إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

كلمةعبر الهاتف: مشاركةً لإخوانه وأبنائه من مشائخ وطلبة العلم في الاجتماع الذي حصل في قصيعر من بلاد حضرموت

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كلمةعبر الهاتف: مشاركةً لإخوانه وأبنائه من مشائخ وطلبة العلم في الاجتماع الذي حصل في قصيعر من بلاد حضرموت

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمدٍ وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه إلى يوم الدين, أما بعد:
    فهذه كلمة لشيخنا يحيى حفظه الله تعالى, عبر الهاتف:

    مشاركةً لإخوانه وأبنائه من مشائخ وطلبة العلم, في الاجتماع الذي حصل في قصيعر من بلاد حضرموت

    سجلت هذه المادة

    ليلة السبت 5 / شوال 1432هـ

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو أنس هشام بن صالح المسوري; الساعة 04-09-2011, 09:47 PM.

  • #2
    جزاك الله خيرًا أخي
    وبارك الله في شيخنا الناصح الأمين ونفع الله به
    إنه سميع مجيب


    قال الشيخ مقبل رحمه الله (والشيخ يحيى في غاية من التحري والتقى والزهد والورع وخشية الله وهو قوال بالحق لا يخاف في الله لومة لائم وهو حفظه الله قائم بالنيابة عني في دروس دار الحديث بدماج يلقيها على أحسن مايرام ...)
    مقدمة كتاب (أحكام الجمعة و بدعها )

    تعليق


    • #3
      جزى الله خيرا أخانا أبا إبراهيم على نشره لهذه المكالمة النافعة بإذن الله تعالى


      ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يحفظ الشيخ يحي بن علي الحجوري

      وأن يجزيه خيراً على ما يقوم به من النّصح لدين الله


      ** تفريغ المادّة الصوتيّة **



      الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لاشريك له ، وأنّ محمّدا عبده ورسوله صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلّم تسليما كثيرا أمّا بعد:



      فيسرّني في هذه الدقائق مع ما أتذاكر به مع إخواني السامعين ـ هنا ـ أتذاكر به أيضاً مع إخواني السامعين في قصيعر ـ في ذلك الإجتماع الذي نرجو الله أن يجعله مباركاً نافعاً مسدّداً موفّقاً ، فقد اجتمع فيه مشائخ أفاضل ودعاة هدى وطلّاب علم ورجال سنّة وعديدٌ من الأحبّة ، كما يبلغنا ذلك في اجتماعاتهم في كلّ عام ، ومن الشأن أنّ اجتماعات أهل السنّة وفّقهم الله ، سواء كانت في هذا الدار أو في غيره ، إجتماعات تحفّها البركة ، وتلحظ فيها السكينة لما يذكر فيها من كتاب الله ومن هدي رسول الله _ صلّى الله عليه وسلّم _ ، ومن حثّ النّاس على طاعته ومرضاته
      وعندنا بعض الضيوف في يومنا هذا ولله الحمد ، لهم بعض الأسئلة ، ولكن رَغِبْنَا رغبةً ومحبّةً في مشاركة إخواننا ولو من بُعد بكلمة مختصرة ، المَرْجُوّ من ربّ العالمين عزّ وجلّ أن يجعل لي ولهم فيها البركة وأن يجعل فيما نقوله ويقولونه ذلك.
      وهذه الكلمة هي حول " آية من كتاب الله المبارك " كما يقول ربّنا عزّ وجلّ: { وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ}ويقول سبحانه وتعالى : { كِتَابٌ أَنْـزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ } فهو كتاب مبارك ، آية واحدة منه لو اعتنى بها معتنٍ وشرحها شارح وتدبّرها متدبّر، وجد فيها من الخير ما ينفعه وينفع من يُرجى نَفعٌه ، وهذه الآية هو قول الله عزّ وجلّ :{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً} اشتملت هذه الآية العظيمة التي نزلت في يوم عرفة بعرفة ، ولم يلبث بعدها رسول الله _ صلّى الله عليه وسلّم _ إلاّ نحو ـ ثمانين ليلة ـ إحدى وثمانين ليلة ـ حتى توفّاه الله عزّ وجلّ.
      هذه الآية اشتملت على أنّ الله عزّ وجلّ أكمل لنا ديننا في كتابه وسنة رسوله _ صلّى الله عليه وسلّم _ فلنا دينٌ كامل شامل ـ ادخلو في السّلم كافّة _ تركتم على مثل البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلاّ هالك ـ
      فهو دين ٌ شامل ٌُ باقي " لا َ تَزَالُ طَائِفَةٌ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ وَلَا مَنْ خَذَلَهُمْ إِلَى قِيَامِ السَّاعَة" الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ : أي اليوم الحاضر ، وهو يوم عرفة ، أتمّ الله لنا هذا الدين العظيم بما لايحتاج إلى مزيد عليه من قليل ولا كثير، واشتملت هذه الآية على أنّ من أراد أن يزيد في هذا الدين ، فإنّ زيادته ليست إلاّ مذلّة {إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَاسينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا } وإنّ زيادته ليست إلاّ فرية {وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ } وإنّ زيادته لا تقبل " مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدّ" وإنّ زيادته اتّهام لرسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ بالتقصير، ورسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ بلّغ البلاغ المبين ، وهو الرسول الأمين ، وأتمّ الله به النّعمة ، وأدلّة ذلك كثيرة.
      واشتملت هذه الآية على أنّه لايجوز الإفتآت على شرع الله ، وأنّه يجب الرضى به والقناعة به في كلّ صغيرة وكبيرة ، ودقيقة وجليلة ، فإنَّه دينٌ ضَمِنَ الله عزّ وجلّ فيه كلّ خير ـ خيروسعادة ـ لمن رضي به ـ دين رضيه الله ـ دين يعتبر نعمة ـ {وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي } فمن افتأت عن قليل منه وكثير، بقدر ما يبتعد عنه تزول عنه تلك النعمة ، {ذٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ }
      فوالله لا ترى أحدًا ينحرف عن جادة الصواب كبر أو صغر، ولا ترى أحداً يُحرم من الخير ومن العلم والسنّة إلاّ وكمائنه تظهر حيناً بعد حين أنّه غيّر ما لم يأمره الله عزّ وجلّ بتغييره ، وغيّر نعمة الله { ذٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } ـ سميع ٌ عليم ـ سميعٌ يَسْمَعُ جميع حركات عباده ونطقهم ، وما لا يسمعه العباد ـ عليمٌ بما كان وما لم يكن ـ فإذاً ـ ذكر سميعٌ عليمٌ بعد هذه الآية يدلّ بمناسبتها على أنّ الله لايغيّر نعمة على قوم إلاّ وقد علم أنّه غيّرتلك النعمة هو بذاته ـ بسمعه العظيم الشامل ولعلمه العظيم الشامل المحيط بكلّ شيء ـ دينٌ رضيه الله ـ
      وأنت أيّها المسلم من رضاك بهذا الدين الذي رضيه الله لك أن تدخل فيه كافّة ـ كما قال الله عزّ وجلّ : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَافَّةً }
      الخطاب للمؤمنين ، وهم مؤمنون ويدعوهم للدّخول في السّلم كافّة ،والمقصود بكافّة هنا ـ أي ـ أَخْذُ الإسلام والدّين من كلِّ جوانبه دون تركٍ لبعضه وأخذٍ لبعضه { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا} فضلالٌ مبين الإختيار من الدّين شيئا وترك شيئا آخر، وإنّما هذا دين الله يجب تعظيمه ويجب الرضى به بجميع جوانبه ، فمن توفّر فيه ذلك وهو ـ رضى بهذا الدّين ـ على ما تقدّم بيانه ، فإنّ هذا يهدأ بإذن الله عزّ وجلّ ، وإنّ هذا يستنير بإذن الله عزّ وجلّ ، قال ربّنا سبحانه : {قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ. يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ} ـ أي : طرق الخير والهدى والسلامة من الفتن والشرّ و العذاب{ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }
      هداية بعد هداية ، تتكررّ له الهدايات في كلّ شؤونه ، فلا يسلك مسلكًا إلاّ وقد هداه الله عزّ وجلّ فيه لأنّه سلك مرضاة الله واتبع رضوانه ـ {وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} ،فما من ظلمة وما من فتنة وما من معظلة أو مشكلة إلاّ وربّ العالمين عزّ وجلّ يخرجه منها بسلام ، وتأمّل نبيّ الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، حاكو له المكائد حتى أضرمو له النيران وأرادو إحراقه ولم يصنعو شيئاً { قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ } ،
      قال الله عزّ وجلّ : {قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَوَأَرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ}
      أمّة مجرمة كافرة بٍمَلِكِهَا وشعبها وعتادها وعدّتها وقوّتها وجبروتها ـ استجمعوا على إحراقه ـ لاتصنع شيئاً، ولا يزال يوبّخهم على مايصنعون من المخالفات الشرعية والإقترافات الشركية ، ويقول لهم : {أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَمن دون الله أفلا تعقلون}
      هكذا من رضي بالله ربّاً ، وبهذا الإسلام ديناً ، ولا يعني بجانبٍ منه دون جانب ولكن به كلّه ، معظّماً له على غيره ورافعاً له على غيره " يَرْفَعُ بِهَذَا القُرْآنَ أَقْوَاماً وَيَضَعُ بِهِ
      آخَرِينْ "، وفي حديث أبي موسى المتّفق عليه " ذَلِكَ مَثَلٌ مَنْ نَفَعَهُ الله مَا بَعَثَنِي بِهِ مِنَ الهُدَى وَالعِلْمْ ، فَعَلِمَ وَعَلّمْ ، وَمَثَلُ مَنْ لمَ ْيَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْساً وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى الله الذِي أُرْسٍلْتُ بِه " فمن تعظيم دين الله ـ الرضى به في كل شؤون هذا الدّين العظيم بلا إفراطٍ ولا تفريط ، بلا غلوٍّ ولا افتآت ولا تضييع ـ علماً وعملاً ودعوة واستقامةً ـ كما أمر الله وأراد {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ، وَلا تَرْكَنُوا إلَى الَذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ }
      من أحبّ أن يذوق طعم الإيمان فعلاً كما وعد رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ، فليرضى بهذا الدّين من جميع جوانبه وليسعى في تحقيقه وتعلّمه وتفهّمه وتفقّهه ، ففي صحيح مسلم عن العباّس بن عبد المطّلب رضي الله عنه أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال :" ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا ، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً"
      وهذا وعد محقّق أنّ من قام بهذه الثلاثة الأمور _ رضى بالله ربّا بربوبيته وألوهيته ، وأسمائه وصفاته ـ والقيام بشؤون ذلك ، وبالإسلام دينا وتطبيقه من جميع جوانبه قدر مستطاعه ، وبمحمّدٍ رسولاً متّبعاً معظّماً {وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}
      فهو رسول الله إلينا ، وهو نبيّ الله إلى الأٌمّة وهو الذي فيه الأٌسوة { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}
      وهو الرؤوفُ الرحيمُ بالمؤمنين {بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} وهو الرحمة المهداة _ فنعم _ من رضي بهذه الأمور ظاهراً وباطناً ، علماً وعملاً ، فإنّه يذوق الإيمان بوعد رسول الله المحقّق الذي لا ينطق عن الهوى { إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى } ومن أراد غفران ذنوبه أيضاً ، فليرضى بهذا الدّين ، ولا يكون ذلك إلاّ لمن رضي به وعمل به ، وقد ثبت من حديث سعد بن أبي وقّاص عند الإمام مسلم ـ عن سعدٍ رضي الله عنه قال : " مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعٌ اَلمْؤٌَذِّنْ ، أَوْحِينَ يَسْمَعُ النِّدَاء _ أَشْهَدُ أُنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَه وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُه، رَضِيتُ بِالله رَباًّ وَبِالإِسلَامِ دِيناً وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً ، غُفِرَ لَه " قال النّووي رحمه الله: " هذا يكون عند قول المؤذّن _ أشهد أنّ محمّداً رسول الله" ولا يتعارض هذا مع حديث أبي سعيد و الأحاديث الأُخَرْ
      " إِذَا سَمِعتُم المُؤَذِّن فَقُولُو مِثلَ مَا يَقُول" فيقول مثل ما يقول المؤذّن ، ويُخَلِّل ذلك في أثناء ذكر رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ بهذا الذّكر العظيم ، طلباً لمغفرة الله عزّ وجلّ ، من أراد مرضاة الله سبحانه وتعالى ، فإنّ الله يرضى عمّن رضي عنه وعن دينه الحقّ ، وعن نبيّه الكريم ، فمن تحقّق ذلك فيه رضي الله عنه ، ولهذا تجد في آيات كثيرة { رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ} الجزاء من جنس العمل ، فكما أنّهم رضو بالله ربّا ، وبهذا الإسلام الذي رضيه الله لنا ديناَ ، وبمحمّدٍ الذي بعثه الله إلينا رسولاً، رضي الله عنهم ، قال الله سبحانه :{ وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ}
      فمن تحقّق ذلك فيه ، فإنّ الله يرضى عنه كما أنّه رضي عن ربّه سبحانه وتعالى ، فارضى بهذا الدّين أيّها المسلم ، ودعك من المتفالكين الضائعين ، ودعك من ـ يعني ماذا؟ ـ إفتأتو على كتاب الله وسنَة رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ من أهل الأهواء بشتّى أنواعهم ، من كفرةٍ وفجرةٍ وضلاَّلٍ وبغاة وغير ذلك ، ليس فيهم أسوة ، الأسوة في رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ ودين الله واجبٌ أن يعظّم _نعم _ وتأمّل قول الله عزّوجلّ :{ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } هذا كلّ متاع الحياة الدنيا ، ومعلومٌ ما هو في صحيح السنّة، بل في القرآن ، من تحقير ماهو من خصائص الدنيا {وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ }
      ثمّ جاءت دلالة ربّ العاليمن بما هو خير من ذلك كلّه { قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ}
      فمن لم تشغله الدنيا عن دين الله وعن الرّضى بالحقّ ، وأقبل على طاعة الله عزّوجل فإنّ لله يرضيه { وَلَسَوْفَ يُعْطِيك رَبّك فَتَرْضَى } _ {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا }
      وماهو السّبب لهذه النّعمة العظيمة؟ _ فإنّ كلّ خيرٍ وكلّ شرٍّ له أسباب، سبب ذلك {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواعَنْهُ}
      فهم رضوا عن الله والله رضي عنهم _ رضوا بدين الله وبشرع الله وبكتاب الله وبسنّة رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ فرضي عنهم وأرضاهم ـ وقال الله عزّ وجلّ {هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم}
      ــ هل هناك فوزٌ بعد أن يرضى عنك ربّك ؟ ــ أعظم فوزٍ ونعمة : هو رضى الله ــ { وَرِضْوَان مِنْ اللَّه أَكْبَر } هكذا يقول الله سبحانه وتعالى ، فكلّ نعمةٍ ـ رضوان الله عزّ وجلّ أكبر منها ـ ولهذا يقول أهل العلم في معنى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ }
      أنّ الزيادة ـ النّظرإلى وجه الله ـ وأعظم من ذلك كلّه " أُحِلُّ لَكُم رِضْوَانِي ، لاَأَسْخَطُ عَلَيْكُم أَبَداً ـ كما في الحديث ، فأعظم ما يتلذّذ به المؤمنون وينعمون به ، وهو سبب خلودهم في الجنّة ونعمتهم في الدّنيا والآخرة ـ هو رضوان الله سبحانه ، تأمّل قول الله عزّ وجلّ {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشرِِكُونَ بِي شَيْئًا }
      فكما أنّهم رضوا بدين الله الحقّ ، وبعبادته وحده لايشركون به شيئاُ واتباع رسوله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ فإنّ الله عزّ وجلّ يمكّن لهم دينهم الذي ارتضى لهم ، كلّ ما يَرتضُونه من الحقّ والهدى يؤيّدهم الله {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ }
      ويؤيّد هذا من بابه ونظيره قول النبيّ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ "لا َ تَزَالُ طَائِفَةٌ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ وَلَا مَنْ خَذَلَهُمْ إِلَى قِيَامِ السَّاعَة"
      ـ نعم ـ هذا و أسباب مرضاة الله سبحانه وتعالى الذي يندرج تحت هذه الآية العظيمة {وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}ممّا هو من شؤون الإسلام ومن دينه وتطبيقه والعمل به كثيرةُ جدّاً ، شاملة لسائر شؤون الإنسان ، وكلّ مايرضي الله سبحانه من قول أو فعل و شكر يرضاه الله ، قال ربّنا سبحانه {إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ }
      فليشكر المؤمن ربّه على كلّ نعمة أمدّه وأعدّه بها وأسداها عليه{ وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ } . وليستعمل هذه النّعم ـ من سمعٍ وبصرٍ وجوارح وغير ذلك في مرضاة الله {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً } هكذا يقول الله سبحانه وتعالى، يقول الله {يَابُنَيَّ أَقِمْ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنْ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُور} ، ولمّا كان الأمر كذلك، ترى السّلف رضوان الله عليهم يثني الله سبحانه وتعالى عليهم بابتغاء مرضاته كثيرا ـ إِلاَّ ابْتِغَاءِ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى ـ قال الله في كتابه: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ}
      أي من كان هذا حاله ، فإنّ الله أرأف به وأرحم به " اللّه أَرْحَمُ بِأَحَدِكُمْ مِنْ هَذِهِ عَلَى وَلَدِهَا "
      {وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ}ـ {وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ اللّهِ } هذا ما نتواصى به وكما سمعتم ، وفّقكم الله ،وثبّتكم الله والسامعين ، وثبّتنا على كتابه وسنّة رسوله
      ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ
      دون مغيّرين ولا مبدّلين ـ نعم ـ أنّنا على موعدٍ مع ضيوفنا للإجابة على الأسئلة ، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وإلى الأسئلة إن شاء الله.

      _ وفّقكم الله ــ وأنتم كذلك

      تعليق


      • #4
        .

        بارك الله فيك أخى نسيم على هذا المجهود الرائع، ونفع الله بكم

        تعليق

        يعمل...
        X