كتاب مكارم الأخلاق لابن عثيمين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستغفره, ونتوب إليه, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, بعثه الله تعالى بالهدى ودين الحق, ليظهره على الدين كله, بعثه الله تعالى بين يدي الساعة بشيراً ونذيراً, وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً, فبلغ الرسالة, وأدى الأمانة, ونصح الأمة, وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين, ووفق الله من شاء من عباده فاستجاب لدعوته, واهتدى بهديه, وخذل الله بحكمته من شاء من عباده, فاستكبر عن طاعته, وكذب خبره, وعاند أمره, فباء بالخسران والضلال البعيد.
أما بعد فبحثنا هذا يدور حول الحديث عن حسن الخلق ومكارم الأخلاق.
والخلق: هو السجيةُ والطبع(1), وهو كما يقول أهل العلم: صورةُ الإنسان الباطنة, لأن الإنسان صورتين(2)
صورة ظاهرة: وهي شكل خلقته التي جعل الله البدن عليه, وهذه الصورة الظاهرة منها جميل حسن, ومنها ما هو قبيح سيئ, منها ما بين ذلك.
وصورة باطنة: وهي حال للنفس راسخة تصدر عنها الأفعال من خير أو شر, من غير حاجة إلى فكر وروية.
وهذه الصورة أيضاً منها ما هو حسن إذا كان الصادر عنها خلقاً حسناً, ومنها ما هو قبيح إذا كان الصادر عنها خلقاً سيئاً, وهذا ما يُعبر عنه بالخلق, فالخلق إذن هو الصورة الباطنة التي طبع الإنسان عليها.
والواجب على المسلم أن يتخلق بمكارم الأخلاق أي أطايبها, والكريم من كل شيء هو الطيب منه بحسب ذلك الشيء, ومنه قول الرسول صلى الله عليه وسلم لمعاذ: "إياك وكرائم أموالهم" (3) حين أمره بأخذ بالزكاة من أهل اليمن.
فعلى الإنسان أن تكون سريرته كريمة, فيحب الكرم, والشجاعة, والحلم, والصبر ,أن يلاقي الناس بوجه طلق, وصدر منشرح, ونفس مطمئنة, فكل هذه الخصال من مكارم الأخلاق.
وقد قال الني صلى الله عليه وسلم: "أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً" (4), فينبغي أن يكون هذا الحديث دائماً نصب عين المؤمن, لأن الإنسان إذا علم بأنه لن يكون كامل الإيمان إلا إذا أحسن خلقه كان ذلك دافعاً له على التخلق بمكارم الأخلاق ومعالي الصفات وترك سفا سفها ورديئها.
__________
1 قال ابن الأثير في النهاية 2/70 الخلق بضم اللام وسكونها: الدين والطبع والسجية. وحقيقة: أنه صورة الإنسان الباطنية وهي نفسه وأوصافه.
2 قال القسطلاني: أعلم أن الأخلاق جمع خلق, بضم الخاء واللام ويجوز إسكانها [خلق] . قال الراغب: الخلق والخلق بالفتح وبالضم في الأصل بمعنى واحد كالشراب والشرب ولكن خص الخلق الذي يالفتح بالهيئات والصور المدركة بالبصرة. وخص الذي بالضم بالقوى والسجايا المدركة بالبصيرة. أ. هـ. شرح المواب اللدنية 4/243.
__________
(3)أخرجه البخاري رقم 1496كتاب الزكاة. ومسلم رقم 29 كتاب الإيمان.
(4) أخرجه أبو داود رقم4682 كتاب السنة. والترمذي 1162 كتاب الرضاع وفيه زيادة: "خياركم خياركم لنسائهم" وأحمد في المسند 2/472 وهو في صحيح الجامع رقم1230, 1232
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستغفره, ونتوب إليه, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, بعثه الله تعالى بالهدى ودين الحق, ليظهره على الدين كله, بعثه الله تعالى بين يدي الساعة بشيراً ونذيراً, وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً, فبلغ الرسالة, وأدى الأمانة, ونصح الأمة, وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين, ووفق الله من شاء من عباده فاستجاب لدعوته, واهتدى بهديه, وخذل الله بحكمته من شاء من عباده, فاستكبر عن طاعته, وكذب خبره, وعاند أمره, فباء بالخسران والضلال البعيد.
أما بعد فبحثنا هذا يدور حول الحديث عن حسن الخلق ومكارم الأخلاق.
والخلق: هو السجيةُ والطبع(1), وهو كما يقول أهل العلم: صورةُ الإنسان الباطنة, لأن الإنسان صورتين(2)
صورة ظاهرة: وهي شكل خلقته التي جعل الله البدن عليه, وهذه الصورة الظاهرة منها جميل حسن, ومنها ما هو قبيح سيئ, منها ما بين ذلك.
وصورة باطنة: وهي حال للنفس راسخة تصدر عنها الأفعال من خير أو شر, من غير حاجة إلى فكر وروية.
وهذه الصورة أيضاً منها ما هو حسن إذا كان الصادر عنها خلقاً حسناً, ومنها ما هو قبيح إذا كان الصادر عنها خلقاً سيئاً, وهذا ما يُعبر عنه بالخلق, فالخلق إذن هو الصورة الباطنة التي طبع الإنسان عليها.
والواجب على المسلم أن يتخلق بمكارم الأخلاق أي أطايبها, والكريم من كل شيء هو الطيب منه بحسب ذلك الشيء, ومنه قول الرسول صلى الله عليه وسلم لمعاذ: "إياك وكرائم أموالهم" (3) حين أمره بأخذ بالزكاة من أهل اليمن.
فعلى الإنسان أن تكون سريرته كريمة, فيحب الكرم, والشجاعة, والحلم, والصبر ,أن يلاقي الناس بوجه طلق, وصدر منشرح, ونفس مطمئنة, فكل هذه الخصال من مكارم الأخلاق.
وقد قال الني صلى الله عليه وسلم: "أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً" (4), فينبغي أن يكون هذا الحديث دائماً نصب عين المؤمن, لأن الإنسان إذا علم بأنه لن يكون كامل الإيمان إلا إذا أحسن خلقه كان ذلك دافعاً له على التخلق بمكارم الأخلاق ومعالي الصفات وترك سفا سفها ورديئها.
__________
1 قال ابن الأثير في النهاية 2/70 الخلق بضم اللام وسكونها: الدين والطبع والسجية. وحقيقة: أنه صورة الإنسان الباطنية وهي نفسه وأوصافه.
2 قال القسطلاني: أعلم أن الأخلاق جمع خلق, بضم الخاء واللام ويجوز إسكانها [خلق] . قال الراغب: الخلق والخلق بالفتح وبالضم في الأصل بمعنى واحد كالشراب والشرب ولكن خص الخلق الذي يالفتح بالهيئات والصور المدركة بالبصرة. وخص الذي بالضم بالقوى والسجايا المدركة بالبصيرة. أ. هـ. شرح المواب اللدنية 4/243.
__________
(3)أخرجه البخاري رقم 1496كتاب الزكاة. ومسلم رقم 29 كتاب الإيمان.
(4) أخرجه أبو داود رقم4682 كتاب السنة. والترمذي 1162 كتاب الرضاع وفيه زيادة: "خياركم خياركم لنسائهم" وأحمد في المسند 2/472 وهو في صحيح الجامع رقم1230, 1232
تعليق