عن أبي هريرة –رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ على صبرة طعام فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللاً فقال: «ما هذا يا صاحب الطعام؟».
قال: أصابته السماء يا رسول الله.
قال: «أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس، من غش فليس منا» أخرجه مسلم.
وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من حمل علينا السلاح فليس منا، ومن غشنا فليس منا» أخرجه مسلم.
1- الغش هو إظهار خلاف الواقع وعدم الإخلاص في النصح ينبئ عن غل وحقد وظلمة وخلط، فهو عملية تزييف ومحاولة للحصول على ما ليس لك، ولذلك يترقى ليكون ظاهرة اجتماعية منحرفة لخروجها عن القيم الشرعية، ولما تتركه من الآثار السلبية المدمرة التي تنعكس بوضوح على كل قطاعات المجتمع.
2- الغش فيه عدة كبائر:
2/1- الخيانة؛ لأنه فيه نقضاً للعهد وتفريطاً في الأمانة، قال تعالى: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ} [الأنفال: 58].
وقال: {وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} [النساء: 105].
2/2- باب النفاق؛ لأن الغشاش يضمر خلاف ما يظهر: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ * اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ} [المنافقون: 1-3].
2/3- أكل الحرام؛ لأنه فيه أكل أموال الناس بالباطل؛ عن أبي هريرة –رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ليأتين على الناس زمان لا يبالي المرء بما أخذ المال أمن الحلال أم من الحرام».
3- الغش من كبائر الذنوب، وقد ذكره في الكبائر الذهبي وابن حجر الهيثمي والمناوي والنووي والأدلة على ذلك كثيرة، منها هذا الحديث صريح في أن الغش كبيرة لقوله صلى الله عليه وسلم: «من غشنا فليس منا» وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم في حديث معقل بن يسار: «ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة» أخرجه مسلم.
وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي بكرة –رضي الله عنه-: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر (ثلاثاً) الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، ألا وقول الزور وشهادة الزور» وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم متكئاً فجلس فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت. أخرجه مسلم.
وكذلك قوله تعالى: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} [المطففين: 1-3].
4- أنواع الغش:
4/1- الغش في البيوع كما في حديث أبي هريرة –رضي الله عنه-: «من غش فليس منا».
4/2- الغش للرعية؛ كما في حديث معقل بن يسار: «ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة».
4/3- الغش في النصيحة.
4/4- الغش في الزواج.
4/5- الغش في التعليم.
4/6- الغش في التعليم والامتحانات والشهادات.
4/7- الغش في القضاء.
4/8- الغش في تربية الأولاد والقوامة على الزوجة.
5- وجوب النصح للمسلمين وغير المسلمين.
روى الطبراني بإسناده عن جرير بن عبد الله البجلي أنه أمر مولاه أن يشتري له فرساً، فاشترى له فرساً بثلاثمائة درهم، وجاء به وبصاحبه لينقده الثمن، فقال جرير لصاحب الفرس: فرسك خير من ثلاثمائة درهم، أتبيعه بأربعمائة درهم؟ قال: ذلك إليك يا أبا عبد الله فقال فرسك خير من ذلك من أتبيعه بخمسمائة درهم؟ ثم لم يزل يزيد مائة فمائة وصاحبه يرضى وجرير يقول: فرسك خير إلى أن بلغ ثمانمائة فاشتراه بها فقيل له في ذلك فقال: إني بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على النصح لكل مسلم.
ومن القصص المشهور عن علي بن أبي طالب –رضي الله عنه- قصة الدرع الذي سقط من علي وأخذه اليهودي، فقال له علي: هذا درعي. فقال: بل هو حقي وهو في يدي، فقال: نحتكم إلى القاضي. فذهب علي باليهودي إلى القاضي شريح، فقال: ما قضيتكما؟ قال علي: هذا درعي في يد اليهودي، فقال القاضي: ما تقول يا يهودي؟ قال: بل هو درعي وفي يدي، فقال القاضي: ألك بينة يا علي؟ قال: نعم، قنبر والحسن، فقال: أما قنبر فغلامك وعتيق فنعم، وأما الحسن فابنك، فلا نقبل شهادته لك، قال: أما تخشى الله؟ والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة»، وأنت ترد شهادته! قال: والله ما رددت شهادته، وإني لأعلم أنه وأخاه سيدا شباب أهل الجنة، ولكن ولدك لا يشهد لك؛ لأن الشرع جعل ذلك موضع اتهام، فهل عندك شاهد آخر؟ فقال: لا، فقال القاضي: اذهب يا يهودي! بالدرع، فخرجا، حتى إذا كانا عند الباب وقف اليهودي مبهوتاً، وقال: يا علي! أهكذا القضاء عندكم؟! قاضيك الذي نصبته أنت يطالبك بالبينة على يهودي! ويرفض شهادة سيد شباب أهل الجنة؛ لأنها شهادة رجل لأبيه؟! قال: نعم، هذه عدالة الإسلام، فقال: أشهد أنه الدين الحق، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، والدرع لك، فإنه سقط عن راحلتك فأخذته، وقد أنكرتك لأنظر ماذا ستفعل بي وأنت الخليفة، وماذا سيحكم القاضي وهو من وليت، أما والأمر كذلك فإن هذا درعك، فما كان من علي رضي الله تعالى عنه إلا أن قال: هو لك، ومعه مائتا درهم.
6- الآثار المدمرة للغش، وهي كثيرة في الدنيا والآخرة وعلى الأفراد وعلى الأمم والشعوب، ولكن نذكر واحداً منها، وهو أن الغش من أسباب تسلط الظلمة والكفار على المسلمين.
قال ابن حجر الهيثمي في «الزواجر»: «ولهذه القبائح –أي الغش- التي ارتكبها التُّجَّار والمتسبَّبون وأرباب الحرف والبضائع سلَّط اللَّه عليهم الظَّلمة فأخذوا أموالهم، وهتكوا حريمهم، بل وسلَّط عليهم الكفَّار فأسروهم واستعبدوهم، وأذاقوهم العذاب والهوان ألواناً، وكثرة تسلُّط الكفَّار على المسلمين بالأَسر والنَّهب وأخذ الأَموال والحريم إنما حدث في هذه الأزمنة المتأخرة لما أن أحدث التجار وغيرهم قبائح ذلك الغش الكثيرة المتنوعة وعظائم تلك الجنايات والمخادعات والتخيلات الباطلة على أخذ أموال النَّاس بأيِّ طريق قدروا عليها ، لا يراقبون اللَّه المطلع عليهم».
قال: أصابته السماء يا رسول الله.
قال: «أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس، من غش فليس منا» أخرجه مسلم.
وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من حمل علينا السلاح فليس منا، ومن غشنا فليس منا» أخرجه مسلم.
1- الغش هو إظهار خلاف الواقع وعدم الإخلاص في النصح ينبئ عن غل وحقد وظلمة وخلط، فهو عملية تزييف ومحاولة للحصول على ما ليس لك، ولذلك يترقى ليكون ظاهرة اجتماعية منحرفة لخروجها عن القيم الشرعية، ولما تتركه من الآثار السلبية المدمرة التي تنعكس بوضوح على كل قطاعات المجتمع.
2- الغش فيه عدة كبائر:
2/1- الخيانة؛ لأنه فيه نقضاً للعهد وتفريطاً في الأمانة، قال تعالى: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ} [الأنفال: 58].
وقال: {وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} [النساء: 105].
2/2- باب النفاق؛ لأن الغشاش يضمر خلاف ما يظهر: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ * اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ} [المنافقون: 1-3].
2/3- أكل الحرام؛ لأنه فيه أكل أموال الناس بالباطل؛ عن أبي هريرة –رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ليأتين على الناس زمان لا يبالي المرء بما أخذ المال أمن الحلال أم من الحرام».
3- الغش من كبائر الذنوب، وقد ذكره في الكبائر الذهبي وابن حجر الهيثمي والمناوي والنووي والأدلة على ذلك كثيرة، منها هذا الحديث صريح في أن الغش كبيرة لقوله صلى الله عليه وسلم: «من غشنا فليس منا» وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم في حديث معقل بن يسار: «ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة» أخرجه مسلم.
وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي بكرة –رضي الله عنه-: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر (ثلاثاً) الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، ألا وقول الزور وشهادة الزور» وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم متكئاً فجلس فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت. أخرجه مسلم.
وكذلك قوله تعالى: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} [المطففين: 1-3].
4- أنواع الغش:
4/1- الغش في البيوع كما في حديث أبي هريرة –رضي الله عنه-: «من غش فليس منا».
4/2- الغش للرعية؛ كما في حديث معقل بن يسار: «ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة».
4/3- الغش في النصيحة.
4/4- الغش في الزواج.
4/5- الغش في التعليم.
4/6- الغش في التعليم والامتحانات والشهادات.
4/7- الغش في القضاء.
4/8- الغش في تربية الأولاد والقوامة على الزوجة.
5- وجوب النصح للمسلمين وغير المسلمين.
روى الطبراني بإسناده عن جرير بن عبد الله البجلي أنه أمر مولاه أن يشتري له فرساً، فاشترى له فرساً بثلاثمائة درهم، وجاء به وبصاحبه لينقده الثمن، فقال جرير لصاحب الفرس: فرسك خير من ثلاثمائة درهم، أتبيعه بأربعمائة درهم؟ قال: ذلك إليك يا أبا عبد الله فقال فرسك خير من ذلك من أتبيعه بخمسمائة درهم؟ ثم لم يزل يزيد مائة فمائة وصاحبه يرضى وجرير يقول: فرسك خير إلى أن بلغ ثمانمائة فاشتراه بها فقيل له في ذلك فقال: إني بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على النصح لكل مسلم.
ومن القصص المشهور عن علي بن أبي طالب –رضي الله عنه- قصة الدرع الذي سقط من علي وأخذه اليهودي، فقال له علي: هذا درعي. فقال: بل هو حقي وهو في يدي، فقال: نحتكم إلى القاضي. فذهب علي باليهودي إلى القاضي شريح، فقال: ما قضيتكما؟ قال علي: هذا درعي في يد اليهودي، فقال القاضي: ما تقول يا يهودي؟ قال: بل هو درعي وفي يدي، فقال القاضي: ألك بينة يا علي؟ قال: نعم، قنبر والحسن، فقال: أما قنبر فغلامك وعتيق فنعم، وأما الحسن فابنك، فلا نقبل شهادته لك، قال: أما تخشى الله؟ والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة»، وأنت ترد شهادته! قال: والله ما رددت شهادته، وإني لأعلم أنه وأخاه سيدا شباب أهل الجنة، ولكن ولدك لا يشهد لك؛ لأن الشرع جعل ذلك موضع اتهام، فهل عندك شاهد آخر؟ فقال: لا، فقال القاضي: اذهب يا يهودي! بالدرع، فخرجا، حتى إذا كانا عند الباب وقف اليهودي مبهوتاً، وقال: يا علي! أهكذا القضاء عندكم؟! قاضيك الذي نصبته أنت يطالبك بالبينة على يهودي! ويرفض شهادة سيد شباب أهل الجنة؛ لأنها شهادة رجل لأبيه؟! قال: نعم، هذه عدالة الإسلام، فقال: أشهد أنه الدين الحق، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، والدرع لك، فإنه سقط عن راحلتك فأخذته، وقد أنكرتك لأنظر ماذا ستفعل بي وأنت الخليفة، وماذا سيحكم القاضي وهو من وليت، أما والأمر كذلك فإن هذا درعك، فما كان من علي رضي الله تعالى عنه إلا أن قال: هو لك، ومعه مائتا درهم.
6- الآثار المدمرة للغش، وهي كثيرة في الدنيا والآخرة وعلى الأفراد وعلى الأمم والشعوب، ولكن نذكر واحداً منها، وهو أن الغش من أسباب تسلط الظلمة والكفار على المسلمين.
قال ابن حجر الهيثمي في «الزواجر»: «ولهذه القبائح –أي الغش- التي ارتكبها التُّجَّار والمتسبَّبون وأرباب الحرف والبضائع سلَّط اللَّه عليهم الظَّلمة فأخذوا أموالهم، وهتكوا حريمهم، بل وسلَّط عليهم الكفَّار فأسروهم واستعبدوهم، وأذاقوهم العذاب والهوان ألواناً، وكثرة تسلُّط الكفَّار على المسلمين بالأَسر والنَّهب وأخذ الأَموال والحريم إنما حدث في هذه الأزمنة المتأخرة لما أن أحدث التجار وغيرهم قبائح ذلك الغش الكثيرة المتنوعة وعظائم تلك الجنايات والمخادعات والتخيلات الباطلة على أخذ أموال النَّاس بأيِّ طريق قدروا عليها ، لا يراقبون اللَّه المطلع عليهم».
الموضوع الأصلي: خطبة الجمعة :: الغش: أسبابه وعلاجه :: لفضيلة الشيخ سليم الهلالي || الكاتب: أسامة الهلالي || المصدر: منتديات منهاج الرسول السلفية
تعليق