(وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ)
الخطبة الأولى
الحمد لله رب العالمين، أمر بشكره وذكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة من عرف ربه فقدره حق قدره، وأشهد أنْ محمداً عبده ورسوله، بلغ عن ربه نهيه وأمره، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين لازموه وأطاعوه في حالة عسره ويسره، وسلم تسليماً كثيرا، أما بعد: أيُّها النَّاس، اتقوا الله تعالى، تتدبروا كتاب ربكم قال الله جلَّ وعلا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ* وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ* لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ الْفَائِزُونَ) في هذه الآيات الكريمات ينادي الله عباده المؤمنين، لأن المؤمنين هم الذين يمتثلون أوامر الله ويجتنبون نواهيه، كما أنه ينادي الناس عموماً ليقيم عليهم الحجة، أما المؤمنون فإنه يناديهم بإيمانهم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) نداء تشريف وتكليف لأنهم يمتثلون أوامر الله بمقتضى إيمانهم بالله عز وجل، ثم قال تعالى (اتَّقُوا اللَّهَ) أمرهم بأمرين الأمر الأول: فيما بينهم وبين الله وذلك بتقواه سبحانه وتعالى (اتَّقُوا اللَّهَ) أي: أجعلوا بينكم وبين غضب الله وقايةً تقيكم منها، وتقيكم من عذاب الله، وذلك بفعل أوامره وترك ما نهى الله عنه هذه هي الوقاية التي تقي من عذاب الله، ثم أمرهم بأنفسهم فقال: (وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ) فلتنظر كل نفس ما قدمت لغد من العمل والمراد بالغد يوم القيامة، سماه الله غداً لقربه لأنه قريب كل ما هو أتي قريب، وإن غداً لناظره قريب، ما أقربه من كل عبد بموته، وانتقاله إلى الدار الآخرة، وما أقربه من الجميع بقيام الساعة: (وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً)، (وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ) من الأعمال، فكروا في أعمالكم، حاسبوا أنفسكم فإنكم لستم على حد إقامة، وإنما أنتم على أهبت سفر، فانظروا ما معكم من العمل لهذا السفر (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى) تزودوا للآخرة بالتقوى (فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى)، انظروا في أعمالكم فما كان منها صالحاً فحمدوا الله عليه وازدادوا منه وداوموا عليه، وما كان منها سيئاً وما أكثره فاستغفروا الله وتوبوا إليه، فإن الله يغفر لمن تاب (يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنْ السَّيِّئَاتِ)، (وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ) انظروا في أعمالكم، الإنسان منا إنما يفكر بما يدخره في الدنيا إلا من رحم الله فهو يقول أنا آمن مستقبلي فيجمع المال ويجمع الاكتساب لأجل أن يؤمن مستقبله بزعمه ولا يدري لعله ينتقل ويتركه لغيره ولا يدرك ما أمله، إنما الذي يبقى هو ما تقدمه لآخرتك، أما الذي تجمعه لدنياك فأنت راحل وتاركه لغيرك ولهذا قال: (وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ) ولم يقل ولتنظر نفس ما ادخرته للدنيا، بل تنظر ما قدمت للآخرة (وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ) فلا تنشغل عن ذلك لأمور الدنيا، لا تترك الدنيا وطيباتها وما أباح الله ولكن لا تنشغل بها، خذوا منها منا يعينكم على طاعة الله عز وجل وما تتقربوا به إلى الله من الصدقات والزكوات وغير ذلك من الأعمال الصالحة المالية فهذا للآخرة، هذا يقدم للآخرة أنت تقدم من مالك للآخرة كما أنك تقدم من عملك البدني من الصلاة والصيام وغير ذلك أيضاً للآخرة، فأنت تقدم من أعمالك البدنية وأعمالك المالية تقدم لآخرتك هو الذي سيبقى لك وتنتفع به، وأما ما زاد عن ذلك فإنه ليس لك وإنما هو لغيرك، اجتهد فيما هو لك (وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ) حاسب نفسك يا أخي، بعض الناس ينظر إلى عيوب الناس ولا ينظر إلى عيبه فيتحدث عن الناس فلان مقصر فلان غافل وفلان كذا وفلان كذا ... لا ينظر إلى نفسه ويحاسب نفسه، نعم إذا رأيت على أخيك خطأً أو غفلةً ذكره ولكن أبدأ بنفسك، ذكر نفسك أولاً (وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ) ولا تنظر إلى ما قدمه الناس لآخرتهم فقط، أبدأ بنفسك ثم أنصح لغيرك حتى يقبل منك ما تقول وحتى ينفع الله بك، أما الذي ينظر إلى عيوب الناس وينسى عيب نفسه فهذا مثل الشمعة تحترق وتضيء لغيرها، السراج يضيء لغيره وهو يحرق نفسه، فالذي ينظر إلى عيوب الناس يحصيهم عليهم وينسى عيوب نفسه هذا مثل السراج يضيء للناس ويحرق نفسه، فعليك يا أخي أن تتقي الله في نفسك أولاً (وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ) ثم قال جل وعلا في ختام الآية: (وَاتَّقُوا اللَّهَ) أعاد الأمر بالتقوى لأهميتها (إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) راقب الله سبحانه وتعالى فيما تعمل ولا تزكي نفسك (فَلا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ اتَّقَى) فتقي الله وعلم أنه مطلع عليك، راقب الله سبحانه وتعالى (إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) من خير أو شر وسيحاسبكم عليه وسيجازيكم عليه يوم القيامة، فأنتم ما زلتم في زمن الإمكان في زمن الدنيا والحياة التي منحكم الله إياها وأمهلاكم فيها بادروا بالمحاسبة قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزينوا أنفسكم قبل أن توزنوا وتأهبوا للعرض الأكبر (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ)، فتقي الله وعلم أنه مطلع عليك سواً عملت خيراً أو عملت شراً ويحصي ذلك عليك، واعلم انه يعلم نيتك وقصدك فليس العبرة بالظاهر إنما العبرة بالنيات والسرائر فأخلص نيتك لله، أما العمل الذي ليس لله فالله لا يقبله سبحانه وتعالى ويكون وبالاً عليك وإن ظننت أنه عمل صالح لأنه لم يؤسس على النية الخالصة لله عز وجل، فأنت أعمل وأخلص النية لا تعمل فقط أخلص النية لله، فالعمل الذي لله وإن كان قليلاً ينفع الله به قد يدخلك الله به الجنة حتى بشق التمرة: "اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ" فالعمل الصالح الذي أخلص نيته في الله هو الذي يقبله الله وإن كان قليلا: (إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً) إن تكن الذرة حسنة ذرة مثقال ذرة حسنة يضاعفها الله سبحانه وتعالى أضاعفاً كثيرة ويدخل بها صاحبها الجنة، فليست العبرة بكثرة الأعمال، العبرة بالأعمال الخالصة لله عز وجل لأن الله لا يقبل من الأعمال إلا ما كان خالصاً لوجه وصواباً على سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وهذا شرط أخر إن يكون هذا العمل موافق لسنة الرسول، أما إن كان مبتدعاً فإن الله لا يقبله لأنه لم يشرعه، والله لا يقبل من الأعمال إلا ما شرعه وما أخلص العامل نيته فيها له قال صلى الله عليه وسلم: "إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى" وقال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا، فَهْوَ رَدٌّ" فأنت أنظر في عملك يا أخي، أوصيك ونفسي وجميع المسلمين بالنظر في أعمالنا وأن لا تشغلنا عنها الدنيا، وأن لا يشغلنا عنها الشيطان، وأن نحاسب أنفسنا قبل أن نحاسب الناس، وننظر إلى عيوب أنفسنا قبل أن ننظر عيوب الناس. فتقوا الله، عباد الله، وتذكروا هذه الآية دائماً وأبدا ولهذا قال: (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ) نسوا ذكر الله عز وجل، ونسوا العمل الصالح وانشغلوا بالدنيا مشغلاتها وملذاتها، (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ) عاقبهم الله سبحانه وتعالى لما نسوه عاقبهم أن أنساهم أنفسهم فلم يعملوا لها خيراً ولم يقدموا لها عملاً صالحاً عقوبةً لهم: "لأَنَّ الْجَزَاء مِنْ جِنْس الْعَمَل"، فعلينا أن نتقي الله جل وعلا، وما أعظمى مواعظ القرآن الكريم لو أننا تتدبرنه وعقلنه قال تعالى: (لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ)، فلو أن الله خاطب بهذا القرآن الجبال الصم لتصدعت من خشية الله وهو خاطبنا بها ولكن الكثير منا لم يرفع به رأسه ولم يتأثروا بها وإن كانوا يقرؤونه ويسمعونه، فصارت قلوبنا أقصى من الحجار، ولا حول ولا قوة إلا بالله، (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنْ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من البيان والذكرِ الحكيم، أقولٌ قولي هذا واستغفرُ الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنَّه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله على فضله وإحسانه، وأشكره على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليماً كثيرا، أما بعد: أيُّها الناس،إن من الناس من هو مفلس قال صلى الله عليه وسلم: "أَتَدْرُونَ مَنِ الْمُفْلِسُ؟" قَالُوا يا رسول الله: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لا دِرْهَمَ لَهُ وَلا دينار، قَالَ: "الْمُفْلِسَ مَنْ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بأعمال أمثال الجباليعني أعمال صالحة،ثم يَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، فيأخذ لهذا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَلهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ ، أُخِذَ مِنْ سيئات المظلومين فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، فطُرِحَ فِي النَّارِ"، حافظوا على أعمالكم الصالحة إذا عملتكم صالحاً فحافظوا عليه، حافظوا عليه من التلف وأعظم مل يتلف الأعمال هو ظلم الناس والعياذ بالله، ظلم الناس في أموالهم وفي أعراضهم ودمائهم، فتجنبوا الظلم، ومن كانت عنده لأخيه مظلمة فليتحلل منه اليوم، قد لا يسلم الإنسان من ظلم الناس قليلا أو كثيرا فقال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ كَانَتْ عِنْدَه لأَخِيهِ مَظْلَمَةٌ فَلْيَتَحَلَّلْ مِنْه اليوم، قبل أن لا يكون دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ، إن كان له حسنات أخذت مِنْ حَسَنَاتِهِ وأعطيت للمظلومين، وإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ المظلومين، فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، فطُرِحَ فِي النَّارِ" هذا هو المفلس يوم القيامة عمل عملا وتعب فيه وأخذ منه فحذروا أن تلفوا أعمالكم وأن تضيعوها بالظلم والطغيان أو الإعجاب بالعمل لا يعجب الإنسان بعمله لا يستكثر عمله مهما عمل فإنه قليل لأن حق الله عليه عظيم ولكن الله غفور رحيم، يغفر ويزيد من فضله لكن لابد من الأسباب النافعة والأسباب الواقية من المحظور. فتقوا الله، عباد الله، واعلموا أنَّ خير الحديث كتاب الله، وخير الهديَّ هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور مُحدثاتها، وكل بدعة ضلالة. وعليكم بالجماعة، فإنَّ يد الله على الجماعة، ومن شذَّ شذَّ في النار،(إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)، اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك نبيَّنا محمد، وارضَ اللَّهُمَّ عن خُلفائِه الراشدين، الأئمةَ المهديين، أبي بكرَ، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعَن الصحابةِ أجمعين، وعن التابِعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين. اللَّهُمَّ أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، وجعل هذا البلد آمناً مطمئنا وسائر بلاد المسلمين عامة يا رب العالمين، اللَّهُمَّ من أراد الإسلام والمسلمين بسوء فأشغله بنفسه وصرف عنا كيده وكفنا شره وجعل كيده في نحره وجعل تدميره في تدبيره إنك على كل شيء قدير، اللَّهُمَّ إن الكفار قد طغوا وبغوا في هذا الزمان وتجرئوا على عبادك الصالحين قتلوهم وشردوهم ونشروا فيهم الفتنة فيما بينهم فصار الأخ يقتل أخاه وصار الجار يقتل جاره لتحريض من المنافقين ومن المشركين ومن الملاحدة، اللَّهُمَّ دمرهم تدميرا اللَّهُمَّ كف بأسهم عنا فأنت (أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنكِيلاً) اللهم عجل بعقوبتهم حتى يسلمون المسلمون من شرهم، اللَّهُمَّ انصر المستضعفين من المسلمين في كل مكان واجعل لهم فرجاً ومخرجا، اللهم زلزل أقدام الظلمة، اللهم شتت شملهم وخالف بين كلمتهم، اللهم سلط بعضهم على بعض واشغلهم بأنفسهم عن المسلمين يا قوي يا عزيز يا قريب يا مجيب يا سميع الدعاء، اللَّهُمَّ أنت ربنا لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللَّهُمَّ أغثنا، اللَّهُمَّ أغثنا، اللَّهُمَّ أغثنا، اللَّهُمَّ أغثنا، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرسل السماء علينا مدرارا وأمددنا بأموال وبنين وجعل لنا جنات وجعل لنا أنهارا إنك على كل شيء قدير، اللَّهُمَّ إن خلق من خلقك فلا تمنع عنا بذنوبنا فضلك، اللَّهُمَّ أسقي عبادك وبلادك وبهائمك، وانشر رحمتك وأحي بلدك الميت يا سميع الدعاء. عبادَ الله،(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)، (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمْ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ)، فذكروا الله يذكركم، واشكُروه على نعمِه يزِدْكم، ولذِكْرُ اللهِ أكبرَ، واللهُ يعلمُ ما تصنعون.
من موقع الشيخ حفظه الله
http://www.alfawzan.af.org.sa/node/13874
الخطبة الأولى
الحمد لله رب العالمين، أمر بشكره وذكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة من عرف ربه فقدره حق قدره، وأشهد أنْ محمداً عبده ورسوله، بلغ عن ربه نهيه وأمره، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين لازموه وأطاعوه في حالة عسره ويسره، وسلم تسليماً كثيرا، أما بعد: أيُّها النَّاس، اتقوا الله تعالى، تتدبروا كتاب ربكم قال الله جلَّ وعلا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ* وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ* لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ الْفَائِزُونَ) في هذه الآيات الكريمات ينادي الله عباده المؤمنين، لأن المؤمنين هم الذين يمتثلون أوامر الله ويجتنبون نواهيه، كما أنه ينادي الناس عموماً ليقيم عليهم الحجة، أما المؤمنون فإنه يناديهم بإيمانهم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) نداء تشريف وتكليف لأنهم يمتثلون أوامر الله بمقتضى إيمانهم بالله عز وجل، ثم قال تعالى (اتَّقُوا اللَّهَ) أمرهم بأمرين الأمر الأول: فيما بينهم وبين الله وذلك بتقواه سبحانه وتعالى (اتَّقُوا اللَّهَ) أي: أجعلوا بينكم وبين غضب الله وقايةً تقيكم منها، وتقيكم من عذاب الله، وذلك بفعل أوامره وترك ما نهى الله عنه هذه هي الوقاية التي تقي من عذاب الله، ثم أمرهم بأنفسهم فقال: (وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ) فلتنظر كل نفس ما قدمت لغد من العمل والمراد بالغد يوم القيامة، سماه الله غداً لقربه لأنه قريب كل ما هو أتي قريب، وإن غداً لناظره قريب، ما أقربه من كل عبد بموته، وانتقاله إلى الدار الآخرة، وما أقربه من الجميع بقيام الساعة: (وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً)، (وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ) من الأعمال، فكروا في أعمالكم، حاسبوا أنفسكم فإنكم لستم على حد إقامة، وإنما أنتم على أهبت سفر، فانظروا ما معكم من العمل لهذا السفر (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى) تزودوا للآخرة بالتقوى (فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى)، انظروا في أعمالكم فما كان منها صالحاً فحمدوا الله عليه وازدادوا منه وداوموا عليه، وما كان منها سيئاً وما أكثره فاستغفروا الله وتوبوا إليه، فإن الله يغفر لمن تاب (يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنْ السَّيِّئَاتِ)، (وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ) انظروا في أعمالكم، الإنسان منا إنما يفكر بما يدخره في الدنيا إلا من رحم الله فهو يقول أنا آمن مستقبلي فيجمع المال ويجمع الاكتساب لأجل أن يؤمن مستقبله بزعمه ولا يدري لعله ينتقل ويتركه لغيره ولا يدرك ما أمله، إنما الذي يبقى هو ما تقدمه لآخرتك، أما الذي تجمعه لدنياك فأنت راحل وتاركه لغيرك ولهذا قال: (وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ) ولم يقل ولتنظر نفس ما ادخرته للدنيا، بل تنظر ما قدمت للآخرة (وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ) فلا تنشغل عن ذلك لأمور الدنيا، لا تترك الدنيا وطيباتها وما أباح الله ولكن لا تنشغل بها، خذوا منها منا يعينكم على طاعة الله عز وجل وما تتقربوا به إلى الله من الصدقات والزكوات وغير ذلك من الأعمال الصالحة المالية فهذا للآخرة، هذا يقدم للآخرة أنت تقدم من مالك للآخرة كما أنك تقدم من عملك البدني من الصلاة والصيام وغير ذلك أيضاً للآخرة، فأنت تقدم من أعمالك البدنية وأعمالك المالية تقدم لآخرتك هو الذي سيبقى لك وتنتفع به، وأما ما زاد عن ذلك فإنه ليس لك وإنما هو لغيرك، اجتهد فيما هو لك (وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ) حاسب نفسك يا أخي، بعض الناس ينظر إلى عيوب الناس ولا ينظر إلى عيبه فيتحدث عن الناس فلان مقصر فلان غافل وفلان كذا وفلان كذا ... لا ينظر إلى نفسه ويحاسب نفسه، نعم إذا رأيت على أخيك خطأً أو غفلةً ذكره ولكن أبدأ بنفسك، ذكر نفسك أولاً (وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ) ولا تنظر إلى ما قدمه الناس لآخرتهم فقط، أبدأ بنفسك ثم أنصح لغيرك حتى يقبل منك ما تقول وحتى ينفع الله بك، أما الذي ينظر إلى عيوب الناس وينسى عيب نفسه فهذا مثل الشمعة تحترق وتضيء لغيرها، السراج يضيء لغيره وهو يحرق نفسه، فالذي ينظر إلى عيوب الناس يحصيهم عليهم وينسى عيوب نفسه هذا مثل السراج يضيء للناس ويحرق نفسه، فعليك يا أخي أن تتقي الله في نفسك أولاً (وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ) ثم قال جل وعلا في ختام الآية: (وَاتَّقُوا اللَّهَ) أعاد الأمر بالتقوى لأهميتها (إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) راقب الله سبحانه وتعالى فيما تعمل ولا تزكي نفسك (فَلا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ اتَّقَى) فتقي الله وعلم أنه مطلع عليك، راقب الله سبحانه وتعالى (إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) من خير أو شر وسيحاسبكم عليه وسيجازيكم عليه يوم القيامة، فأنتم ما زلتم في زمن الإمكان في زمن الدنيا والحياة التي منحكم الله إياها وأمهلاكم فيها بادروا بالمحاسبة قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزينوا أنفسكم قبل أن توزنوا وتأهبوا للعرض الأكبر (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ)، فتقي الله وعلم أنه مطلع عليك سواً عملت خيراً أو عملت شراً ويحصي ذلك عليك، واعلم انه يعلم نيتك وقصدك فليس العبرة بالظاهر إنما العبرة بالنيات والسرائر فأخلص نيتك لله، أما العمل الذي ليس لله فالله لا يقبله سبحانه وتعالى ويكون وبالاً عليك وإن ظننت أنه عمل صالح لأنه لم يؤسس على النية الخالصة لله عز وجل، فأنت أعمل وأخلص النية لا تعمل فقط أخلص النية لله، فالعمل الذي لله وإن كان قليلاً ينفع الله به قد يدخلك الله به الجنة حتى بشق التمرة: "اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ" فالعمل الصالح الذي أخلص نيته في الله هو الذي يقبله الله وإن كان قليلا: (إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً) إن تكن الذرة حسنة ذرة مثقال ذرة حسنة يضاعفها الله سبحانه وتعالى أضاعفاً كثيرة ويدخل بها صاحبها الجنة، فليست العبرة بكثرة الأعمال، العبرة بالأعمال الخالصة لله عز وجل لأن الله لا يقبل من الأعمال إلا ما كان خالصاً لوجه وصواباً على سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وهذا شرط أخر إن يكون هذا العمل موافق لسنة الرسول، أما إن كان مبتدعاً فإن الله لا يقبله لأنه لم يشرعه، والله لا يقبل من الأعمال إلا ما شرعه وما أخلص العامل نيته فيها له قال صلى الله عليه وسلم: "إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى" وقال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا، فَهْوَ رَدٌّ" فأنت أنظر في عملك يا أخي، أوصيك ونفسي وجميع المسلمين بالنظر في أعمالنا وأن لا تشغلنا عنها الدنيا، وأن لا يشغلنا عنها الشيطان، وأن نحاسب أنفسنا قبل أن نحاسب الناس، وننظر إلى عيوب أنفسنا قبل أن ننظر عيوب الناس. فتقوا الله، عباد الله، وتذكروا هذه الآية دائماً وأبدا ولهذا قال: (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ) نسوا ذكر الله عز وجل، ونسوا العمل الصالح وانشغلوا بالدنيا مشغلاتها وملذاتها، (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ) عاقبهم الله سبحانه وتعالى لما نسوه عاقبهم أن أنساهم أنفسهم فلم يعملوا لها خيراً ولم يقدموا لها عملاً صالحاً عقوبةً لهم: "لأَنَّ الْجَزَاء مِنْ جِنْس الْعَمَل"، فعلينا أن نتقي الله جل وعلا، وما أعظمى مواعظ القرآن الكريم لو أننا تتدبرنه وعقلنه قال تعالى: (لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ)، فلو أن الله خاطب بهذا القرآن الجبال الصم لتصدعت من خشية الله وهو خاطبنا بها ولكن الكثير منا لم يرفع به رأسه ولم يتأثروا بها وإن كانوا يقرؤونه ويسمعونه، فصارت قلوبنا أقصى من الحجار، ولا حول ولا قوة إلا بالله، (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنْ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من البيان والذكرِ الحكيم، أقولٌ قولي هذا واستغفرُ الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنَّه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله على فضله وإحسانه، وأشكره على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليماً كثيرا، أما بعد: أيُّها الناس،إن من الناس من هو مفلس قال صلى الله عليه وسلم: "أَتَدْرُونَ مَنِ الْمُفْلِسُ؟" قَالُوا يا رسول الله: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لا دِرْهَمَ لَهُ وَلا دينار، قَالَ: "الْمُفْلِسَ مَنْ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بأعمال أمثال الجباليعني أعمال صالحة،ثم يَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، فيأخذ لهذا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَلهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ ، أُخِذَ مِنْ سيئات المظلومين فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، فطُرِحَ فِي النَّارِ"، حافظوا على أعمالكم الصالحة إذا عملتكم صالحاً فحافظوا عليه، حافظوا عليه من التلف وأعظم مل يتلف الأعمال هو ظلم الناس والعياذ بالله، ظلم الناس في أموالهم وفي أعراضهم ودمائهم، فتجنبوا الظلم، ومن كانت عنده لأخيه مظلمة فليتحلل منه اليوم، قد لا يسلم الإنسان من ظلم الناس قليلا أو كثيرا فقال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ كَانَتْ عِنْدَه لأَخِيهِ مَظْلَمَةٌ فَلْيَتَحَلَّلْ مِنْه اليوم، قبل أن لا يكون دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ، إن كان له حسنات أخذت مِنْ حَسَنَاتِهِ وأعطيت للمظلومين، وإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ المظلومين، فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، فطُرِحَ فِي النَّارِ" هذا هو المفلس يوم القيامة عمل عملا وتعب فيه وأخذ منه فحذروا أن تلفوا أعمالكم وأن تضيعوها بالظلم والطغيان أو الإعجاب بالعمل لا يعجب الإنسان بعمله لا يستكثر عمله مهما عمل فإنه قليل لأن حق الله عليه عظيم ولكن الله غفور رحيم، يغفر ويزيد من فضله لكن لابد من الأسباب النافعة والأسباب الواقية من المحظور. فتقوا الله، عباد الله، واعلموا أنَّ خير الحديث كتاب الله، وخير الهديَّ هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور مُحدثاتها، وكل بدعة ضلالة. وعليكم بالجماعة، فإنَّ يد الله على الجماعة، ومن شذَّ شذَّ في النار،(إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)، اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك نبيَّنا محمد، وارضَ اللَّهُمَّ عن خُلفائِه الراشدين، الأئمةَ المهديين، أبي بكرَ، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعَن الصحابةِ أجمعين، وعن التابِعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين. اللَّهُمَّ أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، وجعل هذا البلد آمناً مطمئنا وسائر بلاد المسلمين عامة يا رب العالمين، اللَّهُمَّ من أراد الإسلام والمسلمين بسوء فأشغله بنفسه وصرف عنا كيده وكفنا شره وجعل كيده في نحره وجعل تدميره في تدبيره إنك على كل شيء قدير، اللَّهُمَّ إن الكفار قد طغوا وبغوا في هذا الزمان وتجرئوا على عبادك الصالحين قتلوهم وشردوهم ونشروا فيهم الفتنة فيما بينهم فصار الأخ يقتل أخاه وصار الجار يقتل جاره لتحريض من المنافقين ومن المشركين ومن الملاحدة، اللَّهُمَّ دمرهم تدميرا اللَّهُمَّ كف بأسهم عنا فأنت (أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنكِيلاً) اللهم عجل بعقوبتهم حتى يسلمون المسلمون من شرهم، اللَّهُمَّ انصر المستضعفين من المسلمين في كل مكان واجعل لهم فرجاً ومخرجا، اللهم زلزل أقدام الظلمة، اللهم شتت شملهم وخالف بين كلمتهم، اللهم سلط بعضهم على بعض واشغلهم بأنفسهم عن المسلمين يا قوي يا عزيز يا قريب يا مجيب يا سميع الدعاء، اللَّهُمَّ أنت ربنا لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللَّهُمَّ أغثنا، اللَّهُمَّ أغثنا، اللَّهُمَّ أغثنا، اللَّهُمَّ أغثنا، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرسل السماء علينا مدرارا وأمددنا بأموال وبنين وجعل لنا جنات وجعل لنا أنهارا إنك على كل شيء قدير، اللَّهُمَّ إن خلق من خلقك فلا تمنع عنا بذنوبنا فضلك، اللَّهُمَّ أسقي عبادك وبلادك وبهائمك، وانشر رحمتك وأحي بلدك الميت يا سميع الدعاء. عبادَ الله،(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)، (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمْ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ)، فذكروا الله يذكركم، واشكُروه على نعمِه يزِدْكم، ولذِكْرُ اللهِ أكبرَ، واللهُ يعلمُ ما تصنعون.
من موقع الشيخ حفظه الله
http://www.alfawzan.af.org.sa/node/13874