إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

خطبة جمعة لشيخنا بعنوان: ((الدعوة إلى الإسلام وبيان كفر من دعا أو أقرّ فصْله عن الدولة أو غيرهم من الأنام))

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • خطبة جمعة لشيخنا بعنوان: ((الدعوة إلى الإسلام وبيان كفر من دعا أو أقرّ فصْله عن الدولة أو غيرهم من الأنام))

    بسم الله الرحمن الرحيم

    خطبة جمعة لشيخنا الناصح الأمين
    بعنوان:




    الدعوة إلى الإسلام
    و بيان كفر من دعا أو أقرّ فصْله عن الدولة أو غيرهم من الأنام

    (17 رمضان 1434هـ)

    تحميل الخطبة من موقع الشيخ على هذا الرابط

    ومن الخزانة العلمية على هذا الرابط


    تنبيه:
    يا حبذا لو تفرغ هذه الخطبة، و يرفع التفريغ هذه الليلة، و بارك الله فيكم



    التعديل الأخير تم بواسطة أبو إبراهيم علي مثنى; الساعة 26-07-2013, 07:40 PM.

  • #2
    المشاركة الأصلية بواسطة ثابت بن هود الحضرمي مشاهدة المشاركة
    تنبيه:
    يا حبذا لو تفرغ هذه الخطبة، و يرفع التفريغ هذه الليلة، و بارك الله فيكم

    بارك الله في إخواننا فرسان التفريغ

    تعليق


    • #3
      وإليكم خطبة شيخنا الوالد العلَّامة الناصح الأمين ــــ أيَّده الله ـــ مفرغةً

      الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[آل عمران 102] {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}[النساء 1] ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71) ﴾[الأحزاب 70 ـــ 71]
      أمّأ بعدُ:ــ
      فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكلَّ محثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٍ، وكلَّ ضلالةٍ في النار.

      أيُّها الناس:ــــــ
      أمر الله نبيه أن ينادي أهل الكتاب؛ إلى كلمةٍ سواء؛ تجتمع بها الأمة، وتحصل بها الوحدة، وتكون بها الأُلفة، إلى غير ذلك مما يتحقق لهم من السعادة، فقال تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ}[آل عمران 64] هذه هي الكلمة، "كلمة التوحيد" التي هي كلمة السواء، في عبادة الله، وترك ما يُعبد سواه في توحيد الله والحذر من الشرك به، {فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنَّا مسلمون}، يُدعون إلى هذه الكلمة، فإن تولوا وأبَوا؟! فإن واجبكم أن تعلنوا توحيدكم، وأسلامكم، وأيمانكم، ودعوتكم الواضحة إلى ذلك، دون تخفٍ، ودون تخوف، ودون تحرج، فإن هذا هو الدين الحق قال الله عزَّو جل:{أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ}[الحديد 16] وقال الله {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ}[الصف 9]
      ووعدَه بالنصر عليه فقال:{ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ}بالنصر على ما ضاده {وكفى بالله شهيدا} ومن هذا الإعلان والبيان؛ الذي أمر الله به بعد دعوتهم إليه قول الله تعالى {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ.}[البقرة 136] هكذا يقول المسلم {ونحن له مسلمون} قال الله {فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ. [البقرة137] وهذا الشقاق؛ يعتبر مشاقةً لرب العالمين، ولجميع أنبيائه والمرسلين، فإن الله سمى المؤمنين مسلمين، قال الله سبحانه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمُ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(77) وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ}(78) [الحج 77 ـــ 78] الله سمى عباده المسلمين، فمن أسلم طوعاً فهو الناجي المفلح، ومن أسلم كرهًا يأتي مذعنًا إلى لله سبحانه وتعالى ومؤدب، {قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ(11) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَىٰ فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (12) [فصلت 11 ـ 12] {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا}[آل عمران 83] فمنهم من أسلم وأذعن وأطاع الله، ومنهم من أبى؟! وأعرض؟! وهوتحت قهر الله، وحكمه، وشرعه، يفعل به ما يشاء.
      أيُّها الناس:ــ
      إن الدعوة إلى غير الإسلام؛ لفردٍ أو جماعةٍ، لشعبٍ أو دولة، وإن الرضى بذك؟! أوإقرار ذلك؟! يعتبر مشآقة لله، ومراده، وخلقه، وأمره، وشرعه، وقدره، وحكمه، ودينه ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء 115] {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَٰلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ} [التوبة 63] مشاقة بنص قول الله عزَّ وجل {فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ(137)صِبْغَةَ اللّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدونَ(138) [البقرة 137 ـــ 138] الله أسبغ نعمه على عباده بهذا الدين وأنعم عليهم به، قال الله عزوجل { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإسْلامَ دِينًا } [المائدة: 3] وقال الله سبحانه وتعالى {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ}[آل عمران 103] وهو الإسلام {وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ} أي به { إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً} أي بنعمة الإسلام، وأبان لهم ما كانوا قادمين عليه من العذاب في حين مزاولته {وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103) وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ(104) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[آل عمران 103 ــ105] الآيات.
      ومما يدل على أن دين جميع المخلوقات، من الأنبياء والرسل، وسائر من خلق الله
      ــ عزوجل ــــ من المكلفين، من جنٍ وأنس، هو الدين الذي رضيه الله ـــ عزوجل ـــ لهم وأمرهم به قال{وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِإِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ}[الذاريات 56 ــ 58] دين جميع البرية، قال الله سبحانه وتعالى لنبيه {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي}ــــ هذا دين إبراهيم ودين سائر الأنبياء ـــــ {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَبْغِي رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } [الأنعام 161 ــ 164] هذا الدين قال الله ــــ عز وجل ــــ مبينا أنه دين جميع الأنبياء، ومن أجله أُرسلوا وبُعثوا، وكتبه نزلت به، ورسله أُرسلت به {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ}[النحل36] وقال الله {وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتْ النُّذُرُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ }[الأحقاف 21] وقال الله {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ} ـــ وهو خاتم الأنبياء، وجميع الرسل قبله والأنبياء يدعون إلى هذا، إلى توحيد الله والإسلام { إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ}[الأنبياء 25].
      وجاء على سبيل التفصيل قول الله سبحانه وتعالى عن نبيه نوحٍ { وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ (71) [إني توكلت على الله ـــــ ليست في هذه الأية] فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ }[هود 71 ـــــ 72] أول الرسل إلى أهل الأرض هو: نوحٍ ـــ عليه الصلاة والسلام ـــ أمره الله ـــ عزَّ وجل ـــ أن يكون من المسلمين.
      وهكذا آدم أمره الله ـــ عزَّ وجل ــــ بذلك كما في سورة الأعراف، وجعله من المسلمين، جميع البشرية؛ من جنٍ وأنسٍ.
      وقال الله عن نبيه إبراهيم
      {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ( 127 ) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ} هذه دعوة إبراهيم؛ يدعو الله أن يجعل من ذريَّته أمةً مسلمةً، ومن ذريَّة إسماعيل مسلمةً له {أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}[البقرة 127 ـــــ 128] قال الله ــــ عزَّ وجل ـــــ مبينًا عن نبيه موسى ــــ عليه الصلاة والسلام ــــ {وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ (84) فَقَالُواْ عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (85)وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (86) وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُواْ الصَّلاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (87) وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ (88) قَالَ قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلاَ تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ (89) وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90) ـــــ قال الله ـــ آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91) فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (92)}[يونس 84 ـــــ 92] فرعون الذي ادعىَّ؟! الربوبية، يتمنى أنه يُسلم في ذلك الحال! ويُقيل إسلامه، ويسلم ولكن؛ في حين لا يُقبل إسلامُه، ويعلن ذلك {وأنا من المسلمين} وسيأتي ما يتعلق بندم كثيرٍ، بندم كلِّ من زايل الإسلام وكل من فرط فيه في جنب الله.
      "نعم" في آياتٍ كثيرة من القرآن. هذه دعوة المرسلين. نبي الله يوسف يعمل بوصية أبيه وجده وجده ويقول:
      {رَبِّ قَدْ آَتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ}[يوسف 101] وقال الله لنبيه {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ(11) وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ (12) قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (13) قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَّهُ دِينِي (14) فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُم مِّن دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (15)} الآيات[الزمر 11 ــــ 15] هكذا أمر الله نبيه وسائر الأنبياء.
      وهكذا يقول الله عن عيسى ــــ عليه الصلاة والسلام ــــ
      {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}[آل عمران 52]
      هكذا كفر أُناسٍ به وما زالوا كفارًا، ويدعون إلى غير الإسلام؟! سواءٌ في فصله عن الدولة، أو فصله عن الدعوة، أو فصله عن ما يتعلق بالمجتمعات، أو غير ذلك، ومن كان على طريقته وهديه، وهدي الأنبياء جميعًا؛ فإنه يدعو إلى الإسلام من قبل ومن بعد.
      فالإسلام بالمعنى العام يشمل جميع الملل المتقدمة ـــــ السائرة على نهج الأنبياء ــــ "نعم" وبالتفاصيل الذي في هذا الإسلام: منه ما نسخ الملل المتقدمة قال الله سبحانه
      {ثمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ (18) إِنَّهُمْ لَن يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ(19)}[الجاثية 18 ــــ19] هذا الدين الذي شرعه الله لجميع الملل، لجميع الأمة { إِنَّ هَذِهِ أُمَّتكُمْ أُمَّة وَاحِدَة وَأَنَا رَبّكُمْ فَاعْبُدُونِ }[الأنبياء 92]{شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} أول الأنبياء وآخر الأنبياء {وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ (13)} [الشورى 13] ولذلك وصى إبراهيمُ جميع بنيه بذلك {وَوَصَّىٰ بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ لَكُمُ الدِّينَ} اصطفى لكم الدين ـــ أي: جعلكم مسلمين ـــ { فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }[البقرة 32] وقال {أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}[البقرة 133] وهكذا سائرهم وهم يقولون {ونحن له مسلمون} أي لله سبحانه وتعالى.
      أيُّها الناس:ـــــ
      إنه لا يرغب عن ملة الأنبياء، وعن طريقة الأصفياء الأذكياء، إلا أرذل السفهاء، وأقبح التعساء، الذين: لم يحترموا عقولهم، ولا فطرهم، ولا أخلاقهم، ولا أمتهم، ولا مجتمعهم، ولا دينهم ــــ العزيز الكريم الحنيف ــــ الذي هو قيِّمٌ، ومقيم، قال الله سبحانه وتعالى في كتابه آمرًا بإقامته
      {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا}ـــ حنيفًا ــــ {لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ}[الروم 30] الذي يُريد أن يقيمه الله هذا هو الدين القيّْم الذي لا عوج له، والذي لا نقصان فيه بوجهٍ من الوجوه، فقد أكمله الله، وأتمه، وحفظه إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، "نعم"
      وقال الله سبحانه وتعالى
      {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كافَّةً واعلموا أن اللهَ مع المتقين}[التوبة 36] وأبان الله ــــ عزَّ وجل ــــ أنه لا يرغب عن هذه الملة الإسلامية، والشريعة الزكية، هدي الأنبياء أجمعين، والذي رضيه ربُّ العالمين، إلا السفيه {وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ(130)إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ(131)}[البقرة 130 ــــــ 131].
      فلا أجهل جهلًا، ولا أسفه عقلًا، ولا أقل حياءً، ولا أسوء مقالًا ممن يدعو إلى فصل الدين عن الدولة، أو فردٍ أو مجتمعٍ، عن أيِّ دولة، سواءً دولة من الدول الإسلامية، أو غير ذلك.
      فإن الله خلقهم لعبادته، وأنت تشاق رب العالمين؟!"نعم" {إلا من سفه نفسه}
      واعلموا يا وفقكم الله: أن طاعة المعرضين، والسفهاء مهلكة، فنبي الله
      ((يوسف!))[موسى]
      ــــ عليه الصلاة والسلام ــــ حين استخلف أخاه هارون وجاء لميقات ربه؛ تسلط عليهم السامري، وفتن الله تلك الأمة به، فعبدو العجل؟! وغضب موسى ـــ عليه الصلاة والسلام ــــ حين رجع ــــ غضبًا شديدًا ــــ وأبان الله غضبه في سورة الأعراف قال
      {وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ(154) وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ(155)}[الأعراف 154 ـــ 155]وشاهدنا من الآية أن متابعة السفهاء، الذين سفِهو أنفسهم ورضو غير الإسلام ـــ الدين الإسلامي ـــ وحاوروا فيه في إبعاده، في إطفائه أو أدنائه، رضوا به، أو أقرّْوا أن يكون دين البعض دون البعض؟! خسارة، خسارة لا أشد منها {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[آل عمران 85] لا أخسر من هذا الصنف ــــ أبدًا ــــ وقال { قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ}[الزمر:15] هذه صفة لخسارتهم {لَهُم مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ النَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ}[الزمر 16] خسارة. وطاعة الخاسرين، وطاعة هذه الأصناف السفهين، وطاعة ــــ كذلك ـــــ ومجارتهم هلكة{وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا} حتى وإن كان من أجل مطمعٍ دنيوي فهي هلكة { وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً }[الكهف 28] هذا أمرٌ جاهليٌ قال النبي صلى الله عليه وسلم [كما في مسلم عن عبدالله ابن عمرو](قد أفلح من أسلم، ورُزق كفافًا، وقنعه الله بما آتاه) فلا فلاح إلا في هذا الدين.
      وفي الصحيح ــــ صحيح البخاري ــــ عن ابن عباسٍ ــــ رضي الله عنه ـــــ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
      (أَبْغَضُ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ ثَلَاثَةٌ مُلْحِدٌ فِي الْحَرَمِ وَمُبْتَغٍ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَمُتبَّعٌ دَمِ امْرِئٍ بِغَيْرِ حَقٍّ لِيُهَرِيقَ دَمَهُ) فالذي يريد غير الإسلام بسنة الجاهلية، والطرق المُخالفة لهذا الدين؛ هذا أبغض الناس إلى الله، أبغض الناس إلى الله، ونظير هذا الحديث ما ثبت في صحيح مسلم عن عياض ابن حمار ـــ رضي الله عنه ـــ
      مبينًا أنه لا يدعو بهذه الدعوة، الى فصل الدين عن دولة؟! أو عن فردٍ ؟! أو مجتمَعٍ؟! ويقصي الناس عن دين الله مخالفة لأمر الله بدعوتهم إليه؛ إلا ممقوت مبغوض عند رب العالمين، ممقوتٌ، فقد ثبت في هذا الحديث العظيم المشار إليه أو المذكور أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا، إن الله ــــ عزَّ وجل ـــ يقول: كل مالٍ نحلته عبدًا فهو حلالٌ له، فهو له حلال ــــ أي: مما أحله الله له ــــ وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم ــــ أي هذه الأمة ـــــ اجتالتهم ـــــ جترفتهم ــــ وجالت وصالت عليهم حتى ألحقتهم بأهل الباطل ــــ فاجتالتهم عن دينهم وحرَّمتْ عليهم ما أحللت لهم، وأحلَّتْ لهم ما حرمتُ عليهم، وإني خلقتُ عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين ) الحديث. وفيه قال: (وأمرَتْهم أن يشركوا بي مالم أُنزّْل به سلطانًا، وإن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم، عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب ) وهذا هو الشاهد، أن تلك الأمم التي كانت على غير هذا الدين، وعلى غير دين الأنبياء والمرسلين من دين الإسلام المبين؛ فإن الله أبغضهم أشد البغض، ـــــ فإن المقت: هو أشد البغض ــــ حتى أرسل الله هذا النبي يزكي الأمة بعد أن كانت ممقوتةً مبغوضةً {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ}[الجمعة 2] وقال الله سبحانه
      {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ(151)}[البقرة 151] فزكاهم بعدما كانوا في غاية الضلالة، وفي غاية التيه، وفي غاية الشقاوة، وفي غاية المقت والبغض من ربِّ العالمين.
      أيُّها الناس:ـــــ
      الدعوة إلى فصل الدين عن المجتمع فردًا أو جماعة، أو أنثى أو ذكر،أو جني أو أنسي، أو حاكمٍ أو محكومٍ، دعوة إلى جهنم ـــــ دعوةٌ جهنميةٌ ــــ دعوة الجهنميين الملعونيين الذين لا يُنصرُون في الدنيا والآخرة قال الله {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ(41) أَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَٰذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُم مِّنَ الْمَقْبُوحِينَ (42)}[القصص 41 ــــ 42] هذه دعوة إلى جهنمية، وفي الصحيح من حديث حذيفة ـــ رضي الله عنه ــــ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( دعاة إلى أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها)
      الخطبة الثانية

      الحمد لله على هداه وتوفيقه واجتِباه، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنَّا لنهتدي لولا أن هدانا الله، الحمد لله الذي أسبغ علينا نعمه ودفع عنَّا بالإسلام نغمه، وعن الكفر ـــ أيضا ـــ بلائه وشنائعه قال الله سبحانه وتعالى {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً}[لقمان 20] وكلُّ من زايل هذه النعمة الإسلامية فهو من الهالكين، المعذبين، سواءٌ حصل على شيئٍ من المتاع في الدنيا أو لم يحصل، وليس هناك إلا إلا كفرٌ وإسلام،كفرٌ: صاحبه يستحق النار فيها من المخلدين، والمعذبين، والهالكين، وإسلامٌ صاحبُهُ يُكرِمهُ الله بجناتٍ نعيم، وعلى ذلك أدلة القرآن الكريم، وما أُرسلت رسلُه، وأُنزلت كتبُه؛ إلا بذلك. ما عسى هذا الذي يتمتع بالدنيا بكفره {وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَىٰ إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ}[سبأ 37]{لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (196) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (197) لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ (198)}[آل عمران 196 ــــ 198] كيف وصف الله سبحانه وتعالى هذه النعمة، وأبان تلك النغمة قال الله سبحانه وتعالى {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ(14) قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَٰلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ(15) الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّار(16) الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ(17) شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ(18) إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسْلامُ ...}[آل عمران 14 ـــــ 19] هذا هو الدين ـــــ عند الله ــــ هذا هو الدين عند الجن، هذا هو الدين عند كلِّ من وفقه الله له، وأراد له الخير {... فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ(105) فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (106) خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (107)}[آل عمران 105 ــــ 107]
      ليس إلا شقيٌ وسعيد، صاحب جنة ونار، كفرٌ وإسلامٌ
      {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا }[الإنسان 3]{وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ } وأبان الله وعيده للكافرين المخالفين لدينه القويم {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا}[الكهف 29]{وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[آل عمران 80] فليس إلا كفرٌ، والنُقل من الإسلام إلى الكفر {وَمَن يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلۤـٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَأُوْلۤـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}[البقرة 217]
      {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا }[الإنسان 3] فليس إلا شاكرٌ وكافرٌ، شاكرٌ مسلم، وكافرٌ مُلحد ـــ محادٌّ لله ـــــ سبحانه وتعالى.
      فمن دعى إلى وسطية؟! بين الإسلام والكفر؛ فإنه دعى إلى الباطل كما قال الله سبحانه وتعالى
      {ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ}[لقمان 30]
      واسمعوا ــــ وفقكم الله ــــ إلى ندامةِ وحسرةِ من زايل الإسلام، كيف يتمنى أن يعود إليه! ويتبع هذا الرسول الكريم
      {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ. فَإِن تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ}[التوبة 128] قال سبحانه مبينًا خسارتهم، وحسرتهم، وندامتهم{وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا (27) يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولا(29)}[الفرقان 27 ـــــ 29].
      "خذلّْتَ" "خذلّْتَ" أيُّها الداعي إلى فصل الدولة؟! عن "خذلّْتَ"الدين، أو الفرد أو المجتمع أو المرأة أو الرجل، وهذه خسارتك



      قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم {يقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (24) فَيَوْمَئِذٍ لّا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ (25) وَلا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ(26) يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً(28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي(29) وَادْخُلِي جَنَّتِي(30)}[الفجر 24 ـــــ 30] كلُّ من اطمئن بدين الله هذا وعده الحق، وكلُّ من لم يطمئن بدين الله فإنه يندم ويتحسَّر {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ}[مريم 39] أي زاولو الإسلام فأنذَرَهم هذا {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ(53) وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ} والظالم هنا المقصود به المشرك ــــ الظلم الأكبر ــــ قال الله تعالى {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ(54) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ (55) أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ(56) أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ(57) أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ(58) بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ(59) وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ(60)}[الزمر 54 ــــ 60]{حتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ(99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ(100) فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ(101) فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ(102) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ(103) تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ(104)أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ(105) قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ(106) رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ (107) قَالَ اخْسَؤُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ(108)}[المؤمنون 99 ــــ107] وقال الله {وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ} ـــــ أي تسلم للعذاب ــــــ {بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَا يُؤْخَذْ مِنْهَا}[الأنعام 70] حتى الدنيا كلها ما تقبل منها قال الله سبحانه وتعالى {لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ.}[المائدة 36] كل ما فيه {يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (11) وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (12) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ (13) وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعًا} ـــــ من الناس والممالك ـــــ {ثُمَّ يُنْجِيهِ (14) كَلا إِنَّهَا لَظَى (15) نَزَّاعَةً لِلشَّوَى (16) تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ ــــ أي: عن الإسلام ـــــ وَتَوَلَّى (17) وَجَمَعَ فَأَوْعَى (18)إِنَّ الإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19)} الآية[المعارج 11 ــــ 19] وقال { كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38) إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (39) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءلُونَ (40) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (41) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46)حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ(47)}[المدثّْر 38 ـــــ 47]{وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ}[التوبة74] فكثيرٌ من الناس إذا أمده الله بنعمةٍ انقلب عليه ذلك نقمة {وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُ فَإِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ}[البقرة 211]{وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ ــــــ أي: بهذالقرآن وبهذا الدين ـــــ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَا يُؤْخَذْ مِنْهَا أُولَٰئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ(70)} وقال الله قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَىٰ أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}[الأنعام 70 ــــ 71]{قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَىٰ أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ} فانظر على خسارة، يستبدلون هذه النعمة بالكفر والنار؟!
      أيُّها الناس:ــــ
      السعادة كلَّ السعادة في طاعة الله وهذا الإسلام، والشقاوة كلَّ الشقاوة في الدنيا والآخرة في عذاب الله وفي الكفر، والبعد عن الحق، والبعد عن الخير، والبعد عن الهدى، وبابٌ واسعٌ لا يستطيع الإنسان إذا دخل فيه وذكر مثل هذه الأدلة يعني أن ينفك منه ـــ لا سيَّما ــــ وفي الساحة من ترون، من أبناء جلدتنا، من أبناء جلدتنا، ومن أصحاب بلدتنا، ومن غير ذلك ممن يدعو إلى أن يكون الإسلام عن اختيار؟!ـــ أعني ــــ من شاء أن يكون مسلمًا شاء، ومن شاء أن يكون كافرًا كانا ويفصل الدين عن الدولة؟! و بهذا تحاكمه إلى غير كتابٍ وإلى غير سنةٍ؛ لإن دينه ـــ ذلك الحاكم ــــ ما هو إسلامي، ياربِّ لطفك، هذه كارثة، ليس لها من دون الله كاشفة
      {أزِفَتِ الآزِفَة (57)لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ}[النجم 57 ــــ 58] هكذا والله، من كان يتصور من ذو بعثة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، إلى أن خرج معاذ وأبو موسى وعليٌ وسائر الصحابة معلمين لهذا البلد المبارك الذي أثنى عليه رسول الله عليه وعلى آله وسلم بالإيمان والحكمة، أين الحكمة من هذه العقول؟! هذه عقول سفيهة، التي تدعو إلى غير الإسلام، أسفه من عقول الحيوانات، فإن الحيوانات لم تُميز و تُتكرم بما كُرم به الإنسان، وما خلق الله وكرم الإنسان؛ إلا ليقيم دينه {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً}[الإسراء70]{الْعَصْرِ (1) إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ"}[سورة العصر] تريدون البلد الـمُثنى عليه بالإيمان والحكمة أن يرجع من شر الدواب {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ}[الأنفال55]{إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ}[الأنفال 22][الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ][البينة 6] هكذا شرُّ البريَّة ــــ شر المخلوقات، وفي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح، أو العبد الصالح بنوا على قبره مسجدًا وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله){مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا}[الجمعة5]
      تُريدون أن نترك هذا الكتاب ونرجع مثل الحمير؟! نحمل القرآن ونقرأه ولا نعمل به؟؟!! ما أنزل الله هذا الكتاب وسائر الكتب إلا للعمل بها{اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ}[الأعراف3]{فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}[القصص 50]{فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[هود 14] والحمد لله ربِّ العالمين.

      فرغها تلميذ الشيخ العلامة الناصح الأمين ــــ حفظه الله ومتعنا الله بعمره ـــ أحمد بن سعيد اليافعي ـــ وفقه الله ـــ
      والحمد لله.

      التعديل الأخير تم بواسطة أحمد بن سعيد الجابري اليافعي; الساعة 27-07-2013, 07:52 PM.

      تعليق


      • #4
        جزاك الله خيرا أخانا أحمد
        أعانك الله ووفقك

        تعليق


        • #5
          اللهم احفظ الشيخ يحيى من كل سوء
          ومتعه ياربنا بدار الحديث السلفية بدماج العامرة
          ومتعنا بهم.
          وشكر الله لأخينا أحمد

          تعليق


          • #6

            تم تفريغها ـــ ولله الحمد ـــ وشكر الله لكم جميعًا
            ومن وجد خطأً فلينبه عليه وجزاه الله خيرًا
            ونسأل الله أن يحفظ شيخنا يحيى على هذه الخطبة النافعة القوية

            تعليق


            • #7
              المشاركة الأصلية بواسطة أحمد بن سعيد الجابري اليافعي مشاهدة المشاركة

              تم تفريغها ـــ ولله الحمد ـــ وشكر الله لكم جميعًا
              ومن وجد خطأً فلينبه عليه وجزاه الله خيرًا
              ونسأل الله أن يحفظ شيخنا يحيى على هذه الخطبة النافعة القوية

              جزاك الله خيرا وجعل ما قمت به من جهد طيب في ميزان حسناتك

              تعليق


              • #8
                بارك الله فيك أخي الفاضل أحمد على جهودك وجزاك خيرا على تفريغك لهذه الخطبة العصماء المباركة
                ويا سبحان الله أكثر من مائة وخمسين آية في أربعين دقيقة بأسلوب فصيح بليغ يدل على سعة إدراك هذا العالم الجليل بنظائر الآيات ويتكلم على تفسيرها أحسن الكلام ويسوق بعضها توضيحاً لنظيرتها والأخرى يسوقها تذكيراً وتخويفاً لمن يريد فصل الدين عن الدولة !
                وعلى هذا المنوال خطب شيخنا فلا إطالة فهي غالباً لا تخرج عن نصف ساعة ولا شقشقات عبارة عن نشرة إخبارية ولا قصص خالية من العبر بل هي ذكر الله {فاسعوا إلى ذكر الله }
                وهكذا ينبغي للخطيب أن يكون فلا يهمل جانب الأدلة ولا يكثر من الأشعار ولا أن تكون خطبته طويلة بحيث تمل لا سيما إن كانت نشرة الأخبار أو قصص لا تصح ولا تثبت أو لا يدري قاريها موضع الشاهد فيورده كما هي !
                فنسأل أن يبارك في شيخنا يحيى وسائر علماء أهل السنة

                تعليق


                • #9
                  خطبة مهمة جدًا
                  ولا بد من إخراجها برسالة أو غيرها ليتم طبعها ونشرها بشكل أوسع
                  ونسأل الله أن يفشل سعي من يسعى لهذا الفعل الشنيع من الحوثي وغيره، وأن يكبتهم

                  تعليق


                  • #10
                    جزى الله الشيخ الوالد يحيى بن علي الحجوري خير الجزاء
                    وبارك فيه وفي علمه
                    وأحسن الله إليك يا أخانا أبا عبد الله أحمد

                    تعليق


                    • #11
                      لا تزال الأمة الإسلامية بخير مادام فيها أمثال هؤلاء الجهابذة الأفذاذ أمثال فضيلة شيخنا ومربينا ووالدنا أبي عبد الرحمن يحيى بن علي الحجوري حفظه الله، لا يبالي بالمخذلين ولا بالرافضة الملحدين ما دام ينصر كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ويقول الحق لا تأخذه فيه لومة لائم، فقولوا لأولئك العائبين عليه بالزور:
                      أقلوا عليهم لا أبا لأبيكمو ... من اللوم أو سدوا المكان الذي سدوا



                      التعديل الأخير تم بواسطة أبو أنس هشام بن صالح المسوري; الساعة 29-07-2013, 03:21 PM.

                      تعليق


                      • #12
                        مفرغ و مصحح : (( الدعوة إلى الإسلام و بيان كفر من دعا إلى فصْله عن الدولة أو غيرهم من الأنام ))


                        بسم الله الرحمن الرحيم

                        مفرغ و مصحح:

                        (( الدعوة إلى الإسلام و بيان كفر من دعا إلى فصله عن الدولة أو غيرهم من الأنام ))

                        من موقع الشيخ

                        على هذا الرابط


                        تعليق

                        يعمل...
                        X