أبو عوانة ( ع )
هو الإمام الحافظ ، الثبت ، محدث البصرة الوضاح بن عبد الله ، مولى يزيد بن عطاء اليشكري ،
الواسطي ، البزاز . كان الوضاح من سبي جرجان .
مولده : سنة نيف وتسعين . رأى الحسن ،ومحمد بن سيرين .
وروى عن : الحكم بن عتيبة ، وزياد بن علاقة ، وقتادة ، وسماك بن حرب ، والأسود بن قيس ،
وإسماعيل السدي ، وعمرو بن دينار ، وعاصم بن كليب ، وأبي الزبير ، وحصين بن عبد الرحمن ،
ويعلى بن عطاء ، ومنصور بن المعتمر ، وعمر بن أبي سلمة ، وأبي إسحاق ، ومغيرة بن مقسم ،
ومنصور بن زاذان العابد ، وأبي بشر جعفر بن إياس ، وعمر بن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، وأبي
مالك الأشجعي ، وإبراهيم بن مهاجر ، وسعيد بن مسروق الثوري ، ويزيد بن أبي زياد ، وعاصم
الأحول ، وعبد الملك بن عمير ، وسعد بن إبراهيم الزهري ، وداود الأودي ، وعدة . وكان من
أركان الحديث .
روى عنه هشام بن أبي عبد الله الدستوائي ، مع تقدمه ، وابن المبارك ، وابن مهدي ، وحبان بن
هلال ، وعفان بن مسلم ، وخلف بن هشام ، وسعيد بن منصور ، ومحمد بن أبي بكر المقدم ،
وشيبان بن فروخ ، وقتيبة بن سعيد ، وأبو الوليد الطيالسي ، ويحيى بن يحيى ، ويحيى بن عبد
الحميد ، وعمرو بن عون ، ومحمد بن المنهال الضرير ، وأحمد بن عبد الملك الحراني ، وخلق كثير
.وأكثر عنه ختنه يحيى بن حماد ، وأبو كامل الجحدري ، وأبو الربيع الزهراني ، ومحمد بن عبيد بن
حساب ، ومسدد ، ولوين ، والهيثم بن سهل خاتمتهم .
قال عفان : أبو عوانة أصح حديثا عندنا من شعبة .
وقال أحمد بن حنبل : هو صحيح الكتاب ، وإذا حدث من حفظه ربما يهم .
وقال عفان بن مسلم : كان أبو عوانة صحيح الكتاب ثبتا ، كثير العجم والنقط .
وقال يحيى بن سعيد القطان : ما أشبه حديثه بحديث سفيان ، وشعبة .
وقال عفان : سمعت شعبة يقول : إن حدثكم أبو عوانة عن أبي هريرة فصدقوه .
قال الحافظ بن عدي : كان مولاه يزيد قد خيره بين الحرية ، وكتابة الحديث ، فاختار كتابة الحديث .
وفوض إليه مولاه التجارة ، فجاءه سائل ، فقال : أعطني درهمين ، فإني أنفعك ، فأعطاه ، فدار
السائل على رؤساء البصرة ، وقال : بكروا على يزيد بن عطاء ، فإنه قد أعتق
أبا عوانة . قال : فاجتمعوا إلى يزيد وهنئوه ، فأنف من أن ينكر ذلك ، فأعتقه حقيقة .
وروى أبو عمر الضرير ، عن أبي عوانة ، قال : دخلت على همام بن يحيى وهو مريض أعوده ،
فقال لي : يا أبا عوانة ، ادع الله أن لا يميتني حتى يبلغ ولدي الصغار . فقلت : إن الأجل قد فرغ
منه ، فقال لي : أنت بعد في ضلالك .
قلت : بئس المقال هذا ، بل كل شيء بقدر سابق ، ولكن وإن كان الأجل قد فرغ منه ، فإن الدعاء
بطول البقاء قد صح . دعا الرسول - صلى الله عليه وسلم - لخادمه أنس بطول العمر والله يمحو ما
يشاء ويثبت . فقد يكون طول العمر في علم الله مشروطا بدعاء مجاب ، كما أن طيران العمر قد
يكون بأسباب جعلها من جور وعسف ، و لا يرد القضاء إلا الدعاء والكتاب الأول ، فلا يتغير .
قال محمد بن غالب تمتام : سمعت يحيى بن معين يقول : كان أبو عوانة يقرأ ولا يكتب .
وروى عباس الدوري ، عن يحيى قال : كان أبو عوانة أميا يستعين بمن يكتب له .
قال حجاج الأعور : قال لي شعبة : الزم أبا عوانة .
وقال جعفر بن أبي عثمان : سئل يحيى بن معين : من لأهل البصرة مثل زائدة ؟ يعني في الكوفة .
فقال : أبو عوانة . قال : وزهير كوهيب .
قال عبد الرحمن بن مهدي : أبو عوانة ، وهشام الدستوائي كسعيد بن أبي عروبة
، وهمام .
وقال يحيى القطان : أبو عوانة من كتابه أحب إلي من شعبة من حفظه .
وروى حنبل ، عن ابن المديني ، قال : كان أبو عوانة في قتادة ضعيفا ، ذهب كتابه ، وكان يتحفظ
من سعيد ، وقد أغرب فيها أحاديث .
قال يعقوب السدوسي : الحافظ أبو عوانة هو أثبتهم في مغيرة ، وهو في قتادة ليس بذاك .
وقال عبيد الله بن موسى العبسي : قال شعبة لأبي عوانة : كتابك صالح ، وحفظك لا يسوى شيئا ،
مع من طلبت الحديث ؟ قال : مع منذر الصيرفي . قال : منذر صنع بك هذا .
قلت : استقر الحال على أن أبا عوانة ثقة . وما قلنا : إنه كحماد بن زيد ، بل هو أحب إليهم من
إسرائيل ، وحماد بن سلمة ، وهو أوثق من فليح بن سليمان ، وله أوهام تجانب إخراجها الشيخان .
مات في ربيع الأول سنة ست وسبعين ومائة بالبصرة .
أخبرنا أحمد بن إسحاق ، أخبرنا الفتح بن عبد السلام ، أخبرنا محمد بن عمر ، ومحمد بن علي ،
ومحمد بن أحمد الطرائفي ، قالوا : أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة ، أخبرنا أبو الفضل الزهري ،
حدثنا جعفر الفريابي ، حدثنا قتيبة ، حدثنا أبو عوانة ، عن قتادة ، عن أنس ، عن أبي موسى : قال
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة ، ريحها طيب ،
وطعمها طيب . . . وذكر الحديث . وقد سقته في أخبار قتادة .
أخبرنا عبد الحافظ بن بدران ، بنابلس ، ويوسف بن أحمد بن غالية بدمشق ، قالا : أخبرنا موسى
بن عبد القادر ، أخبرنا سعيد بن أحمد ، أخبرنا علي بن البسري ، أخبرنا أبو طاهر المخلص ، حدثنا
أبو القاسم البغوي ، حدثنا العباس بن الوليد النرسي ، حدثنا أبو عوانة ، عن عمر بن أبي سلمة ،
عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا تزالون تسألون حتى
يقال لكم : هذا الله خلقنا ، فمن خلق الله ؟ قال أبو هريرة : إني لجالس يوما ، إذ قال لي رجل : هذا
الله خلقنا ، فمن خلق الله ؟ فجعلت أصبعي ، في أذني ، ثم صرخت : صدق الله ورسوله : الله الواحد
الأحد الصمد ، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد . هذا حديث حسن غريب .
سير أعلام النبلاء مجلد ٨ صفحة ٢١٧