إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

خطبة عيد الفطر للشيخ أبي بكر بن ماهر بن جمعة المصري -حفظه الله-.

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • خطبة عيد الفطر للشيخ أبي بكر بن ماهر بن جمعة المصري -حفظه الله-.

    هذه خطبة عيد الفطر المبارك لعام 1432 من الهجرة النبوية للشيخ أبي بكر بن ماهر بن جمعة المصري حفظه الله وكانت عن الزهد
    الملفات المرفقة

  • #2
    الي اخي الفاضل اسامه

    جزاك الله خيرا يا اخي اسامه وكنت اريد منك ان تعيد رفع هذه الماده لكي تكون متاحه للجميع وان ترفع في الخزانه العلميه .

    تعليق


    • #3
      المشاركة الأصلية بواسطة محمد بن علاء الدين الادريسي مشاهدة المشاركة
      جزاك الله خيرا يا اخي اسامه وكنت اريد منك ان تعيد رفع هذه الماده لكي تكون متاحه للجميع وان ترفع في الخزانه العلميه .
      وجزاك الله خيرًا أخانا محمدًا
      وبارك الله فيك
      ويمكنك التحميل والاستماع إلى خطبة العيد من على هذا الرابط:
      http://jumbofiles.com/36mlc4bur6zs
      وهذا تفريغ الخطبة
      خطبة عيد الفطر المبارك لعام 1432 من الهجرة النبوية.
      إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
      ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾.
      ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً﴾.
      ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَـوْزاً عَظِيماً﴾.
      هذا هو يوم عيد الفطر المبارك، نسأل الله -سبحانه وتعالى- بأسمائه الحسنى وصفاته العليا، أن يعيده علينا وعليكم وعلى الأمة الإسلامية وهي في خير حال، وفي عز ورفعة وتمكين.
      أيها الناس! قد أرسل الله -عز وجل- رسله بالبينات، ليَدُلوا أقوامهم على الطريق الموصِل إلى الجنان، المباعد عن النيران، فَدَعَوا أقوامهم جميعًا إلى توحيد الله -عز وجل- وإلى عبادته -سبحانه وتعالى- وإلى تزهيدهم في هذه الدنيا، مصداقًا لقوله -تعالى-:
      ﴿
      فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾.
      ومصداقًا لقوله -تعالى-: ﴿فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّمَتَاعُ الْغُرُورِ﴾.
      أيها الناس! إن سَلَفَكم الصالح كانوا أزهد الناس في الدنيا، وإن كانوا يملكونها بأيديهم، غير أنها لم تجد سبيلاً إلى قلوبهم، إذ كان علمهم وورعهم وتقواهم يمنعهم من أن يغتروا بالحياة الدنيا، فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور، وقد قيل:
      إن حب الدنيا رأس كل خطيئة.
      وقد قال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كما ثبت عنه في صحيح مسلم:
      «مالي وللدنيا، ما أنا إلا كراكب قال» أي يقيل قيلولة «قال في ظل شجرة ثم راح وتركها».
      وهذا مِسعر بن كِدام الهلالي -رحمه الله تعالى- أحد أئمة الإسلام، جاء عنه أنه قال:
      رأيتُ الجوع يطرده رغيفٌ، وملء الكف من ماء الفرات، رأيت الجوع يطرده رغيفٌ، وملء الكف من ماء الفرات.
      فأمْر الدنيا يسير، وخطرها حقير، وقد كان أصحاب النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- من أزهد الناس في الدنيا، وكذلك أهل العلم والإيمان من قبلهم، فقد حكى الله -عز وجل- عن قارون قوله، أو خروجه على قومه، فقال:
      ﴿فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ
      إلا أن لأهل العلم مسلكًا آخر
      ﴿
      وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّاالصَّابِرُونَ﴾.
      وهذا أبو هريرة -رضي الله عنه- لما كان حريصًا على طلب علم الحديث من النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كان يقول:
      كنت أُصرع بين المنبر وبين حجرة عائشة -رضي الله عنها- فيجيء الجائي أو يأتي الآتي، فيضع رجله على رقبتي، يظن أن بي جنونًا، وما بي من جنون، ما هو إلا الجوع.
      وقال:
      ولقد كنت ألزم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على ملء بطني، فأحضر مالا يحضرون، وأحفظ مالا يحفظون.
      وقد روى البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه وأرضاه- وهو حافظ الصحابة، أبو هريرة حافظ الصحابة جميعًا، مع أن إسلامه متأخرٌ، إلا أنه ظفر بدعوة النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بأن يعي عنه ماقال، وقد كان، فقال -رضي الله عنه-:
      لقد كنت أضع كبدي على الأرض من الجوع، ولقد كنت أشُد الحجر على بطني من الجوع، ولقد قعدت يومًا في طريقهم الذي يخرجون منه، فمر بي أبو بكر، فسألته عن آية، وما أريد إلا أن يُشبعني، غير أنه عفيف لم يسأل، فمر أبو بكر ولم يفعل، إذ لم يفطن إلى مقصوده، ثم مر عمر -رضي الله عنه- فسأله عن آية، قال: وما سألته إلا ليشبعني، فمر ولم يفعل، ثم مر أبو القاسم -صلى الله عليه وسلم- فعرف ما بي من الجوع، وعرف ما في نفسي وما في وجهي، فقال:
      «يا أبا هر!» بعد أن تبسم -صلى الله عليه وآله وسلم- «إلْحَق»
      فلحق بالنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- حتى أتى أهلَه واستأذن، ودخل أبو هريرة -رضي الله عنه- ووجد النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- عند أهله قدحًا فيه شيء من لبن، فقال:
      «من أهدى هذا؟» فقالوا: فلان أو فلانة، فقال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:«يا أبا هر»
      قلت: لبيك يا رسول الله، قال: «إلحق بأهل الصُفَّة فادعهم لي»
      قال: وأهل الصفة هم أضياف الإسلام، لا يأوون إلى أهل ولا مال ولا إلى شيء، قال: فقلت: وما عسى أن يبلغني من هذا اللبن -قال في نفسه- وما عسى أن يبلغني من هذا اللبن إذا جاء أهل الصفة، إذ إن رسول الله سيأمرني أن أعطيهم، وقد كنت أحوج إلى شربة أتقوى بها، ولم يكن من طاعة الله وطاعة رسوله بدٌ، قال: فدعوتهم فجاءوا، فاستأذنوا فأذن لهم، فدخلوا وأخذوا مجالسهم، فقال:
      «يا أبا هر!» قلت: لبيك يا رسول الله، قال: «خذ القدح»
      وأمَرَه بأن يسقيهم، فسقاهم واحدًا تلو الآخر، كلما شرب أحدهم وروي، رد القدح عليه، حتى رَوَوا عن آخرهم -رضي الله عنهم- ثم بقي القدح مع أبي هريرة -رضي الله عنه- فتبسم النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-وقال:
      «يا أبا هر! ما بقي إلا أنا وأنت»
      قال: قلت: صدقت يا رسول الله، قال: «اقعد فاشرب»
      وهذا فيه سنة القعود عند الشرب، قال: فشربت، ثم قال: «اشرب» قال: فشربت، ثم قال: «اشرب» حتى قال: والذي بعثك بالحق لا أجد له مسلكًا، ثم قال له النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: «ناولني» فأعطاه القدح، فحمد الله وسمّى، وشرب الفضلة، أي ما تبقى، وهذا فيه سنة، وهي أن ساقي القوم آخرهم يعني شربًا، نعم.
      وكذلك ثبت في صحيح البخاري، من حديث خباب بن الأرت -رضي الله عنه- أنه قال: هاجرنا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نبتغي بذلك وجه الله، فوقع أجرنا على الله، فمنا من مضى لسبيله، ولم يأكل من أجره شيئًا، منهم مصعب بن عمير، قُتل يوم أحد، ولم يخلِّف إلا نمرة، إذا وضعناها على رجليه بدا رأسه، وإذا وضعناها على رأسه بدا رجلاه، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-:
      «غطوا رأسه، وضعوا على رجليه الإذخِر»
      قال: ومنا من أينعت له ثمرته، فهو يهدبها.
      وثبت في صحيح البخاري من حديث إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه عبدالرحمن، وهو أحد السابقين المهاجرين، أُتي له بطعام يومًا وهو صائم، فقال: قُتل مصعب بن عمير، وهو خير مني، وقُتل حمزة، وهو خير مني، ثم أخذ يبكي -رضي الله عنه- وترك الطعام.
      زُهد أصحاب النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بخلاف ما نحن عليه اليوم في التنافس فيها.
      وقد جاء في صحيح مسلم -رحمه الله- من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال:
      «كيف أنتم إذا فتح الله عليكم فارس والروم؟»
      فقال عبد الرحمن بن عوف: نقول كما أمرنا الله، فقال: «أوَغير ذلك، تتنافسون، ثم تتحاسدون، ثم تتدابرون، ثم تتباغضون»
      أو نحو ذلك ،كما في الرواية
      «ثم تعودون إلى مساكين المهاجرين، فتجعلون بعضهم فوق رقاب بعض».
      فالزهدَ الزهدَ يا عباد الله، ولا يمنعنكم الزهد من التكسُّب، فهذا لون، وهذا لون آخر، وهذا باب، وهذا باب آخر، غير أن الناس في زماننا، لا أقول: إن كل الناس، ولكن كثير من الناس يصدُق عليه قول النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- الذي رواه البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-:
      «يأتي على الناس زمان لا يبالي المرء، من أين اكتسب المال، أمِن حلال أممن حرام»
      فضلاً عن الشبهات، وقد قال النبي:
      «فمن اتقى الشبهات، فقد استبرأ لدينه وعرضه»
      ولكن إن باب الاكتساب الحلال والبعد عن الشبهات عزيز، إلا من وفقه الله -عز وجل-.
      فاحذروا أيها الناس سَطوة الدنيا عليكم، فقد حذركم ربكم الذي خلقها منها، فقال:
      ﴿اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌوَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِوَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُفَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌوَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّامَتَاعُ الْغُرُورِ﴾.
      وثبت في صحيح مسلم من حديث أبي عبد الرحمن الحُــــبُلي -الحبليّ- أن رجلاً جاء عبدَالله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- فقال: أوَلسنا من فقراء المهاجرين؟ قال: أَلَك امرأة تأوي إليها؟
      قال: نعم، قال: ألَك بيت تسكنه؟
      قال:نعم، قال: فأنت غني، قال الرجل: ولي خادم، قال: فأنت مَلِك.
      وثبت في صحيح مسلم من طريق أبي عبد الرحمن الحبلي -أيضًا- عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- أن ثلاثة نفر أتوا إلى عبد الله بن عمرو بن العاص-رضي الله عنهما- فقالوا: والله إنا لا نقدر على شيء، لا نفقة، ولا دابة، ولامتاع، فقال: ما شئتم، إن شئتم أن ترجعوا إلينا فنعطيكم مما يسره الله لكم، وإنشئتم كلَّمنا فيكم السلطان، وإن شئتم صبرتم، فقد سمعت النبي -صلى الله عليه وعلىآله وسلم- يقول:
      «إن فقراء المهاجرين يسبقون يوم القيامة الأغنياء إلى الجنة بأربعين خريفًا»
      قالوا: نصبر، ولا نسأل أحدًا، أو ولا نسأل شيئًا.
      وقد وصى النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بعضَ أصحابه ألا يسألوا الناس شيئًا، فكان أحدهم إذا سقط منه سوطه، لم يطلب من أخيه أن يناوله إياه، وهذا من تجريد التوحيد لله -عز وجل- كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-.
      أيها الناس! قد ذكر الله -عز وجل- كثيرًا من الآيات في التحذير من الدنيا، وها نحن نحذِّركم منها، فاتقوا الله يا عباد الله، واحذروا الشهوات، ثم احذروا الشهوات، ثم احذروا الشهوات التي تصدكم عن ذكر الله، والتي تملأ البطون فتُكسِلَكم عن عبادة الله -عز وجل- وتؤثر في حياتكم، وبركة أولادكم، وبركة أموالكم، والزموا سبيل الزاهدين الصالحين، الذين يبيعون دنياهم ولا يبيعون أخراهم.
      أيها الناس! قد انسلخ وانصرم شهر رمضان، وربُ رمضان هو رب شوال، هو رب كل السنين، فاعمروا مساجدكم في صلواتكم، في صلاة الفجر، وفي صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء، واتقوه حق تقاته، ولا تموتوا إلا وأنتم مسلمون، واحذروا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، احذروا الربا، أكل الربا، واحذروا وسائل الربا، واحذرواالبنوك الربوية، ويسعُكم أن تدِّخروا أموالكم في بيوتِكم، فلقد كان في الناس منقبلكم أغنياء، وكانت عندهم أموال أكثر مما عندنا، كان عبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان، كان عندهما من الأموال الشيء الكثير، ما هو معلوم، حتى إن عثمان -رضي الله عنه- جهَّز جيش العسرة، فمن منا اليوم يا عباد الله يقدر على تجهيز جيش؟!
      فاحفظوا الله -عز وجل- في أموالكم، واتقوا الله -عز وجل- في أنفسكم، وفي أولادكم، فعلِّموهم وقوهم نارًا، علموهم كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- الكتاب والسنة، الكتاب الكتاب، والسنة السنة، بفهم أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- واتقوا الله في نساءكم، فإنهن خُلِقن من ضِلَع، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته بقي معوجًا، واستمتعت بها على عِوَج، وعليك أن تطعم أهلك مما تطعم وتأكل، وأن تلبسها مما تلبس، وأن لا تضرب، وأن لا تقبِّح، فلا تقول: قبحكِ الله، وأن لا تهجر إلا في البيت، على أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- لم يضرب خادمًا ولا امرأة، وهذا من شمائله ومكارمه -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وإن كان الضرب جائزًا، كما قال الله -عز وجل- في الناشز:
      ﴿فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً
      أيها الناس! حافظوا على أوقاتكم، فقد ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- من حديث ابن عباس أنه قال:
      «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس، الصحة والفراغ»
      فكم من رجل!! وخصصت الرجل؛ لأن الرجل الكبير هذا قد قارب وشارف على لقاء الله -سبحانه وتعالى- فهو أولى من غيره بالحفاظ على وقته، أين الرجال يا عباد الله؟!
      فإن كثيرًا من الناس يربو ويزيد عمرهم فوق الستين أو السبعين، وتجد تصرفه وكلامه كتصرف السفهاء من الصبيان والأولاد، أين الشهامة والرجولة يا عباد الله؟!
      نعم، الحفاظ الحفاظ على الوقت، نقضي أوقاتنا في ذكر الله -عز وجل- وفي تسبيحه وتحميده وتهليله وتكبيره، ومن لم يستطع أن يقرأ كتاب الله فليسمعه، فإن هذاسبيل رحمة ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ ولا ينطقن أحدنا إلا بخير، تكلم بخير تغنم، أو اسكت عن شر تسلم، وقد قال نبيكم -صلى الله عليه وآله وسلم-:
      «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت».
      أيها الناس! لا أريد أن أطيل عليكم في مقامي هذا، وإنما هي تذكِرة، وإن التذكرة تنفع المؤمنين، ونذكركم بسنة الرجوع بمخالفة الطريق إلى البيوت، فقد كان من هديه -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كما ثبت عنه في صحيح البخاري من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- إذا كان في يوم العيد، خالف الطريق.
      فالزموا سنة نبيكم -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كل سنته، في حدوداستطاعتكم وقدرتكم ، ولا تعجِزوا، واحرصوا على ما ينفعكم، ولا تعجِزوا ، كما قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:
      «احرص على ما ينفعك»
      فاحرص على عبادة الله -سبحانه وتعالى- بقلبك وقولك ولسانك وفعلك، واحرص على معاملة الناس بالتي هي أحسن، والزم سبيل رسول الله وسبيل الصحابة، بالتمسك بهذا الكتاب وبتلك السنة، وبالسير على آثار السلف الصالح -رضي الله عنهم- فهم خير الناس، وخير القرون بعد رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فهؤلاء الصحابة وإن كانوا من أهل البوادي والقفار، إلاأنهم أعلم بالله وبدينه، وأتقى لله -سبحانه وتعالى- من كثير ممن ينتسب إلى العلم اليوم، من أصحاب الشهادات، من الدكتوراه وغيرها، ومن هؤلاء أصحاب الألقاب الفلاسفة وغيرهم، فهؤلاء كانوا على الهدى المستقيم، وكانوا أبر قلوبًا، وأغزر علمًا، وأعمق فهمًا، وأقل تكلفًا، فهم خير ممن بعدهم جميعًا، وقد قال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:
      «خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يأتي أقوام تسبق أيمان أحدهم شهادته، وشهادته يمينه»
      وفي لفظ، في حديث آخر: «ثم يأتي أقوام يشهدون ولا يُستشهدون» يعجلون بشهادة الزور
      «وينذرون ولا يفون، ويخونون ولا يؤتمنون، ويظهر فيهم السِمَن»
      أي يظهر ظهورًا جليًا، كما أن من علامات الساعة ظهور الزنا، وإن كان الزنا موجودًا على عهد رسول الله وقبله، إلا أنه في آخر الزمان يظهر ظهورًا، كما يظهر الجهل، ويظهر السمن، وقد قال الشافعي -رحمه الله تعالى-: ما أفلح سمين قط، إلا أن يكون محمد بن الحسن، وهو تلميذ أبي حنيفة -رحمهم الله أجمعين- فقيل له: ولِمَ؟
      قال: لأن المؤمن لابد أن يكون في غم من أمر دينه، أومن أمر دنياه، وإن الشحم لا ينعقد مع الغم، نعم، ذاك الشافعي الذي مات وعنده نحو أربع وخمسين سنة، وملأ الأرض علمًا.
      فاسلكوا يا عباد الله سبيل العلماء الصالحين الزاهدين، تنجوا وتفوزوا في الدنيا والآخرة، وتربحوا وتغنموا وتَسلَموا، ويبارك الله لكم في أنفسكم وفي دينكم وفي أولادكم، ويدفع عنكم من البأساء والبلاء، ويدفع عنكم شر كل ذي شر، وكيد كل كائد من الجن والإنس، ومن الكفرة والملحدين، أعداء الإسلام وأعداء الرسل وأعداء المؤمنين، ويكفيكم شر أنفسكم التي بين جنبيكم، ويكفيكم شر الشيطان الرجيم.
      أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم وللمسلمين أجمعين
      التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبد الله أسامة بن محمد; الساعة 25-04-2012, 11:36 PM.

      تعليق

      يعمل...
      X