إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الإمام الحبر العابد صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الإمام الحبر العابد صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه

    عبد الله بن عمرو بن العاص ( ع )



    ابن وائل بن هاشم بن سعيد بن سعد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي بن غالب .

    الإمام الحبر العابد ، صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -وابن صاحبه ، أبو محمد ، وقيل : أبو عبد الرحمن . وقيل : أبو نصير القرشي السهمي .

    وأمه هي رائطة بنت الحجاج بنت منبه السهمية ، وليس أبوه أكبر منه إلا بإحدى عشرة سنة أو نحوها .
    وقد أسلم قبل أبيه في ما بلغنا ، ويقال : كان اسمه العاص ، فلما أسلم ، غيره النبي - صلى الله عليه وسلم - بعبد الله .

    وله مناقب وفضائل ومقام راسخ في العلم والعمل ، حمل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - علما جما .

    يبلغ ما أسند سبعمائة حديث اتفقا له على سبعة أحاديث ، وانفرد البخاري بثمانية ، ومسلم بعشرين .

    وكتب الكثير بإذن النبي - صلى الله عليه وسلم - وترخيصه له في الكتابة بعد كراهيته للصحابة أن يكتبوا عنه سوى القرآن وسوغ ذلك - صلى الله عليه وسلم - ثم انعقد الإجماع بعد اختلاف الصحابة - رضي الله عنهم - على الجواز والاستحباب لتقييد العلم بالكتابة .

    والظاهر أن النهي كان أولا لتتوفر هممهم على القرآن وحده ، وليمتاز القرآن بالكتابة عما سواه من السنن النبوية ، فيؤمن اللبس فلما زال المحذور واللبس ، ووضح أن القرآن لا يشتبه بكلام الناس أذن في كتابة العلم ، والله أعلم .

    وقد روى عبد الله أيضا عن أبي بكر ، وعمر ، ومعاذ ، وسراقة بن مالك ، وأبيه عمرو ، وعبد الرحمن بن عوف ، وأبي الدرداء ، وطائفة ، وعن أهل الكتاب ، وأدمن النظر في كتبهم ، واعتنى بذلك .

    حدث عنه :
    ابنه محمد على نزاع في ذلك ، ورواية محمد عنه في أبي داود والترمذي والنسائي ، ومولاه أبو قابوس ، وحفيده شعيب بن محمد ، فأكثر عنه ، وخدمه ولزمه ، وتربى في حجره ، لأن أباه محمدا مات في حياة والده عبد الله ، وحدث عنه أيضا مولاه إسماعيل ، ومولاه سالم ، وأنس بن مالك ، وأبو أمامة بن سهل ، وجبير بن نفير ، وسعيد بن المسيب ، وعروة ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن ، وزر بن حبيش ، وحميد بن عبد الرحمن بن عوف ، وخيثمة بن عبد الرحمن الجعفي ، وأبو العباس السائب بن فروخ الشاعر ، والسائب الثقفي والد عطاء ، وطاوس ، والشعبي ، وعكرمة وعطاء ، والقاسم ، ومجاهد ، ويزيد بن الشخير ، وأبو المليح بن أسامة ، والحسن البصري ، وأبو الجوزاء أوس الربعي ، وعيسى بن طلحة ، وابن أخيه إبراهيم بن محمد بن طلحة ،وبشر بن شغاف.وجنادة بن أبي أمية ، وربيعة بن سيف ، وريحان بن يزيد العامري ، وسالم بن أبي الجعد ، وأبو السفر سعيد بن يحمد ، وسلمان الأغر ، وشفعة السمعي ، وشفي بن ماتع ، وشهر بن حوشب ، وطلق بن حبيب ، وعبد الله بن باباه ، وعبد الله بن بريدة ، وعبد الله بن رباح الأنصاري ، وعبد الله بن صفوان بن أمية ، وابن أبي مليكة ، وعبد الله بن فيروز الديلمي ، وأبو عبد الرحمن الحبلي ، وعبد الرحمن بن جبير ، وعبد الرحمن بن حجيرة ، وعبد الرحمن بن رافع قاضي إفريقية ، وعبد الرحمن بن شماسة ، وعبد الرحمن بن عبد رب الكعبة ، وعبدة بن أبي لبابة ولم يدركه ، وعطاء بن يسار ، وعطاء العامري ، وعقبة بن أوس ، وعقبة بن مسلم ، وعمارة بن عمرو بن حزم ، وعمر بن الحكم بن رافع ، وأبو عياض عمرو بن الأسود العنسي ، وعمرو بن أوس الثقفي ، وعمرو بن حريش الزبيدي ، وعمرو بن دينار .
    وعمرو بن ميمون الأودي ، وعمران بن عبد المعافري ، وعيسى بن هلال الصدفي ، والقاسم بن ربيعة الغطفاني ، والقاسم بن مخيمرة ، وقزعة بن يحيى ، وكثير بن مرة ، ومحمد بن هدية الصدفي ، وأبو الخير اليزني ، ومسافع بن شيبة الحجبي ، ومسروق بن الأجدع ، وأبو يحيى مصدع ، وناعم مولى أم سلمة ، ونافع بن عاصم بن عروة بن مسعود الطائفي ، وأخوه يعقوب ، وأبو العريان الهيثم النخعي ، والوليد بن عبدة ، ووهب بن جابر الخيواني ، ووهب بن منبه ويحيى بن حكيم بن صفوان بن أمية ، ويوسف بن ماهك ، وأبو أيوب المراغي ، وأبو بردة بن أبي موسى ، وأبو حازم الأعرج ولم يلقه ، وأبو حرب بن أبي الأسود وأبو راشد الحبراني وأبو الزبير المكي وأبو زرعة بن عمرو بن حريز ، وأبو سالم الجيشاني ، وأبو فراس مولى والده عمرو ، وأبو قبيل المعافري ، وأبو كبشة السلولي ، وأبو كثير الزبيدي ، وأبو المليح بن أسامة ،
    وخلق سواهم .

    قال قتادة :
    كان رجلا سمينا .

    وروى حماد بن سلمة
    ، عن علي بن زيد ، عن العريان بن الهيثم ، قال : وفدت مع أبي إلى يزيد ، فجاء رجل طوال ، أحمر عظيم البطن ، فجلس ، فقلت : من هذا ؟ قيل : عبد الله بن عمرو .

    أحمد : حدثنا وكيع ، حدثنا نافع بن عمر ، وعبد الجبار بن ورد ، عن ابن أبي مليكة ، قال طلحة بن عبيد الله : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : "نعم أهل البيت عبد الله ، وأبو عبد الله ، وأم عبد الله" .

    وروى ابن لهيعة ؛ عن مشرح بن هاعان عن عقبة بن عامر ، مرفوعا نحوه .

    ابن جريج : حدثنا ابن أبي مليكة ، عن يحيى بن حكيم بن صفوان ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : جمعت القرآن ، فقرأته كله في ليلة ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :اقرأه في شهر .قلت :يا رسول الله ، دعني أستمتع من قوتي وشبابي . قال :اقرأه في عشرين . قلت : دعني أستمتع . قال :اقرأه في سبع ليال . قلت : دعني يا رسول الله أستمتع . قال: فأبى .
    رواه النسائي .


    وصح أن
    رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نازله إلى ثلاث ليال ، ونهاه أن يقرأه في أقل من ثلاث وهذا كان في الذي نزل من القرآن ، ثم بعد هذا القول نزل ما بقي من القرآن . فأقل مراتب النهي أن تكره تلاوة القرآن كله في أقل من ثلاث ، فما فقه ولا تدبر من تلا في أقل من ذلك . ولو تلا ورتل في أسبوع ، ولازم ذلك ، لكان عملا فاضلا ، فالدين يسر ، فوالله إن ترتيل سبع القرآن في تهجد قيام الليل مع المحافظة على النوافل الراتبة ، والضحى ، وتحية المسجد ، مع الأذكار المأثورة الثابتة ، والقول عند النوم واليقظة ، ودبر المكتوبة والسحر ، مع النظر في العلم النافع والاشتغال به مخلصا لله ، مع الأمر بالمعروف ، وإرشاد الجاهل وتفهيمه ، وزجر الفاسق ، ونحو ذلك ، مع أداء الفرائض في جماعة بخشوع وطمأنينة وانكسار وإيمان ، مع أداء الواجب ، واجتناب الكبائر ، وكثرة الدعاء والاستغفار ، والصدقة وصلة الرحم ، والتواضع ، والإخلاص في جميع ذلك ، لشغل عظيم جسيم ، ولمقام أصحاب اليمين وأولياء الله المتقين ، فإن سائر ذلك مطلوب . فمتى تشاغل العابد بختمة في كل يوم ، فقد خالف الحنيفية السمحة ، ولم ينهض بأكثر ما ذكرناه ولا تدبر ما يتلوه .

    هذا السيد العابد الصاحب كان يقول لما شاخ :
    ليتني قبلت رخصة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكذلك قال له - عليه السلام - في الصوم ، وما زال يناقصه حتى قال له :" صم يوما وأفطر يوما ، صوم أخي داود عليه السلام" .

    وثبت أنه قال :
    أفضل الصيام صيام داود ونهى- عليه السلام - عن صيام الدهر وأمر - عليه السلام - بنوم قسط من الليل ، وقال :" لكني أقوم وأنام ، وأصوم وأفطر ، وأتزوج النساء ، وآكل اللحم ، فمن رغب عن سنتي فليس مني ".وكل من لم يذم نفسه في تعبده وأوراده بالسنة النبوية ، يندم ويترهب ويسوء مزاجه ، ويفوته خير كثير من متابعة سنة نبيه الرءوف الرحيم بالمؤمنين ، الحريص على نفعهم ، وما زال - صلى الله عليه وسلم - معلما للأمة أفضل الأعمال ، وآمرا بهجر التبتل والرهبانية التي لم يبعث بها ، فنهى عن سرد الصوم ، ونهى عن الوصال ، وعن قيام أكثر الليل إلا في العشر الأخير ، ونهى عن العزبة للمستطيع ، ونهى عن ترك اللحم إلى غير ذلك من الأوامر والنواهي .فالعابد بلا معرفة لكثير من ذلك معذور مأجور ، والعابد العالم بالآثار المحمدية . المتجاوز لها مفضول مغرور ، وأحب الأعمال إلى الله - تعالى - أدومها وإن قل . ألهمنا الله وإياكم حسن المتابعة ، وجنبنا الهوى والمخالفة .

    قال أحمد في مسنده :
    حدثنا قتيبة ، حدثنا ابن لهيعة ، عن واهب بن عبد الله المعافري ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : رأيت فيما يرى النائم كأن في أحد أصبعي سمنا ، وفي الأخرى عسلا ، فأنا ألعقهما ، فلما أصبحت ، ذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال :" تقرأ الكتابين ؛ التوراة والفرقان . فكان يقرأهما" .
    ابن لهيعة ضعيف الحديث ، وهذا خبر منكر ،
    ولا يشرع لأحد بعد نزول القرآن أن يقرأ التوراة ولا أن يحفظها ، لكونها مبدلة محرفة منسوخة العمل ، قد اختلط فيها الحق بالباطل ، فلتجتنب . فأما النظر فيها للاعتبار وللرد على اليهود ، فلا بأس بذلك للرجل العالم قليلا ، والإعراض أولى .

    فأما ما روي من أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أذن لعبد الله أن يقوم بالقرآن ليلة وبالتوراة ليلة ، فكذب موضوع قبح الله من افتراه . وقيل : بل عبد الله هنا هو ابن سلام . وقيل : إذنه في القيام بها أي يكرر على الماضي لا أن يقرأ بها في تهجده .

    كامل بن طلحة : حدثنا ابن لهيعة ، عن يزيد بن عمرو ، عن شفي ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : حفظت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألف مثل .

    يحيى بن أيوب ، عن أبي قبيل ،
    عن عبد الله بن عمرو ، قال : كنا عند رسول الله نكتب ما يقول .

    هذا حديث حسن غريب رواه سعيد بن عفير عنه .

    وهو دال على أن الصحابة كتبوا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعض أقواله ، وهذا علي - رضي الله عنه - كتب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحاديث في صحيفة صغيرة ، قرنها بسيفه وقال - عليه السلام - :" اكتبوا لأبي شاة وكتبوا عنه كتاب الديات ، وفرائض الصدقة وغير ذلك" .

    ابن إسحاق : عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قلت :يا رسول الله ! أكتب ما أسمع منك ؟ قال : نعم .قلت : في الرضا والغضب ؟ قال : "نعم ، فإني لا أقول إلا حقا ".

    يحيى بن سعيد القطان ،
    وهو في المسند عنه ، عن عبيد الله بن الأخنس ، عن الوليد بن عبد الله ، عن يوسف بن ماهك ؛ عن عبد الله بن عمرو نحوه .

    وقد روي عن عقيل بن خالد وغيره عن عمرو بن شعيب نحوه . وثبت عن عمرو بن دينار ، عن وهب بن منبه ، عن أخيه همام ، سمع أبا هريرة يقول : لم يكن أحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكثر حديثا مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو ، فإنه كان يكتب ولا أكتب .
    وهو في صحيفة معمر عن همام .

    ويرويه ابن إسحاق ؛ عن عمرو بن شعيب ، عن مجاهد وآخر ، عن أبي هريرة ، مثله .

    أبو النضر هاشم بن القاسم ، وسعدويه ، قالا : حدثنا إسحاق بن يحيى بن طلحة ، عن مجاهد ، قال : دخلت على عبد الله بن عمرو ، فتناولت صحيفة تحت رأسه ، فتمنع علي . فقلت : تمنعني شيئا من كتبك ؟ فقال : إن هذه الصحيفة الصادقة التي سمعتها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس بيني وبينه أحد ، فإذا سلم لي كتاب الله وهذه الصحيفة والوهط ، لم أبال ما ضيعت الدنيا .

    الوهط : بستان عظيم بالطائف ، غرم مرة على عروشه ألف ألف درهم .

    قتيبة :
    حدثنا الليث ، وآخر ، عن عياش بن عباس ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي ، سمعت عبد الله بن عمرو يقول : لأن أكون عاشر عشرة مساكين يوم القيامة أحب إلي من أن أكون عاشر عشرة أغنياء ، فإن الأكثرين هم الأقلون يوم القيامة ،إلا من قال هكذا وهكذا ، يقول: يتصدق يمينا وشمالا .

    هشيم :
    عن مغيرة وحصين ، عن مجاهد ، عن عبد الله بن عمرو ، قال :زوجني أبي امرأة من قريش ، فلما دخلت علي ، جعلت لا أنحاش لها مما بي من القوة على العبادة ، فجاء أبي إلى كنته ، فقال : كيف وجدت بعلك ؟ قالت : خير رجل من رجل لم يفتش لها كنفا ، ولم يقرب لها فراشا ، قال : فأقبل علي ، وعضني بلسانه ، ثم قال : أنكحتك امرأة ذات حسب ، فعضلتها وفعلت ، ثم انطلق ، فشكاني إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فطلبني ، فأتيته ، فقال لي :" أتصوم النهار وتقوم الليل؟ قلت : نعم . قال : لكني أصوم وأفطر ، وأصلي وأنام ، وأمس النساء . فمن رغب عن سنتي فليس مني ".

    قلت :ورث عبد الله من أبيه قناطير مقنطرة من الذهب المصري ، فكان من ملوك الصحابة .

    الأسود بن عامر : حدثنا شعبة ؛ عن يعلى بن عطاء ، عن أبيه ، قال : كنت أصنع الكحل لعبد الله بن عمرو ، وكان يطفئ السراج بالليل ، ثم يبكي حتى رسعت عيناه .

    محمد بن عمرو :عن أبي سلمة :عن عبد الله بن عمرو ، قال : دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيتي هذا ، فقال :" يا عبد الله ! ألم أخبر أنك تكلفت قيام الليل وصيام النهار ؟قلت : إني لأفعل . فقال : إن من حسبك أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام ، فالحسنة بعشر أمثالها ، فكأنك قد صمت الدهر كله . قلت : يا رسول الله ، إني أجد قوة ، وإني أحب أن تزيدني . فقال : فخمسة أيام قلت : إني أجد قوة . قال : سبعة أيام ، فجعل يستزيده ، ويزيده حتى بلغ النصف . وأن يصوم نصف الدهر :( إن لأهلك عليك حقا ، وإن لعبدك عليك حقا )وإن لضيفك عليك حقا فكان بعد ما كبر وأسن يقول : ألا كنت قبلت رخصة النبي - صلى الله عليه وسلم - أحب إلي من أهلي ومالي .

    وهذا الحديث له طرق مشهورة .

    وقد أسلم عبد الله ، وهاجر بعد سنة سبع ، وشهد بعض المغازي .

    قال أبو عبيد : كان على ميمنة جيش معاوية يوم صفين .

    وذكره خليفة بن خياط في تسمية عمال معاوية على الكوفة .
    قال : ثم عزله وولى المغيرة بن شعبة .

    وفي " مسند أحمد " : حدثنا يزيد ، أنبأنا العوام ، حدثني أسود بن مسعود ، عن حنظلة بن خويلد العنبري ، قال : بينما أنا عند معاوية ، إذ جاءه رجلان يختصمان في رأس عمار - رضي الله عنه -فقال كل واحد منهما : أنا قتلته . فقال عبد الله بن عمرو : ليطب به أحدكما نفسا لصاحبه ، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :" تقتله الفئة الباغية ".فقال معاوية : يا عمرو ! ألا تغني عنا مجنونك ، فما بالك معنا ؟ قال : إن أبي شكاني إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال :أطع أباك ما دام حيا ". فأنا معكم ، ولست أقاتل .

    وروى نافع بن عمر ، عن ابن أبي مليكة ، قال :قال عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه - : ما لي ولصفين ، ما لي ولقتال المسلمين ، لوددت أني مت قبلها بعشرين سنة - أو قال بعشر سنين - أما والله على ذلك ما ضربت بسيف ، ولا رميت بسهم . وذكر أنه كانت الراية بيده .

    يزيد بن هارون : حدثنا عبد الملك بن قدامة ، حدثني عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده : أن أباه عمرا قال له يوم صفين : اخرج فقاتل . قال : يا أبه ! كيف تأمرني أخرج فأقاتل ، وقد سمعت من عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلي ما سمعت ؟! فقال : نشدتك بالله ! أتعلم أن آخر ما كان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليك أن أخذ بيدك ، فوضعها في يدي ، فقال :" أطع عمرو بن العاص ما دام حيا ".قال : نعم . قال : فإني آمرك أن تقاتل .عبد الملك ضعف .

    عفان :
    حدثنا همام ، حدثنا قتادة ، عن ابن بريدة ، عن سليمان بن الربيع قال : انطلقت في رهط من نساك أهل البصرة إلى مكة ، فقلنا : لو نظرنا رجلا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدللنا على عبد الله بن عمرو ، فأتينا منزله ، فإذا قريب من ثلاثمائة راحلة . فقلنا : على كل هؤلاء حج عبد الله بن عمرو ؟ قالوا : نعم . هو ومواليه وأحباؤه . قال : فانطلقنا إلى البيت ، فإذا نحن برجل أبيض الرأس واللحية ، بين بردين قطريين ، عليه عمامة وليس عليه قميص .

    رواه
    حسين المعلم ، عن ابن بريدة ، فقال : عن سلمان بن ربيعة الغنوي أنه حج زمن معاوية في عصابة من القراء ، فحدثنا أن عبد الله في أسفل مكة . فعمدنا إليه ، فإذا نحن بثقل عظيم يرتحلون ثلاثمائة راحلة ، منها مائة راحلة ومائتا زاملة وكنا نحدث أنه أشد الناس تواضعا . فقلنا : ما هذا ؟ قالوا : لإخوانه يحملهم عليها ولمن ينزل عليه ، فعجبنا ، فقالوا : إنه رجل غني . ودلونا عليه أنه في المسجد الحرام ، فأتيناه ، فإذا هو رجل قصير أرمص بين بردين وعمامة ، قد علق نعليه في شماله .

    مسلم الزنجي : عن ابن خثيم ، عن عبيد بن سعيد : أنه دخل مع عبد الله بن عمرو المسجد الحرام ، والكعبة محترقة حين أدبر جيش حصين بن نمير ، والكعبة تتناثر حجارتها . فوقف وبكى حتى إني لأنظر إلى دموعه تسيل على وجنتيه . فقال : أيها الناس ! والله لو أن أبا هريرة أخبركم أنكم قاتلو ابن نبيكم ، ومحرقو بيت ربكم ، لقلتم : ما أحد أكذب من أبي هريرة . فقد فعلتم ، فانتظروا نقمة الله فليلبسنكم شيعا ، ويذيق بعضكم بأس بعض .

    شعبة :عن يعلى بن عطاء ، عن أمه ؛ أنها كانت تصنع الكحل لعبد الله بن عمرو . وكان يكثر من البكاء يغلق عليه بابه ، ويبكي حتى رمصت عيناه .

    قال أحمد بن حنبل :
    مات عبد الله ليالي الحرة سنة ثلاث وستين .

    وقال يحيى بن بكير : توفي عبد الله بن عمرو بمصر ، ودفن بداره الصغيرة سنة خمس وستين وكذا قال في تاريخ موته : خليفة ، وأبو عبيد ، والواقدي ، والفلاس وغيرهم .

    وقال خليفة : مات بالطائف ، ويقال : بمكة .

    وقال ابن البرقي أبو بكر : فأما ولده فيقولون : مات بالشام .


    سير أعلام النبلاء مجلد ٣ صفحة ٥٤
يعمل...
X