إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

إبراز البدر الجاري بالترجمة والذب عن الشيخ عدنان الذماري

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • إبراز البدر الجاري بالترجمة والذب عن الشيخ عدنان الذماري


    إبراز البدر الجاري
    بالترجمة والذبّ عن الشيخ عدنان الذماري


    كتبه الفقير إلى الله:
    أبو فيروز عبد الرحمن بن سوكايا الإندونيسي



    بسم الله الرحمن الرحيم
    مقدمة

    الحمد لله وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم على محمد وآله أجمعين أما بعد:
    فقد سألنا أحد الإخوة لنسطر ترجمة لشيخنا المفضال أبي اليمان عدنان بن حسين المصقري الذماري حفظه الله، فألبي ذلك لأعرِّف للناس علماءهم، ولو بأسطور يسيرة في رسالة مختصرة.
    ثم تذكرت أني قد سمعتُ بأذني غمز بعض الناس بمكانة الشيخ أبي اليمان الذماري حفظه الله.
    وقد قرأت أيضاً مقالة لبعض الآخرين: أنه ليس في اليمن عالم إلا اثنان، وأما الآخرون فبمجرد قيامهم بمحاضرة واحدة صاروا من المشايخ؟!
    فمن باب الذبّ عن حرمة أهل العلم، وأداء بعض حقوقهم علينا، وتذكيرهم بمناقب المشايخ الثابتين اقوم بإتمام ترجمته السابقة ببعض الزوائد المهمة، وتصحيح الأغلاط الواقعة، مع الاعتراف بحصول التقصير في هذا العمل. والشيخ يستحق أن يترجم له بما هو أوسع من هذا المختصر.
    وأشكر الإخوة أعضاء شبكة العلوم السلفية على ما قاموا بجهود جبارة في إسداء العلوم والفوائد والأخبار المهمة، أسأل الله عز وجل أن يجعلها في ميزان حسناتهم.
    أقول بتوفيق الله وحده:



    الباب الأول: مولد الشيخ أبي اليمان حفظه الله ونشأته وخلقه

    اسمه ونسبه:
    هو شيخنا المفضال أبو اليمان عدنان بن حسين بن أحمد بن صالح المصقري الحدائي الذماري حفظه الله عز وجل.
    مولده:
    ولد شيخنا أبو اليمان في سنة 1397 من الهجرة في صنعاء عاصمة اليمن حرسها الله، كما أخبرني به هو وأخوه الأخ أبو زكريا عبد الحكيم حفظهما الله.
    نشأته وطلبه للعلم الشرعي:
    نشأ حفظه الله في أسرة صالحة، وأبوه الشيخ أبو عدنان حسين المصقري الذماري حفظه الله، من دعاة أهل السنة والجماعة في محافظة ذمار، وقد رباه أبواه على محبة العلم والدين، وكانا حريصين على هداية أولادهما، فجزاهما الله خيرا.
    وتتلمذ شيخنا أبو اليمن حفظه الله على يد الإمام المحدث العلامة أبي عبد الرحمن مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله في "دار الحديث" بدماج بمحافظة صعدة اليمن.
    ثم تتلمذ حفظه الله بعده على يد الإمام المحدث العلامة أبي عبد الرحمن يحيى بن علي الحجوري حقظه الله، خليفة الإمام الوادعي رحمه الله.
    وقد أرسل إليّ أخو الشيخ عدنان، وهو الأخ الفاضل أبو زكريا عبد الحكيم بن الشيخ الحسين حفظه الله معلومات مهمة: الشيخ حفظه الله يمتاز بالحفظ ، فقد وفقه الله لحفظ القرآن قبل بلوغه، وحفظ "بلوغ المرام" على والده، وكذلك كثير من المتون كـ: "الرحبية" و"الفية السيوطي" و"سلم الوصول" وكثير من المتون في شتى الفنون.
    وكذلك حفظ في دماج "صحيح مسلم" وكثيرا من "الفية ابن مالك". و"نونية القحطاني".
    وقد تتلمذ على عدة المشايخ السلفيين في أخذ القرآن والقراءات، فأخذ قراءة حفص على يد المقرئ الديلمي قال فيه الشيخ يحيى: لا نعلم عنه إلا خيرا. وأخذ رواية ورش ورواية شعبة.
    وقد قرأ على عدة مشايخ في دماج وطلبة علم منهم الشيخ عبد الحميد، والشيخ عبد الرزاق النهمي وكثير من إخوانه. وأنت تعرف هذا. انتهى.
    من أخلاقه حفظه الله
    كان شيخنا أبو اليمان حفظه الله متواضعاً، محباً للخير، غيوراً على دينه، مشجعاً طلاب العلم لنصرة الحق.


    الباب الثاني: جهوده في نشر العلوم ونصرة أهل الحق

    كان شيخنا المفضال أبو اليمان عدنان بن حسين المصقري الذماري حفظه الله معروفاً بحسن تدريسه وكرم خلقه في دار الحديث بدماج، واهتمامه بأسانيد الأحاديث. وقد صنف كتباً فيها اهتمام كبير بعلم أسانيد الروايات مع شدة ضعف اهتمام كثير من الناس بها. وهذا الجانب من أهمّ طريقة أهل السنة في حماية الدين ونسف تدسيس أهل الأهواء في دين الإسلام، كما أشار إليه كثير من أئمة الحديث.
    قال الحاكم النيسابوري رحمه الله في مقدمة كتابه "معرفة علوم الحديث" : فإني لما رأيت البدع في زماننا كثرت ، ومعرفة الناس بأصول السنن قلت ، مع إمعانهم في كتابة الأخبار ، وكثرة طلبها على الإهمال والإغفال ؛ دعاني ذلك إلى تصنيف كتاب خفيف يشتمل على ذكر أنواع علم الحديث مما يحتاج إليه طلبة الأخبار ، المواظبون على كتابة الآثار. ("معرفة علوم الحديث"/ص106-107/ط. دار ابن حزم).
    وشيخنا أبو اليمان الذماري حفظه الله من مشايخ دار الحديث بدماج؛ يؤلِّف كتباً ويدرّس الطلاب داخل المركز وخارجه –بل وخارج اليمن- علوم السنة ليعرف بها الناس سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم فيتمسكوا بها، وليعلموا سبل أهل الأهواء ليحذروا منها ويجنبوها، كما هو منهج أئمة الحديث.
    قال الإمام محي السنة البغوي رحمه الله في مقدمة كتابه العظيم "شرح السنة": والقصد بهذا الجمع –مع وقوع الكفاية بما عملوه –يعني: أئمة السلف- الاقتداء بأفعالهم والانتظام في سلكٍ أحدُ طرفيه متصل بصدر النبوة والدخول في غِمار قومٍ جدُّوا في إقامة الدين واجتهدوا في إحياء السنة شغفاً بهم، وحُباً لطريقتهم-، وإن قصرتُ في العمل عن مبلغ سعيهم، طمعاً في موعود الله سبحانه وتعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم أن: «المرء مع من أحب»([1]).
    ولأني رأيت أعلام الدين عادت إلى الدروس، وغلب على أهل الزمان هوى النفوس، فلم يبق من الدين إلا الرسم، ولا من العلم إلا الاسم حتى تصور الباطلُ عند أكثر أهل الزمان بصورة الحق، والجهلُ بصورة العلم، فظهر فيهم تحقيق قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رءوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلّوا وأضلّوا»([2]). ولما كان الأمر على ما وصفته لك أردت أن أجدِّد لأمر العلم ذكراً لعله ينشط في راغب متنبِّهٍ أو ينبعث له واقف متثبِّطٍ، فأكون كمن يسعى لإيقاد سراج في ظلمة مطبقة فيهتدي به متحيِّرٌ أو يقع على الطريق مسترشدٌ، فلا يخيب من الساعي سعيه ولا يضيع حظّه.
    (انتهى من "شرح السنة"/للبغوي/1/ص2-4/ط. المكتب الإسلامي).
    وأرسله شيخنا يحيى الحجوري حفظه الله مراراً للدعوة إلى الله داخل اليمن وخارجها.
    وقد سجل بعض الإخوة السلفيين لقاء المشايخ محمد إبراهيم المصري وعدنان المصقري وماجد المدرس في مسجد "الفرقان" بالقاهرة بمصر بتاريخ 26 شعبان 1432 هـ، وألقى فيه محاضرة بعنوان "من طرق النجاة النظر في عواقب الأمور".
    ولما زار دماج في فترة من الفترات أسدى له شيخنا يحيى الحجوري حفظه الله للمحاضرة وخاطبه بالشيخوخة تقريراً لعلمه.
    وهو ممن قام بنصرة أهل السنة في الفتن المنهجية، بكتابة رسائل في الرد على المبتدعة الباغين على أهل السنة، ولا يخذلهم أمام الأدعاء كما فعله بعض المتلوّنين المندسين. والله حكم مقسط وقد جعل جزاء العباد من جنس عملهم لأنهم كما يدينون يدانون.
    قال الإمام ابن القيم رحمه الله: لذلك كان الجزاء مماثلا للعمل من جنسه في الخير والشر، فمن ستر مسلما ستره الله، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ومن نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن أقال نادما أقاله الله عثرته يوم القيامة ومن تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته ومن ضار مسلما ضار الله به ومن شاق شاق الله عليه، ومن خذل مسلما في موضع يجب نصرته فيه خذله الله في موضع يجب نصرته فيه، -إلى قوله:- فهذا شرع الله وقدره ووحيه وثوابه وعقابه كله قائم بهذا الأصل وهو إلحاق النظير بالنظير واعتبار المثل بالمثل. ("إعلام الموقعين"/1/ص157-158).
    إن الذين يخذلون أهل السنة في وقت الحاجة فإنهم يعتبرون خونةً لإخوانهم، وقد خالفوا كتاب الله تعالى، وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومنهج السلف. فأما القرآن، فقد قال ربنا عز وجل: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا الله إِنَّ الله شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [المائدة/2]
    وأما هدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم: فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا. المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله، ولا يحقره. التقوى هاهنا -ويشير إلى صدره ثلاث مرات- بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم. كل المسلم على المسلم حرام دمه، وماله، وعرضه». (أخرجه مسلم (2564/دار ابن الجوزي)).
    وقال الإمام ابن العثيمين رحمه الله: «ولا يخذله» في مقام يحب أن ينتصر فيه. وقال رحمه الله في فوائد الحديث: ..السادسة: بيان حال المسلم مع أخيه وأنه لا يظلمه ولا يخذله ولا يكذبه ولا يحقره، لأن ذلك كل هذا ينافى الأخوة الإيمانية. ("شرح الأربعين النووية"/ص249-251/كما في "الدرة السلفية"/مكتبة الأنصار).
    وقال الإمام النووي رحمه الله : «ولا يخذله» أي: عند أمره بالمعروف أو نهيه عن المنكر، أو عند مطالبته بحق من الحقوق، بل ينصره ويعينه ويدفع عنه الأذى ما استطاع. ("شرح الأربعين النووية"/ص246/الدرة السلفية/مكتبة الأنصار).
    وقال شيخ الإسلام رحمه الله: فإن الساكت عن الحق شيطان أخرس. ومن مال لصاحبه سواء كان الحق له أو عليه فقد حكم بحكم الجاهلية وخرج عن حكم الله ورسوله. والواجب على جميعهم أن يكونوا يداً واحدة مع الحقيّ على المبطل فيكون المعظم عندهم من عظمه الله ورسوله والمقدم عندهم من قدمه الله ورسوله والمحبوب عندهم من أحبه الله ورسوله والمهان عندهم من أهانه الله بحسب ما يرضى الله ورسوله لا بحسب الأهواء فإنه من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعص الله ورسوله فإنه لا يضر إلا نفسه. فهذا هو الأصل الذى عليهم اعتماده اهـ ("مجموع الفتاوى"/28 / ص 17/إحالة/دار الوفاء).
    وقد صمد شيخنا أبو اليمان الذماري مع الشيخ يحيى الحجوري وجميع طلاب دماج في بعض المشاهد لما هجم الرافضة على أهل دماج.
    قال لي الأخ أبو زكريا المصقري حفظه الله: ولم يفته قتال للرافضة إلا الحصار الأخير. انتهى.
    وقد أرسله شيخنا يحيى الحجوري حفظه الله فرحل الشيخ أبو اليمان حفظه الله إلى بلد تنزانيا وقام بالتدريس في دار الحديث بتنزانيا، فأنعش الله تعالى بجهوده وجهود الإخوة العلومَ والسنة وغير ذلك من الخيرات.
    ولما هجم الرافضة على دماج في الحصار الثاني شارك شيخنا أبو اليمان حفظه الله في مناصرة أهل السنة بالقلم والكلام لكونه بعيداً في تنزانيا. ومن ذلك: قام حفظه الله في خطبة عيد الأضحى في تنزانيا - دار السلام - لعام 1434هـ بعنوان: "الحث على مناصرة دماج".
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم»([3]).
    قال الإمام ابن القيم رحمه الله: وجزى الله من أعان الإسلام ولو بشطر كلمة خيرا. ("إعلام الموقعين"/4 /ص457/ط. دار الحديث).




    الباب الثالث: مكانة علمية للشيخ المفضال أبي اليمان المصقري الذماري حفظه الله

    قد ذكرنا شيئا من جهود الشيخ المفضال أبو اليمان عدنان بن حسين المصقري الذماري حفظه اللهفي نشر العلم ونصرة الحق وتعليم السنة.
    وله حفظه الله مشاركة في تحقيق "فتح الباري" لابن حجر مع تخريج أحاديثه وآثاره، مما يدلّ على قوّة علمه وسعة اطِّلاعه.
    قال شيخنا يحيى الحجوري حفظه الله في "الطبقات": عدنان بن حسين بن أحمد المصقري حافظ للقرآن، ويحفظ في "صحيح مسلم"، وخطيب، له رسالة بعنوان "القول المتين في علامات الحزبيين"، وبحث في الإيمان وعنده خلق حسن. ("الطبقات"/رقم (79)/الطبقات الأولى/ط. دار الآثار).
    وقال لي الأخ أبو زكريا المصقري حفظه الله في شأن الشيخ عدنان حفظه الله: وقد أحال الشيخ يحيى بعض الفتاوى الخطية عليه قبل ثلاثة عشر سنة. انتهى([4]).
    فصل: من تصانيف الشيخ أبي اليمان الذماري حفظه الله

    ومن تصانيف الشيخ أبي اليمان عدنان الذماري حفظه الله :
    1- التنبيهات المهمة على أوهام الأئمة
    2- إتحاف الأنام بمحاسن دين الإسلام
    تقديم فضيلة الشيخ يحيى بن علي الحجوري حفظه الله: ... فقد قرأت رسالة "إتحاف الأنام بمحاسن دين الإسلام" لأخينا المبارك إن شاء الله تعالى عدنان المصقري - حفظه الله - فرأيتها رسالة جميلة في بابها تحبب الإسلام إلى النفوس ببيان محاسنه وإظهار فضائله فجزى الله أخانا المفيد عدنان المصقري خيرًا ونفع به.
    3- آداب وأحكام المفتي والمستفتي
    تقديم فضيلة الشيخ يحيى بن علي الحجوري حفظه الله: ... فقد جمع في آداب الفتوى أئمة كثيرون المح إلى ذلك أخونا الشيخ عدنان بن حسين المصقري حفظه الله في مقدمته لهذا الجزء المسمى "آداب المفتي والمستفتي" ، وإنما كان ما امتاز به هذا الجزء هو جمع كثير مما تفرق من أدلة الموضوع من القرآن وثوابت السنة مع النقل فيما يحتاج النقل لبيانه، فصار البحث بذلك مفيداً في بابه فائدة مهمة لأصحاب الشأن فجزى الله أخانا الفاضل الشيخ عدنان المصقري خيراً ونفع به.
    4- الديباج في ذكر مئآثر دماج
    5- نور المشكاة في آداب الراعي والرعاة
    6- سلسلة الأسانيد المشهورة للأحاديث المنثورة
    تقديم الشيخ يحيى الحجوري حفظه الله: ... فقد قرأت ما جمعه أخونا الفاضل الطالب المهذب المفيد عدنان بن حسين المصقري وفقه الله في الجزء الأول من "الأسانيد المشهورة للأحاديث المنثورة" فرأيته جزء نافعا لطلبة العلم يسهل حفظه بأسانيده مع ترتيب فقهي حسن. وهذا الجزء من سلسلة على هذا الأسلوب من الصحيحين ونحوهما تتوق إليها نفوس الطلاب الحديث. وكم نحن نشعر بالراحة في المذاكرة في مجالسنا ورحلاتنا الدعوية لمثل هذه الفوائد الحديثية المشوقة حين يأتي الطالب بجملة من أحاديث صحابي بعينه بإسناد واحد أو بجملة من الأحاديث القدسية الصحيحة عن صحابي واحد في الكتب الستة أو على الإطلاق أو بجملة من الأحاديث التي وهم في عزوها أو في بعض ألفاظها بعض الأئمة الحفاظ ونحو ذلك من الفوائد والمسائل العلمية، هذه الفوائد والله أغلى من دنيا طائلة وملايين زائلة بل لا مقارنة عندنا بين الأمرين ، ونسأل الله التوفيق لما يحب ويرضى وأن يختم لنا بالحسنى. انتهى.
    7- الأربعون حديثا من صحاح السنة في تحريم الخروج على الحكام المسلمين واجتناب المظاهرات والفتنة. (ط. مكتبة الإمام مسلم).
    تقديم فضيلة الشيخ يحيى بن علي الحجوري حفظه الله: ... اطلعت على هذه الرسالة المختصرة التي جمع فيها أخونا الشيخ عدنان المصقري "أربعين حديثا من صحاح السنة وجملة من الآثار في تحريم الخروج على حكام المسلمين واجتناب المظاهرات والفتنة" فرأيتها رسالة طبية في بابها نوصي بطبعها ونشرها لحاجة المسلمين إليها وإلى أمثالها والله الموفق.
    8- ماذا ينقم الجاهلون من الشيخ يحي؟
    9- الوجيزة في علوم القراءات
    10- شرح الوجيزة
    11- فضائل الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، والرد على الرافضة المعتدين. (ط. مكتبة صنعاء الأثرية).
    تقديم فضيلة الشيخ يحيى بن علي الحجوري حفظه الله: ... فقد اطلعت على رسالة: "فضائل الصحابي الجليل معاوية رضي الله عنه" التي قصد بها أخونا الداعي إلى الله عدنان المصقري -حفظه الله ورد عن عرضه نار جهنم كما رد عن عرض الصحابي الجليل معاوية رضي الله عنه- فرأيتها رسالة مفيدة في دفع بغي هذا الرافضي وأمثاله على هذا الصحابي الجليل فجزى الله أخانا الفاضل عدنان المصقري خيرا.
    12- الوسطية في دين الإسلام
    13- الورد المنتقى من أذكار المصطفى
    14- مختصر تفسير السلف واختيارات المفسرين
    15- الحشد المبين في تحريم التشبه بالكافرين
    16- أحسن المقال في أفضل الناس والأعمال
    17- نور العينين في ذكر أمثال الوحيين
    18- من دعا له رسول الله أو دعا عليه
    19- ثلاثيات كتب السنة
    20- التنبيه على جواز إقامة جماعة ثانية في مسجد قد صلي فيه
    21- كشف شبهات الانتخابات
    22- الأربعون في فضل الرباط والجهاد
    23- النصر الحثيث في فضل فقه أهل الحديث
    24- الإلمام بشرح آيات الأحكام
    25- شرح أسماء الله في القرآن
    26- لمن يهمه أمر اليمن: ما هو سبب القتل وكثرة الفتن
    27- الأربعون حديثاً في صفات الحجّ مما ليس في حديث جابر
    هي مشتملة على حديث جابر بن عبد الله ويليه بعض السنن التي ليست في حديث جابر.
    28- نصيحة أخوية للفرقة المرضية
    29- شرح منظومة منهج الحق للعلامة السعدي
    30- حقيقة محمد بن هادي الظالم المقلد
    31- ذكرى لا شماتة
    32- الصحيح من آداب المفتي والمستفتي
    33- نبذة مختصر عن جهود الإمام الوادعي وطلابه البررة
    34- ألا يكفي الطعن في دماج (معقل السنة)؟ ونسف شبهة (ما تبين لنا)
    35- بيان تفاوت (مواقف الصادقين والحاقدين من دماج) في فتنة الرافضة
    36- حكم المظاهرات وما فيها من المنكرات ورد شبهات الإخوان المفلسين وبيان بعض ما عندهم من الكذبات.

    بقي بعض الرسائل لم تسير لي تتبعها.

    فصل: من دروسه ومحاضراته وخطبه المسجلة

    للشيخ عدنان الذماري حفظه الله دروس كثيرة جدا لم أتمكن من تدوينها، وهي منتشرة داخل اليمن وخارجها. وكذلك خطبه ومحاضراته. انظر في شبكة العلوم السلفية: "الجامع لصوتيات الشيخ الفاضل عدنان المصقري حفظه الله".
    فمن عناوين دروسه التي يسَّر الله تدوينها عندي:
    1- شرح العقيدة السفارينية
    2- شرح المنظومة التائية لأبي إسحاق الألبيري رحمه الله
    3- شرح القواعد الحسان للعلامة السعدي رحمه الله
    4- شرح سلم الوصول للعلامة حافظ حكمي رحمه الله
    ومن محاضراته وخطبه:
    1- نصائح سلفية ثمينة (في مسجد الفرقان مصر، في 27 شعبان 1432 هـ)
    2- محاضرة للشيخ أبي اليمان أثناء زيارته لمصر، مع ترحيب الشيخ محمد إبراهيم المصري (مسجد الفرقان - القاهرة - 25 شعبان 1432 هـ)
    3- من طرق النجاة النظر في عواقب الأمور (مسجد "الفرقان" بالقاهرة بمصر بتاريخ 26 شعبان 1432 هـ)
    4- أذكــــار الصبــــاح الثابتـــة
    5- أذكــــار المســــاء الثابتـــة
    6- هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ (خطبة جمعة في مسجد السنة بالحاوي)
    7- الاستغفار (خطبة جمعة في مسجد السنة بتريم في الأول من شوال 1431هـ)
    8- الغفلة عن ذكر الله (خطبة جمعة بمسجد السنة بتريم 15 شوال 1431هـ)
    9- من صفات المنافقين (خطبة جمعة)
    10- الحذر من البدع (خطبة جمعة)
    11- قصر الأمل وطول الأمل (خطبة جمعة)
    12- وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ (خطبة جمعة)
    13- نعمة الإسلام والسنة (خطبة جمعة)
    14- عواقب الأمور (خطبة جمعة في 22 شوال 1431هــ)
    15- بعض أحكام المساجد (خطبة في سيئون)
    16- نعمة الأمن والأمان (خطبة جمعة)
    17- الإيمان بالقدر (خطبة جمعة)
    18- صلوا كما رأيتموني أصلي (خطبة جمعة 10 رمضان 1431هــ)
    19- قصيدة حول الجهاد ضد الرافضة : الله أكبر ما صاحت فوارسنا
    20- تحريم الظلم (خطبة جمعة)
    21- علامات الحق وأهله (كلمة في اجتماع أهل السنة بالحديدة 4 ربيع أول 1434هـ)
    22- حكم التخلف والرجوع من الجبهات (جوابٌ نفيسٌ جداً للشيخ الفاضل أبي اليمان عدنان المصقري)
    23- قصص ومواعظ من القرآن لحسن الظن بالعزيز الرحمن (خطبة قيمة من تنزانيا )
    24- التوكل على الله (خطبة قوية جدا في تنزانيا، 3 صفر 1435 هـ )
    25- "عقوبة المخالفين والطعن في حملة السنة". (محاضرة في مسجد زنجبار في تنزانيا في الجمعة 15 شعبان 1435 هـ).
    وغيرها كثيرة قيمة علمية مفيدة.
    وقد استفدت من الشيخ أبي اليمان كثيراً، فجزاه الله خيراً.

    فصل: اهتمامه بالقرآن

    للشيخ أبي اليمان المصقري حفظه الله اهتمام كبير بعلوم القرآن وقراءته، كما هو معروف في بعض تصانيفه وحياته. وله صوت جميل وقراءة جليلة كما سمعنا مراراً لما أمّنا في بعض الصلوات في دار الحديث بدماج.
    ومن أحبّ استماع قراءته فليستمع في "مصحف الشيخ عدنان المصقري".

    فصل: من أقواله النيرة

    قال شيخنا أبو اليمان المصقري حفظه الله في كشف زيغ الحزب الجديد: يا أيها الناس يكفي أنّا نرى الولاء والبراء الضيق عند هذا الحزب وتطبيق قاعدة البنّا بينهم. فأين إنكارهم على أخطاء عبيد، والوصابي، والعدني، والريمي، ووالله لو ظهر بعضها من الشيخ يحيى لطاروا بها، وشنعوا عليه، وقاموا ولم يقعدوا. أما نحن والحمد لله فلسنا مقلدين، نردّ على من أخطأ، وليس لأحد علينا منة. ونسأل الله الثبات حتى الممات. (في ضمن تقديمه لرسالة أحد طلابه التي بنعوان: "كشف سلسلة المكر وصدّ عدوان صالح أخي بني بكر").
    وقال حفظه الله عن مناقب دار الحديث بدماج: ... تلك الدار التي عمّ نفعها البلاد وانتشر خيرها بين العباد. كم فيها من الفقهاء والعلماء والمحدثين والشعراء والمؤلفين والمحققين والأدباء. من أجل هذا يكيد لها الكائدون ويمكر بها الماكرون ويتربص بها المتربصون. (في ضمن تقديمه لرسالة أحد طلابه التي بنعوان: "طلب الفلاح السرمدي بشرح الجهاد للسعدي").
    وقال حفظه الله: لا بد من البلاء ولا بد من أن يعقبه الرفعة والرخاء سنة التي قد خلت من قبل. نسأل الله أن ينصر دينه، وأن يعلي كلمته، وأن يعزّ أوليائه. (في ضمن تقديمه لرسالة أحد طلابه التي بنعوان: "طلب الفلاح السرمدي بشرح الجهاد للسعدي").




    الباب الرابع: حقيقة العلم والاجتهاد

    لما كان بعض من لم يفهم حقيقة الأمر ينتقص بالشيخ أبي اليمان الذماري وأمثاله حفظهم الله، لا بد أن أذكرهم بحقيقة العلم والفقه والاجتهاد. وقد بينت ذلك بتوفيق الله وحده في كتاب "تذكير العباد بأهلية العلمين الوادعي والحجوري وبراءتهما من جماعات الإفساد" وغيره.
    قال الإمام ابن عثيمين رحمه الله: العلم هو إدرام الشيء على ما هو عليه إدراكاً جازماً. ("شرح الأصول الثلاثة"/ص6).
    فهل يعقل ألا يدرك الشيخ عدنان الذماري حفظه الله المسائل الفقهية كما ينبغي وقد صابر وثابر على مرارة تلقي العلم والمماسرة في السنين المديدة في عهد الإمام الوادعي ثم في زمن الإمام الحجوري مع توفية شروط الانتفاع بالعلم وملازمة العمل به؟
    قال الإمام الشوكاني رحمه الله: وإنما تثبت هذه الملكة بطول الممارسة، وكثرة الملازمة لشيوخ هذا الفن. ("إرشاد الفحول"/2/ص 96).
    وهل بعد هذه الدراسة الطويلة وملازمة الأئمة والعلماء مع توفيق الله عز وجل لا يقدر الشيخ أبو اليمان الذماري على نقل صور المسائل الدينية في العقل والذهن على وجهها ؟ والله الأكرم، وهو بكرمه يعلِّم من يشاء بما لا يعلمه. ﴿اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾ [العلق: 3 - 5].
    قال الإمام ابن القيم رحمه الله: العلم نقل صورة المعلوم من الخارج وإثباتها في النفس، والعمل نقل صورة علمية من النفس وإثباتها في الخارج. فإن كان الثابت في النفس مطابقاً للحقيقة في نفسها فهو علم صحيح. ("الفوائد"/ص 84).
    أم مع جهوده العظيمة هذه كلها ما زلتم تمنعونه من إمكانية إثبات صور كثير من الأمور الدينية على ما هي عليه مع الجزم؟
    قال أبو البقاء أيوب بن موسى الكفوي رحمه الله: العلم يقال لحصول صورة الشيء عند العقل وللاعتقاد الجازم المطابق الثابت. ("الكليات" /لأبى البقاء الكفومى/ص695/ط. الرسالة).
    أأجزتم أن تسمُّوا المتخرجين من الجامعة الإسلامية بعد مدة الدراسة –أربعة سنين أو ثمانية سنين- بالمشايخ؛ وتغمزون بالشيخ أبي اليمان الذماري حفظه الله وتغضّون أبصاركم عن حواصله العلمية الرصينة ولا تلتفتون إلى جهود الكبيرة في طلب العلم؟ إن توفيق الله قريب من الصادقين الحازمين المحسنين المتوكلين عليه.
    قال الإمام ابن القيم رحمه الله: وعلى قدر نية العبد وهمته ومراده ورغبته في ذلك يكون توفيقه سبحانه، وإعانته. فالمعونة من الله تنزل على العباد على قدر هممهم وثباتهم ورغبتهم ورهبتهم. والخذلان ينزل عليهم على حسب ذلك. فالله سبحانه أحكم الحاكمين وأعلم العالمين يضع التوفيق في مواضعه اللائقة به، والخذلان في مواضعه اللائقة به، هو العليم الحكيم. ("الفوائد"/ص 97).
    استمعوا دروسه الفقهية الدالة على ممارسته في هذا الفنّ.
    واقرأوا كتابه "آداب المفتي والمستفتي" وثناء الشيخ العلامة يحيى الحجوري حفظه الله عليه وتسميته كاتبه بالشيخ.
    وكذلك كتابه "التنبيه على جواز إقامة جماعة ثانية في مسجد قد صلي فيه" الذي يدل على قوة فقهه.
    وكذلك كتابه "الإلمام بشرح آيات الأحكام" الدال دلالة قوية على سعة علمه في الفقه.
    واعلموا أن اختيار الشيخ يحيى الحجوري له بالمشاركة في تحقيق وتخريج في "فتح الباري شرح صحيح البخاري" يدل على براعته في العلوم.
    وكذلك اختيار الشيخ يحيى له لإجابة بعض الفتاوى الخطية يدل على مكانته في العلوم.
    وكذلك اختيار الشيخ يحيى له للقيام بالتدريس في دار الحديث بتنزانيا يدلك على تمكنه في العلوم.
    انظروا إلى استقامته على الحق، وهي من أسباب زيادة العلم والهدى. قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ﴾ [محمد: 17]، وقال جلّ ذكره: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 282]، وقال سبحانه: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا * وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا * وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا﴾ [النساء: 66 - 68].
    وانظروا إلى صحة عقيدته من خلال تصانيفه ودروسه وأفعاله. وصحة المعتقد تقوِّي الإدراك. قال شيخ الإسلام رحمه الله: لأن اعتقاد الحق الثابت يقوي الإدراك ويصححه. ("مجموع الفتاوى" /4/ص10).
    وانظروا في كتبه الدالة على تضلّعه في فنّ الحديث والسنة. وأهل السنة والحديث هم أهل العلم. وشيخنا أبو اليمان حفظه الله من زمرتهم إن شاء الله تعالى. ﴿وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا﴾ [الإسراء: 20].
    قال شيخ الإسلام رحمه الله: وكل هذه الطرق لأهل الحديث صفوتها وخلاصتها : فهم أكمل الناس عقلا؛ وأعدلهم قياسا وأصوبهم رأيا وأسدهم كلاما وأصحهم نظرا وأهداهم استدلالا وأقومهم جدلا وأتمهم فراسة وأصدقهم إلهاما وأحدهم بصرا ومكاشفة وأصوبهم سمعا ومخاطبة وأعظمهم وأحسنهم وجدا وذوقا . وهذا هو للمسلمين بالنسبة إلى سائر الأمم، ولأهل السنة والحديث بالنسبة إلى سائر الملل . فكل من استقرأ أحوال العالم وجد المسلمين أحد وأسد عقلا وأنهم ينالون في المدة اليسيرة من حقائق العلوم والأعمال أضعاف ما يناله غيرهم في قرون وأجيال وكذلك أهل السنة والحديث تجدهم كذلك متمتعين . ("مجموع الفتاوى"/4/ص9-10).
    وليس أهل الحديث مجرد من حفظ كثيرا من الأحاديث.
    قال شيخ الإسلام رحمه الله: ونحن لا نعني بأهل الحديث المقتصرين على سماعه، أو كتابته أو روايته، بل نعني بهم: كل من كان أحق بحفظه، ومعرفته وفهمه ظاهرا وباطنا، واتباعه باطنا وظاهرا، وكذلك أهل القرآن . ("مجموع الفتاوى"/4 /ص95).
    إذا قال قائل: لا بد في المجتهد أن يحفظ ألف ألف حديث، كما قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله!
    الجواب بتوفيق الله وحده: أن هذا الشتراط ليس بلازم.
    سأنقل كلام عبد القادر بن بدران الدمشقي الحنبلي رحمه الله عن الاجتهاد وشروطه لأن فيه فوائد كثيرة وكشفاً عن بعض ما التبس على الناس.
    قال ابن بدران الحنبلي رحمه الله: الاجتهاد في اللغة: بذل الجهد يعني الطاقة في عمل شاق. وإنما قيد العمل بكونه شاقّاً لأن الاجتهاد مختص به في عرف اللغة إذ يقال: اجتهد الرجل في حمل الرحى ونحوها من الأشياء الثقيلة. ولا يقال اجتهد في حمل خردلة ونحوها من الأشياء الخفيفة.
    وهو الاصطلاح: استفراغ الوسع في طلب الظن بشيء من الأحكام الشرعية على وجه يحس من النفس العجز عن المزيد عليه.
    وقسم العلماء الاجتهاد إلى قسمين ناقص وتام.
    فالناقص هو: النظر المطلق في تعرف الحكم وتختلف مراتبه بحسب الأحوال.
    والتام هو: استفراغ القوة النظرية حتى يحس الناظر من نفسه العجز عن مزيد طلب.
    ومثاله: مثال من ضاع منه درهم في التراب فقلبه برجله فلم يجد شيئا فتركه وراح. وآخر إذا جرى له ذلك جاء بغربال فغربل التراب حتى يجد الدرهم أو يغلب على ظنه أنه ما عاد يلقاه.
    فالأول اجتهاد قاصر، والثاني تام.
    وعلم من التعريف ومما سبق أول الكتاب أن استفراغ الجهد إنما هو للفقيه، وهو المجتهد، فلا عبرة باستفراغ جهد غير المجتهد.
    وقولنا: (في طلب ظن) يشير إلى أنه لا اجتهاد في القطعيات. وقولنا: (بشيء من الأحكام الشرعية) يخرج ما لو استفرغ جهده في طلب شيء من الحسيات والعقليات، فإنه بمعزل عن مقصودنا.
    والمجتهد من اتصف بصفة الاجتهاد وحصل أهليته. وقد ذكر العلماء له شروطاً، وذلك أنه لما لم يكن لا بد أن يكون عاقلا بالغا قد ثبتت له ملكة يقتدر بها على استخراج الأحكام من مأخذها ولا يتمكن من ذلك إلا باتصافه بأمور لا جرم جعلوا تلك الأمور شروطا، وهي: أن الواجب عليه أن يعرف من الكتاب ما يتعلق بالأحكام وهو قدر خمسمائة آية قاله الغزالي وغيره.
    وليس هذا القول بسديد وليس هذا التقدير بمعتبر، وأن مقدار أدلة الأحكام في ذلك غير منحصرة فإن أحكام الشرع كما تستنبط من الأوامر والنواهي كذلك تستنبط من الأقاصيص والمواعظ ونحوها. فقلّ أن يوجد في القرآن الكريم آية إلا ويستنبط منها شيء. وقد سلك هذا المسلك الشيخ عز الدين بن عبد السلام فألف كتابه "أدلة الأحكام" لبيان ذلك. وكان هؤلاء الذين حصروها في خمسمائة آية إنما نظروا إلى ما قصد منه بيان الأحكام دون ما استفيدت منه، ولم يلتفتوا إلى ما قصد به بيانها.
    وهل يشترط حفظ الآيات عن ظهر قلب أو يكفيه أن يكون مستحضراً لها؟ والصحيح الثاني، وأنه يكفيه أن يعرف مواقع الحكم من مظانه ليحتج به عند الحاجة إليه، لأن مقصود الاجتهاد هو إثبات الحكم بدليل يختص به.
    ويشترط أن يعرف من السنة ما يكفيه لاستنباط الأحكام، ولا يتعين ذلك ببعض السنة دون بعض خلافا لمن حصرها في خمسمائة حديث، لأنه قلّ حديث يخلو عن الدلالة على حكم شرعي. ومن نظر في كلام العلماء على دواوين الحديث كالقاضي عياض والنواوي على "صحيح مسلم"، والخطابي والحافظ ابن حجر على "صحيح البخاري" وفي "شرح سنن أبي داود" وغيرها عرف ذلك. نعم أحاديث السنة وإن كثرت محصورة في الدواوين والمعول عليه منها مشهور كالصحيحين وبقية السنن الستة وما أشبهها. وقد قرب الناس ذلك بتصنيف كتب الأحكام ككتابي الحفاظ عبد الغني بن سرور المقدسي وكتب الحافظ عبد الحق المغربي وكتاب الأحكام لمجدالدين عبد السلام ابن تيمية جد شيخ الإسلام ونحوها.
    وأجمع هذه الكتب كتاب "الأحكام" لمحب الدين الطبري، وبذلك صار الوقوف على ما احتيج إليه سهل المرام قريب المأخذ.
    فإن قيل: فما تقول فيما رواه أبو علي الضرير أنه قال: قلت لأحمد بن حنبل: كم يكفي الرجل من الحديث؟ يكفيه مائة ألف؟ قال: لا. قلت: مائتا ألف؟ قال: لا. قلت: ثلاثمائة ألف؟ قال: لا. قلت: أربعمائة ألف؟ قال: لا. قلت: خمسمائة ألف؟ قال: أرجو.
    وروى عنه الحسين بن إسماعيل مثل هذا. وروى مثله عن يحيى بن معين.
    وقال أحمد بن عبدوس: قال أحمد بن حنبل: من لم يجمع علم الحديث وكثرة طرقه واختلافه لا يحلّ له الحكم على الحديث، ولا الفتيا به. وقال أحمد بن منيع: مرّ بنا أحمد بن حنبل جائياً من الكوفة وبيده خريطة فيها كتب. فأخذت بيده فقلت: مرة إلى الكوفة، ومرة إلى البصرة. إلى متى؟ إذا كتب الرجل ثلاثين ألف حديث ألم يكفه؟ فسكت. قلت: فستين ألفا؟ فسكت. فقلت: فمائة ألف؟ قال: فحينئذ يعرف شيئاً. فنظرنا فإذا أحمد قد كتب عن بهز -وأظنه قال: وعن روح بن عبادة- ثلاثمائة ألف حديث.
    إلى غير ذلك مما رواه عنه أصحابه في هذا المعنى.
    قلنا في الجواب: إن أصحاب الإمام أحمد حملوا كلامه هذا على الاحتياط والتغليظ في الفتيا، أو على أن يكون أراد وصف أكمل الفقهاء. حكى هذا القاضي أبو يعلى في "العدة". فأما الذي لا بد منه ودل عليه كلام أحمد إن الأصول التي يدور عليها العلم عن النبي صلى الله عليه و سلم ينبغي أن تكون ألفاً وألفاً ومائتين انتهى.
    ولا يخفاك أن لفظ الحديث عند السلف أعمّ مما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم، ومن آثار الصحابة والتابعين وطرق المتون، وإلا فالأحاديث المروية لا تصل إلى عُشر هذا العدد.
    وغاية ما جمعه الإمام أحمد في مسنده الذي أحاط بالأحاديث ثلاثين ألفا. وغاية ما ضمّه إليه ابنه عبد الله عشرة آلاف حديث، فكان مجموعه أربعين ألفا، فتنبّه لذلك.
    ويشترط للمجتهد مع معرفته بأحاديث الأحكام؛ معرفة صحة الحديث. ومعرفته بذلك إما بالاجتهاد فيه بأن يكون له من الأهلية والقوة في علم الحديث ما يعرف به صحة مخرج الحديث أي طريقه الذي ثبت به، ومن رواية أي البلاد هو، أو أي التراجم، ويعلم عدالة رواته وضبطهم. وبالجملة يعلم من حاله وجود شروط قبوله وانتفاء موانعه وموجبات رده. وإما بطريق التقليد بأن ينقله من كتاب صحيح ارتضى الأئمة رواته كالصحيحين وسنن أبي داود ونحوها. الصحة يحصل بذلك وإن كان الأول أعلى رتبة من الثاني.
    وأن يعرف الناسخ والمنسوخ من الكتاب والسنة لأن المنسوخ بطل حكمه وصار العمل على الناسخ. فإن لم يعرف الناسخ من المنسوخ أفضى إلى إثبات المنفي ونفي المثبت. ويكفيه أن يعرف أن دليل هذا الحكم ليس بمنسوخ فلا يشترط عليه أن يعرف جميع الأحاديث المنسوخة من الناسخة. ومع هذا فالإحاطة بمعرفة ذلك أيسر من غيره لقلة المنسوخ بالنسبة إلى المحكم من الكتاب والسنة. وقد صنف في ناسخ القرآن ومنسوخه جماعة منهم أبو جعفر النحاس والقاضي أبو بكر وابن العربي ومكي صاحب الأعراب ومن المتقدمين هبة الله بن سلامة. ومن المتأخرين ابن الزاغواني وابن الجوزي وغيرهم.
    وألف في ناسخ الحديث ومنسوخه جماعة منهم الشافعي وابن قتيبة وابن شاهين وابن الجوزي وغيرهم.
    ويعرف ذلك معرفة جيدة من تفاسير القرآن والحديث البسيطة كتفسير القرطبي، وشروح الصحيحين، لكن يجب على المجتهد أن يجعل تلك الكتب دالة له على القول بالنسخ ولا يأخذ قول أصحابها قضية مسلمة لأن كثيرا ما تراهم يردون ناسخا ومنسوخا تعصبا لمذهبهم ويطلقون النسخ من غير تمحيص. فعلى الناظر أن يطرح التعصب وينظر بعين الإنصاف كيلا يقع في التقليد. ولقد سلكنا في تفسيرنا للكتاب العزيز هذا المسلك وبينا فيه خطأ كثيرين ادعوا نسخ بعض الآيات ولا دليل لهم إلا التعصب لمذهبهم.
    ومن شروط المجتهد أن يعرف من الإجماع ما تقدم في بابه من هذا الكتاب وغيره مثل أن يعلم أن الإجماع حجة، وأن المعتبر فيه اتفاق المجتهدين، وأنه لا يختص باتفاق بلد دون بلد ونحو ذلك. ويكفيه أن يعلم أن هذه المسألة مما أجمع عليه أو مما اختلف فيه هذا إذا كان قائلا بالإجماع ويجب عليه أن يتثبت في هذا النوع لأنه كم من مسألة يرى القول بالإجماع فيها ويكون مراد القائل إجماع أهل مذهبه أو إجماع الأئمة الأربعة أو إجماع أهل المدينة. فليتنبه لذلك.
    وأن يعرف من النحو واللغة ما يكفيه في معرفة ما يتعلق بالكتاب والسنة من نص ظاهر ومجمل وحقيقة ومجاز وعام وخاص ومطلق ومقيد ودليل خطاب ونحوه.
    ولا يشترط في حقه أن يعرف تفاريع الفقه التي يعنى بتحقيقها الفقهاء، لأن ذلك من فروع الاجتهاد التي ولدها المجتهدون بعد حيازة منصبه. فلو اشترطت معرفتها في الاجتهاد لزم الدور لتوقف الأصل الذي هو الاجتهاد على الفرع الذي هو تفاريع الفقه.
    وكذلك لا يشترط معرفة دقائق العربية والتصريف حتى يكون كسيبويه والأخفش والمازني والمبرد والفارسي وابن جني ونحوهم، لأن المحتاج إليه منها في الفقه دون ذلك.
    ويشترط للمجتهد أن يعرف تقرير الأدلة وما يتقوم ويتحقق به كيفية نصب الدليل ووجه دلالته على المطلوب. انتهى المقصود.
    ("المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل"/لابن بدران/ص367-372)




    الباب الخامس: من ثناءات أهل العلم على شيخنا أبي اليمان المصقري حفظه الله

    قال فضيلة الشيخ يحيى بن علي الحجوري حفظه الله في تقديمه: ... فقد جمع في آداب الفتوى أئمة كثيرون المح إلى ذلك أخونا الشيخ عدنان بن حسين المصقري حفظه الله في مقدمته لهذا الجزء المسمى "آداب المفتي والمستفتي" وإنما كان ما امتاز به هذا الجزء هو جمع كثير مما تفرق من أدلة الموضوع من القرآن وثوابت السنة مع النقل فيما يحتاج النقل لبيانه فصار البحث بذلك مفيداً في بابه فائدة مهمة لأصحاب الشأن فجزى الله أخانا الفاضل الشيخ عدنان المصقري خيراً ونفع به.
    وقال فضيلة الشيخ يحيى بن علي الحجوري حفظه الله في تقديمه: ... اطلعت على هذه الرسالة المختصرة التي جمع فيها أخونا الشيخ عدنان المصقري "أربعين حديثا من صحاح السنة وجملة من الآثار في تحريم الخروج على حكام المسلمين واجتناب المظاهرات والفتنة" فرأيتها رسالة طبية في بابها نوصي بطبعها ونشرها لحاجة المسلمين إليها وإلى أمثالها والله الموفق.
    وقال فيه شيخنا الكريم أبو أنس أحمد بن محمد البخاري الفلاني المالي حفظه الله: وبارك الله في شيخنا الحبيب اللبيب فخر قارة إفريقيا بلا نزاع الأخ عدنان المصقري حفظكم الله. (رسالته بتاريخ 12 شوال 1435 من الهجرة).





    الباب السادس: قصة عجيبة

    في يوم الجمعة صباحاً بتاريخ (15 شبعان 1435 هـ) أرسل إليّ شيخنا أبو اليمان حفظه الله من خلال رحلته الدعوية في تنزانيا في موضع يسمى زنجبار وهو على متن سفينة على ظهر بحر أخضر.
    ثم أرسل إليّ في اليوم السبت رسالة ذكر فيها قصة عجيبة فقال:
    بسم الله الرحمن الرحيم
    (( ذكرى لا شماتة ))
    وصلنا بحمد الله وفضله ومنته إلى زنجبار - جزيرة تنزانيا - وهي أول مرة أنزلها دعوة إلى الله يومنا هذا الجمعة 15 شعبان 1435 هـ فلما وصلنا استقبلنا الإخوة الذين ألحوا علينا بالزيارة فبلغنا أن قاسم مافوتا –من أصحاب الحزب الجديد- وقد سبقنا وألقى محاضرة بالأمس الخميس وتكلم على الشيخ يحيى وقال: (هو حزبي! مفترى لا يدرى أين هو !!؟ وأنه يجعل نفسه كأنه نبي!!؟؟) إلى غير ذلك مما تعلمه من الجابري والوصابي كقولهم: (سلط الله عليه الرافضة) بلا ورع ولا خوف من الله. وبلغ الأمر به فيما بلغونا أن لعنه!!؟؟ عياذا بالله .
    وقد كنا نسقنا المجيء فذهب إلى المسجد الذي نريد أن نتكلم فيه فأخبرهم أنه سيتكلم . والحمد لله ذهبنا عند إخوة كرام آخرين فاستقبلونا وفتحوا صدورهم بل أذن الله أنهم استعدوا أن يجعلوا مسجدهم مركزا لأهل السنة نأتي لهم بطالب من دماج. مع أن زنجبار ليس فيها مسجد لأهل السنة. ولقد ضاقت صدورنا من تصارف هؤلاء، فدعونا آخر ساعة من الجمعة أن يصرف الله عنا هؤلاء ويصرفهم عن الدعوة و يكفينا شرهم لأنهم امتلأت قلوبهم حقدا على هذا الخير مع أنه أصبح له جمعية كان الأولى أن يأكلوا سكتة. وكانت المحاضرة بعنوان: "عقوبة المخالفين والطعن في حملة السنة".
    فبعد العشاء يأتي الخبر أن جماعة من الخوارج قاتلهم الله ضربوا قاسم مافوتا ومن معه، وهو الآن في المستشفى وواحد قد مات من شدة الضرب، هداهم الله جميعا، وهدى جميع المخالفين إلى الرشد، وأحسن الله ختام قاسم ومن معه، وعافاه الله من الحزبية والعناد.
    كتبه أبو اليمان عدنان المصقري –حفظه الله-.



    هذه نبذة يسيرة من ترجمة شيخنا أبي اليمان حفظه الله، أحسب الشيخ كذلك والله حسيبه، ولا أزكي على الله أحداً. ونسأل الله لنا وله الثبات على الحق إلى لقاء ربنا عز وجل.
    والله تعالى أعلم، والحمد لله رب العالمين.
    صنعاء، 10 محرم 1436 الهجرية.


    فهرس الرسالة

    مقدمة. 2
    الباب الأول: مولد الشيخ أبي اليمان حفظه الله ونشأته وخلقه. 3
    الباب الثاني: جهوده في نشر العلوم ونصرة أهل الحق. 5
    الباب الثالث: مكانة علمية للشيخ المفضال أبي اليمان المصقري الذماري حفظه الله.. 10
    فصل: من تصانيف الشيخ أبي اليمان الذماري حفظه الله.. 14
    فصل: من دروسه ومحاضراته وخطبه المسجلة. 18
    فصل: اهتمامه بالقرآن. 20
    فصل: من أقواله النيرة 20
    الباب الرابع: حقيقة العلم والاجتهاد. 22
    الباب الخامس: من ثناءات أهل العلم على شيخنا أبي اليمان المصقري حفظه الله.. 31
    الباب السادس: قصة عجيبة. 32
    فهرس الرسالة. 34





    ([1]) الحديث أخرجه البخاري (6168) ومسلم (2640) عن ابن مسعود رضي الله عنه.

    ([2]) الحديث أخرجه البخاري (100) ومسلم (2673) عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما.

    ([3]) الحديث أخرجه الأئمة أحمد رحمه الله (12246)، وأبو داود رحمه الله (2504)، والنسائي (4289)/الرسالة) كلهم من طريق حماد –وهو ابن سلمة- عن حميد عن أنس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال به. وهذا السند صحيح. وصححه الإمام الألباني رحمه الله كما في "صحيح سنن أبي داود" ((2504)/مؤسسة غراس).

    ([4]) قد ورد سؤال: كيف تقبل شهادة الأخ لأخيه؟ فأجبت إن شهادة الثقة مقبولة ما لم يظهر منه حيف أو محاباة أو نحو ذلك، سواء كان قريباً للمشهود له أو أجنبياً منه. ولعله من أعلم الناس به، فكيف تهدر شهادته بدون دليل قوي؟ هذا هو الراجح في المسألة.
    قال الإمام ابن القيم رحمه الله بعد ذكر الاختلاف: قال الآخرون: قال الله تعالى: ﴿وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون﴾، وقال تعالى: ﴿وأنزلنا إليك الكتاب تبيانا لكل شيء﴾، وقد قال تعالى: ﴿وأشهدوا ذوي عدل منكم﴾، وقد قال تعالى: ﴿واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء﴾، وقال: ﴿يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوي عدل منكم﴾. ولا ريب في دخول الآباء والأبناء والأقارب في هذا اللفظ كدخول الأجانب وتناولها للجميع بتناول واحد هذا، مما لا يمكن دفعه. ولم يستثن الله سبحانه ولا رسوله من ذلك أباً ولا ولداً ولا أخاً ولا قرابة، ولا أجمع المسلمون على استثناء أحد من هؤلاء فتلزم الحجة بإجامعهم.
    وقد ذكر عبد الرزاق عن أبي بكر بن أبي سبرة عن أبي الزناد عن عبد الله ابن عامر بن ربيعة قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: تجوز شهادة الوالد لولده، والولد لوالده، والأخ لأخيه. وعن عمرو بن سليم الزرقي عن سعيد بن المسيب مثل هذا.
    وقال ابن وهب: ثنا يونس عن الزهري قال: لم يكن يتهم سلف المسلمين الصالح في شهادة الوالد لولده، ولا الوالد لوالده، ولا الأخ لأخيه، ولا الزوج لامرأته. ثم دخل الناس بعد ذلك، فظهرت منهم أمور حملت الولاة على اتهامهم فتركت شهادة من يتهم إذا كانت من قرابة، وصار ذلك من الولد والوالد والأخ والزوج والمرأة لم يتهم إلا هؤلاء في آخر الزمان. وقال أبو عبيد: حدثني الحسن بن عازب عن جده شبيب بن غرقدة قال: كنت جالس عند شريح فأتاه علي بن كاهل وامرأة وخصم، فشهد لها علي ابن كاهل وهو زوجها وشهد لها أبوها فأجاز شريح شهادتهما، فقال الخصم: هذا أبوها وهذا زوجها. فقال له شريح: أتعلم شيئاً تجرح به شهادتهما؟ كل مسلم شهادته جائزة.
    وقال عبد الرزاق: ثنا سفيان بن عيينة عن شبيب بن غرقدة قال: سمعت شريحا أجاز لامرأة شهادة أبيها وزجها فقال له الرجل: إنه أبوها وزوجها. قال شريح: فمن يشهد للمرأة إلا أبوها وزوجها؟
    وقال أبو بكر بن أبي شيبة: ثنا شبابة عن ابن أبي ذئب عن سليمان قال: شهدت لأمي عند أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم فقضى بشهادتي.
    وقال عبد الرزاق: ثنا معمر عن عبد الرحمن بن عبد الله الأنصاري قال: أجاز عمر بن عبد العزيز شهادة الابن لأبيه إذا كان عدلاً .
    قالوا: فهؤلاء عمر بن الخطاب وجميع السلف وشريح وعمر بن عبد العزيز وأبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم يجيزون شهادة الابن لأبيه والأب لابنه. قال ابن حزم: وبهذا يقول إياس بن معاوية وعثمان البتي وإسحاق بن راهويه وأبو ثور والمزني وأبو سليمان وجميع أصحابنا، يعني: داود بن علي وأصحابه.
    وقد ذكر الزهري أن الذين ردوا شهادة الابن لأبيه والأخ لأخيه هم المتأخرون وأن السلف الصالح لم يكونا يردونها .
    قالوا: وأما حجتكم على المنع فمدارها على شيئين:
    أحدهما: البعضية التي بين الأب وابنه وأنها توجب أن تكون شهادة أحدهما للآخر شهادة لنفسه. وهذه حجة ضعيفة، فإن هذه البعضية لا توجب أن تكون كبعضه في الأحكام لا في أحكام الدنيا ولا في أحكام الثواب والعقاب، فلا يلزم من وجوب شيء على أحدهما أو تحريمه وجوبه على الآخر وتحريمه من جهة كونه بعضه، ولا من وجوب الحد على أحدهما وجوبه على الآخر. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يجني والد على ولده»([4]) فلا يجني عليه، ولا يعاقب بذنبه، ولا يثاب بحسناته، ولا يجب عليه الزكاة، ولا الحج بغنى الآخر. ثم قد أجمع الناس على صحة بيعه منه وإجارته ومضاربته ومشاركته، فلو امتنعت شهادته له لكونه جزءه فيكون شاهداً لنفسه لامتنعت هذه العقود إذ يكون عاقداً لها مع نفسه.
    فإن قلتم: هو متّهم بشهادته له بخلاف هذه العقود فإنه لا يتهم فيها معه
    قيل: هذا عود منكم إلى المأخذ الثاني وهو مأخذ التهمة فيقال: التهمة وحدها مستقلة بالمنع سواء كان قريباً أو أجنبياً، ولا ريب أن تهمة الإنسان في صديقه وعشيره ومن يعينه مودته ومحبته أعظم من تهمته في أبيه وابنه. والواقع شاهد بذلك. وكثير من الناس يحابي صديقه وعشيره وذا ودِّه أعظم مما يحابي أباه وابنه.
    فإن قلتم: الاعتبار بالمظنة وهي التي تنضبط بخلاف الحكمة فإنها لانتشارها وعدم انضباطها لا يمكن التعليل بها.
    قيل: هذا صحيح في الأوصاف التي شهد لها الشرع بالاعتبار وعلق بها الأحكام دون م مظانها. فأين علق الشارع عدم قبول الشهادة بوصف الأبوة أو النبوة أو الأخوة. والتابعون إنما نظروا إلى التهمة فهي الوصف المؤثر في الحكم فيجب تعليق الحكم به وجوداً وعدماً ولا تأثير لخصوص القرابة ولا عمومها بل قد توجد القرابة حيث لا تهمة وتوجد التهمة حيث لا قرابة، والشارع إنما علق قبول الشهادة بالعدالة وكون الشاهد مرضيا وعلق عدم قبولها بالفسق، ولم يعلق القبول والرد بأجنبية ولا قرابة.
    قالوا: وأما قولكم إنه غير متهم معه في تلك العقود فليس كذلك بل هو متهم معه في المحاباة، ومع ذلك فلا يوجب ذلك إبطالها. ولهذا لو باعه في مرض موته ولم يحابه لم يبطل البيع، ولو حاباه بطل في قدر المحاباة فعلق البطلان بالتهمة لا بمظنتها .
    قالوا: وأما قوله صلى الله عليه وسلم: «أنت ومالك لأبيك»([4]) فلا يمنع شهادة الابن لأبيه، فإن الأب ليس هو ماله لابنه، ولا يدل الحديث على عدم قبول شهادة أحدهما للآخر. والذي دل عليه الحديث أكثر منازعينا لا يقولون به، بل عندهم أن مال الابن له حقيقةً وحكماً، وأن الأب لا يتملك عليه منه شيئاً، والذي لم يدل عليه الحديث حملتوه إياه. والذي دل عليه لم تقولوا به. ونحن نتلقى أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم كلها بالقبول والتسليم، ونستعملها في وجوهها، ولم دل قوله: «أنت ومالك لأبيك» على أن لا تقبل شهادة الولد لوالده ولا الوالد لولده، لكنا أوّل ذاهب إلى ذلك ولما سبقتمونا إليه. فأين موضع الدلالة واللام في الحديث ليست للملك قطعاً؟ وأكثرهم يقول: ولا للإباحة، إذ لا يباح مال الابن لأبيه. ولهذا فرق بعض السلف فقال: تقبل شهادة الابن لأبيه ولا تقبل شهادة الأب لابنه، وهو إحدى الروايتين عن الحسن والشعبي، ونص عليه أحمد في رواية عنه. ومن يقول: هي للإباحة أسعد بالحديث، وإلا تعطلت فائدته ودلالته، ولا يلزم من إباحة أخذه ما شاء من ماله أن لا تقبل شهادته له بحال مع القطع أو ظهور انتفاء التهمة، كما لو شهد له بنكاح أو حد أو مالا تلحقه به تهمة.
    قالوا: وأما كونه لا يعطى من زكاته ولا يقاد به ولا يحد به ولا يثبت له في ذمته دين ولا يحبس به فالاستدلال إنما يكون بما ثبت بنص أو إجماع، وليس معكم شيء من ذلك فهذه مسائل نزاع لا مسائل إجماع، ولو سلم ثبوت الحكم فيها أو في بعضها لم يلزم منه عدم قبول شهادة أحدهما للآخر حيث تنتفي التهمة، ولا تلازم بين قبول الشهادة وجريان القصاص وثبوت الدين له في ذمته لا عقلاً ولا شرعاً، فإن تلك الأحكام اقتضتها الأبوة التي تمنع من مساواته للأجنبي في حده وإقادته معه وحبسه بدينه، فإن منصب أبوته يأبى ذلك وقبحه مركوز في فطر الناس. وما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن وما رأوه قبيحاً فهو عند الله قبيح.
    وأما الشهادة فهي خبر يعتمد الصدق والعدالة، فإذا كان المخبر به صادقاً مبرزاً في العدالة غير متهم في الأخبار فليس قبول قوله قبيحاً عند المسلمين، ولا تأتي الشريعة بردّ خبر المخبر به واتهامه.
    قالوا: والشريعة مبناها على تصديق الصادق وقبول خبره وتكذيب الكاذب والتوقف في خبر الفاسق المتهم فهي لا تردّ حقاً ولا تقبل باطلاً.
    ("إعلام الموقعين"/1/ص97-100/ط. دار الكتاب العربي).

  • #2
    جزاك الله خيرا يا أبا فيروز،وحفظ الله الشيخ عدنان المصقري من كل سوء ومكروه.
    فالشيخ كما ذكرت حفظك الله متواضع جدا فيما نحسبه.
    فمن تواضعه أنني لما عزمت على السفر إلى دار السلام لطلب العلم على يديه حفظه الله.
    مرتين وهو يأتي إلى المطار لاستقبالي حفظه الله كما أخبرني الأخ الفاضل إسماعيل أبو النعمان.
    هذا هو تواضع أهل السنة
    فحفظك الله يا أبا اليمان.
    فأسأل الله أن ييسر لي اللقاء بك فأنت محبوب لدى إخوانك أهل السنة.

    تعليق

    يعمل...
    X