بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، وأشهد أنلا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوااتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾[آل عمران:102]،﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًاكَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾[النساء:1]،﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِاللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًاعَظِيمًا﴾[الأحزاب:70-71].
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوااتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾[آل عمران:102]،﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًاكَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾[النساء:1]،﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِاللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًاعَظِيمًا﴾[الأحزاب:70-71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أيها الناس..
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أيها الناس..
في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال(كل أمتي معافى إلا المجاهرين)وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل الذنب من الليل فيستره ربه ,فيصبح وقد ستره الله فيقول: يا فلان فعلت البارحة كذا وكذا يستره ربه فيكشف ستر الله عنه,في هذا الحديث ضرر المجاهرة بالمعاصي وضرر الإفتخار بها ومحبة ظهورها وإشاعتها سواءً كانت تلك المعصية فيك أوفي غيرك :﴿ إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة ﴾[النور/19] ومن أجل ذالك كان الستر أمراً عظيماً: [ومن ستر مسلمًا ستره الله].حفاظا وصيانة له ورغبةً في عدم ظهور الفواحش فإن المجاهرة بها ضرر عظيم وإذا جاهر العباد بالمعاصي يدل على جرأتهم عليها وعدم استخفائهم وضعف حيائهم لهذا كان المجاهر بالمعصية غير معافى وما من شك أن العافية في العبد نعمة من الله قال النبي صلى الله عليه وسلم:[لاتتمنوا لقاء العدو وسألوا الله العافية]. وقال كما جاء في حديث أبي بكر الصديق[ما أعطي الإنسان خير من المعافاة واليقين]. وكان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم:[اللهم إني أسألك العافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي ]فيستفاد من هذا الحديث العظيم أن المجاهرة ضررها عظيم سواءً كانت هذه المجاهرة بالأقوال أو الأفعال يقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم مبينًا ضرر المجاهرة بأمم مضوا وأن ذالك سبب الهلاك :﴿وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون ﴾ جهروا لله بالمعاصي وبالكفر وبالإلحاد فبدلت نعمتهم نقمة: ﴿ ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وأن الله سميع عليم ﴾ [آل عمران/171]. ﴿وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا ﴾[الأعراف/97]. جاهروا بالمظالم والفتن فأهلكهم الله:﴿ فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ﴾[العنكبوت/40] ومما يدل على ضرر المجاهرة بالذنوب والمعاصي ما ثبت عند الحاكم من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:[يا معشر المهاجرين خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن مافشت الفاحشة في قوم حتى يعلنوا بها إلا ابتلوا بالطاعون والأمراض التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا قبلهم].ومن تأمل هذا الحديث من قوله فشت الفاحشة حتى يعلنوا بها ما صارت الفاحشة مستخفى بها ومستتراً ويصير خجلاً مستحيًا لا, صارت فاحشة معلنة وتتضمن قلة الحياء وتتضمن عدم الورع وتتضمن التعاون على الإثم والعدوان وتتضمن أيضًا إفساد المجتمعات علانية لما كان الأمر كذالك فإن الله يسلط عليهم أمراضا وأوجعًا ليست فيما مضى نقمة من الله سبحانه وتعالى الجزاء من جنس العمل .[مافشت الفاحشة في قوم حتى يعلنوا بها إلا ابتلوا بالطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا قبلهم وما نقص القوم المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين (أي الجذب والقحط والفقر والجوع )وسدة المؤنة وجور السلطان عليهم,وما منع قوم زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا وما نقض قوم عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوًا من غيرهم فيأخذ بعض ما في أيديهم وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتحروا ذالك إلا جعل الله بأسهم بينهم].هذا هو الواقع كل هذه الخمس خصال التي استعاذ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعاد أصحابه المهاجرين أن يدركوا ذالك واقعا ومجاهرٌ بها ولهذا قلت العافية في الناس في دينهم ودنياهم وأصيبُوا بعدة من المصائب بل بشتى المصائب لأن الله عز وجل يخبر أن المجاهرة بالمعاصي وأن الذنوب سبب المصائب:﴿وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير ﴾[الشورى/30] وعدد من المصائب الحاصلة الآن في المجتمعات بين الناس في أوساط المسلمين أنفسهم لا تكاد تحصرها البتة ولا تستطيع استيعابها سواءً كانت هذه المصائب بإراقة الدماء أو تقطيع الطرقات أو كانت هذه المصائب أيضًا بالقحط والجذب عليهم والعذاب عليهم أو بتضييق الصدور وقسوة القلوب أو غير ذالك كل هذا آثاره وأسبابه المجاهرة بالمعاصي فلهذا لم يعافوا, صاروا في نقمة إلا من رحم الله ما عافهم الله عز وجل. قال الله عز وجل:﴿ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون ﴾هذا من عدم العافية﴿ ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون﴾[الروم/41] البحار حصل الفساد فيها, وقلة المعايش, والبر أيضًا حصل الفساد فيه,وقلة المعايش, والأرزاق, وضعف البركات ,وسوء الأحوال, والجو كذالك أيضًا حصل فيه الفساد ,في المراكب الجوية والبحرية والبرية فأثار ذلك الفساد الحسي حصل فسادٌ في المعايش والبركات الفساد يولد فساد إذا انتشر الفساد وجوهر بالمعاصي ولد ذالك الفساد على الناس فساد حياتهم ومعايشهم ودينهم ودنياهم_نعم _هذا هو الحاصل﴿أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم ﴾ [آل عمران 165]. فكل ما هو حاصل في المجتمعات الآن في المسلمين أنفسهم هو بسبب المجاهرة بالمعاصي فلم يعافوا وبقوا في نقمة وفي شيء من العذاب قال الله عز وجل:﴿ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون ﴾ [السجدة/21] .إن المجاهرة بها ذل تورت الذل للإنسان, المعاصي كلاً, بكلها ولكن إذا حصلت المجاهرة بها حصل أشد الجرأة عليها وكان العقاب على مستواها يقول الله عزوجل: ﴿ والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ﴾[يونس/27]. لا تظنوا أن سيئا واقترف السيئات أن يعز, العزة لله ولرسوله وللمؤمنين:﴿من كان يريد العزة فلله العزة جميعا ﴾[فاطر/10]. هو معرض نفسه للذل ليل نهار بسبب المعاصي. وترهقهم ولم يقل وتكن عليهم ذلة لا,إرهاق غاية في الذل حتى يصير مرهقًا مثقلاً متعبًا بالذلة لا يستطيع أن يتخلص منها في ليله في نهاره في سفره في حضره إذا أراد أن ينطق كلمة حق أو معروف لا يستطيع, مرهق إذا أراد أن يعبد الله عز وجل يقوم من قيامه للطاعة من النافلة من أداء فرائض مرهق وهكذا ,مرهق بالذلة فصارت مرهقة له حتى تغشاه وتستوعيه هذا ما يتضمنه كلمة أرهق.وترهقهم ذلة ,وقد ثبت عن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:[نصرت بالرعب مسيرة شهر وجعل رزقي تحت ضل رمحي وجعلت الذلة والصغار على من خالف أمري].ذلة ومع ذالك حقير كل هذا من آثار المعاصي والمجاهرة بها فإذا إنسانٌ تجرأ عليها يكشف ستر الله عليه وهو مستور بطاعة الله وبالخير ثم يتجرأ على المعاصي يصير ذليلًا حقيرًا مصغرًا, وجعلت الذلة والصغار على من خالف أمري( ومن تشبه بقوم فهو منهم), وثبت عنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:[إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد في سبيل الله سلط الله عليكم ذلًا لا ينزعه عنكم حتى تراجعوا دينكم].معناه تفلتوا عن دينهم فهم الآن يحتاجون إلى مراجعة لدينهم إذا حصلت في بيوعهم المخالفات والمجاهرة يسوء الحال في البيوع الغش, والخداع ,والخيانة, والزور, والنجش ,والبيع على بيع الآخر وغير ذالك ,ومن ذالك البيع بيع العينة وهو أن يبيع سلعة بثمن رخيص ثم يقول هذه السلعة لا تسوى في السوق إلا ما بعته منك,لا تسوى في السوق هذا الثمن الذي أعطيتك إياه الذي بعته منك, وهي إنما بأدنى من ذالك فسأعطيك أدنى من ذالك وترجع لي ,يستفيد سلعته ويربح مالًا ويستفيد عين سلعته هذا مثالها فإذا كان هذا الإحتيال حاصل بينهم والتلاعب بدين الله هذا تعرض للذل[إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ]أي إنشغلتم بالزراعة وبالمواشي عن ذكر الله وعن طاعة الله ,ورضيتم بالزرع سلط الله عليكم ذلًا.هذا إنهماك في الذنيا.هذا إنشغال عن طاعة الله,هذه خسارة تسبب الذل:﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون ﴾ [المنافقون/9] فمن لهى بمثل ذالك عن ذكر الله وفرط في جوانب أخر من دين الله وفرط في واجبات أذل بسبب تلك الغفلة ومن آثار المجاهرة بها النسيان,أن الإنسان يعاقب بنسيان الله تعالى له:﴿وما كان ربك نسيا﴾[مريم/64] ولكنه يتركه ويكله إلى نفسه قال الله سبحانه وتعالى :﴿ ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها ونسي ما قدمت يداه إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا ﴾[الكهف/57] .هذا عقاب من عقاب الذنوب وأثر وآثارها السيئة أنه يذكر بآيات ربه فلا يتذكر ثم ينسى ما قدمته يداه ويتغافل عن عظائمه وذنوبه فلا يوفق للتوبة حتى إذا ذكرته بالله لا يتذكر ويحسب نفسه من المحسنين:﴿ أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا ﴾ [الكهف/100]. وقد أخبر الله أنهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا وقال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم مبينًا أنه ينساهم بقدر ما ينسونه:﴿ المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم ﴾أي بخلاء﴿ نسوا الله فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون ﴾[التوبة/67]. بقدر ما يتركون دين الله وينسون الله عز وجل ويذكرونه إذا ذكروا ويشتد وتشتد غفلتهم ينساهم ويتركهم:[من أعرض أعرض الله عنه] :﴿يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد ﴾ [فاطر/15]. ليس له حاجة إلى عباده فإذا نسيهم أنساهم أنفسهم ويصبح بعد هذا النسيان ناسيًا لنفسه.عجب والله كيف ينسى الإنسان نفسه ولكن بسبب نسيانه لذكر الله, الله عز وجل والله سبحانه ينسى نفسه قال الله سبحانه وتعالى:﴿ نسوا الله فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون ﴾ [التوبة/67] وقال﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون ﴾[الحشر/18] ﴿ ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون ﴾[الحشر/19] . أنساهم أنفسهم ينسيهم الموت إذا أنساهم أنفسهم ينسيهم الموت لا يتذكرونه قال الله عز وجل:﴿حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون ﴾[الأنعام/44]. ﴿فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين﴾[الأنعام/45].بسب أنهم نسوا الله سبحانه وتعالى ونسوا تذكر الموت فينسيهم أنفسهم, وهكذا ينسيهم لقاء الله سبحانه ويوم الحساب:﴿يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب ﴾[ص/26]. دل على أنهم بسبب أن الله عز وجل نسيهم أنساهم أنفسهم فلا يتذكرون الموت ولا يتذكرون يوم الحساب يصيرون منسيين ويتركهم الله عز وجل ويكلهم إلى أنفسهم:﴿ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا ﴾[النساء/115] ويقول الله سبحانه وتعالى مبينًا أنهم يصيرون منسيين:﴿ ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى﴾[طه/124],﴿ قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا﴾[طه/125],﴿ قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى ﴾ [طه/126]. بما أنه نسي الله ونسي ذكر الله سبحانه وتعالى نسي ,صار منسيًا متروكًا هذا من عقاب الذنوب ومن عقاب الزيغ أن يزيغ الإنسان إذا تجرأ عليها:﴿ فلما زاغوا ﴾أي ابتعدوا عن الصواب والحق وتجرؤا على المعاصي أزاغهم الله:﴿ أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين ﴾[الصف/5]. هذا عقاب آخر أيضًا أن الله لايهديه إذا تجرأ على المعاصي لا يهدى إلى الحق ومن عقابها الأخر عرض الفتن والتجرأ على الفتن ويصير مفتونًا قال الله سبحانه في كتابه الكريم:﴿ فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ﴾ [النور/63]. وهذا شاملٌ للدارين للدنيا وللآخرة فإذا خالف أمر الله وتجرأ على المعاصي أصيب ,وتلك المعصية شاملة لفتنته سواءً كانت الفتنة في الدنيا بالأذى والقلاقل والعذاب الأليم أيضًا عليه في الدنيا وفي الأخرة وفي الصحيح:[تعرض الفتن على القلوب كعرض الحصير عودًا عودا فأي قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء حتى تصير القلوب على قلبين أبيض مثل الصفاء لا تضره فتنة مادامت السموات والأرض والآخر أسود مرباداً لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرًا إلا ما أشرب من هواه]. وهذا أيضًا بلاء آخر من بلايا الذنوب أن الفتن إذا استقبلها الإنسان وأخذها بالمعاصي والتجرأ عليها فإن الفتن تسيطر عليه ويطمس قلبه وربما أصيب بالران وربما انتكس إلا ما أشرب من هواه, فعلم من هذا كله عباد الله أن المجاهرة بالمعاصي آثارها شديدة في الحياة الدنيا وفي الآخرة وليس معافا من جاهر الله سبحانه وتعالى بالمعاصي وتجرأ عليها.
الخطبة الثانية
الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليمًا كثيرًا.
أمابعد:
الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليمًا كثيرًا.
أمابعد:
فمما أبانه أهل العلم أن البدع أشر من بعض المعاصي قالوا:لأن البدع فيها مجاهرة صاحب البدعة يجاهر بذنبه ويفتخر به ويدعوا الناس إليه, وبعض العصاة يستخفي به ويخجل ولا يتجرأ أن يفعل تلك المعصية أمام الناس فلهذا كان من جاهر بالمعاصي استخق بأن يجهر عليه بالرد وكما أنه أبان شره أن يبان أظهر شره أن يوضح شره ويحذر من فكره فالمجاهرة بالمعاصي تشمل الشركيات والبدع والخرافات وهكذا البنوك الربوية وتصوير ذوات الأرواح وغير ذالك مما هو واضح من المعاصي الجلية أمام الناس وأن هذه معاصي ظاهرة هذا كله من المجاهرة بالمعاصي التي تسبب عدم العافية ,وثبت عن أبي بكر رضي الله عنه في تفسير قول الله عز وجل:﴿يأيها الناس عليكم أنفسكم لايضركم من ضل إذا اهتديتم﴾.قال أيها الناس إنكم تقرءون هذه الآية وتحملونها على غير محملها وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:[إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك الله أن يعمهم بعقاب من عنده]. والله عز وجل يقول:﴿فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به ولا تزال تطلع على خائنة منهم﴾.يعني خياناتهم تظهر وتشتهر للناس إلا قليلًا منهم فلهذا لعنوا وقست قلوبهم وعوقبوا بعديد من العقبات ومن البلايا بسبب المجاهرة وقال:﴿وسئلهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذا يعدون في السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لايسبتون لا تأتيهم كذالك نبلوهم بما كان يفسقون﴾,﴿وإذا قالت أمة منهم لما تعظون قومًا الله مهلكهم أو معذبهم عذابً شديدا قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون* فلما نسو مما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء ﴾.نسو مما ذكروا به أي أعرضوا وجاهروا بمعاصيهم ولا زالوا مستمرين على ما هم عليه أهلكهم الله :﴿* فلما نسوا مما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون* فلما عتوا عما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردةً خاسئين﴾.فكان سبب مسخهم هو إعلانهم لمعاصيهم وعدم أخدهم بالتذكير وبالموعظة .هذا أمرٌ خطير عباد الله تفشى في أوساط الناس كثيرًا المجاهرة بالمعاصي:﴿ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدًا فيها ذالك الخزي العظيم﴾.هذا ولو لم يكن مجاهرًا فما بالك إذا جاهر بذالك بالشركيات والبدع والخرافات ويصرف بسبب ذالك عن دين الله ربما ,وعن الخير وعن العلم لو لم يكن من أضرار المجاهرة بالمعاصي والتجرأ عليها إلا أنك تصرف:﴿سأصرف عن آيات الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق وإن يروا كل آية لا يؤمن بها وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيل وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيل ذالك بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين﴾.هذا عقاب شديد أن يصرف الإنسان عن دين الله بسبب المجاهرة بالمعاصي ,ويقول الله عز وجل:﴿وإذا ما أنزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحد ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون ﴾. هذا ظاهره الإستخفاء فما بالك بالمجاهرة إذا كان إعلان معصية بوضوح بشتى أنواعها إلا فليتقي الله امرؤُ في نفسه وليحاسبها فيما يتعلق بطاعة الله عز وجل سرًا وجهارا ليلًا ونهارا فإن من جاهر الله عز وجل بالمعاصي يغضب الله سبحانه وتعالى عليه:﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون *ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون *﴾.كفى بالمجاهرة بالمعاصي حرمان الرزق سواء كان رزق العلم, أو رزق المال الحسن فقد ثبت عن ثوبان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :[وإن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه]. ويقول الله سبحانه وتعالى:﴿ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون﴾.فلما كانوا على هذه الأحوال والتجرأ على المعاصي أصمت أذانهم, وأبكمت أفواههم, وأعميت أبصارهم ,وعطلت جوارحهم ,وإن كانوا كسائر الناس لكن التجرأ على المعاصي لم يستفيدوا من تلك الجوارح التي أمدهم الله عز وجل إياها :﴿ولقد مكناهم فيم إن مكناكم فيه وجعلنا لهم سمعًا وأبصارًا وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات الله ﴾.
تفريغ العبد الضعيف :
أبو المنذرالبوسيفي
وراجعها الأخ الطيب :
أبوعبدالرحمن البوسيفي
تفريغ العبد الضعيف :
أبو المنذرالبوسيفي
وراجعها الأخ الطيب :
أبوعبدالرحمن البوسيفي
تعليق