ابن أبي ليلى
محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى . العلامة ، الإمام ، مفتي الكوفة وقاضيها أبو
عبد الرحمن الأنصاري ، الكوفي .
ولد سنة نيف وسبعين ومات أبوه وهذا صبي لم يأخذ عن أبيه شيئا . بل أخذ عن
أخيه عيسى ، عن أبيه ، وأخذ عن الشعبي ، ونافع العمري ، وعطاء بن أبي رباح ،
والقاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود ، والمنهال بن عمرو ، وعمرو بن مرة ،
وأبي الزبير المكي ، وعطية العوفي ، والحكم بن عتيبة ، وحميضة بن الشمردل ،
وإسماعيل بن أمية ، وثابت بن عبيد ، وأجلح بن عبد الله ، وعبد الله بن عطاء ،
ومحمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة ، وداود بن علي الأمير ، وابن أخيه عبد الله
بن عيسى ، وغيرهم .
حدث عنه : شعبة ، وسفيان بن عيينة ، وزائدة ، والثوري ، وقيس بن الربيع ، وحمزة
الزيات وقرأ عليه .
كان يحفظ كتاب الله ، تلا على أخيه عيسى . وعرض على الشعبي تلاوته على
علقمة ، وتلا أيضا على المنهال عن سعيد بن جبير . روى عنه أيضا أحوص بن
جواب ، وعلي بن هاشم بن البريد ، ويحيى بن أبي زائدة ، وعمرو بن أبي قيس
الرازي ، وعقبة بن خالد ، وعبد الله بن داود الخريبي ، وعلي بن مسهر ، وعيسى بن
يونس ، ومحمد بن ربيعة ، وعبيد الله بن موسى ، وأبو نعيم ، ووكيع ، وعيسى بن
المختار بن عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، وخلق سواهم .
وكان نظيرا للإمام أبي حنيفة في الفقه .
قال أحمد : كان يحيى بن سعيد يضعف ابن أبي ليلى . قال أحمد : كان سيئ الحفظ
، مضطرب الحديث ، وكان فقهه أحب إلينا من حديثه . وقال أيضا : هو في عطاء
أكثر خطأ . وروى أحمد بن زهير ، عن يحيى بن معينقال : ليس بذاك .
أبو داود : سمعت شعبة يقول : ما رأيت أحدا أسوأ حفظا من ابن أبي ليلى .
روح بن عبادة ، عن شعبة قال : أفادني ابن أبي ليلى أحاديث فإذا هي مقلوبة .
وروى أبو إسحاق الجوزجاني ، عن أحمد بن يونس قال : كان زائدة لا يروي عن ابن
أبي ليلى . كان قد ترك حديثه . وروى أبو حاتم عن أحمد بن يونس قال : ذكر زائدة
ابن أبي ليلى فقال : كان أفقه أهل الدنيا . وروى ابنحميد عن جرير بن عبد الحميد
: رأيت ابن أبي ليلى يخضب بالسواد .
قال العجلي : كان فقيها صاحب سنة ، صدوقا ، جائز الحديث . وكان قارئا للقرآن ،
عالما به . قرأ عليه حمزة الزيات فكان يقول : إنا تعلمنا جودة القراءة عند ابن أبي
ليلى . وكان من أحسب الناس ، ومن أنقط الناس للمصحف ، وأخطه بقلم . وكان
جميلا نبيلا . وأول من استقضاه على الكوفة الأمير يوسف بن عمر الثقفي ، عامل
بني أمية فكان يرزقه في كل شهر مائة درهم .
قال أبو زرعة : هو صالح ، ليس بأقوى ما يكون . وقال أبو حاتم : محله الصدق ،
وكان سيئ الحفظ ، شغل بالقضاء ، فساء حفظه ، لا يتهم ، إنما ينكر عليه كثرة
الخطأ ، يكتب حديثه ، ولا يحتج به ، هو وحجاح بن أرطاة ما أقربهما . وقال
النسائي : ليس بالقوي ، وقال الدارقطني : رديء الحفظ ، كثير الوهم . وقال أبو
أحمد الحاكم : عامة أحاديثه مقلوبة .
ابن خراش : حدثنا إسحاق بن إبراهيم شاذان ، عن سعد بن الصلت ، قال : كان ابن
أبي ليلى لا يجيز قول من لا يشرب النبيذ . قلت : هذا غلو ، وعكسه أولى . وقال
بشر بن الوليد : سمعت القاضي أبا يوسف يقول : ما ولي القضاء أحد أفقه في دين
الله ، ولا أقرأ لكتاب الله ، ولا أقول حقا بالله ، ولا أعف عن الأموال من ابن أبي
ليلى .
قلت : فابن شبرمة قال : ذاك رجل مكثار .
قال بشر : وولي حفص بن غياث القضاء من غير مشورة أبي يوسف . فاشتد عليه .
فقال لي ، ولحسن اللؤلؤي : تتبعا قضاياه ، فتتبعنا قضاياه ، فلما نظر فيها قال :
هذا من قضاء ابن أبي ليلى ، ثم قال : تتبعوا الشروط والسجلات . ففعلنا . فلما
نظر فيها قال : حفص ونظراؤه يعانون بقيام الليل .
يحيى بن معين : حدثنا أبو حفص الأبار ، عن ابن أبي ليلى قال : دخلت على
عطاء ، فجعل يسألني ، فكأن أصحابه أنكروا ، وقالوا : تسأله ؟ ! قال : وما تنكرون ؟
هو أعلم مني . قال ابن أبي ليلى : وكان عطاء عالما بالحج .
روى الخريبي ، عن سليمان بن سافري قال : سألت منصورا : من أفقه أهل الكوفة ؟
قال : قاضيها ابن أبي ليلى .
وقال ابن حبان : كان ابن أبي ليلى رديء الحفظ ، فاحش الخطأ ، فكثر في حديثه
المناكير ، فاستحق الترك ، تركه أحمد ويحيى .
قلت : لم نرهما تركاه ، بل لينا حديثه . وقد قال حفص بن غياث : من جلالة ابن أبي
ليلى أنه قرأ القرآن على عشرة شيوخ .
وقال يحيى بن يعلى المحاربي : طرح زائدة حديث ابن أبي ليلى . وقال أحمد بن
يونس : كان ابن أبي ليلى أفقه أهل الدنيا .
وقال عائذ بن حبيب : سمعت ابن أبي ليلىيقول : ما أقرع فيه رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - فهو حق ، وما لم يقرع فيه ، فهو قمار .
قال الخريبي : سمعت الثوري يقول : فقهاؤنا : ابن أبي ليلى ، وابن شبرمة .
أخبرنا محمد بن عبد السلام التيمي ، أنبأنا عبد المعز بن محمد البزار ، أنبأنا زاهر
بن طاهر ، أنبأنا عبد الرحمن بن علي ، أنبأنا يحيى بن إسماعيل الحربي ، أنبأنا
مكي بن عبدان ، أنبأنا إسحاق بن عبد الله بن رزين ، حدثنا حفص بن عبد الرحمن ،
حدثنا ابن أبي ليلى ، عن الحكم ، عن الربيع بن عميلة ، عن أبي سريحة الغفاري
قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : عشر آيات بين يدي الساعة : خسف
بالمشرق ، وخسف بالمغرب ، وخسف بجزيرة العرب ، والدابة ، والدخان ، والدجال ،
وابن مريم ، ويأجوج ومأجوج ، وريح تسفيهم ،تطرحهم في البحر ، وطلوع الشمس
من مغربها هذا غريب . وأصل الحديث في صحيح مسلم من رواية أبي الطفيل ، عن
أبي سريحة .
أبو حفص الأبار ، عن ابن أبي ليلى ، عن عطاء ، عن جابر قال : كان النبي - صلى
الله عليه وسلم - إذا نزل عليه الوحي قلت : نذير قوم أهلكوا ، أو صبحهم العذاب
بكرة . فإذا سري عنه فأطيب الناس نفسا ، وأطلقهم وجها ، وأكثرهم ضحكا . أو قال
: تبسما هذا حديث منكر .
ابن حبان قال :وروى ابن أبي ليلى ، عن عمرو بن مرة ، عن عبد الرحمن بن أبي
ليلى ، عن عبد الله بن زيد المازني قال : كان أذان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
شفعا شفعا ، وإقامته شفعا شفعا رواه حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي عنه . ثم قال
ابن حبان وهذا خبر مرسل لا أصل لرفعه .
أحمد بن أبي ظبية ، حدثنا أبي عن ابن أبي ليلى ، عن أبي الزبير ، عن جابر ،
مرفوعا ، : إذا ضحك الرجل في صلاته فعليه الوضوء والصلاة ، وإذا تبسم فلا
شيء عليه .
قال البخاري وغيره : مات ابن أبي ليلى في سنة ثمان وأربعين ومائة . قلت : مات
في شهر رمضان .
أخبرناعمر بن عبد المنعم ، أنبأنا أبو القاسم الحرستاني حضورا ، أنبأنا ابن المسلم
، أنبأنا ابن طلاب ، حدثنا ابن جميع ، أنبأنا الحسن بن عيسى الرقي بعرفة ، حدثنا
يوسف بن بحر ، حدثنا عبيد الله بن موسى ،حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن أبي
ليلى ، عن ثابت البناني ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن أبيه ،قال : كان النبي
- صلى الله عليه وسلم - يصلي تطوعا فسمعته يقول : اللهم إني أعوذ بك من النار .
سير أعلام النبلاء مجلد ٦ صفحة٣١٠