مشاهداتي في إيران
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الصادق الأمين -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.
وبعد: لقد طلب مني فضيلة شيخنا محدث العصر، ناشر السنة، وقامع البدعة والمبتدعين بجميع أنواعهم، بأن أكتب شيئًا يسيرًا مما رأيته وشاهدته وسمعته في إيران، حيث أن الله قدر لي الوصول إلى تلك البلاد، وذلك عندما كنت متوجهًا إلى أذربيجان التي كانت من ضمن الجمهوريات التي كانت تحت سيطرة روسيا الشيوعية، نسأل الله أن يدمر جميع الكافرين، ولقد شاء ربنا أن بقيت في إيران تسعة وعشرين يومًا ستة وعشرون يومًا عند الذهاب، وثلاثة أيام عند الرجوع من أذربيجان، وخلال تواجدي في إيران رأيت ما تقشعر منه أبدان المؤمنين، وذلك في طهران وقم. وما زرت غير هاتين المنطقتين، وقبل الشروع في التكلم عما شاهدته ورأيته، أنصح نفسي وجميع المسلمين بالعلم الشرعي، علم الكتاب والسنة لكي يستطيع الإنسان أن يميز بين الحق والباطل، والتوحيد والشرك، والسنة والبدعة، فإن الناس في هذا الزمن عند أن انشغلوا بالدنيا وترك كثير منهم العلم الشرعي حصل الخلل وجهل كثير من المسلمين أشياء معلومة من الدين بالضرورة، وأصبحوا لا يفرقون في كثير من الأحيان بين أهل الحق وأهل الباطل، فإذا أردنا الفوز والفلاح فعلينا بطلب العلم الشرعي، وقد جاءت آيات كثيرة، وأحاديث في الترغيب في طلب العلم منها قوله تعالى: ﴿قل هل يستوي الّذين يعلمون والّذين لا يعلمون[1]﴾، وقوله تعالى: ﴿وقل ربّ زدني علمًا[2]﴾، وقوله: ﴿فاعلم أنّه لا إله إلاّ الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات[3]﴾، وقال تعالى: ﴿إنّما يخشى الله من عباده العلماء[4]﴾.
وقال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((طلب العلم فريضة على كلّ مسلم))، وقال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((من يرد الله به خيرًا يفقّهه في الدّين)). وغير ذلك من الأدلة في هذه المسألة.
وعلى المسلم أن يحذر من الكذب، فإن الكذب خلق ذميم، وكبيرة من كبائر الذنوب، ولا يجوز له أن يتكلم إلا بما يعلم، قال الله تعالى: ﴿ولا تقف ما ليس لك به علم[5]﴾، وقال تعالى: ﴿ما يلفظ من قول إلاّ لديه رقيب عتيد[6]﴾.
ويقول الرسول -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((آية المنافق ثلاث: إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان))[7]، وقال -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((إيّاكم والكذب، فإنّ الكذب يهدي إلى الفجور، والفجور يهدي إلى النّار، وإنّ الرّجل ليكذب حتّى يكتب عند الله كذّابًا))، وقال -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((إنّ من أفرى الفرى أن يري عينيه ما لم تريا)). والأدلة كثيرة في تحريم الكذب، وإنما أحببت أن أذكر نفسي وإخواني المسلمين ببعض الأدلة في تحريم الكذب لنعلم خطر ذلك.
وإنني إذ أذكر لإخواني المسلمين بعض مشاهداتي في إيران من أجل أن يكونوا على بصيرة ومعرفة بهذه الدولة الرافضية حيث قد سمعت من بعض المساكين السطحيين من يمدح إيران ويقول: إنّها الدولة الوحيدة التي تقوم ضد أمريكا وإسرائيل، بل وقد حصل المدح والثناء والإطراء من بعض من يدّعون معرفة وفهم الواقع من جماعة الإخوان المسلمين، وحصل المدح من الرافضة والشيعة لهذه الدولة الخبيثة، فأقول لكم: رويدًا رويدا أيها المسلمون، إن إيران لها سياسات ومآرب ومقاصد في إظهار العداوة لأمريكا وإسرائيل، وأقول لكم: أيها المسلمون إن إيران عميلة لأمريكا، وكاذبة في دعواها أنّها ضد أمريكا، ولو سلمنا جدلاً أنّها ضد أمريكا لأنّها كافرة فلماذا ما تقوم ضد فرنسا وتعادي فرنسا، وأنتم تعرفون أن الإمام الضال الخميني كان يعيش في فرنسا، والرئيس محمد خاتمي ذهب في هذه الأيام ومكث أيامًا، ولإيران علاقات مع دول كافرة كثيرة، بل ودول شيوعية فما الفرق بين كفر أمريكا وكفر فرنسا وكفر الدول الكافرة الأخرى؟ لا فرق، الكفر ملة واحدة ولكنها السياسة، وقد نهانا الله أن نوالي جميع الكفار ولو كانوا من الأقربين قال الله تعالى: ﴿ياأيّها الّذين ءامنوا لا تتّخذوا ءاباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبّوا الكفر على الإيمان[8]﴾، وقال الله تعالى: ﴿ياأيّها الّذين ءامنوا لا تتّخذوا اليهود والنّصارى أولياء بعضهم أولياء بعض[9]﴾، وقال تعالى: ﴿لا يتّخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء[10]﴾، وقال تعالى: ﴿ولا تركنوا إلى الّذين ظلموا فتمسّكم النّار[11]﴾، وقال تعالى: ﴿ياأيّها الّذين ءامنوا لا تتّخذوا عدوّي وعدوّكم أولياء تلقون إليهم بالمودّة وقد كفروا بما جاءكم من الحقّ[12]﴾، وقال تعالى: ﴿لا تجد قومًا يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادّون من حادّ الله ورسوله ولو كانوا ءاباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم[13]﴾.
وهناك أدلة كثيرة من الكتاب والسنة في تحريم موالاة الكفار، ولو كانوا من الأقربين، فكيف بإيران وهي تصادق فرنسا وهي معروفة بعداوتها للإسلام والمسلمين في داخل فرنسا وخارجها، فعندما تظهر العدوان لأمريكا هذا كذب وتمويه، من أجل أن يغتر بها العوام والجهلاء الذين لا يعرفون حقيقة الرافضة وعقيدتها، والذين لا يفهمون السياسة، فلو كانت إيران صادقة في عداوتها لأمريكا لعادت جميع دول الكفر، وتبذل كل ما تستطيع في سبيل ذلك، وتحارب تلك الدول حربًا إعلاميًّا.
وذلك لأن الكفر ملة واحدة، بل ومما يؤكد أن إيران كاذبة في دعواها أنّها ضد أمريكا ما أخبرني به أحد العراقيين الذين هربوا من جحيم صدام إلى نار إيران حيث التقيت به في طهران وهو متزوج بإيرانية وله في إيران خمسة عشر عامًا فقال لي: إن الإيرانيين يحقدون حقدًا شديدًا على العرب وعلى الباكستانيين والأفغانيين، ويعظّمون الأمريكيين تعظيمًا بالغًا، فقلت له: نحن نسمع أنّهم يذمّون أمريكا، فقال: هذه مجرد دعايات. فهذا الرجل يشهد بهذا الكلام وهو الذي يعيش داخل إيران.
ولعلي قد أطلت عليكم في المقدمة، وأما الآن فسوف أذكر لكم بعض الأشياء التي رأيتها وشاهدتها وسمعتها أو سمعت بها في إيران.
فما رأيته: رأيت قبر إمام الضلالة الخميني وهو في طهران وقد ذهبت إليه مرتين وما ذهبت إلا لأرى ما القوم عليه، فقبل أن أصل إلى المسجد الذي القبر بداخله رأيت لوحًة كبيرةً معترضة في الشارع ومكتوب عليها إلى الحرم وهنالك سهم يشير إلى المسجد الذي القبر بداخله، فنزلت من فوق الباص قبل الوصول إلى المسجد، ثم تقدمت فرأيت مقبرة كبيرة ورأيت رجالاً وأطفالاً ونساءً فوق القبور، وهم على القبور منهم الذين يضحكون، ومنهم الذين يبكون، ومنهم الذين يأكلون ويشربون، وهم جماعات جماعات وأفرادًا، والقبور التي رأيتها مجصصة وبعضها مرتفع، ورأيت قبورًا كثيرة عليها صور أصحاب القبور وأسمائهم وتاريخ الولادة والموت، بعضها أي بعض هذه الصور صور فوتوغرافية وهي موضوعة في زجاج عند رأس الميت على القبر، وبعض هذه الصور مصورة باليد فوق رخام، ورأيت مجموعة كبيرة وهم محتلقون فأحببت أن أرى فرأيتهم محتلقين وعندهم زهور وورود فوق القبر، وهنالك شخص بيده مكبر الصوت وهو يدعو والذين فوق القبر منهم الذي يبكي، ومنهم الذي يتباكى، ومنهم الحزين، وكان هنالك عجوز مر من عمرها نحو ثمانين عامًا تقريبًا فكانت تبكي بكاًء حارًا شديدًا وقد كادت أن تسقط، فقلت: هذا الميت لعله ولدها، أما البقية فلم يكونوا كذلك.
ثم انطلقت نحو المسجد فرأيت عن يمين باب المسجد وعن شمال باب المسجد مئات الغرف عددت إلى خمس مائة وست وثمانين غرفة، ثم تعبت فتوقفت وفي هذه الغرف قبور وكثير من أصحاب هذه القبور صورهم فوق قبورهم، ثم دخلت المسجد فإذا بي أرى وسط المسجد بناءً كبيرًا، وأنظر يمينًا وشمالاً وأنا أتجه إلى ذلك البناء الذي في وسط المسجد فإذا بي أرى رجالاً وأطفالاً ونساءً وكأني في مكة عند الحرم، وأرى الناس منهم الراكع ومنهم الساجد، ومنهم القائم، ومنهم النائم، ومنهم الذي يأكل ويشرب، والتالي والقارئ، وأرى العسكر وهم متفرقون ههنا وههنا، وعندهم أجهزة لا سلكية ثم وصلت إلى ذلك البناء المرتفع الذي وسط المسجد الذي شبه بناء الكعبة فإذا بالناس وهم يطوفون حول ذلك البناء ويمرغون خدودهم على الجدران وبعضهم يبكي، ولكنهم لا يطوفون طوافًا كاملاً، وإنما يطوف الرجال من جانب من الطول وجانب من العرض من البناء، والنساء يطفن من جانب من الطول وجانب من العرض من البناء، وهنالك شباك من الحديد يفصل بين الرجال والنساء هذا في أثناء الطواف فقط.
ثم تقدمت إلى أن وصلت إلى عرض الجدار فإذا بي أرى بالداخل قبر الخميني وعليه كساء كمثل كساء الكعبة وفي داخل ذلك البناء من كل الجوانب نقود كثيرة جدًا مرتفعة نحو ذراع تقريبًا أو أكثر أو أقل، وهذه النقود يدخلونها من ثقوب موجودة في البناء، المهم هذا البناء يشبه بناء الكعبة والمسجد يشبه المسجد الحرام، ووجود الناس هنالك وصدور تلك الأعمال منهم يخيل إليك كأنك عند الكعبة شرفها الله، ورأيت لهذا المسجد تقريبًا خمس منارات مرتفعة وهي مطلية بشيء أصفر يشبه الذهب ولا أدري أهو ذهب أم لا؟ ولكن قد أخبرني أحد مشايخ اليمن الكبار الذين ذهبوا إلى هنالك أنّها مطلية بالذهب.
ثم ذهبت إلى حي تجريش في شمال طهران فرأيت هنالك قبرًا وهو قبر الإمام زاده صالح، وعنده زحام شديد من الرجال والنساء والأطفال، وهم ما بين مصلّ وطائف وداع وباك، وذلك القبر هو في غاية من الزخرفة والنقوش، وأهداني بعض القائمين على القبر صورًا للقبر، وكذلك كتاب ((مفاتيح الجنان)) فيه أدعيه كفرية وشركية، وفيه إسناد علم الغيب للأئمة، وفيه أنّهم هم الذين سوف يحاسبون العالم يوم القيامة.
ثم ذهبت إلى قبر إمام شاه عبدالعظيم، ولعله جهة الجنوب من وسط العاصمة فرأيت عنده أشياء تتناقض مع دين الإسلام فمما رأيته عند هذا القبر رأيت إنسانًا جاء وسجد إلى القبر ورأيت رجلاً آخر جاء وركع إلى القبر، ثم عند خروجه رجع القهقرى، أي: رجع إلى الخلف ولم يعط القبر ظهره من أجل احترام صاحب القبر، ورأيت القبر وهو في غاية من الزينة والزخرفة، والناس هنالك يطوفون من جانبين والنساء يطفن من الجانبين الآخرين، وهنالك زحام شديد والناس ما بين طائف وممرغ خده حتى أنّهم يرفعون الأطفال الصغار ويمرغون خدودهم علىجدار القبر، وبعض الناس هنالك معه بعض الكتب الصغيرة يقرأ أدعية منها، ومنهم المصلي ومنهم الخاشع الباكي.
ثم ذهبت إلى قبر إمام عبدالله وليس هنالك زحام شديد وهم يطوفون طوافًا كاملاً عند ذلك القبر أي حول ذلك القبر كأنّهم يطوفون حول الكعبة، والذي يظهر لي أن الذي يمنعهم من الطواف كاملاً عند القبور التي عندها زحام من أجل أن لا يختلط الرجال بالنساء، وهؤلاء إن كان مقصدهم ذلك مثل أصحاب العراق الذين قتلوا الحسين رضي الله عنه ثم سألوا عن دم البعوض هل ينجس أم لا؟ فهؤلاء قد وقعوا في الشرك الأكبر من الطواف والركوع والسجود إلى القبر، ودعاء صاحب القبر.
ورأيت في بعض شوارع طهران في بعض الجولات صور تماثيل لبعض من يعظمونهم، ثم وصلت إلى مكان في وسط العاصمة، وهنالك دكان كبير فدخلت فيه فإذا فيه صور تمتاثيل ورأيت في ذلك المكان صورة الجنة وفيها التفاح والعنب والرمان والبرتقال وغير ذلك من النعم، وبجانب صورة الجنة صورة للنار وأهلها يعذبون فيها حيث أن بعضهم فوقه الحيّات والعقارب والثعابين ومقامع من حديد إلى غير ذلك من أهوال النار، أجارنا الله من نار جهنم.
وفي ذات يوم ركبت من طهران إلى قم، وقم تبعد عن طهران مائة وستين كيلومترًا تقريبًا، وكنت راكبًا مع شخصين فعندما تحركنا من وسط طهران مررنا من عند قبر الخميني فإذا بأحد هذين الرجلين وهو يتكلم العربية يقول: السلام عليك يا إمام، السلام عليك يا روح الله، السلام عليك يوم تبعث. وقد سبق أن تعرفت على هذين الرجلين في المطعم، وقلت: سأركب معهما إلى قم. فقالا: لا بأس بذلك حيث وواحد منهما عراقي، والآخر بحريني فر بدينه إلى أمريكا كما قال لي: وإنما جاء زائرًا، وسألني ذلك العراقي: من أين أنت؟ فقلت: من اليمن. فقال: ما المذهب عندكم؟ فقلت: المذهب عندنا المذهب الزيدي. أقصد المذهب في اليمن وحصل بيني وبينهما تبادل كلام ومما قاله لي: ليس لنا عدو إلا الوهابية. ونسي قاتله الله اليهود والنصارى والمجوس والسيخ والهندوس والشيوعيين والوثنيين وغير ذلك، وهم يقصدون كل من تمسك بالكتاب والسنة فهو في نظرهم أنه وهابي، وإلا فمن هو محمد بن عبدالوهاب؟ هو عالم من علماء المسلمين، والأشياء الموجودة في كتبه موجودة في الكتب الأخرى كالبخاري ومسلم وأبي داود والنسائي والترمذي وابن ماجة، وموجودة عند أصحاب المذاهب كالشافعية والحنابلة والمالكية والأحناف، وإنما هذه سياسة المبتدعين من أجل أن يحافظوا على بدعهم وأن لا يفضحوا أمام الناس، وأن يردوا الكتاب والسنة بمثل هذه الأعذار.
ثم وصلت إلى قم وقفت السيارة بعيدًا عن القبر والمسجد فقال أحد هذين الشخصين: ذلك هو الحرم، فنزلت فاتجهت إلى الحرم، أي: إلى القبر، فقابلت أناسًا كثيرين، ومنهم رجل قال: بأنه من الهند فقال لي: مبارك على الزيارة أو زيارة مقبولة، ورأيت هنالك كما رأيت عند القبور الأخرى ورأيت أناسًا علماء في غرف هنالك يعلمون الطلاب وهذه الغرف مملؤة بالقبور وهم فوق القبور فقلت لهم: هذا لا يصلح! فقال لي أحد العلماء: هذا لا شيء فيه أو كلمة نحوها. وأنا لم أناقشهم.
ثم ذهبت من عند القبر فوصلت إلى بعض الشوارع فوجدت فوق دكان دفتر حج وزيارة قم. فقلت لأحد المارة وهو يتكلم العربية قلت له: يعني أنّهم يزورون هذا المكان ويحجون إليه؟ فقال: نعم. فأعدت كلامي مرة أخرى من أجل أن أتثبت، فقال: هذا يعني أن الذي يريد مكة يسجل ههنا، ولعله أراد أن يغالط عند أن رآني أتثبت من الكلام. ثم إذا بي أمر فإذا بي أسمع صاحب سيارة وهو يقول الحرم.. الحرم. فقلت له: القبر تعني؟ قال: نعم.
ومما سمعت من أحد اليمنيين وهو يدرس هنالك الطب قال: هنالك قبر أبي لؤلؤة المجوسي قاتل عمر في أصفهان يطوفون حوله ويقولون: ألف لعنة على عمر. وأخبرني أن هنالك من الإيرانيين عند أن يبول يقول: إنه يبول على رأس عمر. هذا ما رأيته في إيران مما يتعلق بالقبور وأحوال الناس عند القبور، وكذلك ما رأيته من التماثيل.
وهؤلاء الرافضة في إيران وغيرها يزعمون أنّهم يحبون أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب ويتبعونه بل يغالون فيه فبعضهم يجعله أعظم من الأنبياء، ومنهم من يعطي له بعض صفات الله من علم الغيب وغير ذلك، وهم في نفس الوقت مخالفون له، فعقيدته غير عقيدتهم وعمله غير عملهم، ومنهجه غير منهجهم، فهو يتبع الكتاب والسنة وهم يتبعون أهواءهم ويتبعون سنن اليهود والنصارى.
فعلى سبيل المثال لا الحصر كما قلت لكم آنفًا هم يبنون البنايات العظيمة فوق القبور ويجصصونها ويدعون أصحاب القبور ويصلون إلى القبور ويسجدون إلى القبور بدون صلاة وغير ذلك! وانظروا إلى ما جاء عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال أبو الهيّاج الأسديّ: قال لي عليّ ابن أبي طالب: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((أن لا تدع تمثالاً إلاّ طمسته، ولا قبرًا مشرفًا إلاّ سوّيته، ولا صورةً إلاّ طمستها))، وفي رواية: ((ولا تمثالاً إلاّ طمسته)). رواه الإمام مسلم رحمه الله.
وعن علي بن الحسين عن أبيه عن جده عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أنه قال: ((لا تتّخذوا قبري عيدًا)). رواه البخاري، في ((التاريخ)).
وجاء في ((صحيح مسلم)): عن جابر رضي الله عنه قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ((أن يجصّص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه))، وجاء في ((الصحيحين)): عن عائشة وعبدالله بن عبّاس رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((لعنة الله على اليهود والنّصارى اتّخذوا قبور أنبيائهم مساجد))، وفي ((صحيح البخاري ومسلم)): عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((قاتل الله اليهود والنّصارى))، وفي ((صحيح مسلم)): عن أبي مرثد الغنويّ قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((لا تجلسوا على القبور ولا تصلّوا إليها))، وقال -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((الأرض كلّها مسجد إلاّ المقبرة والحمّام)).
فهم يخالفون هذه الأدلة وغيرها من الأدلة، ويخالفون أئمة آل البيت، وهنالك أدلة كثيرة في هذه المسألة، وكذلك كما ذكرت لكم هم يدعون غير الله والله عز وجل يقول: ﴿وأنّ المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدًا[14]﴾، ويقول: ﴿له دعوة الحقّ والّذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلاّ كباسط كفّيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه وما دعاء الكافرين إلاّ في ضلال[15]﴾.
قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه: مثل من يدعو غير الله كمثل من يبسط كفيه على البئر، وقال الله عز وجل: ﴿ومن أضلّ ممّن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون وإذا حشر النّاس كانوا لهم أعداءً وكانوا بعبادتهم كافرين[16]﴾، وقال تعالى ناهيًا نبيه -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ﴿ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرّك فإن فعلت فإنّك إذًا من الظّالمين[17]﴾، وقال الله تعالى آمرًا نبيه -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بأن يقول للناس: ﴿قل لا أملك لنفسي نفعًا ولا ضرًّا إلاّ ما شاء الله[18]﴾، وقال: ﴿قل إنّما أدعو ربّي ولا أشرك به أحدًا قل إنّي لا أملك لكم ضرًّا ولا رشدًا[19]﴾.
إذا كان هذا سيد ولد آدم -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لا ينفع ولا يضر كما هو صريح القرآن فكيف بغيره! وقال تعالى: ﴿ولا تدع مع الله إلهًا ءاخر لا إله إلاّ هو[20]﴾، وقال تعالى: ﴿قل أندعو من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرّنا ونردّ على أعقابنا بعد إذ هدانا الله كالّذي استهوته الشّياطين في الأرض حيران له أصحاب يدعونه إلى الهدى ائتنا قل إنّ هدى الله هو الهدى وأمرنا لنسلم لربّ العالمين[21]﴾. والأدلة كثيرة ولسنا في صدد التكلم عن هذه المسألة، فهم يخالفون بأعمالهم وأقوالهم صريح الكتاب والسنة، ويخالفون أئمة آل البيت رضي الله عنهم.
ومما رأيت: رأيت مسجدًا يسمى مسجد كاهي في حي تجريش في شمال طهران ورأيت في هذا المسجد ورقة معلقة على جدار المسجد ومكتوب عليها عن الحسن بن مهدي العسكري قال: إنا لا يعزب عنا شيء من أخباركم ولسنا ناسين لذكركم. وذكر المرجع في تلك الورقة وأشار إلى ((بحار الأنوار)) وأعطوني كتابًا هدية من سدنة قبر إمام زاده صالح وهذا الكتاب اسمه ((مفاتيح الجنان)) قرأت فيه توسلات مبتدعة، وأدعية شركية، وفيه إسناد علم الغيب للأئمة، وفيه أن أئمة الشيعة هم الذي سوف يحاسبون الناس يوم القيامة.
فانظروا رحمكم الله أيها المسلمون كيف يسندون علم الغيب لغير الله، وهذا كفر وشرك، لأن علم الغيب من صفات الله وحده قال الله تعالى: ﴿وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلاّ هو[22]﴾، وقال الله تعالى: ﴿قل لا يعلم من في السّموات والأرض الغيب إلاّ الله[23]﴾، ويقول الله تعالى: ﴿عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدًا إلاّ من ارتضى من رسول فإنّه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدًا[24]﴾.
فالأنبياء والرسل يوحي الله إليهم بعض المغيبات لتكون حجة وبرهانًا على أنّهم أنبياء، أما أنّهم يعلمون الغيب فلا، قال الله تعالى: ﴿يوم يجمع الله الرّسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا إنّك أنت علام الغيوب[25]﴾، فأسندوا علم الغيب لله وحده. وقال تعالى في شأن رسوله محمد -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ﴿ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسّني السّوء إن أنا إلاّ نذير وبشير لقوم يؤمنون[26]﴾. والأدلة كثيرة جدًا، ولسنا في صدد التكلم عن هذه المسألة، وإنما هذا من باب التنبيه لتروا ما القوم عليه من مخالفات لصريح القرآن والسنة، وللأئمة، وللأمة الإسلامية، ها هو النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- عندما ادعى المنافقون ومن وقع معهم من الصحابة مثل مسطح أن عائشة زنت لم يعرف النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أهو صحيح أم لا؟ حتى برأها الله من فوق سبع سموات، ونزل فيها قرآن يتلى، فلو كان يعلم الغيب كان سيعرف من أول مرة أنه كذب وزور وبهتان.
وكذلك الرافضة والشيعة ينسبون إلى أبي موسى الأشعري وعبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنّهما خدعا علي بن أبي طالب رضي الله عنه فلو كان يعلم الغيب كما زعموا كان سيعلم ذلك الموقف ولكن القوم قوم بهت كذبة، وكذلك النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في بعض الغزوات كان يرسل من يستطلع أخبار المشركين، فلو كان يعلم الغيب ما كان سيرسل أحدًا.
والرافضة والشيعة إسناد علم الغيب للأئمة عندهم شيء مسلّم به، وبوبوا على ذلك أبوابًا، وذكروا بعض المغيبات التي ذكرها الأئمة، كما هو موجود في بعض كتبهم منها كتاب ((سلوني قبل أن تفقدوني)) ومنها كتاب ((علي والوصية)) ومنها كتاب ((مفاتيح الجنان)) وغير ذلك من كتبهم، وكذلك ذكر في كتاب ((مفاتيح الجنان)) المتقدم الذكر أن أئمة آل البيت هم الذي سوف يحاسبون العالم يوم القيامة، وأن الذي ليس بشيعي سوف يدخلونه النار، والذي هو شيعي سوف يدخلونه الجنة، وهذا الكلام موجود في كتاب ((علي والوصية)) رقم الحديث (100-103)، ويفسرون قول الله عز وجل: ﴿وعلى الأعراف رجال يعرفون كلاًّ بسيماهم[27]﴾، أن علي بن أبي طالب سوف يقف على الأعراف ويعرف من ناصره ويدخله الجنة، ويعرف من أبغضه ويدخله النار.
ويفسرون قول الله عز وجل: ﴿ألقيا في جهنّم كلّ كفّار عنيد[28]﴾، ويقولون قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((إذا كان يوم القيامة قال الله تعالى لي ولعلي ابن أبي طالب أدخلا الجنة من أحبكما، وأدخلا النار من أبغضكما)) وذلك قوله تعالى: ﴿ألقيا في جهنّم كلّ كفّار عنيد﴾.
ومعنى الكفار كما فسروه هو الذي كفر نبوة النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، والعنيد: هو الجاحد حق علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ومنها الخلافة، فمن لم يقر بأن الخليفة بعد رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- هو علي رضي الله عنه فهو من أهل النار.
إذًا الصحابة للنار، والأمة الإسلامية بما فيها الشافعية والحنفية والمالكية والحنابلة مصيرهم إلى النار، لأنّهم أقروا بأن الخليفة بعد رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أبوبكر، بل إن علي بن أبي طالب وأولاده وبني هاشم مصيرهم إلى النار لأنّهم أقروا بالخلافة لأبي بكر بعد رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-. وهذا على تفسير هؤلاء الرافضة والشيعة.
ويقولون في نفس الكتاب: إن علي بن أبي طالب يدخل أحباءه الجنة بغير حساب، ويروون أحاديث في بعض كتبهم، وقد جئت ببعض الملصقات من إيران ومكتوب عليها: أن الرسول -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: ((حب علي حسنة لا يضر معها سيئة)). وفي حديث آخر: ((من أحب عليًا دخل الجنة وإن عصاني، ومن أبغض عليًا دخل النار وإن أطاعني)). وهو حديث قدسي.
إذًا لا حاجة للإنسان في الإسلام، وله أن يزني ويشرب الخمر، ويعمل جميع المنكرات والفواحش ويحب علي بن أبي طالب وسوف يدخل الجنة! نعوذ بالله من الجهل والزيغ والضلال.
ورأيت في أحد الدكاكين في شارع ناصر خسرو كتابة: (ولاية علي بن أبي طالب حصن فمن دخل حصني أمن من عذابي) وكما سبق أن ذكرت أن في ذلك الكتاب الذي أعطوني هدية أن حساب العالم يوم القيامة ومرجع العالم يوم القيامة إلى أئمة الشيعة، وأنت يا مسلم عليك أن تسمع كلام الله وأن تحكم بنفسك على ترهات وخزعبلات الشيعة قال الله تعالى: ﴿فإنّما عليك البلاغ وعلينا الحساب[29]﴾، وكما قال تعالى: ﴿إنّ إلينا إيابهم ثمّ إنّ علينا حسابهم[30]﴾، وقال تعالى: ﴿ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء[31]﴾. والنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول لفاطمة بنت محمد -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((يا فاطمة بنت محمّد سليني ما شئت من مالي لا أغني عنك من الله شيئًا)).
وجئت بكتب من هنالك ومنها كتاب اسمه ((شرح أصول الكافي)) وفيه أشياء ليست من دين الإسلام، ومما فيه أن هنالك مصحفًا يسمى مصحف فاطمة مثل القرآن ثلاث مرات، قال: ما فيه حرف من قرآنكم، وفيه أخبار من قبلكم إلى غير ذلكم مما في هذا الكتاب من مخالفات لدين الإسلام، وهو من المراجع المعتمدة عندهم.
وكذا في تلك البلاد ما رأيت امرأة قط وهي مغطية لوجهها وإنما تلبس المرأة عباءة تغطي جسدها ويلبسن البنطلونات، فأين هذه الدولة المسلمة ادعاءً من قوله تعالى: ﴿ياأيّها النّبيّ قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهنّ من جلابيبهنّ[32]﴾، وقوله تعالى: ﴿وإذا سألتموهنّ متاعًا فاسألوهنّ من وراء حجاب[33]﴾. إلى غير ذلك من الأدلة.
وكذلك رأيت في نهار رمضان رجالاً ونساءً بكثرة في بعض الشوارع وهم طوابير، فسألت عنهم. فقالوا: هؤلاء يدخلون السينما، هذه دولة آل بيت رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بهذا الشكل! والسينما في دولة الرافضة يفتحونها من الصباح.
ومما رأيته: رأيت الرجال لا يغسلون أرجلهم عند الوضوء وإنما يمسح على ظاهر قدميه مباشرة، ولا يغسل رجليه، وهذا العمل يخالف الكتاب والسنة، ويخالف عمل الصحابة ويخالف علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقد جاء في أبي داود: عن علي بن أبي طالب يصف وضوء النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ومما عمل أنه غسل رجليه، وكذلك جاء في البخاري ومسلم: من حديث عثمان رضي الله عنه في صفة وضوء النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وفيه أنه غسل رجليه، وجاء من حديث عبدالله بن زيد في صفة وضوء النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وفيه أنه غسل رجليه وهو في ((صحيح مسلم)).
فهؤلاء كما ذكرت لكم لا يغسلون أرجلهم، وإنما يمسح ظاهر قدميه فقط، وينكرون السنة المتواترة وهي المسح على الجوربين والخفين، فبعض أهل العلم يقول: إن أحاديث المسح جاءت عن خمسين صحابيًا في الصحاح والسنن والموطآت والمسانيد والمعاجم.
وكذلك رأيناهم في إيران يصلون ويضعون تحت جباههم طينة مصلحة من طينة كربلاء ولها فضل عظيم عندهم، وقد رووا في فضلها أحاديث، وهذا الطين يوجد في جميع المساجد في طهران، وكذلك يوجد في الفنادق وكذلك هنالك في إيران عندما يصلون يقوم واحد بجانب الإمام لا يصلي مع الإمام والمأمومين وإنما ينقل للناس المأمومين صلاة الإمام، ويترك صلاة الجماعة.
ورأيت بعضهم صلى بعد الانتهاء من الجماعة وحده، وبعضهم في مساجد أخرى خرج ولم يصل، كذلك رأيت في بعض المساجد يقوم الإمام ويقوم المأمومون لعله إلى جهة المشرق وجهة القبلة ويقولون: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أمير المؤمنين.
فهذه الخصال المذكورة بدع ومحدثات ليست من دين الله، والدين كامل قال الله تعالى: ﴿وما كان ربّك نسيًّا[34]﴾، وقال تعالى: ﴿اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا[35]﴾، وقال تعالى: ﴿فماذا بعد الحقّ إلاّ الضّلال[36]﴾. ويقول النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردّ))، ويقول -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردّ))، ويقول -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((كلّ بدعة ضلالة وكلّ ضلالة في النّار)).
وكذلك في إيران ليس عندهم إلا ثلاث أذانات الظهر، والمغرب، والفجر. وهم في علمهم هذا مخالفون للكتاب والسنة، ومخالفون لجميع المسلمين بما فيهم المذاهب الأربعة، وكذلك رأيتهم يقنتون في الركعة الثانية من كل صلاة.
ومما رأيته وسمعته: رأيت أناسًا كثيرين وهم يقولون: يا علي، يا فاطمة، يا قائم الزمان أدركني. ورأيت في بعض الشوارع وفي بعض الدكاكين لوائح وخرقًا مكتوب عليها أدعية شركية. ودخلت فناء حوزة علمية كنت أريد منهم كتبًا فقابلت طالبًا وكذلك قابلت البواب فحصل أن سألني أحدهما: أأنت سني؟ فقلت: نعم، وجرى بيننا كلام فإذا بالطالب يكفر أبا بكر وعمر وعثمان وإذا بالبواب يرفع رجله إلى أعلى ثم يعيدها إلى الأرض وهذا يعني أنه يضع رجله على عمر كما صرح بنفسه.
فإذا كان هؤلاء يدعون غير الله ويكفرون ويسبون صحابة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فماذا بقي لهم من الإسلام؟ والله يقول: ﴿وأنّ المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدًا[37]﴾، ويقول: ﴿قل إنّما أدعو ربّي ولا أشرك به أحدًا قل إنّي لا أملك لكم ضرًّا ولا رشدًا[38]﴾، ويقول: ﴿قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضرّ هل هنّ كاشفات ضرّه أو أرادني برحمة هل هنّ ممسكات رحمته قل حسبي الله عليه يتوكّل المتوكّلون[39]﴾، ويقول: ﴿ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرّك فإن فعلت فإنّك إذًا من الظّالمين[40]﴾. والأدلة كثيرة في هذه المسألة. ويقول الله تعالى في شأن صحابة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ﴿محمّد رسول الله والّذين معه أشدّاء على الكفّار رحماء بينهم تراهم ركّعًا سجّدًا يبتغون فضلاً من الله ورضوانًا سيماهم في وجوههم من أثر السّجود[41]﴾.
وقد استدل الإمام مالك وعلماء آخرون بهذه الآية على كفر من سب صحابة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وقال أيضًا: ﴿كنتم خير أمّة أخرجت للنّاس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله[42]﴾. وقال أيضًا: ﴿لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجةً من الّذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلاًّ وعد الله الحسنى[43]﴾، وقال الله تعالى: ﴿رضي الله عنهم ورضوا عنه[44]﴾، وقال تعالى: ﴿للفقراء المهاجرين الّذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضوانًا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصّادقون[45]﴾. وقال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((لا تسبّوا أصحابي فلو أنّ أحدكم أنفق مثل أحد ذهبًا ما بلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه)). والأدلة كثيرة في هذه المسألة من الكتاب والسنة.
وأجمعت الأمة على عدالة الصحابة فإذا بهؤلاء أتباع عبدالله بن سبأ يطعنون فيمن بشّروا بالجنة، وليس ذلك إلا انتقامًا للمجوسية. ومما رأيته رأيت أناسًا كثيرين في نهار رمضان وهم مفطرون في الدكاكين وفي الشوارع وفي النفادق، وأخبرني أكثر من واحد أن نسبة المفطرين في نهار رمضان من الإيرانيين تصل إلى 95% ومنهم من قال 70% ومنهم من قال 80% ومنهم من قال 50%، هذه هي دولة الرافضة تهدم ركنًا من أركان الإسلام، وقد دخلت في بعض المساجد في رمضان فما وجدت إلا ثلاثة أناس أو أربعة وكل يصلي وحده، وهذا في وقت المغرب. وأخبرني الأخ عبدالقادر مفضل أن بقية المساجد كذلك.
ومما شاهدته في إيران شاهدت مساجد صغيرة والمصلون قليلون على الرغم أن سكان طهران خمسة عشر مليونًا إلى سبعة عشر مليونًا ولم نر في طهران مسجدًا يصلون فيه الجمعة، وإنما يصلون في ساحة الجامعة فكم عسى أن تتسع ساحة الجامعة، فأكثرهم لا يصلون الجمعة.
وكذا مما شاهدته ورأيته شاهدت الإيرانيين وهم يلبسون اللبس الإفرنجي ويحلقون لحاهم، وهنالك الآيات أي: العلماء يلبسون عباءات سوداء فوق البنطلون، وكذلك الآيات رأيت منهم من يأخذ من لحيته.
ومما رأيته وسمعت به هو أن صاحب الفندق الذي نزلنا عنده قال لي: هل تريد أن تتمتع؟ أي تأخذ امرأة تتمتع بها ونفس هذا الكلام قاله رجل سائق سيارة، وزواج المتعة قد حرمه الرسول -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كما جاء ذلك عن أكثر من صحابي منهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه كما في ((الصحيحين)) وكذا جاء عن الربيع بن سبرة الجهني عن أبيه أن الرسول -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- نهى عن المتعة وقال: ((إنّها حرام إلى يوم القيامة))، وقد نقل الإجماع النووي على تحريم نكاح المتعة.
وكذلك أخبرني أحد المتعالجين في المستشفى حيث وهو يمني وجاء عيد رمضان وهو في المستشفى فعطلت الدولة لعيد الفطر يومًا واحدًا وأكثر الموظفين لم يعطلوا لأنفسهم بل واصلوا العمل وفي عيد النيروز الذي هو عيد المجوس عيد عبدة النار الدولة الرافضية تعطي عطلة رسمية أربعة أيام، والموظفون يعطلون لأنفسهم عشرة أيام إلى خمس عشرة يومًا. فيا مسلمون بماذا يفسر عمل هذه الدولة عندما تعطي عطلة لعيد عبدة النار أربعة أيام.
وكذلك رأيت كنائس النصارى واليهود ومعابد المجوس ولم أر مسجدًا لأهل السنة في طهران ولا لأهل المذاهب الأربعة المعروفة، بل قد حاول البعض في إقامة مسجد لأهل السنة في طهران فلم يسمح لهم، فهذا دليل واضح على حقدهم الدفين على أهل السنة، بل أخبرني بعض الناس أنه كان هنالك مسجد سنة للشيخ فيض في مدينة مشهد فخربته دولة الرافضة.
ومما رأيته: قابلت رجلاً إيرانيًا وعنده مكتبة فقال لي: إنه سني وهيئته ليست سنية هو حالق للحيته ولابس البنطلون ولعله يقصد بالسنة التي يدعيها أنه ليس برافضي ولا شيعي، فأردت أن أتصل من عنده ذات مرة، فخاف على نفسه وقال: أرجوك المعذرة أنا أعدّ مجرمًا في نظر الدولة لانتسابي للسنة.
ومن النكت الظراف أنه كان يسكن في الفندق الذي كنا فيه رجل إيراني في غرفة بجانبنا فعرف أننا سنيون فتحدث معنا وقال لي بصوت منخفض: هو سني، فقلت: لماذا تخفض صوتك؟ فقال: لكي لا يعرف صاحب الفندق أنني سني، ثم قام فإذا به يدعو غير الله ويقول: يا علي، ولعل هذه اللفظة صدرت منه من كثرة ما يسمع ذلك.
ورأيت رجلاً أعمى يدور في الشوارع وهو يسأل الناس مالاً وصوته لا ينقطع وهو يقول: يا علي. وكذلك قابلت رجلاً إيرانيًا يشتغل في السفارة اليمنية فحصل بيني وبينه كلام ومحادثة فقال أشياء ومما قال: إن الله أمر الرسول -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أن يبلغ أن الخليفة بعده علي بن أبي طالب واستدل بقوله تعالى: ﴿ياأيّها الرّسول بلّغ ما أنزل إليك من ربّك[46]﴾.
وكذلك سمعت واحدًا آخر من رافضة اليمن يستدل على أن الخليفة بعد الرسول -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه بقوله تعالى: ﴿عمّ يتساءلون عن النّبإ العظيم[47]﴾. وقرأت هذا الاستدلال في بعض كتبهم فالرافضة يفسرون القرآن على ما يهوون.
وقابلت امرأة في السفارة اليمنية في طهران وهي إيرانية فكنت أتكلم مع بعض اليمنيين في شأن القبور والطواف حولها في إيران وأن هذا ليس بمشروع فقالت: هذا لا شيء فيه، وعندكم في السنة هذا موجود، هنالك في العراق عند قبر عبدالقادر الجيلاني يعملون كذلك. فقلت: هذا ليس من السنة هؤلاء مخالفون للإسلام ولسنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-. وكذلك أخبرني الأخ عبدالقادر مفضل هاشمي يشتغل في السفارة اليمنية في طهران آن ذاك بأن الإيرانيين في بيوتهم التبرج والاختلاط وغير ذلك كمثل الأوروبيين.
هذا بعض ما استحضرته في هذه العجالة، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
كتب
أبوعبدالرحمن: أحمد بن عبدالله بن علي المطري
ومن هنا صوتيا
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الصادق الأمين -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.
وبعد: لقد طلب مني فضيلة شيخنا محدث العصر، ناشر السنة، وقامع البدعة والمبتدعين بجميع أنواعهم، بأن أكتب شيئًا يسيرًا مما رأيته وشاهدته وسمعته في إيران، حيث أن الله قدر لي الوصول إلى تلك البلاد، وذلك عندما كنت متوجهًا إلى أذربيجان التي كانت من ضمن الجمهوريات التي كانت تحت سيطرة روسيا الشيوعية، نسأل الله أن يدمر جميع الكافرين، ولقد شاء ربنا أن بقيت في إيران تسعة وعشرين يومًا ستة وعشرون يومًا عند الذهاب، وثلاثة أيام عند الرجوع من أذربيجان، وخلال تواجدي في إيران رأيت ما تقشعر منه أبدان المؤمنين، وذلك في طهران وقم. وما زرت غير هاتين المنطقتين، وقبل الشروع في التكلم عما شاهدته ورأيته، أنصح نفسي وجميع المسلمين بالعلم الشرعي، علم الكتاب والسنة لكي يستطيع الإنسان أن يميز بين الحق والباطل، والتوحيد والشرك، والسنة والبدعة، فإن الناس في هذا الزمن عند أن انشغلوا بالدنيا وترك كثير منهم العلم الشرعي حصل الخلل وجهل كثير من المسلمين أشياء معلومة من الدين بالضرورة، وأصبحوا لا يفرقون في كثير من الأحيان بين أهل الحق وأهل الباطل، فإذا أردنا الفوز والفلاح فعلينا بطلب العلم الشرعي، وقد جاءت آيات كثيرة، وأحاديث في الترغيب في طلب العلم منها قوله تعالى: ﴿قل هل يستوي الّذين يعلمون والّذين لا يعلمون[1]﴾، وقوله تعالى: ﴿وقل ربّ زدني علمًا[2]﴾، وقوله: ﴿فاعلم أنّه لا إله إلاّ الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات[3]﴾، وقال تعالى: ﴿إنّما يخشى الله من عباده العلماء[4]﴾.
وقال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((طلب العلم فريضة على كلّ مسلم))، وقال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((من يرد الله به خيرًا يفقّهه في الدّين)). وغير ذلك من الأدلة في هذه المسألة.
وعلى المسلم أن يحذر من الكذب، فإن الكذب خلق ذميم، وكبيرة من كبائر الذنوب، ولا يجوز له أن يتكلم إلا بما يعلم، قال الله تعالى: ﴿ولا تقف ما ليس لك به علم[5]﴾، وقال تعالى: ﴿ما يلفظ من قول إلاّ لديه رقيب عتيد[6]﴾.
ويقول الرسول -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((آية المنافق ثلاث: إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان))[7]، وقال -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((إيّاكم والكذب، فإنّ الكذب يهدي إلى الفجور، والفجور يهدي إلى النّار، وإنّ الرّجل ليكذب حتّى يكتب عند الله كذّابًا))، وقال -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((إنّ من أفرى الفرى أن يري عينيه ما لم تريا)). والأدلة كثيرة في تحريم الكذب، وإنما أحببت أن أذكر نفسي وإخواني المسلمين ببعض الأدلة في تحريم الكذب لنعلم خطر ذلك.
وإنني إذ أذكر لإخواني المسلمين بعض مشاهداتي في إيران من أجل أن يكونوا على بصيرة ومعرفة بهذه الدولة الرافضية حيث قد سمعت من بعض المساكين السطحيين من يمدح إيران ويقول: إنّها الدولة الوحيدة التي تقوم ضد أمريكا وإسرائيل، بل وقد حصل المدح والثناء والإطراء من بعض من يدّعون معرفة وفهم الواقع من جماعة الإخوان المسلمين، وحصل المدح من الرافضة والشيعة لهذه الدولة الخبيثة، فأقول لكم: رويدًا رويدا أيها المسلمون، إن إيران لها سياسات ومآرب ومقاصد في إظهار العداوة لأمريكا وإسرائيل، وأقول لكم: أيها المسلمون إن إيران عميلة لأمريكا، وكاذبة في دعواها أنّها ضد أمريكا، ولو سلمنا جدلاً أنّها ضد أمريكا لأنّها كافرة فلماذا ما تقوم ضد فرنسا وتعادي فرنسا، وأنتم تعرفون أن الإمام الضال الخميني كان يعيش في فرنسا، والرئيس محمد خاتمي ذهب في هذه الأيام ومكث أيامًا، ولإيران علاقات مع دول كافرة كثيرة، بل ودول شيوعية فما الفرق بين كفر أمريكا وكفر فرنسا وكفر الدول الكافرة الأخرى؟ لا فرق، الكفر ملة واحدة ولكنها السياسة، وقد نهانا الله أن نوالي جميع الكفار ولو كانوا من الأقربين قال الله تعالى: ﴿ياأيّها الّذين ءامنوا لا تتّخذوا ءاباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبّوا الكفر على الإيمان[8]﴾، وقال الله تعالى: ﴿ياأيّها الّذين ءامنوا لا تتّخذوا اليهود والنّصارى أولياء بعضهم أولياء بعض[9]﴾، وقال تعالى: ﴿لا يتّخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء[10]﴾، وقال تعالى: ﴿ولا تركنوا إلى الّذين ظلموا فتمسّكم النّار[11]﴾، وقال تعالى: ﴿ياأيّها الّذين ءامنوا لا تتّخذوا عدوّي وعدوّكم أولياء تلقون إليهم بالمودّة وقد كفروا بما جاءكم من الحقّ[12]﴾، وقال تعالى: ﴿لا تجد قومًا يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادّون من حادّ الله ورسوله ولو كانوا ءاباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم[13]﴾.
وهناك أدلة كثيرة من الكتاب والسنة في تحريم موالاة الكفار، ولو كانوا من الأقربين، فكيف بإيران وهي تصادق فرنسا وهي معروفة بعداوتها للإسلام والمسلمين في داخل فرنسا وخارجها، فعندما تظهر العدوان لأمريكا هذا كذب وتمويه، من أجل أن يغتر بها العوام والجهلاء الذين لا يعرفون حقيقة الرافضة وعقيدتها، والذين لا يفهمون السياسة، فلو كانت إيران صادقة في عداوتها لأمريكا لعادت جميع دول الكفر، وتبذل كل ما تستطيع في سبيل ذلك، وتحارب تلك الدول حربًا إعلاميًّا.
وذلك لأن الكفر ملة واحدة، بل ومما يؤكد أن إيران كاذبة في دعواها أنّها ضد أمريكا ما أخبرني به أحد العراقيين الذين هربوا من جحيم صدام إلى نار إيران حيث التقيت به في طهران وهو متزوج بإيرانية وله في إيران خمسة عشر عامًا فقال لي: إن الإيرانيين يحقدون حقدًا شديدًا على العرب وعلى الباكستانيين والأفغانيين، ويعظّمون الأمريكيين تعظيمًا بالغًا، فقلت له: نحن نسمع أنّهم يذمّون أمريكا، فقال: هذه مجرد دعايات. فهذا الرجل يشهد بهذا الكلام وهو الذي يعيش داخل إيران.
ولعلي قد أطلت عليكم في المقدمة، وأما الآن فسوف أذكر لكم بعض الأشياء التي رأيتها وشاهدتها وسمعتها أو سمعت بها في إيران.
فما رأيته: رأيت قبر إمام الضلالة الخميني وهو في طهران وقد ذهبت إليه مرتين وما ذهبت إلا لأرى ما القوم عليه، فقبل أن أصل إلى المسجد الذي القبر بداخله رأيت لوحًة كبيرةً معترضة في الشارع ومكتوب عليها إلى الحرم وهنالك سهم يشير إلى المسجد الذي القبر بداخله، فنزلت من فوق الباص قبل الوصول إلى المسجد، ثم تقدمت فرأيت مقبرة كبيرة ورأيت رجالاً وأطفالاً ونساءً فوق القبور، وهم على القبور منهم الذين يضحكون، ومنهم الذين يبكون، ومنهم الذين يأكلون ويشربون، وهم جماعات جماعات وأفرادًا، والقبور التي رأيتها مجصصة وبعضها مرتفع، ورأيت قبورًا كثيرة عليها صور أصحاب القبور وأسمائهم وتاريخ الولادة والموت، بعضها أي بعض هذه الصور صور فوتوغرافية وهي موضوعة في زجاج عند رأس الميت على القبر، وبعض هذه الصور مصورة باليد فوق رخام، ورأيت مجموعة كبيرة وهم محتلقون فأحببت أن أرى فرأيتهم محتلقين وعندهم زهور وورود فوق القبر، وهنالك شخص بيده مكبر الصوت وهو يدعو والذين فوق القبر منهم الذي يبكي، ومنهم الذي يتباكى، ومنهم الحزين، وكان هنالك عجوز مر من عمرها نحو ثمانين عامًا تقريبًا فكانت تبكي بكاًء حارًا شديدًا وقد كادت أن تسقط، فقلت: هذا الميت لعله ولدها، أما البقية فلم يكونوا كذلك.
ثم انطلقت نحو المسجد فرأيت عن يمين باب المسجد وعن شمال باب المسجد مئات الغرف عددت إلى خمس مائة وست وثمانين غرفة، ثم تعبت فتوقفت وفي هذه الغرف قبور وكثير من أصحاب هذه القبور صورهم فوق قبورهم، ثم دخلت المسجد فإذا بي أرى وسط المسجد بناءً كبيرًا، وأنظر يمينًا وشمالاً وأنا أتجه إلى ذلك البناء الذي في وسط المسجد فإذا بي أرى رجالاً وأطفالاً ونساءً وكأني في مكة عند الحرم، وأرى الناس منهم الراكع ومنهم الساجد، ومنهم القائم، ومنهم النائم، ومنهم الذي يأكل ويشرب، والتالي والقارئ، وأرى العسكر وهم متفرقون ههنا وههنا، وعندهم أجهزة لا سلكية ثم وصلت إلى ذلك البناء المرتفع الذي وسط المسجد الذي شبه بناء الكعبة فإذا بالناس وهم يطوفون حول ذلك البناء ويمرغون خدودهم على الجدران وبعضهم يبكي، ولكنهم لا يطوفون طوافًا كاملاً، وإنما يطوف الرجال من جانب من الطول وجانب من العرض من البناء، والنساء يطفن من جانب من الطول وجانب من العرض من البناء، وهنالك شباك من الحديد يفصل بين الرجال والنساء هذا في أثناء الطواف فقط.
ثم تقدمت إلى أن وصلت إلى عرض الجدار فإذا بي أرى بالداخل قبر الخميني وعليه كساء كمثل كساء الكعبة وفي داخل ذلك البناء من كل الجوانب نقود كثيرة جدًا مرتفعة نحو ذراع تقريبًا أو أكثر أو أقل، وهذه النقود يدخلونها من ثقوب موجودة في البناء، المهم هذا البناء يشبه بناء الكعبة والمسجد يشبه المسجد الحرام، ووجود الناس هنالك وصدور تلك الأعمال منهم يخيل إليك كأنك عند الكعبة شرفها الله، ورأيت لهذا المسجد تقريبًا خمس منارات مرتفعة وهي مطلية بشيء أصفر يشبه الذهب ولا أدري أهو ذهب أم لا؟ ولكن قد أخبرني أحد مشايخ اليمن الكبار الذين ذهبوا إلى هنالك أنّها مطلية بالذهب.
ثم ذهبت إلى حي تجريش في شمال طهران فرأيت هنالك قبرًا وهو قبر الإمام زاده صالح، وعنده زحام شديد من الرجال والنساء والأطفال، وهم ما بين مصلّ وطائف وداع وباك، وذلك القبر هو في غاية من الزخرفة والنقوش، وأهداني بعض القائمين على القبر صورًا للقبر، وكذلك كتاب ((مفاتيح الجنان)) فيه أدعيه كفرية وشركية، وفيه إسناد علم الغيب للأئمة، وفيه أنّهم هم الذين سوف يحاسبون العالم يوم القيامة.
ثم ذهبت إلى قبر إمام شاه عبدالعظيم، ولعله جهة الجنوب من وسط العاصمة فرأيت عنده أشياء تتناقض مع دين الإسلام فمما رأيته عند هذا القبر رأيت إنسانًا جاء وسجد إلى القبر ورأيت رجلاً آخر جاء وركع إلى القبر، ثم عند خروجه رجع القهقرى، أي: رجع إلى الخلف ولم يعط القبر ظهره من أجل احترام صاحب القبر، ورأيت القبر وهو في غاية من الزينة والزخرفة، والناس هنالك يطوفون من جانبين والنساء يطفن من الجانبين الآخرين، وهنالك زحام شديد والناس ما بين طائف وممرغ خده حتى أنّهم يرفعون الأطفال الصغار ويمرغون خدودهم علىجدار القبر، وبعض الناس هنالك معه بعض الكتب الصغيرة يقرأ أدعية منها، ومنهم المصلي ومنهم الخاشع الباكي.
ثم ذهبت إلى قبر إمام عبدالله وليس هنالك زحام شديد وهم يطوفون طوافًا كاملاً عند ذلك القبر أي حول ذلك القبر كأنّهم يطوفون حول الكعبة، والذي يظهر لي أن الذي يمنعهم من الطواف كاملاً عند القبور التي عندها زحام من أجل أن لا يختلط الرجال بالنساء، وهؤلاء إن كان مقصدهم ذلك مثل أصحاب العراق الذين قتلوا الحسين رضي الله عنه ثم سألوا عن دم البعوض هل ينجس أم لا؟ فهؤلاء قد وقعوا في الشرك الأكبر من الطواف والركوع والسجود إلى القبر، ودعاء صاحب القبر.
ورأيت في بعض شوارع طهران في بعض الجولات صور تماثيل لبعض من يعظمونهم، ثم وصلت إلى مكان في وسط العاصمة، وهنالك دكان كبير فدخلت فيه فإذا فيه صور تمتاثيل ورأيت في ذلك المكان صورة الجنة وفيها التفاح والعنب والرمان والبرتقال وغير ذلك من النعم، وبجانب صورة الجنة صورة للنار وأهلها يعذبون فيها حيث أن بعضهم فوقه الحيّات والعقارب والثعابين ومقامع من حديد إلى غير ذلك من أهوال النار، أجارنا الله من نار جهنم.
وفي ذات يوم ركبت من طهران إلى قم، وقم تبعد عن طهران مائة وستين كيلومترًا تقريبًا، وكنت راكبًا مع شخصين فعندما تحركنا من وسط طهران مررنا من عند قبر الخميني فإذا بأحد هذين الرجلين وهو يتكلم العربية يقول: السلام عليك يا إمام، السلام عليك يا روح الله، السلام عليك يوم تبعث. وقد سبق أن تعرفت على هذين الرجلين في المطعم، وقلت: سأركب معهما إلى قم. فقالا: لا بأس بذلك حيث وواحد منهما عراقي، والآخر بحريني فر بدينه إلى أمريكا كما قال لي: وإنما جاء زائرًا، وسألني ذلك العراقي: من أين أنت؟ فقلت: من اليمن. فقال: ما المذهب عندكم؟ فقلت: المذهب عندنا المذهب الزيدي. أقصد المذهب في اليمن وحصل بيني وبينهما تبادل كلام ومما قاله لي: ليس لنا عدو إلا الوهابية. ونسي قاتله الله اليهود والنصارى والمجوس والسيخ والهندوس والشيوعيين والوثنيين وغير ذلك، وهم يقصدون كل من تمسك بالكتاب والسنة فهو في نظرهم أنه وهابي، وإلا فمن هو محمد بن عبدالوهاب؟ هو عالم من علماء المسلمين، والأشياء الموجودة في كتبه موجودة في الكتب الأخرى كالبخاري ومسلم وأبي داود والنسائي والترمذي وابن ماجة، وموجودة عند أصحاب المذاهب كالشافعية والحنابلة والمالكية والأحناف، وإنما هذه سياسة المبتدعين من أجل أن يحافظوا على بدعهم وأن لا يفضحوا أمام الناس، وأن يردوا الكتاب والسنة بمثل هذه الأعذار.
ثم وصلت إلى قم وقفت السيارة بعيدًا عن القبر والمسجد فقال أحد هذين الشخصين: ذلك هو الحرم، فنزلت فاتجهت إلى الحرم، أي: إلى القبر، فقابلت أناسًا كثيرين، ومنهم رجل قال: بأنه من الهند فقال لي: مبارك على الزيارة أو زيارة مقبولة، ورأيت هنالك كما رأيت عند القبور الأخرى ورأيت أناسًا علماء في غرف هنالك يعلمون الطلاب وهذه الغرف مملؤة بالقبور وهم فوق القبور فقلت لهم: هذا لا يصلح! فقال لي أحد العلماء: هذا لا شيء فيه أو كلمة نحوها. وأنا لم أناقشهم.
ثم ذهبت من عند القبر فوصلت إلى بعض الشوارع فوجدت فوق دكان دفتر حج وزيارة قم. فقلت لأحد المارة وهو يتكلم العربية قلت له: يعني أنّهم يزورون هذا المكان ويحجون إليه؟ فقال: نعم. فأعدت كلامي مرة أخرى من أجل أن أتثبت، فقال: هذا يعني أن الذي يريد مكة يسجل ههنا، ولعله أراد أن يغالط عند أن رآني أتثبت من الكلام. ثم إذا بي أمر فإذا بي أسمع صاحب سيارة وهو يقول الحرم.. الحرم. فقلت له: القبر تعني؟ قال: نعم.
ومما سمعت من أحد اليمنيين وهو يدرس هنالك الطب قال: هنالك قبر أبي لؤلؤة المجوسي قاتل عمر في أصفهان يطوفون حوله ويقولون: ألف لعنة على عمر. وأخبرني أن هنالك من الإيرانيين عند أن يبول يقول: إنه يبول على رأس عمر. هذا ما رأيته في إيران مما يتعلق بالقبور وأحوال الناس عند القبور، وكذلك ما رأيته من التماثيل.
وهؤلاء الرافضة في إيران وغيرها يزعمون أنّهم يحبون أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب ويتبعونه بل يغالون فيه فبعضهم يجعله أعظم من الأنبياء، ومنهم من يعطي له بعض صفات الله من علم الغيب وغير ذلك، وهم في نفس الوقت مخالفون له، فعقيدته غير عقيدتهم وعمله غير عملهم، ومنهجه غير منهجهم، فهو يتبع الكتاب والسنة وهم يتبعون أهواءهم ويتبعون سنن اليهود والنصارى.
فعلى سبيل المثال لا الحصر كما قلت لكم آنفًا هم يبنون البنايات العظيمة فوق القبور ويجصصونها ويدعون أصحاب القبور ويصلون إلى القبور ويسجدون إلى القبور بدون صلاة وغير ذلك! وانظروا إلى ما جاء عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال أبو الهيّاج الأسديّ: قال لي عليّ ابن أبي طالب: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((أن لا تدع تمثالاً إلاّ طمسته، ولا قبرًا مشرفًا إلاّ سوّيته، ولا صورةً إلاّ طمستها))، وفي رواية: ((ولا تمثالاً إلاّ طمسته)). رواه الإمام مسلم رحمه الله.
وعن علي بن الحسين عن أبيه عن جده عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أنه قال: ((لا تتّخذوا قبري عيدًا)). رواه البخاري، في ((التاريخ)).
وجاء في ((صحيح مسلم)): عن جابر رضي الله عنه قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ((أن يجصّص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه))، وجاء في ((الصحيحين)): عن عائشة وعبدالله بن عبّاس رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((لعنة الله على اليهود والنّصارى اتّخذوا قبور أنبيائهم مساجد))، وفي ((صحيح البخاري ومسلم)): عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((قاتل الله اليهود والنّصارى))، وفي ((صحيح مسلم)): عن أبي مرثد الغنويّ قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((لا تجلسوا على القبور ولا تصلّوا إليها))، وقال -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((الأرض كلّها مسجد إلاّ المقبرة والحمّام)).
فهم يخالفون هذه الأدلة وغيرها من الأدلة، ويخالفون أئمة آل البيت، وهنالك أدلة كثيرة في هذه المسألة، وكذلك كما ذكرت لكم هم يدعون غير الله والله عز وجل يقول: ﴿وأنّ المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدًا[14]﴾، ويقول: ﴿له دعوة الحقّ والّذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلاّ كباسط كفّيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه وما دعاء الكافرين إلاّ في ضلال[15]﴾.
قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه: مثل من يدعو غير الله كمثل من يبسط كفيه على البئر، وقال الله عز وجل: ﴿ومن أضلّ ممّن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون وإذا حشر النّاس كانوا لهم أعداءً وكانوا بعبادتهم كافرين[16]﴾، وقال تعالى ناهيًا نبيه -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ﴿ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرّك فإن فعلت فإنّك إذًا من الظّالمين[17]﴾، وقال الله تعالى آمرًا نبيه -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بأن يقول للناس: ﴿قل لا أملك لنفسي نفعًا ولا ضرًّا إلاّ ما شاء الله[18]﴾، وقال: ﴿قل إنّما أدعو ربّي ولا أشرك به أحدًا قل إنّي لا أملك لكم ضرًّا ولا رشدًا[19]﴾.
إذا كان هذا سيد ولد آدم -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لا ينفع ولا يضر كما هو صريح القرآن فكيف بغيره! وقال تعالى: ﴿ولا تدع مع الله إلهًا ءاخر لا إله إلاّ هو[20]﴾، وقال تعالى: ﴿قل أندعو من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرّنا ونردّ على أعقابنا بعد إذ هدانا الله كالّذي استهوته الشّياطين في الأرض حيران له أصحاب يدعونه إلى الهدى ائتنا قل إنّ هدى الله هو الهدى وأمرنا لنسلم لربّ العالمين[21]﴾. والأدلة كثيرة ولسنا في صدد التكلم عن هذه المسألة، فهم يخالفون بأعمالهم وأقوالهم صريح الكتاب والسنة، ويخالفون أئمة آل البيت رضي الله عنهم.
ومما رأيت: رأيت مسجدًا يسمى مسجد كاهي في حي تجريش في شمال طهران ورأيت في هذا المسجد ورقة معلقة على جدار المسجد ومكتوب عليها عن الحسن بن مهدي العسكري قال: إنا لا يعزب عنا شيء من أخباركم ولسنا ناسين لذكركم. وذكر المرجع في تلك الورقة وأشار إلى ((بحار الأنوار)) وأعطوني كتابًا هدية من سدنة قبر إمام زاده صالح وهذا الكتاب اسمه ((مفاتيح الجنان)) قرأت فيه توسلات مبتدعة، وأدعية شركية، وفيه إسناد علم الغيب للأئمة، وفيه أن أئمة الشيعة هم الذي سوف يحاسبون الناس يوم القيامة.
فانظروا رحمكم الله أيها المسلمون كيف يسندون علم الغيب لغير الله، وهذا كفر وشرك، لأن علم الغيب من صفات الله وحده قال الله تعالى: ﴿وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلاّ هو[22]﴾، وقال الله تعالى: ﴿قل لا يعلم من في السّموات والأرض الغيب إلاّ الله[23]﴾، ويقول الله تعالى: ﴿عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدًا إلاّ من ارتضى من رسول فإنّه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدًا[24]﴾.
فالأنبياء والرسل يوحي الله إليهم بعض المغيبات لتكون حجة وبرهانًا على أنّهم أنبياء، أما أنّهم يعلمون الغيب فلا، قال الله تعالى: ﴿يوم يجمع الله الرّسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا إنّك أنت علام الغيوب[25]﴾، فأسندوا علم الغيب لله وحده. وقال تعالى في شأن رسوله محمد -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ﴿ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسّني السّوء إن أنا إلاّ نذير وبشير لقوم يؤمنون[26]﴾. والأدلة كثيرة جدًا، ولسنا في صدد التكلم عن هذه المسألة، وإنما هذا من باب التنبيه لتروا ما القوم عليه من مخالفات لصريح القرآن والسنة، وللأئمة، وللأمة الإسلامية، ها هو النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- عندما ادعى المنافقون ومن وقع معهم من الصحابة مثل مسطح أن عائشة زنت لم يعرف النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أهو صحيح أم لا؟ حتى برأها الله من فوق سبع سموات، ونزل فيها قرآن يتلى، فلو كان يعلم الغيب كان سيعرف من أول مرة أنه كذب وزور وبهتان.
وكذلك الرافضة والشيعة ينسبون إلى أبي موسى الأشعري وعبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنّهما خدعا علي بن أبي طالب رضي الله عنه فلو كان يعلم الغيب كما زعموا كان سيعلم ذلك الموقف ولكن القوم قوم بهت كذبة، وكذلك النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في بعض الغزوات كان يرسل من يستطلع أخبار المشركين، فلو كان يعلم الغيب ما كان سيرسل أحدًا.
والرافضة والشيعة إسناد علم الغيب للأئمة عندهم شيء مسلّم به، وبوبوا على ذلك أبوابًا، وذكروا بعض المغيبات التي ذكرها الأئمة، كما هو موجود في بعض كتبهم منها كتاب ((سلوني قبل أن تفقدوني)) ومنها كتاب ((علي والوصية)) ومنها كتاب ((مفاتيح الجنان)) وغير ذلك من كتبهم، وكذلك ذكر في كتاب ((مفاتيح الجنان)) المتقدم الذكر أن أئمة آل البيت هم الذي سوف يحاسبون العالم يوم القيامة، وأن الذي ليس بشيعي سوف يدخلونه النار، والذي هو شيعي سوف يدخلونه الجنة، وهذا الكلام موجود في كتاب ((علي والوصية)) رقم الحديث (100-103)، ويفسرون قول الله عز وجل: ﴿وعلى الأعراف رجال يعرفون كلاًّ بسيماهم[27]﴾، أن علي بن أبي طالب سوف يقف على الأعراف ويعرف من ناصره ويدخله الجنة، ويعرف من أبغضه ويدخله النار.
ويفسرون قول الله عز وجل: ﴿ألقيا في جهنّم كلّ كفّار عنيد[28]﴾، ويقولون قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((إذا كان يوم القيامة قال الله تعالى لي ولعلي ابن أبي طالب أدخلا الجنة من أحبكما، وأدخلا النار من أبغضكما)) وذلك قوله تعالى: ﴿ألقيا في جهنّم كلّ كفّار عنيد﴾.
ومعنى الكفار كما فسروه هو الذي كفر نبوة النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، والعنيد: هو الجاحد حق علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ومنها الخلافة، فمن لم يقر بأن الخليفة بعد رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- هو علي رضي الله عنه فهو من أهل النار.
إذًا الصحابة للنار، والأمة الإسلامية بما فيها الشافعية والحنفية والمالكية والحنابلة مصيرهم إلى النار، لأنّهم أقروا بأن الخليفة بعد رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أبوبكر، بل إن علي بن أبي طالب وأولاده وبني هاشم مصيرهم إلى النار لأنّهم أقروا بالخلافة لأبي بكر بعد رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-. وهذا على تفسير هؤلاء الرافضة والشيعة.
ويقولون في نفس الكتاب: إن علي بن أبي طالب يدخل أحباءه الجنة بغير حساب، ويروون أحاديث في بعض كتبهم، وقد جئت ببعض الملصقات من إيران ومكتوب عليها: أن الرسول -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: ((حب علي حسنة لا يضر معها سيئة)). وفي حديث آخر: ((من أحب عليًا دخل الجنة وإن عصاني، ومن أبغض عليًا دخل النار وإن أطاعني)). وهو حديث قدسي.
إذًا لا حاجة للإنسان في الإسلام، وله أن يزني ويشرب الخمر، ويعمل جميع المنكرات والفواحش ويحب علي بن أبي طالب وسوف يدخل الجنة! نعوذ بالله من الجهل والزيغ والضلال.
ورأيت في أحد الدكاكين في شارع ناصر خسرو كتابة: (ولاية علي بن أبي طالب حصن فمن دخل حصني أمن من عذابي) وكما سبق أن ذكرت أن في ذلك الكتاب الذي أعطوني هدية أن حساب العالم يوم القيامة ومرجع العالم يوم القيامة إلى أئمة الشيعة، وأنت يا مسلم عليك أن تسمع كلام الله وأن تحكم بنفسك على ترهات وخزعبلات الشيعة قال الله تعالى: ﴿فإنّما عليك البلاغ وعلينا الحساب[29]﴾، وكما قال تعالى: ﴿إنّ إلينا إيابهم ثمّ إنّ علينا حسابهم[30]﴾، وقال تعالى: ﴿ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء[31]﴾. والنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول لفاطمة بنت محمد -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((يا فاطمة بنت محمّد سليني ما شئت من مالي لا أغني عنك من الله شيئًا)).
وجئت بكتب من هنالك ومنها كتاب اسمه ((شرح أصول الكافي)) وفيه أشياء ليست من دين الإسلام، ومما فيه أن هنالك مصحفًا يسمى مصحف فاطمة مثل القرآن ثلاث مرات، قال: ما فيه حرف من قرآنكم، وفيه أخبار من قبلكم إلى غير ذلكم مما في هذا الكتاب من مخالفات لدين الإسلام، وهو من المراجع المعتمدة عندهم.
وكذا في تلك البلاد ما رأيت امرأة قط وهي مغطية لوجهها وإنما تلبس المرأة عباءة تغطي جسدها ويلبسن البنطلونات، فأين هذه الدولة المسلمة ادعاءً من قوله تعالى: ﴿ياأيّها النّبيّ قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهنّ من جلابيبهنّ[32]﴾، وقوله تعالى: ﴿وإذا سألتموهنّ متاعًا فاسألوهنّ من وراء حجاب[33]﴾. إلى غير ذلك من الأدلة.
وكذلك رأيت في نهار رمضان رجالاً ونساءً بكثرة في بعض الشوارع وهم طوابير، فسألت عنهم. فقالوا: هؤلاء يدخلون السينما، هذه دولة آل بيت رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بهذا الشكل! والسينما في دولة الرافضة يفتحونها من الصباح.
ومما رأيته: رأيت الرجال لا يغسلون أرجلهم عند الوضوء وإنما يمسح على ظاهر قدميه مباشرة، ولا يغسل رجليه، وهذا العمل يخالف الكتاب والسنة، ويخالف عمل الصحابة ويخالف علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقد جاء في أبي داود: عن علي بن أبي طالب يصف وضوء النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ومما عمل أنه غسل رجليه، وكذلك جاء في البخاري ومسلم: من حديث عثمان رضي الله عنه في صفة وضوء النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وفيه أنه غسل رجليه، وجاء من حديث عبدالله بن زيد في صفة وضوء النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وفيه أنه غسل رجليه وهو في ((صحيح مسلم)).
فهؤلاء كما ذكرت لكم لا يغسلون أرجلهم، وإنما يمسح ظاهر قدميه فقط، وينكرون السنة المتواترة وهي المسح على الجوربين والخفين، فبعض أهل العلم يقول: إن أحاديث المسح جاءت عن خمسين صحابيًا في الصحاح والسنن والموطآت والمسانيد والمعاجم.
وكذلك رأيناهم في إيران يصلون ويضعون تحت جباههم طينة مصلحة من طينة كربلاء ولها فضل عظيم عندهم، وقد رووا في فضلها أحاديث، وهذا الطين يوجد في جميع المساجد في طهران، وكذلك يوجد في الفنادق وكذلك هنالك في إيران عندما يصلون يقوم واحد بجانب الإمام لا يصلي مع الإمام والمأمومين وإنما ينقل للناس المأمومين صلاة الإمام، ويترك صلاة الجماعة.
ورأيت بعضهم صلى بعد الانتهاء من الجماعة وحده، وبعضهم في مساجد أخرى خرج ولم يصل، كذلك رأيت في بعض المساجد يقوم الإمام ويقوم المأمومون لعله إلى جهة المشرق وجهة القبلة ويقولون: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أمير المؤمنين.
فهذه الخصال المذكورة بدع ومحدثات ليست من دين الله، والدين كامل قال الله تعالى: ﴿وما كان ربّك نسيًّا[34]﴾، وقال تعالى: ﴿اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا[35]﴾، وقال تعالى: ﴿فماذا بعد الحقّ إلاّ الضّلال[36]﴾. ويقول النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردّ))، ويقول -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردّ))، ويقول -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((كلّ بدعة ضلالة وكلّ ضلالة في النّار)).
وكذلك في إيران ليس عندهم إلا ثلاث أذانات الظهر، والمغرب، والفجر. وهم في علمهم هذا مخالفون للكتاب والسنة، ومخالفون لجميع المسلمين بما فيهم المذاهب الأربعة، وكذلك رأيتهم يقنتون في الركعة الثانية من كل صلاة.
ومما رأيته وسمعته: رأيت أناسًا كثيرين وهم يقولون: يا علي، يا فاطمة، يا قائم الزمان أدركني. ورأيت في بعض الشوارع وفي بعض الدكاكين لوائح وخرقًا مكتوب عليها أدعية شركية. ودخلت فناء حوزة علمية كنت أريد منهم كتبًا فقابلت طالبًا وكذلك قابلت البواب فحصل أن سألني أحدهما: أأنت سني؟ فقلت: نعم، وجرى بيننا كلام فإذا بالطالب يكفر أبا بكر وعمر وعثمان وإذا بالبواب يرفع رجله إلى أعلى ثم يعيدها إلى الأرض وهذا يعني أنه يضع رجله على عمر كما صرح بنفسه.
فإذا كان هؤلاء يدعون غير الله ويكفرون ويسبون صحابة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فماذا بقي لهم من الإسلام؟ والله يقول: ﴿وأنّ المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدًا[37]﴾، ويقول: ﴿قل إنّما أدعو ربّي ولا أشرك به أحدًا قل إنّي لا أملك لكم ضرًّا ولا رشدًا[38]﴾، ويقول: ﴿قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضرّ هل هنّ كاشفات ضرّه أو أرادني برحمة هل هنّ ممسكات رحمته قل حسبي الله عليه يتوكّل المتوكّلون[39]﴾، ويقول: ﴿ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرّك فإن فعلت فإنّك إذًا من الظّالمين[40]﴾. والأدلة كثيرة في هذه المسألة. ويقول الله تعالى في شأن صحابة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ﴿محمّد رسول الله والّذين معه أشدّاء على الكفّار رحماء بينهم تراهم ركّعًا سجّدًا يبتغون فضلاً من الله ورضوانًا سيماهم في وجوههم من أثر السّجود[41]﴾.
وقد استدل الإمام مالك وعلماء آخرون بهذه الآية على كفر من سب صحابة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وقال أيضًا: ﴿كنتم خير أمّة أخرجت للنّاس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله[42]﴾. وقال أيضًا: ﴿لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجةً من الّذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلاًّ وعد الله الحسنى[43]﴾، وقال الله تعالى: ﴿رضي الله عنهم ورضوا عنه[44]﴾، وقال تعالى: ﴿للفقراء المهاجرين الّذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضوانًا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصّادقون[45]﴾. وقال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((لا تسبّوا أصحابي فلو أنّ أحدكم أنفق مثل أحد ذهبًا ما بلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه)). والأدلة كثيرة في هذه المسألة من الكتاب والسنة.
وأجمعت الأمة على عدالة الصحابة فإذا بهؤلاء أتباع عبدالله بن سبأ يطعنون فيمن بشّروا بالجنة، وليس ذلك إلا انتقامًا للمجوسية. ومما رأيته رأيت أناسًا كثيرين في نهار رمضان وهم مفطرون في الدكاكين وفي الشوارع وفي النفادق، وأخبرني أكثر من واحد أن نسبة المفطرين في نهار رمضان من الإيرانيين تصل إلى 95% ومنهم من قال 70% ومنهم من قال 80% ومنهم من قال 50%، هذه هي دولة الرافضة تهدم ركنًا من أركان الإسلام، وقد دخلت في بعض المساجد في رمضان فما وجدت إلا ثلاثة أناس أو أربعة وكل يصلي وحده، وهذا في وقت المغرب. وأخبرني الأخ عبدالقادر مفضل أن بقية المساجد كذلك.
ومما شاهدته في إيران شاهدت مساجد صغيرة والمصلون قليلون على الرغم أن سكان طهران خمسة عشر مليونًا إلى سبعة عشر مليونًا ولم نر في طهران مسجدًا يصلون فيه الجمعة، وإنما يصلون في ساحة الجامعة فكم عسى أن تتسع ساحة الجامعة، فأكثرهم لا يصلون الجمعة.
وكذا مما شاهدته ورأيته شاهدت الإيرانيين وهم يلبسون اللبس الإفرنجي ويحلقون لحاهم، وهنالك الآيات أي: العلماء يلبسون عباءات سوداء فوق البنطلون، وكذلك الآيات رأيت منهم من يأخذ من لحيته.
ومما رأيته وسمعت به هو أن صاحب الفندق الذي نزلنا عنده قال لي: هل تريد أن تتمتع؟ أي تأخذ امرأة تتمتع بها ونفس هذا الكلام قاله رجل سائق سيارة، وزواج المتعة قد حرمه الرسول -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كما جاء ذلك عن أكثر من صحابي منهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه كما في ((الصحيحين)) وكذا جاء عن الربيع بن سبرة الجهني عن أبيه أن الرسول -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- نهى عن المتعة وقال: ((إنّها حرام إلى يوم القيامة))، وقد نقل الإجماع النووي على تحريم نكاح المتعة.
وكذلك أخبرني أحد المتعالجين في المستشفى حيث وهو يمني وجاء عيد رمضان وهو في المستشفى فعطلت الدولة لعيد الفطر يومًا واحدًا وأكثر الموظفين لم يعطلوا لأنفسهم بل واصلوا العمل وفي عيد النيروز الذي هو عيد المجوس عيد عبدة النار الدولة الرافضية تعطي عطلة رسمية أربعة أيام، والموظفون يعطلون لأنفسهم عشرة أيام إلى خمس عشرة يومًا. فيا مسلمون بماذا يفسر عمل هذه الدولة عندما تعطي عطلة لعيد عبدة النار أربعة أيام.
وكذلك رأيت كنائس النصارى واليهود ومعابد المجوس ولم أر مسجدًا لأهل السنة في طهران ولا لأهل المذاهب الأربعة المعروفة، بل قد حاول البعض في إقامة مسجد لأهل السنة في طهران فلم يسمح لهم، فهذا دليل واضح على حقدهم الدفين على أهل السنة، بل أخبرني بعض الناس أنه كان هنالك مسجد سنة للشيخ فيض في مدينة مشهد فخربته دولة الرافضة.
ومما رأيته: قابلت رجلاً إيرانيًا وعنده مكتبة فقال لي: إنه سني وهيئته ليست سنية هو حالق للحيته ولابس البنطلون ولعله يقصد بالسنة التي يدعيها أنه ليس برافضي ولا شيعي، فأردت أن أتصل من عنده ذات مرة، فخاف على نفسه وقال: أرجوك المعذرة أنا أعدّ مجرمًا في نظر الدولة لانتسابي للسنة.
ومن النكت الظراف أنه كان يسكن في الفندق الذي كنا فيه رجل إيراني في غرفة بجانبنا فعرف أننا سنيون فتحدث معنا وقال لي بصوت منخفض: هو سني، فقلت: لماذا تخفض صوتك؟ فقال: لكي لا يعرف صاحب الفندق أنني سني، ثم قام فإذا به يدعو غير الله ويقول: يا علي، ولعل هذه اللفظة صدرت منه من كثرة ما يسمع ذلك.
ورأيت رجلاً أعمى يدور في الشوارع وهو يسأل الناس مالاً وصوته لا ينقطع وهو يقول: يا علي. وكذلك قابلت رجلاً إيرانيًا يشتغل في السفارة اليمنية فحصل بيني وبينه كلام ومحادثة فقال أشياء ومما قال: إن الله أمر الرسول -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أن يبلغ أن الخليفة بعده علي بن أبي طالب واستدل بقوله تعالى: ﴿ياأيّها الرّسول بلّغ ما أنزل إليك من ربّك[46]﴾.
وكذلك سمعت واحدًا آخر من رافضة اليمن يستدل على أن الخليفة بعد الرسول -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه بقوله تعالى: ﴿عمّ يتساءلون عن النّبإ العظيم[47]﴾. وقرأت هذا الاستدلال في بعض كتبهم فالرافضة يفسرون القرآن على ما يهوون.
وقابلت امرأة في السفارة اليمنية في طهران وهي إيرانية فكنت أتكلم مع بعض اليمنيين في شأن القبور والطواف حولها في إيران وأن هذا ليس بمشروع فقالت: هذا لا شيء فيه، وعندكم في السنة هذا موجود، هنالك في العراق عند قبر عبدالقادر الجيلاني يعملون كذلك. فقلت: هذا ليس من السنة هؤلاء مخالفون للإسلام ولسنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-. وكذلك أخبرني الأخ عبدالقادر مفضل هاشمي يشتغل في السفارة اليمنية في طهران آن ذاك بأن الإيرانيين في بيوتهم التبرج والاختلاط وغير ذلك كمثل الأوروبيين.
هذا بعض ما استحضرته في هذه العجالة، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
كتب
أبوعبدالرحمن: أحمد بن عبدالله بن علي المطري
ومن هنا صوتيا
تعليق