إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الكوكب الداني بترجمة الليبي فؤاد الغرياني لأخينا الفاضل الداعي إلى الله: أبو علي عبد الله الغرياني الليبي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الكوكب الداني بترجمة الليبي فؤاد الغرياني لأخينا الفاضل الداعي إلى الله: أبو علي عبد الله الغرياني الليبي

    ** الكوكب الداني بترجمة الليبي فؤاد الغرياني **

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمدُ للَّه ربّ العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده ربي لا شريك له ، ناصر المظلومين ، وقاهر البغاة المعتدين ،على عباد الله المؤمنين، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسوله ، أرسله اللّه رحمةً للعالمين ، بشيراً لعباد الله الطائعين ، ونذيراً للعصاة المعرضين ، صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين وعلى صحابته أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
    وبعد :
    فإنه كلما حاولنا أن ننسى تلك الجراح وتلك الالآم عادة هذه الجراح وهذه الأحزان من جديد وهذا لاشك أنه ابتلاءٌ منه سبحانه وتعالى ليميز الله الخبيث من الطيب ، وليعلم الصادق ، من الكاذب
    قال الله تعالي { الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ }أي لا يُختبرون ، ولا يُمتحنون { وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} ما الحكمة {فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} وقال تعالي {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ } .
    فلابد من البلوى ، ولا علاج لها إلا بالصبر. ألا وإنّ من أشد ما ابتُلينا به لهو ذهاب العلماء وطلبة العلم الذين هم خيرت المجتمعات ، فقبل أيام قليلة ودعنا وبقلوب حزينة الشيخ محمد الحكمي ذلكم الرجل المحبوب عند الجميع ومازالت دموع المحبين تسيل، وها نحن نصاب بعده بفراق أخينا فؤاد .
    فوالله إنّ القلوب لتتألم ولولا رجاؤنا في الله أن يجمعنا بهم في الجنة لتفطرت الأكباد بحرارة المصاب إلا أننا نؤمن بأن هذا كله من عند سبحانه وتعالى وهذا الذي يواسينا عند المصائب ويخفف عنا حرارة الألم ،قال الله تعالي:{مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ } قال علقمة : هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضي ويسلّم .
    فعلينا أن نصبر ونصبّر أنفسنا، مستشعرين قول الله تبارك وتعالى {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} .
    وقال تعالي:{ مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } .وقال تعالي:{ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ } .. والصبر فضله عظيم وثوابه جزيل قال الله تعالى { إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} والصبر الذي جزاؤه بغير حساب هو الذي يكون في أول المصيبة لقوله صلي الله عليه وسلم كما حديث أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الْأُولَى» مسلم.
    والموت حقٌ كتبه الله علي الجميع قال الله تعالي {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ } ،وقال تعالي {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ } ، وقال تعالي {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ } .
    فإننا نعزي أهل السنة عامة وأهله خاصة ، فإنّ المصابَ مصابُ الجميع ، وإنّ العزاءَ واحدٌ، فنقول عظّم الله أجرنا فيك يا فؤاد ، وعظّم الله أجر السلفية والسلفين فيك يا فؤاد ، كما أسأله سبحانه وتعالي أن يصبر أمه وزوجته وجميع أهله وقرابته ، وأسأله سبحانه أن يجبر مصيبتي فيك يا فؤاد ، فلقد كنت مسرورًا به لما نعلم فيه من الخير والفضل والصلاح .
    و لا نقول إلا كما قال عليه الصلاة والسلام «إِنَّ العَيْنَ تَدْمَعُ، وَالقَلْبَ يَحْزَنُ، وَلاَ نَقُولُ إِلَّا مَا يَرْضَى رَبُّنَا، وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا فؤاد لَمَحْزُونُونَ» .
    هذا وقد طلب مني بعض إخواننا أن أكتب له ترجمة مختصرة , فلبيت طلبه .

    وإلى الترجمة :
    اسمهُ وكنيتهُ:
    أبو عبد الرحمن فؤاد بن مسعود بن علي بن محمد بن أبو عبد الله بن حسين بن أبو عبد الله بعيج.
    المعروف بفؤاد وادي نسبة لجده الثاني الملقب بمحمد وادي , واشتهرت العائلة بلقب وادي .
    مولدهُ :
    ولد يوم الجمعة 29/11/1985م
    الموافق 17/ ربيع الاول / 1407 هــ.
    بقرية (دنون – مدينة غريان / ليبيا) .

    سيرته الذاتية:
    فؤاد هو الأبن الأصغر لعائلة تتكون من تسعة أولاد وبنت ،توفي والده وهو في سن الثانية عشر , و تربى في بيئة طيبة فاكتسب الأخلاق الفاضلة والصفات الحميدة التي يشهد له بها كل من عرفه .
    دخل المدرسة في سن مبكرة وكان عمره خمس سنوات وكان متفوقا في دراسته , وكان الأول على دفعته دائما حتى تخرج من كلية الهندسة .

    بدأ في حفظ القرآن وعمره خمسة عشر سنة وكان ذكيا وذو حافظة متميزة حتى إنه أحيانا كان يحفظ في اليوم (ثلاثة أرباع الجزء من القرآن) , وحفظ كثيرا من المتون العلمية النافعة .
    ابتلى في أول استقامته بمضايقة من قبل أجهزة الأمن التابعة لحكومة القذافي وتعرض للأذى الشديد منهم فسجنوه وحلقوا لحيته , إلا أن ذلك لم يصده عن اتباع السنة والتمسك بها .
    وعندما انتهى من الدراسة في كلية الهندسة قررت له الدولة منحة للدراسة في الخارج على حساب الدولة , وذلك لتحصله على الترتيب الأول في دفعته , إلا أنه ترك ذلك لله عزوجل وآثر الرحلة لطلب العلم الشرعي بدار الحديث السلفية بدماج التي أسسها الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله وخلفه عليها شيخنا يحيى حفظه الله .

    عدد أولاده :
    رزقه الله ولداً وسماه عبد الرحمن , فنسأل الله أن ينفع به الإسلام والمسلمين و أن يرفع به راية التوحيد والسنة , وكان رحمه الله ينتظر مولودا .
    رحلته لطلب العلم :
    رحل رحمه الله إلي أرض الحرمين عن طريق البر، في شعبان لعام 1428هـ هجري فاعتمر وبقي يعبد الله في الحرم من طواف وحضور حِلق العلم وقراءة القران إلي غير ذلك من العبادات ، وبقي في مكة إلى الحج ومعه رفقة طيبة من أبناء بلدته منهم أخونا الفاضل (سالم بن ميلود الليبي) وكذلك الأخ الفاضل (محمد الرابطي) وكان يسمع عليه قراناً إلى وقت الحج كما أخبرني بذلك أخونا سالم ،ثم أدى فريضة الحج وهي حجة الإسلام بالنسبة له رحمه الله.

    وصوله إلى دماج :
    بعدما أدى رحمه الله فريضة الحج توجه راحلا من أرض الحرمين إلي بلاد اليمن إلى معهد دار الحديث السلفية بدماج لتلقي العلم الشرعي علم كتاب وسنة رسول الله صلي الله عليه وسلم وكان خروجه من مكة المكرمة يوم الخميس ليلا وتمّ وصوله بحمد الله وتوفيقه إلى مركز دماج ومعه رفقة طيبة منهم الأخ (سالم الليبي) وهو أعز أصحابه والأخ (وليد الليبي) وغيرهم فكان وصولهم إلى دماج يوم السبت الموافق 21/ ذي الحجة /1428 هـ ,حوالي الساعة العاشرة والنصف صباحًا فكنت في استقبالهم ومعي بعض الإخوة منهم الأخ الفاضل الداعي إلى الله (خليفة السبهاوي الليبي) حفظه وكنا يومها عزابًا جميعا فسلمنا عليهم وحمدنا الله على سلامتهم ودخلنا في غرف العزاب وفعل لنا أخونا (خليفة السبهاوي) وجبة الإفطار جزاه الله خيرا وهو أكبرنا سنًا وقدراً ومع هذا يقوم بخدمة إخوانه وهذا من حسن تواضعه وحسن عشرته -حفظه الله- وهو الآن في ليبيا يقوم بنشر الخير وتعليم الناس ، ثم جلسنا معهم نتحدث وما كنت التقيت بفؤاد قبل ذلك ، كنا نسمع ببعض ولكن ما التقينا ، ثم بعدما استراحوا من عناء السفر أخذناهم إلى المركز ليتم التعريف بهم والسلام علي الشيخ يحيى وطلاب العلم ...

    محفوظاته :
    كان رحمه الله قد أكمل حفظ القرأن في ليبيا قبل أن يرحل لطلب العلم ، ولما وصل إلى دماج بدأ بحفظ بلوغ المرام وبفضل الله أكمله بإتقان ، وحفظ ألفية السيوطي في مصطلح الحديث وأكملها كذلك ، وحفظ صحيح الإمام مسلم كذلك ، وغير ذلك من المتون والفنون وكان قد أعطاه الله حافظة قوية .

    حرصه علي الوقت :
    كان رحمه الله حريصًا جدًا على وقته , ولو لم يكن حريصًا على وقته لم يستطع أن يحفظ كل هذه المتون، وكان إذا دعاه أحد الإخوة على طعام لم يكن يجلس إلا مقدار ما ينتهي من الطعام ثم يستأذن وينصرف إلى مجالسة العلم والكتب هكذا كان رحمه الله حريصاً علي وقته ونفع نفسه .

    دروسه :
    أخذ رحمه الله عددا من الدروس في مختلف الفنون ، درس العقيدة الطحاوية ، وفتح المجيد ، وأخذ قسطا كبيرا في علم مصطلح الحديث ، والنحو ، الصرف ، وأصول الفقه ، وكان رحمه الله قلما يدرس كتابًا إلا وأتقنه ، وما يجلس في حلقة إلا وكان من المبرزين فيها .
    اجتهاده :
    كان مشمرا عن ساعد الجد ولاسيما قبل حصول الحروب على دماج من قِبل الرافضة ، فلا تكاد تراه إلا في حلقة ، أو مراجعة ، أو في تسميع بعض المتون مع إخوانه طلاب العلم ، وزد على ذلك فقد كان يكثر المطالعة في كتب الائمة مثل كتب ابن القيم وشيخ الإسلام وكان يسهر عليها إلى وقت متأخر من الليل ، وأذكر أنه جاءني مرة إلي البيت بعد صلاة العشاء وقال لي أريد منك سنن الدارقطني أحب أن أجردها وأستفيد منها ، وكان عنده سرعة حفظ وفهم واستنباط يا سبحان الله الشيء العجيب .
    صبره :
    طيلة الفترة التي عشناها معه ماكنا نرى منه إلى الصبر ، وما يُظهر لنا غير ذلك ، فما نسمع منه تضجرا من الأوضاع التي مرت بنا ، فكان يمرض ويحزن وتحصل المشقة في بعض الأمور وهو يعالج الأمور بالهدوء بعيد عن التسخط وحتى التأفف ما تسمعه منه رحمه الله .

    سيرته وأخلاقه :
    نعم الرجل كان في حسن عشرته وسيرته ، فكان في غاية من الأدب ، والتواضع ، والهدوء ، والسكينة ، وحسن السمت ، هادئ البال ، واسع الصدر ، طويل الصمت ، يُجل الكبير ، ويرحم الصغير ، متفقدًا لإخوانه ، وإن غِبت عنه يسأل عنك ، وإذا قابلك تستحي من كثرة ترحيبه وسؤاله ، يسأل عن صحة الوالدين ، والزوجة ، والأولاد ، إلى غير ذلك مما يدل على حسن معدنه ، فهو من أسرة طيبة معروفة بالخير والتواضع

    كرمه :
    كان رحمه الله شهمًا كريما ، يبدل ما بوسعه ، وسواءٌ كان ذلك بماله ، أو بجاهه ، فمن كان عليه ديـنٌ أعانه ، ومن كانت له شفاعة ذهب وشفع له ، وكان يُؤثر على نفسه في حالة السراء والضراء ، فمن ذلك :
    لما علم بخروجنا من دماج ، اتصل وقال لقد أعطاني أخي عبد الفتاح ، ورضوان زوج أخته شيئًا من المال ، لأستعين به في بعض أُموري ، وأرى أنكم أنتم أحوج إليه مني ، فأرسله إلى الأيتام وأصحاب العوائل ، المهجرين من دماج ، مع أنه بحاجة إليه.
    فنسأل أن يكتب له الأجر ، وأن يُضاعف له المثوبة .
    وأما في بيته فلا تسأل عن إكرامه لضيفه ، فقد يسر الله له زوجة صالحة ، ومن أسرة طيبة ، أبوها العم وضّاح العدني، رجلٌ فاضل ، كان فؤاد كثيرًا ما يذكره لنا بالخير ، الشاهد أنّه بعدما تزوج ، كان لا يكاد أن يتغذى ، أو يتعشى إلا ومعه ضيفٌ ، فرحمه الله وغفر له.

    عبادته :
    وأما في جانب العبادة فلقد كان علي خير عظيم في هذا الجانب ، وسواء كانت العبادة بدنية ، مثل الصلاة وقراءة القرآن ، أو الرباط وجهاد الأعداء الروافض ، أو الاعتكاف ، ولقد اعتكف في العشر الأواخر من رمضان عدد مرات ، أو كانت العبادة مالية ، مثل الصدقة ، وإعانة المحتاجين ، أو النسك فإنه كان يذبح أضحية في كل عام وهو عازب ويتصدق منها ، ويدعو بعض طلاب العلم ويكرمهم منها إلى غير ذلك مما كان عليه من الخير والطاعة .
    شجاعته:
    والواقع خير شاهد على ذلك ، فكل من سمع بخبر وفاته ، ترحموا عليه وقالوا ، كان بطلا ، كان شجاعا ، كان مقداما
    ولقد والله ضرب لنا من أروع الأمثلة في ميادين البطولة والجهاد ، فمن ذلك لما هجم الروافض علي جبل البراقة ، جبل الشرف والكرامة ، في الحصار الأول ، زحف الروافض بأعداد كبيرة والإخوة يرمون عليهم بكل بقوة وشجاعة فكان كلما سقطت مجموعة من الروافض قامت أخرى حتى لم يبق من الرصاص الا القليل بل بعضهم انتهت عليهم الدخيرة والزحف مستمر ، وكان القصف شديد داخل الموقع بالأسلحة الثقيلة فكانت المدافع تضرب والهاونات تنزل بكثرة حتى لايحصل تعزيز للخط الإمامي ، وفي هذه الشدة رجع فؤاد ليحمل الدخيرة للمقدمة فطلب من الإخوة أن يربطوا صندق الدخيرة على ظهره ليزحف بها ، ولا يستطيع أن يرفع رأسه من شدة الضرب ، فكان كلما زحف سقطت الدخيرة من على ظهره ولم يستطع الزحف بها ، فقام يحملها وبكل شجاعة وتوكل على الله ليسعف إخوانه وهم في ذلك الموقف العصيب وأكثرهم قد جرحوا وهم على ذلك الحال ينتظرون الفرج ، فانطلق يحمل الدخيرة وهو يجري بين نيران الروافض ، الرصاص من كل جانب والقصف شديد والهاونات تسقط بكثرة وهو يجري بها يحملها ولربما كان البعض ينتظر سقوطة فلم يزل كذلك حتى أوصلها إلى أيدي إخوانه المقاتلين في مقدمة المعركة حتى كاد بعض الروافض أن يخترق صفوف إخوننا ولم يبق بينهم إلا أمتارا ، فاستعاد الإخوة نشاطهم بفضل الله ورشقوهم بالرصاص رشقا فانكسروا بفضل الله ورجع الروافض يجرون أذيال الهزيمة ونصر الله جنده الأبطال وعسكر القرآن .

    * أؤلئك أبائي فجيني بمثلهم* *إذا جمعتنا ياجرير المجامع *.

    ولقد نفع الله به نفعا عظيما في حروب دماج ضد الرافضة ، وفي جبهة كتاف كذلك ضد الرافضة وما من موقع يدخله وإلا ويكون قائد الموقع ، وقائد المعركة ، أعطاه الله شجاعة ، ودهاءاً ، فكان لا يخشى من العدو ، فقد كان في جبهة كتاف على تبة - وهي الجبل الصغير- وهذه التبة تسمى بتبة الموت ، كان مرابطا فوقها ، وكان يضرب على الروافض بمدفع: الهاوزر والهاون ومدفع (بي عشرة) وغير ذلك من الأسلحة , وكانت ضرباته مسددة بفضل الله، وقد نكل بالروافض وأذاقهم بفضل الله سوء العذاب ، ولو أردنا أن نكتب مواقفه المشرفة ، ما يكفينا في ذلك كتاب .
    مقتله:
    من المعلوم لدى الجميع داخل ليبيا وخارجها ما تمر به ليبيا من تفلت أمني وعدم وجود رئيس يملك زمام الأمور , فالبلاد تمر بوضع عصيب , وقد شبَّت نيران الحروب في كثير من مناطق البلاد والصراع بين ما يسمى بالمؤتمر الوطني والبرلمان , وحدث الحروب في طرابلس وأخونا (فؤاد) كان مقيم في طرابلس , ففر من هذه الحرب ولم يتدخل فيها بأي شكل من الأشكال , وكان يقول هذه حروب من أجل دنيا لا ينبغي الدخول فيها , فخرج بأهله إلى منطقة (غريان) واستمر الصراع أكثر من ثلاثة أشهر ولم يسمع منه الناس إلا النصح بالابتعاد عنها , وبقي في ( غريان ) فلما وصلت الحرب إلى مشارف القرية التي يسكنها , قال هذه حرب أسلحة ثقيلة وليس حرب سيوف حتى ننتظرهم يدخلوا علينا , هذه أسلحة مدمرة ولها مدى يجب إبعادهم لأن هؤلاء البغاة لا يريدون إلا اجتياح المدينة وتقتيل أهلها وتخريبها , وهؤلاء البغاة يشيعون بأنهم إذا دخلوا منطقة ( غريان ) سيعممون العقوبة على كل الناس , من أجل مجموعة من سكان (غريان) شاركوا في الحرب في ( طرابلس) ضد هؤلاء البغاة , فهم يريدون تعميم العقوبة بالقتل والتشريد والاعتداء على الأموال والأعراض ، كما فعلوا بقرية ككلة من قتل لأهلها وتشريد لهم وتفجير بيوتهم وأسر البعض منهم ونهب للأموال واعتداء على الأعراض إلى ذلك مما فعلوه في تلك القرية ، فذهب مدافعا عندما علم أن القوات الباغية هجمت ووصلت عند أسفل الجبل المتصل (بغريان) على بعد خمس كيلو متر, وبينما كان يقود سيارته الخاصة اعترضته بوابة وهمية تتكون من عدة آليات ومجموعة من المقاتلين كانوا قد تسللوا , وكانت كمينا يريدون قتل وأسر من يمر بهم , فتم إيقافه وأنزلوه من سيارته وكان معه ابن عمه وطلبوا منه أن يسلم سلاحه فرفض ذلك لعلمه بأنهم سيقتلوه مثلما فعلوا بكثير من الناس , ولا يتورعون أن يفعلوا به أي شيء , فأبى أن يسلم سلاحه , وحصل اقتتال بينهم فأصاب منهم مجموعة وكانت الرماية عليه كثيرة , فلم يولهم ظهره فكان الرصاص كله في صدره , فثبت ثبات الجبال وهو يدافع عن نفسه وعرضه وعن أهل بلده في دفع بغي هؤلاء المجرمين , وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتال من أراد هذا ,
    ففي صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ جَاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أَخْذَ مَالِي؟ قَالَ: «فَلَا تُعْطِهِ مَالَكَ» قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَاتَلَنِي؟ قَالَ: «قَاتِلْهُ» قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلَنِي؟ قَالَ: «فَأَنْتَ شَهِيدٌ» ، قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلْتُهُ؟ قَالَ: «هُوَ فِي النَّارِ».
    وفي السنن عن عدد من الصحابة رضي الله عنهم ومنهم سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ».
    فلما كانت هذه المشاكل بعيدة عنه لم يستشرف لها ولم يذهب لها بل هرب منها , ولما قربت هذه المشاكل من أهله وعرضه وشرفه , أدى ما عليه وبما يقربه إلى الله , فقتل دون عرضه و ماله ودمه ، وقتل غدرا وظلما فرحمه الله رحمة الأبرار .
    خبر وفاته :
    كان خبر وفاته رحمه الله شديداً على النفوس , فكل من سمع بهذا الخبر لم يصدق , وأصبح الناس في ريبة من هذا الخبر , والكل يتصل ويتأكد حتى إن بعض الإخوة وصلهم خبر وفاته واتصلوا عليَّ حتى أتواصل إلى البلاد وأوكد لهم خبر وفاته ، فحصل التواصل وأكدوا لنا الخبر وقالوا لنا أنهم قد انتهوا من تغسيله وتجهيزه ، فإنّ لله وإنا إليه راجون .
    دفنه:
    صُليَّ عليه بعد صلاة العشاء ، ودفن في مقبر دنون قريته ومسقط رأسه وكان هذا في:
    يوم السبت الموافق 24/من ذي الحجة /لعام 1435هـ عن عمر تسعة وعشرين عاما ، فرحمه الله رحمة الأبرار.

    الرؤية المنامية :
    قال الأخ الفاضل ( مطر بن سالم المهذري ) وهو أخو الشيخ النحوي أبي أنس مالك المهذري صاحب كتاب الممتع في شرح الآجرومية .
    قال حفظه الله : رأيت في المنام بأني في قريتي ومعي ابني نصر وحصلت حرب شديدة , وسمعنا صوت طائرة , وكنت خائفا من هذه الطائرة , فلما اقتربت مني فإذا هي طائرة لونها أخضر والسائق أخونا (فؤاد الليبي) فركبنا معه .


    قال ثم فسر هذه الرؤيا الأخ الفاضل أبو البراء يوسف العمراني حفظه الله , وقال: بأن هذه الرؤيا تدل على أن هذا الأخ يرزق الشهادة .
    وعبرها بهذا التعبير استنادا على حديث عَبْدَ اللهِ بن مسعود قال سَأَلْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} ، فَقَالَ: «أَرْوَاحُهُمْ فِي جَوْفِ طَيْرٍ خُضْرٍ، لَهَا قَنَادِيلُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ، تَسْرَحُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ شَاءَتْ، ثُمَّ تَأْوِي إِلَى تِلْكَ الْقَنَادِيلِ، فَاطَّلَعَ إِلَيْهِمْ رَبُّهُمُ اطِّلَاعَةً» ، فَقَالَ: " هَلْ تَشْتَهُونَ شَيْئًا؟ قَالُوا: أَيَّ شَيْءٍ نَشْتَهِي وَنَحْنُ نَسْرَحُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ شِئْنَا، فَفَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا رَأَوْا أَنَّهُمْ لَنْ يُتْرَكُوا مِنْ أَنْ يُسْأَلُوا، قَالُوا: يَا رَبِّ، نُرِيدُ أَنْ تَرُدَّ أَرْوَاحَنَا فِي أَجْسَادِنَا حَتَّى نُقْتَلَ فِي سَبِيلِكَ مَرَّةً أُخْرَى ، ... " .الحديث رواه مسلم.
    تنبيه :
    هذه الرؤية كانت في دماج قبل الحصار وكان وقتها مازال فؤاد في دماج ، وقد أخبروه بها .
    * * *
    وهذه قصيدة متواضعة جميلة كتبها أخونا الداعي إلى الله:
    أبو الأرقم محمد الحسن بن محي الدين السوداني -شكر الله له- بعنوان :
    ** غمة الأحزان في رثاء فتى غريان**

    قال فيها :
    بسم الله الرحمن الرحيم

    ذكرى فؤاد إذا أتت فمحاجري *** قرحى وفيض الدمع في أجفاني
    آه على المقتول غدرا ما الذي *** قد حل في ليبيا من الحرمان
    أيقتل الزهاد أو أهل التق *** في مجمع ضبع حقير الشان
    واها له حفظ القرآن ومسلم *** ذو السمت والخلق الكريم الداني
    في أرض دماج السليبة رحله *** قد حط يبغي العلم منذ زمان
    هو عند سارية بصف ثالث *** في درس يحيى حاضر الوجدان
    وأراه بعد الدرس يحفظ جاهدا*** في مسلم ويرتل القرآن.
    غريان لو تبكي الدماء فهين *** أو نحت في حزن وفي تحنان
    حزناً على الأسد الهصور فكم به *** قد دك للحوثي من بنيان
    كم من هزبر قد هوى متضرجا *** متجندلا في ذلة وهوان
    شهدت له براقة المجد التي *** علمت بأنك فارس الميدان
    والشافعية في كتاف تفاخرت *** كم طار فزعا منك قلب جبان
    ليث الحروب إلى الوغى متجاسر *** لم يخش كأسا للمنية داني
    يارب فارحمه وأكرم نزله في جنة المأوى بخير مكان
    أنا إن بكيت فقد ترجل فارس *** دمعي رثاؤك يا فتى غريان

    الاثنين 25 ذو الحجة 1435هجري.
    خاتمة :
    هذا ما يسر الله لي جمعه لترجمة أخينا البطل المقدام فؤاد رحمه الله , وهي ترجمة مختصرة , وهذا من حقه علينا , وما لا يدرك كله لا يترك جله.
    فنسأل الله سبحانه وتعالى بمنه وكرمه وجوده واحسانه أن يغفر لأخينا فؤاد وأن يخلفه في عقبه في الغابرين وأن يغفر لنا وله , و يجمعنا به في جنات النعيم مع النبيين والصدقين والصالحين وحسن أولئك رفيقا , إنه على كل شيء قدير.


    كان الفراغ منها مساء الثلاثاء 27/ ذي الحجة / 1435 هـ .
    بقلم:
    أبي علي عبد الله بن علي بن دابي الغرياني.

    بمركز بشائر الخير – حي ذهبان – صنعاء – اليمن .
    والحمد لله ربِّ العالمين.

    التعديل الأخير تم بواسطة حسين بن مسعود الجيجلي; الساعة 22-10-2014, 07:59 PM.

  • #2
    جزاك الله خيرا أخانا الدعي إلى الله ( أبي علي عبد الله بن علي دابي) على ترجمته
    ونسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يرحم أخينا أبا عبد الرحمن فؤاد الغرياني وأن يتقبله شهيدا إنه ولي ذلك والقادر عليه

    تعليق

    يعمل...
    X