من هذا الجُزْء
أفما نَالَ الآن أَنْ يَعْلَموا –وهم لِأَنْ يَعْلَموا أَهْلٌ- بأن هذه الدعوةَ التي ننافِحُ عنها اليوم، ونَجْهَدُ على إماطة الظِّنّةِ المعلَّقَةِ بها، وحراسةِ ما يُضَيِّعُه أهلُ الغفلةِ منها قد ظَهَرَتْ –ولله الحمد- بركَتُها، وغناؤُها العظيم، وكفايتُها التامَّةُ، ومنفعتُها الجليلة حتى صارتْ كما قال القائل: نِعْمَةٌ كالشَّمسِ لما طَلَعَتْ بَثَّتِ الإشراق في كلِّ بَلَد
ويَعْلموا أن التَّحَيُّف لها، والمراوغة على تهجين حالِها وإصغار أمرِها جَهْلٌ بقدر النعمة، وإضاعةٌ للحظِّ الأعلى ودخولٌ فيما يُزري بالعقل والدين.
وإذا كان ذلك كذلك فهل يكون أضعف رأياً، وأبعد من حُسْنِ النَّظَر وأدلَّ على قِلَّة الشكر أَنْ يَتهاونَ بها هؤلاء الذين قد وكَّلهم الله بها([1])، وقد تَهَدَّلَتْ لهم ثِمارُها، وعَطَفَتْ عليهم قُطوفُها، ثم هم يَرْجون عليها من كرامة الله ما قد رَأَوْا بَعْضاً وينتظرون بَعْضاً.
ونَجْعَلُكُمْ على أَنْ تَعْلَموا أَنَّ شيخَنا شَديدُ السَّخاء بنفسِهِ عن كلّ ما يُقالُ فيه ويُنال به من عِرْضِهِ ما لم يكُنْ ذلك على حِساب الدعوةِ ولا يعود عليها بالمضرةِ.
فإن ذلك شيء لا يسَعُ السُّكوتُ عنه، ولا يُمْكِنُ غَضُّ الطَّرْفِ مِنْه أو الملاينة فيه، ولا –والله- لو فَعَلَ لَوَجَدْتُمْ رِجالَ السنةِ هَهُنا غيرَ فاعلين.
رجالٌ شديدٌ غَيْرَتُهُمْ على الدَعْوَة، كثيرٌ اتَّقاؤُهم الشَّوْهَةَ أن تُلِمَّ بها، كبيرٌ شَفَقَتُهُم من الإحداث فيها.
فافْهموا هذا –فَهَّمكُمُ الله-.
وأنا ما أستدلُّ على نجابة هذه العصابة وإخلاصِها ووفائِها وعزَّةِ نفوسِها، وشرفِ همتِها وطبيعتِها بمثل ما أرى من شِدَّةِ مُحاماتها عن ذِمار هذه الدعوة، وفَرَطِ تعظيمِها لها، وبذل نفوسِها دونها، وإشفاقها من كل خَلَلٍ ونَقْصٍ يَدْخُل عليها، وصبرِها على الجوع، وسَهَرِ الليالي وألوان الآلام، وكثيرٍ مما قد يَصُدُّ غيرَهم مِنْ أَجْلِها.
فليس يُعَظِّمُ الحقَّ إلا كبيرُ القَدْر، نبيلُ الشأن، عظيمُ الخَطَر.
فيا أهل هذه الدعوة شُدُّوا مِنْ عزيمتِكم في الدِّفاع عنها، وشَمِّروا لذلك بجِدٍّ، وتعاونوا عليه بأقصى الجُهدِ، ولا تَدَعوا وجْهاً من العنايةِ بها والحَدَبِ عليها إلا بَلَغْتُموه فيها.فكما أن الأيام لا تَزيدُكُمْ إلا الرِّفعة والقدرَ في قلوب الأمة والصيتَ البعيد، فإنها لا تزيد أهل الحسد لكم إلا قَلَقاً وانزعاجاً، وإلا بَرَماً وإحْراجاً حتى يكيدوكم كَيْدَهُمْ كُلَّه.
واعلموا أن الحَزْمَ الجامع لشتات أمركم، اللامَّ لشَعَثِ حالِكم، الفالَّ لحدِّ عدوِّكم، الكافَّ لغَرْبِ الماكر بكم هو أن تَصْدُقوا الله، وتُصَحِّحوا النِّيَّة في العمل له، وتَرْتادوا من وجوه البِرِّ أَرْضاها له وأزكاها عنده.
وأن تكونوا لضعَفة المسلمين من الأعراب والذَّراري والجُهَّال وأهل الغفلة عن دين الله حيثُ النَّفعُ العظيم من تَعليم،وبَذْل معروف، وتمحيض النُّصْح، ونشر السنة والتوحيد فيهم.
وأن تُحَبِّبوا إليهم دين الله، وتُرَغِّبوهم في الثواب الأكبر والفلاح الأعظم.
وتَوَسَّلوا –إن شاء الله- إلى ذلك بحُسْنِ الخُلُق، وكريمِ الأدب، ولين العريكة.
وقد قال الله لنبيه: "فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ..." فإنكم إن وفَّيتُم هذا الشرط، وكنتُم عند هذا الحقّ، فأمِّلوا وبَشِّروا بالرِّفعة والتمكين، وبولاية الله والدُّخول في كرامتِهِ، واستتمام نِعْمَتِهِ، وزيادةِ بركتِهِ، وتَنَزُّل رحمتِهِ وسكينتِهِ.
-جعلكم الله لذلك أَهْلًا-... آمين.
فبالجملة، فلا يَرَيَنَّ أحدٌ أنه إن تَعَرَّض لهذه الدعوة بالسوء يَهنَأُ له ذلك، بَلَى فَمَنْ يَفْعَلْ ويَسْتَهْدِفْ لها يَسْتَوبِلْ وخيمَ جِناية التهجُّم.
فإنه مَعْذِرَةٌ إلى الله وإلى مَنْ يَرْجِعُ إلى الفتوُّة والمروءة؛ فما حُفِظَ كلُّ نفيس بمثل القَلْبِ الذَّكِيّ والأَنْف الحَميّ. كما قال:
متى تجمع القلب الذكيّ وصارِماً وأنفاً حميًّا تَجْتَنِبْكَ المظالِمُ ويَعْلموا أن التَّحَيُّف لها، والمراوغة على تهجين حالِها وإصغار أمرِها جَهْلٌ بقدر النعمة، وإضاعةٌ للحظِّ الأعلى ودخولٌ فيما يُزري بالعقل والدين.
وإذا كان ذلك كذلك فهل يكون أضعف رأياً، وأبعد من حُسْنِ النَّظَر وأدلَّ على قِلَّة الشكر أَنْ يَتهاونَ بها هؤلاء الذين قد وكَّلهم الله بها([1])، وقد تَهَدَّلَتْ لهم ثِمارُها، وعَطَفَتْ عليهم قُطوفُها، ثم هم يَرْجون عليها من كرامة الله ما قد رَأَوْا بَعْضاً وينتظرون بَعْضاً.
ونَجْعَلُكُمْ على أَنْ تَعْلَموا أَنَّ شيخَنا شَديدُ السَّخاء بنفسِهِ عن كلّ ما يُقالُ فيه ويُنال به من عِرْضِهِ ما لم يكُنْ ذلك على حِساب الدعوةِ ولا يعود عليها بالمضرةِ.
فإن ذلك شيء لا يسَعُ السُّكوتُ عنه، ولا يُمْكِنُ غَضُّ الطَّرْفِ مِنْه أو الملاينة فيه، ولا –والله- لو فَعَلَ لَوَجَدْتُمْ رِجالَ السنةِ هَهُنا غيرَ فاعلين.
رجالٌ شديدٌ غَيْرَتُهُمْ على الدَعْوَة، كثيرٌ اتَّقاؤُهم الشَّوْهَةَ أن تُلِمَّ بها، كبيرٌ شَفَقَتُهُم من الإحداث فيها.
فافْهموا هذا –فَهَّمكُمُ الله-.
وأنا ما أستدلُّ على نجابة هذه العصابة وإخلاصِها ووفائِها وعزَّةِ نفوسِها، وشرفِ همتِها وطبيعتِها بمثل ما أرى من شِدَّةِ مُحاماتها عن ذِمار هذه الدعوة، وفَرَطِ تعظيمِها لها، وبذل نفوسِها دونها، وإشفاقها من كل خَلَلٍ ونَقْصٍ يَدْخُل عليها، وصبرِها على الجوع، وسَهَرِ الليالي وألوان الآلام، وكثيرٍ مما قد يَصُدُّ غيرَهم مِنْ أَجْلِها.
فليس يُعَظِّمُ الحقَّ إلا كبيرُ القَدْر، نبيلُ الشأن، عظيمُ الخَطَر.
فيا أهل هذه الدعوة شُدُّوا مِنْ عزيمتِكم في الدِّفاع عنها، وشَمِّروا لذلك بجِدٍّ، وتعاونوا عليه بأقصى الجُهدِ، ولا تَدَعوا وجْهاً من العنايةِ بها والحَدَبِ عليها إلا بَلَغْتُموه فيها.فكما أن الأيام لا تَزيدُكُمْ إلا الرِّفعة والقدرَ في قلوب الأمة والصيتَ البعيد، فإنها لا تزيد أهل الحسد لكم إلا قَلَقاً وانزعاجاً، وإلا بَرَماً وإحْراجاً حتى يكيدوكم كَيْدَهُمْ كُلَّه.
واعلموا أن الحَزْمَ الجامع لشتات أمركم، اللامَّ لشَعَثِ حالِكم، الفالَّ لحدِّ عدوِّكم، الكافَّ لغَرْبِ الماكر بكم هو أن تَصْدُقوا الله، وتُصَحِّحوا النِّيَّة في العمل له، وتَرْتادوا من وجوه البِرِّ أَرْضاها له وأزكاها عنده.
وأن تكونوا لضعَفة المسلمين من الأعراب والذَّراري والجُهَّال وأهل الغفلة عن دين الله حيثُ النَّفعُ العظيم من تَعليم،وبَذْل معروف، وتمحيض النُّصْح، ونشر السنة والتوحيد فيهم.
وأن تُحَبِّبوا إليهم دين الله، وتُرَغِّبوهم في الثواب الأكبر والفلاح الأعظم.
وتَوَسَّلوا –إن شاء الله- إلى ذلك بحُسْنِ الخُلُق، وكريمِ الأدب، ولين العريكة.
وقد قال الله لنبيه: "فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ..." فإنكم إن وفَّيتُم هذا الشرط، وكنتُم عند هذا الحقّ، فأمِّلوا وبَشِّروا بالرِّفعة والتمكين، وبولاية الله والدُّخول في كرامتِهِ، واستتمام نِعْمَتِهِ، وزيادةِ بركتِهِ، وتَنَزُّل رحمتِهِ وسكينتِهِ.
-جعلكم الله لذلك أَهْلًا-... آمين.
فبالجملة، فلا يَرَيَنَّ أحدٌ أنه إن تَعَرَّض لهذه الدعوة بالسوء يَهنَأُ له ذلك، بَلَى فَمَنْ يَفْعَلْ ويَسْتَهْدِفْ لها يَسْتَوبِلْ وخيمَ جِناية التهجُّم.
فإنه مَعْذِرَةٌ إلى الله وإلى مَنْ يَرْجِعُ إلى الفتوُّة والمروءة؛ فما حُفِظَ كلُّ نفيس بمثل القَلْبِ الذَّكِيّ والأَنْف الحَميّ. كما قال:
..........................
[1] أعني الشيخ يحيى وسائر تلامذة الإمام مقبل
..........المُؤَلِّف
................................................
حمّل الجزء الثاني كاملاً من هنا
................................................
ومن هنا للاطلاع على الجزء الأول
................................................
حمّل الجزء الثاني كاملاً من هنا
................................................
ومن هنا للاطلاع على الجزء الأول
................................................
تعليق