إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الزاهد القدوة سيد الوعاظ ابن السماك

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الزاهد القدوة سيد الوعاظ ابن السماك

    ابن السماك


    الزاهد ، القدوة ، سيد الوعاظ أبو العباس محمد بن صبيح العجلي ، مولاهم الكوفي ، ابن السماك .

    روى عن : هشام بن عروة ، والأعمش ، ويزيد بن أبي زياد ، وطائفة . ولم يكثر .

    روى عنه : يحيى بن يحيى ، وأحمد بن حنبل ، ويحيى بن أيوب العابد ، ومحمد بن عبد الله بن نمير

    ، وآخرون . قال ابن نمير : صدوق .

    قلت : ما وقع له شيء في الكتب الستة . وهو القائل : كم من شيء إذا لم ينفع لم يضر ، لكن العلم

    إذا لم ينفع ، ضر .

    قيل : وعظ مرة ، فقال : يا أمير المؤمنين ، إن لك بين يدي الله مقاما ، وإنه لك من مقامك منصرفا

    ، فانظر إلى أين تكون . فبكى الرشيد كثيرا .


    قيل : دخل ابن السماك على رئيس في شفاعة لفقير . فقال : إني أتيتك في حاجة ، والطالب

    والمعطي عزيزان إن قضيت الحاجة ، ذليلان إن لم تقض ، فاختر لنفسك عز البذل عن ذل المنع ،

    وعز النجح على ذل الرد .


    وعنه قال : همة العاقل في النجاة والهرب ، وهمة الأحمق في اللهو والطرب ، عجبا لعين تلذ بالرقاد

    ، وملك الموت معها على الوساد ، حتى متى يبلغنا الوعاظ أعلام الآخرة ، حتى كأن النفوس عليها

    واقفة ، والعيون ناظرة ، أفلا منتبه من نومته ، أو مستيقظ من غفلته ، ومفيق من سكرته ، وخائف

    من صرعته ، كدحا للدنيا كدحا ، أما تجعل للآخرة منك حظا ، أقسم بالله ، لو رأيت القيامة تخفق

    بأهوالها ، والنار مشرفة على آلها ، وقد وضع الكتاب ، وجيء بالنبيين والشهداء ، لسرك أن يكون

    لك في ذلك الجمع منزلة ، أبعد الدنيا دار معتمل ، أم إلى غير الآخرة منتقل ؟ . هيهات ولكن صمت

    الآذان عن المواعظ ، وذهلت القلوب عن المنافع ، فلا الواعظ ينتفع ، ولا السامع ينتفع .


    وعنه : هب الدنيا في يديك ، ومثلها ضم إليك ، وهب المشرق والمغرب يجيء إليك ، فإذا جاءك

    الموت ، فماذا في يديك ؟ ! ألا من امتطى الصبر ، قوي على العبادة ، ومن أجمع الناس ، استغنى

    عن الناس ، ومن أهمته نفسه لم يول مرمتها غيره ، ومن أحب الخير وفق له ، ومن كره الشر ،

    جنبه ، ألا متأهب فيما يوصف أمامه ، ألا مستعد ليوم فقره ، ألا مبادر فناء أجله . ما ينتظر من

    ابيضت شعرته بعد سوادها ، وتكرش وجهه بعد انبساطه ، وتقوس ظهره بعد انتصابه ، وكل بصره

    ، وضعف ركنه ، وقل نومه ، وبلي منه شيء بعد شيء في حياته ، فرحم الله امرأ عقل الأمر ،

    وأحسن النظر ، واغتنم أيامه .


    وعنه : الدنيا كلها قليل ، والذي بقي منها قليل ، والذي لك من الباقي قليل ، ولم يبق من قليلك إلا

    قليل ، وقد أصبحت في دار العزاء ، وغدا تصير إلى دار الجزاء ، فاشتر نفسك لعلك تنجو .
    توفي

    ابن السماك سنة ثلاث وثمانين ومائة وقد أسن .


    سير أعلام النبلاء مجلد ٨ صفحة٣٢٨

يعمل...
X