إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

خطبة صلاة الجمعة: (الخلوف) لفضيلة الشيخ سليم بن عيد الهلالي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • خطبة صلاة الجمعة: (الخلوف) لفضيلة الشيخ سليم بن عيد الهلالي

    قال الله تعالى: ﴿فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاَةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا﴾ [مريم: 59].
    1- بعد أن ذكر الله سبحانه حزب السعداء وهم الأنبياء، ومن سار على منهجهم وصف حزب الأشقياء الذين خالفوا منهجهم، وهذا منهج القرآن الكريم أن يذكر الفريقين لتتضح الصورة، ويكون على بصيرة في جميع أموره.
    ومما يدل على أن المراد حزب الأشقياء مفهوم الآية، فقوله تعالى: ﴿خَلْفٌ﴾ بإسكان اللام فهو الخالق بشر والوارث بضر.
    وأما الخَلَف بفتح اللام فهو الخالق بخير والوارث بنفع كما في قوله صلى الله عليه وسلم: «يحمل هذا العلم من كل خَلَف عدوله. .».
    وكذلك منطوق الآية حيث وصفهم الله بأنهم أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات وأن مصيرهم جهنم.
    2- حزب الأشقياء هم الخلوف الذين الكتاب من بعد المصلحين الناصحين؛ فيتعاملون على خلاف مرا والله ورسوله بالتحريف والانتحال والتأويل.
    قال الله تعالى: ﴿فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُواْ الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَـذَا الأدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِن يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مُّثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم مِّيثَاقُ الْكِتَابِ أَن لاَّ يِقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقَّ وَدَرَسُواْ مَا فِيهِ وَالدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُون * وَالَّذِينَ يُمَسَّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِين﴾ [الأعراف: 169-170].
    وعن عبد الله بن مسعود –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون، وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل» [أخرجه مسلم].
    3- وقد حمل كثير من المفسرين هذه الآية على الأمم السابقة، أو أنهم قوم سيكون في آخر الزمان تقوم عليهم الساعة، والصحيح أنهم في كل الأمم وظهروا في هذه الأمة بعد رفع الخلافة الراشدة؛ فهم طلائع الملك العضوض.
    كما هو صريح في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: فعن أبي سعيد الخدري –رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يكونُ خَلْفٌ مِنْ بَعْدِ ستينَ سنةً أضاعُوا الصلاةَ واتبعوا الشَّهَوَات فسوفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً، ثم يكونُ خلفٌ يَقْرَأُون القرآنَ لا يَعْدُو تَرَاقِيَهُم، ويَقْرَأُ القرآنَ ثلاثةٌ: مؤمنٌ، ومنافقٌ، وفاجرٌ».
    قال بشير فقلت للوليد: ما هؤلاء الثلاثة؟
    قال المنافق كافر به، والفاجر يتأكل به، والمؤمن يؤمن به
    . [انظر «الصحيحة» (3034)].
    4- وللخلوف صفات كثيرة منها ما ذكره الله عز وجل وهو إضاعة الصلاة واتباع الشهوات وسبب ذلك تكالبهم على الدنيا وتقاتلهم عليها كما هو صريح حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، فعن عقبة بن نافع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هلاك أمتي في الكتاب واللبن»، قالوا: يا رسول الله: ما الكتاب وما اللبن؟ قال: «يتعلمون القرآن فيتأولونه على غير ما أنزل الله عز وجل، ويحبون اللبن فيدعون الجماعات والجمع، ويبدون» [«الصحيحة» (2778)].
    وفي رواية: «إنما أخاف على أمتي الكتاب واللبن»، قال: قيل: يا رسول الله، ما بال الكتاب؟ قال: «يتعلمه المنافقون، ثم يجادلون به الذين آمنوا»، فقيل: وما بال اللبن؟ قال: «أناس يحبون اللبن، فيخرجون من الجماعات ويتركون الجميع».
    وفي رواية: «إني أخاف على أمتي اثنتين: القرآن واللبن، أما اللبن: فيبتغون الريف ويتبعون الشهوات ويتركون الصلوات، وأما القرآن: فيتعلمه المنافقون فيجادلون به المؤمنين».
    بيان صفة الخلوف وأنهم يتبعون الشبهات فيتعلمون القرآن ليثيروا الشبهات ويجادلوا به المؤمنين، ويتبعون الشهوات من الزرع والضرع، فيتركون الجمع والجماعات.
    5- والآية صريحة في بيان أهمية الصلاة في حياة المجتمعات وأن من حافظ عليها، ولم يضيعها عصمته من الشبهات والشهوات، ومن تركها وضيعها وقع في كل الشرور.
    وإضاعة الصلاة تشمل:
    1- إنكارها والكفر بها وجحدها أو وصفها بأنها رجعية، وهذا كفر أكبر.
    2- إضاعة أوقاتها والسهو عنها وهذه صفة المنافقين كما في صحيح مسلم من حديث أنس –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تلك صلاة المنافق يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني شيطان قام فنقرها أربعاً لا يذكر الله فيها إلا قليلاً».
    وهؤلاء لهم الويل: ﴿فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّين * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُون﴾ [الماعون:4و5].
    وقال بعض علماء السلف في هذه الآية: والله إني لأجد صفة المنافقين في هذه الآية: شراً بين للقهوات، تاركين للصلوات، لعابين بالكعبات، قادرين على العتمات، مفرطين في الغدوات، مضيعين للجماعات، عطلوا المساجد واتبعوا الضيعات ثم تلا قوله تعالى: ﴿فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاَةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا﴾ [مريم: 59].
    6- وهؤلاء الخلوف وبال على أنفسهم وعلى مجتمعاتهم وعلى دينهم لأنهم آثروا الشهوات على الطاعات، فهمتهم مصروفة إلى شهوات بطونهم وخروجهم قدموها على حقوق الله والإقبال عليها، فمهما لاحت لهم حصولها وعلى أي وجه اتفقت تناولوها.
    7- فيجب ردعهم وزجرهم بالكلمة البليغة والبيان والحجة والدليل والبرهان، فمن استطاع بيده فعل، ومن استطاع بلسانه فعل، ومن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان، ولذلك فنجاة الأمة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ﴾ [آل عمران: 110].
    وحصانة المجتمع بجميع طبقاته بالدعوة إلى الله: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِين﴾ [فُصِّلَت: 33].
    ﴿قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِين﴾ [يوسف: 108].
    فعلى الأمة بجميع أطيافها وولاة أمرها على مختلف مستوياتهم إحياء فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتقديم كل عون للعلماء وطلاب العلم للقيام بواجب الدعوة إلى الله على بصيرة وهم آمنون على أنفسهم وأعراضهم.
    هذا هو سبيل النجاة . . وهذا هو طوق الحياة . . وإلا غرقت السفينة لا سمح الله ولا قدر.

    للاستماع والتحميل: http://www.alhilaly.net/mhadrat_show-316-0.html

يعمل...
X