هذه النبذة الرائعة نسوقها لإخواننا أهل السنة عن حياة ذلك الإمام المحدث العلامة أبي عبد الرحمن مقبل بن هادي الوادعي -رحمه الله تعالى- وقد اقتطفناها من رسالة لأبي همام محمد بن علي بن أحمد فرج الصومعي البيضاني ، وفي هذه السيرة العطرة لهذا الإمام الجبل الخير الكثير والفوائد الغزيرة والعبر العظيمة، فنسأل الله أن يرحمه ويرفع درجته في الجنة وأن يجزيه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، وأن يحفظ خليفته من بعده ويحفظ دار الحديث دماج من كيد الحاقدين، ويوفق طلابه لحفظ هذه الثروة العظيمة والدعوة المباركة حتى يستمر نفعها وفق كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- وعلى فهم السلف الصالح.
فإلى السيرة العطرة:
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة فضيلة الشيخ / يحيى بن علي الحجوري
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أما بعد
فقد رفع الله سبحانه وتعالى شأن العلماء الناصحين العاملين بعلمهم فقال تعالى : {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات } وقال تعالى : {شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وألوا العلم قائماً بالقسط } وجعلهم مئاباً للناس عند حلول المشكلات وحوالك المعضلات فقال تعالى: ( وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولى الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ) .
وقال عزوجل : {فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} فبالعلماء العاملين ينقذ الله الأمم من ظلمات الجهالة ويبصرهم عن الوقوع في عماية الضلالة ويالله كم في فقدانهم من أضرار ومن تلاطم فتن وأخطار قد أبانها رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله " إن الله لا ينزع العلم انتزاعاً من الصدور ولكن ينتزعه بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا ". هذا وإن الناظر إلى أي بلد حرم العلم والتعليم والدعوة إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ليرى بعد ضلالهم وانحطاط أخلاقهم وأفكارهم.
ولقد ذاقت البلاد اليمنية حرسها الله من كل سوء صنوفاً من البلايا وأنواعاً من الرزايا بسبب سيطرة الجهل والدعوات المنحرفة عن جادة الطريق المستقيم.
فجاس التشيع والتصوف خلال البلاد وعاث فيها بالشركيات والبدع وشتى أنواع الفساد فقيض الله عزوجل عدداً من رجال الحديث بين الحين والآخر إلى كتاب الله وسنة رسوله يدعون وعن ضده ينهون وينأون ومن أبرز أولئك الأفذاذ شيخنا العلامة الغيور على دين الله الصادع بالحق الصادق اللهجة القوي الحجة فجند نفسه ووهب عمره لوجه الله عزوجل في نصره دينه والذب عن كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
ولقد خرج شيخنا العلامة مقبل بن هادي الوادعي تغمده الله برحمته وكثير من الناس يخبطون خبط عشواء وتجري عقولهم في اقتناص مصالحهم على غير السواء فجدد الله به في البلاد أمر دينها وحمى به جناب السنة وعرينها فشمر عن ساعد الجد بتشييد علوم كتاب الله وسنة رسوله وتبينها وتزييف تلك الضلالات وتوهينها فعلّم وصنف ودعا إلى الله عزوجل بكل ثبات ويقين وفضح الله به الزنادقة والملحدين والمبتدعة الضلال والمتهورين حتى كان محل ثقة المسلمين الرحال وقطعوا السهول والجبال فأحباه الله حياة طيبة مزدهرة بالعلم والتعلم والنصح والتوجيه والفتوى والبيان والزهد في الدنيا والأعراض عنها والجد في أمور الآخرة والسعي لها وختم له بخاتمة حسنة غبطة عليها الصلحاء الأخيار حيث وافته المنية بعد جهاد في الله ونصرة دينه وتحقيق توحيده عشرات السنين .
وصلى عليه في المسجد الحرام ألاف الأبرار الموحدين وقد اخرج مسلم في صحيحه من حديث ابن عباس رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال " ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا لا يشركون بالله شيئا إلا شفعهم الله فيه " .
هذا ولقد قام عدد من أفاضل طلاب شيخنا أبي عبد الرحمن الوادعي رحمه الله بتراجم له حافلة بين موسعه ومختصره ذكروا فيها مناقبه وعلومه وكرمه وزهده وبذله وصبره ومحبة للسنة وبغض للمبدعه مما لا يتسع المجال لذكر بعضه هنا ومن بين من ترجم له أخونا الفاضل السني السلفي الداعي إلى الله الناصح الشهم العفيف الكاتب البصير ابو همام محمد بن البيضاني الصومعي علي حفظه الله برعايته وجعله في بالغ لطفه وعنايته ومن مميزات هذه الترجمة على بعض التراجم المذكورة وإن لم تكن بأوسع ولا أبلغ من بعضهن إلا أن أخانا أبا همام طرزها بردود متينة على بعض من طاشت أقلامهم وزلت أقدامهم وضلت أفهامهم بالطعن على شيخنا العلامة النحرير والمحدث الفقيه الكبير مقبل بن هادي رحمه الله فجرى الله أخانا أبا همام كل خير ودفع عنه كل سوء وضير .
وكتب يحيى بن علي الحجوري في تسعة عشر شهر رجب عام اثنين وعشرين وأربعمائة وألف للهجرة النبوية على صاحبها صلوات الله وسلامه 19/7/1422هـ
وكتب يحيى بن علي الحجوري في تسعة عشر شهر رجب عام اثنين وعشرين وأربعمائة وألف للهجرة النبوية على صاحبها صلوات الله وسلامه 19/7/1422هـ
******************
مقدمة المؤلف
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد
فقد روى البخاري ومسلم في صحيحهما من حديث عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا "
وإن موت العلماء يعتبر نكبة على الأمة الإسلامية لأن في بقائهم الخير لهذه الأمة أما: عند ذهابهم فإن الشرور تكثر وأهل الباطل بجميع أصنافهم يجدون سبيلاً لترويج باطلهم لأنهم عند وجود العلماء يكونون خامدين مدحورين وعند وفاة أولي العلم يكثر الخلاف والفرقة لأن الجهال يتصدرون ويريدون أن يكونوا هم العلماء هم أهل الفتوى هم المرجعية والله المستعان .
فقد روى البخاري ومسلم في صحيحهما من حديث عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا "
وإن موت العلماء يعتبر نكبة على الأمة الإسلامية لأن في بقائهم الخير لهذه الأمة أما: عند ذهابهم فإن الشرور تكثر وأهل الباطل بجميع أصنافهم يجدون سبيلاً لترويج باطلهم لأنهم عند وجود العلماء يكونون خامدين مدحورين وعند وفاة أولي العلم يكثر الخلاف والفرقة لأن الجهال يتصدرون ويريدون أن يكونوا هم العلماء هم أهل الفتوى هم المرجعية والله المستعان .
وان الأمة الإسلامية قد فقدت عالماً من هؤلاء العلماء فقدت عالماً مجاهداً مجدداً إنه العلامة المحدث مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله الذي وافانا خبر وفاته(1) في ليلة الأحد الأول من شهر جمادى الأولى سنة اثنين وعشرين وأربعمائة وألف للهجرة فرحم الله أبا عبد الرحمن واسكنه الفردوس الأعلى.
مكث في اليمن أكثر من عشرين عاماً في التدريس والدعوة والتأليف دحض الله به البدع وأقام به السنة قمع به التشيع والتصوف والتحزب لقد كان شجاً في حلوق أهل الباطل جميعاً.
وفد هذا العلامة اليمن سيما بلده صعدة والناس تحت وطأة الرفض و التشيع فبين لهم السنة من البدعة وبين لهم المنهج السلفي ودعاهم إليه وحذرهم من مناهج أهل البدع فصاروا له مناصرين إلا من استحب العمى على الهدى وقليل ما هم.
وجدهم يطوفون بالقبور ويستغيثون بأهلها ويذبحون لهم فبين لهم أن هذا العمل شرك لا يغفره الله وأن من مات مصراً على ذلك مات كافراً إلا أن يتوب.
أسس دار الحديث السلفية وعلم وصبر على تعليم الناس فتخرج على يديه الجم الغفير من العلماء والدعاة وحفظة القرآن والسنة يدعون إلى كتاب ربهم وسنة نبيهم ومع هذا النفع العظيم الذي كان أبو عبد الرحمن سبباً في وجوده مع هذا كله كان أبو عبد الرحمن يقول: كل هذا لا بحول منا ولا قوة ولا بسبب كثرة علمنا ولا شجاعتنا ولا فصاحتنا في الخطابة ولكن أمر أراده الله أن يكون فكان ولله الحمد والمنة الذي وفقنا لذلك.
فرحم الله أبا عبد الرحمن لقد افتقده أهل اليمن خاصة والعالم الإسلامي عامة وقد تذكرت أبياتاً كان رحمه الله يتمثل بها فإنه كان يحب مناقشة طلابه في دروسه فسأل مرة عن بعض طلابه فلم يكونوا موجودين فطفق يقول:
سيذكرني قومي إذا جد جد هموا ***وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر
فرحمك الله وجزاك خيراً ما جزا عالماً عن طلابه ومع هذا فقد كان أبو عبد الرحمن يعلم طلبته على أن يعلقوا الدعوة بالله وأن لا يعلقوها بشخص فقد سمعته يقول في 18/3/1420هـ في أحد دروسه { لا تعلقوا الدعوة بشخص وأنه لو مات ماتت الدعوة علقوها بالله }
وعلى كل فإن الله سبحانه وتعالى : قد حكم على جميع خلقه بالفناء حتى أنبياءه صلوات الله وسلامه عليهم قال تعالى: { كل شيء هالك إلا وجهه } وقال تعالى: {كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام} .
وعلى كل فإن الله سبحانه وتعالى : قد حكم على جميع خلقه بالفناء حتى أنبياءه صلوات الله وسلامه عليهم قال تعالى: { كل شيء هالك إلا وجهه } وقال تعالى: {كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام} .
هذا وإني قد كنت شرعت في كتابة هذه الترجمة بمكة المكرمة قبل وفاته عندما كان نزيلاً بها فترة علاجه ثم رجعت إلى دماج فلما جاءنا خبر وفاته اجتهدت في إكمالها وهذا من حقه علينا فإن ] للعلماء علينا من الحقوق ما تركه يتم العقوق ومن رعايتهم ضبط أحوالهم الشريفة وتدوين مناقبهم المنيفة وتقليد محاسنهم في بطون الأوراق والمحافظة على حفظ نتائج أفكارهم التي هي من أنفس الأعلاق ومن ذلك تعظيمهم باللسان والجنان والأركان وعدم التعرض لما يئذيهم بالدخول في أعراضهم والاستهانة بمناقبهم الجزيلة الجليلة والتقعد لهم بمراصد الاستخفاف والتنصب لهم بمنصة الخلاف .
وقد ورد في الآيات الفرقانية والأحاديث النبوية والآثار المصطفوية ما يقتضي النهي عن ذلك وتغطي بمن عمل به أيمن المسالك ".
وقد اشتملت هذه الترجمة على أمور وهي: (اسم الشيخ)(نسبه) (بداية طلبه للعلم) (رحلته) (عودته إلى اليمن) (رجوعه إلى أرض الحرمين ونجد) (دراسته بالجامعة) (سجنه) (ترحيله) (وصوله إلى اليمن) (بداية الدعوة) (آثاره العلمية) (شيوخه) . (طلبته ) (شجاعته) (حرصه على طلاب العلم) (عزة نفسه وعفته) (صبره وزهده) و(كرمه ) (تواضعه) و( ورعه ) (حرصه على الدعوة حرصه على العلم ) ومراجعته ( أعداؤه) (زوجاته) (حياته العائلية) (فوائد من مجالسه) .
وما لا يدرك جله لا يترك كله وأسأل الله العلي القدير أن يرحم شيخنا وأن يتجاوز عنه وأن يسكنه فسيح جناته إنه جواد كريم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وما لا يدرك جله لا يترك كله وأسأل الله العلي القدير أن يرحم شيخنا وأن يتجاوز عنه وأن يسكنه فسيح جناته إنه جواد كريم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
-----------------------------------------
الحواشي:
الحواشي:
(1)
توفي بمدينة جدة بمستشفى الملك فيصل التخصصي عن عمر يناهز السبعين عاماً بسبب مرض تليف الكبد وصلي عليه بالمسجد الحرام بعد صلاة الفجر من يوم الأحد ثم دفن بمقبرة العدل بجانب الشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين حسب وصيته التي أوصى بها على سرير مرضه وقد صلى عليه مجموعة من اهل العلم وطلابه : منهم شيخنا العلامة ربيع بن هادي مدخلي وشيخنا الفاضل وصي الله بن محمد عباس والشيخ صالح بن حميد والشيخ محمد بن علي آدم والشيخ محمد بن عبد الوهاب البنا وغيرهم من العلماء وطلبة العلم.
كتبه أبو همام
محمد بن علي بن أحمد فرج
الصومعي البيضاني
مكة المكرمة
يُتبع بإذن الله.....
تعليق