موسى بن عقبة
ابن أبي عياش ، الإمام الثقة الكبير ، أبو محمد القرشي مولاهم ، الأسدي المطرقي ،
مولى آل الزبير ، ويقال : بل مولى الصحابية أم خالد بنت خالد الأموية ، زوجة
الزبير . وكان بصيرا بالمغازي النبوية ، ألفها في مجلد ، فكان أول من صنف في ذلك
، وهو أخو إبراهيم بن عقبة ، ومحمد بن عقبة ، وعم إسماعيل بن إبراهيم .
أدرك ابن عمر ، وجابرا ، وحدث عن أم خالد ، وعداده في صغار التابعين ، وحدث
أيضا عن علقمة بن وقاص ، وأبي سلمة ، وكريب ، وسالم بن عبد الله ، وعبد الرحمن
بن هرمز الأعرج ، ونافع بن جبير بن مطعم ، ونافع مولى ابن عمر ، وصالح مولى
التوأمة ، وعروة بن الزبير ، وعكرمة ، وابن المنكدر ، والزهري ، وأبي الزبير ، وسالم
أبي الغيث ، وعبد الله بن دينار ، ومحمد بن يحيى بن حبان ، وحمزة بن عبد الله بن
عمر ، وأبي الزناد ، ومحمد بن أبي بكر الثقفي وخلق سواهم .
وعنه : بكير بن عبد الله بن الأشج مع تقدمه ، وشعبة ، ويحيى بن سعيد الأنصاري ،
وابن جريج ، ومالك ، وإبراهيم بن طهمان ، وابن أبي الزناد ، وحفص بن ميسرة ،
والسفيانان ، وزهير ، وعبد العزيز بن أبي حازم ، وعبد العزيز الدراوردي ، ومحمد بن
جعفر بن أبي كثير ، ووهيب ، وأبو قرة موسى بن طارق ، وأبو إسحاق الفزاري ،
وفضيل بن سليمان ، ومحمد بن فليح ، وإسماعيل بن إبراهيم بن عقبة ، وإسماعيل
بن عياش ، وأبو ضمرة الليثي وحاتم بن إسماعيل ، وزهير بن محمد المروزي ، وأبو
بدر السكوني ، وعبد الله بن رجاء المكي ، وأبو همام محمد بن الزبرقان ، ويعقوب بن
عبد الرحمن القاري ، وخلق كثير .
قال ابن سعد : كان ثقة قليل الحديث ، كذا هنا ، وقال في موضع آخر وهو أشبه :
كان ثقة ثبتا ، كثير الحديث .
إبراهيم بن المنذر عن معن قال : كان مالك إذا قيل له : مغازي من نكتب ؟ قال : عليكم
بمغازي موسى بن عقبة فإنه ثقة ، وقال ابن المنذر أيضا : حدثني مطرف ، ومعن ،
ومحمد بن الضحاك ، قالوا : كان مالك إذا سئل عن المغازي ، قال : عليك بمغازي
الرجل الصالح موسى بن عقبة ، فإنها أصح المغازي . وقال أيضا سمعت محمد بن
طلحة ، سمعت مالكا يقول : عليكم بمغازي موسى ، فإنه رجل ثقة ، طلبها على كبر
السن ، ليقيد من شهد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يكثر كما كثر غيره .
قلت : هذا تعريض بابن إسحاق . ولا ريب أن ابن إسحاق كثر وطول بأنساب
مستوفاة ، اختصارها أملح ، وبأشعار غير طائلة ، حذفها أرجح ، وبآثار لم تصحح ،
مع أنه فاته شيء كثير من الصحيح لم يكن عنده ، فكتابه محتاج إلى تنقيح
وتصحيح ، ورواية ما فاته .
وأما مغازي موسى بن عقبة ، فهي في مجلد ليس بالكبير ، سمعناها ، وغالبها
صحيح ومرسل جيد ، لكنها مختصرة تحتاج إلى زيادة بيان وتتمة .
وقد أحسن في عمل ذلك الحافظ أبو بكر البيهقي في تأليفه المسمى بكتاب " دلائل
النبوة " .
وقد لخصت أنا الترجمة النبوية ، والمغازي المدنية ، في أول " تاريخي الكبير " وهو
كامل في معناه إن شاء الله .
إبراهيم بن المنذر الحزامي ، حدثنا سفيان بن عيينة ، قال : كان بالمدينة شيخ يقال له
: شرحبيل أبو سعد ، وكان من أعلم الناس بالمغازي . قال : فاتهموه أن يكون يجعل
لمن لا سابقة له سابقة . وكان قد احتاج ، فأسقطوا مغازيه وعلمه ، قال إبراهيم :
فذكرت هذا لمحمد بن طلحة بن الطويل ، ولم يكن أحد أعلم بالمغازي منه ، فقال لي :
كان شرحبيل أبو سعد عالما بالمغازي ، فاتهموه أن يكون يدخل فيهم من لم يشهد بدرا
، ومن قتل يوم أحد ، والهجرة ومن لم يكن منهم ، وكان قد احتاج ، فسقط عند الناس
، فسمع بذلك موسى بن عقبة ، فقال : وإن الناس قد اجترءوا على هذا ؟! فدب على
كبر السن ، وقيد من شهد بدرا ، وأحدا ، ومن هاجر إلى الحبشة والمدينة ، وكتب ذلك .
وقال إبراهيم : حدثنا محمد بن الضحاك ، سمعت المسور بن عبد الملك المخزومي يقول
لمالك : يا أبا عبد الله ، فلان كلمني يعرض عليك ، وقد شهد جده بدرا . فقال مالك : لا
تدري ما يقولون ، من كان في كتاب موسى بن عقبة قد شهد بدرا ، فقد شهدها ، ومن
لم يكن في كتاب موسى ، فلم يشهد بدرا .
قال أحمد بن أبي خيثمة : كان يحيى بن معين يقول : كتاب موسى بن عقبة عن
الزهري من أصح هذه الكتب .
وقال أحمد ، ويحيى ، وأبو حاتم ، والنسائي : موسى ثقة . وروى المفضل بن غسان
، عن يحيى بن معين ، قال : موسى بن عقبة ثقة ، يقولون : روايته عن نافع فيها
شيء ، وسمعت ابن معين يضعف موسى بعض الضعف .
قلت : قد روى عباس الدوري وجماعة ، عن يحيى توثيقه . فليحمل هذا التضعيف
على معنى أنه ليس هو في القوة عن نافع كمالك ، ولا عبيد الله . وكذلك روى
إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد ، عن يحيى بن معين قال : ليس موسى بن عقبة في
نافع مثل عبيد الله بن عمر ومالك .
قلت : احتج الشيخان بموسى بن عقبة ، عن نافع ولله الحمد . قلنا : ثقة وأوثق منه
، فهذا من هذا الضرب .
قال الواقدي : كان لإبراهيم وموسى ومحمد بني عقبة حلقة في مسجد رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - وكانوا كلهم فقهاء ، محدثين ، وكان موسى يفتي .
وقال مصعب بن عبد الله الزبيري : كان لهم هيئة وعلم . وقال يحيى بن معين :
سمع ابن المبارك من موسى بن عقبة ، ولم يسمع من أخويه ، أقدمهم محمد ، ثم
إبراهيم ، ثم موسى ، وموسى أكثرهم حديثا .
وقال يحيى بن سعيد القطان فيما نقله عنه أبو حفص الفلاس : مات موسى بن عقبة
قبل أن يدخل المدينة بسنة ، سنة إحدى وأربعين ومائة وفيها أرخه خليفة والترمذي ،
وغيرهما ، وشذ نوح بن حبيب فقال : مات سنة اثنتين .
وقع لنا حديثه عاليا ، في مواضع ، من أعلاها في جزء ابن عرفة .
أخبرناأحمد بن فرح الإشبيلي الحافظ ، أنبأنا عبد العزيز بن محمد ، وأحمد بن عبد
الدائم قالا : أنبأنا عبد المنعم بن عبد الوهاب ( ح ) وأنبأنا أحمدبن سلامة ، عن عبد
المنعم ، أنبأنا علي بن بيان ، أنبأنا محمد بن محمد بن محمد البزاز ، أنبأنا إسماعيل
بن محمد ، أنبأنا الحسن بن عرفة ، أنبأنا إسماعيل بن عياش ، عن موسى بن عقبة ،
عن نافع ، عن ابن عمر ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لا تقرأ
الحائض ولا الجنب شيئا من القرآن هذا حديث لين الإسناد من قبل إسماعيل ، إذ
روايته عن الحجازيين مضعفة ، أخرجه الترمذي عن ابن عرفة ، فوافقناه بعلو .
أخبرنا أحمد بن إسحاق ، أنبأنا أكمل بن أبي الأزهر العلوي ، أنبأنا سعيد بن أحمد ،
أنبأنا أبو نصر الزينبي ، أنبأنا محمد بن عمر الوراق ، حدثنا عبد الله بن أبي داود
، حدثنا هارون بن إسحاق ، حدثنا عبد الله بن رجاء ، عن موسى بن عقبة ، عن أم
خالد بنت خالد قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتعوذ من عذاب القبر
تابعه وهيب بن خالد وإسماعيل بن جعفر ، أخرجه البخاري والنسائي .
سير أعلام النبلاء مجلد ٦ صفحة ١١٤