البربراوي وحزبه هداهم الله .
    وذهب كثير من أهل العلم إلى أن لكلٍ من الحاجة والضرورة أحكاماً تخصها.
    القاعدة الثالثة :مفهوم قاعدة" ما حرم لسد الذريعة أبيح للحاجة"
    تعريف السد لغة : الجبل الحاجز ، قال تعالى : { حتى إذا بلغ بين السدين } [الكهف : 93].
    وقال تعالى : { وجعلنا من بين أيديهم سداً ومن خلفهم سداً } [يس : 9]
    قال الزجاج – رحمه الله -: هؤلاء جماعة من الكفار أرادوا بالنبي صلى الله عليه وسلم سوءًا فحال الله بينهم وبين ذلك وسد عليهم الطريق الذي سلكوه فجعلوا بمنزلة من علت يده وسد طريقة من بين يديه ومن خلفه .
    وفي الاصطلاح
    قال صاحب نشر البنود : " أما سد الذرائع فمعناه الحيلولة دون الوصول إلى المفسدة أي حسم مادة وسائل الفساد دفعًا له ، فأي فعل كان بمفرده سالمًا من الفساد ، فإنه إذا كان وسيلة إلى ارتكاب مفسدة واقتراف إثم أصبح ممنوعاً . يجب تجنبه والابتعاد عنه وسد الباب دونه . وبالمقابل فإن الوسيلة ـ كما أسلفنا ـ إذا كانت تفضي إلى مصلحة يشرع فتحها؛ فيجب فتحها إلى الواجب ، ويندب إلى المندوب ، ويباح إلى المباح ([8]).
    فالحاصل : أن السد هو الإغلاق ، وسد الطرق ، ومعنى سد الذريعة هو المنع عن أمر يكون سببًا لحصول أمر آخر ، ويقابله في فتح الذريعة ، ومعناه فتح الطريق لحصول المقصود ، فالمراد به إذن عمل يكون سببًا لحصول أمر آخر.
    تعريف الذريعة لغةً : الذريعة معناها في كلام العرب : ما يدني الإنسان من الشيء ، ويقربه منه .
    والأصل في هذا : أن يرسل البعير مع الوحش يرعى معها ، حتى يأنس بالوحش ، ويأنس به الوحش . فإذا أراد الرجل أن يصيدها استتر بالبعير ، حتى إذا حاذى الوحش وداناها ، رماها فصادها . ويسمون هذا البعير : الذريعة ، والدرية . ثم جعلت الذريعة مثلاً لكل شيء أدنى من شيء وقرب منه .([9])
    والذريعة في الاصطلاح : ما يتوصل به إلى الشيء .
    وتكلم أهل العلم عن هذه القاعدة كما يظهر واضحاً جلياً من فتاويهم ، كما أشار بعضهم إلى هذه القاعدة منهم:
    1- قال ابن بطال – رحمه الله -: «كل نهيٍ كان بمعنى التطرق إلى غيره يسقط للضرورة ».
    2- وقال ابن العربي – رحمه الله -: «إذا نهي عن شيءٍ بعينه لم تؤثر فيه الحاجة، وإذا كان لمعنىً في غيره أثرت فيه الحاجة؛ لارتفاع الشبهة معها».
    3- وقال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - وهو يذكر حكمة صلاة التطوع المطلق في أوقات النهي- : « وأيضاً، فالنهي عن الصلاة فيها هو من باب سد الذرائع لئلا يتشبه بالمشركين، فيفضي إلى الشرك، وما كان منهياً عنه لسد الذريعة لا لأنه مفسدة في نفسه يشرع إذا كان فيها مصلحة راجحة، ولا تفوت المصلحة لغير مفسدة راجحة . والصلاة للّه فيه ليس فيها مفسدة، بل هي ذريعة إلى المفسدة فإذا تعذرت المصلحة إلا بالذريعة، شرعت واكتفي منها إذا لم يكن هناك مصلحة . وهو التطوع المطلق . فإنه ليس في المنع منه مفسدة، ولا تفويت مصلحة، لإمكان فعله في سائر الأوقات .
    وهذا أصل لأحمد وغيره في أن ما كان من باب سد الذريعة، إنما ينهي عنه إذا لم يحتج إليه، وإما مع الحاجة للمصلحة التي لا تحصل إلا به، وقد ينهي عنه؛ ».
    4- وقال أيضاَ : « فإذا كان نهيه عن الصلاة في هذه الأوقات لسد ذريعة الشرك، لئلا يفضي ذلك إلى السجود للشمس ودعائها وسؤالها، كما يفعله أهل دعوة الشمس والقمر والكواكب الذين يدعونها ويسألونها، كان معلوماً أن دعوة الشمس - والسجود لها هو محرم في نفسه - أعظم تحريماً من الصلاة التي نهى عنها؛ لئلا يفضي ذلك إلى دعاء الكواكب.
    كذلك لما نهى عن اتخاذ قبور الأنبياء والصالحين مساجد، فنهى عن قصدها للصلاة عندها؛ لئلا يفضي ذلك إلى دعائهم والسجود لهم، لأن دعاءهم والسجود لهم أعظم تحريماً من اتخاذ قبورهم مساجد. »
    5- وقال ابن القيم – رحمه الله -: « وتحريم الحرير: إنما كان سداً للذريعة، ولهذا أبيح للنساء، وللحاجة، والمصلحة الراجحة، وهذه قاعدة ما حرم لسد الذرائع، فإنه يباح عند الحاجة والمصلحة الراجحة، كما حرم النظر سداً لذريعة الفعل، وأبيح منه ما تدعو إليه الحاجة والمصلحة الراجحة، وكما حرم التنفل بالصلاة فى أوقات النهى سداً لذريعة المشابهة الصورية بعباد الشمس، وأبيحت للمصلحة الراجحة، وكما حرم ربا الفضل سداً لذريعة ربا النسيئة، وأبيح منه ما تدعو إليه الحاجة من العرايا، ».
    6- وقال الشيخ محمد بن عثيمين – رحمه الله -: «لكن ما حرم للذريعة يجوز للحاجة كالعرية». ([10])
    هذه الأقوال ليس فيها تحليل شيئاً من المحرمات كالإختلاط وتصوير الفيديو ولا تحليل نظر النساء في الشوارع ولا في المساجد ولا في المدارس ولا في الجامعات الإختلاطية ولا في المعاهد ولا في مكاتب العمل ولم يثبت عن أحد من أهل العلم أنه أباح ذلك كما خاط وخبط البربراوي هداه الله- ومن جرى مجراه وتعصب له- في إطلق هذه المحرامات واستباحتها بحجة " مصلحة الدعوة" أو " ما حرم لذريعة يجز للحاجة". وصحيته مليأة في الساحة.
    وهذه القاعدة كاختها لا تبيح المحرم إلا إذا قصد بها بمعنى الضرورة .
    قال محمد بن إبراهيم آل الشيخ – رحمه الله -: وأما قول ابن القيم : ما حرم لسد الذرائع يباح للمصلحة الراجحة . فليس المراد به فتح باب إباحة ما دعت الحاجة إلى إباحته مما حرم سداً للذرائع لكل أحد ، بل مراده أن الشريعة هي التي تتولى الإباحة ـ بدليل كلامه في " زاد المعاد " قال في فوائد غزوة هوازن : ما حرم للذريعة يباح للمصلحة الراجحة ، كما أباح من المزابنة العرايا للمصلحة الراجحة ،وأباح ما تدعو الحاجة إليه منها . قال : وا لشريعة لا تعطل المصلحة الراجحة لأجل المرجوحة .
    وقال عبد الرحمن بن صالح عبد اللطيف
    القاعدة ليس على إطلاقها فقد اشترط العلماء في الحاجة المبيحة للمحظور شروطا أهمها ما يلي:
    1) أن تكون الشدة الباعثة علة مخالفة الحكم الشرعي الأصلي بالغة درجة الحرج غير المعتاد.
    قلت- (هذه إذا كانت بمعنى الضرورة) - .
    2) أن يكون الضابط في تقدير تلك الحاجة النظر إلى أواسط الناس ومجموعهم بالنسبة إلى الحاجة العامة، وإلى أواسط الفئة المعينة التي تتعلق بها الحاجة إذا كانت خاصة.
    قلت- (وهذه لا تبيح محرماً )-.
    3) أن تكون الحاجة متعينة بألا يوجد سبيل آخر للتوصل إلى الغرض سوى مخالفة الحكم العام.
    قلت- (هذه أيضاً إذا كانت بمعنى الضرورة)- .
    4) أن تقدر تلك الحاجة بقدرها كما هو الحال بالنسبة إلى الضرورات.
    5) ألا يخالف الحكم المبني على الحاجة نصاً من كتاب الله تعالى أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم على حكم ذلك الأمر بخصوصه .([11])
    فإن أهل العلم ذكروا عدة ذرائع وصرحوا بوجوب سدها لئلا يتذرع بها إلى الشرك، وحماية لحمى التوحيد؛ ولم يثبت عن أحد منهم أباح على هذه الذرائع للحاجة ,.
    فهل تبيحها يا أيها البربراوي ويا من يدندن "بحاجة الدعوة والمال" !!!؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!
    وفيما يلي أذكر بعض الأمثلة من تلك الذرائع : الغلو في الصالحين والمبالغة في محبتهم . من بناء القبب والمساجد على القبور، والحج إليها، والنذور. تعظيم القبور بما لم يرد به الشرع . زيارة القبور على غير السنة . اتخاذ القبور عيدا والعكوف على القبور. الصلاة إلى القبور، أو عند القبور . الدعاء عند القبور . اتخاذ القبور مساجد . البناء على القبور . إيقاد السرج على القبور . الكتابة على القبور . كل ما لم يعهد في السنة عند القبور. السفر إلى آثار الصالحين للتبرك بها . ربط الخيط أو التميمة ونحوها لدفع الحمى أو نحوه . التبرك بالحجر الأسود والشجرة تشبه شجرة أهل الشرك . عبادة الله تعالى في مكان يعبد فيه لغير الله تعالى . الصلاة عند غروب الشمس وعند طلوعها واستوائها .
    فإن قلت إن هذه الأشياء لا يجوز ارتكابها لأنها محرمة في شرع الله نقول لك فكيف جوزت تدريس الجامعات الإختلاطية والتصوير والظهور شاشة التلفاز وتدريس النساء بدون حجاب وهو محرم في شرع الله ومن الفرق بين الحرمتين يا أيها البربراوي هداك الله ؟!!
    وخلاصة القول:أن هذه القاعدة لا يعمل بها في المنصوص على تحريمه، والله أعلم.
    وفي اصطلاح علماء الأصول لها معنى عام ومعنى خاص ، أما المعنى العام : فهو ما ذكره ابن القيم – رحمه الله - ، وهو أن الذريعة : ما كان وسيلة وطريقًا إلى الشيء . إعلام الموقعين 3/ 135.
    والمراد بالشيء هنا الأحكام الشرعية من طاعة أو معصية.
    وأما المعنى الخاص : فهو ما ذكره الشاطبي – رحمه الله - أنها : فإن اعتبار الأصل مؤدٍ إلى المآل الممنوع، والأشياء إنما تحل وتحرم بمآلاتها، ولأنه فتح باب الحيل الموافقات 4/ 198(3 / 566)
    وأما الذريعة التي تفضي إلى المفسدة فمن أمثلتها قوله تعالى : { ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوًا بغير علمٍ } [الأنعام : 108].
    ومنها قوله صلى الله عليه وسلم : (( إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه )) قيل : وكيف يلعن الرجل والديه؟ قال : (( يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه ، ويسب أمه فيسب أمه. )) أخرجه البخاري واللفظ له عن ابن عمر مرفوعاً . أخرج البخاري مسلم
    قال في الفتح : قال ابن بطال : هذا الحديث أصل في سد الذرائع ويؤخذ منه أن من آل فعله إلى محرم يحرم عليه ذلك الفعل ، وإن لم يقصد إلى ما يحرم. فتح الباري 10/ 338
    القاعدة الرابعة: مفهوم في حكم الوسائل
    الوسيلة لغة: كل ما يتقرب به إلى الغير
    وشرعاً أن الوسيلة هي القربة إلى الملك ووسل إلى الله وسيلة وتوسل إليه بوسيلة أي تقرب إليه بعمل.
    قال ابن الأثير – رحمه الله - في النهاية (5/185 أو - 5 / 402)
    هي في الأصل : ما يتوصّل به إلى الشّيء ويتقرّب به وجمعها : وسائل . يقال : وسل إليه وسيلة وتوسّل .
    ونذك ههنا أقوال أهل العلم – رحمهم الله - في حكم وسائل المحرمات
    قال الشاطبي – رحمه الله -: إن حقيقة الذريعة التوسل بما هو مصلحة إلى مفسدة . الموافقات للشاطبي 4/ 199
    وقال ابن رشد – رحمه الله -: إن الذرائع هي الأشياء التي ظاهرها الإباحة ، ويتوصل بها إلى فعل المحظور ، ومن ذلك البيوع التي ظاهرها الصحة ، ويتوصل بها إلى إباحة الربا ) . المقدمات كتاب البيوع 2/ 524
    وقال ابن تيمية – رحمه الله -: ذكر من الوجوه على إبطال الحيل أن الله سبحانه سد الذرائع المفضية إلى المحرم بأن حرمها ونهى عنها ثم قال : والغرض هنا أن الذرائع حرمها الشارع وإن لم يقصد بها المحرم خشية إفضائها إلى المحرم ، فإذا قصد بالشيء نفس المحرم كان أولى بالتحريم من الذرائع (4) . الفتاوى الكبرى - (6 / 173)
    وقال ابن رشد – رحمه الله - في تربية ملكة الاجتهاد من خلال بداية (4134- 4135)
    "و يقول أيضاً : (فإذا حرم الرب تعالى شيئًا وله طرق ووسائل تفضي إليه فإنه يحرمها ويمنع منها تحقيقًا لتحريمه وتثبيتًا له ومنعًا أن نقرب حماه. ولو أباح الوسائل والذرائع المفضية إليه لكان ذلك نقضًا للتحريم وإغراءً للنفوس به وحكمته تعالى وعلمه يأبى ذلك كل الإباء بل سياسة زعماء الدنيا تأبى ذلك، فإن أحدهم إذا منع جنده أو رعيته أو أهل بيته من شيء ثم أباح لهم الطرق والأسباب والذرائع الموصلة إليه لعد منتاقضًا ولحصل من رعيته وجنده ضد مقصوده".
    وقال الشافعي– رحمه الله -:( ما كان ذريعة إلى منع ما أحل الله لم يحل وكذلك ما كان ذريعة إلى إحلال ما حرم الله تعالى، فإن كان هذا هكذا ففي هذا ما يثبت أن الذرائع إلى الحلال والحرام تشبه معاني الحلال والحرام) الأم - (4 / 49)
    وقال ابن تيمية – رحمه الله -: ( أن الله سبحانه ورسوله سد الذرائع المفضية إلى المحارم بأن حرمها ونهى عنها. والذريعة ما كان وسيلةً وطريقًا إلى الشيء، لكن صارت في عرف الفقهاء عبارةً عما أفضت إلى فعلٍ محرمٍ، ولو تجردت عن ذلك الإفضاء لم يكن فيها مفسدة، ولهذا قيل الذريعة الفعل الذي ظاهره أنه مباح وهو وسيلة إلى فعل المحرم) الفتاوى الكبرى - (6 / 172).
    وقال القرافي – رحمه الله -: "اعلم أن الذريعة كما يجب سدها، يجب فتحها، وتكره و تندب وتباح، فإن الذريعة : هي وسيلة، فكما أن وسيلة المحرم محرمة، فوسيلة الواجب واجبة، كالسعي للحج والجمعة، وموارد الأحكام على قسمين : مقاصد، وهي المتضمنة للمصالح والمفاسد في أنفسها، ووسائل وهي الطرق المفضية إليها، وحكمها حكم ما أفضت إليه من تحريم وتحليل … غير أنها أخفض رتبة من المقاصد في حكمها ".(2) الفروق: 2 / 32.
    وقد فصل ابن القيم – رحمه الله - القول في المسألة فقال : "لما كانت المقاصد لا يتوصل إليها إلا بأسباب وطرق تفضي إليها، كانت طرقها وأسبابها تابعة لها معتبرة بها، فوسائل المحرمات والمعاصي - في كراهتها والمنع منها - بحسب إفضائها إلى غاياتها وارتباطها بها، ووسائل الطاعات والقربات - في محبتها والإذن فيها - بحسب إفضائها إلى غاياتها، فوسيلة المقصود تابعة للمقصود، وكلاهما مقصود، لكنه مقصود قصد الغايات، وهي مقصودة قصد الوسائل، فإذا حرم الرب تعالى شيئاً، وله طرق ووسائل تفضي إليه، فإنه يحرمها، ويمنع منها، تحقيقاً لتحريمه، وتثبيتاً له، ومنعاً أن يقرب حماه، ولو أباح الوسائل والذرائع المفضية إليه، لكان ذلك نقضاً للتحريم، وإغراء للنفوس به، وحكمته تعالى وعلمه يأبى ذلك كل الإباء، بل سياسة ملوك الدنيا تأبى ذلك، فإن أحدهم إذا منع جنده، أو رعيته أو أهل بيته من شيء ثم أباح لهم الطرق والأسباب والذرائع الموصلة إليه، لعد متناقضاً، ولحصل من رعيته وجنده ضد مقصوده، وكذلك الأطباء، إذا أرادوا حسم الداء، منعوا صاحبه من الظن بهذه الشريعة الكاملة، التي هي في أعلى درجات الحكمة والمصلحة والكمال …؟ ومن تأمل مصادرها ومواردها علم أن الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم سد الذرائع المفضية إلى المحارم، بأن حرمها ونهى عنها، والذريعة : ما كان وسيلة وطريقة إلى الشيء ". ثم أورد أمثلة على الأفعال والأقوال التي تفضي إلى المحرم، والتي لا يجوز الإتيان بها ما دامت كذلك، وقد أوصل هذه الأمثلة إلى تسعة وتسعين مثالاً، نذكر منها ما يلي:
    "الأول: قوله تعالى: { ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوًا بغير علمٍ } [ الأنعام: 108 ].
    فحرم الله تعالى سب آلهة المشركين - مع كون السبب غيظاً وحمية لله، وإهانة لآلهتهم -لكونه ذريعة إلى سبهم الله تعالى، وكانت مصلحة ترك مسبته تعالى أرجح من مصلحة سبنا لآلهتهم، وهذا كالتنبيه، بل كالتصريح على المنع من الجائز، لئلا يكون سبباً في فعل ما لا يجوز ".
    "الثاني: قوله تعالى: { ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن } [ النور: 31 ]، فمنعهن من الضرب بالأرجل - وإن كان جائزاً في نفسه - لئلا يكون سبباً في سمع الرجال صوت الخلخال، فيثير ذلك دواعي الشهوة منهم إليهن ".
    "الثالث: قوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا } [ البقرة: 104 ]، نهاهم سبحانه أن يقولوا هذه الكلمة - مع قصدهم بها الخير - لئلا يكون قولهم ذريعة إلى التشبه باليهود في أقوالهم وخطابهم، فإنهم كانوا يخاطبون بها النبي صلى الله عليه وسلم ويقصدون بها السب، يقصد فاعلاً من الرعونة، فنهي المسلمون عن قولها، سداً لذريعة المشابهة، ولئلا يكون ذلك ذريعة إلى أن يقولها اليهود للنبي صلى الله عليه وسلم تشبهاً بالمسلمين، يقصدون بها غير ما يقصده المسلمون ".إعلام الموقعين: 3 / 175.
    وقال الإمام ابن القيم – رحمه الله - في آخر "إعلام الموقعين" "4/ 222" في الفصل الذي عقده لفوائد تتعلق بالفتوى: "الفائدة التاسعة والثلاثون: لا يجوز للمفتي تتبع الحيل المحرمة والمكروهة، ولا تتبع الرخص لمن أراد نفعه، فإن تتبع ذلك فسق، وحرم استفتاؤه، فإن حسن قصده في حيلة جائزة لا شبهة فيها ولا مفسدة، لتخليص المستفتي بها من حرج جاز ذلك، بل استحب، وقد أرشد الله نبيه أيوب عليه السلام إلى التخلص من الحنث بأن يأخذ بيده ضغثًا، فيضرب به المرأة ضربة واحدة.
    وأرشد النبي صلى الله عليه وسلم بلالًا إلى بيع التمر بدراهم، ثم يشتري بالدراهم تمرًا آخر، فيتخلص من الربا.
    فأحسن المخارج ما خلص من المآثم، وأقبح الحيل ما أوقع في المحارم، أو أسقط ما أوجبه الله وسوله من الحق اللازم، والله الموفق للصواب" انتهى.
    الحذر من خطر دعوى التدرج في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى
    السؤال : تدرج الله سبحانه وتعالى في تحريم الخمر، هل فيه دليل على أننا نتدرج أيضاً في نصيحة الناس في أي معصية من المعاصي؟
    الجواب : هذه المسألة ينبغي الحذر كل الحذر منها، وأحب أن أنبه إخواني جميعاً أن يتقوا الله عز وجل في الدعوة إلى الله، وأن يعلموا أن أمور الدعوة ينبغي أن ينتهج فيها المنهج الذي بينه الله في كتابه، وبينه رسول الهدى صلى الله عليه وسلم في سنته، ولا أحسن ولا أجمل ولا أكمل ولا أعلم ولا أحكم من هذا الشرع والطريق والسبيل، قال تعالى: { قل إنّي على بيّنةٍ من ربّي } [الأنعام:57]، والبينة: الأمر الواضح الذي لا اختلاج فيه ولا خلل، لكن بينة من من؟ من ربه، وبين الله تعالى أنه على هدى، وأنه على صراط مستقيم، وأنه يدعو إلى هذا الهدى، وإلى الصراط المستقيم، إذا ثبت هذا؛ فلا يجوز لمسلم أن يدخل يجتهد في مجالات الدعوة برأيه، ويتحكم في الأمور بهواه، دون أن يكون قد ورث عن أهل العلم العلم الشرعي والبصيرة، عليه أن يتقي الله عز وجل، وألا يغش أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
    والأصل الشرعي يقتضي أننا إذا نزل النص بتحريم أمر أن نبلغ الناس أنه حرام، فلو أنه دخل على رجل يشرب الدخان، لا يأتي ويقول له: والله! الدخان ما هو طيب، لكي يقول له بعد ذلك: الدخان حرام، فيقول له في اليوم الأول: الدخان ما هو طيب، أو يقول له: إن الأطباء يقولون: إن الدخان فيه أضرار، فيبدأ يقنعه عقلياً، ثم يقنعه نقلياً، افعل ذلك إذا ظننت أنك تبقى إلى غد، أو يبقى هذا الشخص إلى غد، فلو مات ولم تقم حجة الله عليه، وكان بإمكانك أن تقول له الحق، فستلقى الله عز وجل به، ولذلك لا يجوز تأخير الحجج والبراهين والإعذار إلى الله عز وجل في خلقه، ومن أغرب ما ترى! التساهل في إقامة الحجج، أما من يسير على المنهج السوي، يأتي إلى الشخص ويقول له: يا أخي! دل الدليل من كتاب الله عز وجل، وسنة النبي صلى الله عليه وسلم على أن هذا الخمر حرام، فاتق الله عز وجل، ودع ما حرم الله يغنك الله، ويكفك بحلاله عن حرامه، يا هذا! اتق الله في نفسك، واتق الله في مالك، واتق الله عز وجل في حدود الله التي أمرك الله باجتنابها، فيعطيه الأمر واضحاً. شرح زاد المستقنع للشنقيطي - (381 / 13)
    أخيراً أقول للبربراوي وأصحابه هداهم الله ( نصيحة : عليك أيها الطالب المسترشد بتقوى الله تعالى وإيثار طاعته ورضاه على كل شيء سراً وجهراً مع صفاء القلب من كل كدر وترك حب العلو والرئاسة وكل وصف مذموم وفعل ملوم كغل وحقد وحسد وغضب وعجب ونكد وكبر وتيه وخيلاء وزهو وهوى ورياء وغرض سوء وقصد رديء ومكر وخديعة ومجانبة كل مكروه لله سبحانه وتعالى وعد نفسك من أصحاب القبور ولا تهمل النظر في عواقب الأمور ولا تفخر بأعمالك فليس إليك من فعلك شيء واندم على ما فات من عمرك في الصبا والغي وإذا جلست مجلس ذكر أو غيره فاجلس بسكينة ووقار وتلقى الناس بالبشر والإستبشار وحادثهم بما ينفع من الأخبار ولا تجالس غير الأمناء الأتقياء الأخيار وأقبل على من يقبل عليك وارفع منزلة من عظم لديك وأنصف حيث يجب الإنصاف واستعفف حيث يجب الاستعفاف ولا تسرف فإن الله تعالى لا يحب الاسراف وإن رأيت نفسك مقبلة على الخير فاشكر ) الله على ذلك أو رأيتها ( مدبرة عنه فازجرها ) عما هنالك ( أو ذكرت بالله فاذكر ) تكن مع الذاكرين ( وإن بليت فاصبر ) إن الله مع الصابرين ( أو جنيت فتب واستغفر ) إن الله يحب التوابين ويحب المستغفرين ( أو هفوت فاعتذر ) إلى ربك تكن من الفائزين ). مطالب أولي النهى - (6 / 706)
    فنصيحتي للبربراوي أصحابه . الرّجوع عن هذه المخالفات ؛ لأن الرجوع إلى الصّواب هو الواجب على المؤمن، وهو شرف له، وهو خير من التّمادي في الأشياء التي تخالف الدليل. ولأن الرجوع إلى الحق فضيلة.
    كتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنهما "لا يمنعك قضاء قضيته بالأمس راجعت فيه نفسك وهّديت فيه لرشدك أن ترجع فيه إلى الحق فإن الحق قديم والرجوع إلى الحق أولى من التمادي في الباطل"([12]).اهـ
    قال مالك – رحمه الله - وقال ذلك للثناء على عمر بن الخطاب رضي الله عنه " ما كان بأعلمنا ولكنه كان أسرعنا رجوعاً إذا سمع الحق"([13]). اهـ
    وقال عمر بن عبد العزيز – رحمه الله - " ما من طينة أهون علي فكاً وما من كتاب أيسر علي رداً من كتاب قضيت به ثم أبصرت أن الحق في غيره فنسخته"([14]) . اهـ
    وقال الشافعي – رحمه الله - " كل مسألة تكلمت فيها وصح الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عند أهل النقل بخلاف ما قلت فأنا راجع عنها في حياتي وبعد موتي" ([15]).اهـ
    وقال ابن رجب – رحمه الله - وهو يصف أئمة السلف" كان أئمة السلف المجمع على علمهم وفضلهم يقبلون الحق ممن أورده عليهم وإن كان صغيراً ويوصون أصحابهم وأتباعهم بقبول الحق إذا ظهر في غير قولهم "([16]).اهـ
    وقال الإمام الآجري – رحمه الله - وهو يذكر صفات العلماء السلف"إن أفتى بمسألة فعلم أنه أخطأ لم يستنكف أن يرجع عنها وإن قال قولاً فرده عليه غيره ممن هو أعلم أو مثله أو دونه فعلم أن القول كذلك رجع عن قوله وحمده على ذلك وجزاه خيراً "([17]).اهـ
    وأسأل الله أن يوفّقنا ، وسائر إخواننا لإصابة الحق في القول والعمل، إنه جوادٌ كريم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.


    [1] - مقاييس اللغة 3/360 (ضرّ)، والصحاح 2/719 (ضرر).
    كتاب الكليات - (1 / 194) و المحكم والمحيط الأعظم - (8 / 148) تاج العروس من جواهر القاموس - (12 / 387) لسان العرب لابن منظور - (4 / 2573) (ضرر).

    [2] - الموافقات 2/8-10. الضرورة الشرعية ص66-68، وشرح القواعد الفقهية لأحمد الزرقاء ص155. لسان العرب 4 / 482

    [3] المحلى7 / 426

    [4] - تاج العروس من جواهر القاموس - (5 / 495) القواعد والضوابط الفقهية المتضمنة للتيسير - (1 / 242)

    [5] - الموافقات 2/10-11. المنثور في القواعد - (2 / 319) وغمز عيون البصائر 1 / 277 .

    [6] - الأم - (2 / 77) الحاوى الكبير - (15 / 179) (الأم: 3/28) (الأشباه والنظائر:ص62)


    [7] - المجموع : 31/225-226. الفتاوى الكبرى - (1 / 432) مجموع الفتاوى - (21 / 81)

    [8] - لسان العرب لابن منظور - (3 / 1969) تهذيب اللغة - (4 / 235) نشر البنود على مراقبي السعود 2/265

    [9] - لسان العرب - (3 / 1498) الزاهر في معاني كلمات الناس - (1 / 501) تهذيب اللغة - (2 / 190)

    [10] - شرح صحيح البخاري (6/56-57). عارضة الأحوذي (8/48-49). مجموع فتاوى (23/214). مجموع فتاوى (1/164)، وانظر: (22/298) و (23/186) و (29/49). قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة - (2 / 31) - 32 .زاد المعاد (4/78)، وانظر: (2/242)، وروضة المحبين ونزهة المشتاقين (95). منظومة أصول الفقه وقواعده (64).

    [11] - فتاواه ورسائله 7 /123. القواعد والضوابط الفقهية المتضمنة للتيسير 1 / 247

    (1) رواه البيهقي10/119 والدار قطني4/206 وسنده حسن

    (2) جامع 2 / 1141

    (3 ) تاريخ دمشق 45 / 194 وسنده صحيح

    (4 ) توالي التأسيس 108

    (5) الفرق بين النصيحة والتعيير 10

    (6) أخلاق العلماء 37

  • #2
    جزاك الله خيرا أيها الأخ الفاضل بيان علمي ونصيحة تكتب بماء الذهب

    تعليق

    يعمل...
    X