بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه ، أما بعد :
فقد اطلعت على مقال لمن يُسَمَّى بفوزي ( الأثري ! ) تحت عنوان :
" الرعود الصواعقية لصعق ألفاظ ربيع المدخلي البدعية " !
- حوار مع ربيع المدخلي في رميه أهل السنة والجماعة بـ ( الباطنية ) ، و ( الرافضية )
و ( الخارجية ) ، و ( اليهودية ) ، و ( الحدادية ) ، و ( الصوفية ) -
ثم قال : ( تأليف فضيلة الشيخ فوزي بن عبد الله بن محمد الحميدي الأثري ) .
ملأ هذا المقال بالكذب ، وتحريف أقوال أئمة السنة وعلمائها بتنزيلها في غير منازلها ؛ ثم بتكرار هذه الأقوال في مقاله الهزيل لينفخ فيه ويضخمه ليقول الحدادية عنه : أنه عالم واسع الإطلاع .
وقبل مناقشة هذا المقال : أرى أن من حق القراء أن أعطيهم فكرة موجزة عن الحدادية الجديدة ، وأصولها ومدى ارتباطها بالحدادية القديمة حتى يتبين زيفها وتمويهاتها للناس :
(1) أعظم أصول الحداد رمي أهل السنة بالإرجاء . والحدادية الجديدة حاربوا أهل السنة - بالإرجاء - أشد ، وعشرات المرَّات من حرب سلفهم الحدادية الأولى .
(2) من أعظم أصول الحدادية القديمة حرب أهل السنة ، والحدادية الجديدة أشد حربًا وأطول أمدًا .
(3) تبديع من وقع في أي بدعة من أهل السنة ، وهؤلاء الجدد يشاركونهم في هذا الأصل ويبدعون بغير مبدع ، بل بالكذب والفجور .
(4) الحدادية الأولى كانوا يبدعون ابن حجر والنووي ، ويبدعون من لا يبدعهم .
وهؤلاء لا يستبعد منهم تبديع من ذُكر إلاَّ أنَّهم يستخدمون التَّقية ، ثمَّ إنَّ هؤلاء يُبدِّعون من لا يبدِّع من وقع في بدعة ، يبدعون علماء المدينة من أهل السنة ، وعلماء مكة السلفيين ، والشيخ النجمي والشيخ زيد ، بل ويكفرون بعض علماء السنة ، ويحاربون علماء اليمن ، ولا يذكرونهم بخير ، ويحاربون علماء الجزائر وشبابهم ، ولا علاقة لهم بأهل السنة على مستوى العالم .
(5) وهؤلاء يحصرون أهل السنة في الحدادية الجديدة ! في أناس اشتهروا بالكذب والفجور ، وفي المجهولين الكذَّابين مثل : فكاري والمفرق وخالد العامي ، وأمثالهم من المجهولين الذين لا يعرفون بعلم ولا بطلبه ، ومع ذلك يسمونهم أهل السنة والجماعة وأهل الحديث .
ومن يرد أكاذيب هؤلاء ، وجهالاتهم ، وضلالاتهم ، وأباطيلهم يقولون : إنَّهم يحاربون أهل السنة .
وعلمهم هذا امتداد خبيث لعمل أسلافهم الحدادية الأولى ، حيث كانوا يحصرون أهل السنة وأهل الحديث في حزبهم فقط ، ولا يعدون من سواهم من أهل السنة ، مع أن الحدادية ليسوا من أهل الحديث والسنَّة ، بل هم من أضدادهم .
(6) كان من يدخل فيهم يصفونه بالأثري ، وهو يصف نفسه بذلك فيقول : ( فلان الأثري ) .
وهكذا فعلت الحدادية الجديدة سموا شبكتهم بـ " الأثري " ، ويسمون أنفسهم بالأثريين ، وأهل السنة .
ومن رموزهم : ( فوزي البحريني ) الذي يصف نفسه بـ ( الأثري ) ! وبحوثه البهلوانية بـ ( الأثرية ) .
وهم من أبعد الناس عن الأثرية ، ومن أسوئهم لها فهمًا وتطبيقًا والتزامًا ، ومن أبعد الناس عنها صدقًا وأخلاقًا .
(7) التقليد المقيت والتعصب الأعمى لأشخاص معروفين عند أهل السنة بالكذب والخيانة والظلم ، والموالاة والمعاداة على أشخاصهم وأباطيلهم ، وهذه صفات الحدادية القديمة والجديدة .
ومع هذا الخزي يرمون أهل السنة والحق بالتعصب والتقليد ، وكذبوا ، فأهل السنة يسيرون على منهج السلف في الاحتكام إلى الكتاب والسنة والتمسك بهما ، ووزن أقوال الرجال بالكتاب والسنة بفهم السلف الصالح ؛ فما كان حقًا وموافقًا للكتاب والسنة قبلوه وأيدوه ونصروه ، وما كان مخالفًا ردوه .
أما هؤلاء الحدادية ؛ فعلى مذهب القائل الجاهلي :
وما أنا إلا من غزية إن غوت ... غويت ، وإن ترشد غزية أرشد
وللحدادية القديمة أصول أخرى ذكرتها في مقالي : " منهج الحدادية " ، والذي نشرته قبل ظهور الحدادية الجديدة . قد تكون عند الحدادية الجديدة ، ولكنهم يُخفونها تقيَّة ، ولا يستبعد ذلك منهم .
وعندهم من التعصب الأعمى والتقليد المقيت ما يخجل منه غلاة أهل البدع .
ومن أصول الحدادية الجديدة التي زادوها على الحدادية القديمة ما يأتي :
(1) التقية الشديدة التي تفوق تقية الرافضة ؛ فالحدادية الأولى كانوا ظاهرين واضحين في كلامهم ومواقفهم بخلاف الحدادية الجديدة ؛ فإنها تستخدم هذا الأصل الرافضي .
(2) السرية والعمل في الظلام ، ومن هنا يحاربون أهل السنة والحق تحت أسماء مجهولة .
(3) الكذب والخيانات ، وتحريف النصوص عن مواضعها ، وتنزيلها في غير منازلها .
(4) تضليل من يقول : ( أن الخلاف بين أهل السنة وبين مرجئة الفقهاء لفظي ) ، وهذا يقتضي تضليل من قال به من السلف ، وتضليل شيخ الإسلام ابن تيمية ، وأئمة الدعوة السلفية في نجد ، والأدهى من ذلك أنهم يلصقون ذلك كذبًا منهم بمن لا يقوله ، ثم يبدعونه ، ويشهرون به بناء على كذبهم وبهتانهم .
(5) التعلق بالألفاظ المتشابهة ، ومنها التعلق بلفظ " جنس " الذي يحتمل عدة معان ، وزعموا كذبًا على السلف بأنهم جعلوا جنس العمل ركنًا في تعريف الإيمان . (1)
وقد حذر السلف من استعمال الألفاظ المتشابهة ، والتزموا الألفاظ الشرعية الواردة في الكتاب والسنة ، وبدَّعوا من يستخدم الألفاظ المتشابهة في المعاني الشرعية .
ولفظ " جنس " لم يرد في الكتاب والسنة ، ولا في لغة الصحابة ، ولا استعمله السلف في قضايا الإيمان ، وهو من الألفاظ المتشابهة .
ويتعلقون بألفاظ بعض أهل السنَّة المتأخرين ، ولا حجة لهم فيها ؛ لأنَّهم لا يريدون ما يتقوَّله عليهم الحدادية .
وقد بينا لهم هذا بيانًا شافيًا لطلاب الحق ، وحذر منه العلامة ابن عثيمين - رحمه الله - وبيّن خطورته ، وأن الهدف من استخدامه ، واستخدام لفظ " شرط كمال " ، و " شرط صحة " يراد بهما سفك الدماء ، واستحلال الأموال ، فأصرت الحدادية الجديدة على استعمالهما كعادتهم في رفض أقوال العلماء التي لا توافق أهواءهم ، وما وقفوا عند هذا الحد ؛ فشرعوا في التشهير بالعلامة ابن عثيمين في شبكتهم " الأثري " مدة طويلة ، ويحكمون على خطأ وقع فيه بأنه بدعة ، وأجلبوا عليه بأقوال بعض العلماء " فلان يخالف ابن عثيمين ، ويوافق الشيخ فالحًا " ، و " فلان يخطئ ابن عثيمين ويوافق الشيخ فالحًا " ، رفعًا من شأن فالح المبطل والخائن في نفس القضية ، ومحاولة لإسقاط ابن عثيمين - رحمه الله - .
(6) رميهم بالبدعة لمن يقول : بأن الإيمان أصل والعمل فرع مخالفين النصوص القرآنية والنبوية ، ومخالفين لأقوال أئمة كبار من أهل السنة (2) ، وقولهم - هذا - يقتضي حتمًا تبديع هؤلاء الأئمة المستمدة أقوالهم من الكتاب والسنة ، وأرجفوا - بهذا - زمنًا طويلاً في شبكتهم قصدًا إلى حرب أهل السنة وتضليلهم ، ولا سيَّما هذا ( الأحمق ) فوزي البحريني الذي سترى من عناده ، وتحريفه لكلام العلماء ما لم يخطر ببالك ، ولا يدور بخيالك ! وأيَّده حزبه في ذلك .
(7) وهم مع جهلهم وانحطاطهم ، وخباثاتهم وكذبهم من أشدِّ النَّاس عنادًا واستكبارًا وردًّا للحقِّ الثابت بالكتاب والسنَّة ، وإيمان العلماء به وتقريرهم وتوضحهم له مثل : سماحة الإسلام ومراعاته للمصالح والمفاسد في الدِّين كله أصوله وفروعه .
قرَّر هذه الشمولية عدد من أئمة السنَّة والإسلام بسطت أقوالهم في كتابي " سماحة الشريعة الإسلامية وحب الله أن تُؤتَى رخصه " ، وفي " رد الصارم المصقول " ، فلم يرفعوا بذلك رأسًا ، وحصر ( زعيمهم ) فالح الحربي المصالح والمفاسد في المستحبات والمكروهات - بعد أن كان يحصرها في المستحبات ! - عنادًا ومكابرةً لأدلَّة الشريعة .
وممَّا نقلته قول الإمام ابن القيِّم في " إعلام الموقعين " : ( فإنَّ الشريعة مبناها وأساسها على الحِكَمِ ، ومصالح العباد في المعاش والمعاد ؛ وهي عدلٌ كلُّها ورحمة كلُّها ، ومصالح كلُّها ، وحكمةٌ كلُّها ) ا.هـ . ثمَّ مضى يتكلَّم - رحمه الله - عن مزايا هذه الشريعة الغرَّاء .
وتحدَّث - رحمه الله - في " مفتاح دار السعادة " : (2/22) عن محاسن الشريعة ، ومراعاتها للمصالح والمفاسد بكلامٍ عظيم يدلُّ على عظمة الشريعة المحمدية . ثمَّ قال : ( والقرآن وسنة رسول الله مملوآن من تعليل الأحكام بالحكم والمصالح ، وتعليل الخلق بهما ، والتنبيه على وجوه الحكم التي لأجلها شرع تلك الإحكام ولأجلها خلق تلك الأعيان ، ولو كان هذا في القرآن والسنة في نحو مائة موضع أو مائتين لسقناها ، ولكنه يزيد على ألف موضع بطرق متنوعة ) ا.هـ .
فردُّوا كلام هؤلاء العلماء القائم على أكثر من ألف دليل من الكتاب والسنَّة ، وزخرت به كتب الفقه والأصول ، واستمروا في طغيانهم إلى اليوم يحاربون ربيعًا بما يسمونه " التنازل عن الأصول " ، والأمر العجيب الذي ارتكبوا فيه من الخيانات والبتر ، وحذف سياق كلامي وسباقه وأدلَّته وقيوده ! وهذا عين الخيانة والفجور .
ودخلوا في ظلمات من الجهل والباطل - ظلمات بعضها فوق بعض - لا ينقذهم منها إلاَّ الله إن أراد بهم خيرًا ، ونعوذ بالله من ضلالهم ومن سوء حالهم .
(8) وإمعانًا منهم في الفجور وحرب أهل السنة لم يكتفوا بتعريف أهل السنة للإيمان بأنه : ( قول وعمل واعتقاد يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ) ، فزادوا عليه : ( وينقص حتى لا يبقى منه شيء ) ! وجعلوا هذا جزءًا أو شرطًا في تعريف الإيمان من لم يقله ؛ فهو مرجئ .
ومع ذلك ينكرون أنهم حدادية ، ويرمون أهل السنَّة بـ ( الحدادية ) ، وغيرها كذبًا وفجورًا ، ويتظاهرون بالطعن في محمود الحداد ، فمن يصدقهم ؛ وهم يمتطون بدعه ، ويؤكدونها ، ويزيدون عليها أصولاً أخبث من أصوله ؟!
ثم لو كانوا صادقين في حرب الحداد ؛ فلماذا لم ينتقدوا أصوله ومنهجه ، بل لماذا يصرون على التشبث بها ؟ إلا أنه الكذب والتقية الخبيثة .
وقد بينتُ في إحدى مقالاتي مشابهة الحدادية للروافض من ثلاثة عشر وجهًا ، فكفاهم هذا وذاك بدعة وشرًا .
• • • • • • • • • •
وأبدأ بمناقشة عنوان مقاله : " الرُّعُود الصَّوَاعِقِيّة لِصَعْقِ أَلْفَاظ رَبِيع المَدْخَلِي البَدْعِيّة " .
(1) انظر أولاً إلى هذا التهويل في العنوان : " رعود وصواعق لصعق ألفاظ ربيع البدعية " .
(2) ثانيًا : انظر إلى ما في هذا العنوان من الجهل والكذب :
(أ) وصف ألفاظ ربيع بأنها بدعية ، وهذا من الفجور .
(ب) قوله : ( حوار مع ربيع المدخلي في رميه أهل السنة والجماعة بالباطنية والرافضية ... ) الخ .
وهذا كذب غليظ من جهتين :
• الأولى : قوله : ( في رميه أهل السنة والجماعة ) ، والله يعلم أني أعظِّمُ أهل السنة والجماعة وأجلهم ، وأذب عنهم أكثر مما أذب عن نفسي وأولادي وعشيرتي ، وأرى أن الطرق التي تخالف عقيدتهم ومنهجهم طرق ضلال وهلاك .
ولي - والحمد لله - مؤلفات قديمة وحديثة في بيان منهج السلف الكرام ، والذب عنه ، وبيان ضلال أهل الضلال ، ونقد أصولهم ومناهجهم ، ولي محاضرات ودروس كثيرة جدًا ومستمرة ، وقد طارت هذه الجهود في مشارق الأرض ومغاربها .
ومن هنا ترى كلَّ أو جُلَّ فرق الضلال تحاربني سرًا وجهارًا في مجالسهم ومواقعهم ودروسهم .
• الثانية : جعله الحدادية التي لا شغل لها إلا حرب أهل السنة والجماعة ، وهي منذ نشأتها إلى يومنا هذا لا شغل لها إلا هذا ، أضف إلى ذلك جهله وكذبه أني رميت أهل السنة والجماعة - أي : الحدادية الحاقدة على أهل السنة - بـ ( الباطنية ) ، و ( الرافضية ) ، و ( الخارجية ) ، و ( اليهودية ) ... الخ ، وهذا عين الكذب .
فأنا كتبت مقالاً بيّنت فيه أوجه الشبه بين الحدادية والروافض ، ولم أصفهم بأنهم : روافض وباطنية ، وصرحت بنفي ذلك عنهم في المقال نفسه .
فهذا الرجل لجهله باللغة العربية ، وبمدلولات الألفاظ واصطلاحات العلماء ، وأن المشبه لا يلزم أن يكون مثل المشبه به .
بل هذا الرجل يجهل السنة ، وقصد الرسول - صلى الله عليه وسلم - من قوله مثلاً : ( إنك امرؤ فيك جاهلية ) ، وقوله : ( أبدعوى الجاهلية ، وأنا بين أظهركم ) ، ردًا على من قال : ( يا للمهاجرين ! ) ، وعلى من قال : ( يا للأنصار ! ) .
• • • • • • • • • •
منهج هذا الرجل في هذا المقال كله :
• أولاً : لقد احتج بآيات قرآنية وأحاديث نبوية في غير مواضعها ، ونزلها في غير منازلها .
• ثانيًا : احتج بمقالات لعلماء أهل السنة من مثل الإمام الصابوني ، والإمام حرب بن إسماعيل ، وشيخ الإسلام ابن تيمية في ذم وبيان أحوال أهل البدع من روافض وخوارج ومرجئة وغيرهم ، وينزلها على ربيع ! وعلى من ينصره في الحق ! وبالحق ضد أهل الأهواء ، ومنهم الحدادية .
وهذه الأعمال من أشد أنواع التحريف لكلام الله ، وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، وكلام أئمة السنَّة - رحمهم الله - .
• ثالثًا : رمي ربيع وإخوانه في الحق بأنواع البدع .
(1) قال في ( ص 10 - 11 ) من مقاله المليء بالافتراء والتحريف : " قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في " الفتاوى " : (10/9) : ( المبتدع الذي يتخذ دينًا لم يشرعه الله ، ولا رسوله قد زين له سوء عمله ؛ فرآه حسنًا ، فهو لا يتوب ما دام يراه حسنًا . لأن أول التوبة العلم بأن فعله سيء ليتوب منه ، أو بأنه ترك حسنًا مأمورًا به أمر إيجاب ، أو استحباب ليتوب ويفعله ؛ فما دام يرى فعله حسنًا ، وهو سيء في نفس الأمر ؛ فإنه لا يتوب ) ا.هـ .
قلت : فالبدع خطيرة ، وعليها وعيد الشديد ، وإذا كثرت ؛ فإنها تغطي القلب ، وتغلفه ، ويختم عليه ، فلم يعد يعرف الخير من الشر كما قال تعالى : ﴿ كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ . [ المطففين : 14 ] .
قلت : فتتجارى الأهواء والبدع بأصحابها حتى تنقلب مفاهيمهم وتنعكس أمورهم ؛ فيرون الحسنة سيئة ، والسيئة حسنة ، والسنة بدعة ، والبدعة سنة اللهم غفرًا .
إذن ؛ فربيع المدخلي أولى بهذه الأسماء والألقاب ، فهو ( المرجىء ) ، و( الخارجي ) ، و ( الحدادي ) ، وأتباعه هم : ( المرجئة ) ، و ( الخوارج ) ، و ( الحدادية ) ، وهذا منهج السلف الصالح في الذي يرمي أهل السنة والجماعة بشيء ، وهو ليس فيهم ؛ فَيرُدّون هذا الاسم إليه ، ويصنفونه (3) فيه جزاء وفاقًا اللهم غفرًا " .ا.هـ.
أقول :
(أ) انظر ماذا تضمنت هذه الصحيفة من إفك على ربيع وإخوانه ؟
(ب) انظر إلى قوله : ( إذن ؛ فربيع المدخلي أولى بهذه الأسماء والألقاب ، فهو ( المرجىء ) ، و ( الخارجي ) و ( الحدادي ) ، وأتباعه هم ( المرجئة ) ، و ( الخوارج ) ، و ( الحدادية ) ... ) .
(ت) كلام شيخ الإسلام في وصف أهل البدع ينطبق على الحدادية ، وبرأ الله منه أهل السنة الذين يحاربهم هذا الحدادي ، وينـزل هذا النص عليهم .
(2) وقال في ( ص 26 - 27 ) : " قلت : وهذا من أعظم الأدلة على خطورة البدعة ، أن أهلها ومروجيها ، ومن أشربوا حبها يكرهون الحق وأهله ، ولا سيما من يدعوهم إلى السنة واتباع الهدى ، فيصفونهم بأوصاف لا تليق بهم ، بل العكس هو الصحيح ؛ فالمبتدعة أحق بتلك الأوصاف ، ولكنهم رموا أهل السنة بتلك العظائم ، والألقاب التي هم بريئون منها براءة الذئب من دم يوسف ، والمثل السائر يقول : ( رمتني بدائها وانسلت ) .
فهذه الألقاب ما زال أهل البدع والضلال يلقبون بها أهل السنة والجماعة حتى في هذا العصر ، وقد تزعم هذه الفرقة المرجئية الحدادية التي امتلأت قلوب أهلها حقدًا وغيظًا على أهل السنة والجماعة - رجل تولى كبرها في هذا العصر ، وهو ربيع بن هادي المدخلي الذي أخذ على عاتقه حمل لواء المرجئة العصرية بما سطره في مقالاته التي كفانا مؤنتها وتتبع سمومها ، وكشفها علماء الحرمين .
فإن ربيع (4) عهد إلى أسلوب خطير قد يروج على ضعاف الإيمان والعلم ، وعلى من لم يتمكنوا من فهم عقيدة السلف المستمدة من الكتاب والسنة ؛ فشوهها ، وعلق عليها تعليقات خبيثة بدعية في مقالاته على طريقة مذهب المرجئة .
وحشاها بسمومه ، وعصارة فكره المريض ، وأظهر بها حقده الدفين ، فوصف أهل السنة والجماعة بتلك الألقاب الشنيعة التي هو أحق بها في الواقع كتلقيبهم بـ ( الخوارج ) ، و ( الحدادية ) ، و ( الرافضة ) ، و ( الباطنية ) ، بل سبهم وشتمهم بها ، وله أتباع ينشرون زبالة عقله المريض ، ويتبنون أفكاره الداعية إلى إحياء بدعة المرجئة ، وإماتة السنة في " شبكة سحاب " البدعية وغيرها .
قلت : بل يرى سوء عمله هذا حسنًا ، والله المستعان .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في " الفتاوى " (10/9) : ( المبتدع الذي يتخذ دينًا لم يشرعه الله ، ولا رسوله قد زين له سوء عمله فرآه حسنًا ؛ فهو لا يتوب ما دام يراه حسنًا . لأن أول التوبة العلم بأن فعله سيء ليتوب منه ، أو بأنه ترك حسنًا مأمورًا به أمر إيجاب ، أو استحباب ليتوب ويفعله ، فما دام يرى فعله حسنًا ، وهو سيء في نفس الأمر ؛ فإنه لا يتوب ) . ا.هـ.
قلت ( فوزي ) : فالبدع خطيرة ، وعليها وعيد (5) الشديد ، وإذا كثرت ؛ فإنها تغطي القلب ، وتغلفه ، ويختم عليه ، فلم يعد يعرف الخير من الشر كما قال تعالى : ﴿ كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ . [ المطففين : 14 ] . " ا.هـ .
أقول : تأمل هاتين الصحيفتين ، وما تضمنتا من إفك ودعاوى باطلة :
(1) فهو يوهم في هاتين الصحيفتين وغيرهما - يوهم - الناس أن الحدادية الجهلة المجهولين الذين يحاربون السلفيين بالأكاذيب والخيانات أنهم هم أهل السنة .
(2) تأمل ظلمه وفجوره في قوله : ( فإن ربيع (6) عهد إلى أسلوب خطير قد يروج على ضعاف الإيمان والعلم ، وعلى من لم يتمكنوا من فهم عقيدة السلف المستمدة من الكتاب والسنة ؛ فشوهها ، وعلق عليها تعليقات خبيثة بدعية في مقالاته على طريقة مذهب المرجئة .
وحشاها بسمومه ، وعصارة فكره المريض ، وأظهر بها حقده الدفين ، فوصف أهل السنة والجماعة (7) بتلك الألقاب الشنيعة التي هو أحق بها في الواقع كتلقيبهم بـ ( الخوارج ) ، و ( الحدادية ) ، و ( الرافضة ) ، و ( الباطنية ) ، بل سبهم وشتمهم بها ، وله أتباع (8) ينشرون زبالة عقله المريض ، ويتبنون أفكاره الداعية إلـى إحيـاء بدعة المرجئة ، وإماتة السنة في " شبكة سحاب " البدعية وغيرها ) .
أقول : فربيع عنده أحق بأن يكون رافضيًا وباطنيًا ؛ لأنه حارب الرفض والباطنية في دروسه ومقالاته ومؤلفاته ، ومنها كتاب " الانتصار لكتاب العزيز الجبار وللصحابة الأخيار على أعدائهم الأشرار " ، و " كشف زيف التشيع " ، و " مكانة الصحابة " .
و ( فوزي الأشري ) الذي يعيش بين ظهراني الروافض والصوفية ؛ فلم يرَ الناس ، ولم يسمعوا منه - طول حياته وإلى يومنا هذا - أي موقف سني شريف ينصر فيه السنة ، ويقمع فيه البدع والضلال .
فهل المانع له من القيام بهذا الواجب هو تواطؤه معهم على أهل السنة أو الجبن والهلع ؟
لا نرى جهوده موجهة إلاَّ إلى أهل السنة بالكذب والجهل والتحريف ، فقد ألفَّ أربعة كتب منها : " الرعود الصواعقية " ، و " البركان " ، و " القاصمة الخافضة " ، و " الفرقان " ، كلها حرب بالأكاذيب والخيانات على ربيع وإخوانه من أهل السنة .
ولا نرى نشاطه إلا ضد أحاديث من " صحيح مسلم " مثل : حديث صوم يوم عرفة ، وأحاديث الشفاعة ، ألفَّ في ذلك كتابين ! مع أراجيف على " صحيح الإمام مسلم " ، ورميه بكثرة الأحاديث الشاذَّة !
• أين أنت من أهل السنة في بيان ضلال الروافض ، ومنهم : محمد مال الله البحريني - رحمه الله - الذي بذل جهودًا عظيمة في بيان ضلال الروافض وخبثهم ؟
• أين أنت من ردود أهل السنة على الصوفية وعباد القبور ؟
• أين أنت من الكتب التي تدافع عن " صحيح مسلم " ، وعن سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمومًا ، وترد عنها أكاذيب وأراجيف المستشرقين وأذنابهم ؟
• أين أنت من الردود على الحدادية التي تحارب أهل السنة باسم أهل السنة ، وكيف تحاربها ، وأنت من رؤوسها ، والمنافحين عنها ؟
• بل أين أنت من المرجئة الحقيقية الذين تستعيض نقدهم بحرب أهل السنة الذين تفتري عليهم ، وتكيل لهم التهم الفاجرة ؟
• أين أنت من حرب الخوارج السابقين والمعاصرين أيها الخلفي ! المتخلف عن الجهاد الحقيقي - جهاد أهل الضلال - الذي هو أشد من الضرب بالسيوف ؟
ألا لا عاش الخونة الجبناء .
أسد عليّ وفي الحروب نعامة ... رقطاء تنفر من صفير الصافر
توجه سهامك الفاجرة إلى ربيع ؛ فترميه بالرفض والباطنية ، وترميه وإخوانه من أهل السنة بأنهم خوارج ومرجئة وحدادية ، وتؤكد ذلك بالآيات والأحاديث التي يستدل بها أهل السنة على أهل البدع والضلال ، وتستدل على أهل السنة بأقوال أئمة السنة في الروافض والخوارج والباطنية والمرجئة .
وتدعي كذبًا وزورًا - في أفاعيلك هذه - بأنك متمسك بالكتاب والسنة ، وعلى منهج السلف ؛ فأي زور وإفك ، وأي فجور ترتكبه في حق أهل السنة أيها الحدادي الغالي ؟
محمود الحداد حارب أهل السنة بالإرجاء ، وهو الكاذب في ذلك ، وأنت تحارب أهل السنة باسم الإرجاء ، وترجف عليهم بذلك أكثر من إرجاف الحداد .
واخترعت أنت وحزبك الحدادي الجديد من الأصول لحرب أهل السنة ما لم يخطر ببال محمود الحداد .
• منها : التعلق بلفظ " جنس " في رمي أهل السنة بالإرجاء ، ذلكم اللفظ الغريب الذي لا وجود له في الكتاب والسنة ، والذي لا ذكر له في ردود أهل السنة على المرجئة الحقيقية في قضايا الإيمان .
• ومنها : عدم قناعتكم بما عرَّف به أهل السنة الإيمان بأنه : ( قول وعمل واعتقاد ) ، وما جرى مجراه من العبارات : وأنه ( يزيد وينقص ) - يزيد بالطاعات ، وينقص بالمعاصي - فزدتم على تعريفهم المستمد من الكتاب والسنة أنه : ( ينقص ، وينقص حتى لا يبقى منه شيء ) .
فالذي يقول : بقول السلف ، ومنهم مئات الأئمة في شتى البلدان والأعصار الإسلامية كما ذكرهم البخاري ، وأبو زرعة ، وأبو حاتم ، بل أجمعوا على هذا التعريف ؛ فزدتم على تعريفهم ( حتى لا يبقى منه شيء ) تعطشًا إلى التكفير ، وإلى تضليل أهل السنة الذين لا يلتزمون بهذا القول من السابقين واللاحقين ، بل كثير منهم لعله لم يسمع به .
• ومنها : رميكم بالإرجاء من يقول : ( إن الإيمان أصل ، والعمل فرع كمال ) ، وهذا رمي لأهل السنة السابقين واللاحقين بالإرجاء .
وقد أرجف بذلك دهرًا موقعكم المسمى زورًا بـ " الأثري " إلى أصول أخرى ، وطرق وأساليب استخدمتموها في حرب أهل السنة لم يصل إليها ، ولم تخطر ببال الحداد وفئته الحدادية القديمة ، بل لم تخطر على بال الخوارج وأهل البدع !
ومع هذه الدواهي ترمون السلفيين بالحدادية والإرجاء وغيرهما ، فأي سفسطة هذه ، وأي مكابرة سخيفة هذه ؟
سُئل الإمام أحمد عن من قال : الإيمان يزيد وينقص ، قال : ( هذا بريء من الإرجاء ) ، كتاب " السنة " للخلال : (3/581) .
وقال الإمام أبو محمد الحسن بن علي البربهاري : ( ومن قال : الإيمان قول وعمل يزيد وينقص ؛ فقد خرج من الإرجاء أوله وآخره ) ، " شرح السنة " للبربهاري : ( ص 80 ) .
فرفضتم قول هذين الإمامين المستمد من الكتاب والسنة ، والقائم على معرفة الإرجاء والسنة حق المعرفة .
ورفضتم الوقوف عند تعريف السلف وما يؤكده ، وهذا يكشف زيف انتمائكم إلى السلف ، وعدم احترامكم لهم ، ولما قرروه .
ويؤكد هذا أنكم لا ترون أئمة الحديث أهلاً للحكم على أهل البدع ، وأن المبتدعة لا يدخلون في جرحهم ، وقول زعيمكم الجديد في بعض قواعدهم العظيمة بأنها : أضلت الأمة .
فهل نأخذ بأقوال السلف القائمة على الكتاب والسنة ، والفقه الصحيح للإيمان والإرجاء ، أو نأخذ بأقوال الجهلة الأفاكين الذين لا تقبل شهادتهم في أحقر الأشياء ؛ فضلاً عن قضايا العلم والإيمان ؟
ومن منهجه : أنه يقول ما لا يفعله ولا يلتزمه ؛ فمن ذلك ما قاله في ( ص 2 ) : " فقد اطّلعتُ على مقالات كتبها ربيع المدخلي ، حول ما كتبه دعاة السنة ؛ فوجدتها مقالات سيئة مشينة ، ذكر فيها مقدمات وأصولاً في بعض المسائل على طريقة أهل البدع ، وبَيِّن فيها محاذير وألفاظ سيئة للغاية ، وتوسع فيها ، وحيث يترتب عليها تكفير أهل السنة .
وكان اللائق به ، بل المتعين عليه أتباع ما قالوه لأنه موافق للكتاب والسنة ، وآثار السلف ، وأقوال علماء السنة ، بدلاً من التوسع في إطلاق هذه الألفاظ عليهم ، حتى أنه استوعب ألفاظ رؤوس الضلالة من الفرق الضالة التي أطلقوها على أهل السنة والجماعة كما سوف يأتي ذكرها .
واعلم أن العصمة والنجاة بالوقوف مع الألفاظ الشرعية التي تطلق على الأشخاص الموافقة للكتاب والسنة وآثار السلف ، وأئمة الدين ، فهي الكفيلة بكل هُدىً وبيانٍ ، العاصمة من كل خطأٍ ، أو زلل .
وأما الألفاظ التي تطلق على الأشخاص ، وليس عليها دليل من الكتاب والسنة وآثار السلف ، وأئمة الدين ؛ فإن تعليق الجرح والتعديل عليها يجرُّ إلى منهج باطل ، ويتولد من الشر بسببها على الذي أطلقها ، والذي اتبعه على ذلك ما لا يعلمه إلا الله .
قلت : فيحمل وزره ، ووزر من اتبعه على هذه الألفاظ البدعية .
قال تعالى : ﴿ لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ ﴾ . [ النحل : 25 ] .
قال مجاهد في " تفسيره " : ( ص 421 ) عن الآية : ( حملهم ذنوب أنفسهم ، وذنوب من أطاعهم ، ولا يخفف ذلك عمن أطاعهم من العذاب شيئًا ) " .
أقول : ماذا في هذه الصحيفة ؟
(1) وصفه لغلاة الحدادية الجهلة المجهولين الأفاكين بأنهم دعاة السنة ؛ فهو يسمي الأشياء بغير مسمياتها تمويهًا وكذبًا .
(2) قوله عن مقالاتي التي ترد إفك هذه الفئة بأنها : ( مقالات سيئة مشينة ) ؛ لأنها ترد أقوالهم الباطلة :
(أ) من الدعوة إلى التقليد الأعمى الباطل الذي خالفوا فيه الكتاب والسنة ، ومنهج السلف الصالح .
(ب) ثم انتقلوا إلى الطعن في علماء السنة في المدينة ومكة وجنوب المملكة واليمن والجزائر وغيرها ؛ لأنهم أيدوا الحق القائم على الكتاب والسنة ومنهج السلف ، ووصفهم لأهل السنة بأنهم : روافض وصوفية و ... - كلمة لا أستطيع حكايتها - ، ويريدون إتباع أكاذيبهم ، وفجورهم ، وبغيهم على أهل السنة ، وهذا ما يريده ( فوزي ) من أهل السنة ، ومن ربيع أن يقلدوا الأفاكين المجهولين ، وأن يسيروا وراءهم في متاهات الباطل وظلماته ، وأن ينساقوا وراء المجهولين الذين لا يعيشون إلا في الظلام والظلم .
(3) ثم أكد كلامه المظلم بقوله : " وكان اللائق به ، بل المتعين عليه إتباع ما قالوه ؛ لأنه موافق للكتاب والسنة ، وآثار السلف ، وأقوال علماء السنة ، بدلاً من التوسع في إطلاق هذه الألفاظ عليهم ، حتى أنه استوعب ألفاظ رؤوس الضلالة من الفرق الضالة " .
أقول : رمتني بدائها وانسلت ! ففوزي وحزبه أبوا إتباع الحق ، وتمردوا عليه ، وعلى علماء السنة ، وحاربوهم حربًا قذرة ، وهو الذي توسع في ألفاظ أهل الباطل وحرب أهل السنة ، وهو الذي وصف أهل السنة بأنهم : خوارج ، ومرجئة ، وحدادية مؤكدًا ما وصفهم به أهل " شبكة الأثري " - المزعومة - بأنهم : روافض ، وصوفية ، و ... - كلمة لا أستطيع حكايتها - ، أمور لم يسبق لها نظير من حرب أهل البدع لأهل السنة .
فلما بلغ سيل طغيان الحدداية الزبى ، وتمادوا في هذا الطغيان ، استخرجتُ من مقالاتهم ومواقفهم من أهل السنة أوجه الشبه بينهم وبين الروافض ، ولا ينكر هذا التشابه الذي أخذته من أعمالهم وأقوالهم إلا مكابر مسفسط ، ومع كل هذا ؛ فقد قلتُ في مقالي من باب الإنصاف والعدل : ( أني لا أقول أهم روافض ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في " منهاج السنة " : (5/133) : ( والرافضة سلكوا في الصحابة مسلك التفرق ؛ فوالوا بعضهم ؛ وغلوا فيه ، وعادوا بعضهم ؛ وغلوا في معاداته ، وقد يسلك كثير من الناس ما يشبه هذا في أمرائهم وملوكهم وعلمائهم وشيوخهم ؛ فيحصل بينهم رفض في غير الصحابة تجد أحد الحزبين يتولى فلانًا ومحبيه ، ويبغض فلانًا ومحبيه ، وقد يسب ذلك بغير حق ، وهذا كله من التفرق والتشيع الذي نهى الله عنه ورسوله ، فقال تعالى : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ﴾ . [ الأنعام : 159 ] ) ، وساق آيات في هذا المعنى ، انظر " المجموع الواضح " : ( ص 488 ) .
فهذا شيخ الإسلام يقول هذا الكلام في بعض أهل البدع ممن قد يكون أخف شرًا ، وأقل حربًا لأهل السنة من الحدادية الذين ذكرت أوجه الشبه بينهم وبين الرافضة .
(4) انظر إلى قوله في هذه الصحيفة : " واعلم أن العصمة والنجاة بالوقوف مع الألفاظ الشرعية التي تطلق على الأشخاص الموافقة للكتاب والسنة وآثار السلف ، وأئمة الدين ، فهي الكفيلة بكل هُدىً وبيانٍ ، العاصمة من كل خطأٍ ، أو زلل .
وأما الألفاظ التي تطلق على الأشخاص ، وليس عليها دليل من الكتاب والسنة وآثار السلف ، وأئمة الدين ؛ فإن تعليق الجرح والتعديل عليها يجرُّ إلى منهج باطل ، ويتولد من الشر بسببها على الذي أطلقها ، والذي اتبعه على ذلك ما لا يعلمه إلا الله " .
وقال في ( ص 6 ) : " واعلم أخي المسلم الكريم : أن البدعي جعل دينه ما قال عقله ورأيه ، فلا يبالي ما يخرج من رأسه أهو حق ، أم باطل .
وبعض من تمكن الجهل والتعصب والهوى منه يعظم هذه الألفاظ البدعية التي أطلقها رؤوس الضلالة ، بل والقواعد البدعية ، ويغضب لها إذا بين ما فيها من خطأٍ أو زلل .
والواجب على هؤلاء أن يجعلوا ما أنزله الله تعالى من الكتاب والسنة أصلاًً في جميع أمور الدين ، ثم يردوا ما تكلّم فيه الرؤوس إلى ذلك ، ثم يبيِّنوا ما في هذه الألفاظ من موافقة للكتاب والسنة ؛ فتقبل ، أو ما فيها من مخالفه للكتاب والسنة ؛ فترد ، فهذا هو طريق العلم .
قلت : والألفاظ التي تطلق على الأشخاص الثابتة بالكتاب والسنة ، وآثار السلف يجب إثباتها ، والألفاظ التي تطلق على الأشخاص المنفية بالكتاب والسنة يجب نفيها . فهذا طريق السلف الصالح في الردود على الأشخاص .
ومن تأمل في تاريخ الأمة الإسلامية ؛ وجد أن منهج رؤوس الضلالة الإتيان بألفاظ بدعية ، ليست في الكتاب والسنة يطلقونها على أهل الحديث والأثر ؛ ليتوصلوا بها إلى إبطال منهج أهل الأثر مثل : ( حشوية ) ، و ( خوارج ) ، و ( حدادية ) ، و ( ممثلة ) ، و ( مشبهة ) ، و ( ناصبية ) ، و ( نابتة ) ، و ( جبرية ) ، و ( باطنية ) ، و ( مرجئة ) ، وغير ذلك " .
أقول : إني من أشد الناس مخالفة لهذه الأصول ، والألفاظ البدعية ، ومن أشد الناس احترامًا لأهل السنة السابقين واللاحقين ، وأصولهم بخلاف ( فوزي البحريني ) الذي يقول ما لا يفعل ، بل يصادم هذه الأصول وغيرها أشد المخالفة ، وعلى منهجه طائفته الحدادية ، فهم يتعلقون بألفاظ وأصول مخترعة إمعانًا منهم في حرب أهل السنة ، والكيد لهم ، والسعي بكل ما أوتوا من حب الباطل والكذب والخيانة والبتر للنصوص ؛ ليتوصلوا بذلك إلى حرب أهل السنة وتبديعهم ، ومن ذلك تعلقهم بلفظ " جنس " الذي لا وجود له في الكتاب والسنة ، مع تعلقهم بأصول فاسدة أخرى (9) ، ورفعوا لواءها حربًا على أهل السنة .
وفوزي يصف ربيعًا - وإخوانه أهل الحق ودعاته - : بأنهم مرجئة ، وخوارج وحدادية ، فأي مناقضة ومحاربة أشد لما يتظاهر به كذبًا من تأصيل للتمسك بالكتاب والسنة وإتباع السلف .
وقال في ( ص 7 ) : " قال الإمام أبو حاتم الرازي - رحمه الله - : ( علامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر ، وعلامة الزنادقة : تسميتهم أهل السنة حشوية يريدون إبطال الآثار ، وعلامة الجهمية : تسميتهم أهل السنة مشبهة ، وعلامة القدرية : تسميتهم أهل الأثر مجبرة ، وعلامة المرجئية : تسميتهم أهل السنة مخالفة ونقصانية ، وعلامة الرافضة : تسميتهم أهل السنة ناصبة ، ولا يلحق أهل السنة إلا أسم واحد ويستحيل أن تجمعهم هذه الأسماء ) " .
أقول : فكم عند فوزي وحزبه الحدادي الحاقد على أهل السنة كم عندهم من العلامات ؟
هو يريد تنزيل هذا الكلام على ربيع وإخوانه من أهل السنة وأنصارها والذابين عنها .
ويريد أن يوهم الناس : أن الفرقة الحدادية الضالة هم أهل السنة والجماعة ، وأن من ينتقد ضلالهم إنما ينتقد أهل السنة والجماعة ، وهذا من الدجل بمكان .
فمن أحق أن ينزل عليه هذا الكلام ؟ أهو من يرد الأباطيل والضلالات ؟ أم هم الحدادية ورؤوسها ؟ ومنهم فوزي البحريني الذي يصف أهل السنة حقًا بأنهم : خوارج ومرجئة وحدادية ؟
عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم ) . [ رواه مسلم في العلم ، حديث : 2668 ] .
والألد الخصم : هو الشديد الخصومة ، وما أشد الحدادية في الخصومة ، ولا سيما هذا البحريني الأفاك .
وقال فوزي البحريني في ( ص 21 - 23 ) : " وقال أبو عثمان الصابوني - رحمه الله - في " عقيدة السلف " : ( ص 305 ) : ( أنا رأيت أهل البدع في هذه الأسماء التي لقبوا بها أهل السنة سلكوا معهم مسلك المشركين مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ فإنهم اقتسموا القول فيه : فسماه بعضهم ساحرًا ، وبعضهم كاهنًا ، وبعضهم شاعرًا ، وبعضهم مجنونًا ، وبعضهم مفتونًا ، وبعضهم مفتريًا مختلفًا كذابًا ، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - من تلك المعائب بعيدًا بريئًا ، ولم يكن إلاّ رسولاً مصطفى نبيًا ، قال الله عز وجل : ﴿ انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ الأَمْثَالَ فَضَلُّواْ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً ﴾ . [ الإسراء : 48 ] .
وكذلك المبتدعة خذلهم الله اقتسموا القول في جملة أخباره ، ونقلة آثاره ، ورواة أحاديثه ، المقتدين بسنته ، فسماهم بعضهم حشوية ، وبعضهم مشبهة ، وبعضهم نابتة ، وبعضهم ناصبة ، وبعضهم جبرية .
وأصحاب الحديث عصامة من هذه المعائب برية ، نقية ، زكية ، تقية ، وليسوا إلاّ أهل السنة المضية ، والسيرة المرضية ، والسبل السوية ، والحجج البالغة القوية ، قد وفقهم الله - جل جلاله - لاتباع كتابه ، ووحيه وخطابه ، والاقتداء برسوله - صلى الله عليه وسلم - في أخباره ، التي أمر فيها أمته بالمعروف من القول والعمل ، وزجرهم فيها عن المنكر منها ، وأعانهم على التمسك بسيرته ، والاهتداء بملازمة سنته ، وشرح صدورهم لمحبته ، ومحبة أئمة شريعته ، وعلماء أمته .
ومن أحب قومًا ؛ فهو منهم يوم القيامة بحكم قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( المرء مع من أحب ) .
وإحدى علامات أهل السنة : حبهم لأئمة السنة وعلمائها ، وأنصارها وأوليائها ، وبغضهم لأئمة البدع ، الذين يدعون إلى النار ، ويدلّون أصحابهم على دار البوار .
وقد زين الله سبحانه قلوب أهل السنة ، ونوّرها بحب علماء السنة ، فضلاً منه جل جلاله ومنه ) ا.هـ .
قلت : وعلى هذا فقد جمع ربيع المدخلي الغالي سوأتين في رميه أهل السنة والجماعة بـ ( الخوارج ) ، و ( الحدادية ) ، و ( الرافضة ) ، و ( الباطنية ) ، وغير ذلك .
الأولى : فقد سلك مسلك أهل الشرك في رميهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، وهو - صلى الله عليه وسلم - من تلك المعائب بعيدًا بريئًا .
الثانية : وسلك مسلك أهل البدع في رميهم أهل السنة والجماعة ، وهم من تلك المعائب بعيدين بريئين . (10)
فقد أحدث ربيع المدخلي المبتدع أسماء شنيعة قبيحة ؛ فسمى بها أهل السنة يريد بذلك عيبهم ، والطعن عليهم ، والوقيعة فيهم ، والازدراء بهم عند أتباعه المرجئة .
فربيع تشبه بالمشركين والمبتدعين في رميه أهل السنة بهذه المعائب التي إذا لم يوجد لها مكان فيهم ردت عليه .
بحكم قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( لا يرمي رجلٌ رجلاً بالفُسوق ، ولا يرميه بالكفر ، إلا ارتدّتْ عليه ، إن لم يكن صاحبُهُ كذلك ) .
وقول رسول الله : - صلى الله عليه وسلم - : ( إذا قال الرجلُ لأخيهِ : يا كافر ؛ فقد باءَ به أحدُهُما ) .
وقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( أيما رجلٍ قال لأخيه : يا كافر ؛ فقد باء بها أحدُهُما ) .
وقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( ومن رمى مؤمنًا بكفرٍ ؛ فهو كقتله ) " .
أقول : إنه صحَّف بعض الكلمات من كلام الصابوني تصحيفًا يدل على غبائه .
(1) نقل الإمام الصابوني ما يطعن به المشركون في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : ( فسماه بعضهم ساحرًا ، وبعضهم كاهنًا ، وبعضهم شاعرًا ، وبعضهم مجنونًا ، وبعضهم مفتونًا ، وبعضهم مفتريًا مختلقًا كذابًا ) ، ثم برأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من هذه المعايب ، فجاء فوزي ؛ فصحَّف كلمة ( مختلقًا ) إلى مختلفًا ؛ فجعل القاف فاءًا .
(2) وذكر الإمام الصابوني طعون المبتدعة في حملة أخباره ونقلة آثاره ؛ فصحف قوله : ( حملة أخباره ) إلى جملة أخباره ؛ فجعل الحاء من حملة جيمًا .
تكرر منه هذا التصحيف في ( ص 7 ) ، وفي ( ص 21 ) .
(3) كل ما قاله الإمام الصابوني هنا مدح في أهل السنة ؛ فهو منطبق - إن شاء الله - على أهل السنة حقًا في هذا العصر ، وكل ما قاله من طعن في أهل البدع ؛ فهو منطبق على الفئة الحدادية الباغية المحاربة لأهل السنة بالكذب والفجور ، وإن أهل السنة السابقين واللاحقين لبراء من الحدادية وفجورها .
قال فوزي البحريني هنا - معلقًا على كلام شيخ الإسلام الصابوني - في الحاشية : ( وأهل السنة والجماعة في هذا العصر عصامة من هذه المعائب التي رماها بها ربيع المدخلي ، ومن قلده من المتعصبين له ، والله المستعان ) .
أقول : لقد كذبت وكذبت ، فالحدادية أعداء أهل السنة والجماعة ومتمردون عليهم ، ولهم أصول خبيثة ترميهم بعيدًا وبعيدًا عن أهل السنة والجماعة ، وما قاله فيهم ربيع وإخوانه حق ، وهم أحق به وأهله .
وما قاله الإمام الصابوني: ( ومن أحب قومًا ؛ فهو منهم يوم القيامة بحكم قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( المرء مع من أحب ) .
وقوله : ( وإحدى علامات أهل السنة : حبهم لأئمة السنة وعلمائها ، وأنصارها وأوليائها ، وبغضهم لأئمة البدع ، الذين يدعون إلى النار ، ويدلّون أصحابهم على دار البوار .
وقد زين الله سبحانه قلوب أهل السنة ، ونوّرها بحب علماء السنة ، فضلاً منه جل جلاله ومنه ) .
أقول : هذه العلامات إنما تنطبق على أهل السنة حقًا ، فهم يحبون أهل السنة وعلمائها وأنصارها من السابقين واللاحقين في كل بقاع الأرض مشارقها ومغاربها .
والحدادية أعداؤهم وأعداء علمائهم ، وهم من أشد الناس حربًا على أهل السنة وخذلانًا لهم في الشدائد ، كحال المنافقين في مواقفهم في الشدة .
وأهل البدع يستمدون طعونكم في أهل السنة ، ينقلونها من موقعكم إلى مواقعهم ، فأنتم وإياهم في خندق واحد في حرب أهل السنة .
بل هم ينزلون مقالات الصوفية التي يفترون فيها على ربيع ، وعلى أهل السنة .
(4) أن الأحاديث التي استشهد بها لا تنطبق إلا على فوزي البحريني وطائفته الحدادية .
قال فوزي في ( ص 12 - 13 ) : " قال ابن القيم - رحمه الله - في " إعلام الموقعين " : (4/192) مبيِّنًا حقيقة هذا المخالف في ألفاظه الكتاب والسنة : ( وتارة تُورَدُ عليه المسألة الباطلة في دين الله في قالب مزخرف ، ولفظ حسن ، فيبادر إلى تسويغها ، وهي من أبطل الباطل ، وتارة بالعكس ، فلا إله إلا الله ، كم هَهُنَا من مزلة أقدام ، ومحل أوهام ، وما دَعَى (11) محقٌّ إلى حَقٍّ ، إلاَّ أخرجه الشيطان على لسان أخيه ، ووليِّهِ مِنَ الإنس في قالب تنفر عنه خفافيش البصائر ، وضعفاء العقول ، وهم أكثر الناس ، وما حذر أحد من باطل ، إلا أخرجه الشيطان على لسان وليِّه من الإنس في قالب مزخرف يستخف به عقول ذلك الضرب من الناس ، فيستجيبون له ، وأكثر الناس نظرهم قاصر على الصور ، لا يتجاوزونها إلى الحقائق ، فهم محبوسون في سجن الألفاظ ، مقيدون بقيود العبارات ، كما قال تعالى : ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ ﴾ . [ الأنعام : 112 - 113] ا.هـ.
قلت : ومن أجل هذا كُلِّه ، ترى أقوال أهل السنة والجماعة المقتفين لأثر الصحابة الكرام ، والتابعين الكرام مطابقة لألفاظ الكتاب والسنة في ردودهم على المخالفين ، يتحرون ذلك غاية التحري ، فحصلت لهم السلامة ، ومن حاد عن سبيلهم ؛ حصل له الخطأ ، والزلل ، والتناقض ، والاضطراب في منهجه " .
أقول :
• أولاً : إن كلام الإمام ابن القيم إنما ينطبق على فوزي البحريني وحزبه الحدادي ، فكم وكم شوهوا الحق وأهله ؟ وكم لهم من زخارف للباطل بالكذب والخيانة والبتر ، ثم التلصق بالعلماء وأقوالهم ؟ ومن هذا التشويه للحق وأهله ، ومن هذه الزخرفة للباطل ما ارتكبه هذا الحدادي الغالي فوزي الأثري في هذا المقال ، ولا سيما تنزيله لأقوال أئمة السنة في أهل البدع والضلال على ربيع وإخوانه من أهل السنة .
فإنه والله أشبه بتنزيل الروافض لنصوص القرآن على أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - ، طعنًا فيهم ، وتكفيرًا لهم ، حيث ينزلون الآيات في اليهود والنصارى والمشركين والمنافقين على أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - ، ولا سيما أبا بكر وعمر - رضي الله عنهما - ، وينزلون كذبًا نصوص الوعيد للكفار بالنار والخلود فيها على أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وآيات الذم واللعن على أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - .
وهكذا سلك فوزي هذا المسلك الإجرامي لتنزيل نصوص أئمة السنة في الطعن في أهل البدع ، وبيان إفكهم على أهل السنة المعاصرين ، السالكين سبيل المؤمنين والصالحين ؛ في التمسك بكتاب رب العالمين وسنة خاتم النبيين .
ولن يصرفهم عن الحق زخارف وتهاويل المبطلين ، وأكاذيب وخيانات الضالين .
• ثانيًا : انظر إلى قوله عقب كلام ابن القيم قال : ( قلت : ومن أجل هذا كُلِّه ، ترى أقوال أهل السنة والجماعة المقتفين لأثر الصحابة الكرام ، والتابعين الكرام مطابقة لألفاظ الكتاب والسنة في ردودهم على المخالفين ، يتحرون ذلك غاية التحري ، فحصلت لهم السلامة ، ومن حاد عن سبيلهم ؛ حصل له الخطأ ، والزلل ، والتناقض ، والاضطراب في منهجه ) .
أقول : هذا واقع أهل السنة السابقين واللاحقين ، وأما الحدادية ومن رؤوسهم وغلاتهم فوزي ، فهم على النقيض من واقع أهل السنة السابقين واللاحقين .
فهم لا يتحرون في أصولهم ولا في ألفاظهم ولا في أخلاقهم ولا في ردودهم الكتاب والسنة ، فلهم أصول تخالف الكتاب والسنة ، ولهم مواقف شنيعة من أهل السنة السابقين واللاحقين ، ومواقف من أصولهم وأخلاقهم .
فمن أصولهم ما قد بيناه سلفًا .
ومن أخلاقهم الردود على أهل السنة بالكذب والخيانة ، وبتر النصوص وتحريفها ، وتحقير علماء السنة وتشويههم ، فهم بأعمالهم هذه ضد الكتاب والسنة ومنهج السلف ، ومن الصادين عن ذلك .
ومن عجائب هذا الرجل وتلبيساته التظاهر بالتزام منهج السلف والتمسك بالكتاب والسنة ، وواقعه وواقع حزبه بخلاف ذلك ، فما يدعيه في واد ، وهو وحزبه في واد بعيد .
سارت مشرقة وسرت مغربًا ... شتان بين مشرق ومغرب
ولقد تبين للقارئ الكريم : واقع هذا الرجل وتناقضه ومخالفته لدعاواه العريضة لما يتظاهر به كذبًا وزورًا من التمسك بالكتاب والسنة ، والتزام ألفاظهما ومعانيهما ، والسير على منهج السلف هو وحزبه الذين يسميهم كذبًا وزورًا ومكابرةً بأهل السنة والجماعة .
إن ذلك كله منه ومن أتباعه أباطيل وأكاذيب ، وتضليلات للهمج والأغمار ، فبئس ما يصنعون ويزخرفون .
• ثالثًا : انظر إلى قوله في الحاشية من هذه الصحيفة ( ص 13 ) : " قلت : وأنت لو ترى ما يحدث في " شبكة سحاب " الحزبية من زخارف الأقوال من التشويش على أهل العلم والطعن فيهم ، والبراءة من المسلمين ، والطعن في الأبرياء ، ونشر المخالفات الشرعية في الاعتقاد وغيره ، ودخول أعداء أهل السنة فيها تعرف حقيقة هذا الأمر اللهم سلم سلم .
قلت : فذرهم وما يفترون على مذهب أهل السنة والجماعة ؛ فإلى الله الموعد .
قال تعالى : ﴿ بَلْ إِن يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُم بَعْضًا إِلاَّ غُرُورًا ﴾ . [ فاطر : 40 ] " .
أقول : فهذا الكلام من أكذب وأفجر ما يقوله البشر ، وهذه صفاته وصفات حداديته ومواقعهم ، التي ما أنشئت إلا لتشويه السنة وأهلها وعلمائها ، فقد شوهوا علماء السنة في كل مكان ، وشوهوا المنهج السلفي بأصولهم القائمة على الجهل والكذب ومحاربة أصول أهل السنة ، وشوهوا علماء السنة حقًا أئمة الجرح والتعديل ، وشوهوا قواعدهم .
كل ذلك من أجل زعميهم فالح الحربي الذي نصحه علماء السنة من المدينة ومكة وجيزان ، واستنكر أفاعيله وأصوله علماء السنة في كل مكان .
واستنكروا أحكامه مثل قوله : فيمن يُحكِّم غيره في بعض القضايا التي يخالف فيها أهل الباطل أهل الحق : ( هذا كذَّب الكتاب والسنة والإسلام ) .
وقوله فيمن أبى تقليده في الانتخابات : ( هذا نسف الرسالات والكتب السماوية كلها ) .
ومثل دعوته إلى التقليد الأعمى الباطل الذي خالف فيه الكتاب والسنة وأئمة السلف .
وكم صدرت لهذا الرجل من الخيانات والكذب في خصومته لأهل الحق ؟
وأهل السنة ، وأهل " سحاب " هم الذين يتولون علماء السنة انطلاقًا من منهج السلف ، ومنهج الكتاب والسنة ، ويجلون علماء السنة ويحترمونهم ، وينشرون كتبهم ومقالاتهم وأشرطتهم ، ويذبون عن عقيدتهم ومنهجهم ، ويلتزمون أن لا ينشروا في " سحاب " إلا ما يوافق الكتاب والسنة ، ومنهج السلف الصالح ، ومن خاتلهم ، وأنزل مقالاً يخالف منهج السلف حذفوا مقاله ، وطردوه من المشاركة في " شبكتهم " السلفية حتى بلغت المحذوفات مئات المقالات .
وأما شبكة " الأثري " الحدادية ؛ فهي المعادية لعلماء السنة ، والمحرشة بينهم ، والساعية في تفريقهم وتمزيقهم وتشتيت شملهم .
ولا يغرنك ما تراه من تعلقهم ببعض العلماء المعاصرين ، فإن ذلك من كيدهم ومكرهم ؛ لأنهم يعتقدون أنهم لو أسقطوا كل علماء السنة لفضحوا ، وظهرت عداوتهم لأهل السنة وضوح الشمس ، وإذن ؛ فلا بد من الإبقاء على قليل منهم ، والتظاهر باحترامهم حتى تنجح خططهم ومكايدهم .
وهؤلاء القلة من العلماء كانوا الهدف الأول لسلفهم الحدادية الأولى ، فكم طعنوا فيهم ؟ وكم شوهوهم ؟ فلما سلكوا هذا المسلك سقطوا على أم رأسهم ، فاخترعوا ؛ واخترع رؤوسهم التظاهر باحترام هذه القلة من العلماء حتى لا يسقطوا مرة أخرى . (12)
وعندما يقول هؤلاء العلماء الحق الذي يخالف منهج هؤلاء الحدادية يسقطون أقوالهم ، ولا يقيمون لها وزنًا ، كما هي حالهم مع أقوال الإمام أحمد وإخوانه خاصة في قضية : " الإيمان والإرجاء " ، فهم لا يسيرون على طريقتهم فيهما ، ولا يسيرون على طريقتهم في احترام أهل السنة ، واحترام منهجهم ، والذب عنه وعنهم .
• رابعًا : قال فوزي البحريني في ( ص 19 ) : " قال الإمام حرب بن إسماعيل الكرماني - رحمه الله - في " المسائل " : ( ص 366 ) : ( أما الخوارج ؛ فإنهم يسمون أهل السنة والجماعة مرجئة ، وكذبت الخوارج ، بل هم المرجئة يزعمون أنهم على إيمان دون الناس ، ومن خالفهم كفار ) ا.هـ. " .
أقول : لو كان لهذا الرجل عقل لما نقل هذا النص الذي يفضحه وحداديته .
فهم يسلكون مسلك الخوارج في رمي أهل السنة بالإرجاء ، ويؤلفون لمحاربة أهل السنة المؤلفات القائمة على الكذب والتحريف لكلام أهل العلم والسنة .
فنقول : كذبت الحدادية ورثة الخوارج في حرب أهل السنة ووصفهم بالإرجاء ، فهم المرجئة ؛ لأنهم يرون أنهم هم على السنة ومن خالفهم من أهل السنة مرجئة ، وخوارج ، وروافض ، وباطنية ، فالخوارج أعقل وأكثر إنصافًا من فوزي البحريني ، وعصابته الحدادية الأثيمة .
• خامسًا : قال البحريني الظالم في سياق تنـزيله نصوص أئمة السنة على أهل السنة حقًا في ( ص 19 ) : " وقال الإمام حرب بن إسماعيل الكرماني - رحمه الله - في " المسائل " : ( ص 364 ) : ( أما الخوارج ؛ فمرقوا من الدين ، وفارقوا الملة ، وشردوا على الإسلام ، وشذوا عن الجماعة ، وضلوا عن سبيل الهدى ، وخرجوا على السلطان والأئمة ، وسلوا السيف على الأمة ، واستحلوا دماءهم وأموالهم ، وكفَّروا من خالفهم إلا من قال بقولهم ، وكان على مثل رأيهم ، وثبت معهم في دار ضلالتهم ... ) ا.هـ. " .
أقول : إن هذا البحريني ينزل هذا الكلام على أهل السنة المعاصرين الذين يحاربون الخوارج الذين هذه صفاتهم ليكفرهم ، وقد ظهر منه ، ومن فئته تكفير من هو بريء من البدع والكفر ، والتكفيريون الإرهابيون في العراق يستمدون هذا التكفير والرمي بالإرجاء من شبكة الحدادية ، ثم يكفرون أهل السنة في العراق ، ويستحلون دماءهم .
انظر إليه كيف ينزل هذا الكلام على أهل السنة ؟ وهو الآتي :
(1) قد مرقوا من الدين .
(2) وفارقوا الملة .
(3) وشردوا على الإسلام .
(4) وشذوا عن الجماعة .
(5) وضلوا عن سبيل الهدى .
(6) وخرجوا على السلطان والأئمة ، وسلوا السيف على الأمة ، واستحلوا دماءهم وأموالهم ، وكفَّروا من خالفهم إلا من قال بقولهم ، وكان على مثل رأيهم ، وثبت معهم في دار ضلالتهم .
فهذا بعض شره وفجوره ، فاعتبروا يا أولي الأبصار .
• سادسًا : قال البحريني في حاشية ( ص 19 ) : " والخوارج والمرجئة وقعوا في بدعة الولاية والبراءة . قال الإمام حرب بن إسماعيل الكرماني - رحمه الله - في " المسائل " : ( ص 365 ) : ( والولاية بدعة ، والبراءة بدعة : وهو (13) يقولون : نتولى فلانًا ، ونتبرأ من فلان ، وهذا القول بدعة فاحذروه ) . ا.هـ. " .
ثم قال هذا الأهوج الظالم : " فهؤلاء يتولون أهل البدعة ، ويتبرءون من أهل السنة " .
وأقول : ﴿ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا ﴾ . [ الكهف : 5 ] .
وأقول : إن الحدادية تأتي في هذا العصر في طليعة من يحارب ويعادي أهل السنة بضراوة وشراسة ، وسوء أخلاق وأكاذيب ، ويتبرأ منهم .
• سابعًا : قال البحريني في ( ص 19 - 20 ) من مقاله " الرعود الصواعقية " : " وقال الإمام حرب بن إسماعيل الكرماني - رحمه الله - في " المسائل " : ( ص 362 ) : ( ولأصحاب البدع نبز وألقاب وأسماء لا تشبه أسماء الصالحين ، ولا الأئمة ، ولا العلماء من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - ، فمن أسمائهم المرجئة : وهم الذين يزعمون أن الإيمان قول بلا عمل ، وأن الإيمان هو القول ، والأعمال شرائع ، وإن الإيمان مجرد ... ) . ا.هـ. " .
أقول : حكى الإمام حرب قول المرجئة في تعريف الإيمان ، ونقله عنه هذا الأهوج ؛ فلم يرتدع به هو ولا عصابته الحدادية عن رمي أهل السنة المحاربين للإرجاء وغيره من البدع بالإرجاء بل وبالرفض والتصوف والباطنية ، بل والتكفير لبعض علمائهم ، بل الرمي لبعضهم بالزندقة .
أيها الحاقدون أنتم مسالمون لأهل البدع بما فيهم الروافض والصوفية والعلمانيين والحزبيين ، وإن ذكرتم بعضهم ببدعة ؛ فإنما هو من ذر الرماد في العيون .
وأما هدفكم الأساسي والأول والأخير ؛ فهم أهل السنة حقًا ، فأنتم حرب عليهم ، لا تنقطع هذه الحرب ، ولا تقف عند حد .
وهي حرب قائمة على الكذب والخيانة ، والفجور والتمرد على الأخلاق الإسلامية والآداب الشرعية .
فلا توقرون علماء السنة وكبارهم ، ولا ترحمون صغارهم .
أيها الحاقدون على أهل السنة والجماعة : إن أهل السنة والجماعة من أبرز صفاتهم الإنصاف والعدل ، فهم يصفون المرجئة بأنهم مرجئة بحق ؛ حيث يخرجون العمل من الإيمان ، والإيمان عند بعضهم مجرد المعرفة ، وعند بعضهم الإيمان قول بلا عمل .
وعند مرجئة الفقهاء : الإيمان هو تصديق بالقلب ونطق باللسان ، والجميع يخرجون العمل من الإيمان ، وأن الإيمان عندهم لا يزيد ولا ينقص ، وأن إيمان أفسق الناس كإيمان جبريل وكإيمان محمد - صلى الله عليه وسلم - وأن الإيمان لا يتفاضل .
فهل وجدتم هذه العقيدة الضالة عند أهل السنة الذين تحاربونهم ، وتصفونهم بالإرجاء والإرجاء الغالي .
أهل السنة يحاربون الإرجاء بأصنافه ، ويقولون ويعتقدون قبل أن تولدوا : ( إن الإيمان قول وعمل واعتقاد ، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ) ، وهو الاعتقاد الذي أجمع عليه الصحابة ، والتابعون ، وأهل السنة على مدار القرون الإسلامية إلى يومنا هذا .
وأنتم معشر الحدادية الجاهلين الظالمين لم تقتنعوا بهذا التعريف المجمع عليه احتقارًا وازدراءً وتجهيلاً للسلف ، ولو كان لهم ولأقوالهم عندكم قيمة ووزن لما تجاوزتموها .
فزدتم شرطًا في تعريف الإيمان ، وهو : ( أنه ينقص وينقص حتى لا يبقى منه شيء ) ، وضللتم ورميتم بالإرجاء من لا يقول ويشترط ما اشترطتموه ، فكان شرطكم هذا متضمنًا التبديع للسلف ، ومتضمنًا لمخالفة إجماعهم ، وهذه هي البدعة العظيمة والفتنة الكبيرة ، ومن جهلكم وخبث طواياكم لا تدركون هذه البدعة ولا ما تنطوي عليه .
ستقولون : إن سفيان ابن عيينة قال : ( إن الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء ) .
فنقول : إن سفيان مع أهل السنة والجماعة يقول طوال عمره بما يقولون ، وفي مجلس واحد من مجالسه قرر عقيدة السلف من أن الإيمان يزيد وينقص ، فاستنكر أخوه ذكر النقصان من الإيمان ، فرد عليه في حالة الغضب ، وقال : ( إنه ينقص حتى لا يبقى منه شيء ) ، ولم يجعل ذلك شرطًا ، ولا ألزم به أحدًا .
فجئتم أنتم متقدمين بين يدي الله ورسوله ، وبين يدي إجماع الصحابة ، ومن بعدهم ؛ فاشترطتم أنه لا بد أن يقول القائل : ( الإيمان يزيد وينقص حتى لا يبقى منه شيء ) .
ونقول لكم يا أيها الجهال الفتانون : ما قاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( كل شرط ليس في كتاب الله ؛ فهو باطل ، وإن كان مائة شرط ) .
ستقولون : قال به غير سفيان من علماء السلف .
أقول : لم يثبت ذلك عنهم ، وإن ثبت ذلك عنهم ؛ فلم يلتزموه ، ولا جعلوه جزءًا من تعريف الإيمان ولا شرطًا .
وقد أقوله أنا أحيانًا ، ولا أجعله جزءًا من تعريف الإيمان ولا شرطًا ، وكنت أقوله قبل فتنة الحدادية ، ومن عجائب هذا الحدادي الغالي فوزي البحريني : أنه ينسب إليَّ أني قلت في درس من شرحي لـ " كتاب الإيمان من صحيح البخاري " : ( الإيمان قول وعمل واعتقاد ، ويزيد وينقص حتى لا يبقى منه إلا مثقال ذرة ، وأدنى أدنى من مثقال ذرة ) ، ويرميني مع هذا بالإرجاء ؛ لأني في زعمه لم أقل : ( حتى لا يبقى منه شيء ) ، انظر كتابه " القاصمة الخافضة " : ( ص 99 ) .
فالسلف الأولون ومن خلفهم كلهم يقولون : ( الإيمان قول وعمل يزيد وينقص ) ، ولا يقولون بهذه الزيادة ، وقليل من يأتي بها ، ولا يشترطها ، فالسلف في مذهب الحدادية مرجئة ؛ لأنهم جميعهم لا يقولون بهذه الزيادة ، ومن قالها في النادر ، وهم قليل لم يشترطوها ، ولم يلتزموها .
ثم إني في هذا الشريط الذي نسب إليَّ فيه هذا القول لم أقتصر على ما ذكره ، بل إني قلت : ( إن الإيمان ينقص ، وينقص حتى يصل إلى مثقال ذرة ، وقد يخرج من الإسلام ) ، فافترى عليَّ أني لم أقل بهذه الزيادة ، وحكم عليَّ بأني مرجئ ، فأي فجور هذا ، وأي كذب ومجازفة ؟
لا سيما إذا بلغ هذه الدرجة ، وهي تضليل أهل الحق والسنة من الصحابة ومن تبعهم بإحسان إلى يومنا هذا ؛ لأنهم لم يقولوا بهذه الزيادة التي ما فرضها إلا الحدادية .
ثم مع هذا البلاء العظيم زدتم إمعانًا في حرب أهل السنة أن من قال : ( الإيمان أصل والعمل فرع " كمال " ؛ فهو مرجئ ) ، فتضمن هذا رد نصوص من الكتاب والسنة ، وتضمن تضليل من قال بهذا من أئمة السلف الكبار ، وما كفاكم هذا الإمعان في الفتن حتى تعلقتم بلفظ " جنس " ، ولم تكتفوا بأقوال السلف في هذا الميدان ، فمنهم من يكفر تارك الصلاة ، ومنهم من يكفر تارك الصلاة ومانع الزكاة ، ومنهم من لا يكفر إلا تارك الأركان ، ومنهم من لا يكفر تارك الأركان ، ومنهم من يكفر تارك العمل بالكلية .
فضاقت عليكم هذه الأقوال كلها ، وتعلقتم بلفظ " جنس" الذي لا وجود له في الكتاب والسنة ، وحتى من أئمة اللغة من يراه دخيلاً على اللغة ، تعلقتم به لأجل الشغب والفتن والطعن في أهل السنة ، وتعلقتم به مثل تعلق أهل الأهواء ، فتقولون قال به فلان ، وقال به فلان ، وفلان ، وفلان بريئون من ظلمكم وباطلكم ، فهم ما أرجفوا به ، ولا حاربوا من أجله .
ومرادهم من إطلاقه غير مرادكم ، فإذا قال بعضهم : ( جنس الناس ، وجنس الدراهم ، وجنس الدنانير ، وجنس الحبوب ، وجنس العمل ) ، ومرادهم بعض هذا الجنس ، قلتم فلان ذكر لفظة " جنس العمل " ، وجعلتم من ذلك سيفًا مُسلطًا على أهل السنة .
فهذه بعض فتنكم وشغبكم على أهل السنة .
دع عنك الأصول الأخرى والأكاذيب والخيانات في النقل ، الأمور التي يأنف منها اليهود والنصارى ، ويسقطون بها كبراءهم من الوزراء ، ويهينون بها الرؤساء .
• ثامنًا : وقال في ( ص 20 ) : " وقال الإمام حرب بن إسماعيل الكرماني - رحمه الله - في " المسائل " : ( ص 355 ) : ( هذا مذهب أئمة العلم أصحاب الأثر وأهل السنة المعروفين بها ، المقتدى بهم فيهم ، وأدركت من أدركت من علماء أهل العراق والحجاز والشام وغيرهم عليها ، فمن خالف شيئًا من هذه المذاهب ، أو طعن فيها ، أو عاب قائلها ؛ فهو مبتدع خارج من الجماعة زائل عن منهج السنة وسبيل الحق ، وهو مذهب أحمد ، وإسحاق بن إبراهيم بن مخلد ، وعبد الله بن الزبير الحميدي ، وسعيد بن منصور ، وغيرهم ممن جالسنا وأخذنا عنهم العلم ؛ فكان من قولهم : الإيمان قول وعمل ونية وتمسك بالسنة ، والإيمان يزيد وينقص ، الاستثناء في الإيمان سنة ماضية عن العلماء ، وإذا سُئِلَ الرجل أمؤمن أنت ؟ فإنه يقول : أنا مؤمن - إن شاء الله - ، أو مؤمن أرجوا ، أو يقول : آمنت بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، ومن زعم : أن الإيمان قول بلا عمل ؛ فهو مرجئ ، ومن زعم : أن الإيمان هو القول والأعمال شرائع ؛ فهو مرجئ ، وإن زعم : أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص ؛ فهو مرجئ ، وإن قال : إن الإيمان يزيد ولا ينقص ؛ فقد قال بقول المرجئة ، ومن لم الاستثناء (14) في الإيمان ؛ فهو مرجئ ، ومن زعم أن إيمانه كإيمان جبريل أو الملائكة ؛ فهو مرجئ ، وأخبث من المرجئ ؛ فهو كاذب ، ومن زعم أن الناس لا يتفاضلون في الإيمان ؛ فقد كذب ، ومن زعم أن المعرفة تنفع في القلب ، وإن لم يتكلم لها ؛ فهو جهمي ، ومن زعم أنه مؤمن عند الله مستكمل الإيمان ؛ فهذا من أشنع قول المرجئة وأقبحه ... ) ا.هـ. " .
أقول :
(1) انظر إليه ، وهو ينقل أقوال أهل السنة : ( إن الإيمان قول وعمل ويزيد وينقص ) ، فلم يردعه هذا النقل عن هؤلاء الأئمة عن فرض وإيجاب ( حتى لا يبقى منه شيء ) ، وتبديع من لا يقول به ، فهؤلاء الأئمة ، ومن قبلهم حتى الصحابة مبتدعة مرجئة في حكم الحدادية وعقيدتهم ، قاتل الله أهل الجهل والبغي والهوى .
(2) نحن نقول بما قاله أئمة العلم والأثر ، وأهل السنة المعروفين بها المقتدى بهم من الذين أدركهم الإمام حرب ، والذين سبقوه في كل عقائدهم من الإيمان بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر ، والجنة ، والنار ، وعذاب القبر ، ونعيمه ، ونؤمن بأسماء الله وصفاته وأفعاله نثبتها كما جاءت في الكتاب والسنة ، ونؤمن بما دلت عليه هذه النصوص من غير تشبيه ولا تمثيل ولا تحريف ولا تعطيل .
نؤمن بهذا ، وغيره من عقائد الصحابة والسلف الصالح .
ونؤمن بأن الإيمان قول وعمل ؛ قول القلب واللسان ، وعمل القلب والجوارح ، ولا نخالفهم في شيء ، ونقول كما قال الإمام حرب : ( فمن خالف شيئًا من هذه المذاهب ، أو طعن فيها ، أو عاب قائلها ؛ فهو مبتدع خارج من الجماعة زائل عن منهج السنة وسبيل الحق ، وهو مذهب أحمد ، وإسحاق بن إبراهيم بن مخلد ، وعبد الله بن الزبير الحميدي ، وسعيد بن منصور ) .
ونزيد : ومحمد بن إسماعيل البخاري ، ومسلم بن الحجاج ، وأبا حاتم وأبا زرعة الرازيين ، وعبد الله بن أحمد ، والخلال جامع علم أحمد وغيرهم ، ومن تلاهم على نهجهم على مر العصور إلى يومنا هذا .
ونقول بقولهم : ( إن الإيمان قول وعمل ، ونية ، وتمسك بالكتاب والسنة ، وأن الإيمان يزيد وينقص ، والاستثناء في الإيمان سنة ماضية عن العلماء ) ... الخ .
ونقول : ( ومن زعم أن الإيمان قول بلا عمل ؛ فهو مرجئ ، ومن زعم أن الإيمان هو القول والأعمال شرائع ؛ فهو مرجئ - أي : لأنهم يقصدون بهذا القول : أن العمل ليس من الإيمان ) .
ونقول : إن من زعم أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص ؛ فهو مرجئ ، وأن من زعم أن الإيمان يزيد ولا ينقص ؛ فقد قال بقول المرجئة .
وأخيرًا نقول : ونؤمن بكل ما قاله الإمام حرب هنا وبكل حرف منه ، ومن نسب إلينا أو إلى إخواننا أهل السنة حقًا من هذه الأقوال الباطلة التي أدان أهلها الأئمة ؛ فقد كذب علينا ، وافترى علينا افتراءً مبينًا .
ومن العجائب أن يسوق هذا الأهوج المجازف هذه النصوص عن الإمام حرب وغيره إيهامًا للناس : أننا على خلاف عقيدة السلف في الإيمان وأحكامهم على أهل البدع ومنهم المرجئة .
ولا يقف عند هذا الحد الباطل الظالم ، بل يتجاوز ذلك إلى رمينا بأننا روافض ، وخوارج ، وباطنية ، ومرجئة .
فتجاوز التكفيريين بمراحل .
فأين هي السلفية من الحدادية ؟
وأين عدل أهل السنة وإنصافهم واحترامهم لأهل السنة وموالاتهم من هذه الفئة الباغية ؟
_____________________
الهوامش :
(1) صرح بهذا ( شيخهم ) فالح الحربي ؛ فأيده الحداديون ، ونشروه ، وحاربوا به أهل السنة .
(2) ومن البدهيات عند العلماء وطلاب العلم تسمية العقائد بأصول السنة ، أما العبادات ومنها : الصلاة والزكاة والصوم والحج والمعاملات والحدود بالفروع ، وهي موضوعات كتب الفقه ، وإن كان بعض أهل العلم قد يطلق كلمة " أصول " على أركان الإسلام ؛ فهذا لم يمنع العلماء من عدها من الفروع بالنسبة لأصول الاعتقاد ، ومنها الإيمان .
(3) كذا ( ! ) .
(4) كذا ( ! ) .
(5) كذا ( ! ) .
(6) كذا ( ! ) .
(7) يقصد بأهل السنة والجماعة الحدادية مثل : فكاري والمفرق والعامي ، وغيرهم من المجهولين وغيرهم من المحاربين لأهل السنة من وراء جدر ( ! ) .
(8) ليس لي أتباعٌ ولا مقلدون ، وإنَّما هم أتباع الكتاب والسنة ، وهم أهل علمٍ ونبل ، ويحاربون التبعية والتقليد الأعمى ، ولا أستبعد أنَّه يرميهم بالرفض والباطنية .
(9) انظر أصولهم في ( ص 1 - 4 ) من هذا الرد .
(10) كذا ( ! ) .
(11) كذا ( ! ) .
(12) أقول : لو كان عند هذا المعتوه ذرة من الإنصاف لوجه سهام النقد إلى أهل البدع الذين يجاورونه وإلى الحدادية وشبكتهم الأثيمة المحاربة لأهل السنة والمشوهة لعقيدتهم ومنهجهم .
(13) كذا ( ! ) .
(14) ولعله ( ومن لم يرَ الاستثناء ) .
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه ، أما بعد :
فقد اطلعت على مقال لمن يُسَمَّى بفوزي ( الأثري ! ) تحت عنوان :
" الرعود الصواعقية لصعق ألفاظ ربيع المدخلي البدعية " !
- حوار مع ربيع المدخلي في رميه أهل السنة والجماعة بـ ( الباطنية ) ، و ( الرافضية )
و ( الخارجية ) ، و ( اليهودية ) ، و ( الحدادية ) ، و ( الصوفية ) -
ثم قال : ( تأليف فضيلة الشيخ فوزي بن عبد الله بن محمد الحميدي الأثري ) .
ملأ هذا المقال بالكذب ، وتحريف أقوال أئمة السنة وعلمائها بتنزيلها في غير منازلها ؛ ثم بتكرار هذه الأقوال في مقاله الهزيل لينفخ فيه ويضخمه ليقول الحدادية عنه : أنه عالم واسع الإطلاع .
وقبل مناقشة هذا المقال : أرى أن من حق القراء أن أعطيهم فكرة موجزة عن الحدادية الجديدة ، وأصولها ومدى ارتباطها بالحدادية القديمة حتى يتبين زيفها وتمويهاتها للناس :
(1) أعظم أصول الحداد رمي أهل السنة بالإرجاء . والحدادية الجديدة حاربوا أهل السنة - بالإرجاء - أشد ، وعشرات المرَّات من حرب سلفهم الحدادية الأولى .
(2) من أعظم أصول الحدادية القديمة حرب أهل السنة ، والحدادية الجديدة أشد حربًا وأطول أمدًا .
(3) تبديع من وقع في أي بدعة من أهل السنة ، وهؤلاء الجدد يشاركونهم في هذا الأصل ويبدعون بغير مبدع ، بل بالكذب والفجور .
(4) الحدادية الأولى كانوا يبدعون ابن حجر والنووي ، ويبدعون من لا يبدعهم .
وهؤلاء لا يستبعد منهم تبديع من ذُكر إلاَّ أنَّهم يستخدمون التَّقية ، ثمَّ إنَّ هؤلاء يُبدِّعون من لا يبدِّع من وقع في بدعة ، يبدعون علماء المدينة من أهل السنة ، وعلماء مكة السلفيين ، والشيخ النجمي والشيخ زيد ، بل ويكفرون بعض علماء السنة ، ويحاربون علماء اليمن ، ولا يذكرونهم بخير ، ويحاربون علماء الجزائر وشبابهم ، ولا علاقة لهم بأهل السنة على مستوى العالم .
(5) وهؤلاء يحصرون أهل السنة في الحدادية الجديدة ! في أناس اشتهروا بالكذب والفجور ، وفي المجهولين الكذَّابين مثل : فكاري والمفرق وخالد العامي ، وأمثالهم من المجهولين الذين لا يعرفون بعلم ولا بطلبه ، ومع ذلك يسمونهم أهل السنة والجماعة وأهل الحديث .
ومن يرد أكاذيب هؤلاء ، وجهالاتهم ، وضلالاتهم ، وأباطيلهم يقولون : إنَّهم يحاربون أهل السنة .
وعلمهم هذا امتداد خبيث لعمل أسلافهم الحدادية الأولى ، حيث كانوا يحصرون أهل السنة وأهل الحديث في حزبهم فقط ، ولا يعدون من سواهم من أهل السنة ، مع أن الحدادية ليسوا من أهل الحديث والسنَّة ، بل هم من أضدادهم .
(6) كان من يدخل فيهم يصفونه بالأثري ، وهو يصف نفسه بذلك فيقول : ( فلان الأثري ) .
وهكذا فعلت الحدادية الجديدة سموا شبكتهم بـ " الأثري " ، ويسمون أنفسهم بالأثريين ، وأهل السنة .
ومن رموزهم : ( فوزي البحريني ) الذي يصف نفسه بـ ( الأثري ) ! وبحوثه البهلوانية بـ ( الأثرية ) .
وهم من أبعد الناس عن الأثرية ، ومن أسوئهم لها فهمًا وتطبيقًا والتزامًا ، ومن أبعد الناس عنها صدقًا وأخلاقًا .
(7) التقليد المقيت والتعصب الأعمى لأشخاص معروفين عند أهل السنة بالكذب والخيانة والظلم ، والموالاة والمعاداة على أشخاصهم وأباطيلهم ، وهذه صفات الحدادية القديمة والجديدة .
ومع هذا الخزي يرمون أهل السنة والحق بالتعصب والتقليد ، وكذبوا ، فأهل السنة يسيرون على منهج السلف في الاحتكام إلى الكتاب والسنة والتمسك بهما ، ووزن أقوال الرجال بالكتاب والسنة بفهم السلف الصالح ؛ فما كان حقًا وموافقًا للكتاب والسنة قبلوه وأيدوه ونصروه ، وما كان مخالفًا ردوه .
أما هؤلاء الحدادية ؛ فعلى مذهب القائل الجاهلي :
وما أنا إلا من غزية إن غوت ... غويت ، وإن ترشد غزية أرشد
وللحدادية القديمة أصول أخرى ذكرتها في مقالي : " منهج الحدادية " ، والذي نشرته قبل ظهور الحدادية الجديدة . قد تكون عند الحدادية الجديدة ، ولكنهم يُخفونها تقيَّة ، ولا يستبعد ذلك منهم .
وعندهم من التعصب الأعمى والتقليد المقيت ما يخجل منه غلاة أهل البدع .
ومن أصول الحدادية الجديدة التي زادوها على الحدادية القديمة ما يأتي :
(1) التقية الشديدة التي تفوق تقية الرافضة ؛ فالحدادية الأولى كانوا ظاهرين واضحين في كلامهم ومواقفهم بخلاف الحدادية الجديدة ؛ فإنها تستخدم هذا الأصل الرافضي .
(2) السرية والعمل في الظلام ، ومن هنا يحاربون أهل السنة والحق تحت أسماء مجهولة .
(3) الكذب والخيانات ، وتحريف النصوص عن مواضعها ، وتنزيلها في غير منازلها .
(4) تضليل من يقول : ( أن الخلاف بين أهل السنة وبين مرجئة الفقهاء لفظي ) ، وهذا يقتضي تضليل من قال به من السلف ، وتضليل شيخ الإسلام ابن تيمية ، وأئمة الدعوة السلفية في نجد ، والأدهى من ذلك أنهم يلصقون ذلك كذبًا منهم بمن لا يقوله ، ثم يبدعونه ، ويشهرون به بناء على كذبهم وبهتانهم .
(5) التعلق بالألفاظ المتشابهة ، ومنها التعلق بلفظ " جنس " الذي يحتمل عدة معان ، وزعموا كذبًا على السلف بأنهم جعلوا جنس العمل ركنًا في تعريف الإيمان . (1)
وقد حذر السلف من استعمال الألفاظ المتشابهة ، والتزموا الألفاظ الشرعية الواردة في الكتاب والسنة ، وبدَّعوا من يستخدم الألفاظ المتشابهة في المعاني الشرعية .
ولفظ " جنس " لم يرد في الكتاب والسنة ، ولا في لغة الصحابة ، ولا استعمله السلف في قضايا الإيمان ، وهو من الألفاظ المتشابهة .
ويتعلقون بألفاظ بعض أهل السنَّة المتأخرين ، ولا حجة لهم فيها ؛ لأنَّهم لا يريدون ما يتقوَّله عليهم الحدادية .
وقد بينا لهم هذا بيانًا شافيًا لطلاب الحق ، وحذر منه العلامة ابن عثيمين - رحمه الله - وبيّن خطورته ، وأن الهدف من استخدامه ، واستخدام لفظ " شرط كمال " ، و " شرط صحة " يراد بهما سفك الدماء ، واستحلال الأموال ، فأصرت الحدادية الجديدة على استعمالهما كعادتهم في رفض أقوال العلماء التي لا توافق أهواءهم ، وما وقفوا عند هذا الحد ؛ فشرعوا في التشهير بالعلامة ابن عثيمين في شبكتهم " الأثري " مدة طويلة ، ويحكمون على خطأ وقع فيه بأنه بدعة ، وأجلبوا عليه بأقوال بعض العلماء " فلان يخالف ابن عثيمين ، ويوافق الشيخ فالحًا " ، و " فلان يخطئ ابن عثيمين ويوافق الشيخ فالحًا " ، رفعًا من شأن فالح المبطل والخائن في نفس القضية ، ومحاولة لإسقاط ابن عثيمين - رحمه الله - .
(6) رميهم بالبدعة لمن يقول : بأن الإيمان أصل والعمل فرع مخالفين النصوص القرآنية والنبوية ، ومخالفين لأقوال أئمة كبار من أهل السنة (2) ، وقولهم - هذا - يقتضي حتمًا تبديع هؤلاء الأئمة المستمدة أقوالهم من الكتاب والسنة ، وأرجفوا - بهذا - زمنًا طويلاً في شبكتهم قصدًا إلى حرب أهل السنة وتضليلهم ، ولا سيَّما هذا ( الأحمق ) فوزي البحريني الذي سترى من عناده ، وتحريفه لكلام العلماء ما لم يخطر ببالك ، ولا يدور بخيالك ! وأيَّده حزبه في ذلك .
(7) وهم مع جهلهم وانحطاطهم ، وخباثاتهم وكذبهم من أشدِّ النَّاس عنادًا واستكبارًا وردًّا للحقِّ الثابت بالكتاب والسنَّة ، وإيمان العلماء به وتقريرهم وتوضحهم له مثل : سماحة الإسلام ومراعاته للمصالح والمفاسد في الدِّين كله أصوله وفروعه .
قرَّر هذه الشمولية عدد من أئمة السنَّة والإسلام بسطت أقوالهم في كتابي " سماحة الشريعة الإسلامية وحب الله أن تُؤتَى رخصه " ، وفي " رد الصارم المصقول " ، فلم يرفعوا بذلك رأسًا ، وحصر ( زعيمهم ) فالح الحربي المصالح والمفاسد في المستحبات والمكروهات - بعد أن كان يحصرها في المستحبات ! - عنادًا ومكابرةً لأدلَّة الشريعة .
وممَّا نقلته قول الإمام ابن القيِّم في " إعلام الموقعين " : ( فإنَّ الشريعة مبناها وأساسها على الحِكَمِ ، ومصالح العباد في المعاش والمعاد ؛ وهي عدلٌ كلُّها ورحمة كلُّها ، ومصالح كلُّها ، وحكمةٌ كلُّها ) ا.هـ . ثمَّ مضى يتكلَّم - رحمه الله - عن مزايا هذه الشريعة الغرَّاء .
وتحدَّث - رحمه الله - في " مفتاح دار السعادة " : (2/22) عن محاسن الشريعة ، ومراعاتها للمصالح والمفاسد بكلامٍ عظيم يدلُّ على عظمة الشريعة المحمدية . ثمَّ قال : ( والقرآن وسنة رسول الله مملوآن من تعليل الأحكام بالحكم والمصالح ، وتعليل الخلق بهما ، والتنبيه على وجوه الحكم التي لأجلها شرع تلك الإحكام ولأجلها خلق تلك الأعيان ، ولو كان هذا في القرآن والسنة في نحو مائة موضع أو مائتين لسقناها ، ولكنه يزيد على ألف موضع بطرق متنوعة ) ا.هـ .
فردُّوا كلام هؤلاء العلماء القائم على أكثر من ألف دليل من الكتاب والسنَّة ، وزخرت به كتب الفقه والأصول ، واستمروا في طغيانهم إلى اليوم يحاربون ربيعًا بما يسمونه " التنازل عن الأصول " ، والأمر العجيب الذي ارتكبوا فيه من الخيانات والبتر ، وحذف سياق كلامي وسباقه وأدلَّته وقيوده ! وهذا عين الخيانة والفجور .
ودخلوا في ظلمات من الجهل والباطل - ظلمات بعضها فوق بعض - لا ينقذهم منها إلاَّ الله إن أراد بهم خيرًا ، ونعوذ بالله من ضلالهم ومن سوء حالهم .
(8) وإمعانًا منهم في الفجور وحرب أهل السنة لم يكتفوا بتعريف أهل السنة للإيمان بأنه : ( قول وعمل واعتقاد يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ) ، فزادوا عليه : ( وينقص حتى لا يبقى منه شيء ) ! وجعلوا هذا جزءًا أو شرطًا في تعريف الإيمان من لم يقله ؛ فهو مرجئ .
ومع ذلك ينكرون أنهم حدادية ، ويرمون أهل السنَّة بـ ( الحدادية ) ، وغيرها كذبًا وفجورًا ، ويتظاهرون بالطعن في محمود الحداد ، فمن يصدقهم ؛ وهم يمتطون بدعه ، ويؤكدونها ، ويزيدون عليها أصولاً أخبث من أصوله ؟!
ثم لو كانوا صادقين في حرب الحداد ؛ فلماذا لم ينتقدوا أصوله ومنهجه ، بل لماذا يصرون على التشبث بها ؟ إلا أنه الكذب والتقية الخبيثة .
وقد بينتُ في إحدى مقالاتي مشابهة الحدادية للروافض من ثلاثة عشر وجهًا ، فكفاهم هذا وذاك بدعة وشرًا .
• • • • • • • • • •
وأبدأ بمناقشة عنوان مقاله : " الرُّعُود الصَّوَاعِقِيّة لِصَعْقِ أَلْفَاظ رَبِيع المَدْخَلِي البَدْعِيّة " .
(1) انظر أولاً إلى هذا التهويل في العنوان : " رعود وصواعق لصعق ألفاظ ربيع البدعية " .
(2) ثانيًا : انظر إلى ما في هذا العنوان من الجهل والكذب :
(أ) وصف ألفاظ ربيع بأنها بدعية ، وهذا من الفجور .
(ب) قوله : ( حوار مع ربيع المدخلي في رميه أهل السنة والجماعة بالباطنية والرافضية ... ) الخ .
وهذا كذب غليظ من جهتين :
• الأولى : قوله : ( في رميه أهل السنة والجماعة ) ، والله يعلم أني أعظِّمُ أهل السنة والجماعة وأجلهم ، وأذب عنهم أكثر مما أذب عن نفسي وأولادي وعشيرتي ، وأرى أن الطرق التي تخالف عقيدتهم ومنهجهم طرق ضلال وهلاك .
ولي - والحمد لله - مؤلفات قديمة وحديثة في بيان منهج السلف الكرام ، والذب عنه ، وبيان ضلال أهل الضلال ، ونقد أصولهم ومناهجهم ، ولي محاضرات ودروس كثيرة جدًا ومستمرة ، وقد طارت هذه الجهود في مشارق الأرض ومغاربها .
ومن هنا ترى كلَّ أو جُلَّ فرق الضلال تحاربني سرًا وجهارًا في مجالسهم ومواقعهم ودروسهم .
• الثانية : جعله الحدادية التي لا شغل لها إلا حرب أهل السنة والجماعة ، وهي منذ نشأتها إلى يومنا هذا لا شغل لها إلا هذا ، أضف إلى ذلك جهله وكذبه أني رميت أهل السنة والجماعة - أي : الحدادية الحاقدة على أهل السنة - بـ ( الباطنية ) ، و ( الرافضية ) ، و ( الخارجية ) ، و ( اليهودية ) ... الخ ، وهذا عين الكذب .
فأنا كتبت مقالاً بيّنت فيه أوجه الشبه بين الحدادية والروافض ، ولم أصفهم بأنهم : روافض وباطنية ، وصرحت بنفي ذلك عنهم في المقال نفسه .
فهذا الرجل لجهله باللغة العربية ، وبمدلولات الألفاظ واصطلاحات العلماء ، وأن المشبه لا يلزم أن يكون مثل المشبه به .
بل هذا الرجل يجهل السنة ، وقصد الرسول - صلى الله عليه وسلم - من قوله مثلاً : ( إنك امرؤ فيك جاهلية ) ، وقوله : ( أبدعوى الجاهلية ، وأنا بين أظهركم ) ، ردًا على من قال : ( يا للمهاجرين ! ) ، وعلى من قال : ( يا للأنصار ! ) .
• • • • • • • • • •
منهج هذا الرجل في هذا المقال كله :
• أولاً : لقد احتج بآيات قرآنية وأحاديث نبوية في غير مواضعها ، ونزلها في غير منازلها .
• ثانيًا : احتج بمقالات لعلماء أهل السنة من مثل الإمام الصابوني ، والإمام حرب بن إسماعيل ، وشيخ الإسلام ابن تيمية في ذم وبيان أحوال أهل البدع من روافض وخوارج ومرجئة وغيرهم ، وينزلها على ربيع ! وعلى من ينصره في الحق ! وبالحق ضد أهل الأهواء ، ومنهم الحدادية .
وهذه الأعمال من أشد أنواع التحريف لكلام الله ، وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، وكلام أئمة السنَّة - رحمهم الله - .
• ثالثًا : رمي ربيع وإخوانه في الحق بأنواع البدع .
(1) قال في ( ص 10 - 11 ) من مقاله المليء بالافتراء والتحريف : " قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في " الفتاوى " : (10/9) : ( المبتدع الذي يتخذ دينًا لم يشرعه الله ، ولا رسوله قد زين له سوء عمله ؛ فرآه حسنًا ، فهو لا يتوب ما دام يراه حسنًا . لأن أول التوبة العلم بأن فعله سيء ليتوب منه ، أو بأنه ترك حسنًا مأمورًا به أمر إيجاب ، أو استحباب ليتوب ويفعله ؛ فما دام يرى فعله حسنًا ، وهو سيء في نفس الأمر ؛ فإنه لا يتوب ) ا.هـ .
قلت : فالبدع خطيرة ، وعليها وعيد الشديد ، وإذا كثرت ؛ فإنها تغطي القلب ، وتغلفه ، ويختم عليه ، فلم يعد يعرف الخير من الشر كما قال تعالى : ﴿ كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ . [ المطففين : 14 ] .
قلت : فتتجارى الأهواء والبدع بأصحابها حتى تنقلب مفاهيمهم وتنعكس أمورهم ؛ فيرون الحسنة سيئة ، والسيئة حسنة ، والسنة بدعة ، والبدعة سنة اللهم غفرًا .
إذن ؛ فربيع المدخلي أولى بهذه الأسماء والألقاب ، فهو ( المرجىء ) ، و( الخارجي ) ، و ( الحدادي ) ، وأتباعه هم : ( المرجئة ) ، و ( الخوارج ) ، و ( الحدادية ) ، وهذا منهج السلف الصالح في الذي يرمي أهل السنة والجماعة بشيء ، وهو ليس فيهم ؛ فَيرُدّون هذا الاسم إليه ، ويصنفونه (3) فيه جزاء وفاقًا اللهم غفرًا " .ا.هـ.
أقول :
(أ) انظر ماذا تضمنت هذه الصحيفة من إفك على ربيع وإخوانه ؟
(ب) انظر إلى قوله : ( إذن ؛ فربيع المدخلي أولى بهذه الأسماء والألقاب ، فهو ( المرجىء ) ، و ( الخارجي ) و ( الحدادي ) ، وأتباعه هم ( المرجئة ) ، و ( الخوارج ) ، و ( الحدادية ) ... ) .
(ت) كلام شيخ الإسلام في وصف أهل البدع ينطبق على الحدادية ، وبرأ الله منه أهل السنة الذين يحاربهم هذا الحدادي ، وينـزل هذا النص عليهم .
(2) وقال في ( ص 26 - 27 ) : " قلت : وهذا من أعظم الأدلة على خطورة البدعة ، أن أهلها ومروجيها ، ومن أشربوا حبها يكرهون الحق وأهله ، ولا سيما من يدعوهم إلى السنة واتباع الهدى ، فيصفونهم بأوصاف لا تليق بهم ، بل العكس هو الصحيح ؛ فالمبتدعة أحق بتلك الأوصاف ، ولكنهم رموا أهل السنة بتلك العظائم ، والألقاب التي هم بريئون منها براءة الذئب من دم يوسف ، والمثل السائر يقول : ( رمتني بدائها وانسلت ) .
فهذه الألقاب ما زال أهل البدع والضلال يلقبون بها أهل السنة والجماعة حتى في هذا العصر ، وقد تزعم هذه الفرقة المرجئية الحدادية التي امتلأت قلوب أهلها حقدًا وغيظًا على أهل السنة والجماعة - رجل تولى كبرها في هذا العصر ، وهو ربيع بن هادي المدخلي الذي أخذ على عاتقه حمل لواء المرجئة العصرية بما سطره في مقالاته التي كفانا مؤنتها وتتبع سمومها ، وكشفها علماء الحرمين .
فإن ربيع (4) عهد إلى أسلوب خطير قد يروج على ضعاف الإيمان والعلم ، وعلى من لم يتمكنوا من فهم عقيدة السلف المستمدة من الكتاب والسنة ؛ فشوهها ، وعلق عليها تعليقات خبيثة بدعية في مقالاته على طريقة مذهب المرجئة .
وحشاها بسمومه ، وعصارة فكره المريض ، وأظهر بها حقده الدفين ، فوصف أهل السنة والجماعة بتلك الألقاب الشنيعة التي هو أحق بها في الواقع كتلقيبهم بـ ( الخوارج ) ، و ( الحدادية ) ، و ( الرافضة ) ، و ( الباطنية ) ، بل سبهم وشتمهم بها ، وله أتباع ينشرون زبالة عقله المريض ، ويتبنون أفكاره الداعية إلى إحياء بدعة المرجئة ، وإماتة السنة في " شبكة سحاب " البدعية وغيرها .
قلت : بل يرى سوء عمله هذا حسنًا ، والله المستعان .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في " الفتاوى " (10/9) : ( المبتدع الذي يتخذ دينًا لم يشرعه الله ، ولا رسوله قد زين له سوء عمله فرآه حسنًا ؛ فهو لا يتوب ما دام يراه حسنًا . لأن أول التوبة العلم بأن فعله سيء ليتوب منه ، أو بأنه ترك حسنًا مأمورًا به أمر إيجاب ، أو استحباب ليتوب ويفعله ، فما دام يرى فعله حسنًا ، وهو سيء في نفس الأمر ؛ فإنه لا يتوب ) . ا.هـ.
قلت ( فوزي ) : فالبدع خطيرة ، وعليها وعيد (5) الشديد ، وإذا كثرت ؛ فإنها تغطي القلب ، وتغلفه ، ويختم عليه ، فلم يعد يعرف الخير من الشر كما قال تعالى : ﴿ كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ . [ المطففين : 14 ] . " ا.هـ .
أقول : تأمل هاتين الصحيفتين ، وما تضمنتا من إفك ودعاوى باطلة :
(1) فهو يوهم في هاتين الصحيفتين وغيرهما - يوهم - الناس أن الحدادية الجهلة المجهولين الذين يحاربون السلفيين بالأكاذيب والخيانات أنهم هم أهل السنة .
(2) تأمل ظلمه وفجوره في قوله : ( فإن ربيع (6) عهد إلى أسلوب خطير قد يروج على ضعاف الإيمان والعلم ، وعلى من لم يتمكنوا من فهم عقيدة السلف المستمدة من الكتاب والسنة ؛ فشوهها ، وعلق عليها تعليقات خبيثة بدعية في مقالاته على طريقة مذهب المرجئة .
وحشاها بسمومه ، وعصارة فكره المريض ، وأظهر بها حقده الدفين ، فوصف أهل السنة والجماعة (7) بتلك الألقاب الشنيعة التي هو أحق بها في الواقع كتلقيبهم بـ ( الخوارج ) ، و ( الحدادية ) ، و ( الرافضة ) ، و ( الباطنية ) ، بل سبهم وشتمهم بها ، وله أتباع (8) ينشرون زبالة عقله المريض ، ويتبنون أفكاره الداعية إلـى إحيـاء بدعة المرجئة ، وإماتة السنة في " شبكة سحاب " البدعية وغيرها ) .
أقول : فربيع عنده أحق بأن يكون رافضيًا وباطنيًا ؛ لأنه حارب الرفض والباطنية في دروسه ومقالاته ومؤلفاته ، ومنها كتاب " الانتصار لكتاب العزيز الجبار وللصحابة الأخيار على أعدائهم الأشرار " ، و " كشف زيف التشيع " ، و " مكانة الصحابة " .
و ( فوزي الأشري ) الذي يعيش بين ظهراني الروافض والصوفية ؛ فلم يرَ الناس ، ولم يسمعوا منه - طول حياته وإلى يومنا هذا - أي موقف سني شريف ينصر فيه السنة ، ويقمع فيه البدع والضلال .
فهل المانع له من القيام بهذا الواجب هو تواطؤه معهم على أهل السنة أو الجبن والهلع ؟
لا نرى جهوده موجهة إلاَّ إلى أهل السنة بالكذب والجهل والتحريف ، فقد ألفَّ أربعة كتب منها : " الرعود الصواعقية " ، و " البركان " ، و " القاصمة الخافضة " ، و " الفرقان " ، كلها حرب بالأكاذيب والخيانات على ربيع وإخوانه من أهل السنة .
ولا نرى نشاطه إلا ضد أحاديث من " صحيح مسلم " مثل : حديث صوم يوم عرفة ، وأحاديث الشفاعة ، ألفَّ في ذلك كتابين ! مع أراجيف على " صحيح الإمام مسلم " ، ورميه بكثرة الأحاديث الشاذَّة !
• أين أنت من أهل السنة في بيان ضلال الروافض ، ومنهم : محمد مال الله البحريني - رحمه الله - الذي بذل جهودًا عظيمة في بيان ضلال الروافض وخبثهم ؟
• أين أنت من ردود أهل السنة على الصوفية وعباد القبور ؟
• أين أنت من الكتب التي تدافع عن " صحيح مسلم " ، وعن سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمومًا ، وترد عنها أكاذيب وأراجيف المستشرقين وأذنابهم ؟
• أين أنت من الردود على الحدادية التي تحارب أهل السنة باسم أهل السنة ، وكيف تحاربها ، وأنت من رؤوسها ، والمنافحين عنها ؟
• بل أين أنت من المرجئة الحقيقية الذين تستعيض نقدهم بحرب أهل السنة الذين تفتري عليهم ، وتكيل لهم التهم الفاجرة ؟
• أين أنت من حرب الخوارج السابقين والمعاصرين أيها الخلفي ! المتخلف عن الجهاد الحقيقي - جهاد أهل الضلال - الذي هو أشد من الضرب بالسيوف ؟
ألا لا عاش الخونة الجبناء .
أسد عليّ وفي الحروب نعامة ... رقطاء تنفر من صفير الصافر
توجه سهامك الفاجرة إلى ربيع ؛ فترميه بالرفض والباطنية ، وترميه وإخوانه من أهل السنة بأنهم خوارج ومرجئة وحدادية ، وتؤكد ذلك بالآيات والأحاديث التي يستدل بها أهل السنة على أهل البدع والضلال ، وتستدل على أهل السنة بأقوال أئمة السنة في الروافض والخوارج والباطنية والمرجئة .
وتدعي كذبًا وزورًا - في أفاعيلك هذه - بأنك متمسك بالكتاب والسنة ، وعلى منهج السلف ؛ فأي زور وإفك ، وأي فجور ترتكبه في حق أهل السنة أيها الحدادي الغالي ؟
محمود الحداد حارب أهل السنة بالإرجاء ، وهو الكاذب في ذلك ، وأنت تحارب أهل السنة باسم الإرجاء ، وترجف عليهم بذلك أكثر من إرجاف الحداد .
واخترعت أنت وحزبك الحدادي الجديد من الأصول لحرب أهل السنة ما لم يخطر ببال محمود الحداد .
• منها : التعلق بلفظ " جنس " في رمي أهل السنة بالإرجاء ، ذلكم اللفظ الغريب الذي لا وجود له في الكتاب والسنة ، والذي لا ذكر له في ردود أهل السنة على المرجئة الحقيقية في قضايا الإيمان .
• ومنها : عدم قناعتكم بما عرَّف به أهل السنة الإيمان بأنه : ( قول وعمل واعتقاد ) ، وما جرى مجراه من العبارات : وأنه ( يزيد وينقص ) - يزيد بالطاعات ، وينقص بالمعاصي - فزدتم على تعريفهم المستمد من الكتاب والسنة أنه : ( ينقص ، وينقص حتى لا يبقى منه شيء ) .
فالذي يقول : بقول السلف ، ومنهم مئات الأئمة في شتى البلدان والأعصار الإسلامية كما ذكرهم البخاري ، وأبو زرعة ، وأبو حاتم ، بل أجمعوا على هذا التعريف ؛ فزدتم على تعريفهم ( حتى لا يبقى منه شيء ) تعطشًا إلى التكفير ، وإلى تضليل أهل السنة الذين لا يلتزمون بهذا القول من السابقين واللاحقين ، بل كثير منهم لعله لم يسمع به .
• ومنها : رميكم بالإرجاء من يقول : ( إن الإيمان أصل ، والعمل فرع كمال ) ، وهذا رمي لأهل السنة السابقين واللاحقين بالإرجاء .
وقد أرجف بذلك دهرًا موقعكم المسمى زورًا بـ " الأثري " إلى أصول أخرى ، وطرق وأساليب استخدمتموها في حرب أهل السنة لم يصل إليها ، ولم تخطر ببال الحداد وفئته الحدادية القديمة ، بل لم تخطر على بال الخوارج وأهل البدع !
ومع هذه الدواهي ترمون السلفيين بالحدادية والإرجاء وغيرهما ، فأي سفسطة هذه ، وأي مكابرة سخيفة هذه ؟
سُئل الإمام أحمد عن من قال : الإيمان يزيد وينقص ، قال : ( هذا بريء من الإرجاء ) ، كتاب " السنة " للخلال : (3/581) .
وقال الإمام أبو محمد الحسن بن علي البربهاري : ( ومن قال : الإيمان قول وعمل يزيد وينقص ؛ فقد خرج من الإرجاء أوله وآخره ) ، " شرح السنة " للبربهاري : ( ص 80 ) .
فرفضتم قول هذين الإمامين المستمد من الكتاب والسنة ، والقائم على معرفة الإرجاء والسنة حق المعرفة .
ورفضتم الوقوف عند تعريف السلف وما يؤكده ، وهذا يكشف زيف انتمائكم إلى السلف ، وعدم احترامكم لهم ، ولما قرروه .
ويؤكد هذا أنكم لا ترون أئمة الحديث أهلاً للحكم على أهل البدع ، وأن المبتدعة لا يدخلون في جرحهم ، وقول زعيمكم الجديد في بعض قواعدهم العظيمة بأنها : أضلت الأمة .
فهل نأخذ بأقوال السلف القائمة على الكتاب والسنة ، والفقه الصحيح للإيمان والإرجاء ، أو نأخذ بأقوال الجهلة الأفاكين الذين لا تقبل شهادتهم في أحقر الأشياء ؛ فضلاً عن قضايا العلم والإيمان ؟
ومن منهجه : أنه يقول ما لا يفعله ولا يلتزمه ؛ فمن ذلك ما قاله في ( ص 2 ) : " فقد اطّلعتُ على مقالات كتبها ربيع المدخلي ، حول ما كتبه دعاة السنة ؛ فوجدتها مقالات سيئة مشينة ، ذكر فيها مقدمات وأصولاً في بعض المسائل على طريقة أهل البدع ، وبَيِّن فيها محاذير وألفاظ سيئة للغاية ، وتوسع فيها ، وحيث يترتب عليها تكفير أهل السنة .
وكان اللائق به ، بل المتعين عليه أتباع ما قالوه لأنه موافق للكتاب والسنة ، وآثار السلف ، وأقوال علماء السنة ، بدلاً من التوسع في إطلاق هذه الألفاظ عليهم ، حتى أنه استوعب ألفاظ رؤوس الضلالة من الفرق الضالة التي أطلقوها على أهل السنة والجماعة كما سوف يأتي ذكرها .
واعلم أن العصمة والنجاة بالوقوف مع الألفاظ الشرعية التي تطلق على الأشخاص الموافقة للكتاب والسنة وآثار السلف ، وأئمة الدين ، فهي الكفيلة بكل هُدىً وبيانٍ ، العاصمة من كل خطأٍ ، أو زلل .
وأما الألفاظ التي تطلق على الأشخاص ، وليس عليها دليل من الكتاب والسنة وآثار السلف ، وأئمة الدين ؛ فإن تعليق الجرح والتعديل عليها يجرُّ إلى منهج باطل ، ويتولد من الشر بسببها على الذي أطلقها ، والذي اتبعه على ذلك ما لا يعلمه إلا الله .
قلت : فيحمل وزره ، ووزر من اتبعه على هذه الألفاظ البدعية .
قال تعالى : ﴿ لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ ﴾ . [ النحل : 25 ] .
قال مجاهد في " تفسيره " : ( ص 421 ) عن الآية : ( حملهم ذنوب أنفسهم ، وذنوب من أطاعهم ، ولا يخفف ذلك عمن أطاعهم من العذاب شيئًا ) " .
أقول : ماذا في هذه الصحيفة ؟
(1) وصفه لغلاة الحدادية الجهلة المجهولين الأفاكين بأنهم دعاة السنة ؛ فهو يسمي الأشياء بغير مسمياتها تمويهًا وكذبًا .
(2) قوله عن مقالاتي التي ترد إفك هذه الفئة بأنها : ( مقالات سيئة مشينة ) ؛ لأنها ترد أقوالهم الباطلة :
(أ) من الدعوة إلى التقليد الأعمى الباطل الذي خالفوا فيه الكتاب والسنة ، ومنهج السلف الصالح .
(ب) ثم انتقلوا إلى الطعن في علماء السنة في المدينة ومكة وجنوب المملكة واليمن والجزائر وغيرها ؛ لأنهم أيدوا الحق القائم على الكتاب والسنة ومنهج السلف ، ووصفهم لأهل السنة بأنهم : روافض وصوفية و ... - كلمة لا أستطيع حكايتها - ، ويريدون إتباع أكاذيبهم ، وفجورهم ، وبغيهم على أهل السنة ، وهذا ما يريده ( فوزي ) من أهل السنة ، ومن ربيع أن يقلدوا الأفاكين المجهولين ، وأن يسيروا وراءهم في متاهات الباطل وظلماته ، وأن ينساقوا وراء المجهولين الذين لا يعيشون إلا في الظلام والظلم .
(3) ثم أكد كلامه المظلم بقوله : " وكان اللائق به ، بل المتعين عليه إتباع ما قالوه ؛ لأنه موافق للكتاب والسنة ، وآثار السلف ، وأقوال علماء السنة ، بدلاً من التوسع في إطلاق هذه الألفاظ عليهم ، حتى أنه استوعب ألفاظ رؤوس الضلالة من الفرق الضالة " .
أقول : رمتني بدائها وانسلت ! ففوزي وحزبه أبوا إتباع الحق ، وتمردوا عليه ، وعلى علماء السنة ، وحاربوهم حربًا قذرة ، وهو الذي توسع في ألفاظ أهل الباطل وحرب أهل السنة ، وهو الذي وصف أهل السنة بأنهم : خوارج ، ومرجئة ، وحدادية مؤكدًا ما وصفهم به أهل " شبكة الأثري " - المزعومة - بأنهم : روافض ، وصوفية ، و ... - كلمة لا أستطيع حكايتها - ، أمور لم يسبق لها نظير من حرب أهل البدع لأهل السنة .
فلما بلغ سيل طغيان الحدداية الزبى ، وتمادوا في هذا الطغيان ، استخرجتُ من مقالاتهم ومواقفهم من أهل السنة أوجه الشبه بينهم وبين الروافض ، ولا ينكر هذا التشابه الذي أخذته من أعمالهم وأقوالهم إلا مكابر مسفسط ، ومع كل هذا ؛ فقد قلتُ في مقالي من باب الإنصاف والعدل : ( أني لا أقول أهم روافض ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في " منهاج السنة " : (5/133) : ( والرافضة سلكوا في الصحابة مسلك التفرق ؛ فوالوا بعضهم ؛ وغلوا فيه ، وعادوا بعضهم ؛ وغلوا في معاداته ، وقد يسلك كثير من الناس ما يشبه هذا في أمرائهم وملوكهم وعلمائهم وشيوخهم ؛ فيحصل بينهم رفض في غير الصحابة تجد أحد الحزبين يتولى فلانًا ومحبيه ، ويبغض فلانًا ومحبيه ، وقد يسب ذلك بغير حق ، وهذا كله من التفرق والتشيع الذي نهى الله عنه ورسوله ، فقال تعالى : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ﴾ . [ الأنعام : 159 ] ) ، وساق آيات في هذا المعنى ، انظر " المجموع الواضح " : ( ص 488 ) .
فهذا شيخ الإسلام يقول هذا الكلام في بعض أهل البدع ممن قد يكون أخف شرًا ، وأقل حربًا لأهل السنة من الحدادية الذين ذكرت أوجه الشبه بينهم وبين الرافضة .
(4) انظر إلى قوله في هذه الصحيفة : " واعلم أن العصمة والنجاة بالوقوف مع الألفاظ الشرعية التي تطلق على الأشخاص الموافقة للكتاب والسنة وآثار السلف ، وأئمة الدين ، فهي الكفيلة بكل هُدىً وبيانٍ ، العاصمة من كل خطأٍ ، أو زلل .
وأما الألفاظ التي تطلق على الأشخاص ، وليس عليها دليل من الكتاب والسنة وآثار السلف ، وأئمة الدين ؛ فإن تعليق الجرح والتعديل عليها يجرُّ إلى منهج باطل ، ويتولد من الشر بسببها على الذي أطلقها ، والذي اتبعه على ذلك ما لا يعلمه إلا الله " .
وقال في ( ص 6 ) : " واعلم أخي المسلم الكريم : أن البدعي جعل دينه ما قال عقله ورأيه ، فلا يبالي ما يخرج من رأسه أهو حق ، أم باطل .
وبعض من تمكن الجهل والتعصب والهوى منه يعظم هذه الألفاظ البدعية التي أطلقها رؤوس الضلالة ، بل والقواعد البدعية ، ويغضب لها إذا بين ما فيها من خطأٍ أو زلل .
والواجب على هؤلاء أن يجعلوا ما أنزله الله تعالى من الكتاب والسنة أصلاًً في جميع أمور الدين ، ثم يردوا ما تكلّم فيه الرؤوس إلى ذلك ، ثم يبيِّنوا ما في هذه الألفاظ من موافقة للكتاب والسنة ؛ فتقبل ، أو ما فيها من مخالفه للكتاب والسنة ؛ فترد ، فهذا هو طريق العلم .
قلت : والألفاظ التي تطلق على الأشخاص الثابتة بالكتاب والسنة ، وآثار السلف يجب إثباتها ، والألفاظ التي تطلق على الأشخاص المنفية بالكتاب والسنة يجب نفيها . فهذا طريق السلف الصالح في الردود على الأشخاص .
ومن تأمل في تاريخ الأمة الإسلامية ؛ وجد أن منهج رؤوس الضلالة الإتيان بألفاظ بدعية ، ليست في الكتاب والسنة يطلقونها على أهل الحديث والأثر ؛ ليتوصلوا بها إلى إبطال منهج أهل الأثر مثل : ( حشوية ) ، و ( خوارج ) ، و ( حدادية ) ، و ( ممثلة ) ، و ( مشبهة ) ، و ( ناصبية ) ، و ( نابتة ) ، و ( جبرية ) ، و ( باطنية ) ، و ( مرجئة ) ، وغير ذلك " .
أقول : إني من أشد الناس مخالفة لهذه الأصول ، والألفاظ البدعية ، ومن أشد الناس احترامًا لأهل السنة السابقين واللاحقين ، وأصولهم بخلاف ( فوزي البحريني ) الذي يقول ما لا يفعل ، بل يصادم هذه الأصول وغيرها أشد المخالفة ، وعلى منهجه طائفته الحدادية ، فهم يتعلقون بألفاظ وأصول مخترعة إمعانًا منهم في حرب أهل السنة ، والكيد لهم ، والسعي بكل ما أوتوا من حب الباطل والكذب والخيانة والبتر للنصوص ؛ ليتوصلوا بذلك إلى حرب أهل السنة وتبديعهم ، ومن ذلك تعلقهم بلفظ " جنس " الذي لا وجود له في الكتاب والسنة ، مع تعلقهم بأصول فاسدة أخرى (9) ، ورفعوا لواءها حربًا على أهل السنة .
وفوزي يصف ربيعًا - وإخوانه أهل الحق ودعاته - : بأنهم مرجئة ، وخوارج وحدادية ، فأي مناقضة ومحاربة أشد لما يتظاهر به كذبًا من تأصيل للتمسك بالكتاب والسنة وإتباع السلف .
وقال في ( ص 7 ) : " قال الإمام أبو حاتم الرازي - رحمه الله - : ( علامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر ، وعلامة الزنادقة : تسميتهم أهل السنة حشوية يريدون إبطال الآثار ، وعلامة الجهمية : تسميتهم أهل السنة مشبهة ، وعلامة القدرية : تسميتهم أهل الأثر مجبرة ، وعلامة المرجئية : تسميتهم أهل السنة مخالفة ونقصانية ، وعلامة الرافضة : تسميتهم أهل السنة ناصبة ، ولا يلحق أهل السنة إلا أسم واحد ويستحيل أن تجمعهم هذه الأسماء ) " .
أقول : فكم عند فوزي وحزبه الحدادي الحاقد على أهل السنة كم عندهم من العلامات ؟
هو يريد تنزيل هذا الكلام على ربيع وإخوانه من أهل السنة وأنصارها والذابين عنها .
ويريد أن يوهم الناس : أن الفرقة الحدادية الضالة هم أهل السنة والجماعة ، وأن من ينتقد ضلالهم إنما ينتقد أهل السنة والجماعة ، وهذا من الدجل بمكان .
فمن أحق أن ينزل عليه هذا الكلام ؟ أهو من يرد الأباطيل والضلالات ؟ أم هم الحدادية ورؤوسها ؟ ومنهم فوزي البحريني الذي يصف أهل السنة حقًا بأنهم : خوارج ومرجئة وحدادية ؟
عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم ) . [ رواه مسلم في العلم ، حديث : 2668 ] .
والألد الخصم : هو الشديد الخصومة ، وما أشد الحدادية في الخصومة ، ولا سيما هذا البحريني الأفاك .
وقال فوزي البحريني في ( ص 21 - 23 ) : " وقال أبو عثمان الصابوني - رحمه الله - في " عقيدة السلف " : ( ص 305 ) : ( أنا رأيت أهل البدع في هذه الأسماء التي لقبوا بها أهل السنة سلكوا معهم مسلك المشركين مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ فإنهم اقتسموا القول فيه : فسماه بعضهم ساحرًا ، وبعضهم كاهنًا ، وبعضهم شاعرًا ، وبعضهم مجنونًا ، وبعضهم مفتونًا ، وبعضهم مفتريًا مختلفًا كذابًا ، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - من تلك المعائب بعيدًا بريئًا ، ولم يكن إلاّ رسولاً مصطفى نبيًا ، قال الله عز وجل : ﴿ انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ الأَمْثَالَ فَضَلُّواْ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً ﴾ . [ الإسراء : 48 ] .
وكذلك المبتدعة خذلهم الله اقتسموا القول في جملة أخباره ، ونقلة آثاره ، ورواة أحاديثه ، المقتدين بسنته ، فسماهم بعضهم حشوية ، وبعضهم مشبهة ، وبعضهم نابتة ، وبعضهم ناصبة ، وبعضهم جبرية .
وأصحاب الحديث عصامة من هذه المعائب برية ، نقية ، زكية ، تقية ، وليسوا إلاّ أهل السنة المضية ، والسيرة المرضية ، والسبل السوية ، والحجج البالغة القوية ، قد وفقهم الله - جل جلاله - لاتباع كتابه ، ووحيه وخطابه ، والاقتداء برسوله - صلى الله عليه وسلم - في أخباره ، التي أمر فيها أمته بالمعروف من القول والعمل ، وزجرهم فيها عن المنكر منها ، وأعانهم على التمسك بسيرته ، والاهتداء بملازمة سنته ، وشرح صدورهم لمحبته ، ومحبة أئمة شريعته ، وعلماء أمته .
ومن أحب قومًا ؛ فهو منهم يوم القيامة بحكم قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( المرء مع من أحب ) .
وإحدى علامات أهل السنة : حبهم لأئمة السنة وعلمائها ، وأنصارها وأوليائها ، وبغضهم لأئمة البدع ، الذين يدعون إلى النار ، ويدلّون أصحابهم على دار البوار .
وقد زين الله سبحانه قلوب أهل السنة ، ونوّرها بحب علماء السنة ، فضلاً منه جل جلاله ومنه ) ا.هـ .
قلت : وعلى هذا فقد جمع ربيع المدخلي الغالي سوأتين في رميه أهل السنة والجماعة بـ ( الخوارج ) ، و ( الحدادية ) ، و ( الرافضة ) ، و ( الباطنية ) ، وغير ذلك .
الأولى : فقد سلك مسلك أهل الشرك في رميهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، وهو - صلى الله عليه وسلم - من تلك المعائب بعيدًا بريئًا .
الثانية : وسلك مسلك أهل البدع في رميهم أهل السنة والجماعة ، وهم من تلك المعائب بعيدين بريئين . (10)
فقد أحدث ربيع المدخلي المبتدع أسماء شنيعة قبيحة ؛ فسمى بها أهل السنة يريد بذلك عيبهم ، والطعن عليهم ، والوقيعة فيهم ، والازدراء بهم عند أتباعه المرجئة .
فربيع تشبه بالمشركين والمبتدعين في رميه أهل السنة بهذه المعائب التي إذا لم يوجد لها مكان فيهم ردت عليه .
بحكم قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( لا يرمي رجلٌ رجلاً بالفُسوق ، ولا يرميه بالكفر ، إلا ارتدّتْ عليه ، إن لم يكن صاحبُهُ كذلك ) .
وقول رسول الله : - صلى الله عليه وسلم - : ( إذا قال الرجلُ لأخيهِ : يا كافر ؛ فقد باءَ به أحدُهُما ) .
وقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( أيما رجلٍ قال لأخيه : يا كافر ؛ فقد باء بها أحدُهُما ) .
وقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( ومن رمى مؤمنًا بكفرٍ ؛ فهو كقتله ) " .
أقول : إنه صحَّف بعض الكلمات من كلام الصابوني تصحيفًا يدل على غبائه .
(1) نقل الإمام الصابوني ما يطعن به المشركون في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : ( فسماه بعضهم ساحرًا ، وبعضهم كاهنًا ، وبعضهم شاعرًا ، وبعضهم مجنونًا ، وبعضهم مفتونًا ، وبعضهم مفتريًا مختلقًا كذابًا ) ، ثم برأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من هذه المعايب ، فجاء فوزي ؛ فصحَّف كلمة ( مختلقًا ) إلى مختلفًا ؛ فجعل القاف فاءًا .
(2) وذكر الإمام الصابوني طعون المبتدعة في حملة أخباره ونقلة آثاره ؛ فصحف قوله : ( حملة أخباره ) إلى جملة أخباره ؛ فجعل الحاء من حملة جيمًا .
تكرر منه هذا التصحيف في ( ص 7 ) ، وفي ( ص 21 ) .
(3) كل ما قاله الإمام الصابوني هنا مدح في أهل السنة ؛ فهو منطبق - إن شاء الله - على أهل السنة حقًا في هذا العصر ، وكل ما قاله من طعن في أهل البدع ؛ فهو منطبق على الفئة الحدادية الباغية المحاربة لأهل السنة بالكذب والفجور ، وإن أهل السنة السابقين واللاحقين لبراء من الحدادية وفجورها .
قال فوزي البحريني هنا - معلقًا على كلام شيخ الإسلام الصابوني - في الحاشية : ( وأهل السنة والجماعة في هذا العصر عصامة من هذه المعائب التي رماها بها ربيع المدخلي ، ومن قلده من المتعصبين له ، والله المستعان ) .
أقول : لقد كذبت وكذبت ، فالحدادية أعداء أهل السنة والجماعة ومتمردون عليهم ، ولهم أصول خبيثة ترميهم بعيدًا وبعيدًا عن أهل السنة والجماعة ، وما قاله فيهم ربيع وإخوانه حق ، وهم أحق به وأهله .
وما قاله الإمام الصابوني: ( ومن أحب قومًا ؛ فهو منهم يوم القيامة بحكم قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( المرء مع من أحب ) .
وقوله : ( وإحدى علامات أهل السنة : حبهم لأئمة السنة وعلمائها ، وأنصارها وأوليائها ، وبغضهم لأئمة البدع ، الذين يدعون إلى النار ، ويدلّون أصحابهم على دار البوار .
وقد زين الله سبحانه قلوب أهل السنة ، ونوّرها بحب علماء السنة ، فضلاً منه جل جلاله ومنه ) .
أقول : هذه العلامات إنما تنطبق على أهل السنة حقًا ، فهم يحبون أهل السنة وعلمائها وأنصارها من السابقين واللاحقين في كل بقاع الأرض مشارقها ومغاربها .
والحدادية أعداؤهم وأعداء علمائهم ، وهم من أشد الناس حربًا على أهل السنة وخذلانًا لهم في الشدائد ، كحال المنافقين في مواقفهم في الشدة .
وأهل البدع يستمدون طعونكم في أهل السنة ، ينقلونها من موقعكم إلى مواقعهم ، فأنتم وإياهم في خندق واحد في حرب أهل السنة .
بل هم ينزلون مقالات الصوفية التي يفترون فيها على ربيع ، وعلى أهل السنة .
(4) أن الأحاديث التي استشهد بها لا تنطبق إلا على فوزي البحريني وطائفته الحدادية .
قال فوزي في ( ص 12 - 13 ) : " قال ابن القيم - رحمه الله - في " إعلام الموقعين " : (4/192) مبيِّنًا حقيقة هذا المخالف في ألفاظه الكتاب والسنة : ( وتارة تُورَدُ عليه المسألة الباطلة في دين الله في قالب مزخرف ، ولفظ حسن ، فيبادر إلى تسويغها ، وهي من أبطل الباطل ، وتارة بالعكس ، فلا إله إلا الله ، كم هَهُنَا من مزلة أقدام ، ومحل أوهام ، وما دَعَى (11) محقٌّ إلى حَقٍّ ، إلاَّ أخرجه الشيطان على لسان أخيه ، ووليِّهِ مِنَ الإنس في قالب تنفر عنه خفافيش البصائر ، وضعفاء العقول ، وهم أكثر الناس ، وما حذر أحد من باطل ، إلا أخرجه الشيطان على لسان وليِّه من الإنس في قالب مزخرف يستخف به عقول ذلك الضرب من الناس ، فيستجيبون له ، وأكثر الناس نظرهم قاصر على الصور ، لا يتجاوزونها إلى الحقائق ، فهم محبوسون في سجن الألفاظ ، مقيدون بقيود العبارات ، كما قال تعالى : ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ ﴾ . [ الأنعام : 112 - 113] ا.هـ.
قلت : ومن أجل هذا كُلِّه ، ترى أقوال أهل السنة والجماعة المقتفين لأثر الصحابة الكرام ، والتابعين الكرام مطابقة لألفاظ الكتاب والسنة في ردودهم على المخالفين ، يتحرون ذلك غاية التحري ، فحصلت لهم السلامة ، ومن حاد عن سبيلهم ؛ حصل له الخطأ ، والزلل ، والتناقض ، والاضطراب في منهجه " .
أقول :
• أولاً : إن كلام الإمام ابن القيم إنما ينطبق على فوزي البحريني وحزبه الحدادي ، فكم وكم شوهوا الحق وأهله ؟ وكم لهم من زخارف للباطل بالكذب والخيانة والبتر ، ثم التلصق بالعلماء وأقوالهم ؟ ومن هذا التشويه للحق وأهله ، ومن هذه الزخرفة للباطل ما ارتكبه هذا الحدادي الغالي فوزي الأثري في هذا المقال ، ولا سيما تنزيله لأقوال أئمة السنة في أهل البدع والضلال على ربيع وإخوانه من أهل السنة .
فإنه والله أشبه بتنزيل الروافض لنصوص القرآن على أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - ، طعنًا فيهم ، وتكفيرًا لهم ، حيث ينزلون الآيات في اليهود والنصارى والمشركين والمنافقين على أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - ، ولا سيما أبا بكر وعمر - رضي الله عنهما - ، وينزلون كذبًا نصوص الوعيد للكفار بالنار والخلود فيها على أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وآيات الذم واللعن على أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - .
وهكذا سلك فوزي هذا المسلك الإجرامي لتنزيل نصوص أئمة السنة في الطعن في أهل البدع ، وبيان إفكهم على أهل السنة المعاصرين ، السالكين سبيل المؤمنين والصالحين ؛ في التمسك بكتاب رب العالمين وسنة خاتم النبيين .
ولن يصرفهم عن الحق زخارف وتهاويل المبطلين ، وأكاذيب وخيانات الضالين .
• ثانيًا : انظر إلى قوله عقب كلام ابن القيم قال : ( قلت : ومن أجل هذا كُلِّه ، ترى أقوال أهل السنة والجماعة المقتفين لأثر الصحابة الكرام ، والتابعين الكرام مطابقة لألفاظ الكتاب والسنة في ردودهم على المخالفين ، يتحرون ذلك غاية التحري ، فحصلت لهم السلامة ، ومن حاد عن سبيلهم ؛ حصل له الخطأ ، والزلل ، والتناقض ، والاضطراب في منهجه ) .
أقول : هذا واقع أهل السنة السابقين واللاحقين ، وأما الحدادية ومن رؤوسهم وغلاتهم فوزي ، فهم على النقيض من واقع أهل السنة السابقين واللاحقين .
فهم لا يتحرون في أصولهم ولا في ألفاظهم ولا في أخلاقهم ولا في ردودهم الكتاب والسنة ، فلهم أصول تخالف الكتاب والسنة ، ولهم مواقف شنيعة من أهل السنة السابقين واللاحقين ، ومواقف من أصولهم وأخلاقهم .
فمن أصولهم ما قد بيناه سلفًا .
ومن أخلاقهم الردود على أهل السنة بالكذب والخيانة ، وبتر النصوص وتحريفها ، وتحقير علماء السنة وتشويههم ، فهم بأعمالهم هذه ضد الكتاب والسنة ومنهج السلف ، ومن الصادين عن ذلك .
ومن عجائب هذا الرجل وتلبيساته التظاهر بالتزام منهج السلف والتمسك بالكتاب والسنة ، وواقعه وواقع حزبه بخلاف ذلك ، فما يدعيه في واد ، وهو وحزبه في واد بعيد .
سارت مشرقة وسرت مغربًا ... شتان بين مشرق ومغرب
ولقد تبين للقارئ الكريم : واقع هذا الرجل وتناقضه ومخالفته لدعاواه العريضة لما يتظاهر به كذبًا وزورًا من التمسك بالكتاب والسنة ، والتزام ألفاظهما ومعانيهما ، والسير على منهج السلف هو وحزبه الذين يسميهم كذبًا وزورًا ومكابرةً بأهل السنة والجماعة .
إن ذلك كله منه ومن أتباعه أباطيل وأكاذيب ، وتضليلات للهمج والأغمار ، فبئس ما يصنعون ويزخرفون .
• ثالثًا : انظر إلى قوله في الحاشية من هذه الصحيفة ( ص 13 ) : " قلت : وأنت لو ترى ما يحدث في " شبكة سحاب " الحزبية من زخارف الأقوال من التشويش على أهل العلم والطعن فيهم ، والبراءة من المسلمين ، والطعن في الأبرياء ، ونشر المخالفات الشرعية في الاعتقاد وغيره ، ودخول أعداء أهل السنة فيها تعرف حقيقة هذا الأمر اللهم سلم سلم .
قلت : فذرهم وما يفترون على مذهب أهل السنة والجماعة ؛ فإلى الله الموعد .
قال تعالى : ﴿ بَلْ إِن يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُم بَعْضًا إِلاَّ غُرُورًا ﴾ . [ فاطر : 40 ] " .
أقول : فهذا الكلام من أكذب وأفجر ما يقوله البشر ، وهذه صفاته وصفات حداديته ومواقعهم ، التي ما أنشئت إلا لتشويه السنة وأهلها وعلمائها ، فقد شوهوا علماء السنة في كل مكان ، وشوهوا المنهج السلفي بأصولهم القائمة على الجهل والكذب ومحاربة أصول أهل السنة ، وشوهوا علماء السنة حقًا أئمة الجرح والتعديل ، وشوهوا قواعدهم .
كل ذلك من أجل زعميهم فالح الحربي الذي نصحه علماء السنة من المدينة ومكة وجيزان ، واستنكر أفاعيله وأصوله علماء السنة في كل مكان .
واستنكروا أحكامه مثل قوله : فيمن يُحكِّم غيره في بعض القضايا التي يخالف فيها أهل الباطل أهل الحق : ( هذا كذَّب الكتاب والسنة والإسلام ) .
وقوله فيمن أبى تقليده في الانتخابات : ( هذا نسف الرسالات والكتب السماوية كلها ) .
ومثل دعوته إلى التقليد الأعمى الباطل الذي خالف فيه الكتاب والسنة وأئمة السلف .
وكم صدرت لهذا الرجل من الخيانات والكذب في خصومته لأهل الحق ؟
وأهل السنة ، وأهل " سحاب " هم الذين يتولون علماء السنة انطلاقًا من منهج السلف ، ومنهج الكتاب والسنة ، ويجلون علماء السنة ويحترمونهم ، وينشرون كتبهم ومقالاتهم وأشرطتهم ، ويذبون عن عقيدتهم ومنهجهم ، ويلتزمون أن لا ينشروا في " سحاب " إلا ما يوافق الكتاب والسنة ، ومنهج السلف الصالح ، ومن خاتلهم ، وأنزل مقالاً يخالف منهج السلف حذفوا مقاله ، وطردوه من المشاركة في " شبكتهم " السلفية حتى بلغت المحذوفات مئات المقالات .
وأما شبكة " الأثري " الحدادية ؛ فهي المعادية لعلماء السنة ، والمحرشة بينهم ، والساعية في تفريقهم وتمزيقهم وتشتيت شملهم .
ولا يغرنك ما تراه من تعلقهم ببعض العلماء المعاصرين ، فإن ذلك من كيدهم ومكرهم ؛ لأنهم يعتقدون أنهم لو أسقطوا كل علماء السنة لفضحوا ، وظهرت عداوتهم لأهل السنة وضوح الشمس ، وإذن ؛ فلا بد من الإبقاء على قليل منهم ، والتظاهر باحترامهم حتى تنجح خططهم ومكايدهم .
وهؤلاء القلة من العلماء كانوا الهدف الأول لسلفهم الحدادية الأولى ، فكم طعنوا فيهم ؟ وكم شوهوهم ؟ فلما سلكوا هذا المسلك سقطوا على أم رأسهم ، فاخترعوا ؛ واخترع رؤوسهم التظاهر باحترام هذه القلة من العلماء حتى لا يسقطوا مرة أخرى . (12)
وعندما يقول هؤلاء العلماء الحق الذي يخالف منهج هؤلاء الحدادية يسقطون أقوالهم ، ولا يقيمون لها وزنًا ، كما هي حالهم مع أقوال الإمام أحمد وإخوانه خاصة في قضية : " الإيمان والإرجاء " ، فهم لا يسيرون على طريقتهم فيهما ، ولا يسيرون على طريقتهم في احترام أهل السنة ، واحترام منهجهم ، والذب عنه وعنهم .
• رابعًا : قال فوزي البحريني في ( ص 19 ) : " قال الإمام حرب بن إسماعيل الكرماني - رحمه الله - في " المسائل " : ( ص 366 ) : ( أما الخوارج ؛ فإنهم يسمون أهل السنة والجماعة مرجئة ، وكذبت الخوارج ، بل هم المرجئة يزعمون أنهم على إيمان دون الناس ، ومن خالفهم كفار ) ا.هـ. " .
أقول : لو كان لهذا الرجل عقل لما نقل هذا النص الذي يفضحه وحداديته .
فهم يسلكون مسلك الخوارج في رمي أهل السنة بالإرجاء ، ويؤلفون لمحاربة أهل السنة المؤلفات القائمة على الكذب والتحريف لكلام أهل العلم والسنة .
فنقول : كذبت الحدادية ورثة الخوارج في حرب أهل السنة ووصفهم بالإرجاء ، فهم المرجئة ؛ لأنهم يرون أنهم هم على السنة ومن خالفهم من أهل السنة مرجئة ، وخوارج ، وروافض ، وباطنية ، فالخوارج أعقل وأكثر إنصافًا من فوزي البحريني ، وعصابته الحدادية الأثيمة .
• خامسًا : قال البحريني الظالم في سياق تنـزيله نصوص أئمة السنة على أهل السنة حقًا في ( ص 19 ) : " وقال الإمام حرب بن إسماعيل الكرماني - رحمه الله - في " المسائل " : ( ص 364 ) : ( أما الخوارج ؛ فمرقوا من الدين ، وفارقوا الملة ، وشردوا على الإسلام ، وشذوا عن الجماعة ، وضلوا عن سبيل الهدى ، وخرجوا على السلطان والأئمة ، وسلوا السيف على الأمة ، واستحلوا دماءهم وأموالهم ، وكفَّروا من خالفهم إلا من قال بقولهم ، وكان على مثل رأيهم ، وثبت معهم في دار ضلالتهم ... ) ا.هـ. " .
أقول : إن هذا البحريني ينزل هذا الكلام على أهل السنة المعاصرين الذين يحاربون الخوارج الذين هذه صفاتهم ليكفرهم ، وقد ظهر منه ، ومن فئته تكفير من هو بريء من البدع والكفر ، والتكفيريون الإرهابيون في العراق يستمدون هذا التكفير والرمي بالإرجاء من شبكة الحدادية ، ثم يكفرون أهل السنة في العراق ، ويستحلون دماءهم .
انظر إليه كيف ينزل هذا الكلام على أهل السنة ؟ وهو الآتي :
(1) قد مرقوا من الدين .
(2) وفارقوا الملة .
(3) وشردوا على الإسلام .
(4) وشذوا عن الجماعة .
(5) وضلوا عن سبيل الهدى .
(6) وخرجوا على السلطان والأئمة ، وسلوا السيف على الأمة ، واستحلوا دماءهم وأموالهم ، وكفَّروا من خالفهم إلا من قال بقولهم ، وكان على مثل رأيهم ، وثبت معهم في دار ضلالتهم .
فهذا بعض شره وفجوره ، فاعتبروا يا أولي الأبصار .
• سادسًا : قال البحريني في حاشية ( ص 19 ) : " والخوارج والمرجئة وقعوا في بدعة الولاية والبراءة . قال الإمام حرب بن إسماعيل الكرماني - رحمه الله - في " المسائل " : ( ص 365 ) : ( والولاية بدعة ، والبراءة بدعة : وهو (13) يقولون : نتولى فلانًا ، ونتبرأ من فلان ، وهذا القول بدعة فاحذروه ) . ا.هـ. " .
ثم قال هذا الأهوج الظالم : " فهؤلاء يتولون أهل البدعة ، ويتبرءون من أهل السنة " .
وأقول : ﴿ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا ﴾ . [ الكهف : 5 ] .
وأقول : إن الحدادية تأتي في هذا العصر في طليعة من يحارب ويعادي أهل السنة بضراوة وشراسة ، وسوء أخلاق وأكاذيب ، ويتبرأ منهم .
• سابعًا : قال البحريني في ( ص 19 - 20 ) من مقاله " الرعود الصواعقية " : " وقال الإمام حرب بن إسماعيل الكرماني - رحمه الله - في " المسائل " : ( ص 362 ) : ( ولأصحاب البدع نبز وألقاب وأسماء لا تشبه أسماء الصالحين ، ولا الأئمة ، ولا العلماء من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - ، فمن أسمائهم المرجئة : وهم الذين يزعمون أن الإيمان قول بلا عمل ، وأن الإيمان هو القول ، والأعمال شرائع ، وإن الإيمان مجرد ... ) . ا.هـ. " .
أقول : حكى الإمام حرب قول المرجئة في تعريف الإيمان ، ونقله عنه هذا الأهوج ؛ فلم يرتدع به هو ولا عصابته الحدادية عن رمي أهل السنة المحاربين للإرجاء وغيره من البدع بالإرجاء بل وبالرفض والتصوف والباطنية ، بل والتكفير لبعض علمائهم ، بل الرمي لبعضهم بالزندقة .
أيها الحاقدون أنتم مسالمون لأهل البدع بما فيهم الروافض والصوفية والعلمانيين والحزبيين ، وإن ذكرتم بعضهم ببدعة ؛ فإنما هو من ذر الرماد في العيون .
وأما هدفكم الأساسي والأول والأخير ؛ فهم أهل السنة حقًا ، فأنتم حرب عليهم ، لا تنقطع هذه الحرب ، ولا تقف عند حد .
وهي حرب قائمة على الكذب والخيانة ، والفجور والتمرد على الأخلاق الإسلامية والآداب الشرعية .
فلا توقرون علماء السنة وكبارهم ، ولا ترحمون صغارهم .
أيها الحاقدون على أهل السنة والجماعة : إن أهل السنة والجماعة من أبرز صفاتهم الإنصاف والعدل ، فهم يصفون المرجئة بأنهم مرجئة بحق ؛ حيث يخرجون العمل من الإيمان ، والإيمان عند بعضهم مجرد المعرفة ، وعند بعضهم الإيمان قول بلا عمل .
وعند مرجئة الفقهاء : الإيمان هو تصديق بالقلب ونطق باللسان ، والجميع يخرجون العمل من الإيمان ، وأن الإيمان عندهم لا يزيد ولا ينقص ، وأن إيمان أفسق الناس كإيمان جبريل وكإيمان محمد - صلى الله عليه وسلم - وأن الإيمان لا يتفاضل .
فهل وجدتم هذه العقيدة الضالة عند أهل السنة الذين تحاربونهم ، وتصفونهم بالإرجاء والإرجاء الغالي .
أهل السنة يحاربون الإرجاء بأصنافه ، ويقولون ويعتقدون قبل أن تولدوا : ( إن الإيمان قول وعمل واعتقاد ، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ) ، وهو الاعتقاد الذي أجمع عليه الصحابة ، والتابعون ، وأهل السنة على مدار القرون الإسلامية إلى يومنا هذا .
وأنتم معشر الحدادية الجاهلين الظالمين لم تقتنعوا بهذا التعريف المجمع عليه احتقارًا وازدراءً وتجهيلاً للسلف ، ولو كان لهم ولأقوالهم عندكم قيمة ووزن لما تجاوزتموها .
فزدتم شرطًا في تعريف الإيمان ، وهو : ( أنه ينقص وينقص حتى لا يبقى منه شيء ) ، وضللتم ورميتم بالإرجاء من لا يقول ويشترط ما اشترطتموه ، فكان شرطكم هذا متضمنًا التبديع للسلف ، ومتضمنًا لمخالفة إجماعهم ، وهذه هي البدعة العظيمة والفتنة الكبيرة ، ومن جهلكم وخبث طواياكم لا تدركون هذه البدعة ولا ما تنطوي عليه .
ستقولون : إن سفيان ابن عيينة قال : ( إن الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء ) .
فنقول : إن سفيان مع أهل السنة والجماعة يقول طوال عمره بما يقولون ، وفي مجلس واحد من مجالسه قرر عقيدة السلف من أن الإيمان يزيد وينقص ، فاستنكر أخوه ذكر النقصان من الإيمان ، فرد عليه في حالة الغضب ، وقال : ( إنه ينقص حتى لا يبقى منه شيء ) ، ولم يجعل ذلك شرطًا ، ولا ألزم به أحدًا .
فجئتم أنتم متقدمين بين يدي الله ورسوله ، وبين يدي إجماع الصحابة ، ومن بعدهم ؛ فاشترطتم أنه لا بد أن يقول القائل : ( الإيمان يزيد وينقص حتى لا يبقى منه شيء ) .
ونقول لكم يا أيها الجهال الفتانون : ما قاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( كل شرط ليس في كتاب الله ؛ فهو باطل ، وإن كان مائة شرط ) .
ستقولون : قال به غير سفيان من علماء السلف .
أقول : لم يثبت ذلك عنهم ، وإن ثبت ذلك عنهم ؛ فلم يلتزموه ، ولا جعلوه جزءًا من تعريف الإيمان ولا شرطًا .
وقد أقوله أنا أحيانًا ، ولا أجعله جزءًا من تعريف الإيمان ولا شرطًا ، وكنت أقوله قبل فتنة الحدادية ، ومن عجائب هذا الحدادي الغالي فوزي البحريني : أنه ينسب إليَّ أني قلت في درس من شرحي لـ " كتاب الإيمان من صحيح البخاري " : ( الإيمان قول وعمل واعتقاد ، ويزيد وينقص حتى لا يبقى منه إلا مثقال ذرة ، وأدنى أدنى من مثقال ذرة ) ، ويرميني مع هذا بالإرجاء ؛ لأني في زعمه لم أقل : ( حتى لا يبقى منه شيء ) ، انظر كتابه " القاصمة الخافضة " : ( ص 99 ) .
فالسلف الأولون ومن خلفهم كلهم يقولون : ( الإيمان قول وعمل يزيد وينقص ) ، ولا يقولون بهذه الزيادة ، وقليل من يأتي بها ، ولا يشترطها ، فالسلف في مذهب الحدادية مرجئة ؛ لأنهم جميعهم لا يقولون بهذه الزيادة ، ومن قالها في النادر ، وهم قليل لم يشترطوها ، ولم يلتزموها .
ثم إني في هذا الشريط الذي نسب إليَّ فيه هذا القول لم أقتصر على ما ذكره ، بل إني قلت : ( إن الإيمان ينقص ، وينقص حتى يصل إلى مثقال ذرة ، وقد يخرج من الإسلام ) ، فافترى عليَّ أني لم أقل بهذه الزيادة ، وحكم عليَّ بأني مرجئ ، فأي فجور هذا ، وأي كذب ومجازفة ؟
لا سيما إذا بلغ هذه الدرجة ، وهي تضليل أهل الحق والسنة من الصحابة ومن تبعهم بإحسان إلى يومنا هذا ؛ لأنهم لم يقولوا بهذه الزيادة التي ما فرضها إلا الحدادية .
ثم مع هذا البلاء العظيم زدتم إمعانًا في حرب أهل السنة أن من قال : ( الإيمان أصل والعمل فرع " كمال " ؛ فهو مرجئ ) ، فتضمن هذا رد نصوص من الكتاب والسنة ، وتضمن تضليل من قال بهذا من أئمة السلف الكبار ، وما كفاكم هذا الإمعان في الفتن حتى تعلقتم بلفظ " جنس " ، ولم تكتفوا بأقوال السلف في هذا الميدان ، فمنهم من يكفر تارك الصلاة ، ومنهم من يكفر تارك الصلاة ومانع الزكاة ، ومنهم من لا يكفر إلا تارك الأركان ، ومنهم من لا يكفر تارك الأركان ، ومنهم من يكفر تارك العمل بالكلية .
فضاقت عليكم هذه الأقوال كلها ، وتعلقتم بلفظ " جنس" الذي لا وجود له في الكتاب والسنة ، وحتى من أئمة اللغة من يراه دخيلاً على اللغة ، تعلقتم به لأجل الشغب والفتن والطعن في أهل السنة ، وتعلقتم به مثل تعلق أهل الأهواء ، فتقولون قال به فلان ، وقال به فلان ، وفلان ، وفلان بريئون من ظلمكم وباطلكم ، فهم ما أرجفوا به ، ولا حاربوا من أجله .
ومرادهم من إطلاقه غير مرادكم ، فإذا قال بعضهم : ( جنس الناس ، وجنس الدراهم ، وجنس الدنانير ، وجنس الحبوب ، وجنس العمل ) ، ومرادهم بعض هذا الجنس ، قلتم فلان ذكر لفظة " جنس العمل " ، وجعلتم من ذلك سيفًا مُسلطًا على أهل السنة .
فهذه بعض فتنكم وشغبكم على أهل السنة .
دع عنك الأصول الأخرى والأكاذيب والخيانات في النقل ، الأمور التي يأنف منها اليهود والنصارى ، ويسقطون بها كبراءهم من الوزراء ، ويهينون بها الرؤساء .
• ثامنًا : وقال في ( ص 20 ) : " وقال الإمام حرب بن إسماعيل الكرماني - رحمه الله - في " المسائل " : ( ص 355 ) : ( هذا مذهب أئمة العلم أصحاب الأثر وأهل السنة المعروفين بها ، المقتدى بهم فيهم ، وأدركت من أدركت من علماء أهل العراق والحجاز والشام وغيرهم عليها ، فمن خالف شيئًا من هذه المذاهب ، أو طعن فيها ، أو عاب قائلها ؛ فهو مبتدع خارج من الجماعة زائل عن منهج السنة وسبيل الحق ، وهو مذهب أحمد ، وإسحاق بن إبراهيم بن مخلد ، وعبد الله بن الزبير الحميدي ، وسعيد بن منصور ، وغيرهم ممن جالسنا وأخذنا عنهم العلم ؛ فكان من قولهم : الإيمان قول وعمل ونية وتمسك بالسنة ، والإيمان يزيد وينقص ، الاستثناء في الإيمان سنة ماضية عن العلماء ، وإذا سُئِلَ الرجل أمؤمن أنت ؟ فإنه يقول : أنا مؤمن - إن شاء الله - ، أو مؤمن أرجوا ، أو يقول : آمنت بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، ومن زعم : أن الإيمان قول بلا عمل ؛ فهو مرجئ ، ومن زعم : أن الإيمان هو القول والأعمال شرائع ؛ فهو مرجئ ، وإن زعم : أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص ؛ فهو مرجئ ، وإن قال : إن الإيمان يزيد ولا ينقص ؛ فقد قال بقول المرجئة ، ومن لم الاستثناء (14) في الإيمان ؛ فهو مرجئ ، ومن زعم أن إيمانه كإيمان جبريل أو الملائكة ؛ فهو مرجئ ، وأخبث من المرجئ ؛ فهو كاذب ، ومن زعم أن الناس لا يتفاضلون في الإيمان ؛ فقد كذب ، ومن زعم أن المعرفة تنفع في القلب ، وإن لم يتكلم لها ؛ فهو جهمي ، ومن زعم أنه مؤمن عند الله مستكمل الإيمان ؛ فهذا من أشنع قول المرجئة وأقبحه ... ) ا.هـ. " .
أقول :
(1) انظر إليه ، وهو ينقل أقوال أهل السنة : ( إن الإيمان قول وعمل ويزيد وينقص ) ، فلم يردعه هذا النقل عن هؤلاء الأئمة عن فرض وإيجاب ( حتى لا يبقى منه شيء ) ، وتبديع من لا يقول به ، فهؤلاء الأئمة ، ومن قبلهم حتى الصحابة مبتدعة مرجئة في حكم الحدادية وعقيدتهم ، قاتل الله أهل الجهل والبغي والهوى .
(2) نحن نقول بما قاله أئمة العلم والأثر ، وأهل السنة المعروفين بها المقتدى بهم من الذين أدركهم الإمام حرب ، والذين سبقوه في كل عقائدهم من الإيمان بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر ، والجنة ، والنار ، وعذاب القبر ، ونعيمه ، ونؤمن بأسماء الله وصفاته وأفعاله نثبتها كما جاءت في الكتاب والسنة ، ونؤمن بما دلت عليه هذه النصوص من غير تشبيه ولا تمثيل ولا تحريف ولا تعطيل .
نؤمن بهذا ، وغيره من عقائد الصحابة والسلف الصالح .
ونؤمن بأن الإيمان قول وعمل ؛ قول القلب واللسان ، وعمل القلب والجوارح ، ولا نخالفهم في شيء ، ونقول كما قال الإمام حرب : ( فمن خالف شيئًا من هذه المذاهب ، أو طعن فيها ، أو عاب قائلها ؛ فهو مبتدع خارج من الجماعة زائل عن منهج السنة وسبيل الحق ، وهو مذهب أحمد ، وإسحاق بن إبراهيم بن مخلد ، وعبد الله بن الزبير الحميدي ، وسعيد بن منصور ) .
ونزيد : ومحمد بن إسماعيل البخاري ، ومسلم بن الحجاج ، وأبا حاتم وأبا زرعة الرازيين ، وعبد الله بن أحمد ، والخلال جامع علم أحمد وغيرهم ، ومن تلاهم على نهجهم على مر العصور إلى يومنا هذا .
ونقول بقولهم : ( إن الإيمان قول وعمل ، ونية ، وتمسك بالكتاب والسنة ، وأن الإيمان يزيد وينقص ، والاستثناء في الإيمان سنة ماضية عن العلماء ) ... الخ .
ونقول : ( ومن زعم أن الإيمان قول بلا عمل ؛ فهو مرجئ ، ومن زعم أن الإيمان هو القول والأعمال شرائع ؛ فهو مرجئ - أي : لأنهم يقصدون بهذا القول : أن العمل ليس من الإيمان ) .
ونقول : إن من زعم أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص ؛ فهو مرجئ ، وأن من زعم أن الإيمان يزيد ولا ينقص ؛ فقد قال بقول المرجئة .
وأخيرًا نقول : ونؤمن بكل ما قاله الإمام حرب هنا وبكل حرف منه ، ومن نسب إلينا أو إلى إخواننا أهل السنة حقًا من هذه الأقوال الباطلة التي أدان أهلها الأئمة ؛ فقد كذب علينا ، وافترى علينا افتراءً مبينًا .
ومن العجائب أن يسوق هذا الأهوج المجازف هذه النصوص عن الإمام حرب وغيره إيهامًا للناس : أننا على خلاف عقيدة السلف في الإيمان وأحكامهم على أهل البدع ومنهم المرجئة .
ولا يقف عند هذا الحد الباطل الظالم ، بل يتجاوز ذلك إلى رمينا بأننا روافض ، وخوارج ، وباطنية ، ومرجئة .
فتجاوز التكفيريين بمراحل .
فأين هي السلفية من الحدادية ؟
وأين عدل أهل السنة وإنصافهم واحترامهم لأهل السنة وموالاتهم من هذه الفئة الباغية ؟
_____________________
الهوامش :
(1) صرح بهذا ( شيخهم ) فالح الحربي ؛ فأيده الحداديون ، ونشروه ، وحاربوا به أهل السنة .
(2) ومن البدهيات عند العلماء وطلاب العلم تسمية العقائد بأصول السنة ، أما العبادات ومنها : الصلاة والزكاة والصوم والحج والمعاملات والحدود بالفروع ، وهي موضوعات كتب الفقه ، وإن كان بعض أهل العلم قد يطلق كلمة " أصول " على أركان الإسلام ؛ فهذا لم يمنع العلماء من عدها من الفروع بالنسبة لأصول الاعتقاد ، ومنها الإيمان .
(3) كذا ( ! ) .
(4) كذا ( ! ) .
(5) كذا ( ! ) .
(6) كذا ( ! ) .
(7) يقصد بأهل السنة والجماعة الحدادية مثل : فكاري والمفرق والعامي ، وغيرهم من المجهولين وغيرهم من المحاربين لأهل السنة من وراء جدر ( ! ) .
(8) ليس لي أتباعٌ ولا مقلدون ، وإنَّما هم أتباع الكتاب والسنة ، وهم أهل علمٍ ونبل ، ويحاربون التبعية والتقليد الأعمى ، ولا أستبعد أنَّه يرميهم بالرفض والباطنية .
(9) انظر أصولهم في ( ص 1 - 4 ) من هذا الرد .
(10) كذا ( ! ) .
(11) كذا ( ! ) .
(12) أقول : لو كان عند هذا المعتوه ذرة من الإنصاف لوجه سهام النقد إلى أهل البدع الذين يجاورونه وإلى الحدادية وشبكتهم الأثيمة المحاربة لأهل السنة والمشوهة لعقيدتهم ومنهجهم .
(13) كذا ( ! ) .
(14) ولعله ( ومن لم يرَ الاستثناء ) .
تعليق