خطبة صلاة الجمعة: محقرات الذنـوب لفضيلة الشيخ سليم بن عيد الهلالي

[أسامة بن سليم الهلالي]

من طبيعة الخلق أن يذنبوا ويخطئوا ويقصروا فكل بني آدم خطاء.
فنحن بنو آدم وآدم عليه السلام أذنب وأخطأ ومن شابه أباه فما ظلم.
أنا وأنت الضعف مغروس فينا .. والشيطان والهوى يستهوينا
وصدق من قال:
من الذي ما أساء قط ... ومن له الحسنى فقط
عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم» [متفق عليه].
فإذا كان واقع البشر كما وصف رب البشر فقد علمنا ربنا كيف نتعامل مع المعصية قبل وقوعها وإذا وقعت وبعد وقوعها.
أما قبل وقوعها فقد حذرنا رسولنا صلى الله عليه وسلم من خطورة احتقار المعاصي واستصغارها وعدم المبالاة بها، فتتكاثر على العبد فتهلكه، عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إياكم ومحقرات الذنوب، وإنما مثل محقرات الذنوب، كمثل قوم نزلوا بطن واد فجاء ذا بعود وذا بعود حتى جمعوا ما أنضجوا به خبزهم، وإن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه» [أخرجه أحمد وهو صحيح].
وعن سعد بن جنادة -رضي الله عنه- قال: لما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من حنين نزلنا قفراً من الأرض ليس فيها شيء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اجمعوا من وجد عوداً فليأت به، ومن وجد عظماً أو شيئا فليأت به. قال: فما كان إلا ساعة حتى جعلناه ركاماً، فقال: أترون هذا؟ ، فكذلك تجتمع الذنوب على الرجل منكم كما جمعتم هذا، فليتق الله رجل، فلا يذنب صغيرة ولا كبيرة، فإنها محصاة عليه» [«الصحيحة»: (3102)].
ومحقرات الذنوب ترضي الشيطان وهو مطلبه من العبد، قال صلى الله عليه وسلم: «إن الشيطان يئس أن يعبد في جزيرة العرب، ولكن رضي منكم بما تحقرون من الذنوب».
ولذلك محقرات الذنوب لها جانبان خطيران:
1- كثرتها التي تؤدي إلى الهلاك.
2- الإستهانة بها واحتقارها فما يؤدي إلى كبرها وعظمها عند الله.
قال ابن عباس: «لا صغيرة مع الإصرار، ولا كبيرة مع الاستغفار».
ولذلك لا تنظر إلى صغر المعصية، ولكن انظر إلى عظم من عصيت، فإن المعصية مهما كانت صغيرة، فهي في جانب الله عظيمة: ﴿وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنَاً وَهُوَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمٌ﴾ [النور: 5].
قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: «إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه، فقال به هكذا -أي بيده- فذبه عنه»؛ ولذلك فإن إدمان الصغائر يجعل العبد يستصغر الكبائر.
قال أنس بن مالك -رضي الله عنه-: «إنكم لتعملون أعمالاً هي في أعينكم أدق من الشعر، إنا كنا نعدها على عهد النبي صلى الله عليه وسلم من الموبقات».
قال أبو أيوب الأنصاري: «إن الرجل ليعمل الحسنة فيثق بها، وينسى المحقَّرات، فيلقى الله وقد أحاطت به، وإن الرجل ليعمل السيئة فلا يزال منها مشفقاً حتى يلقى الله آمناً».
فإذا وقعت في الذنب واقترفت المعصية؛ فبادر بالتوبة لاكون من خيار بني آدم، قال صلى الله عليه وسلم: «كل ابن آدم خطاء، وخير الخطَّائين التوّابون».
وأبواب التوبة مفتوحة حتى تخرج الشمس من مغربها، أو ما لم يغرغر العبد وتبلع روحه الحلقوم.
واعلم يا عبد الله: إن مرضى القلوب من اجتماع الذنوب، ودواؤها وعافيتها أن نتوب.
يارب إن عظمت ذنوبي كثرة فلقد علمت بأن عفوك أعظم
إن كان لا يرجوك إلا محسن فمن الذي يدعو ويرجو المجرم
أدعوك ربي كما أمرت تضرعا فاذا رددت يدي فمن ذا يرحم
دمعة تائب من القلب تجري...
للاستماع والتحميل: :. الموضوع الاصلى: خطبة صلاة الجمعة: محقرات الذنـوب لفضيلة الشيخ سليم بن عيد الهلالي | المصدر: منتديات منهاج الرسول السلفية | كاتب الموضوع: أسامـة الهـلالـي .:

[خالد باجمال]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كون الرابط لايعمل حالياً للصيانة في موقع منهاج الرسول السلفية
فهذا رابط مباشر من موقع الشيخ للإستماع والتحميل
http://www.alhilaly.net/sound/khotba/07-10-2011.mp3
*