رفع الحجاب
عن آخر مخازي عبيد الجابري الكذاب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:فقد سمعت مقطعًا صوتيًّا لعبيد الجابري بتاريخ (4/ذي القعدة من هذا العام 1432هـ) جمع فيه شيئًا من العجائب والغرائب، والمضحكات والمبكيات، والكذب والتلبيس كما سنبينه في هذه الأوراق –إن شاء الله-.
فأقول مستعينًا بالله، طالبًا التوفيق والسداد منه جل في علاه:
لنا مع كلام عبيد الجابري وقفتان:
إحداهما: فيما يتعلق بكلامه في الصحابي الجليل كعب بن مالك –رضي الله عنه-، حيث قال: (لأنه لو مات هو رضي الله عنه مات مهجورًا، ومات ضالا مضلا، إلا أن يُنزل الله عليه عفوه).
فإنه حين سئل عن كلامه هذا أجاب بجواب يلقي فيه الحمل على غيره وهو الظلوم حيث قال: (فليس غريبًا أن يتتبع الكلام بحقد وحسد وكمد، فيحمل الكلام ما لم يحتمل، والمنصف يرد أول الكلام إلى آخره، يرد لحاق الكلام إلى سباقه، فيتضح له المراد ، هذا أولًا).
فأنت ترى في كلامه هنا أنه يتهم الغير بعدم فهم كلامه جيدًّا، وذلك بأنه لم يرد أول الكلام إلى آخره، فحمل الكلام ما لا يتحمل حقدًا وحسدًا وكمدًا.
ثم أتبعه بما يبين لكل منصف أنه هو المخطئ لا السامع، وأنه أجمل في الكلام فأخطأ، حيث قال: (ثانيًا: بالنسبة لمن اعتبر هذه زلة مني، فأنا لا أبرئ نفسي من الزلل، ولا أبرئ نفسي من الخطأ، ...إلى أن قال: نعم أنا قلت هذه المقولة وهي علنًا ليست في مجلس خاص، وقد قلتها فهمًا مني لما قاله كعب بن مالك رضي الله عنه، فهو خشي أن يموت على الضلالة، خشي أن يموت على الضلالة، فلما تأملت هذه العبارة فيما بعد، تبين أني أجملت فحصل خطأ).
أقول: فإذا علمت أنه خطأ وهو صادر منك، فلماذا تأتي بتلك المقدمة التي فيها التبرئة لنفسك من الخطأ، وتحميل غيرك بأنه حمل كلامك على غير وجهه.
فظهر بهذا: أن من انتقده وعدها زلة هو المصيب، لأنه هو فهم كلام كعب على غير وجهه الصحيح، وأنه هو الذي حمل كلام كعب بن مالك ما لا يتحمل، ثم حمَّل منتقديه ما هم منه براء.
ثم ذكر أنه أوضح الصواب فيما سيخرج مطبوعًا وأنه فرق بين إن مات كعب أولا أو مات بعد رسول الله فقال: (ثم يجب التفريق إن مات هو قبل رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فهذا في علم الغيب، لا يعلمه أحد، هل ينزل على النبي –صلى الله عليه وسلم- وحي يبرئه أو لا ينزل، أما إن مات رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ، فقد انقطع الوحي، الوحي ينقطع بموت رسول –صلى الله عليه وسلم- ، فلو مات رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وكعب مهجورًا، لبقي على الهجر، هذا لا إشكال فيه، هذا الذي يجب أن يفهم، وهذا الذي أقرره).
أقول: أما الفرق الأول فلا إشكال، وأما الثاني ففيه إشكال، وذلك أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- إن مات وهو هاجر شخصًا لكفر أو فسق ثم تاب بعد ذلك توبة صادقة وتنصل مما وقع منه، فلا يحكم عليه بأنه إن مات مات ضالًّا، وإنما أمره إلى الله، والله عزوجل يقول: [ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون]، فالله عزوجل قيده بموته على الكفر، وأن من رجع وتاب لا تشمله الآية إن صدق وأحسن. ثم ما هي ثمرة الطنطنة في هذه المسألة.
والوقفة الثانية: فيما يتعلق بكلامه على شيخنا الكريم الناصح الأمين أبي عبدالرحمن يحيى بن علي الحجوري –كان الله له-، وهي على عدة فقرات:
الأولى: قوله: (لا أنصح بالقدوم على مركز دماج ما دام الحجوري قائما عليه، فإنه حوّله من مركز سنة إلى مركز بدع ومحدثات ووقاحات).
الثانية: قوله: (ومن أواخر بواقعه قوله: إن الصحابة شاركوا في قتل عثمان. ومنها قوله :إن أهل بدر عصوا الله معصيتين. إلى ما لا يحصى من البواقع والبواطيل التي تدل على أحد أمرين:
إما أن الرجل دسيسة على أهل السنة ولم تجد هذه الدسيسة ولا من يَؤُزُّها إلا بعد موت الشيخ مقبل رحمه الله. الثاني الجهل، وإن كان يدعي أنه من أهل الحديث).
الثالثة: قوله: (فهو رجل، بذئ، فحاش، طعان، كذاب).
الرابعة: (وفي مركز دماج أناس مساكين لا مأوى لهم، نعم فهم مضطرون إلى الإقامة، وهم كارهون على تقريرات يحيى الكاسدة وأصوله الفاسدة).
الخامسة: (الرجل يعني: تكلم أولًا في الجامعة الإسلامية -حرسها الله- كلاما سيئًا وصل إلى تحريم الدراسة فيها، وأنها حزبية بحتة، فأنا رددت عليه في هذا، فرد عليَّ، ثم بعد ذلك بلغتنا عنه كلمات فاحشة فحش ووقاحة نعم، فحذرنا منه ومن بدعه).
السادسة: (أن نشأته ليست علمية، نشأة الحجوري سوقية، لأنه كان يعمل في المملكة العربية السعودية أعمالًا، كان يعمل حرفيا، فرواية تقول: إنه كان يعمل في ورشة سيارات. ورواية تقول: إنه يعمل في محلات رخيصة السعر يسمونها: كل شيء بريالين أو كل شيء بخمس ريال وهكذا).
السابعة: (لما حدثت حرب الخليج الثانية، ودعت الحكومة اليمانية رعاياها من السعودية إلى العودة عاد هو ... عاد فحضر إلى مركز دماج).
الثامنة: (طرده الشيخ مقبل-رحمه الله– حدثت منه تصرفات جعلت الشيخ يطرده، فتوسط له بالبقاء أخونا الشيخ عبدالرحمن بن عمر بن مرعي، توسط له فأصلح بينهما، واستعطف الشيخ مقبل على أن يبقى يحيى الحجوري، فبقي حتى مات الشيخ، وجعله وصيًّا يعني: جعله على المركز نعم).
التعليق:
أما الفقرة الأولى: وهي أنه لا ينصح بالقدوم على دماج ما دام الشيخ يحيى قائمًا عليه، لأنه حوله إلى مركز بدع ومحدثات ووقاحات. فهو هراء مفضوح، لا معنى له ولا مقدار يا عبيد عند السلفيين باليمن وفي غيرها من فضل ربي، نصحت أم لم تنصح، سكت أو تكلمت، كله سواء، فإنه ليس لك في دعوة أهل السنة باليمن ناقة ولا جمل، وما تضر بكلامك إلا نفسك، لأنك رجل معتدٍ باغٍ على تركة شيخنا الإمام الوادعي –رحمه الله- وعلى الخير الباقي من بعده والذي لا نظير له في العالم، وعلى دعوة سلفية هائلة، والله عزوجل يقول: [يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم]، ويقول: [وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله]، ويقول: [إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها]، ومن صُرف عن هذا الخير بسبب قولك –ممن لا يفهم ولا يميز وهم أقل من القليل- فأذكرك بقول الله تعالى: [ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم].
ألا تتعظ يا عبيد وقد كبر سنك، ورق عظمك، وضعف بدنك، أم أنه حقد وحسد ملئ به صدرك، ولفظ به لسانك، فلتمت به كمدًا، [قل موتوا بغيظكم].
أم أنه سفه أصابك في الشيخوخة والله المستعان فحالك إذًا كما قيل:
وإن سفاه الشيخ لا حلم بعده *** وإن الفتى بعد السفاهة يحلم
وكما قال صالح بن عبدالقدوس:
والشيخ لا يترك أخلاقه ***حتى يوارى في ثرى رمسه
إذا ارعوى عاد إلى جهله *** كذي الضنى عاد إلى نكسه
وإن من أدبته في الصبا *** كالعود يُسقى الماء في غرسه
حتى تراه مورقًا ناضرًا *** بعد الذي أبصرت من يبسه
إذا ارعوى عاد إلى جهله *** كذي الضنى عاد إلى نكسه
وإن من أدبته في الصبا *** كالعود يُسقى الماء في غرسه
حتى تراه مورقًا ناضرًا *** بعد الذي أبصرت من يبسه
وقال ثالث:
قد ينفع الأدب الأحداث في مهل *** وليس ينفع بعد الكبرة الأدب
أم أنه تعنت وعناد لا ينفع معه بعد الصبر الغير مجدي إلا الكي والتخشين، والله يقول: [وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير الصابرين]، ويقول: [وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين].
أم أنه الكِبْر الذي به يُرد الحق، ويُحتقر أهله، فيصرف صاحبه عن الخير، ويجرفه إلى الشر، لسوء نيته، وخبث طويته –عياذًا بالله- [سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق].
أم أنه طيش وتيه وتعجل، وتلقف من الأحداث، فتهدم به ما قد بنيت، وتجتز به أصول ما رفعت، فيعقبك الندم والحسرة، فليكن من الآن قبل فواته.
أم أنه الكِبْر الذي به يُرد الحق، ويُحتقر أهله، فيصرف صاحبه عن الخير، ويجرفه إلى الشر، لسوء نيته، وخبث طويته –عياذًا بالله- [سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق].
أم أنه طيش وتيه وتعجل، وتلقف من الأحداث، فتهدم به ما قد بنيت، وتجتز به أصول ما رفعت، فيعقبك الندم والحسرة، فليكن من الآن قبل فواته.
وما الناس إلا عاملان فعامل *** يُتَبِّر ما يبني، وآخر يرفع
ثم لو كنت صادقًا في أن خصومتك مع شيخنا الكريم كانت لأجل الدين لما قلت: (ما دام يحيى عليها قائمًا) ولقلت –حسب زعمك الفاسد وقولك الكاسد-: (ما دام يحيى مصرًّا على ما أنكرناه عليه)، فلما علقت تحذيرك من الدراسة في دار الحديث بدماج بشيخنا الكريم عرفنا أنها خصومة حسد، لماذا الناس يقبلون على يحيى؟ ويأخذون عن يحيى؟ ويزدحمون على يحيى؟
كل العداوة قد ترجى مودتها *** إلا عداوة من عاداك من حسد
جعلتَ قضية الجامعة الإسلامية سلمًا لتعتلي به على أصحاب الهمم العالية، والأخلاق السامية، فسقطت منه على أم رأسك، وانكشفت عورتك في أواخر عمرك، فهلا اعتبرت!
وأما قولك: (لأنه حوله إلى مركز بدع ومحدثات ووقاحات) فهذرمة لا برهان عليها ولا حجة، وإلا فسمِّ لنا شيئًا من بدعه ومحدثاته –المزعومة- لنحذره عن علم لو كنت صادقًا، أما أن تلجأوا إلى ما شغب به أبو الحسن المفتون، ونعمان الموتور، وفالح المعتوه، والبكري المغمور، فأين أنتم من يومها، أم أن الدور على شيخنا لم يأتِ بعد؟!
وأما قولك: (ووقاحات) أتقصد كقولك في الليبيين والجزائرين (بأنهم حمير إلا من رحم الله)، أم قولك للآخر: (أنت بقرة والَّاحمار)، أم قولك للثالث: (بقر بقر) نبئوني بعلم إن كنتم صادقين.
أم تعني جرحه لأهل الباطل، وتحقيره لدعاة البدعة من صوفية وشيعة وإخوان مفلسين وحسنيين وقطبيين، أم تريد كشفه لحقيقة جلسائك الصالحين حملة الدعوة الخلفية؟!!! الذين أحاطوا بك، واستغلوا فراغك، يا شيخنا يا شيخنا، فلما استسمنت ورمًا، وشعروا بحصول الثقة بهم، أفاضوا عليك من كاسد بضاعتهم، وفاسد أقوالهم، فصرت تهذي بما لا تدري، وتهرف بما لا تعرف.
وأما الفقرة الثانية وهي: أن من أواخر بواقعه: أن الصحابة شاركوا في قتل عثمان. أو أن أصحاب بدر وقعوا في معصيتين.
فنقول: الرجل إعلامي، هكذا يصرح بأن ما ذكره من أواخر ....فهو بين أمرين:
أحدهما: أنه يتعمد الكذب من غير حياء، حيث يقول: (من أواخر) وإنما هي قضية لها عشر سنين تقريبًا أثارها الحسنييون ثم البكريون ثم الفالحيون، ثم المرعيون، يتفننون في ذكرها وعرضها لقصد التنفير.
والأمر الآخر: أنه أُتي من جهة تعجله وعدم تثبته، فيطلق هذه العبارة هكذا على عواهنها من غير تحرٍّ وأمانة، وأعرضوا عن إفصاح شيخنا –حفظه الله- في هذه القضية في بعض دروسه لغرض التشويه بكل ما أتوا من قوة، [ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين][ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله].
ثم إنك تلحظ أن القوم ليسوا أهل أمانة في النقل، وذلك: أنهم ينسبون لشيخنا الكريم أنه يقول: الصحابة شاركوا في قتل عثمان. هكذا بهذا الإطلاق (الصحابة) وإنا لنتحداك يا عبيد أنت ومن يلقنك أن تثبتوا هذا عن شيخنا يحيى –حفظه الله-، ليعلم المنصف مدى صدقك وضبطك، أين الأمانة في النقل؟ أين التحري في اللفظ؟ أين التثبت في العزو؟ أما تخشون من قول رسول الله–صلى الله عليه وسلم-الذي رواه أبو داود عن ابن عمر: «من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله، ومن خاصم في باطل وهو يعلمه لم يزل في سخط الله حتى ينزع عنه، ومن قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال».
وقد أبان الأخ حسين الحجوري تخرصاتهم وتلفيقاتهم وتحريفاتهم لكلام شيخنا يحيى –حفظه الله-، فراجعه فإنه مهم.
وأما قضية غزوة أحد وليست بدر كما يقول عبيد، فقال ابن كثير في تفسير قول الله عزوجل: [أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم]: يقول تعالى: [أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ] وهي: ما أصيب منهم يوم أُحد من قتل السبعين منهم [قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا] يعني: يوم بَدْر، فإنهم قتلوا من المشركين سبعين قتيلًا، وأسروا سبعين أسيرًا [قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا] أي: من أين جرى علينا هذا؟ [قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ]... إلى أن قال: وقال محمد بن إسحاق، وابن جريج، والربيع بن أنس، والسديِّ: [قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ] أي: بسبب عصيانكم رَسُول الله –صلى الله عليه وسلم- حين أمركم أن لا تبرحوا من مكانكم فعصيتم، يعني بذلك الرماة. اهـ
وقال الإمام ابن باز–رحمه الله- في مجموع فتاواه (5/317): ولهذا نبههم بقوله سبحانه: [أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ] فإذا كان الرسول وأصحابه تصيبهم عقوبات الذنوب, ويبتلون كما يبتلى غيرهم, فكيف بغيرهم؟. اهـ وانظر: تفسير ابن جرير وابن المنذر والدر المنثور لهذه الآية.
ونقول لعبيد المفتون: ما هو وجه ذكرها فيما تسميه ببواقع يحيى؟! هلا أتحفتنا.
وأما الفقرة الثالثة: وهي رميه لشيخنا الكريم –حفظه الله- بأنه بذيء وفحاش وطعان وكذاب فهو –أعني: عبيدًا- أحق بها، وأهل لها، كما عرفت من رمية لأكثر الليبيين والجزائرين بأنهم حمير، وللآخر بأنه بقرة أو حمار، وللثالث بأنهم بقر بقر، وهذا من البذاءة والفحش كما لا يخفى، ولما كان رميه لشيخنا بما ليس فيه وما هو منه براء كما عرفت وكما ستعرف علمت بأنه هو الطعان الكذاب، فعاد السهم إلى النزعة.
وأما الفقرة الرابعة وهي: أن في مركز دماج أناسًا مساكين لا مأوى لهم، وأنهم مضطرون إلى الإقامة، وهم كارهون على تقريرات يحيى الكاسدة وأصوله الفاسدة. فيرده قوله: (ولهذا أنا لا أنصح بالقدوم على مركز دماج إلا إذا غاب يحي وخلف الشيخ مقبل -هكذا وصوابه مقبلًا- رجل يحسن تقرير الإسلام والسنة عاقل، ورع، تقي، محقق، أو إذا وجد الآن رجل متحرر لا يخضع ليحي وهذا معدوم الآن).
فنقول له كما قلنا معلقين عليه في مقال لنا بعنوان (عبيد الجابري ومجازفاته العجيبة): أهكذا تسعى بتجلد لا نظير له من سائر الحزبيين، لتهدم دعوة هائلة وثروة علمية كبيرة تركها الإمام الوادعي -رحمه الله ورفع درجته- في بلاد اليمن من أجل ظنون وهواجس؟! أذهب عقلك؟! أم زل فهمك؟! أهكذا تنفي وبلا هوادة، وبهذا الإطلاق وجود (عاقل) (ورع) (تقي) (محقق)؟!
وإنا لنبشر أهل السنة في كل مكان بأن هذا الكلام ليس له أثر، وإن لم تصدق فاذهب إلى دار الحديث بدماج ترَ يقين الخبر، وصدق القائل إذ يقول:
يا ناطح الجبل العالي ليوهنه *** أشفق على الرأس لا تشفق على الجبل
إن الذي يناطح بالباطل أهل الحق والعلماء ومشايخ السنة ومعقل السلفيين فياليمن سيؤول مصيره إلى تحطيم نفسه، كما قال هذا الوصابي فتحطم وتحطم غيره،والسعيد من اتعظ بغيره! إنها دعوة الله فاحذروا منازعتها.
وأما الفقرة الخامسة وهي: أنه لما بلغه أن شيخنا تكلم في الجامعة الإسلامية، وحرم الدراسة فيها، وأنها حزبية بحتة، رد عليه، فرد عليه شيخنا، فزعم عبيد أنه بلغته بعد ذلك كلمات فاحشة، فحذر منه ومن بدعه.
فالجواب عليه: أن شيخنا فعلًا تكلم في الجامعة الإسلامية بأنها تغيرت، ولم ينفرد بهذا القول، ولم يحرم الدراسة فيها تحريمًا مطلقًا كما بينه في رده على عبيد المسمى بـ: (التوضيح لما جاء في التقريرات العلمية والنقد الصحيح) مما لا مجال للمناقشة بعده، ولذا انقطع عبيد وأصحابه عن الرد والإجابة، وأصابتهم الكآبة، حتى أثاروه بعد فترة وسألوه عن جواب شيخنا عليه فأجاب من غير بسملة ولا حمدٍ: بأن شيخنا (سليط اللسان، فاحش القول) فمن حينها عرف كل منصف بأنه مدفوع لا ناصح، وأنه قفز قفزة من تبادل النصح إلى طريق التجافي والتعنت والتنفير بالباطل والفرقة وإشاعة الفتنة.
وأما قوله بأنه بلغه عنه بعد رده فحش في أقواله، وأنه لهذا حذر منه ومن بدعه. فكذب يبينه قوله في كلمة مسجلة كانت في اجتماع المرعيين بالشحر عام 1428هـ: (ونحن نسمع اليوم من إخوة لنا نرى أن السنة جمعت بيننا وبينهم: من شناعة العبارة، وسوء القول، والفحش في القول، بما يربأ العامي أن يخاطب به عاميًّا آخر، فكيف من ينتسب إلى العلم؟! ربما شنع واحد منهم على آخر في مسألة من موارد الاجتهاد، ترجح عنده غير ما ترجح للطرف الآخر: (مخذول)، (جاهل)، (يجب أن يطلب العلم...إلى أن قال: والمقصود: أن العالم يجب عليه أن يدعو الناس بالحكمة والموعظة الحسنة، وأن يجتهد في رد الناس إلى الأمر الأول، وأن يكون على الرفق ما أمكنه ذلك، فإذا أعياه الناس واحتاج الأمر إلى تعنيف فلا يكن ذلك على حساب السب والشتم، وبذاءة الكلام، ووقاحة المنطق، وإنما بالقوة العلمية).
فهذه الكلمة من سمعها عرف منها أنه يعني: شيخنا الكريم يحيى الحجوري –حفظه الله- بعدما حصلت الردود بينه وطلابه مع ابني مرعي وشلتهم. فهو يوضح أنه ما تكلم فيما يتعلق بقضية الجامعة الإسلامية إلا للتوصل إلى مقصوده وهو التحذير من دار الحديث بدماج، ولذا ختم كلمته بقوله: (ونحن على استعداد إن شاء الله إلى إجابة دعوتكم إذا دعوتمونا لما ترونه من نصرة؛ لما ترونه من التعاون بيننا وبينكم على نصرة التوحيد والسنة).
وأما الفقرة السادسة وهي: أن نشأة شيخنا –حفظه الله وكان الله له- ليست علمية، وإنما سوقية، لأنه كان يحترف في السعودية فرواية تقول: إنه كان يعمل في ورشة سيارات. ورواية تقول: إنه يعمل في محلات رخيصة السعر يسمونها: كل شيء بريالين أو كل شيء بخمس ريال وهكذا).
فمردود من عدة أوجه:
أولها: أنه يتكلم عن شيء لم يدركه ولم يره، والله عزوجل يقول: [ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا].
ثانيها: أن مخبره مجهول، ولعله يتكلم عن شيء لم يدركه ولم يره، بل هو كذلك وإلا لسماه، لكن لعله من أصحاب حملة الدعوة الخلفية، لهذا امتنع عن تسميته؟!!!.
ثالثها: أن اختلاف الروايات يدل على أنها مختلقة مصطنعة.
رابعها: أن شيخنا قد كذبها علنًا.
خامسها: أنها لا تُعد –لو كان كما قلت- نقصًا ومذمة وجرحًا كما بينه شيخنا العلامة يحيى الحجوري في رده على عبيد الجابري بيانًا شافيًا.
وأما الفقرة السابعة: وهي أنه أتى دماج بعد حرب الخليج الثانية، فكذب وافتراء بينه شيخنا الكريم، ويشهد كل من جاء مبكرًا من المنصفين المتجردين للحق بكذبه، فإننا لم نأتِ دماج في عام 1415هـ إلا وشيخنا يحيى من المقدمين المبرزين، وقد كان يوليه شيخنا الإمام الوادعي مهام التدريس أحيانًا، ويحيل إليه، وربما تعرض الأسئلة على شيخنا –رحمه الله- فيجيب، وفي آخرها يقول: هل عندك يا أبا عبدالرحمن شيء؟ فإن كان عنده تنبيه نبه.
وإننا لنعجب من عبيد الجابري أن آل أمره إلى أن يكون أخباريًا قصاصًا، ولا ندري ممن يتلقف مثل هذه الأخبار والدعايات والافتراءات وكأنه مخابرات! وصدق الله إذ يقول: [فماذا بعد الحق إلا الضلال]، والنفس إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل.
وأما الفقرة الثامنة: وهي أن شيخنا الإمام الوادعي طرده حيث صدرت منه بعض التصرفات، وأن عبدالرحمن العدني، توسط له فأصلح بينهما، واستعطف الشيخ مقبلًا على أن يبقى يحيى الحجوري، فبقي حتى مات الشيخ، وجعله وصيًّا على المركز.
فهذه قصة مخترعة خيالية لعله رآها في منامه لكثرة انشغاله بالتحريش فظن أنها في اليقظة ولم يميز.
أو أنها في شخص آخر فاشتبه عليه.
أو أنه تعمد تلفيقها فتعين على العدني عبدالرحمن أن يتنصل منها.
أو أن عبدالرحمن أو أحد جلسائه الصالحين! لقلنه إياها، وهذا يلزم منه أن عبدالرحمن خائن لأنه أقسم قسمًا مغلَّظًا أنه ما يعلم منذ طلب العلم رجلًا أعظم كذبًا ولا مكرًا ولا فجورًا ولا مرواغة من يحيى الحجوري. فكيف يشفع له في البقاء وهو يعلم هذا عنه لو كان صادقًا في يمينه أو صادقًا في خبره على حسب ما نقله عبيد. وأين هذه الغيرة المبهرجة في السنين الماضية يا عبدالرحمن؟!! لقد عرف المنصفون مقدار دعوتك في عدن ونواحيها، فلا تتشبع بما لم تعط، وأما أن في مركز الفيوش (الحشوش) دروسًا كدرس كذا وكذا وكذا، فقد نُقل نحوها عن أخيك عبدالله وهُوِّلت، فانظر إلى ما صار إليه من الضياع –هو ومن معه- فلا محاضرات ولا دروس، ومن حين إلى آخر يحصل استيراد لبعض من يُطمع فيه أنه يحركهم فيبوء بالفشل والخمود، وسل ساحل حضرموت ينبيك عن دعوتهم التجارية الاستشمارية الخاسرة.
والخلاصة:
أن هذه القصة التي أوردها الأخباري الإعلامي عبيد مكذوبة مخترعة، يشهد بتكذيبها الواقع، فلو كانت –كما يزعم عبيد المجنون- للزم أن يرمى شيخنا الإمام الوادعي –رحمه الله- بأنه مغفل، إذ كيف يمكِّن شخصًا ظهرت منه تصرفات غير مرضية على أعظم شيء يخلفه بعده.
فاتق الله يا عبيد، وأشفق على نفسك، ودع عنك قصص المجانين، والحكايات كحكايات المخزنين، ما بقي لكم حجج إلا الكذب والافتراء، فإنها من أظهر علامة المبتدعة.
كفاك طعنًا أنت ومحمد بن هادي وكل حاقد حاسد في شيخنا الإمام الوادعي –رحمه الله- أحدكم يصرح، وآخر يلمح.
كفاكم تطاولًا على تركة شيخنا الإمام الوادعي –رحمه الله- وخليفته العلامة يحيى الحجوري –حفظه الله ونصره على عدوه- وطلابهم البررة، فإن أقلامنا دونهم بالحق تدافع، ولجهودهم في نصرة الكتاب والسنة والمنهج السلفي تنافح، فإنه من النصيحة لهم كما في حديث تميم في صحيح مسلم. لأن أيديهم على أهل اليمن وغيرها بيضاء، ودعاة البدعة والحزبية تعمل في الخفاء، فهتكوا أستارهم، وكشفوا عوارهم، بالحكمة والموعظة الحسنة، فصارت لهم -بفضل الله ومنته- الصولة والجولة، ولا زالوا جادين، وعلى السنة سائرين، وبمنهج السلف عاملين وداعين، فلم يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم، نطقوا بالحق وصدعوا به، ولجلج أهل الباطل وجبنوا وعجزوا عن إبراز الحجج فانقمعوا به: [بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق].
يا عبيد وابن هادي وبخاري العدنيين ما بقي من الناس أمامكم تنالون منه إلا مشايخنا الأعلام، ودار الحديث بدماج معقل السلفيين، أما تستحون وقد نخر في مدارسكم وجامعاتكم الإخوان المفلسون، وأهل البدع، والواحد منكم لا يستطيع أن ينكر إلا في المجالس الخاصة وعلى حذر! وأما على دعاة السنة ومعاقلهم فتستطيلون.
أقلوا عليهم لا أبا لأبيكم *** من اللوم أو سدوا المكان الذي سدوا
أما ترون دخول الشر في أوساطكم باسم تحرير المرأة، وإعطائها حقها، وأن دعاة الفساد يسيطرون على البلاد بأفكارهم ومناهجهم، فأين مواقفكم المشرفة، وإنكاركم المتتابع على جحافل الشر التي تتدفق إلى أرض الحرمين التي عرفت بالتوحيد والسنة.
واعجبًا لكم تعتدون وتبغون على معقل السلفيين بدماج ومؤسسها وخليفته وطلابهما ثم ترمون من رد بغيكم وعدوانكم، وقشر لكم العصا جزاء فعلكم، بأنواع من التهم التي هم منها براء، ألا تخافون من قول الله عزوجل: [ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل * إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم]، هذا إذا كان في الدنيا فكيف بأمر الدين والحق والدعوة.
وإننا لنبشر أهل السنة في كل مكان أن دعوة أهل السنة في اليمن تمضي قدمًا –ولله الحمد والمنة- فمساجدهم بالدروس والمحاضرات عامرة، ومجالسهم في نصرة الحق شاهرة، وسيوفهم لأهل الفتنة باترة، فأهل البدع والأهواء من الخوارج والرافضة والمعتزلة والحراك في فتن المظاهرات والمسيرات والاعتصامات والقتل والقتال على الكراسي، وأهل السنة يبذلون النصيحة للصغير والكبير ولا يجبنون، وبآي الكتاب وأقوال الرسول –صلى الله عليه وسلم-يستدلون ويستندون، وبأقوال الصحابة يستنيرون، وإلى الحق يرشدون، لا يخافون في الله لومة لائم، لأنهم يؤمنون بقوله تعالى: [يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم] وبقوله: [ولينصرن الله من ينصره].
وإننا لنهيب بكل سلفي ناصح حريص على الدعوة السلفية أن يعرف لشيخنا الإمام الوادعي –رحمه الله- حقه وجهاده وفضله وعلمه ونصرته للسنة وقمعه للبدعة وتجديده للدين، ولخليفته العلامة شيخنا المبارك يحيى الحجوري –حفظه الله- نصحه وجهده وصبره وفقهه وشجاعته، ولمعقل السلفيين دار الحديث بدماج نفعها وثمرتها وفائدتها وخيرها.
فإن من مس أحدًا من علمائنا الأحبار، والطلبة الأخيار، ودارنا بشيء من الغمز أو اللمز بغير حق ولا آثار، فلا يلومن إلا نفسه، فإننا سندافع عنهم –ما عشنا إن شاء الله ونسأله الثبات حتى ننلقاه- بلا هوادة، بأنفسنا وأموالنا وأعراضنا، ونرد الباطل على صاحبه كائنًا من كان، قال الله سبحانه: [لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعًا عليمًا].
إذا ما عيون المرء لاقت أحبة *** على السنة الغراء أرست أصولها
تَرَ الوجه مسرورًا كشمس مضيئة *** وبالقلب إبهاج أنار جمالها
سلام أيا دماج دارًا وقلعةً *** بها أنجم يحيى تراه هلالها
بها العلم في شتى الفنون بديعة *** عروس لها الطلاب شَدَّت رحالها
بها الدين صافٍ ما غشته غرابة *** ولا بدعة كلا أيا غِرُّ نالها
ولكن غشت أذناب حقد فأشربوا *** كؤوس الهوى والمكر أمست عقالها
وأما شيوخ الحق كالطود شامخ *** فلا زلزلتهم بل أبانوا ضلالها
وساروا أمامًا في العلوم بهمة *** وفي وطأة الإعصار أضحوا جبالها
وأما ابن مرعِيٍّ ففسل وحزبه *** (بوحل) فأبدى بالتخفي هزالها
كذاك ابن هاديْ والبخاريْ وقبلهم *** عبيد بدجل والوصابيْ حَبَا لها
فعادوا هُزالى خائبين بخسة *** بفضل من الرحمن ذاقوا وبالها
فيا معشر الحساد كفوا وأربعوا *** فما البغي يخفى والكتاب حوى لها
تَرَ الوجه مسرورًا كشمس مضيئة *** وبالقلب إبهاج أنار جمالها
سلام أيا دماج دارًا وقلعةً *** بها أنجم يحيى تراه هلالها
بها العلم في شتى الفنون بديعة *** عروس لها الطلاب شَدَّت رحالها
بها الدين صافٍ ما غشته غرابة *** ولا بدعة كلا أيا غِرُّ نالها
ولكن غشت أذناب حقد فأشربوا *** كؤوس الهوى والمكر أمست عقالها
وأما شيوخ الحق كالطود شامخ *** فلا زلزلتهم بل أبانوا ضلالها
وساروا أمامًا في العلوم بهمة *** وفي وطأة الإعصار أضحوا جبالها
وأما ابن مرعِيٍّ ففسل وحزبه *** (بوحل) فأبدى بالتخفي هزالها
كذاك ابن هاديْ والبخاريْ وقبلهم *** عبيد بدجل والوصابيْ حَبَا لها
فعادوا هُزالى خائبين بخسة *** بفضل من الرحمن ذاقوا وبالها
فيا معشر الحساد كفوا وأربعوا *** فما البغي يخفى والكتاب حوى لها
كتبه:
أبو عبدالله محمد بن عبدالله بن عبدالرحمن بن أحمد باجمال
مساء الخميس التاسع من شهر ذي القعدة عام 1432هـ
تحميل الرسالة من الخزانة العلمية
بصيغة (بي دي أف)
من هذا الرابط
تحميل الرسالة من الخزانة العلمية
بصيغة (بي دي أف)
من هذا الرابط
تعليق