عبد الله بن لهيعة ( د ، ت ، ق )
ابن عقبة بن فرعان بن ربيعة بن ثوبان القاضي الإمام العلامة ، محدث ديار مصر مع الليث ، أبو
عبد الرحمن الحضرمي الأعدولي ويقال : الغافقي ، المصري ، ويقال : يكنى أبا النضر ، ولم يصح
. ولد سنة خمس أو ست وتسعين . وطلب العلم في صباه ، ولقي الكبار بمصر والحرمين . وسمع
من عبد الرحمن بن هرمز الأعرج صاحب أبي هريرة ، ومن موسى بن وردان ، وعطاء بن أبي
رباح ، وعمرو بن شعيب ، وعمرو بن دينار ، ويزيد بن أبي حبيب ، وأبي وهب الجيشاني ،
ومشرح بن هاعان ، وعبيد الله بن أبي جعفر ، وعكرمة مولى ابن عباس - إن صح ذلك - وكعب
بن علقمة ، وقيس بن الحجاج ، وأبي الأسود محمد بن عبد الرحمن يتيم عروة ومحمد بن المنكدر ،
وأبي الزبير ، ويزيد بن عمرو المعافري ، وأبي يونس مولى أبي هريرة ، وأبي عشانة المعافري ،
وأبي قبيل المعافري ، وأحمد بن خازم المعافري ، وبكر بن عمرو المعافري ، وشرحبيل بن شريك
المعافري ، وعامر بن يحيى المعافري ، وبكير بن الأشج ، وجعفر بن ربيعة ، ودراج أبي السمح ،
وعقيل بن خالد ، وعمرو بن جابر الحضرمي ، وخلق كثير .
وعنه : حفيده أحمد بن عيسى بن عبد الله ، وعمرو بن الحارث ، والأوزاعي ، وشعبة ، والثوري -
وماتوا قبله - والليث بن سعد ، ومالك - ولم يصرح باسمه - وابن المبارك ، والوليد بن مسلم ،
وابن وهب ، وأشهب ، وزيد بن الحباب ، وأبو عبد الرحمن المقرئ ، ومروان بن محمد ، وبشر بن
عمر الزهراني ، والحسن بن موسى الأشيب ، وأسد بن موسى ، وإسحاق بن عيسى بن الطباع ،
وسعيد بن أبي مريم ، وسعيد بن عفير ، وعثمان بن صالح ، والنضر بن عبد الجبار ، ويحيى بن
إسحاق ، ويحيى بن بكير ، وحسان بن عبد الله الواسطي ، وأبو صالح الكاتب ، والقعنبي ، وعمرو
بن خالد ، وكامل بن طلحة ، وقتيبة بن سعيد ، ومحمد بن رمح ، ومحمد بن الحارث صدرة ، وخلق
كثير ، خاتمتهم ابن رمح . وكان من بحور العلم على لين في حديثه .
قال روح بن صلاح :لقي ابن لهيعة اثنين وسبعين تابعيا .قلت : لقي جماعة من أصحاب أبي هريرة
، وعبد الله بن عمرو ، وعقبة بن عامر .
قال أحمد بن حنبل :من كان مثل ابن لهيعة بمصر في كثرة حديثه وضبطه وإتقانه ؟!
حدثني إسحاق بن عيسى أنه لقيه في سنة أربع وستين ، وأن كتبه احترقت سنة تسع وستين ومائة
وقال أبو داود :سمعت أحمد بن حنبل يقول :ما كان محدث مصر إلا ابن لهيعة .وقال أحمد بن صالح
: كان ابن لهيعة صحيح الكتاب طلابا للعلم .
وقال زيد بن الحباب :قال سفيان الثوري :عند ابن لهيعة الأصول ، وعندنا الفروع .وقال عثمان بن
صالح السهمي :احترقت دار ابن لهيعة وكتبه ، وسلمت أصوله ، كتبت كتاب عمارة
بن غزية من أصله .
ولما مات ابن لهيعة قال الليث : ما خلف مثله .
لا ريب أن ابن لهيعة كان عالم الديار المصرية هو والليث معا ، كما كان الإمام مالك في ذلك العصر
عالم المدينة ، والأوزاعي عالم الشام ، ومعمر عالم اليمن ، وشعبة والثوري عالما العراق ،
وإبراهيم بن طهمان عالم خراسان ، ولكن ابن لهيعة تهاون بالإتقان ، وروى مناكير ، فانحط عن
رتبة الاحتجاج به عندهم .وبعض الحفاظ يروي حديثه ، ويذكره في الشواهد ، والاعتبارات ، والزهد
والملاحم لا في الأصول .وبعضهم يبالغ في وهنه ، ولا ينبغي إهداره ، وتتجنب تلك المناكير ، فإنه
عدل في نفسه .
وقد ولي قضاء الإقليم في دولة المنصور دون السنة ، وصرف . أعرض أصحاب الصحاح عن
رواياته ، وأخرج له أبو داود ، والترمذي ، والقزويني . وما رواه عنه ابن وهب ، والمقرئ ،
والقدماء ، فهو أجود . وقع لي من عوالي حديثه .
وكان يحيى بن سعيد القطان لا يراه شيئا . قاله علي بن المديني ، ثم قال علي : سمعت عبد الرحمن
بن مهدي ، وقيل له : تحمل عن عبد الله بن يزيد القصير عن ابن لهيعة ؟ فقال : لا أحمل عن ابن
لهيعة قليلا ولا كثيرا ، ثم قال عبد الرحمن : كتب إلي ابن لهيعة كتابا فيه : حدثنا عمرو بن شعيب ،
فقرأته على ابن المبارك ، فأخرج إلي ابن المبارك من كتابه عن ابن لهيعة ، قال : أخبرني إسحاق
بن أبي فروة ، عن عمرو بن شعيب .
وقال نعيم بن حماد : سمعت ابن مهدي يقول : ما أعتد بشيء سمعت من حديث ابن لهيعة إلا سماع
ابن المبارك ونحوه .وقال أحمد بن حنبل : كان ابن لهيعة كتب عن المثنى بن الصباح ، عن عمرو
بن شعيب ، وكان بعد
يحدث بها عن عمرو نفسه . وكان الليث أكبر منه بسنتين .
روى يعقوب الفسوي عن سعيد بن أبي مريم ، قال : كان حيوة بن شريح أوصى إلى رجل ، وصارت
كتبه عنده ، وكان لا يتقي الله ، يذهب فيكتب من كتب حيوة الشيوخ الذين شاركه فيهم ابن لهيعة ،
ثم يحمل إليه ، فيقرأ عليهم ، وحضرت ابن لهيعة وقد جاءه قوم حجوا يسلمون عليه ، فقال : هل
كتبتم حديثا طريفا ؟ فجعلوا يذاكرونه ، حتى قال بعضهم : حدثنا القاسم العمري ، عن عمرو بن
شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :إذا رأيتم الحريق فكبروا ،
فإن التكبير يطفئهفقال : هذا حديث طريف . قال : فكان يقول : حدثنا به صاحبنا فلان ، فلما طال
ذلك نسي الشيخ ، فكان يقرأ عليه ، ويرويه عن عمرو بن شعيب .
ميمون بن أصبغ : سمعت ابن أبي مريم يقول : حدثنا القاسم بن عبد الله بن عمر ، عن عمرو بن
شعيب بحديث الحريق . ثم قال سعيد : هذا سمعه ابن لهيعة من زياد بن يونس الحضرمي ، عن
القاسم ، فكان ابن لهيعة يستحسنه . ثم إنه بعد قال : إنه يرويه عن عمرو بن شعيب .
وقال يحيى بن بكير :قيل لابن لهيعة : إن ابن وهب يزعم أنك لم تسمع هذه الأحاديث من عمرو بن
شعيب ، فضاق ابن لهيعة ، وقال : وما يدري ابن وهب ؟ سمعت هذه الأحاديث من عمرو قبل أن
يلتقي أبواه .
قال حنبل : سمعت أبا عبد الله يقول : ما حديث ابن لهيعة بحجة ، وإني لأكتبه أعتبر به ، وهو
يقوى بعضه ببعض .
أبو عبيد الآجري ، عن أبي داود ، قال لي ابن أبي مريم : لم تحترق كتب ابن لهيعة ولا كتاب ، إنما
أرادوا أن يعفو عليه أمير فأرسل إليه أمير بخمسمائة دينار .
وسمعت قتيبة يقول : كنا لا نكتب حديث ابن لهيعة إلا من كتب ابن أخيه ، أو كتب ابن وهب ، إلا ما
كان من حديث الأعرج .
جعفر الفريابي : سمعت بعض أصحابنا يذكر أنه سمع قتيبة يقول :قال لي أحمد بن حنبل : أحاديثك
عن ابن لهيعة صحاح ، فقلت : لأنا كنا نكتب من كتاب ابن وهب ، ثم نسمعه من ابن لهيعة .
قال أبو صالح الحراني :قال لي ابن لهيعة : ما تركت ليزيد بن أبي حبيب حرفا .
قال عثمان بن صالح السهمي ، عن إبراهيم بن إسحاق قاضي مصر ، قال : أنا حملت رسالة الليث
إلى مالك ، وأخذت جوابها ، فكان مالك يسألني عن ابن لهيعة ، فأخبره بحاله ، فقال : ليس يذكر
الحج ؟ فسبق إلى قلبي أنه يريد السماع منه .
قال الثوري : حججت حججا لألقى ابن لهيعة .
وقال محمد بن معاوية : سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول : وددت أني سمعت من ابن لهيعة
خمسمائة حديث ، وأني غرمت مودى ، كأنه يعني دية .
أبو الطاهر بن السرح : سمعت ابن وهب يقول : حدثني - والله - الصادق البار عبد الله بن لهيعة ،
قال أبو الطاهر : فما سمعته يحلف بهذا قط ، وروى حنبل عن أبي عبد الله ، قال : ابن لهيعة أجود
قراءة لكتبه من ابن وهب . قال أبو داود عن أحمد : ما كان محدث مصر إلا ابن
لهيعة . البخاري عن يحيى بن بكير : احترق منزل ابن لهيعة وكتبه في سنة سبعين .
قلت : الظاهر أنه لم يحترق إلا بعض أصوله .
يعقوب الفسوي : سمعت أحمد بن صالح يقول : ابن لهيعة صحيح الكتاب ، كان أخرج كتبه ، فأملى
على الناس حتى كتبوا حديثه إملاء ، فمن ضبط كان حديثه حسنا صحيحا ، إلا أنه كان يحضر من
يضبط ويحسن ، ويحضر قوم يكتبون ولا يضبطون ولا يصححون ، وآخرون نظارة ، وآخرون سمعوا
مع آخرين ، ثم لم يخرج ابن لهيعة بعد ذلك كتابا ، ولم ير له كتاب . وكان من أراد السماع منه
ذهب فاستنسخ ممن كتب عنه ، وجاءه فقرأه عليه ، فمن وقع على نسخة صحيحة فحديثه صحيح ،
ومن كتب من نسخة لم تضبط جاء فيه خلل كثير . ثم ذهب قوم ، فكل من روى عنه عن عطاء بن
أبي رباح فإنه سمع من عطاء ، وروى عن رجل عنه وعن رجل عن آخر عنه ، وعن ثلاثة عن
عطاء . قال : فتركوا من بينه وبين عطاء وجعلوه عن عطاء . قال يعقوب : كتبت عن ابن رمح
كتابا ، عن ابن لهيعة ، وكان فيه نحو مما وصف أحمد بن صالح ، فقال : هذا وقع على رجل ضبط
إملاء ابن لهيعة . فقلت له في حديث ابن لهيعة ؟ فقال : لم تعرف مذهبي في الرجال ، إني أذهب
إلى أنه لا يترك حديث محدث حتى يجتمع أهل مصره على ترك حديثه . وسمعت أحمد بن صالح
يقول : كتبت حديث ابن لهيعة عن أبي الأسود في الرق ، وكنت أكتب عن أصحابنا في القراطيس ،
وأستخير الله فيه . فكتبت حديث النضر بن عبد الجبار في الرق ، قال : فذكرت له سماع القديم
وسماع الحديث ، فقال : كان ابن لهيعة طلابا للعلم ، صحيح الكتاب .
قال : وظننت أن أبا الأسود كتب من كتاب صحيح ، فحديثه صحيح يشبه حديث أهل العلم .
إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد : سمعت يحيى بن معين يقول : ابن لهيعة أمثل من رشدين بن سعد ،
وقد كتبت حديث ابن لهيعة . قال أهل مصر : ما احترق له كتاب قط ، وما زال ابن وهب يكتب عنه
حتى مات .
وكان النضر بن عبد الجبار راوية عنه ، وكان شيخ صدق ، وكان ابن أبي مريم سيئ الرأي في ابن
لهيعة ، فلما كتبوها عنه ، وسألوه عنها ، سكت عن ابن لهيعة . قلت ليحيى : فسماع القدماء
والآخرين منه سواء ؟ قال : نعم ، سواء واحد .
قال الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن في " التاريخ " : قدم ابن لهيعة الشام غازيا مع صالح بن
علي سنة ثمان وثلاثين ومائة ، واجتاز بساحل دمشق أو بها ، حكاه القطربلي عن الواقدي .وقال
ابن بكير : ولد سنة ست وتسعين . وتفرد نوح بن حبيب بأن كنيته : أبو النضر .
وقال ابن سعد ابن لهيعة حضرمي من أنفسهم ، كان ضعيفا ، وعنده حديث كثير ، ومن سمع منه في
أول أمره أحسن حالا . وأما أهل مصر فيذكرون أنه لم يختلط ، لكنه كان يقرأ عليه ما ليس من
حديثه ، فيسكت عليه . فقيل له في ذلك ، فقال : وما ذنبي ؟ إنما يجيئون بكتاب يقرءونه ويقومون
، ولو سألوني لأخبرتهم أنه ليس من حديثي . . . إلى أن قال : ومات بمصر في نصف ربيع الأول
سنة أربع وسبعين ومائة . قال مسلم بن الحجاج : ابن لهيعة تركه وكيع ويحيى وابن مهدي .
وقال ابن يونس : مولده سنة سبع وتسعين . ورأيته في ديوان حضرموت بمصر ، فيمن دعي به
سنة ست وعشرين ومائة في أربعين من العطاء .
قال ابن وهب :حديث : لو أن القرآن في إهاب ، ما مسته النار ما رفعه لنا ابن لهيعة في أول
عمره قط . وقال أبو حفص الفلاس : من كتب عن ابن لهيعة قبل احتراق كتبه ، فهو أصح ، كابن
المبارك ، والمقرئ . وهو ضعيف الحديث . وقال إسحاق بن عيسى : ما احترقت أصوله ، إنما
احترق بعض ما كان يقرأ منه . يريد ما نسخ منها .
ابن عدي حدثنا موسى بن العباس ، حدثنا أبو حاتم ، سمعت سعيد بن أبي مريم يقول : رأيت ابن
لهيعة يعرض ناس عليه أحاديث من أحاديث العراقيين : منصور ، وأبي إسحاق ، والأعمش ،
وغيرهم ، فأجازه لهم . فقلت : يا أبا عبد الرحمن ، ليست هذه من حديثك . قال : هي أحاديث مرت
على مسامعي . ورواها ابن أبي حاتم عن أبيه . وروى الفضل بن زياد ، عن أحمد بن حنبل ، قال :
من كتب عن ابن لهيعة قديما فسماعه صحيح .
قلت : لأنه لم يكن بعد تساهل ، وكان أمره مضبوطا ، فأفسد نفسه . وقال النسائي : ليس بثقة .
وقال عبد الرحمن بن خراش : لا يكتب حديثه .
وقال أبو زرعة : لا يحتج به ، قيل : فسماع القدماء ؟ قال : أوله وآخره سواء ، إلا أن ابن وهب
وابن المبارك كانا يتتبعان أصوله يكتبان منها . عباس ، عن يحيى بن معين قال : ابن لهيعة لا
يحتج به . قال ابن عدي أحاديثه أحاديث حسان مع ما قد ضعفوه ، فيكتب حديثه ، وقد حدث عنه
مالك ، وشعبة ، والليث .
قال أحمد بن سعيد الدارمي : سمعت قتيبة يقول : حضرت موت ابن لهيعة ، فسمعت الليث يقول :
ما خلف بعده مثله .
محمد بن قدامة ، حدثنا زيد بن الحباب ، عن شعبة ، عن ابن لهيعة ، عن خالد بن أبي عمران ،
عن القاسم ، وسالم ، في الأمة تصلي يدركها العتق ؟ قالا : تقنع ، وتمضي في صلاتها . وفي "
الموطأ " : بلغني عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده :نهى رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - عن بيع العربان .قالوا : هذا ما رواه عن عمرو سوى ابن لهيعة .
عبد الملك بن شعيب بن الليث ، حدثنا أبي ، حدثني الليث ، حدثني ابن لهيعة ، عن الأعرج ، عن
أبي هريرة ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :من أصبح صائما فنسي فأكل وشرب ،
فالله أطعمه وسقاه .قال أبو حاتم بن حبان البستي :كان من أصحابنا يقولون : سماع من سمع من
ابن لهيعة قبل
احتراق كتبه مثل العبادلة :ابن المبارك ، وابن وهب ، والمقرئ ، وعبد الله بن مسلمة القعنبي ،
فسماعهم صحيح . ومن سمع بعد احتراق كتبه فسماعه ليس بشيء . وكان ابن لهيعة من الكتابين
للحديث ، والجماعين للعلم ، والرحالين فيه . ولقد حدثني شكر ، حدثنا يوسف بن مسلم ، عن بشر
بن المنذر ، قال : كان ابن لهيعة يكنى أبا خريطة . كانت له خريطة معلقة في عنقه ، فكان يدور
بمصر ، فكلما قدم قوم كان يدور عليهم ، فكان إذا رأى شيخا سأله : من لقيت ؟ وعمن كتبت ؟ فإن
وجد عنده شيئا كتب عنه ، فلذلك كان يكنى أبا خريطة .
قال ابن حبان : قد سبرت أخبار ابن لهيعة من رواية المتقدمين والمتأخرين عنه ، فرأيت التخليط في
رواية المتأخرين عنه موجودا ، وما لا أصل له في رواية المتقدمين كثيرا ، فرجعت إلى الاعتبار
فرأيته كان يدلس عن أقوام ضعفى ، على أقوام رآهم هو ثقات ، فألزق تلك الموضوعات به .
وقال يحيى القطان :قال لي بشر بن السري : لو رأيت ابن لهيعة لم تحمل عنه حرفا .
وقال نعيم بن حماد : سمعت يحيى بن حسان يقول : جاء قوم ومعهم جزء ، فقالوا : سمعناه من
ابن لهيعة ، فنظرت فيه ، فإذا ليس فيه حديث واحد من حديث ابن لهيعة ، فقمت إليه ، فقلت : أي
شيء هذا ؟! قال : فما أصنع بهم ، يجيئون بكتاب ، فيقولون : هذا من حديثك ، فأحدثهم به .
ابن حبان : حدثنا أبو يعلى ، حدثنا كامل بن طلحة ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثني حيي بن عبد الله ،
عن أبي عبد الرحمن الحبلي ، عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في
مرضه : ادعوا لي أخي ، فدعي له أبو بكر ، فأعرض عنه ، ثم قال : ادعوا لي أخي ، فدعي له
عمر ، فأعرض عنه ، ثم قال : ادعوا لي أخي ، فدعي له عثمان ، فأعرض عنه ، ثم دعي له علي
، فستره بثوبه ، وأكب عليه . فلما خرج من عنده قيل له : ما قال ؟ قال : علمني ألف باب ، كل
باب يفتح ألف باب . هذا حديث منكر ، كأنه موضوع .
قال عثمان بن صالح : لا أعلم أحدا أخبر بسبب علة ابن لهيعة مني . أقبلت أنا وعثمان بن عتيق
بعد انصرافنا من الصلاة يوم الجمعة ، فوافينا ابن لهيعة أمامنا راكبا على حمار يريد إلى منزله ،
فأفلج ، وسقط عن حماره ، فبدرني ابن عتيق إليه ، فأجلسه ، وصرنا به إلى منزله .
قال عمرو بن خالد الحراني : سمعت زهيرا يقوللمسكين بن بكير الحذاء : يا أبا عبد الرحمن ما
كتب إليك ابن لهيعة ؟ قال :كتب إلى غيري : أن عقيلا أخبره عن ابن شهاب أن رسول الله - صلى
الله عليه وسلم -أمر بصوم آخر اثنين من شعبان .وقال العقيلي : حدثنا عبد الله بن أحمد ، حدثني
أبي ، حدثنا خالد بن خداش قال : قال لي ابن وهب
، ورآني لا أكتب حديث ابن لهيعة : إني لست كغيري في ابن لهيعة فاكتبها .
وقال سعيد بن أبي مريم : لم يسمع ابن لهيعة من يحيى بن سعيد شيئا ، لكن كتب إليه يحيى هذا
الحديث - يعني حديث السائب بن يزيد ابن أخت نمر - قال : صحبت سعدا كذا وكذا سنة ، فلم
أسمعه يحدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا حديثا واحدا ، وكنت في عقبه على أثره :
لا يفرق بين مجتمع ، ويجمع بين متفرق في الصدقة . فظن ابن لهيعة أنه من حديث سعد ، وإنما
كان هذا كلاما مبتدأ من مسائل كتب بها إليه .
عفان ، حدثنا حماد بن زيد ، عن يحيى بن سعيد ، عن السائب بن يزيد أنه صحب سعدا من المدينة
إلى مكة فلم يسمعه يحدث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى رجع . ونقلوا أن عبد الله بن
لهيعة ولاه أبو جعفر القضاء بمصر ، في سنة خمس وخمسين ومائة ، تسعة أشهر ، وأجرى عليه
في كل شهر ثلاثين دينارا .فأما قول أبي أحمد بن عدي في الحديث الماضي :" علمني ألف باب
يفتح كل باب ألف باب " فلعل البلاء فيه من ابن لهيعة ، فإنه مفرط في التشيع ، فما سمعنا بهذا
عن ابن لهيعة ، بل ولا علمت أنه غير مفرط في التشيع ، ولا الرجل متهم بالوضع ، بل لعله أدخل
على كامل ، فإنه شيخ محله الصدق ، لعل بعض الرافضة أدخله في كتابه ، ولم يتفطن هو ، فالله
أعلم .
قال قتيبة بن سعيد : لما احترقت كتب ابن لهيعة بعث إليه الليث بن سعد من الغد بألف دينار .
وقال أبو سعيد بن يونس : ذكر أبو عبد الرحمن النسائي يوما ابن لهيعة ، فقال : ما أخرجت من
حديثه شيئا قط إلا حديثا واحدا : حديث عمرو بن الحارث ، عن مشرح ، عن عقبة ، عن النبي -
صلى الله عليه وسلم - قال :في الحج سجدتان . أخبرناه هلال بن العلاء عن معافى بن سليمان ،
عن موسى بن أعين ، عن عمرو بن الحارث .
أخبرنا عبد الحافظ بن بدران ، ويوسف بن أحمد ، قالا : أخبرنا موسى بن عبد القادر ، أخبرنا سعيد
بن أحمد ، أخبرنا علي بن أحمد البندار ، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن المخلص ، حدثنا عبد الله بن
محمد ، حدثنا محمد بن كثير بن مروان الفهري ، حدثني عبد الله بن لهيعة ، عن أبي قبيل ، عن
عبد الله بن عمرو ، قال :قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :من عطس أو تجشأ ، فقال :
الحمد لله على كل حال من الحال ، دفع عنه بها سبعون داء ، أهونها الجذام وهذا خبر منكر لا
يحتمله ابن لهيعة ، ولا أتى به سوى الفهري ، وهو شيخ واه جدا .
أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق ، أخبرنا الفتح بن عبد السلام ، أخبرنا محمد بن عمر القاضي ،
ومحمد بن أحمد الطرائفي ، وأبو غالب محمد بن علي ، قالوا : أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة ،
أخبرنا أبو الفضل عبيد الله بن عبد الرحمن الزهري ، أخبرنا جعفر بن محمد الفريابي ، حدثنا قتيبة
بن سعيد ، حدثنا ابن لهيعة ، عن مشرح بن هاعان ، عن عقبة بن عامر ، قال :قال رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - : أكثر منافقي أمتي قراؤها . هذا حديث محفوظ ، قد تابع فيه الوليد بن
المغيرة ابن لهيعة ، عن مشرح .
وقد رواه عبد الله بن المبارك ، عن عبد الرحمن بن شريح المعافري ، عن شراحيل بن يزيد ، عن
محمد بن هدية الصدفي ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص .
وبالإسناد إلى الفريابي : حدثنا قتيبة ، حدثنا ابن لهيعة ، عن أبي يونس سليم بن جبير مولى أبي
هريرة ، عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :ويل للعرب من شر قد اقترب ،
فتن كقطع الليل المظلم ، يصبح الرجل فيها مؤمنا ، ويمسي كافرا ، يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل
، المتمسك منهم يومئذ على دينه كالقابض على خبط الشوك ، أو جمر الغضا .وبه قال : حدثنا قتيبة
، حدثنا ابن لهيعة ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن أسلم أبي عمران ، قال :
سمعت أبا أيوب الأنصاري يقول : " ليأتين على الرجل أحايين وما في جلده موضع إبرة من النفاق
، وإنه ليأتي عليه أحايين وما فيه موضع إبرة من إيمان " .
رواه بنحوه ابن وهب عن حيوة بن شريح عن يزيد .
قرأت على أبي الفضل بن تاج الأمناء ، عن عبد المعز بن محمد البزاز ، أن محمد بن إسماعيل
الهروي أخبره ، قال : أخبرنا محلم بن إسماعيل الضبي ، أخبرنا أبو سعيد الخليل بن أحمد القاضي ،
حدثنا أبو العباس محمد بن إسحاق السراج ، حدثنا أبو رجاء قتيبة بن سعيد الثقفي ، حدثنا ابن
لهيعة ، عن أبي الأسود ، عن رجل ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :إن
الله يقول : من أظلم ممن صور صورتي أو شبه بها فليخلقوا حبة أو ذرة هذا حديث غريب جدا
وفيه رجل مجهول أيضا .
وبه قال قتيبة ، حدثنا ابن لهيعة ، عن أبي الأسود ، عن عروة عن عائشة عن النبي - صلى الله
عليه وسلم - قال : اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ، ولا تجعلوها عليكم قبورا ، كما اتخذت اليهود
والنصارى في بيوتهم قبورا ، وإن البيت ليتلى فيه القرآن فيتراءى لأهل السماء كما تتراءى النجوم
لأهل الأرض هذا حديث نظيف الإسناد ، حسن المتن ، فيه النهي عن الدفن في البيوت وله شاهد من
طريق آخر ، وقد نهى عليه السلام أن يبنى على القبور ، ولو اندفن الناس في بيوتهم ، لصارت
المقبرة والبيوت شيئا واحدا ، والصلاة في المقبرة ، فمنهي عنها نهي كراهية ، أو نهي تحريم ، وقد
قال عليه السلام : أفضل صلاة الرجل في بيته إلا المكتوبة . فناسب ذلك ألا تتخذ المساكن قبورا .
وأما دفنه في بيت عائشة صلوات الله عليه وسلامه فمختص به ، كما خص ببسط قطيفة تحته في
لحده ، وكما خص بأن صلوا عليه فرادى بلا إمام ، فكان هو إمامهم حيا وميتا في الدنيا والآخرة ،
وكما خص بتأخير دفنه يومين ، ويكره تأخير أمته ، لأنه هو أمن عليه التغير بخلافنا ، ثم إنهم
أخروه حتى صلوا كلهم عليه داخل بيته ، فطال لذلك الأمر ، ولأنهم ترددوا شطر اليوم الأول في
موته حتى قدم أبو بكر الصديق من السنح ، فهذا كان سبب التأخير .
قال أبو إسحاق الجوزجاني : ابن لهيعة لا نور على حديثه ، ولا ينبغي أن يحتج به ، ولا أن يعتد به
البخاري ، حدثني أحمد بن عبد الله ، أخبرنا صدقة بن عبد الرحمن ، حدثنا ابن لهيعة ، عن مشرح
بن هاعان ، عن عقبة بن عامر :سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :لو تمت البقرة
ثلاثمائة آية لتكلمت
وعن أبي الوليد بن أبي الجارود ، عن يحيى بن معين قال : يكتب عن ابن لهيعة ما كان قبل احتراق
كتبه .
قلت : عاش ثمانيا وسبعين سنة ، ومر أنه توفي سنة أربع وسبعين ومائة .
وكان من أوعية العلم ، ومن رؤساء أهل مصر ، ومحتشميهم ، أطلق المنصور بن عمار الواعظ
أراضي له .
الرمادي في " تاريخه " : حدثنا عمرو بن خالد ، حدثنا ابن لهيعة ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن
حديج بن أبي عمرو ، سمعت المستورد بن شداد يقول :سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
يقول :لكل أمة أجل ، وإن لأمتي مائة سنة ، فإذا مر عليها مائة سنة ، أتاها ما وعدها الله .
ابن لهيعة ، حدثنا يزيد بن عمرو المعافري ، عن ابن حجيرة ، قال :استظل سبعون نفسا من قوم
موسى تحت قحف رجل من العمالقة .هذا من الإسرائيليات ، والقدرة صالحة ، ولو استظل بذلك
القحف أربعة لكان عظيما .
سير أعلام النبلاء مجلد ٨ صفحة ١١