إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

::صوتي ومفرغ:: [التبيين لبعض أسباب تسلّط الكفار وذل المسلمين] خطبة الجمعة لشيخنا الناصح الأمين ( 4 شوال 1432هـ )

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ::صوتي ومفرغ:: [التبيين لبعض أسباب تسلّط الكفار وذل المسلمين] خطبة الجمعة لشيخنا الناصح الأمين ( 4 شوال 1432هـ )

    بسم الله الرحمن الرحيم
    عنوان خطبة اليوم
    التبيين
    لبعض أسباب تسلّط الكفار
    وذل المسلمين
    لشيخنا المحدث الناصح الأمين

    يحيى بن علي الحجوري

    حفظه الله


    سجلت هذه المادة
    في
    4 / شوال 1432هـ

    التحميل من موقع الشيخ حفظه الله

    ومن الخزانة العلمية
    من هنا




    التعديل الأخير تم بواسطة أبو أنس هشام بن صالح المسوري; الساعة 08-09-2011, 03:52 AM.

  • #2

    جزاك الله خيرا أبا إبراهيم
    تم رفع الخطبة للخزانة العلمية

    تعليق


    • #3
      وجزاك أخانا الفاضل أبا أنس

      تعليق


      • #4
        بسم الله الرحمان الرحيم.
        الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
        {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ }[آل عمران:(102)] {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}[النساء:1] {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71)}[الأحزاب].

        أما بعد:

        فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .

        أيها الناس، يقول الله عز وجل في كتابه الكريم :
        { أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} [ص:28]، هذه الآية من الآيات الكثيرة التي فيها الفرق الواسع، بين من أطاع الله وبين من عصاه، ونظيرها قول الله عز وجل: { أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36)}[القلم ]، ونظيرهما قول الله سبحانه وتعالى { قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ( 9)}[الزمر]،والذي يعلم دين الله ويعبد الله عز وجل لا يستوي مع من لا يفقه دين الله ولا يعبده ،وكل هذه الأدلة فيها فضيلة المسلمين والإسلام، وذم الكافرين والكفر، وغيرها كثير،فإن الله عز وجل وصف الكفار بأنهم شر البرية وقال عز من قائل: { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ} [البينة :6] وأبان الله عز وجل أنهم ملعونون ، وقال الله عز وجل:{ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ (78) كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ (79) تَرَى كَثِيرًا مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ (80)}[المائدة]وأدلة ذلك كثيرة ، وأثنى الله على المؤمنين، وأبان أنه جعل العزة لهم،العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، وأبان أنهم أولياءه وهو وليهم،{ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ (11) } [محمد],وقال:{ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}[البقرة:257] ,وقال:{إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ (196} [الأعرف], ومن هنا حصل إشكال عند بعض الناس، في تسليط الكافرين على المسلمين المؤمنين ، وما هو واقع من قديم الزمان و حديثه، فإن المسلمين أولياء الله على قدر إسلامهم، وإن الكافرين أعداء الله ، أعداء الله،{ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ (98) }[البقرة]، وهذا الإشكال أبان الله عز وجل الجواب عنه في كتابه،فإنه يوم أحد، لما حصل بالمسلمين ما حصل من إدالة المشركين عليهم، حصل نفس الإشكال فأبان الله ذلك بقوله:{أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ}[آل عمران:175]،فأبان أن تلك المصيبة التي حصلت لهم،كانت بسبب ما أبانه الله عز وجل وعفا عنهم بقوله: { وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ}[آل عمران:152],ومعنى تحسونهم أي تبيدونهم ،وتستأصلونهم وحصل نصر عظيم في يوم أحد ، ثم أبان الله عز وجل أن ذلك النصر انقلب إلى أن الله أذال المشركين على المسلمين في بعض الأحوال،وقال : {حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ} [آل عمران :152] الآية، أمور أربعة حصلت, سبّبت ما ذكر في الآية ، سببت ما أصابهم الله سبحانه وتعالى وابتلالهم به، وعفا عنهم بعد ذلك، { حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ }،فإن من أسباب فشل المسلمين ،ومن أسباب تسلط الكافرين، وضعف المسلمين في جانب أو جوانب شتى ،لهو الفشل، والتنازع، والتنازع والفشل متضافران،فإذا حصل تنازع كانت نتيجته الفشل،{وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}[الأنفال:46]،ولما حصل التنازع وأن أميرهم يقول لهم اسكنوا كما قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا تنزلوا للغنيمة ،وقال بعضهم إننا قد نصرنا الله، ونزلوا لجمع الغنيمة ،كان هذا تنازع حصل من وراءه ما ذكر في الآية { وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ}، وكانت هذه معصية للرسول صلى الله عليه وسلم الآمر لهم بالبقاء في ذلك الجبل، وأن لا ينزلوا ولو تخطّفتهم الطير،{ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ}وكان هذا النزول لجمع الغنيمة وصفه الله عز وحل بقوله{مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا ... ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ}، فهذه الآية شارحة وموضحة لقول الله عز وجل: { أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ}[آل عمران:175]، أي بسبب هذه الأمور الأربعة التي وقعت منكم حصلت هذه المصيبة، والقرآن يفسر القرآن، أيها الناس إن تسلط الكفار، وذل المسلمين ليس بسبب كثرة الكفار، ولا بسبب كثرة قوتهم و عُددهم،لا والله،ولكن ذلك سره هو ما يحصل في المسلمين من ضعف ، فإن الله عز وجل أبان أن هذا ليس هو سبب تسلط الكفار ،{ إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ}[الحج:38]، والله يحب المؤمنين، ويبغض الخائنين، وأعظم الخونة هم الكفار، ولكن هذا ليس هو السر للضعف، أبان الله ذلك بقوله أيضا:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (9) إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (10) هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيدًا (11)}[الأحزاب]، دافع الله سبحانه وتعالى عليهم في مثل هذا الحال، كثرة هائلة من الكفار وصفهم الله بهذه الأوصاف {مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ}، اجتمع مشركوا قريش، و اجتمع مشركوا العرب من كثير من البقاع على استئصال شأفة المسلمين،وعلى الوقيعة بهم في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذه الكثرة لم تكن هناك بالمُضرة بجانب ما هنالك من الإيمان، والثقة بالله سبحانه وتعالى ،التي وصفها الله سبحانه وتعالى بقوله: { وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا}[الأحزاب(22)] ووصفها بقوله{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}[آل عمران: 173]،إذن تلك الكثرة طلعت فاشلة، كثرة المشركين بجار المؤمنين صارت فاشلة، ولا بقلة المسلمين أيضا، قال الله سبحانه وتعالى: { وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }[آل عمران: 123]وقال :{ وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}[الأنفال: 26 ]، وقال :{كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}[البقرة: 249]،وقال:{إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ}[ الأنفال:65]،أنتم تفقهون دين الله فلكم الغلبة ، الواحد يغلب عشرة،وعدهم الله بذلك ،هذا يعلم به تماما يقينا أنها لا نصرة بكثرة،ولا غلبة بقلة ،وأن من صحة هذا الإسلام،ومن تأيد الله عز وجل لأهله أن من استمسك به نصره ، من استمسك به نصره، ومن تخلّ عنه خذله،وبقدر ما يكون استمساك به يكون النصر{وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}[الحج:40]وقال الله {إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7)وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ(8)}[محمد]، أتعسهم الله وأضل أعمالهم،إذا علم ذلك تبين أن السبب ضعف المسلمين الآن،وهزائم المسلمين، بل وخار المسلمين وتسلط الكفار، بما اكتسبوا وبما جنوا {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ}[الشورى:30]،والشاهد منه، أن ذلك بضعف تمسكهم بالإسلام،فلما حصل منهم الضعف في الإسلام سلط الله عليهم عدوا من غيرهم،وهذه سنة الله في خلقه،أنه إذا حصل الضعف في المسلمين ابتلي المسلمون ومحصوا{وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ}[آل عمران: 141]،نعم وبرهان ذلك في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ثبت عند الحاكم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"يا معشر المهاجرين خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن،ما فشت الفاحشة في قوم حتى يعلنوا بها إلا فش فيهم الطاعون و الأوجاع التي لم تكن في الذين خلو من قبلهم، وما منع قوم زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولو البهائم لم يمطروا،وما نقص قوم المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وجور السلطان عليهم،وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتحروا ذلك إلا جعل الله بأسهم بينهم ـ وهذا هو الواقع ـ وما نقض قوم عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم فيأخذ بعض ما في أيدهم "أيها المسلمون تأملوا هذه الفقرة والحديث كله،فإن هذا هو الحاصل الآن من ابتزاز الكفار لخيرات المسلمين، وتسلط الكفار على المسلمين،وهذا هو بسبب نقض ما عهد الله عليه سبحانه وتعالى عباده من إقامة توحيده،{وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَآئِيلَ وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا}[المائدة،12]والشاهد من ذلك أخذ الميثاق{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى}[الأعراف:182]فهذا التوحيد وهذه الفطرة،تُقر بأن الله واحد لا يستحق العبادة إلا هو،ولما حصل الخلل في توحيد الله الذي فطر العباد مقرة به ومؤمنة به، حصل التسلط على نقض هذا لميثاق الذي بين العباد وربهم، وهناك نقض للمواثيق الآخر في ما بين العباد والعباد،من نقض المواعيد، وخلف المواعيد، ونقض العهود، والكذب وغير ذلك من التعاملات السيئة ،أدت بالمسلمين إلى أن تسلط الكفار عليهم، بسبب ما يحصل بين المسلمين من عدم الصدق ، ومن عدم الإنصاف و الإخلاص،ومن عدم إقامة شريعة الله عز وجل ، فلا يحتاج إلى أن يبحث المسلمين على الأسباب ،لماذا تسلط الكفار على المسلمين؟! أكثر من أن يعود إلى أنفسهم ويصلحوا ما بها من الأخطاء،ويهذِّبوا أنفسهم على كتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه وسلم{وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ}[ الشورى:30]إن تسلط الكفار على المسلمين هو بسبب توغل المسلمين في المعاصي ،فإن المسلمين توغلوا في الربا، والزنا، والفجور،والخمور وغير ذلك مما لا يحصيه إلا الله عز وجل،وهم يصومون ويصلون وغير ذلك من الأعمال التي يظهرونها ويبطنونها،ولما كان الأمر كذلك أذلهم الله،أذلوا بقدر ما عندهم من المعاصي عملا بقول الله عز وجل:{وَالَّذِينَ كَسَبُواْ السَّيِّئَاتِ جَزَاء سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ}[يونس:28]إن المسلمين حصلت فيهم محادة لله عز وجل كثير منهم، استحقوا بذلك أن يذلوا قال الله{إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ}
        [ المجادلة:20]كما أن الكفار في الأذلين كذلك من حاد الله بقليل أو كثير يكون من الأذلين{ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ}،إن المسلمين وقعت فيهم البدع،ونخرت فيهم البدع، سببت لهم الذلة،فإنها بريد الكفر،يُعْدِ الله عز وجل بقوله:{
        إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ} [الأعراف:152] فمن افترى على الله عز وجل بقول أو فعل وأن هذا دين الله ،سواء كان ذلك بالبدع أو بالألسن ،أو بخلف المواعيد أو بالأكاذيب ،أو بالنشر في الجرائد أو الإذاعات،أو غير ذلك من الافتراء على الله وعلى دينه ورسله وعلى عباده المؤمنين، هذا سبيل من سبل تسلط الكفار وذلة المسلمين، إن المسلمين لم يعتنوا بالتربية والتصفية لهذا تسلط عليهم الكفار،كما أبان ذلك حديث رسول الله صلى الله عيله وسلم بقوله:"يوشك أن تدعى عليكم الأمم كما تدعى الأكلة على قصعتها قالوا يا رسول الله أمن قلة نحن يومئذ قال لا أنتم يومئذ كثير و لكنكم غثاء كا غثاء السيل يذهب الله الهيبة لكم ويقذف الوهن في قلوبكم" وهذا معناه أنه إن لم يحصل تربية وتصفية في المسلمين أي في أخير هذه الأمة في ما يحصل الآن ، وقبل الآن ونحو ذلك ،أن هذا سبب بعدم العناية بالصفاء،والعقيدة الصحيحة، والتربية السليمة، و دخل فيهم الشيوعي، ودخل فيهم الناصري والعلماني والحداثي، والماسوني، ودخل فيهم النفاق، والزندقة والرفض والتجهم ،وسائر أنواع الفتن، التي سببت في أوساطهم الخور والضعف،لعدم التصفية في أوساطهم وتربية المجتمعات تربية سلفية صحيحة، هذا الذي دل عليه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم " أنتم يومئذ كثير لكنكم غثاء"والغثاء لا يصدق على الصالحين، لا يصدق على الصالحين،وإنما الرذالة، والحثالة،والغثاء يصدق على هذه الأصناف، الأصناف التي تدخل في أوساط المسلمين تنخر فيهم، وهم ليسوا على استقامة، وهم أضداد المسلمين {لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (47) لَقَدِ ابْتَغَوُاْ الْفِتْنَةَ مِن قَبْلُ وَقَلَّبُواْ لَكَ الأُمُورَ حَتَّى جَاء الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ (48) }[برآة] إن المسلمين أخلدوا إلى الدنيا كثيرا،تشبهوا بالكفار في ذلك، وهذا سبب رئسي وأصلي لتسلط الكفار،كما أبان الله سبحانه وتعالى ذلك عن قوم موسى { فَادْعُ لَنَارَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ }[البقرة:61]أي لما أخلدوا إلى الدنيا وطلبوا مأكيلها، نعم {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَآؤُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ }[آل عمران:112]فإن المسلمين حصل فيهم المخالفة الشرعية الكثيرة، أدى ذلك إلى ذل المسلمين وتسلط الكفار ،فقد ثبت من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال"نصرت بالرعب بالسيف بين يدي الساعة وجعل رزقي تحت ظل رمحي وجعلت الذلة والصغار على من خالف أمري ومن تشبه بقوم فهو منهم "هذا ملحوظ، أن من خالف أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أذله الله ،سواء أذله لكافر أو لغير كافر ،ربما يذل حتى للشيطان،ولهواه ولدنياه ، ويصير مسخر عبدا لغير الله سبحانه وتعالى، بقدر ما يذل نفسه لغير الله ويتعبد لغير الله،" وجعلت الذلة والصغار على من خالف أمري " ونظير هذا الحديث وأصله قول الله سبحانه وتعالى {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63)}[النور]ومن العذاب الأليم تسلط الكفار إي والله،ومن الفتنة وأي فتنة أيضا، تسلط الكفار على المسلمين، وإذلال المسلمين {لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً }[التوبة: 10]ما عندهم رحمة على المسلمين،ففريقا يقتلون ، وفريقا يأسرون ،وفريقا يفتكون، ينتهكون الأعراض، ويدمرون الأموال،وغير ذلك مما يحصل منهم،مما أبانه الله ورسوله وما هو مشاهد برأي العين،
        أيها الناس إن المسلمين لما ابتعدوا عن الإسلام تمسكا صحيحا أذلوا، هذا شأن الإسلام،هذا دين الله،فمن تمسك به أعزه الله، ومن ابتعد عنه أذله الله، من حديث المقداد عن النبي صلى الله عليه قال "ليدخلن هذا الإسلام لا يدعه لا يدع الله بيت مدر ولا مدر إلا أدخله هذا الإسلام بعز عزيز أو ذل ذليل " عز يعزه ويعز الله به من تمسك به،أو من تمسك به، ويذل به من أعرض عنه،هذا دين الله، بقدر ما يتمسك المسلمون بدين الله يعزهم الله، لا بكثرة بقوتهم ولا بكثرة عدد، ولا بكثرة عُدد،كل هذه الجانبية والأصل الأصيل هو الاستمساك بدين الله عز وجل ،قال الله سبحانه وتعالى{
        إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ (12)} [الأنفال] وقال{وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (126 }[آل عمران] هذا حاصل في ما يتعلق بهذا لجانب المهم،جانب التساؤلات، ما سبب تسلط الكفار في هذه الآونة؟!{ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ}[آل عمران:175] {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ (30) } [الشورى].
        الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا أما بعد: فقد ثبت من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إذا تبايعتم وأخذتم أذناب البقر( أي اشتغلتم بالتجارة ) وأخذتم أذناب البقر (أي عملا بالمواشي انشغلا بالمواشي ) ورضيتم بالزرع (ثلاثة أصناف، طائفة تنشغل بالتجارة وأخرى تنشغل بالمواشي ورعي المواشي وتنمية المواشي ، وأخرى تنشغل بالزراعة ) سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه عنكم حتى تراجعوا دينكم " نعم، فهذه الأمور الانشغال بها عن إقامة دين الله، وعن الاستماتة ، وعن بيان سبل الكافرين والمشركين، فإن هذا يضر الإسلام،ويسبب الذل للمسلمين ،بقدر ما عندهم من البعد عن طاعة الله عز وجل،وبقدر ما عندهم من الانهماك في الدنيا،إن مما سبب للمسلمين الضعف هو عدم فقههم لدين الله، هو عدم فقههم لدين الله،فبقدر ما تجد من الإنسان بعيدا،جاهلا يختطفه كل من هب ودب،ومن تفقه في دين الله أرد الله به خيرا، والله عز وجدل لما أبان أن عشرة يقاتلون مائة،يغلبوا مائتين،عشرون يغلبوا مائتين، قال {
        بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ } [الأنفال:65]فأبان أن فقه دين الله من أسباب النصر،فقه دين الله،ألا وإن من أعظم ما يسبب الذل للمسلمين،لهو التشبه بالكافرين، فإن هذا يدل على الضعف الذاتي، تشبه ظاهرا أو باطنا يدل على الضعف الذاتي عند المتشبه، ولما كان كذلك "وجعلت الذلة والصغار على من خالف أمري" "ومن تشبه بقوم فهو منهم" ألا وإن من أسباب ذلة المسلمين وتسلط الكافرين لهو الإعجاب والغرور بالنفس،والزهو وعدم محاسبة النفس محاسبة صحيحة على كتاب الله وسنة رسوله،وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم" من لبس ثوب شهرة ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة "ومعنى ذلك أن هذا من أسباب الذل يوم القيامة، وما كان من أسباب الذل يوم القيامة آثاره في الدنيا وذلته في الدنيا قبل الآخرة،والحديث الراجح وقفه، ولكن وإن كان موقوفا فهو آثره طيب،وله أصوله وشواهده،وهكذا تتولى الأدلة على أن ما يحصل بالمسلمين لا يرتفع عنهم إلا بتوبة صحيحة،{وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }[النور: 31]قال الله سبحانه وتعالى لما أخبر أن أولئك أصحاب الجنة،أن أصحاب الجنة حصل لهم ما حصل لهم، وكذلك العذاب { وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُون } [القلم:33]وما يحصل للمسلمين الآن بسبب معاصيهم وابتعادهم وعدم تطبيقهم لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم،يُخشى والله أن يكون قليلا من كثير مما يوم القيامة يعذبهم الله عز وجل على البعد عنه، بقدر ما هم فيه{وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى (126) }[طه] ونحن على كتاب وسنة وشريعة بينة، قال الله عز وجل:{ ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ (18) إِنَّهُمْ لَن يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللَّهِ شَيئًا وإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ (19 } [الجاثية]نسأل الله عز وجل أن يدفع عنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يتوفنا على الإسلام والسنة.

        أسأل الله عز وجل أن ينفع بهذه التوجيهات القيمة السديدة الإسلام والمسلمين.
        قام بتفريغها: أخونا الفاضل أبو عبد الرحمان ابراهيم غفر الله له ولوالديه.
        8شوال1432هـ أكادير
        التعديل الأخير تم بواسطة أبو إبراهيم المصطفى موقدار; الساعة 07-09-2011, 10:19 PM.

        تعليق

        يعمل...
        X